لكن هناك من يتهم حركة الجهاد بأن لديها ميولاً شيعية من داخل الحركة، وهذا يفسر الدعم الإيراني لكم. ما هو ردكم؟!
دعني أبدأ بمسألة الدعم وما تفسيره؟ لا أريد أن أدافع عن إيران، وبغض النظر عن شكل الدعم وحجمه والمبالغة فيه، فسأقف عند بعض ما يقوله خصومها بأن إيران لا تدعم الفلسطينيين حباً لسواد عيونهم، بل إنها تريد دوراً في القضية الفلسطينية خدمة لمصالحها وأهدافها الخاصة. هب أن هذا القول الذي يجرد إيران في موقفها من دافع الواجب الديني والإنساني، وهذا ظلم كبير.. هب أنه كان صحيحاً، وكانت إيران تريد فقط دوراً في فلسطين، فيما الآخرون في الأمة متهيبون من هذا الدور ولا يريدونه أصلاً لتكلفته، فما ذنبنا نحن كحركات مقاومة، وما هي تهمتنا في ذلك؟! هل نوصد الباب في وجه إيران في انتظار فتح أبواب أخرى في وجوهنا مفاتيحها في جيب أمريكا و"إسرائيل"؟!
نحن حركة إسلامية مجاهدة مستقلة، ولا يمكن أن نرهن قرارنا لأي جهة في العالم، ومن أراد أن يختبر صدق كلامنا هذا، فليجرب ويختبرنا بما شاء لقاء أن نتزحزح قيد أنملة عن مبادئنا وقناعاتنا ونهجنا وينظر ماذا تكون النتيجة؟! إننا مشروع شهادة وانتصار، ولا يمكن أن نساوم على عقيدتنا ومبادئنا بأي ثمن.
أما مسألة الميل للشيعة، فهذا موضوع حساس وخطير، ويُشاع في سياق الحرب على حركة الجهاد، لذا لابد من الحديث فيه بوضوح وصراحة من خلال التأكيد على النقاط التالية:
أولاً: الجميع يعرف أن حركة الجهاد هي حركة مقاومة إسلامية سنية عقيدتها عقيدة أهل السنة والجماعة؛ التي هي في الخريطة العقدية والمذهبية للأمة عقيدة المسلمين في فلسطين التي تخلو من أية مذاهب إسلامية أخرى. هذه هي الهوية المذهبية لحركة الجهاد التي تضم آلاف المجاهدين المعروفين بأنسابهم وأصولهم الإسلامية والاجتماعية والأسرية وتشهد لهم بيوت الله العامرة بهم بين أهلهم وشعبهم في فلسطين وكل مكان، وتشهد لهم ساحات الجهاد والفداء في مقارعة العدو الصهيوني.
ثانياً: إن حركة الجهاد التي يشهد القاصي والداني بجرأتها في الحق ووضوحها وإصرارها على التمسك بمبادئها، وتصدح بما تعتقد أنه الحق في كل المواطن، مهما كثر المخالفون لها، ومهما كانت التبعات، لو كان لديها أي ميل أو اعتناق لأي مبدأ أو فكر أو انتماء غير انتمائها لعقيدة أهل السنة والجماعة، وقبل ذلك انتماؤها للإسلام العظيم، فإنها بفضل الله سبحانه تملك من الشجاعة والثقة بالنفس ما يجعلها تفصح بها دون أي تردد أو خشية من أحد.
ثالثاً: نحن في حركة الجهاد لا نكفر أحداً من أمة لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، وسلاح التكفير برأينا هو أخطر سلاح يفتك بالأمة من داخلها اليوم، وعقيدتنا فيه، منذ نشأة الحركة، هي عقيدة أهل السنة التي تحتاط وتحترز فيه أشد الاحتياط والاحتراز، لما يترتب عليه من سفك لدماء المسلمين واستباحة أموالهم وأعراضهم وسائر حرماتهم. الإمام أبو حامد الغزالي -رحمه الله- يقول: "الخطأ في ترك ألف كافر أهون من الخطأ في سفك محجمة من دم المسلمين". وللشيخ محمد عبده -رحمه الله- قول جميل في توضيح موقف المسلمين من مسألة التكفير جاء فيه "اشتهر بين المسلمين وعُرف من قواعد دينهم إذا صدر قول من قائل يحتمل الكفر من مائة وجه، ويحتمل الإيمان من وجه واحد، حمل على الإيمان ولا يجوز حمله على الكفر".
رابعاً: بالنسبة للشيعة فموقفنا منهم هو موقف جمهور الأمة الذي يعتبرهم مسلمين من أهل القبلة، بيننا وبينهم خلاف، لكنه لا يخرج من الملة، وقد أكدت كل كتب ومصادر أهل السنة في الفرق الإسلامية على أن الشيعة، عدا الغلاة، من فرق المسلمين ولا يوجد كتاب يخرجهم من فرق الإسلام. وقد نصت وثيقة مكة التي صدرت برعاية منظمة المؤتمر الإسلامي في تشرين أول أكتوبر 2006 بشأن ما يجري من فتنة في العراق أن "المسلم من شهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله، وبهذه الشهادة يعصم دمه وماله، ويدخل في ذلك الشيعة والسنة جميعاً"وحول اختلاف السنة والشيعة ترى الوثيقة أنه "ليس اختلافا في أصول الإيمان وأركان الإسلام، ولا يجوز لأحد من المسلمين أن يكفر الآخر، ولا يجوز شرعاً إدانة مذهب بسبب جرائم بعض أتباعه".
خامساً: نحن في حركة الجهاد حركة مقاومة واجبها الأول والمباشر هو قتال العدو الصهيوني في فلسطين، لذا فنحن نلتقي مع كل من يقاتل "إسرائيل" أو يعاديها، سواء كان من السنة أو الشيعة، أو حتى لو كان من غير العرب والمسلمين. وإن أي إقحام لقضايا السجال المذهبي أو العقائدي وإيجاد أعداء مفترضين في عقولنا وفي ساحتنا الفلسطينية التي تخلو من الشيعة، إنما يهدف إلى إحداث الفتنة التي ينفخ فيها الأعداء بهدف تفكيك الأمة وتفجيرها من داخلها. إن قضايا الخلافات المذهبية بيننا وبين إخواننا الشيعة ليست وليدة اللحظة، بل موغلة قدماً في التاريخ. وإن نبشها وإثارتها في فلسطين من أي طرف كان هو إثارة لفتنة لا تخدم سوى عدونا، ويؤدي بالنتيجة إلى صرف أنظارنا عن عدونا الحقيقي، وحرف بوصلة جهادنا عن وجهتها الصحيحة، وهي دفع العدوان الصهيوني عن شعبنا وأرضنا. إن الخوض في مسائل الخلافات المذهبية ليس من اختصاصنا بل هو من اختصاص العلماء وأهل العلم والفقه الذين من حقهم ومن واجبهم تبيانها للناس، ولكن ليس من حقنا أو واجبنا نحن المجاهدين أن ننشغل بها عن جهادنا، أو نجعلها مانعاً أو عائقاً يحول دون التعاون بيننا وبين المسلمين الشيعة، أو التلاحم والوقوف صفاً واحداً في مواجهة "إسرائيل" والتصدي لأطماعها ومخططاتها ضد الأمة.
سادساً: نعم، نحن أيدنا الثورة الإسلامية الإيرانية، مثلنا مثل بقية الشعوب العربية والإسلامية، لكن الذي عارضها وحاربها خشية أن تصبح نموذجاً يُعمَّم هم بعض الحكام. ولم يكن تأييدنا للثورة أو علاقتنا بها في يوم من الأيام على خلفية مذهبية، بدليل أن الثورة أسقطت شاه إيران الشيعي المذهب وتعاطف معه وأيده وآواه حكام عرب ينتمون لأهل السنة! كان درس الثورة بالنسبة لنا هو درس نهوض الشعوب لتغيير المنكر واسترداد حقوقها المضيعة بأيديها، بغض النظر عن الانتماءات العقائدية والمذهبية لهذه الشعوب. وهذا ينطبق على علاقتنا بحزب الله الذي نرى في انتصاره على الكيان الصهيوني عام 2000 وعام 2006 انتصاراً للعرب والمسلمين، وهو انتصار كان له وقع كبير لدى جماهير الأمة المقهورة والمنكسرة، التي شعرت أن حزب الله رد إليها قسطاً من كرامتها ورفع رأسها، وأثبت أنه لا يوجد عدو لا يُقهر إذا وُجد الجهاد ووُجدت الإرادة والإيمان والتضحية.
هذه هي المرتكزات الأساسية التي تلخص رؤيتنا لهذه المسألة الحساسة، وتحكم علاقتنا بإيران وحزب الله، وهي من صميم مبادئنا وعقيدتنا، هذا معلوم لأبناء حركة الجهاد الإسلامي، ومعلوم لكل من يعرف حركة الجهاد عن قرب من أبناء شعبنا وأمتنا. إذن، من أين يأتي الحديث عن الميل إلى الشيعة؟! للأسف، يبدو أن هناك من أخذ قراراً، ولحاجة في نفس يعقوب، بأن تظل حركة الجهاد هي الفريسة المفضلة لهذه الفرية، بالاستناد إلى علاقتنا بإيران وحزب الله التي لا تخرج عن الضوابط السابقة. ولا تزيد عن علاقة غيرنا في الساحة الفلسطينية بهم. وهو ينجح للأسف في استقطاب بعض الطيبين ممن لديهم الغيرة على الدين والعقيدة، ولم يخبروا جيداً ألاعيب السياسة.. لهؤلاء ولكل الذين يخشون من هبوب رياح مذهبية إلى فلسطين أو حركة الجهاد أقول: اطمئنوا.. إن الشعب الفلسطيني، شعب يملك الوعي والإيمان والبصيرة التي تكفي ليحجب بها نفسه عن نار الفتنة، وهو يبحث عمن يعينه على تحرير وطنه، وتخليصه من الظلم، لا من يغير مذهبه، وهو لا يشك في سلامة عقيدته، ويدرك أن الانتصار أو الهزيمة لا تكفي لتصويب عقيدة وتخطئة أخرى، وإلاّ ماذا بشأن عقيدة المتحالفين مع أمريكا في العراق أو المتخاذلين عن مقاومتها وهم بالمناسبة فيهم من السنة والشيعة؟!
إن الحرب الدعائية المغرضة التي يشنها البعض، عن قصد وسبق إصرار، ضد حركة الجهاد لتشويه صورتها، لا أبالغ إن قلت إنها أشد وقعاً على نفوس مجاهدينا من وقع الحرب الصهيونية التي تلاحقهم بالاغتيال والاعتقال وكل أشكال العدوان؟! إنها تندرج للأسف في إطار محاولة التصفية المعنوية لحركة الجهاد وقياداتها ورموزها حين تعجز "إسرائيل" عن التصفية الجسدية لهم، أي أنها اغتيال معنوي يواكب الاغتيالات التي يقوم بها العدو ضد المجاهدين.
إن من يشاركون في هذه الحرب الحرام ضد المجاهدين إنما يصدون عن سبيل الله من حيث يدرون أو لا يدرون. وهذا ليس مبالغة أو تهويلاً، بل هو عين الحقيقة؛ لأن حركة الجهاد بكل تواضع هي حركة إسلامية نذرت نفسها لله، ولا سبيل لها ولا طريق سوى قتال أعداء الله الغاصبين لمسرى نبينا وقبلتنا الأولى فلسطين. والذين يصدون الناس عن حركة الجهاد بما يشيعون عنها من دسائس وافتراءات وأكاذيب، إنما يصدون عن دين الله وعن الجهاد في سبيله.
إننا نحتسب ذلك عند الله عز وجل، فهو حسبنا ونعم الوكيل، ونذكّر كل من يظنون أنهم يحسنون صنعاً، ويدافعون عن الإسلام بتشهيرهم بحركة الجهاد وتنفير الناس منها، أن يتقوا الله في أنفسهم وفي إخوانهم المجاهدين، وأن يتبينوا ويتثبتوا قبل أن يصيبوا المجاهدين بجهالة، وأن يمتثلوا لقول تعالى: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)، وأن يلتزموا الدليل، و يترفّعوا عن التشبه بأخلاق من قال الله فيهم (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ). والعياذ بالله. ونسأل الله لنا ولهم الهداية والمغفرة.
دعني أبدأ بمسألة الدعم وما تفسيره؟ لا أريد أن أدافع عن إيران، وبغض النظر عن شكل الدعم وحجمه والمبالغة فيه، فسأقف عند بعض ما يقوله خصومها بأن إيران لا تدعم الفلسطينيين حباً لسواد عيونهم، بل إنها تريد دوراً في القضية الفلسطينية خدمة لمصالحها وأهدافها الخاصة. هب أن هذا القول الذي يجرد إيران في موقفها من دافع الواجب الديني والإنساني، وهذا ظلم كبير.. هب أنه كان صحيحاً، وكانت إيران تريد فقط دوراً في فلسطين، فيما الآخرون في الأمة متهيبون من هذا الدور ولا يريدونه أصلاً لتكلفته، فما ذنبنا نحن كحركات مقاومة، وما هي تهمتنا في ذلك؟! هل نوصد الباب في وجه إيران في انتظار فتح أبواب أخرى في وجوهنا مفاتيحها في جيب أمريكا و"إسرائيل"؟!
نحن حركة إسلامية مجاهدة مستقلة، ولا يمكن أن نرهن قرارنا لأي جهة في العالم، ومن أراد أن يختبر صدق كلامنا هذا، فليجرب ويختبرنا بما شاء لقاء أن نتزحزح قيد أنملة عن مبادئنا وقناعاتنا ونهجنا وينظر ماذا تكون النتيجة؟! إننا مشروع شهادة وانتصار، ولا يمكن أن نساوم على عقيدتنا ومبادئنا بأي ثمن.
أما مسألة الميل للشيعة، فهذا موضوع حساس وخطير، ويُشاع في سياق الحرب على حركة الجهاد، لذا لابد من الحديث فيه بوضوح وصراحة من خلال التأكيد على النقاط التالية:
أولاً: الجميع يعرف أن حركة الجهاد هي حركة مقاومة إسلامية سنية عقيدتها عقيدة أهل السنة والجماعة؛ التي هي في الخريطة العقدية والمذهبية للأمة عقيدة المسلمين في فلسطين التي تخلو من أية مذاهب إسلامية أخرى. هذه هي الهوية المذهبية لحركة الجهاد التي تضم آلاف المجاهدين المعروفين بأنسابهم وأصولهم الإسلامية والاجتماعية والأسرية وتشهد لهم بيوت الله العامرة بهم بين أهلهم وشعبهم في فلسطين وكل مكان، وتشهد لهم ساحات الجهاد والفداء في مقارعة العدو الصهيوني.
ثانياً: إن حركة الجهاد التي يشهد القاصي والداني بجرأتها في الحق ووضوحها وإصرارها على التمسك بمبادئها، وتصدح بما تعتقد أنه الحق في كل المواطن، مهما كثر المخالفون لها، ومهما كانت التبعات، لو كان لديها أي ميل أو اعتناق لأي مبدأ أو فكر أو انتماء غير انتمائها لعقيدة أهل السنة والجماعة، وقبل ذلك انتماؤها للإسلام العظيم، فإنها بفضل الله سبحانه تملك من الشجاعة والثقة بالنفس ما يجعلها تفصح بها دون أي تردد أو خشية من أحد.
ثالثاً: نحن في حركة الجهاد لا نكفر أحداً من أمة لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، وسلاح التكفير برأينا هو أخطر سلاح يفتك بالأمة من داخلها اليوم، وعقيدتنا فيه، منذ نشأة الحركة، هي عقيدة أهل السنة التي تحتاط وتحترز فيه أشد الاحتياط والاحتراز، لما يترتب عليه من سفك لدماء المسلمين واستباحة أموالهم وأعراضهم وسائر حرماتهم. الإمام أبو حامد الغزالي -رحمه الله- يقول: "الخطأ في ترك ألف كافر أهون من الخطأ في سفك محجمة من دم المسلمين". وللشيخ محمد عبده -رحمه الله- قول جميل في توضيح موقف المسلمين من مسألة التكفير جاء فيه "اشتهر بين المسلمين وعُرف من قواعد دينهم إذا صدر قول من قائل يحتمل الكفر من مائة وجه، ويحتمل الإيمان من وجه واحد، حمل على الإيمان ولا يجوز حمله على الكفر".
رابعاً: بالنسبة للشيعة فموقفنا منهم هو موقف جمهور الأمة الذي يعتبرهم مسلمين من أهل القبلة، بيننا وبينهم خلاف، لكنه لا يخرج من الملة، وقد أكدت كل كتب ومصادر أهل السنة في الفرق الإسلامية على أن الشيعة، عدا الغلاة، من فرق المسلمين ولا يوجد كتاب يخرجهم من فرق الإسلام. وقد نصت وثيقة مكة التي صدرت برعاية منظمة المؤتمر الإسلامي في تشرين أول أكتوبر 2006 بشأن ما يجري من فتنة في العراق أن "المسلم من شهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله، وبهذه الشهادة يعصم دمه وماله، ويدخل في ذلك الشيعة والسنة جميعاً"وحول اختلاف السنة والشيعة ترى الوثيقة أنه "ليس اختلافا في أصول الإيمان وأركان الإسلام، ولا يجوز لأحد من المسلمين أن يكفر الآخر، ولا يجوز شرعاً إدانة مذهب بسبب جرائم بعض أتباعه".
خامساً: نحن في حركة الجهاد حركة مقاومة واجبها الأول والمباشر هو قتال العدو الصهيوني في فلسطين، لذا فنحن نلتقي مع كل من يقاتل "إسرائيل" أو يعاديها، سواء كان من السنة أو الشيعة، أو حتى لو كان من غير العرب والمسلمين. وإن أي إقحام لقضايا السجال المذهبي أو العقائدي وإيجاد أعداء مفترضين في عقولنا وفي ساحتنا الفلسطينية التي تخلو من الشيعة، إنما يهدف إلى إحداث الفتنة التي ينفخ فيها الأعداء بهدف تفكيك الأمة وتفجيرها من داخلها. إن قضايا الخلافات المذهبية بيننا وبين إخواننا الشيعة ليست وليدة اللحظة، بل موغلة قدماً في التاريخ. وإن نبشها وإثارتها في فلسطين من أي طرف كان هو إثارة لفتنة لا تخدم سوى عدونا، ويؤدي بالنتيجة إلى صرف أنظارنا عن عدونا الحقيقي، وحرف بوصلة جهادنا عن وجهتها الصحيحة، وهي دفع العدوان الصهيوني عن شعبنا وأرضنا. إن الخوض في مسائل الخلافات المذهبية ليس من اختصاصنا بل هو من اختصاص العلماء وأهل العلم والفقه الذين من حقهم ومن واجبهم تبيانها للناس، ولكن ليس من حقنا أو واجبنا نحن المجاهدين أن ننشغل بها عن جهادنا، أو نجعلها مانعاً أو عائقاً يحول دون التعاون بيننا وبين المسلمين الشيعة، أو التلاحم والوقوف صفاً واحداً في مواجهة "إسرائيل" والتصدي لأطماعها ومخططاتها ضد الأمة.
سادساً: نعم، نحن أيدنا الثورة الإسلامية الإيرانية، مثلنا مثل بقية الشعوب العربية والإسلامية، لكن الذي عارضها وحاربها خشية أن تصبح نموذجاً يُعمَّم هم بعض الحكام. ولم يكن تأييدنا للثورة أو علاقتنا بها في يوم من الأيام على خلفية مذهبية، بدليل أن الثورة أسقطت شاه إيران الشيعي المذهب وتعاطف معه وأيده وآواه حكام عرب ينتمون لأهل السنة! كان درس الثورة بالنسبة لنا هو درس نهوض الشعوب لتغيير المنكر واسترداد حقوقها المضيعة بأيديها، بغض النظر عن الانتماءات العقائدية والمذهبية لهذه الشعوب. وهذا ينطبق على علاقتنا بحزب الله الذي نرى في انتصاره على الكيان الصهيوني عام 2000 وعام 2006 انتصاراً للعرب والمسلمين، وهو انتصار كان له وقع كبير لدى جماهير الأمة المقهورة والمنكسرة، التي شعرت أن حزب الله رد إليها قسطاً من كرامتها ورفع رأسها، وأثبت أنه لا يوجد عدو لا يُقهر إذا وُجد الجهاد ووُجدت الإرادة والإيمان والتضحية.
هذه هي المرتكزات الأساسية التي تلخص رؤيتنا لهذه المسألة الحساسة، وتحكم علاقتنا بإيران وحزب الله، وهي من صميم مبادئنا وعقيدتنا، هذا معلوم لأبناء حركة الجهاد الإسلامي، ومعلوم لكل من يعرف حركة الجهاد عن قرب من أبناء شعبنا وأمتنا. إذن، من أين يأتي الحديث عن الميل إلى الشيعة؟! للأسف، يبدو أن هناك من أخذ قراراً، ولحاجة في نفس يعقوب، بأن تظل حركة الجهاد هي الفريسة المفضلة لهذه الفرية، بالاستناد إلى علاقتنا بإيران وحزب الله التي لا تخرج عن الضوابط السابقة. ولا تزيد عن علاقة غيرنا في الساحة الفلسطينية بهم. وهو ينجح للأسف في استقطاب بعض الطيبين ممن لديهم الغيرة على الدين والعقيدة، ولم يخبروا جيداً ألاعيب السياسة.. لهؤلاء ولكل الذين يخشون من هبوب رياح مذهبية إلى فلسطين أو حركة الجهاد أقول: اطمئنوا.. إن الشعب الفلسطيني، شعب يملك الوعي والإيمان والبصيرة التي تكفي ليحجب بها نفسه عن نار الفتنة، وهو يبحث عمن يعينه على تحرير وطنه، وتخليصه من الظلم، لا من يغير مذهبه، وهو لا يشك في سلامة عقيدته، ويدرك أن الانتصار أو الهزيمة لا تكفي لتصويب عقيدة وتخطئة أخرى، وإلاّ ماذا بشأن عقيدة المتحالفين مع أمريكا في العراق أو المتخاذلين عن مقاومتها وهم بالمناسبة فيهم من السنة والشيعة؟!
إن الحرب الدعائية المغرضة التي يشنها البعض، عن قصد وسبق إصرار، ضد حركة الجهاد لتشويه صورتها، لا أبالغ إن قلت إنها أشد وقعاً على نفوس مجاهدينا من وقع الحرب الصهيونية التي تلاحقهم بالاغتيال والاعتقال وكل أشكال العدوان؟! إنها تندرج للأسف في إطار محاولة التصفية المعنوية لحركة الجهاد وقياداتها ورموزها حين تعجز "إسرائيل" عن التصفية الجسدية لهم، أي أنها اغتيال معنوي يواكب الاغتيالات التي يقوم بها العدو ضد المجاهدين.
إن من يشاركون في هذه الحرب الحرام ضد المجاهدين إنما يصدون عن سبيل الله من حيث يدرون أو لا يدرون. وهذا ليس مبالغة أو تهويلاً، بل هو عين الحقيقة؛ لأن حركة الجهاد بكل تواضع هي حركة إسلامية نذرت نفسها لله، ولا سبيل لها ولا طريق سوى قتال أعداء الله الغاصبين لمسرى نبينا وقبلتنا الأولى فلسطين. والذين يصدون الناس عن حركة الجهاد بما يشيعون عنها من دسائس وافتراءات وأكاذيب، إنما يصدون عن دين الله وعن الجهاد في سبيله.
إننا نحتسب ذلك عند الله عز وجل، فهو حسبنا ونعم الوكيل، ونذكّر كل من يظنون أنهم يحسنون صنعاً، ويدافعون عن الإسلام بتشهيرهم بحركة الجهاد وتنفير الناس منها، أن يتقوا الله في أنفسهم وفي إخوانهم المجاهدين، وأن يتبينوا ويتثبتوا قبل أن يصيبوا المجاهدين بجهالة، وأن يمتثلوا لقول تعالى: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)، وأن يلتزموا الدليل، و يترفّعوا عن التشبه بأخلاق من قال الله فيهم (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ). والعياذ بالله. ونسأل الله لنا ولهم الهداية والمغفرة.
تعليق