السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
الغزو الصهيوني للقدس
تعرضت القدس وفلسطين في مطلع القرن الرابع عشر الهجري للغزو الصهيوني. وبفعل هذا الغزو بدأ الوجود الصهيوني الاستعماري فيها وفي الوطن العربي. وقد مر هذا الغزو بمراحل متتالية على مدى قرون بطولة.
بدأ الغزو الصهيوني في الربع الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي، وعاصر آخر موجة كبرى من موجات الاستعماري الأوروبي الحديث، وهي الموجة المدارية. وقد شهدت سنة 1772 م قدوم أول موجة من موجات الهجرة اليهودية المنظمة من أوروبا الشرقية. ولذا فقد اعتبرها المؤرخون الصهاينة سنة البداية.
كانت فلسطين آنذاك تحت حكم الدولة العثمانية التي أطلقت عليها دول أوروبا الاستعمارية اسم الرجل المريض. وكانت فلسطين تقع ضمن ولايات الشام ويقطنها شعب فلسطين العربي الذي كان عدده آنذاك دون المليون نسمة. وكانت غالبية هذا الشعب تدين بالإسلام، وفيه من يدين بالمسيحية، وفيه أيضا حوالي اثنا عشر الفا يدينون باليهودية. وقد تألف هؤلاء من يهود عرب فلسطينيين قطنوا منذ القديم ويهود اوروبيين قدموا إلى فلسطين منذ أوائل القرن التاسع عشر. وعاش هؤلاء جميعا في كنف التسامح الذي اتسم به العيش في الأراضي المقدسة إبان الحكم الإسلامي لها.
استمرت المرحلة الأولى من الغزو الصهيوني حمسا وثلاثين سنة حتى أواخر سنة 1917 م السنة التي احتلت فيها بريطانيا فلسطين ودخل اللورد اللنبي القدس . وخلال هذه المرحلة اصدر هرتزل الصهيوني كتاب "الدولة اليهودية" عام 1895. ودعا إلى عقد المؤتمر الصهيوني الأول الذي انعقد في بال بسويسرا عام 1897 م وبلور مخططات الحركة الصهيونية. وقد اخذ التهجير الصهيوني إلى فلسطين اثناء هذه المرحلة صورة التسلل لأن الدولة العثمانية لم تسمح به رسميا. واستغل الفساد الإداري في أجهزة الدولة للنفاذ وبلوغ أهدافه. ونشير هنا إلى محاولات هرتزل التي اجراها مع السلطان عبد الحميد الثاني من أجل أن يحصل على اذن منه بالتهجير واقامة وطن قومي للصهيونية في فلسطين، وفشلت هذه المحاولات أمام موقف السلطان الداعي لابعاد الخطر الصهيوني، كما نشير هنا إلى تحركات هرتزل مع دول أوروبا الاستعمارية لبناء تحالف صهيوني استعماري معها. وقد انعقدت مؤتمرات صهيونية تالية في هذه المرحلة وشهدت نقاشا حول المكان الذي يمكن أن يقوم فيه الوطن القومي. واستقر الرأي على فلسطين العربية.
استطاعت الحركة الصهيونية أن تهجر في هذه المرحلة حوالي خمسين ألف يهودي جلهم من أوروبا الشرقية. ويطلق المؤرخون الصهاينة على مهاجري هذه الرحلة اسم "الرواد" تشبيها لهم بالمستعمرين البيض الأوائل لامريكا. ومن هؤلاء المهاجرين دافيد بن غوريون الذي قدم مع موجة عام 1904 م. واستطاعت الحركة الصهيونية أن تستولي على حوالي 1% من أراضي فلسطين بشرائها بأساليب ملتوية من عائلات غير فلسطينية كانت تقيم خارج فلسطين. وبلورت الحركة الصهيونية في نهاية هذه المرحلة صلتها بالاستعمار العالمي فنقلت مركزها من اوروبا الشرقية إلى بريطانيا وتحالفت مع الاستعمار البريطاني الطامع بالسيطرة على فلسطين الوطن العربي، ورسمت معه ومع الاستعمار الفرنسي خطوط الحدود التي قامت فيما بعد بين فلسطين وأجزاء بلاد الشام الأخرى لبنان وسوريا وشرق الاردن، وذلك في معاهدة سايكس-بيكو عام 1916م.
كانت الظروف الدولية مواتية لهذا الغزو الصهيوني. فقد بدأ بعد فترة قصيرة من انعقاد مؤتمر برلين سنة 1878. الذي جاء في اعقاب الحرب بين روسيا والدولة العثمانية وشهد حوار الدول الاوروبية حول اقتسام مناطق النفوذ في الوطن العربي والعالم الإسلامي والعالم غير الأوروبي عموما. وكانت أوروبا تعيش آنذاك ذروة نشاطها الاستعماري الذي اقترن بحدوث الثورة الصناعية فيها. وقد هيمنت على مقدرات أوطان وأمم في مختلف القارات. واشتد التنافس الاستعماري بين دول اوروبا في تلك الفترة. وواكبت بداية الغزو الصهيوني لفلسطين احتلال فرنسا لتونس عام 1881م واحتلال بريطانيا لمصر عام 1882 ثم للسودان عام 1896 وشهدت المرحلة الاولى من هذا الغزو الصهيوني الوفاق الودي بين بريطانيا وفرنسا عام 1904م الذي مهد لتحالف الدولتين في الحرب العالمية الأولى ولابرام معاهدة سايكس-بيكو كما شهدت ايضا غزو ايطاليا لليبيا عام 1911م. وغزو فرنسا للمغرب عام 1912م. وكان الوطن العربي قد تعرض منذ عام 1830م. للموجة الأولى من موجات الاستعمار العربي حين احتلت فرنسا الجزائر في ذلك العام، واحتلت بريطانيا عدن عام 1839م. ثم زحفت منها إلى سواحل الخليج. كما كانت عدة أقطار اسلامية قد وقعت في قبضة الاستعمار الغربي.
قاوم شعب فلسطين الغزو الصهيوني منذ أن بدا وعمل على عرقلة تقدمه جهد استطاعته. وقام بواجبه في تنبيه الامة العربية والعام الاسلامي لاخطار الصهيونية وقد روى بن غوريون في ذكرياته قصصا عن هذه المقاومة وكذلك فعلت الكتب الصهيونية التي أرخت لتلك الفترة. وحفظت سجلات مجلس المبعوثان خطب ممثلي شعب فلسطين التي انذرت بأخطار التآمر الصهيوني الاستعماري كما حفظت الوثائق العثمانية عموما تاريخ مقاومة شعب فلسطين. وكانت فلسطين تشهد آنذاك مع بقية الاقطار العربية انتعاش حركة اليقظة فيها. وقد عملت هذه الحركة جاهدة منذ مطلع القرن الثالث عشر الهجري "القرن التاسع عشر الميلادي" لتحقيق التقدم دفع أخطار الاستعمار الاوروبي.
دخل الغزو الصهيوني لفلسطين مرحلة جديدة في أعقاب الحرب العالمية الأولى. فقد صدر تصريح بلفور وزير خارجية بريطانيا إلى الحركة الصهيونية بالعمل على اقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. وجسد التصريح الذي صدر يوم 6 تشرين الثاني "نوفمبر" من عام 1917 التحالف بين الرحكة الصهيونية الاستعمارية وبين الاستعمار البريطاني. ومكن احتلال بريطانيا لفلسطين في كانون أول 1917م- أي بعد صدور التصريح وبعد تخليها عن التزاماتها تجاه العرب- الغزو الصهيوني من التغلغل في فلسطين. وجاءت اتفاقيات الصلح في فرساي أثر انتهاء الحرب لتقسم بلاد الشام والهلال الخصيب وتفرض الانتداب البريطاني على فلسطين. ألزمت بريطانيا نفسها في صك الانتداب بتهيئة الأوضاع في البلاد لاقامة الوطن القومي اليهودي فيها.
استطاع التحالف الصهيوني الاستعماري خلال السنوات التي عانت فلسطين فيها من الانتداب البريطاني أن يهجر مئات الألوف من يهود أوروبا إلى فلسطين العربية خصوصا في الثلاثينيات التي شهدت ظهور النازية في ألمانيا. كما استطاع هذا التحالف أن يغتصب حوالي %5.5 من أراضي فلسطين الخصبة بأساليب التسلط المعلن والترهيب الاستعماري. وهكذا ارتفع عدد اليهود في فلسطين من حوالي خمس وستين ألفا كانوا في بداية الاحتلال البريطاني إلى حوالي ستماية وخمسين ألف في نهايته عام 1947 بينما بلغ عدد شعب فلسطين آنذاك مليونا ونصف.
كان الاستعمار الاوروبي قد أكمل سيطرته على غالبية أجزاء الوطن العربي في أعقاب الحرب العالمية الأولى وغالبية أجزاء العام الاسلامي. واشتدت مقاومة العرب ومقاومة الشعوب الاسلامية لهذا الاستعمار في جميع هذه الاجزاء، ومنها فلسطين التي شهدت انتفاضات وثورات على مدى العشرينات والثلاثينات بلغت ذروتها عام 1946 وحتى عام 1939. وفرضت هذه المعاومة على بريطانيا نوعا من التراجع اكثر من مرة ثم نشبت الحرب العالمية الثانية فطرحت معطيات جديدة على الصعيد الدولي. وتكيفت الحركة الصهيونية مع هذه المعطيات فنقلت مركز ثقلها إلى الولايات المتحدة التي برزت خلال الحرب العالمية وبعدها زعيمة للغرب.
وقد طرحت خلال هذه المرحلة ومنذ عام 1937 فكرة تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية. وصدر عن الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني "نوفمبر" 1947م، قرار التقسيم وسط ضغوط التحالف الاستعماري الصهيوني، فأعطى هذا القرار للدولة اليهودية اضعاف المساحة التي اغتصبتها الحركة الصهيونية من أرض فلسطين واكثر من نصف مساحة البلاد الكلية. ويلفت النظر بأن جل المهاجرين اليهود حتى نهاية هذه المرحلة كانوا من يهود اوروبا، الامر الذي ينسجم مع حقيقة أن الغزو الصهيوني في نشأته هو غزو استعماري استيطاني اوروبي. ويلفت النطر أيضا قيام المستوطنين الصهاينة بعد اصدار بريطانيا للكتاب الابيض عام 1939 بعمليات ضد سلطة الانتداب نظمتها بعض منظماتهم الارهابية. وقد اطلقوا على هذه العمليات اسم حرب الاستقلال ووصفوها بانها حركة تحرير ليركبوا موجة التحرير التي عمت منذ الحرب العاليمة الثانية قارتي آسيا وافريقيا، وليصطنعوا تاريها يغطي حقيقة التحالف الصهيوني مع الاستعمار البريطاني وكان هذا الكتاب الابيض قد نص على تحديد الهجرة اليهودية لفلسطين في أعقاب شعب فلسطين.
دخلت الغزوة الصهيونية مرحلة التغلغل هذه مع انتهاء الحرب العالمية الاولى في وقت اشتد تكالب اوروبا فيه على الاتعمار. ولكن الحرب غيرت في صورة القارة الاوروبية ومهدت لظهور المذاهب الجمعية فيها، وفرضت اعلان مبادئ حق تقرير المصير والسلام. وقد انعقد مؤتمر فرساي عام 1919 في أعقاب الحرب فجاءت قراراته ضربة موجعة لتلك المبادئ. وشهد المؤتمر حوار دول الغرب حول اقتسام مناطق النفوذ والمستعمرات تحت اسم الانتداب أو الوصاية. وهكذا مكن الانتداب البريطاني الغزوة الصهيونية من التغلغل في فلسطين، وتقاسمت بريطانيا مع فرنسا حكم غالبية اجزاء الوطن العربي بعد تجزئته. وكانت اوروبا في هذه المرحلة ما تزال تهيمن على مقدرات العارات الاخرى، وان برزت الولايات المتحدة الامريكية كقوة كبيرة إلى جانبها. وقد تعاظمت مقاومة الشعوب المستعمرة للاستعمار في تلك الفترة. وكان من امثلتها البارزة نضال شعب فلسطين العربي ونضال الشعوب العربية في بقية الوطن العربي. وظهرت أزمة القيم التي تعانيها الدول المستعمرة. وانعكست على تجربة عصبة الأمم. وهكذا تفجرت الحرب العالمية الثانية بعد عقدين من مؤتمر فرساي. ونلاحظ أن الغزوة الصهيونية استغلت هذا المناخ الدولي واثاره على السياسة الاوروبية لتتغلغل في فلسطين، والتقت مع النازية في اصطناع حملات الاضطهاد ضد اليهود في اوطانهم لبلوغ أهدافها في تهجيرهم. ونلاحظ أيضا أن النضال العربي دخل مرحلة جديدة في هذه الفترة، فبرز النضال الوطني الذي فرضه واقع تجزئة الاستعمار للوطن العربي، ويمكننا أن نرى بالنظرة الشاملة لحركات هذا النضال الوطني في مختلف الاقطار العربية أن كان متأثرا بحقيقة ترابط الامة العربية. وهكذا كانت الحركات تتجاوب عن بعد رغم التجزئة، ولقد نجح النضال العربي في أن يطرد الاستعمار من بعض هذه الاجزاء. وظهرت بوضوح موجة التحرير في الوطن العربي اثر انتهاء الحرب العالمية الثانية.
بدأ الغزو الصهيوني مرحلة جديدة عام 1948 بعد انسحاب بريطانيا من فليسطين وتسليمها اراض واسعة للحركة الصهيونية التي أعلنت قيام دولة اسرائيل. ونشبت في بداية هذه المرحلة حرب فلسطين التي يصطلح على اعتبارها الحرب الأولى في الصراع. وقامت الحركة الصهيونية بطرد حوالي مليون من أبناء فلسطين إلى الأراضي العربية المجاورة تنفيذا لمخططات الاستعمار الاستيطاني التي استهدفت احلال مستعمرين صهاينة حدد محلهم. وشهدت هذه المرحلة أثر ذلك تدفق موجات هجرة من يهود اوروبا أولا ثم من يهود الوطن العربي إلى فلسطين، وبلغ عدد الذين وفدوا حتى عام 1967 حوالي مليونين، فارتفع عدد سكان التجمع الاسرائيلي خلال مرحلة الغزو من ستماية وخمسين ألفا إلى حوالي مليونين ونصف متضاعفا أربع مرات. ومثل هؤلاء حوالي 13 % من اليهود في العالم. وتضاعفت أيضا مساحة الأراضي التي سيطر عليها الغزاة من خلال تسليم بريطانيا مساحات واسعة منها قبيل انساحبها وفقا لخارطة تقسيم 1947، ومن خلال تجاوز خطوط هذه الخريطة عام 1948 وتنفيذ اتفاقيات رودس عام 1949 واغتصاب مزيد من الأراضي العربية. وهكذا سيطرت الحركة الصهيونية على أكثر من 70% من مساحة فلسطين الكلية ونجحت في احتلال بعض الأحياء الجديدة من القدس. واستطاع أبناء القدس من خلال مقاومة ضاربة حماية المدينة القديمة والأماكن المقدسة فيها.
وهكذا شملت المساحة التي استولى عليها الكيان الصهيوني كل فلسطين عدا قطاع غزة والضفة الغربية ومساحة صغيرة جنوبي طبرية. وقامت اسرائيل بشن حرب على مصر عام 1956 متواطئة مع بريطانيا وفرنسا في محاولة منها للتوسع فاحتلت قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء. ولكنها اضطرت إلى الانسحاب منها بعد فشل العدوان الثلاثي وحرب السويس. وكانت هذه الحرب هي الحرب الثانية في الصراع ودأبت اسرائيل قبل ذلك على القيام باعتداءات مستمرة على الضفة الغربية والقطاع وعلى الحدود السورية والمصرية.
نجحت الحركة الصهيونية خلال هذه المرحلة في إيجاد ما اسمته "اسرائيل الصغرى" "وشرعت تخطط لإيجاد إسرائيل الكبرى". وتغير تكوين المجتمع الإسرائيلي فلم يعد قاصرا على اليهود الأوروبيين، بعد أن هجرت الحركة الصهيونية إعدادا من يهود الوطن العربي إلى فلسطين. وان بقيت الهيمنة فيه للمستوطنين الأوروبيين. وبدأت أثار هذا التغير بالظهور تدريجيا. وقد وضح في هذه المرحلة طابع الاستعمار الاستيطاني الصهيوني سواء في مفاهيمه العنصرية أو في أساليبه التوسعية. وتحلى أكثر مما تجلى في السياسة الإسرائيلية تجاه عرب فلسطين المحتلة الذين بقوا في أراضيهم والذين طردوا منها، واشتهرت من معالم هذه السياسة مذابح دير ياسين وقبية ونحالين وكفر قاسم، واغتصاب الأراضي، وسياسة التعليم، وتهجير العرب الفلسطينيين.
استجاب العرب لتحديات نكبة 1948 فدخل نضالهم ضد الغزو الصهيوني مرحلة جديدة. وحققت اليقظة في الوطن العربي انجازات كبيرة. وتدفقت موجة التحرير في العالم الاسلامي فاستقلت شعوب اسلامية كثيرة. وكان لفشل العدوان الثلاثي أثره الكبير على دفع حركات التحرير في آسيا وافريقيا. وخاضت الأمة العربية وشعوب آسيا وافريقيا تجارب هامة في مجال التحول الاقتصادي والتعاون السياسي. الامر الذي أقلق التحالف الاستعماري الصهيوني وحفزه على ضرب هذا التقدم.
وظهر على الصعيد الدولي في أعقاب الحرب العالمية الثانية علم جديد شهد حدوث الانقلاب النووي. وتعاظم في هذا العالم دور كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي بعد أن خرجت أوروبا الاستعمارية من الحرب منهمكة. وظهرت موجة التحرير الآسيوية الافريقية فساهمت في رسم خريطة العالم الجديد واذا كانت الدول الكبرى قد حاولت في مؤتمري يالتا وبوتسدام اللذين انعقدا عام 1945 رسم خريطة العالم فإن نضال الشعوب فرض تغييرات كثيرة على ما تم رسمه، وجعل من التحرير روح العصر. وظهرت تجربة الأمم المتحدة التي جعلتها موجة التحرير تحتلف عن سابقتها. كان انعقاد مؤتمر باندونغ عام 1955 نقطة تحول في الصورة الدولية حيث انطلقت صيحة الدول المستقلة حديثا. وبرزت فكرة العالم الثالث واسهمت في تخفيف حدة التوتر بين المعسكرين. وركزت الحركة الصهيونية على توثيق تحالفها مع الولايات المتحدة منذ أن تعاظم الدور الأمريكي في العالم.
واجه شعب فلسطين العربي في هذه ظروفا شديدة الصعوبة. فقد حلت به نكبة عام 1948، واحتلت اسرائيل أجزاء واسعة من وطنه، وفرض عليه هذا الاحتلال نزوح غالبيته الى الضفة والقطاع والبلاد العربية المجاورة. اهتزت مؤسساته وتصدع كيانه. وما أسرع ما أفاق من هول النكبة واستحاب لتحدياتها. حقق على مدى هذه المرحلة صمودا يلفت النظر في مواجهة محاولات تصفية قضيته. أقل أبناؤه على نشر العلم وتلقيه وحقوا ثورة تعليمية حافظت على هويتهم كشعب. باشر محاولات جادة للكفاح المسلح وساهم في التصدي للاعتداءات الاسرائيلية وقاوم عرب فلسطين الذين بقوا في أراضيهم تحت الحكم الاسرائيلي أبشع صور العسف والاضطهاد وحافظوا على هويتهم الوطنية. كما قاوم أهالي غزة الاحتلال الاسرائيلي عام 1956. وتضافرت جهود أبناء فلسطين في عدد من أماكن التجمع لابراز الكيان الفلسطيني، فقامت منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964. وتفجرت الثورة الفلسطينية عام 1965، وبدات عملياتها ضد الاحتلال الاسرائيلي.
جاء قيام اسرائيل بشن حرب عام 1967 ايذانا ببداية مرحلة جديدة في الوجود الصهيوني الاستعماري في فلسطين والوطن العربي. فقد احتلت نهذه الحرب، التي هي الحرب الثالثة في الصراع، الضفة الغربية وقطاع غزة من أراضي فلسطين، والجولان من اراضي سوريا، وسيناء، من اراضي مصر. وضاعفت المساحة التي تسيطر عليها أربع مرات
أصبحت اسرائيل تحتل مركزا استراتيجيا بالغ الخطورة. فقد جثمت قراتها على الضفة الشرقية لقناة السويس وساحل سيناء الجنوبي بين البحر المتوسط والبحر الاحمر في مواجهة دلتا النيل وواديه في مصر والسودان. وجثمت قراتها على طول الساحل الغربي لخليج العقبة وفي الجزر التي تتوسط مدخله في مواجهة شبه الجزيرة العربية، وعلى طول غور الاردن من رأس خليج العقبة حتى منابع نهر الاردن في مواجهة الضفة الشرقية للاردن ومن ورائه العراق والخليج، وعلى طول خط بين جبل الشيخ ورأس الناقورة في مواجهة سوريا ولبنان، وعلى طول الساحل الشرقي للبحر المتوسط من رأس الناقورة حتى رأس العش شمال بورسعيد.
احتلت اسرائيل بهذه الحرب القدس الشرقية، وعملت على تهجير مزيد من يهود العالم إليها وإلى الاراضي العربية المحتلة. وشرعت في اقامة مستوطنات لهم في تلك الاراضي. وبدأت تتحدث عن "اسرائيل الكبرى" وتحكى عن "حدود التوراة" والحدود التاريخية في معرض الحديث عن "الحدود الدفاعية". وسيطرت على التجمع الاسرائيلي في هذه المرحلة مشاعر جنون العظمة والتفوق العنصري. وكان يمكن لهذه المشاعر أن يتفاقم تأثيرها لولا تصاعد مقاومة شعب فلسطين للاحتلال. ولولا تحرك النضال العربي في صورة حرب الاستنزاف التي ما أسرع أن نشبت ومارست اسرائيل تجربة استعمارية بشعة على أهالي فلسطين والجولان وسيناء فكشفت عن طبيعة الاستعمار الاستيطاني العنصري في الحركة الصهيونية. وكان من جوانب هذه التجربة طرد وتشريد مزيد من العرب وفرص تهجير مدن بكاملها
بقدر ما كان وقع خسارة حرب 67 شديدا على الأمة العربية بقدر ما قويت استجابة النضال العربي لتحدي هذه الحرب. فقد جابه بعزم العدوان الصهيوني فكانت حرب الاستنزاف. وتصاعدت مقاومة شعب فلسطين العربي التي استمرت بلا انقطاع منذ بداية الغزوة. واكتسبت أهمية بالغة وبخاصة بعد الانتصار الذي تحقق في معركة الكرامة عام 1968 وفرض حقيقة وجود شعب فلسطين على الصعيد الدولي.
كان العالم يشهد في تلك الآونة تحولا في العلاقات التي تحكم دولة. فقد أحدثت سياسة التعايش السلمي في كل من المعسكرين تغيرات هامة. وعمدت العوى الاستعمارية إلى محاولة ضرب حركات التحرر. وجاء عدوان 1967 ليمثل ذروة هذه المحاولات. واشتد الصراع بين الدول النامية والدول الغنية وعمدت اسرائيل إلى خدمة مصالح الدول الاستعمارية وسياساتها في الوطن العربي والعالم الثالث. كما عمدت إلى تقوية تحالفها مع الولايات المتحدة الأمريكية. وبدت اسرائيل من خلال ممارستها تجسيدا لحقيقتها الاستعمارية الفريدة. "فهي ظاهرة استعمارية صرفة قائمة على الاغتصاب. وهي استعمار طائفي بحت أساسها التعصب الديني وهي استعمار عنصري مطلق بكل ما في العنصرية من استعلاء وتعصب واضطهاد ينطلق من اللون وزعم الشعب المختار. وهي قطعة من الاستعمار الاوروبي عبر البحار. وهي استعمار سكني توطني. وهي تجسيم للاستعمار المتعدد الأغراض السكني والاستراتيجي والاقتصادي. وهي استعمار توسعي يحلم بمجاله الحيوي. وهي استعمار من الدرجة الأولى والثانية معا بالاصالة والوكالة لحساب الصهيونية العالمية والاستعمار العالمي".
رسم مسار الغزوة الصهيونية خلال هذه المراحل الأربعة خطا متصاعدا. ثم نشبت حرب رمضان عام 1973 فرضعت حدا لهذا التصاعد. وتابعت الثورة الفلسطينية نضالها على كل الصعد وخاضت على الصعيد العسكري معارك مشرفة، فحققت انجازات هامة على طريق ابراز الكيان الفلسطيني والاعتراف الدولي بالحقوق الوطنية لشعب فلسطين. واحتدم الصراع العربي الاسرائيلي. وتزايد نزوع الحركة الصهيونية نحو التطرف في مواجهة النضال الفلسطيني، فركزت اسرائيل همها على اغتصاب القدس والضفة الغربية وقطاع غزة.
يمكننا أن نسجل عند هذا الحد ملاحظة عامة حول اتجاه الصراع الدائر فوق أرض فلسطين والذي يشمل بابعاده كامل الساحات العربية والاسلامية. وهي اننا نشاهد لاول مرة في تاريخ هذا الصراع بداية العد العكسي للغزو الصهيوني لفلسطين. واذا كان لهذا علائم كثيرة الا أن من هذه العلائم التغيير الهام الحاصل في المجال الدوبي بالنسبة إلى الدولة الاسرائيلية التي تعاني عزلة راحت تتزايد يوما بعد يوم، بينما أخذت القضية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، والمكانة العربية والاسلامية عموما، تزداد تاثيرا في النطاق الدولي وقد انعكس ذلك بما أخذت تناله الحقوق الثابتة للسعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في العودة وتقرير المصير واقامة دولته المستقلة من اعتراف دولي شبه كامل، وبما راحت تحظى به منظمة التحرير من اعتراف دولي يتزايد يوما بعد يوم، وبما أصبح للأمة العربية والاسلامية، خصوصا عندما تتحد كلمتها من صوت مسموع ومهاب على مستوى دولي.
أن طبيعة الصراع الذي تخوضه امتنا مع العدو الصهيوني تعطي لهذا التغيير أهمية أساسية في تاثيره على مجرة الصراع ومستقبله. لان هذا الصراع لم يكن يوما صراعا محليا له أبعاد دولية، وانما هو صراع دولي تكثف ويتكثف على أرض فلسطين، فالغزو الصهيوني جاء من الخارج، وبدعم من الخارج، وقامت دولته واستمدت قوتها، وما زالت، من خلال دعم عالمي لا مجال لنكرانه والجدال فيه. ولهذا عندما يتأزم وضعها دوليا وتبدأ الرياح تجري في هذا الميدان على عكس ما تريده أشرعة سفينتها تكون قد فقدت ركنا أساسيا من أركان قوتها وحياتها. واذا ما صحب ذلك تصعيد في النضال الفلسطيني وتكريس للوحدة الوطنية الفلسطينية ومزيد من الدعم العربي والاسلامي لمنظمة التحرير الفلسطينية، واذا ما صحبه تعزيز للتضامن العربي الاسلامي وتأكيد لارادة الأمة في تحرير القدس واحقاق الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، وجهد دائم في مجال الاستعداد واعداد العدة عسكريا واقتصاديا واجتماعيا، فسوف تميل كفة الميزان إلى مصلحة فلسطين والبلاد العربية الاسلامية وتبدأ الامور تأخذ موقعها الطبيعي ومسارها الحتمي.
المدينـــــــــة
التاريخ
المسجد
أسماء المدينة
أبواب المدينة
القدس اليوم
الممارسات الإسرائيلية في القدس
الميـــادين
السياحة
التعليم
الصحة
السكن
الصناعة
---------------------------------------------------------------------
منقول للفائدة تقبلو خالص تحايتى " أخوكم ســــــــــــرايا وأفتـــــــــــــــخر "
الغزو الصهيوني للقدس
تعرضت القدس وفلسطين في مطلع القرن الرابع عشر الهجري للغزو الصهيوني. وبفعل هذا الغزو بدأ الوجود الصهيوني الاستعماري فيها وفي الوطن العربي. وقد مر هذا الغزو بمراحل متتالية على مدى قرون بطولة.
بدأ الغزو الصهيوني في الربع الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي، وعاصر آخر موجة كبرى من موجات الاستعماري الأوروبي الحديث، وهي الموجة المدارية. وقد شهدت سنة 1772 م قدوم أول موجة من موجات الهجرة اليهودية المنظمة من أوروبا الشرقية. ولذا فقد اعتبرها المؤرخون الصهاينة سنة البداية.
كانت فلسطين آنذاك تحت حكم الدولة العثمانية التي أطلقت عليها دول أوروبا الاستعمارية اسم الرجل المريض. وكانت فلسطين تقع ضمن ولايات الشام ويقطنها شعب فلسطين العربي الذي كان عدده آنذاك دون المليون نسمة. وكانت غالبية هذا الشعب تدين بالإسلام، وفيه من يدين بالمسيحية، وفيه أيضا حوالي اثنا عشر الفا يدينون باليهودية. وقد تألف هؤلاء من يهود عرب فلسطينيين قطنوا منذ القديم ويهود اوروبيين قدموا إلى فلسطين منذ أوائل القرن التاسع عشر. وعاش هؤلاء جميعا في كنف التسامح الذي اتسم به العيش في الأراضي المقدسة إبان الحكم الإسلامي لها.
استمرت المرحلة الأولى من الغزو الصهيوني حمسا وثلاثين سنة حتى أواخر سنة 1917 م السنة التي احتلت فيها بريطانيا فلسطين ودخل اللورد اللنبي القدس . وخلال هذه المرحلة اصدر هرتزل الصهيوني كتاب "الدولة اليهودية" عام 1895. ودعا إلى عقد المؤتمر الصهيوني الأول الذي انعقد في بال بسويسرا عام 1897 م وبلور مخططات الحركة الصهيونية. وقد اخذ التهجير الصهيوني إلى فلسطين اثناء هذه المرحلة صورة التسلل لأن الدولة العثمانية لم تسمح به رسميا. واستغل الفساد الإداري في أجهزة الدولة للنفاذ وبلوغ أهدافه. ونشير هنا إلى محاولات هرتزل التي اجراها مع السلطان عبد الحميد الثاني من أجل أن يحصل على اذن منه بالتهجير واقامة وطن قومي للصهيونية في فلسطين، وفشلت هذه المحاولات أمام موقف السلطان الداعي لابعاد الخطر الصهيوني، كما نشير هنا إلى تحركات هرتزل مع دول أوروبا الاستعمارية لبناء تحالف صهيوني استعماري معها. وقد انعقدت مؤتمرات صهيونية تالية في هذه المرحلة وشهدت نقاشا حول المكان الذي يمكن أن يقوم فيه الوطن القومي. واستقر الرأي على فلسطين العربية.
استطاعت الحركة الصهيونية أن تهجر في هذه المرحلة حوالي خمسين ألف يهودي جلهم من أوروبا الشرقية. ويطلق المؤرخون الصهاينة على مهاجري هذه الرحلة اسم "الرواد" تشبيها لهم بالمستعمرين البيض الأوائل لامريكا. ومن هؤلاء المهاجرين دافيد بن غوريون الذي قدم مع موجة عام 1904 م. واستطاعت الحركة الصهيونية أن تستولي على حوالي 1% من أراضي فلسطين بشرائها بأساليب ملتوية من عائلات غير فلسطينية كانت تقيم خارج فلسطين. وبلورت الحركة الصهيونية في نهاية هذه المرحلة صلتها بالاستعمار العالمي فنقلت مركزها من اوروبا الشرقية إلى بريطانيا وتحالفت مع الاستعمار البريطاني الطامع بالسيطرة على فلسطين الوطن العربي، ورسمت معه ومع الاستعمار الفرنسي خطوط الحدود التي قامت فيما بعد بين فلسطين وأجزاء بلاد الشام الأخرى لبنان وسوريا وشرق الاردن، وذلك في معاهدة سايكس-بيكو عام 1916م.
كانت الظروف الدولية مواتية لهذا الغزو الصهيوني. فقد بدأ بعد فترة قصيرة من انعقاد مؤتمر برلين سنة 1878. الذي جاء في اعقاب الحرب بين روسيا والدولة العثمانية وشهد حوار الدول الاوروبية حول اقتسام مناطق النفوذ في الوطن العربي والعالم الإسلامي والعالم غير الأوروبي عموما. وكانت أوروبا تعيش آنذاك ذروة نشاطها الاستعماري الذي اقترن بحدوث الثورة الصناعية فيها. وقد هيمنت على مقدرات أوطان وأمم في مختلف القارات. واشتد التنافس الاستعماري بين دول اوروبا في تلك الفترة. وواكبت بداية الغزو الصهيوني لفلسطين احتلال فرنسا لتونس عام 1881م واحتلال بريطانيا لمصر عام 1882 ثم للسودان عام 1896 وشهدت المرحلة الاولى من هذا الغزو الصهيوني الوفاق الودي بين بريطانيا وفرنسا عام 1904م الذي مهد لتحالف الدولتين في الحرب العالمية الأولى ولابرام معاهدة سايكس-بيكو كما شهدت ايضا غزو ايطاليا لليبيا عام 1911م. وغزو فرنسا للمغرب عام 1912م. وكان الوطن العربي قد تعرض منذ عام 1830م. للموجة الأولى من موجات الاستعمار العربي حين احتلت فرنسا الجزائر في ذلك العام، واحتلت بريطانيا عدن عام 1839م. ثم زحفت منها إلى سواحل الخليج. كما كانت عدة أقطار اسلامية قد وقعت في قبضة الاستعمار الغربي.
قاوم شعب فلسطين الغزو الصهيوني منذ أن بدا وعمل على عرقلة تقدمه جهد استطاعته. وقام بواجبه في تنبيه الامة العربية والعام الاسلامي لاخطار الصهيونية وقد روى بن غوريون في ذكرياته قصصا عن هذه المقاومة وكذلك فعلت الكتب الصهيونية التي أرخت لتلك الفترة. وحفظت سجلات مجلس المبعوثان خطب ممثلي شعب فلسطين التي انذرت بأخطار التآمر الصهيوني الاستعماري كما حفظت الوثائق العثمانية عموما تاريخ مقاومة شعب فلسطين. وكانت فلسطين تشهد آنذاك مع بقية الاقطار العربية انتعاش حركة اليقظة فيها. وقد عملت هذه الحركة جاهدة منذ مطلع القرن الثالث عشر الهجري "القرن التاسع عشر الميلادي" لتحقيق التقدم دفع أخطار الاستعمار الاوروبي.
دخل الغزو الصهيوني لفلسطين مرحلة جديدة في أعقاب الحرب العالمية الأولى. فقد صدر تصريح بلفور وزير خارجية بريطانيا إلى الحركة الصهيونية بالعمل على اقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. وجسد التصريح الذي صدر يوم 6 تشرين الثاني "نوفمبر" من عام 1917 التحالف بين الرحكة الصهيونية الاستعمارية وبين الاستعمار البريطاني. ومكن احتلال بريطانيا لفلسطين في كانون أول 1917م- أي بعد صدور التصريح وبعد تخليها عن التزاماتها تجاه العرب- الغزو الصهيوني من التغلغل في فلسطين. وجاءت اتفاقيات الصلح في فرساي أثر انتهاء الحرب لتقسم بلاد الشام والهلال الخصيب وتفرض الانتداب البريطاني على فلسطين. ألزمت بريطانيا نفسها في صك الانتداب بتهيئة الأوضاع في البلاد لاقامة الوطن القومي اليهودي فيها.
استطاع التحالف الصهيوني الاستعماري خلال السنوات التي عانت فلسطين فيها من الانتداب البريطاني أن يهجر مئات الألوف من يهود أوروبا إلى فلسطين العربية خصوصا في الثلاثينيات التي شهدت ظهور النازية في ألمانيا. كما استطاع هذا التحالف أن يغتصب حوالي %5.5 من أراضي فلسطين الخصبة بأساليب التسلط المعلن والترهيب الاستعماري. وهكذا ارتفع عدد اليهود في فلسطين من حوالي خمس وستين ألفا كانوا في بداية الاحتلال البريطاني إلى حوالي ستماية وخمسين ألف في نهايته عام 1947 بينما بلغ عدد شعب فلسطين آنذاك مليونا ونصف.
كان الاستعمار الاوروبي قد أكمل سيطرته على غالبية أجزاء الوطن العربي في أعقاب الحرب العالمية الأولى وغالبية أجزاء العام الاسلامي. واشتدت مقاومة العرب ومقاومة الشعوب الاسلامية لهذا الاستعمار في جميع هذه الاجزاء، ومنها فلسطين التي شهدت انتفاضات وثورات على مدى العشرينات والثلاثينات بلغت ذروتها عام 1946 وحتى عام 1939. وفرضت هذه المعاومة على بريطانيا نوعا من التراجع اكثر من مرة ثم نشبت الحرب العالمية الثانية فطرحت معطيات جديدة على الصعيد الدولي. وتكيفت الحركة الصهيونية مع هذه المعطيات فنقلت مركز ثقلها إلى الولايات المتحدة التي برزت خلال الحرب العالمية وبعدها زعيمة للغرب.
وقد طرحت خلال هذه المرحلة ومنذ عام 1937 فكرة تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية. وصدر عن الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني "نوفمبر" 1947م، قرار التقسيم وسط ضغوط التحالف الاستعماري الصهيوني، فأعطى هذا القرار للدولة اليهودية اضعاف المساحة التي اغتصبتها الحركة الصهيونية من أرض فلسطين واكثر من نصف مساحة البلاد الكلية. ويلفت النظر بأن جل المهاجرين اليهود حتى نهاية هذه المرحلة كانوا من يهود اوروبا، الامر الذي ينسجم مع حقيقة أن الغزو الصهيوني في نشأته هو غزو استعماري استيطاني اوروبي. ويلفت النطر أيضا قيام المستوطنين الصهاينة بعد اصدار بريطانيا للكتاب الابيض عام 1939 بعمليات ضد سلطة الانتداب نظمتها بعض منظماتهم الارهابية. وقد اطلقوا على هذه العمليات اسم حرب الاستقلال ووصفوها بانها حركة تحرير ليركبوا موجة التحرير التي عمت منذ الحرب العاليمة الثانية قارتي آسيا وافريقيا، وليصطنعوا تاريها يغطي حقيقة التحالف الصهيوني مع الاستعمار البريطاني وكان هذا الكتاب الابيض قد نص على تحديد الهجرة اليهودية لفلسطين في أعقاب شعب فلسطين.
دخلت الغزوة الصهيونية مرحلة التغلغل هذه مع انتهاء الحرب العالمية الاولى في وقت اشتد تكالب اوروبا فيه على الاتعمار. ولكن الحرب غيرت في صورة القارة الاوروبية ومهدت لظهور المذاهب الجمعية فيها، وفرضت اعلان مبادئ حق تقرير المصير والسلام. وقد انعقد مؤتمر فرساي عام 1919 في أعقاب الحرب فجاءت قراراته ضربة موجعة لتلك المبادئ. وشهد المؤتمر حوار دول الغرب حول اقتسام مناطق النفوذ والمستعمرات تحت اسم الانتداب أو الوصاية. وهكذا مكن الانتداب البريطاني الغزوة الصهيونية من التغلغل في فلسطين، وتقاسمت بريطانيا مع فرنسا حكم غالبية اجزاء الوطن العربي بعد تجزئته. وكانت اوروبا في هذه المرحلة ما تزال تهيمن على مقدرات العارات الاخرى، وان برزت الولايات المتحدة الامريكية كقوة كبيرة إلى جانبها. وقد تعاظمت مقاومة الشعوب المستعمرة للاستعمار في تلك الفترة. وكان من امثلتها البارزة نضال شعب فلسطين العربي ونضال الشعوب العربية في بقية الوطن العربي. وظهرت أزمة القيم التي تعانيها الدول المستعمرة. وانعكست على تجربة عصبة الأمم. وهكذا تفجرت الحرب العالمية الثانية بعد عقدين من مؤتمر فرساي. ونلاحظ أن الغزوة الصهيونية استغلت هذا المناخ الدولي واثاره على السياسة الاوروبية لتتغلغل في فلسطين، والتقت مع النازية في اصطناع حملات الاضطهاد ضد اليهود في اوطانهم لبلوغ أهدافها في تهجيرهم. ونلاحظ أيضا أن النضال العربي دخل مرحلة جديدة في هذه الفترة، فبرز النضال الوطني الذي فرضه واقع تجزئة الاستعمار للوطن العربي، ويمكننا أن نرى بالنظرة الشاملة لحركات هذا النضال الوطني في مختلف الاقطار العربية أن كان متأثرا بحقيقة ترابط الامة العربية. وهكذا كانت الحركات تتجاوب عن بعد رغم التجزئة، ولقد نجح النضال العربي في أن يطرد الاستعمار من بعض هذه الاجزاء. وظهرت بوضوح موجة التحرير في الوطن العربي اثر انتهاء الحرب العالمية الثانية.
بدأ الغزو الصهيوني مرحلة جديدة عام 1948 بعد انسحاب بريطانيا من فليسطين وتسليمها اراض واسعة للحركة الصهيونية التي أعلنت قيام دولة اسرائيل. ونشبت في بداية هذه المرحلة حرب فلسطين التي يصطلح على اعتبارها الحرب الأولى في الصراع. وقامت الحركة الصهيونية بطرد حوالي مليون من أبناء فلسطين إلى الأراضي العربية المجاورة تنفيذا لمخططات الاستعمار الاستيطاني التي استهدفت احلال مستعمرين صهاينة حدد محلهم. وشهدت هذه المرحلة أثر ذلك تدفق موجات هجرة من يهود اوروبا أولا ثم من يهود الوطن العربي إلى فلسطين، وبلغ عدد الذين وفدوا حتى عام 1967 حوالي مليونين، فارتفع عدد سكان التجمع الاسرائيلي خلال مرحلة الغزو من ستماية وخمسين ألفا إلى حوالي مليونين ونصف متضاعفا أربع مرات. ومثل هؤلاء حوالي 13 % من اليهود في العالم. وتضاعفت أيضا مساحة الأراضي التي سيطر عليها الغزاة من خلال تسليم بريطانيا مساحات واسعة منها قبيل انساحبها وفقا لخارطة تقسيم 1947، ومن خلال تجاوز خطوط هذه الخريطة عام 1948 وتنفيذ اتفاقيات رودس عام 1949 واغتصاب مزيد من الأراضي العربية. وهكذا سيطرت الحركة الصهيونية على أكثر من 70% من مساحة فلسطين الكلية ونجحت في احتلال بعض الأحياء الجديدة من القدس. واستطاع أبناء القدس من خلال مقاومة ضاربة حماية المدينة القديمة والأماكن المقدسة فيها.
وهكذا شملت المساحة التي استولى عليها الكيان الصهيوني كل فلسطين عدا قطاع غزة والضفة الغربية ومساحة صغيرة جنوبي طبرية. وقامت اسرائيل بشن حرب على مصر عام 1956 متواطئة مع بريطانيا وفرنسا في محاولة منها للتوسع فاحتلت قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء. ولكنها اضطرت إلى الانسحاب منها بعد فشل العدوان الثلاثي وحرب السويس. وكانت هذه الحرب هي الحرب الثانية في الصراع ودأبت اسرائيل قبل ذلك على القيام باعتداءات مستمرة على الضفة الغربية والقطاع وعلى الحدود السورية والمصرية.
نجحت الحركة الصهيونية خلال هذه المرحلة في إيجاد ما اسمته "اسرائيل الصغرى" "وشرعت تخطط لإيجاد إسرائيل الكبرى". وتغير تكوين المجتمع الإسرائيلي فلم يعد قاصرا على اليهود الأوروبيين، بعد أن هجرت الحركة الصهيونية إعدادا من يهود الوطن العربي إلى فلسطين. وان بقيت الهيمنة فيه للمستوطنين الأوروبيين. وبدأت أثار هذا التغير بالظهور تدريجيا. وقد وضح في هذه المرحلة طابع الاستعمار الاستيطاني الصهيوني سواء في مفاهيمه العنصرية أو في أساليبه التوسعية. وتحلى أكثر مما تجلى في السياسة الإسرائيلية تجاه عرب فلسطين المحتلة الذين بقوا في أراضيهم والذين طردوا منها، واشتهرت من معالم هذه السياسة مذابح دير ياسين وقبية ونحالين وكفر قاسم، واغتصاب الأراضي، وسياسة التعليم، وتهجير العرب الفلسطينيين.
استجاب العرب لتحديات نكبة 1948 فدخل نضالهم ضد الغزو الصهيوني مرحلة جديدة. وحققت اليقظة في الوطن العربي انجازات كبيرة. وتدفقت موجة التحرير في العالم الاسلامي فاستقلت شعوب اسلامية كثيرة. وكان لفشل العدوان الثلاثي أثره الكبير على دفع حركات التحرير في آسيا وافريقيا. وخاضت الأمة العربية وشعوب آسيا وافريقيا تجارب هامة في مجال التحول الاقتصادي والتعاون السياسي. الامر الذي أقلق التحالف الاستعماري الصهيوني وحفزه على ضرب هذا التقدم.
وظهر على الصعيد الدولي في أعقاب الحرب العالمية الثانية علم جديد شهد حدوث الانقلاب النووي. وتعاظم في هذا العالم دور كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي بعد أن خرجت أوروبا الاستعمارية من الحرب منهمكة. وظهرت موجة التحرير الآسيوية الافريقية فساهمت في رسم خريطة العالم الجديد واذا كانت الدول الكبرى قد حاولت في مؤتمري يالتا وبوتسدام اللذين انعقدا عام 1945 رسم خريطة العالم فإن نضال الشعوب فرض تغييرات كثيرة على ما تم رسمه، وجعل من التحرير روح العصر. وظهرت تجربة الأمم المتحدة التي جعلتها موجة التحرير تحتلف عن سابقتها. كان انعقاد مؤتمر باندونغ عام 1955 نقطة تحول في الصورة الدولية حيث انطلقت صيحة الدول المستقلة حديثا. وبرزت فكرة العالم الثالث واسهمت في تخفيف حدة التوتر بين المعسكرين. وركزت الحركة الصهيونية على توثيق تحالفها مع الولايات المتحدة منذ أن تعاظم الدور الأمريكي في العالم.
واجه شعب فلسطين العربي في هذه ظروفا شديدة الصعوبة. فقد حلت به نكبة عام 1948، واحتلت اسرائيل أجزاء واسعة من وطنه، وفرض عليه هذا الاحتلال نزوح غالبيته الى الضفة والقطاع والبلاد العربية المجاورة. اهتزت مؤسساته وتصدع كيانه. وما أسرع ما أفاق من هول النكبة واستحاب لتحدياتها. حقق على مدى هذه المرحلة صمودا يلفت النظر في مواجهة محاولات تصفية قضيته. أقل أبناؤه على نشر العلم وتلقيه وحقوا ثورة تعليمية حافظت على هويتهم كشعب. باشر محاولات جادة للكفاح المسلح وساهم في التصدي للاعتداءات الاسرائيلية وقاوم عرب فلسطين الذين بقوا في أراضيهم تحت الحكم الاسرائيلي أبشع صور العسف والاضطهاد وحافظوا على هويتهم الوطنية. كما قاوم أهالي غزة الاحتلال الاسرائيلي عام 1956. وتضافرت جهود أبناء فلسطين في عدد من أماكن التجمع لابراز الكيان الفلسطيني، فقامت منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964. وتفجرت الثورة الفلسطينية عام 1965، وبدات عملياتها ضد الاحتلال الاسرائيلي.
جاء قيام اسرائيل بشن حرب عام 1967 ايذانا ببداية مرحلة جديدة في الوجود الصهيوني الاستعماري في فلسطين والوطن العربي. فقد احتلت نهذه الحرب، التي هي الحرب الثالثة في الصراع، الضفة الغربية وقطاع غزة من أراضي فلسطين، والجولان من اراضي سوريا، وسيناء، من اراضي مصر. وضاعفت المساحة التي تسيطر عليها أربع مرات
أصبحت اسرائيل تحتل مركزا استراتيجيا بالغ الخطورة. فقد جثمت قراتها على الضفة الشرقية لقناة السويس وساحل سيناء الجنوبي بين البحر المتوسط والبحر الاحمر في مواجهة دلتا النيل وواديه في مصر والسودان. وجثمت قراتها على طول الساحل الغربي لخليج العقبة وفي الجزر التي تتوسط مدخله في مواجهة شبه الجزيرة العربية، وعلى طول غور الاردن من رأس خليج العقبة حتى منابع نهر الاردن في مواجهة الضفة الشرقية للاردن ومن ورائه العراق والخليج، وعلى طول خط بين جبل الشيخ ورأس الناقورة في مواجهة سوريا ولبنان، وعلى طول الساحل الشرقي للبحر المتوسط من رأس الناقورة حتى رأس العش شمال بورسعيد.
احتلت اسرائيل بهذه الحرب القدس الشرقية، وعملت على تهجير مزيد من يهود العالم إليها وإلى الاراضي العربية المحتلة. وشرعت في اقامة مستوطنات لهم في تلك الاراضي. وبدأت تتحدث عن "اسرائيل الكبرى" وتحكى عن "حدود التوراة" والحدود التاريخية في معرض الحديث عن "الحدود الدفاعية". وسيطرت على التجمع الاسرائيلي في هذه المرحلة مشاعر جنون العظمة والتفوق العنصري. وكان يمكن لهذه المشاعر أن يتفاقم تأثيرها لولا تصاعد مقاومة شعب فلسطين للاحتلال. ولولا تحرك النضال العربي في صورة حرب الاستنزاف التي ما أسرع أن نشبت ومارست اسرائيل تجربة استعمارية بشعة على أهالي فلسطين والجولان وسيناء فكشفت عن طبيعة الاستعمار الاستيطاني العنصري في الحركة الصهيونية. وكان من جوانب هذه التجربة طرد وتشريد مزيد من العرب وفرص تهجير مدن بكاملها
بقدر ما كان وقع خسارة حرب 67 شديدا على الأمة العربية بقدر ما قويت استجابة النضال العربي لتحدي هذه الحرب. فقد جابه بعزم العدوان الصهيوني فكانت حرب الاستنزاف. وتصاعدت مقاومة شعب فلسطين العربي التي استمرت بلا انقطاع منذ بداية الغزوة. واكتسبت أهمية بالغة وبخاصة بعد الانتصار الذي تحقق في معركة الكرامة عام 1968 وفرض حقيقة وجود شعب فلسطين على الصعيد الدولي.
كان العالم يشهد في تلك الآونة تحولا في العلاقات التي تحكم دولة. فقد أحدثت سياسة التعايش السلمي في كل من المعسكرين تغيرات هامة. وعمدت العوى الاستعمارية إلى محاولة ضرب حركات التحرر. وجاء عدوان 1967 ليمثل ذروة هذه المحاولات. واشتد الصراع بين الدول النامية والدول الغنية وعمدت اسرائيل إلى خدمة مصالح الدول الاستعمارية وسياساتها في الوطن العربي والعالم الثالث. كما عمدت إلى تقوية تحالفها مع الولايات المتحدة الأمريكية. وبدت اسرائيل من خلال ممارستها تجسيدا لحقيقتها الاستعمارية الفريدة. "فهي ظاهرة استعمارية صرفة قائمة على الاغتصاب. وهي استعمار طائفي بحت أساسها التعصب الديني وهي استعمار عنصري مطلق بكل ما في العنصرية من استعلاء وتعصب واضطهاد ينطلق من اللون وزعم الشعب المختار. وهي قطعة من الاستعمار الاوروبي عبر البحار. وهي استعمار سكني توطني. وهي تجسيم للاستعمار المتعدد الأغراض السكني والاستراتيجي والاقتصادي. وهي استعمار توسعي يحلم بمجاله الحيوي. وهي استعمار من الدرجة الأولى والثانية معا بالاصالة والوكالة لحساب الصهيونية العالمية والاستعمار العالمي".
رسم مسار الغزوة الصهيونية خلال هذه المراحل الأربعة خطا متصاعدا. ثم نشبت حرب رمضان عام 1973 فرضعت حدا لهذا التصاعد. وتابعت الثورة الفلسطينية نضالها على كل الصعد وخاضت على الصعيد العسكري معارك مشرفة، فحققت انجازات هامة على طريق ابراز الكيان الفلسطيني والاعتراف الدولي بالحقوق الوطنية لشعب فلسطين. واحتدم الصراع العربي الاسرائيلي. وتزايد نزوع الحركة الصهيونية نحو التطرف في مواجهة النضال الفلسطيني، فركزت اسرائيل همها على اغتصاب القدس والضفة الغربية وقطاع غزة.
يمكننا أن نسجل عند هذا الحد ملاحظة عامة حول اتجاه الصراع الدائر فوق أرض فلسطين والذي يشمل بابعاده كامل الساحات العربية والاسلامية. وهي اننا نشاهد لاول مرة في تاريخ هذا الصراع بداية العد العكسي للغزو الصهيوني لفلسطين. واذا كان لهذا علائم كثيرة الا أن من هذه العلائم التغيير الهام الحاصل في المجال الدوبي بالنسبة إلى الدولة الاسرائيلية التي تعاني عزلة راحت تتزايد يوما بعد يوم، بينما أخذت القضية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، والمكانة العربية والاسلامية عموما، تزداد تاثيرا في النطاق الدولي وقد انعكس ذلك بما أخذت تناله الحقوق الثابتة للسعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في العودة وتقرير المصير واقامة دولته المستقلة من اعتراف دولي شبه كامل، وبما راحت تحظى به منظمة التحرير من اعتراف دولي يتزايد يوما بعد يوم، وبما أصبح للأمة العربية والاسلامية، خصوصا عندما تتحد كلمتها من صوت مسموع ومهاب على مستوى دولي.
أن طبيعة الصراع الذي تخوضه امتنا مع العدو الصهيوني تعطي لهذا التغيير أهمية أساسية في تاثيره على مجرة الصراع ومستقبله. لان هذا الصراع لم يكن يوما صراعا محليا له أبعاد دولية، وانما هو صراع دولي تكثف ويتكثف على أرض فلسطين، فالغزو الصهيوني جاء من الخارج، وبدعم من الخارج، وقامت دولته واستمدت قوتها، وما زالت، من خلال دعم عالمي لا مجال لنكرانه والجدال فيه. ولهذا عندما يتأزم وضعها دوليا وتبدأ الرياح تجري في هذا الميدان على عكس ما تريده أشرعة سفينتها تكون قد فقدت ركنا أساسيا من أركان قوتها وحياتها. واذا ما صحب ذلك تصعيد في النضال الفلسطيني وتكريس للوحدة الوطنية الفلسطينية ومزيد من الدعم العربي والاسلامي لمنظمة التحرير الفلسطينية، واذا ما صحبه تعزيز للتضامن العربي الاسلامي وتأكيد لارادة الأمة في تحرير القدس واحقاق الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، وجهد دائم في مجال الاستعداد واعداد العدة عسكريا واقتصاديا واجتماعيا، فسوف تميل كفة الميزان إلى مصلحة فلسطين والبلاد العربية الاسلامية وتبدأ الامور تأخذ موقعها الطبيعي ومسارها الحتمي.
المدينـــــــــة
التاريخ
المسجد
أسماء المدينة
أبواب المدينة
القدس اليوم
الممارسات الإسرائيلية في القدس
الميـــادين
السياحة
التعليم
الصحة
السكن
الصناعة
---------------------------------------------------------------------
منقول للفائدة تقبلو خالص تحايتى " أخوكم ســــــــــــرايا وأفتـــــــــــــــخر "