إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

وأضرب لهم مثلاً

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • وأضرب لهم مثلاً

    وأضرب لهم مثلاً

    زعموا أنه كان بأرض العرب حمار خُيل إليه أنه عظيم الهامة حتى لا يكبره الثور إلا بقرنيه ، وغمه زيادة القرنين في الثور ، فلما فكر وقايس واعتبر صح عنده أن أذنا من أذنيه الطويلتين ترجح بالقرنين جميعاً وكان حماراً ذا قياس ومنطق عجيب ، فزعم لنفسه أن رأسا في قدر رأسه لابد أن ينشئ عقلا، وأن كهذا العقل يبدع إنساناً ، وأن إنسانا لا يكون حماراً ، فاهتدى من ذلك إلى انه خلق غير الحمير وقال : فما يمنعني آن آتي عملا لا يتعلق فيه أحد بذيلي ، ثم يكون دليلاً في الحمير على أني فوق الناس ، فإنه يُشبه أن أكون لهذا خلقت ، وما ينفعني أن أكون فخم النهيق ، إن لم يكن معي من القدرة والتمكين ما تحصل به الفضيلة على من لا ينهق ؟

    وكان له ُ صديق من الكلاب يأنس به صبيان الحي فيمسحونه ويطعمونه ويعبثون به ، فأسر لهُ الحمار يوماً أنه ليس حماراً ؟
    قال وما عساك تكون ؟ وما هذا الجلد ؟ وما هذا الحافر ؟ ثم أقتصه القصة فزعم له الحمار أن هذا الجلد الذي هو فيه إنما أشبه َ به الحمير ليكون إرهاصاً للمعجزة التي بُعث بها ! قال الكلب : وإنك لصاحب معجزة ؟ قال : نعم فإياك أن يعتريك شك أو تكذيب ، وإنما بعثت حمارا لأن جنس الإنسان قد فطر على ضرائب من اللؤم والخسة والدناءة فليس اقرب إليه من الشك والحسد والجحود ، وما تغني فيه الآيات والنذر ، ولا يجيئه من نبيّ ولا رسول بمعجزة إلا حسده فردّها عليه بالحسد فكفر بردها عليه ، وكان في الأنبياء من فلق البحر ومن أحياء الموتى ومن شق القمر نصفين ، ثم لا يزال الكفر مع ذلك باقياً على الأرض فلم يغر كما يغور الماء ، ولم يمت كما يموت الحي ، فلعمري ما بقي في حكم العقل ولا في حيلة الظن لإيمان هذا الجنس الممقوت إلا أن تجيئه المعجزة في جلد حمار !
    قال الكلب : لعمري وعمرُ أبي إن هذا هو الرأي ، وإن أمرك لأمر له ما بعده ، وأنا من حواريك في هذه الرسالة ، أخبرني ما أنت صانع فلعلي أن أقوم فيه مقاماً ، فإنك لتعلم ما عندي من الوفاء والأمانة ، وأنت حقيق أن يستكفيني بعض أمرك ، فقد عُرفنا معشر الكلاب بهذه الخلال الفاضلة ، حتى إن الناس لا يجدون لهم أمثالا يضربونها إلا منا كلما ذكروا الوفاء أو تمثلوا فيه . قال الحمار : أخزى الله هؤلاء الناس ، يضربون بكم المثل في الأمانة والوفاء ثم لا يسبُ بعضهم بعضاً إلا قالوا يا كلب ويا ابن الكلب .... !
    ثم أنه قال للكلب : ادنُ مني حتى أعهد إليك ، وإياك أن يعتريك داء الكلام في الصياح لكل نبأةٍ فتفشي ما ائتمنتك عليه ، فقد قالت العلماء إن أشقى الخلق من شقى َ بصاحب معجزة ! قال الكلب : وإن كان حمارا.....؟ قال : أغرب عني فعل الله بك وفعل ، ما أنت َ بصاحبها وإن الكلاب لكثيرة بعدُ ، وتالله إن رأيتُ كلب سوءٍ كاليوم ؟
    فانكسر الكلب وخشى أن يصيبه ما قالت العلماء وبصبص بذنبه قليلاً ثم إنه دنا من الحمار وقال : ما أخطأ الناس في تنابزهم بالكلاب فقد عرفتُ معرة جنسي ، وأنا تائب إليك مما فرط مني ، فاعهد إلي بعهدك وخذني بما أحببت فلن تجدني إلا حيث يسرك أن تجدني . قال الحمار : بارك الله عليك (( وأعظم )) لك ... فقد ترى هؤلاء الصبيان الذين يألفونك ويلقون إليك بكسر الخبز ، فانظر فيما تحتال به حتى تأتيني بهم فإن أول بدأتي في المعجزة أن أكون معلم صبيان ... فذهب الكلب فربض على مزجر قريب منهم وهم يتعابثون ويلعبون ، ثم قام فانسل أصغرهم فتمسح به ، ثم التقم خبزته فوثب بعيداً ، ثم جعل يستطرد لهم ويعدو عدوا رفيقاً وهم يتبعونه يريدون أخذه وإمساكه ، حتى إذا جاء موضع الحمار دفع بين رجليه ، ورفع الحمار راية ذيله فأصبح الكلب في حمايتها .... وكان هذا الحمار قد رأى في بعض أسفاره قراداً يرقص قرداً وقد أجتمع له الصبيان ، وعاين ما استخرجته حركات القرد من عجبهم ولهوهم ، فلما اجتمع أولئك الصبيان يريدون أخذ الكلب طفق يصنع لهم كما رأى القرد يصنع ، وبذل في ذلك غاية جهده وبلغ فيه منتهى حماريته ....فبهت َ الكلب وجعل ينظر كالمتعجب ويقول في نفسه : أقرد هذا أم حمار ؟ وأين ويحه المعجزة التي زعم ، فإنما هذا رقص كالرقص ، وإذا كان الرقص أكبر أمره فما في أمره كبير عندنا ، فإن أهون الكلاب لأقوى عليه من أعظم الحمير .
    وكان يشاهدهم رجل ، فقال : ما لهذا الحمار وخفة َ القرود ونزقها وما تصنع من الطيش ؟ إن هذه الشياطين إنما تتخذ لمحض اللهو والعبث وهذا الغبي لا يرتبط إلا للحمل والمنفعة ، فإذا هو ركبتهُ هذه الطبيعة وترك لها حتى تأخذ مأخذها فيه فو الله إن بقي احد يأمنه على أولاده ، ويوشك أن يقمص بأحدهم هذا القِماص فيرمي به فيدق عنقه أو يهشم عظما من عظامه . ثم إنه راغ إلى داره فجاء بهراوة غليظة والحمار في عمىً مما يصنع . وقد قام أنه موحَى إليه ، وأنه أكبر معلم للعلم في اكبر مدرسة في هذا الدنيا .. فما راعه إلا الرجل قائماً يدق ظهره بالهراوة وأسرع الصبيان فتناولوا ما أصابته أيديهم من عود وخشبة وجلدة وما خف وثقل وداروا بالأستاذ الحمار فاعتوروه ، وخرج الكلب يشتد عدوًا حتى إذا نجا بعيداً أنحى على نفسه وقال : ويحك يا نفس ! ما كان أجهلك ! لقد كدت والله تهلكينني ، أفيمكن في عقل العاقل أن تكون معجزةُ حمار إلا شيئاً كتقليد القرد .... ؟

    وعليك معرفة من هم الصبيان والرجل .

    --~--~---------~--~----~------------~-------~--~----~
    مدونة المتابع العام http://almtab3al3am.blogspot.com/
    مدونة الشيخ زهير بن حسن حميدات http://zuheer17.maktoobblog.com/

  • #2

    يعطيك العافية اخي وجزاك الله كل خير000وفي ميزان اعمالك يارب !

    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك

      تعليق


      • #4
        [frame="2 80"]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

        بارك الله فيك أخي
        وجزاك الله كل خير [/frame]

        تعليق

        يعمل...
        X