إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الصداقة والصديق

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الصداقة والصديق

    الصداقة عالم متسع الأرجاء، فيه الإخلاص والتفاني والتضحية والوفاء، فالصديق عون لصديقه على جلب المسرات ودرء المضرات.. جاء رجل إلى وهب بن منبه وكان من الحكماء فقال له: إن الناس قد وقعوا في الشر، وقد حدثت نفسي ألا أخالطهم، فقال وهب: لا تفعل، فإنه لابد للناس منك ولابد لك منهم، وإن لهم إليك حوائج ولك إليهم حوائج. وبهذا الذي قال وهب تظهر ضرورة التعاون والصحبة والصداقة، فلابد للإنسان من أصدقاء يشاركهم أفراحه ويبثهم أتراجه ويستودعهم أسراره، ويجد عندهم الأذن الصاغية الواعية والروح الطيبة والتفاعل الحسن مع مهامه ومشاكله. ولكن أي نوع من الناس يصاحبه الإنسان؟ إن منهم الكريم والبخيل، ومنهم الأمين وغير الأمين، ومنهم النفيس وغير النفيس ومنهم العالم والجاهل ومنهم الصالح والطالح فمن الذي يصاحبه الإنسان؟ لا شك أن العاقل يصاحب العقلاء، ويستريح إلى العلماء، ويسعى إلى الفضلاء، ويتجنب صحبة الجهلاء، يقول الشاعر:
    صاحب من الناس كبار العقول
    وجانب الجهال أهل الفضول
    واشرب نقيع السم من عاقل
    واسكب على الأرض دواء الجهول
    ويقول حكيم: جالس أهل العلم فإنك إن جهلت علموك، وإن زللت قوموك، وإن أخطأت لم يُفَندُوك، ولا تجالس أهل الجهل، فإنك إن جهلت عنفوك، وإن زللت لم يقوموك، وإن أخطأت لم يثبتوك. ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يُخالل) ولا شك أن صحبة الأخيار خير، وأن صحبة الأشرار شر، فكم زينوا لأصحابهم الشر وقبحوا الخير فقادوهم إلى الهلاك في الدنيا والآخرة، والله تعالى يقول: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنسَانِ خَذُولا) سورة الفرقان الآيتان (27ـ 29)، وربما يسأل سائل فيقول: وكيف يدفعني صاحب السوء إلى السوء وأنا محافظ على نفسي فطن إلى أمري؟ وما أحسبه حكيما فيما يسأل عنه، فإن الأخلاق السيئة تنتقل من صاحب السوء إلى رفيقه دون أن يدري، كالعدوى بين المريض والسليم من الناس والحيوان، وكالعطب بين الفاسد والصالح من الثمار والفاكهة فالصاحب يسمع من صاحبه الكلمة الخبيثة فيستنكرها أول الأمر، ولكنها تجري على لسانه تلقائيا بعد ذلك، وكذلك التصرفات والأفعال. وربما دهم الخطر جماعة السوء قبل أن يندمج معهم صاحبهم الجديد، ولكنه يتواجد معهم، فيُؤاخَذ بما يُؤاخَذُون، وما ذلك إلا بالصحبة السيئة. ولقد ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا للجليس الصالح وآخر لجليس السوء فقال فيما رواه الشيخان عن الأشعري (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يُحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا منتنة) وما ذلك إلا لأن الجليس الصالح تجد عنده النصيحة والكلمة الطيبة، والحث على طاعة الله والأمر بمكارم الأخلاق، وقد يصلك بأشخاص آخرين ينفعونك، أما جليس السوء فقد يبتز أموالك أو ينقلب عليك أو يزين لك طريق الانحراف أو يصلك بأشرار الناس الذين يقودونك إلى الهلاك، وقد مدح أعرابي صديقا له فقال: مجالسته غنيمة، ومؤاخاته كريمة، وهو كالمسك إن بعته نفق وإن تركته عبق. فهذا ولا شك من النوع الذي يصون مودة صديقه، ويحفظ سره ويقيل عثرته ويغفر زلته. ولكن الذي نسأله الآن: هل الصديق يخطئ في حق صديقه؟ أجل.. فكلُ بني آدم خطاء، ولذا يجب على الصاحب أن يغفر لصاحبه ما دام قد أخطأ عن غير عمد، وما دام لا يكرر أخطاءه عن قصد، ولا يوجد بين الناس رجل كامل من كل الوجوه، ولذلك يقول الشاعر
    إذا كنت في كل الأمور معاتبا
    صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
    فعش واحدا أو صل أخاك فإنه
    مقارف ذنب مرة ومجانبه
    إن الصديق قد يخطئ في حق صديقه، ولكنه يعتذر ويوضح الظروف التي دفعته إلى خطئه، وفي اعتذاره ما يدرأ عنه تهمة الخيانة، وعلى صديقه حينئذ أن يصفح عنه، بل يسري عنه ما أهمه في موقفه ذاك، وما أحسن قول الشاعر الحكيم:
    إذا اعتذر الصديق إليك يوما
    من التقصير عــذر أخ مقر
    فصنه عن عتابــك وعف عنه
    فإن الصفح شيمة كل حر
    أما إذا تبين للمرء أن صاحبه يخونه ولا يرعى حرمة الصداقة، ولا أمل في إصلاح أمره، فعليه أن يتركه وينصرف عن صداقته، وينبذ إليه عهده وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) سورة الكهف آية (28) ورحم الله الإمام الشافعي إذ قال:
    إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة
    فلا خير في ود يجئ تكلفا
    ولا خير في خل يخون خليله
    ويلقاه من بعد المودة بالجفا
    سلام على الدنيا إذا لم يكن بها
    صديق صدوق يصدق الود منصفا
    ولكن الذي يفتش في الدنيا يجد فيها الصديق الصدوق، في الماضي والحاضر، فالناس معادن، والنبي صلى الله عليه سلم يقول: (الخير فيّ وفي أمتي إلى يوم القيامة)، وهو نفسه كان خير صديق لمن صادقهم وخير صاحب لمن صاحبهم، تأمل صداقته لأبي بكر وصداقة أبي بكر له، ويكفيك أن تذكر أنه في الهجرة كان يسير مع أبي بكر فيتقدمه أبو بكر تارة ويتخلف عنه تارة أخرى، فيسأله النبي فيقول: إني أتخيل الأعداء يسددون إليك السهام من أمام فاتقدمك، ثم اتخيلهم يسددونها إليك من خلف فأتأخر عنك كي أحميك بنفسي. تلكم هي الصداقة في الله والمؤاخاة في الله، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول فيم يرويه عن ربه: (وجبت محبتي للمتحابين في، والمتجالسين في، والمتبادلين في، والمتزاورين في) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن من عباد الله أناسا ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء بمكانهم من الله، قالوا يا رسول الله أفتجدنا منهم؟ قال: هم قوم تحابوا في الله على غير أرحام بينهم، ولا أموال يتعاطونها، فوالله إن وجوههم لنور، وإنهم لعلى نور، ولا يخافون إذا خاف الناس). وعلى عكس ذلك يكون الأشرار الذين يتظاهرون بالحب ولا حب بينهم، تروي كتب الأدب أن ثلاثة اصطحبوا على غش وخيانة، فصادفوا في طريقهم كنزا، فاتفق اثنان منهم على أن يقتسما المال ويقتلا الثالث، فأرسلاه إلى المدينة كي يشتري لهم طعاما، وهناك حدثته نفسه أن يخلط الطعام بالسم كي يقتل صاحبيه ويستقل بالمال، وما أن حضر إليهما بالطعام حتى وثبا عليه فقتلاه، ثم جلسا يأكلان الطعام فماتا، وبقي المال يشهد على الثلاثة بالخيانة، ولو اخلصوا الصحبة لاقتسموا الكنز بالسوية وعاشوا عيشة هنيئة.
    القارئ الكريم: هكذا يميل الأخيار إلى الأخيار، والأشرار إلى الأشرار، فكن من الأخيار الذين يميلون إلى أمثالهم.. يقول الشاعر:
    ودع الإخوان إلا كل من
    يُضمرُ الودَ كما قد يُظهرهُ
    فإذا فزتَ بمن يجمعُ ذا
    فاجعلَنهُ لك ذخرا تذخره


    اللهم ارزقنا صحبة الأخيار وحُل بيننا وبين الأشرار إنك أنت العزيز الغفار


    [glow=000000]
    اخوكم في دين الله جهادي عنيد
    [/glow]

  • #2
    صاحب من الناس كبار العقول
    وجانب الجهال أهل الفضول
    واشرب نقيع السم من عاقل
    واسكب على الأرض دواء الجهول

    صح لسانه
    مشكور اخي ما قصرت

    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك اخي

      صاحب العلماء ولا تصاحب الجهلاء
      فالعلماء ان كنت جاهلا علموك وان كنت عالما ازددت علما


      اللهم انتقم لنا ممن ظلممنا واذانا أنت حسبما ونعم الوكيل

      تعليق


      • #4
        «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»بارك الله فيكم علي مرورم الطيب«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»

        تعليق


        • #5
          بارك الله فيك اخي علي هذا الموضوع
          وجعل الله هذا العمل في ميزان حسناتك

          تعليق


          • #6
            بارك الله فيك وجزاك الله عنا كل خير

            خـــــــــــــــــــــــــــــدونى اليهم فما عدت أطيق فراقـــــــــــــــهم

            تعليق

            يعمل...
            X