أخر دروس الامام أبي عمر السيف رحمه الله
بقلم: أبي مارية القرشي
بسم الله الرحمن الرحيم
الله ناصر كل صابر
احاط به العدا من كل جانب، قتلوا زوجه وولده ، فما وهن وما ضعف بل ما تردد ولا تأخر ، حمل سلاحه و انغمس في عدوه فما اغمض عيناه الا وقد قرت بقتل علوج الكفر...
هكذا كان موت هذا العلم درسا كتبه بمداد دمه يغنيك عن قراءة الوف المجلدات و يغنيه عن نظم القصائد وتسويد الصفحات ...ملحمة جسدها رجل بل هو وربي أمة...سبق الى العلم والناس يتنافسون الى الجهل والسفه ..سبق الى الجهاد و الناس يتسابقون الى الجبن و التخذيل و الاستجداء...سبق الى الموت و الناس يتنافسون من أجل فتات الدنيا...نال الحسنين: النصر و الشهادة ، و الناس تذوق الأمرين: الهزيمة والموت على فراش الذل...
" في كل قرن من أمتي سابقون" واني لا رجو أن تكون منهم أبا عمر.
ترددت كثيرا ..أأكتب؟ وهل لمثلي ان يكتب عن أبي عمر؟!!
شجعني صاحبي وقال:.أكتب أبا مارية، فوالله قد غفلت الدنيا عن هذا المصاب الجلل ...وصدق الاخ الطيب...عجيب والله.... هلك فهد..هلك سبع...هلك كلب...قامت الدنيا و ما قعدت....ويموت امام مجدد فلا يذكره أحد...لا تظنوا بي السوء عباد الله فما أريد من كلاب النار طواغيت العرب ذكر الشهيد ، كلا وربي فاني انزه اسمه عن يأتي على لسان أحدهم ، و لكن عتبي بل غضبي على من تزيا بزي العلماء فاعتلى المنابر و تصدر المجالس و الدروس...عتبي على طلبة العلم...عتبي على شعراء المساجد..عتبي على أمتي..يغادرها خير رجالها وهي تغط في سباتها.
لا أظن انّا نملك وقتا لنرثي ابا عمر...
لا أرى انّا نملك وقتا لنبكي سيف الشيشان... فالمعركة قد وصلت أخطر مراحلها واشتد ضرامها
هذا أوان العدو لا الابطاء و المشي الوئيد..
ان رحلة الشهيد من الدنيا الى جنات الخلد درس عظيم يجب ان لا يمر علينا قبل ان نجني فوائده ونفقه دروسه...
وهذه برقيات مستعجلة من ملحمة استشهاد أبي عمر الى كل البشر:
الرسالة الأولى: الى طواغيت الأرض ...
اننا لن نتوقف عن الجهاد حتى يظهر الله هذا الأمر أو نهلك دونه...لن نتوقف حتى نطهر الأرض من رجسكم وحتى نشفي صدور المؤمنين بنحركم ...تخوفونا بالموت؟ قد وعلمتم والله ان الموت أسمى أمنياتنا..تخوفنا بانتهاك الأعراض؟ قد فقهنا الدرس وصارت نسائنا تقاتل كرجالنا ..لا استسلام بعد اليوم...كلنا نقاتل رجالا و نساءا وأطفالا. فموتوا بغيظكم أو برعبكم فما هي و الله الا لحظات -وان خلتموها سنين طوال- وستسمعون صهيل خيولنا في باحات قصوركم وصليل سيوفنا في سرادقكم وان غدا لناظره لقريب.
الرسالة الثانية:الى كل قاعد..
ان أئمتنا يحبون الموت كما تحبون الحياة وزيادة...لسان حالهم يقول:
الموت يدركنا ويدررككم...يدركنا ونحن في ساحات الوغى ويدرركم في بروجكم المشيدة..يدركنا أعزة ويدرككم أذلة...يدركنا وقد صدقنا الله ما عاهدناه عليه و يدرككم وقد اخلفتم عقودكم و ضيعتم دينكم..فأي الفريقين أحق بالأمن يومذاك؟
رضيتم بالحياة الدنيا و أطمأننتم بها...وخسرتم الأخرة و فرطتم بها...بئس البيع بيعكم وبئس المصير مصيركم.
أما نحن فنتظر ثمن ما أسلفنا الى أجل مسمى " إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ "(التوبة111)
الرسالة الثالثة: الى علماء الأمة...
أستيقظوا يا أيها العلماء....اعملوا بما عملتم...لا يلبسن الشيطان عليكم أمركم. فالحق أبلج و الباطل لجلج!
ايمان بلا عمل؟!
علم بلا تقوى؟!
هل أصابكم الوهن يا مشايخنا؟ هل اشربت قلوبكم بحب الدنيا و كراهية الموت؟!
أين ذهبت نخوة الرجال و غيرتهم؟!
أين صلابة أحمد و حزم ابن تيمية وجهاد ابن عبد الوهاب و عناد السيد؟!
اني لاعجب ممن حمل القران في صدره ويسمي نفسه حافظا! هل جاهدت يا هذا ؟ هل حفظت كتاب الله من تدنيس الأعداء؟ هل عملت بما حفظت؟!
لا ؟!
صه اذا .. لا تسمي نفسك حافظا ، انما الحافظ من حمل الراية و تقدم الصفوف.
يقول أبو عمر رحمه الله في رسالة الى وجهها الى العلماء و طلاب العلم و المربين:
ومن الظواهر التي أضعفت الامة وأخلت بصفة من صفات الطائفة المنصورة وفرّقت بين العلم والجهاد هي :
قلة من ينفر من طلبة العلم الى ارض الجهاد، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تزال طائفة من امتي يقاتلون على الحق ظاهرين الى يوم القيامة ) رواه مسلم، فلا تكاد ترفع راية جهاد في بلد من البلاد إلا وترى المجاهدين يتسابقون إلى أرض الجهاد يبتغون القتل أو الموت مظانه، ولكن لا ترى بينهم من طلبة العلم من يقوم بفرض الكفاية في تعليم المسلمين في أرض الجهاد وتوجيههم ومخاطبة الأمة عن قضيتهم.
بل تمادى بعض المنتسبين للعلم ولم يكتفي بخطيئة القعود عن الجهاد فأخذ يخذّل المسلمين عن الجهاد ويثبّطهم عن مقاومة الغزاة وينشر بينهم الأراجيف ويخيفهم من الأعداء.
وما تعيشه الأمة الاسلامية من صحوة جهادية وتجديد لهذه الفريضة كان فرصة للصّادقين من طلبة العلم للهجرة والجهاد في سبيل الله وقيادة الأمة والسعي لاقامة دين الله في الارض وقد قال الله تعالى :{وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَة}النساء (100)
ويقول في اخر تلك الرسالة:
فالواجب على أهل العلم أن يتحيزوا لإخوانهم المجاهدين وينصروهم بدلا من مداهنة ومجاملة أعداء الله من الكافرين والمنافقين والتقرب إليهم بالطعن بالمجاهدين ولمزهم.
فإن صاحب العلم إذا داهن أعداء الله وابتعد عن المجاهدين والصالحين فقد فرّق الناس من حوله وفقد طريق القوة والعزة والجهاد، وبهذا يكون قد خسر دعوته وأضعف قوته وأذل نفسه أمام الكافرين والحكومات العميلة فأصبح معلقا لا هو في صف المجاهدين يجاهد معهم وينصرهم ولا هو مع الحكومات العميلة التي لا توافقه على كل ما يدعوا إليه.
فإذا بلغ طالب العلم الى هذه الحالة من الهزيمة والضعف فلا بأس عند الكافرين والمنافقين حينئذ أن يستقبل في وسائل إعلامهم بعد أن أبدى شيئا من التنازل وقد قال الله تبارك وتعالى : { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً * إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا }الإسراء(73- 75) ، وقال تعالى : { وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } المائدة(49- 50).
فيكفي الامة من العالم ثباته على الحق وجهاده ولو كان سجينا أو قد سدّت أمامه طرق الدعوة وحبس في بيته، فإن كلمة حق تخرج منه أو قصاصة ورق ينصح فيها الامة ويحرضها على الجهاد تكفي لاستجابة الامة له والتفافها حوله.
وأما إذا لم يثبت على الحق والصدع به والجهاد في سبيل الله وداهن أعداء الله فقد خسر دعوته ولم تنفعه في هذه الحالة كثرة وسائله الدعوية والاعلامية بعد أن فقدت الامة ثقتها به.
الرسالة الثالثة: الى المجاهدين...
ان جهادكم لا يتوقف على حياة شيخ أو أمير ...بل هي أمانة تحملونها في أعناقكم...ان اصيب زيد فالراية لجعفر فان أصيب جعفر فالراية لعبد الله فان أصيب عبد الله فلا تجزعوا ففي الأمة سيوف لله مسلولة...
ولقد ضرب اخواننا في الشيشان أعظم الأمثلة في ذلك... استشهد خطاب، وما أدراك ما خطاب؟!
فما وهنوا وما استكانوا..ثم استشهد أبو الوليد..ذلك الغامدي الأبي...فما وهنوا وما استكانوا..بل صالوا وكروا ونالوا من عدوهم نيلا...واليوم يفقدون امامهم وشيخهم أبا عمر...وعهدنا بهم يصبرون على الأذى و يرضون بالقضا...هم والله مثل يحتذى..فالنصر من أمثالهم يرتجى... كلهم اليوم أبو بكر" من كان يعبد الله فان الله حي لا يموت"
الرسالة الرابعة: الى علماء المجاهدين...
سعة الافق وعدم الانطواء على القطرية الضيقة أهم سمات العالم المجاهد...حرضوا المؤمنين على القتال في كل أصقاع الأرض..." وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة"
لله درك أبا عمر..
والله قد عجبت من حالك،طلبت العلم في جزيرة العرب ثم هاجرت لتقاتل و تجاهد في الشيشان الحبيبة، تدرس و تعلم و تفتي ، وبعد ذلك تلتفت الى أهلك في العراق فلا تنساهم!
تكتب لنا الرسائل وتلقي عنا المحاضرات الطوال..لله درك وقد أتعبت من بعدك!
الرسالة الخامسة: الى قادة المجاهدين..
ان وجود العلماء وطلبة العلم المبرزين من أهم وقود المعركة ضد العدو فبهم يستقيم المسير ويعصم من الانحراف..." وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ "
حدثت أن خطاب ما كان يمضي أمرا الا بعد أن يستشير أبا عمر ... أميرهم خطاب و مفتيهم أبو عمر ، أنى لهكذا جند أن يهزموا؟!!
الرسالة السادسة: الى نساء المجاهدين..
وهذه الرسالة من الشهيدة المباركة أم عمر رحمها الله:
يا امة الله ...ان الطريق طويل وصعب...والأمانة في عنقك ثقيلة...فاتقي الله في زوجك وأولاده...اتقي الله في خير رجال الأرض...لا تكثري من السؤال ومن الشكوى...بل حرضي على القتال...تعلمي استعمال السلاح الخفيف تصونين به عرضك ان عرض لك علج ...فلا استسلام بعد اليوم.. شعارنا : النصر أو الشهادة.
وفي الختام، أقول:
ان القلب ليحزن و ان القلب ليدمع وانا على فراقك يا ابا عمر لمحزونون ولا نقول الا ما يرضي الرب جل و علا.
اللهم ارحم أبا عمر و أم عمر وولد أبي عمر و آل أبي عمر
اللهم اسكنهم الجنان وارزقهم الرضوان.
اللهم انصر واحفظ اخواننا في الشيشان
اللهم انصر المجاهدين في كل مكان
اللهم ..امين
وكتب
أبو مارية القرشي
الجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية
قسم الإعلام التوعوي
تعليق