وصايا للمجاهدين؛ اصبروا على ضريبة الجهاد!
[الكاتب: عيسى بن سعد آل عوشن]
أيها المجاهدون الأبطال الأشاوس:
اعلموا رحمكم الله؛ أنّ الجهاد طريق النصر والعزة والكرامة، ولكنّ له ثمناً باهظاً، وضريبة يدفعها المجاهد بسبب سلوكه هذا الدرب، مبيّنة في كتاب الله تعالى وفق سننه الكونية سبحانه وتعالى.
ففي الجهاد؛ محن وقرح، وفيه مشقة وألم، وفيه فقدان الأحباب، ومفارقة الأصحاب، وفيه سماع أزيز الطائرات ودوي القاذفات وصليل السيوف.
وفيه الخوف والوجل، والحذر الدائم والترقب.
وفيه أذى في المال والأهل، وفي النفس والعرض.
ولكنّ ذلك كله كما قال تعالى: {وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}.
نعم فيه ألم... وكلّ ما ذكرنا.
ولكن هنا حقيقتان لا بد من العلم بهما:
الأولى: أنّ الكفار يألمون كما نألم، ويجدون من الشدة والخوف والنقص في المال والنفس مثل ما نجده بل أشد وأكبر، وذلك كله في سبيل الشيطان وطلب لعاع الدنيا الزائلة وخدمة مبادئ مكذوبة ومغلوطة، فليست الخسائر في صفوفنا نحن فقط، بل هم يذوقون ما نذوق وزيادة.
الثانية: أننا نرجو من الله ما لا يرجون.
فخوفكم أيها المجاهدون؛ أمن وأمان في الآخرة.
وسماعكم لصوت المدافع وأزيز الطائرات؛ أمان من سؤال منكر ونكير وفتنة القبر.
والنقص في الأموال والأولاد والأذى في العرض والنفس؛ جزاؤه عند الله كبير ودرجات عُلى من الجنّة.
والكلم والجرح في سبيل الله وسام فخار في يوم الحشر الأكبر؛ اللون لون الدم، والريح ريح المسك، والموت في هذا الطريق شهادة في سبيل الله.
والخذلان والمخالفة من القريب والبعيد؛ علامة صدق وصحة طريق.
ولذلك صدّر الله تعالى الآية بقوله: {وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ}، نعم... لا تهنوا ولا تكسلوا ولا تلينوا ما دام ما تلاقونه من أذى هو في موازين الحسنات لدى الله.
وتذكروا قول محمد صلى الله عليه وسلم: (إنّ في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله ما بين الدرجة والدرجة كما بين السماء والأرض) [رواه البخاري].
أيها المجاهدون:
إنّ طريق العزة والكرامة مفروش بالمكاره والجراح والمصائب والصعاب، ولكنّه طريق الجنة.
كما جاء في الحديث: (حُفَّت الجنّة بالمكاره).
ليكن لسان حالكم:
قالوا: فتقتلُ، قلتُ: تلك شهادةٌ ولها خرجتُ أريدُ خيرَ جِوَارِ
قالوا: فتُجرَحُ أو تُصَابُ، فقلتُ: ذا يومَ المعادِ لدى الإلهِ فخاري
قالوا: فتُؤسر، قلتُ: يوسف أُسوتي في السِّجنِ قضّى زهرة الأعمار
قالوا: فدربكَ بالمكارهِ مُوحشٌ فعلام تبغي العيشَ في الأخطار؟!
قلتُ: المكارهُ وصفُ دربِ جِنَانِنَا أما النَّعيمُ فوصفُ دربِ النَّار
أيها المجاهدون:
تبصروا بطريقكم وطبيعته، ولا تظنوه مبشراتٍ كله، ولا نصراً كله، بل فيه الشِّدة وبلوغ القلوب الحناجر، وفيه الهزيمة والجراح، وفيه النقص في الأموال والأنفس والثمرات... ولكن؛ {وبشر الصابرين}.
يقول الله تبارك وتعالى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ * وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.
ويقرر النبي صلى الله عليه وسلم قاعدة في تعامل المؤمن مع كل ما يُلِمُّ به من حزن وفرح، وسراء وضراء، بقوله صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن إنّ أمره كلّه له خير، وليس ذاك لأحدٍ إلاّ للمؤمن، إنْ أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).
إنّ معرفة طبيعة الطريق وحقيقته؛ تعين المرء على الصبر على مشاقه، والثبات عليه حتى الممات.
وقد بلغني عن أُناس ذهبوا لأراضي الجهاد، فلما ذاقوا حلوها ومُرّها؛ نكصوا منها راجعين وقد ولوا الأدبار، وتركوا طريق الجهاد لما فيه من المشاق - نسأل الله السلامة والثبات -
أيها المجاهدون:
اصبروا على مرارة الطريق، وشدة البلاء... فإنَّ مع العسر يسراً، وإن مع الشدّة الفرج.
ولو كشف الله لكم عن عظيم الأجور المترتبة على الصبر في طريق الجهاد رغم المخذلين والخاذلين والمخالفين؛ لذهب عنكم الملل والتعب.
فسيروا على بركة الله، مستعينين بالله، واعلموا أنّ النّصر صبر ساعة، وأنّه؛ {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}.عن مجلة صوت الجهاد
العدد التاسع
ذو الحجة / 1424 هـ
[الكاتب: عيسى بن سعد آل عوشن]
أيها المجاهدون الأبطال الأشاوس:
اعلموا رحمكم الله؛ أنّ الجهاد طريق النصر والعزة والكرامة، ولكنّ له ثمناً باهظاً، وضريبة يدفعها المجاهد بسبب سلوكه هذا الدرب، مبيّنة في كتاب الله تعالى وفق سننه الكونية سبحانه وتعالى.
ففي الجهاد؛ محن وقرح، وفيه مشقة وألم، وفيه فقدان الأحباب، ومفارقة الأصحاب، وفيه سماع أزيز الطائرات ودوي القاذفات وصليل السيوف.
وفيه الخوف والوجل، والحذر الدائم والترقب.
وفيه أذى في المال والأهل، وفي النفس والعرض.
ولكنّ ذلك كله كما قال تعالى: {وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}.
نعم فيه ألم... وكلّ ما ذكرنا.
ولكن هنا حقيقتان لا بد من العلم بهما:
الأولى: أنّ الكفار يألمون كما نألم، ويجدون من الشدة والخوف والنقص في المال والنفس مثل ما نجده بل أشد وأكبر، وذلك كله في سبيل الشيطان وطلب لعاع الدنيا الزائلة وخدمة مبادئ مكذوبة ومغلوطة، فليست الخسائر في صفوفنا نحن فقط، بل هم يذوقون ما نذوق وزيادة.
الثانية: أننا نرجو من الله ما لا يرجون.
فخوفكم أيها المجاهدون؛ أمن وأمان في الآخرة.
وسماعكم لصوت المدافع وأزيز الطائرات؛ أمان من سؤال منكر ونكير وفتنة القبر.
والنقص في الأموال والأولاد والأذى في العرض والنفس؛ جزاؤه عند الله كبير ودرجات عُلى من الجنّة.
والكلم والجرح في سبيل الله وسام فخار في يوم الحشر الأكبر؛ اللون لون الدم، والريح ريح المسك، والموت في هذا الطريق شهادة في سبيل الله.
والخذلان والمخالفة من القريب والبعيد؛ علامة صدق وصحة طريق.
ولذلك صدّر الله تعالى الآية بقوله: {وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ}، نعم... لا تهنوا ولا تكسلوا ولا تلينوا ما دام ما تلاقونه من أذى هو في موازين الحسنات لدى الله.
وتذكروا قول محمد صلى الله عليه وسلم: (إنّ في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله ما بين الدرجة والدرجة كما بين السماء والأرض) [رواه البخاري].
أيها المجاهدون:
إنّ طريق العزة والكرامة مفروش بالمكاره والجراح والمصائب والصعاب، ولكنّه طريق الجنة.
كما جاء في الحديث: (حُفَّت الجنّة بالمكاره).
ليكن لسان حالكم:
قالوا: فتقتلُ، قلتُ: تلك شهادةٌ ولها خرجتُ أريدُ خيرَ جِوَارِ
قالوا: فتُجرَحُ أو تُصَابُ، فقلتُ: ذا يومَ المعادِ لدى الإلهِ فخاري
قالوا: فتُؤسر، قلتُ: يوسف أُسوتي في السِّجنِ قضّى زهرة الأعمار
قالوا: فدربكَ بالمكارهِ مُوحشٌ فعلام تبغي العيشَ في الأخطار؟!
قلتُ: المكارهُ وصفُ دربِ جِنَانِنَا أما النَّعيمُ فوصفُ دربِ النَّار
أيها المجاهدون:
تبصروا بطريقكم وطبيعته، ولا تظنوه مبشراتٍ كله، ولا نصراً كله، بل فيه الشِّدة وبلوغ القلوب الحناجر، وفيه الهزيمة والجراح، وفيه النقص في الأموال والأنفس والثمرات... ولكن؛ {وبشر الصابرين}.
يقول الله تبارك وتعالى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ * وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.
ويقرر النبي صلى الله عليه وسلم قاعدة في تعامل المؤمن مع كل ما يُلِمُّ به من حزن وفرح، وسراء وضراء، بقوله صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن إنّ أمره كلّه له خير، وليس ذاك لأحدٍ إلاّ للمؤمن، إنْ أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).
إنّ معرفة طبيعة الطريق وحقيقته؛ تعين المرء على الصبر على مشاقه، والثبات عليه حتى الممات.
وقد بلغني عن أُناس ذهبوا لأراضي الجهاد، فلما ذاقوا حلوها ومُرّها؛ نكصوا منها راجعين وقد ولوا الأدبار، وتركوا طريق الجهاد لما فيه من المشاق - نسأل الله السلامة والثبات -
أيها المجاهدون:
اصبروا على مرارة الطريق، وشدة البلاء... فإنَّ مع العسر يسراً، وإن مع الشدّة الفرج.
ولو كشف الله لكم عن عظيم الأجور المترتبة على الصبر في طريق الجهاد رغم المخذلين والخاذلين والمخالفين؛ لذهب عنكم الملل والتعب.
فسيروا على بركة الله، مستعينين بالله، واعلموا أنّ النّصر صبر ساعة، وأنّه؛ {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}.عن مجلة صوت الجهاد
العدد التاسع
ذو الحجة / 1424 هـ
تعليق