شـــــبابنا والمخـــدرات
الشباب في كل أمة - هم عماد نهضتها ، وبناة مجدها وعزتها في أوقات السلم ، وهم كذلك ذخرها وعتادها ، والذائدون عن حياضها والحماة لأرضها وعرضها في أوقات الحرب . ومن هنا عرفت الأمم الناهضة أهمية الشباب، فاهتمت بهم : تثقيفا وتهذيبا وتربية و تعليما ، لتعتمد عليهم في حالتي رخائها وشدتها ، ونعيمها وبأساتها ، و حينئذ تأوي هذه الأمة إلى ر كن شديد. وقد اهتم الإسلام بالشباب أيما اهتمام ،وأولاهم من العناية والرعاية ما هم به جديرون ، فقد توجه الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض أحاديثه الشريفة بالنداء إلى الشباب ، فخصهم بالنصيحة ، وان كان التوجيه عاما للمسلمين : حيث يقول "يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" .
وفي هذا الحديث وغيره ما يدل على أهمية النصح والتوجيه والإرشاد لهذه الشريعة المهمة من شرائح المجتمع . كما ضرب لنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أروع المثل في التعامل مع جموح الشباب وجنوحهم ، وكيفية احتوائهم وتعديل أفكارهم ، وترشيد سلوكهم بالمناقشة الهادئة والحجة القوية والبراهين الساطعة الناصعة والعقل الراشد ، بعيدا عن العنف والزجر ، و الذي قد يؤدي إلى المكابرة والعناد من جهة ، أو إلى استقامة القوالب دون القلوب من جهة أخرى . و في قصة الشاب الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم ليستأذنه في الزنا خير دليل على ذلك ، فما نهره ولا زجره ولا ضربه ، بأبي هو وأمي ، وإنما ناقشه وحاوره حوارا عقليا هادئا وهادفا ، انتهى بالشباب إلى الاقتناع بأن الزنا فاحشة لا يرضاها أحد من الناس لأمه ولا لأخته ولا لبنته ولا لعمته ولا لخالته ، و هو في كل ذلك يسأل والشاب هو الذي يجيب مقررا هذه الحقائق ولما تيقن باقتناعه ، دعا له فبغض الله إليه هذه الفاحشة النكراء، والحديث مشهور نسمعه من خطبائنا ولكننا لا نتخذ منه منهجا في التعامل مع شبابنا و أبنائنا: من البنين والبنات ، مع اعتناء النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء وتخصيصه يوما لهن » يجتمعن فيه ليعظهن ، وسماعه لإحدى الفتيات عن ما يدور بين النساء ، وغير ذلك . وتعيش أمتنا الإسلامية اليوم عصرا مليئا بالتحديات ، حيث تحدق بها الأخطار من كل جانب ، ويتربص بها الأعداء لاقتلاع دينها من جذوره في نفوس أبنائها ، ولم يكن أمام هؤلاء الأعداء سوى طائفة الشباب للتركيز عليها في الهجمة الشرسة ، دون غض النظر عن الفئات الأخرى، وخصوصا النساء والأطفال . وقد عمل أعداء الأمة للسيطرة على الشباب عن طريق تغريبهم عن دينهم أولا حتى تسهل السيطرة عليهم ، ولما أعياهم ذلك بعثوا عن وسائل تعينهم على تحقيق غايتهم ء فاهتدوا إلى نشر وسائل اللهو والفساد عن طريق الفن الهابط الذي يدغدغ مشاعر الشباب ويثير غرائزهم من جهة ، والى نشر المخدرات بأنواعها المختلفة بين شباب الأمة من جهة أخرى.
ولا يخفي على عاقل أضرار هذه الآفة المدمرة ( المخدرات ) » ويكفي أن نعلم إنها تذهب العقل و هو أغلى ما يملكه الإنسان ، ومناط شريفه ومحل تكليفه ، والذي يسقط التكليف عن المسلم بزواله ، فكيف يفرط عاقل في عقله ، الذي يميزه عن العجماوات . والشباب والفراغ وكثرة المال ، من عوامل الفساد للمرء، إذا لم يتم توجيهها الوجهة الصحيحة ، في ضوء الشرع الإسلامي الحنيف ، وصدق الشاعرإذ يقول :
إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة
ومن هنا وجب علي أن نشغل أوقات شبابنا بكل نافع ومفيد ، لأن النفس إن لم نشغلها بالطاعة شغلتنا بالمعصية ، وأن نوجههم إلى حسن استثمار أوقاتهم وأموالهم بما يعود بالنفع على أنفسهم وأوطانهم وأمتهم ، فالوقت هو يالحياة ولنت تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن شباب فيما أبلاه ، وعن عمره فيما أفناه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن علمه ماذا عمل به ، أو قال صلى الله عليه وسلم . وهذا العمل ينبغي أن تقود به مؤسسات المجتمع بكافة أشكالها : بدءا من الأسرة ، فهي المحضن الأول للطفل ، والعامل الرئيس في تنشئته ، وصدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، حيث يقول :"كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " ويقول الشاعر العربي :
وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبــوه
ثم يأتي دور المدرسة التي يقضي فيها الفتى والفتاة شظرا كبيرا من الوقت ، وتقوم بعب ء التربية والتعليم ، فليكن معلمونا ومعلماتنا قدوة صالحة لأبنائهم وبناتهم فالأطفال والمراهقون يحاكون أساتذتهم ويتعلقون بهم ، فأين معلمونا من ذلك ؟ويأتي مع المدرسة ، دور المسجد الذي يجذب الشباب ويحسن توجيههم إلى صحيح الدين ، دونتفريط أو إفراط ، وكذلك وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرثية ، وما أكثرها في عصرنا ، وما أخطر ما تقوم به من دور ، وقد وعى أعداؤنا أهمية الإعلام في سلوك الأطفال والمراهقين والشباب ، فسيطروا عليهم من خلاله ،بوسائل وأساليب علمية مدروسة ، وعلى أولياء الأمور في بلادنا الإسلامية أن يولوا هذا الأمر عنياتهم ، فيجذبوا الأطفال والشباب من الجنسين إلى وسائل إعلام هادفة : تجمع بين الترفيه البريء من جهة ، والمتعة والإفادة من جهة أخرى ، بعيدا عن إثارة الغرائز ، وعلى وسائل الإعلام أن تقدم القدوة الطيبة لأبنائنا بنشر سير صورة جذابة تحببهم إلى شبابنا وتحبب إليهم الاقتداء بهم ، بدلا من التركيز على نجوم الطرب والتمثيل والكرة .
كما يجب توجيه الشباب إلى استثمار أوقاتهم في التزود من العلوم والمعارف : بإقامة المسابقات ورصد الجوائز القيمة لهذا الفرض والحمد لله أن هذا البلد الطيب يولي هذا الأمر عناية كبيرة؛ حيث جوائز التفوق العلمي ، وجوائز حفظ القرآن الكريم ، التي تعقد لها مسابقات محلية ودولية ،
فجزى الله أصحاب هذه الجوائز والقائمين عليها عن شباب الأمة خير الجزاء، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ، كما أن هناك مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين ، وغيرها من المؤسسات التي تحتضن الشباب ، ولكن ينبغي التركيز عليها إعلاميا وإبراز جهودها وما ينتج عن هذه الجهود من ثمرات طيبة تتمثل في شباب ينفع وطنه ودينه وأمته بإذن الله .
وعلى وسائل الإعلام أن تركز على عرض أضرار المخدرات وآثارها المدمرة على الشباب ، وذلك بعرض الأفلام التسجيلية ، والتجارب الشخصية للتائبين من الإدمان ، ممن يتحلون بالشجاعة الأدبية ، وقد شهدت نموذجا ناجحا ومؤثرا من ذلك في مخيم بوارق الخير في الأحساء، والذي نظمته الندوة العالمية للشباب الإسلامي ، فرع الأحساء، حيث يعرض من عافاه الله من بلوى الإدمان تجربته ، وهو بها أدرى ، فهو أحق بالحديث عنها وتوضيحها ، لأنه ذاق مرها ، واكتوى بنارها، وقديما قيل : من ذاق عرف ، وقيل أيضا : فمن راء كمن سمع "وفي هذه التجارب ما يبصر الشباب بألاعيب مروجي المخدرات وتجار السموم البيضاء وحيلهم في الإيقاع بالشباب والشابات في حبائلهم : بالإغراء المادي للعاطلين تارة ، وبدعوى الترفيه عن النفس ونسيان الهموم للفارغين والمهمومين تارة أخرى، بالإضافة إلى دعاوي أخرى وحيل كثيرة يتقنها مروجو المخدرات وتجار السموم -هداهم الله - للإيقاع بشبابنا.ومما يجدر ذكره هنا أن هناك منظمات عالمية لتهريب المخدرات وترويجها ، وأن هذه المنظمات لا تنفصل عن المنظمات الإرهابية وتجارة الأسلحة وغسيل الأموال وغيرها من الأنشطة الهدامة والمحظورة عالميا.
ولا يفوتني في ختام هذه الكلمة أن أنوه بأهمية تحصين الشباب من الجنسين من الأفكار المنحرفة ، وتعصينهم دينيا ، لأن هذه الأفكار المنحرفة لا تقل خطورة في تغييب عقل الشباب
عن المخدرات ، وقد اكتوت أمتنا بنار الإرهاب كما اكتوت بنار المخدرات .و أهيب بالقائمين على مكافحة المخدرات أن ينزلوا إلى أوساط الشباب في مدارسهم وجامعاتهم ومصانعهم ومؤسساتهم لتوعيتهم بخطورة المخدرات ، وأن تفسح لهم هذه المؤسسات ليقوموا بواجبهم الديني والوطني ، مع أهمية الاستعانة بالدعاة من العلماء وطلبة العلم النابهين الأذكياء ممن يجيدون التعامل مع الشباب للمشاركة في حملات مكافحة المخدرات ، ودق أجراس الخطر ، قبل أن يستفحل خطرها ، ويطير شررها، فتكتوي الأمة جميعا بنارها. ولا أنسى تأهيل الشباب التائبين ، و إيجاد فرص العمل الشريفة لهم، حتى نضمن - بإذن الله ألا يعودوا إلى ممارسة هذا العمل الإجرامي ، بترويج المخدرات بين الشباب .
وفق الله القائمين على هذا الأمر الخطير والجليل إلى ما فيه خير البلاد والعباد، و جزاهم عن الأمة خيرا على جهودهم الصادقة المخلصة وحمى الله أمتنا الإسلامية من كيد أعدائها والله ولي ذلك والقادر عليه .
د. بسيم عبد العظيم عبد القادر
أستاذ الأدب والنقد بكلية التربية بالأحساء
ورئيس النادي الثقافي
مجلة المكافحة
الشباب في كل أمة - هم عماد نهضتها ، وبناة مجدها وعزتها في أوقات السلم ، وهم كذلك ذخرها وعتادها ، والذائدون عن حياضها والحماة لأرضها وعرضها في أوقات الحرب . ومن هنا عرفت الأمم الناهضة أهمية الشباب، فاهتمت بهم : تثقيفا وتهذيبا وتربية و تعليما ، لتعتمد عليهم في حالتي رخائها وشدتها ، ونعيمها وبأساتها ، و حينئذ تأوي هذه الأمة إلى ر كن شديد. وقد اهتم الإسلام بالشباب أيما اهتمام ،وأولاهم من العناية والرعاية ما هم به جديرون ، فقد توجه الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض أحاديثه الشريفة بالنداء إلى الشباب ، فخصهم بالنصيحة ، وان كان التوجيه عاما للمسلمين : حيث يقول "يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" .
وفي هذا الحديث وغيره ما يدل على أهمية النصح والتوجيه والإرشاد لهذه الشريعة المهمة من شرائح المجتمع . كما ضرب لنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أروع المثل في التعامل مع جموح الشباب وجنوحهم ، وكيفية احتوائهم وتعديل أفكارهم ، وترشيد سلوكهم بالمناقشة الهادئة والحجة القوية والبراهين الساطعة الناصعة والعقل الراشد ، بعيدا عن العنف والزجر ، و الذي قد يؤدي إلى المكابرة والعناد من جهة ، أو إلى استقامة القوالب دون القلوب من جهة أخرى . و في قصة الشاب الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم ليستأذنه في الزنا خير دليل على ذلك ، فما نهره ولا زجره ولا ضربه ، بأبي هو وأمي ، وإنما ناقشه وحاوره حوارا عقليا هادئا وهادفا ، انتهى بالشباب إلى الاقتناع بأن الزنا فاحشة لا يرضاها أحد من الناس لأمه ولا لأخته ولا لبنته ولا لعمته ولا لخالته ، و هو في كل ذلك يسأل والشاب هو الذي يجيب مقررا هذه الحقائق ولما تيقن باقتناعه ، دعا له فبغض الله إليه هذه الفاحشة النكراء، والحديث مشهور نسمعه من خطبائنا ولكننا لا نتخذ منه منهجا في التعامل مع شبابنا و أبنائنا: من البنين والبنات ، مع اعتناء النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء وتخصيصه يوما لهن » يجتمعن فيه ليعظهن ، وسماعه لإحدى الفتيات عن ما يدور بين النساء ، وغير ذلك . وتعيش أمتنا الإسلامية اليوم عصرا مليئا بالتحديات ، حيث تحدق بها الأخطار من كل جانب ، ويتربص بها الأعداء لاقتلاع دينها من جذوره في نفوس أبنائها ، ولم يكن أمام هؤلاء الأعداء سوى طائفة الشباب للتركيز عليها في الهجمة الشرسة ، دون غض النظر عن الفئات الأخرى، وخصوصا النساء والأطفال . وقد عمل أعداء الأمة للسيطرة على الشباب عن طريق تغريبهم عن دينهم أولا حتى تسهل السيطرة عليهم ، ولما أعياهم ذلك بعثوا عن وسائل تعينهم على تحقيق غايتهم ء فاهتدوا إلى نشر وسائل اللهو والفساد عن طريق الفن الهابط الذي يدغدغ مشاعر الشباب ويثير غرائزهم من جهة ، والى نشر المخدرات بأنواعها المختلفة بين شباب الأمة من جهة أخرى.
ولا يخفي على عاقل أضرار هذه الآفة المدمرة ( المخدرات ) » ويكفي أن نعلم إنها تذهب العقل و هو أغلى ما يملكه الإنسان ، ومناط شريفه ومحل تكليفه ، والذي يسقط التكليف عن المسلم بزواله ، فكيف يفرط عاقل في عقله ، الذي يميزه عن العجماوات . والشباب والفراغ وكثرة المال ، من عوامل الفساد للمرء، إذا لم يتم توجيهها الوجهة الصحيحة ، في ضوء الشرع الإسلامي الحنيف ، وصدق الشاعرإذ يقول :
إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة
ومن هنا وجب علي أن نشغل أوقات شبابنا بكل نافع ومفيد ، لأن النفس إن لم نشغلها بالطاعة شغلتنا بالمعصية ، وأن نوجههم إلى حسن استثمار أوقاتهم وأموالهم بما يعود بالنفع على أنفسهم وأوطانهم وأمتهم ، فالوقت هو يالحياة ولنت تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن شباب فيما أبلاه ، وعن عمره فيما أفناه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن علمه ماذا عمل به ، أو قال صلى الله عليه وسلم . وهذا العمل ينبغي أن تقود به مؤسسات المجتمع بكافة أشكالها : بدءا من الأسرة ، فهي المحضن الأول للطفل ، والعامل الرئيس في تنشئته ، وصدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، حيث يقول :"كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " ويقول الشاعر العربي :
وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبــوه
ثم يأتي دور المدرسة التي يقضي فيها الفتى والفتاة شظرا كبيرا من الوقت ، وتقوم بعب ء التربية والتعليم ، فليكن معلمونا ومعلماتنا قدوة صالحة لأبنائهم وبناتهم فالأطفال والمراهقون يحاكون أساتذتهم ويتعلقون بهم ، فأين معلمونا من ذلك ؟ويأتي مع المدرسة ، دور المسجد الذي يجذب الشباب ويحسن توجيههم إلى صحيح الدين ، دونتفريط أو إفراط ، وكذلك وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرثية ، وما أكثرها في عصرنا ، وما أخطر ما تقوم به من دور ، وقد وعى أعداؤنا أهمية الإعلام في سلوك الأطفال والمراهقين والشباب ، فسيطروا عليهم من خلاله ،بوسائل وأساليب علمية مدروسة ، وعلى أولياء الأمور في بلادنا الإسلامية أن يولوا هذا الأمر عنياتهم ، فيجذبوا الأطفال والشباب من الجنسين إلى وسائل إعلام هادفة : تجمع بين الترفيه البريء من جهة ، والمتعة والإفادة من جهة أخرى ، بعيدا عن إثارة الغرائز ، وعلى وسائل الإعلام أن تقدم القدوة الطيبة لأبنائنا بنشر سير صورة جذابة تحببهم إلى شبابنا وتحبب إليهم الاقتداء بهم ، بدلا من التركيز على نجوم الطرب والتمثيل والكرة .
كما يجب توجيه الشباب إلى استثمار أوقاتهم في التزود من العلوم والمعارف : بإقامة المسابقات ورصد الجوائز القيمة لهذا الفرض والحمد لله أن هذا البلد الطيب يولي هذا الأمر عناية كبيرة؛ حيث جوائز التفوق العلمي ، وجوائز حفظ القرآن الكريم ، التي تعقد لها مسابقات محلية ودولية ،
فجزى الله أصحاب هذه الجوائز والقائمين عليها عن شباب الأمة خير الجزاء، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ، كما أن هناك مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين ، وغيرها من المؤسسات التي تحتضن الشباب ، ولكن ينبغي التركيز عليها إعلاميا وإبراز جهودها وما ينتج عن هذه الجهود من ثمرات طيبة تتمثل في شباب ينفع وطنه ودينه وأمته بإذن الله .
وعلى وسائل الإعلام أن تركز على عرض أضرار المخدرات وآثارها المدمرة على الشباب ، وذلك بعرض الأفلام التسجيلية ، والتجارب الشخصية للتائبين من الإدمان ، ممن يتحلون بالشجاعة الأدبية ، وقد شهدت نموذجا ناجحا ومؤثرا من ذلك في مخيم بوارق الخير في الأحساء، والذي نظمته الندوة العالمية للشباب الإسلامي ، فرع الأحساء، حيث يعرض من عافاه الله من بلوى الإدمان تجربته ، وهو بها أدرى ، فهو أحق بالحديث عنها وتوضيحها ، لأنه ذاق مرها ، واكتوى بنارها، وقديما قيل : من ذاق عرف ، وقيل أيضا : فمن راء كمن سمع "وفي هذه التجارب ما يبصر الشباب بألاعيب مروجي المخدرات وتجار السموم البيضاء وحيلهم في الإيقاع بالشباب والشابات في حبائلهم : بالإغراء المادي للعاطلين تارة ، وبدعوى الترفيه عن النفس ونسيان الهموم للفارغين والمهمومين تارة أخرى، بالإضافة إلى دعاوي أخرى وحيل كثيرة يتقنها مروجو المخدرات وتجار السموم -هداهم الله - للإيقاع بشبابنا.ومما يجدر ذكره هنا أن هناك منظمات عالمية لتهريب المخدرات وترويجها ، وأن هذه المنظمات لا تنفصل عن المنظمات الإرهابية وتجارة الأسلحة وغسيل الأموال وغيرها من الأنشطة الهدامة والمحظورة عالميا.
ولا يفوتني في ختام هذه الكلمة أن أنوه بأهمية تحصين الشباب من الجنسين من الأفكار المنحرفة ، وتعصينهم دينيا ، لأن هذه الأفكار المنحرفة لا تقل خطورة في تغييب عقل الشباب
عن المخدرات ، وقد اكتوت أمتنا بنار الإرهاب كما اكتوت بنار المخدرات .و أهيب بالقائمين على مكافحة المخدرات أن ينزلوا إلى أوساط الشباب في مدارسهم وجامعاتهم ومصانعهم ومؤسساتهم لتوعيتهم بخطورة المخدرات ، وأن تفسح لهم هذه المؤسسات ليقوموا بواجبهم الديني والوطني ، مع أهمية الاستعانة بالدعاة من العلماء وطلبة العلم النابهين الأذكياء ممن يجيدون التعامل مع الشباب للمشاركة في حملات مكافحة المخدرات ، ودق أجراس الخطر ، قبل أن يستفحل خطرها ، ويطير شررها، فتكتوي الأمة جميعا بنارها. ولا أنسى تأهيل الشباب التائبين ، و إيجاد فرص العمل الشريفة لهم، حتى نضمن - بإذن الله ألا يعودوا إلى ممارسة هذا العمل الإجرامي ، بترويج المخدرات بين الشباب .
وفق الله القائمين على هذا الأمر الخطير والجليل إلى ما فيه خير البلاد والعباد، و جزاهم عن الأمة خيرا على جهودهم الصادقة المخلصة وحمى الله أمتنا الإسلامية من كيد أعدائها والله ولي ذلك والقادر عليه .
د. بسيم عبد العظيم عبد القادر
أستاذ الأدب والنقد بكلية التربية بالأحساء
ورئيس النادي الثقافي
مجلة المكافحة
تعليق