تلقي الضوء على آفة العصر وتلتقي عدداً من المختصين
مليارات الريالات نخسرها سنوياً بسبب التدخين والضحايا في ازدياد
يظل التدخين إحدى العادات الضارة والمميتة التي ألحقت بالمجتمعات أضراراً صحية واقتصادية واجتماعية لا حصر لها.
وعندما كانت تحذر منظمة الصحة العالمية من تعاطيه وانتشاره كانت أكثر علماً ودراية بأضراره وكوارثه العظيمة، وقد أكدت إحصائياتها الدورية التي تصدرها عن التبغ وفاة (5) ملايين شخص سنوياً بالعالم بسبب أمراض التدخين كما أنها تصنف منطقة الخليج بأنها أحد الأقاليم الموبوءة بانتشار هذه الآفة.
وهي أيضاً أحد أبرز الجهات المستهدفة من قِبل شركات التبغ لتكون أسواقها الأكثر رواجاً لمنتجاتها (الفاسدة) التي وصفها أحد الفلاسفة بأنها أسوأ منتج عرفه التاريخ بعد المخدرات.
السعودية هي أحد الأسواق التي كانت ترصدها شركات التبغ خلال العقود الماضية على الرغم من علمها بأن المجتمع السعودي مجتمع محافظ وينأى بنفسه كثيراً عن التعاطي مع مثل هذه المنتجات التي رفض الشرع تعاطيها، وعلى الرغم من الأوامر السامية التي صدرت بخصوص تفعيل برامج مكافحة التبغ إلا أن شركات التبغ لم يصبها الملل وظلت تقدم المزيد من التنازلات سواء في السعر أو النوعية لتضمن بضائعها وووجودها في السوق وحتى لا تفرط في حصتها منه.
الأرقام والإحصائيات التي تعدها وزارة الصحة والجمارك والجهات العاملة في مجال مكافحة التدخين تحكي عن أرقام مفزعة للخسائر التي تحدثها ممارسة تعاطي التبغ بمختلف مشتقاته.
(الجزيرة) تلقي الضوء على هذه القضية عبر طرحها للعديد من الآراء المختصة.
(2570) حادث حريق
مدير عام الدفاع المدني الفريق سعد التويجري يقول: شملت الإحصائيات التي تعدها منظمة الصحة العالمية عن أضرار جمة يحدثها التدخين من ضمنها ما يرتبط بالحرائق وما لا شك فيه أن التدخين يمثل واحداً من أسباب الحرائق وبالذات حرائق المنازل والمستودعات من أجل ذلك فقد ضمنا برامجنا الإعلامية والتوعوية رسائل تشير إلى خطورة رمي بقايا السجائر في غير المواقع المخصصة لها وكذلك الامتناع عن التدخين في محطات الوقود والمواقع التي توجد بها مواد سريعة الاشتعال، ويشير التويجري إلى أن إحصائيات الحرائق التي كان التدخين سبباً رئيساً فيها خلال عام 1426هـ بلغت (2570) ألفين وخمسمائة وسبعين حادث حريق، وما لا شك فيه أننا حريصون جداً ومن خلال إيماننا وقناعتنا بالأضرار الصحية التي يتعرض لها المدخنون والتي أثبتتها كافة البحوث والدراسات العلمية من هذا المنطلق فنحن ملتزمون بمنع التدخين في المكاتب تنفيذاً للأمر السامي الكريم وكذلك قمنا بإعداد فيلم وثائقي تم توزيعه على فروع المديرية عن أضرار التدخين وأقمنا العديد من المحاضرات واللقاءات ونساهم ونشارك في كافة المناسبات والحملات الوطنية لمكافحة التدخين، ويضيف التويجري أننا في حاجة إلى مزيدٍ من الجهود والبرامج التوعوية التي تظهر مضار التدخين وكذلك إلى القرارات التي تمنع التدخين في الأماكن العامة بكل حزمٍ كما هو الحال في الدول المتقدمة، وأتمنى أن أرى بلادي خالية من هذه الآفة المضرة قريباً بإذن الله، وآمل في تفاعل كافة مؤسسات المجتمع المدني لوضع إستراتيجية لمكافحة التدخين وفق إجراءات توعوية وقانونية كما آمل في أن يتفاعل فاعلو الخير في هذا البلد وهم كثيرون مع البرامج والجهود الموفقة التي تقوم بها الجهات المتخصصة ومنها الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين، ففي هذا بإذن الله أجر عظيم وأود أن أشيد هنا بالجهود المباركة والموفقة التي تقوم بها كل الجهات العاملة في مجال محاربة ومكافحة التبغ سائلاً الله لها التوفيق في تحقيق أهدافها النبيلة.
التدخين مدخل للمخدرات
مدير عام مكافحة المخدرات وأمين عام اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات اللواء محمد بن عبدالعزيز الفريح يقول:
في واقع الأمر أنه لا يختلف اثنان على مضار التدخين الصحية والاجتماعية والاقتصادية ويعتبر تعاطي التدخين البوابة الرئيسة للوقوع في شراك المخدرات، وهذا ما تؤيده العديد من الدراسات النفسية والاجتماعية التي تمت وفي العديد من دول العالم، إضافة إلى اعترافات مرضى الإدمان لدينا، حيث أشاروا جميعاً إلى أنهم كانوا يتعاطون التدخين قبل تعاطيهم المخدرات.
وهذا نابعٌ من عدم وعيهم بأخطار التدخين وما تؤول إليه من الوقوع في تعاطي المخدرات والانحرافات السلوكية والأخرى ولذلك فإن التوعية بأضرار التدخين ومخاطره مهمة لتحصين الأطفال والمراهقين والشباب من تعاطي تلك الآفة، كما أن عقد الندوات العلمية وإلقاء المحاضرات وإقامة المعارض التوعوية واستضافة المختصين عبر الوسائل الإعلامية، ودعم ذلك كله بأرقام عالمية ومحلية للتدخين إضافة إلى نشر صور واقعية لأشخاص أدى بهم التدخين للإصابة بأمراض خطيرة بطريقة ما يسمى (الصدمة) يكون له التأثير الإيجابي المباشر في توعية الأطفال والشباب وإبعادهم عن تعاطي التدخين كما سيكون له دور في مساعدة خفض نسبة انتشار التدخين ورفع نسبة الوعي لدى أفراد المجتمع لتجنب عادة التدخين وما هو أعظم منه ألا وهو (تعاطي المخدرات).
ويؤكد اللواء الفريح أن أغلب متعاطي المخدرات غالباً ما يكونون مدخنين.
ويضيف أنا واثق أنه بتكاتف الجهود بين الجمعيات الأهلية الخيرية التوعوية عن أضرار المخدرات والجمعية الخيرية لمكافحة التدخين والإدارة العامة لمكافحة المخدرات وتفاعل الأجهزة الإعلامية بكافة فروعها المرئية والمسموعة والمقروءة، وتنفيذ برامج وقائية مشتركة بهدف التوعية بأخطار التدخين والمخدرات وإنشاء معارض توعوية في الأسواق التجارية والمدارس سيؤدي بإذن الله إلى نتائج طيبة والحد من نسبة التعاطي لهذه السموم.
جهود الجمعية
وعن الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين يقول الفريح لاشك أنها تعمل على تقديم ما بوسعها في سبيل التوعية بأضرار التدخين بين أوساط الشباب وتعمل بشكلٍ متواصل للإشراف على النواحي العلاجية، وهناك العديد من الآليات التي يمكن إيجادها لتوسيع دائرة الثقافة والتوعية.
ويشير إلى أن مسؤولية مكافحة ومحاربة التدخين والمخدرات على حد سواء بأنواعها مسؤولية مشتركة يقوم بها الجميع وهي أيضاً واجب ديني ووطني على كل مسلم، فلذلك يجب ألا نتخاذل عن تأدية هذا الواجب بل علينا أن نكون جميعاً عيوناً ساهرة لمحاربة هذا الداء الخطير ومكافحة انتشاره بين أهلينا وأبنائنا ومجتمعاتنا ومن هنا فإننا نناشد الجميع وبالذات الشباب بالحذر من تعاطي كل ما هو سلبي وضار ومن ذلك التدخين الذي قد يكون مدخلاً إلى ما هو أخطر (المخدرات) حيث أكدت العديد من الدراسات على أضراره ومخاطره المميتة، كما أن الإدارة العامة لمكافحة المخدرات وكافة فروعها وأقسامها على استعداد تام في التعاون مع جمعيات مكافحة التدخين في تنفيذ البرامج التوعوية المشتركة لكي تساعد على توعية أفراد المجتمع بأضرار التدخين وتعاطي المخدرات من النواحي الدينية والصحية والاجتماعية ونؤكد على أهمية الصحبة الطيبة فهي التي تساعد الشاب على تجنب الوقوع في هذه المشكلات وتجنب الصحبة السيئة التي تقود إلى التدخين والمخدرات وأغلب الجرائم التي غالباً ما تقود صاحبها إلى السجون.
الاكتشافات الطبية
الدكتور فهد الخضيري رئيس وحدة المسرطنات بالمستشفى التخصصي وأحد الذين وظفوا جهودهم لمكافحة هذه الآفة.
يقول هناك الكثير من الأضرار الصحية للتدخين التي تم اكتشافها وبعضها يمثل أمراضاً غامضة، فأعراض الأمراض عند المدخن أشد من تلك الأعراض عند الشخص غير المدخن، وقد يكون من الواجب التذكير ببعض هذه الأعراض المرضية التي منها:
- سلوك بعض أنواع السرطان فهو أشد استشراء وأسرع انتشاراً عند المدخنين.
- ضعف الاستجابة للعلاج عند المدخنين، نقص المناعة عند المدخنين لذا تجدهم أكثر الناس إصابةً بالأمراض العابرة كالإنفلونزا وأمراض البرد، وبعض الأمراض الأخرى بسبب نقص المناعة.
وأكدت بعض الدراسات الحديثة علاقة التدخين بضعف الحيوانات المنوية وبالتالي حصول عقم لدى بعض المدخنين، حيث أكدت دراسات موثوقة أن أحماض البروسيك وحمض الفحم في السجائر تعيق نشاط وحركة الحيوانات المنوية مما يجعلها لا تصل إلى مكان التخصيب وبالتالي يحدث العقم. ويضيف د. الخضيري أن الأطباء وبحكم طبيعة تعاملهم المباشر مع المرضى واطلاعهم بالأمراض التي يسببها التدخين فإن دورهم عظيم فيجب عليهم أداء الأمانة التي يحملونها وذلك بتوعية الناس وربط الحقائق العلمية بالمشاهدات التي يرونها لدى المرضى، فيؤكدون للمريض المدخن أن ما لديه من أعراض سببها التدخين، وعليه فإن تركه للتدخين سيجعله أكثر استجابةً للعلاج كما يجب على الأطباء استغلال الدراسات الطبية التي ربطت بين التدخين والسرطان والأمراض الأخرى من باب التأكيد على أضرار التدخين والحالات التي يرونها كل يوم، ويجب أن يكون الدور التوعوي للطبيب أكثر من غيره لأن ملامسته للواقع تعطيه القوة العلمية للحديث عن أضرار التدخين. وأكد الخضيري أنه وللأسف الشديد فإن العاملين بالقطاع الصحي يجهلون أنهم قدوة للناس في مجال الصحة والسلوك الغذائي، لذا فإن تدخين بعض العاملين بهذا القطاع له آثار سلبية خطيرة، فهم ينشرون التدخين بصورة مباشرة عبر تدخينهم أمام الناس، وأعتقد أن ثقافة الإنسان وقوة الإرادة لديه هي من العوامل المؤثرة في هذه السلوكيات، فثقافة معظم هؤلاء المدخنين في القطاعات الصحية لا تؤهلهم ليكونوا قدوة، بل وللأسف الشديد بعضهم يحاول تبرير سلوكه الخاطئ، وتدخينه وتقصيره في هذا المجال بارتكاب خطأ أكبر وهو خيانة الأمانة والسكوت عن الأخطار التي تسببها السيجارة، بعضهم يتجرأ أكثر ويهون من أضرار التدخين وهذا جرم عظيم وخطأ جسيم يخالف العهد والقسم الذي عاهد الطبيب الله عليه إبان تخرجه، ومخالف للأخلاقيات المهنية التي درسها ويجب عليه تطبيقها، وفي دراسة لمثل هذه السلوكيات أكد أحد الباحثين أن الجهل والسطحية الثقافية وعدم وجود ضمير حي هي أكبر أسباب تدخين مثل هؤلاء العاملين بالقطاع الصحي، فالطبيب يعد عالماً في مجاله وتخصصه فقط ويجب أن يكون كذلك في ثقافة السلوك والممارسات الأخلاقية.
آثار صحية
المثقفة الصحية بمستشفى الملك سعود للأمراض الصدرية عيدة بنت حمد الركراك تقول إن هناك عدداً هائلاً من الأمراض مرتبطة بممارسة تعاطي الدخان على مستوى أجهزة الجسم المختلفة، فعلى سبيل المثال فإن التدخين يؤثر بقوة في الجهاز الدوري للإنسان، ويؤدي إلى تقلص الشرايين مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم ويساعد على إصابة المدخن بمرض تصلب الشرايين، ويلعب التدخين دوراً في إحداث الذبحة الصدرية واحتشاء عضلة القلب والتدخين أحد الأسباب المؤدية إلى الموت المفاجئ، وأظهرت الأبحاث الطبية بشكلٍ غير قابل للجدل التأثير السيئ للتدخين على القلب وشرايينه، وإن هذا الضرر يبدأ من تدخين السيجارة الأولى حتى ولو لم (يبتلع) المدخن الدخان إذ إن مادة النيكوتين تذوب في اللعاب وتمتص بواسطة الدم وتسبب تقلصاً واضحاً في شرايين القلب وباقي شرايين الجسم، كما أن المراهقين والشباب هم أكثر تأثراً بالتدخين من الكبار إذ إن شرايين قلوبهم تكون (أطرى)، وبالتالي تتقلص بقوة أكثر أما تأثيرات التدخين على الجهاز التنفسي فهي تتمثل في جوانب عديدة منها:
- التهاب الأغشية المخاطية في الأنف والفم والقصبات الهوائية في الرئتين مما يسبب السعال الدائم - ضيق النفس - انتفاخ الرئة - سرطان الرئة والحنجرة والبلعوم والقصبات الهوائية - التهاب الجيوب الهوائية الموجودة بالرأس والمتصلة بالأنف - تضخم الغدد الليمفاوية بالصدر والالتهابات الفيروسية المتكررة.
وتضيف الركراك أن التدخين هو أحد أهم الأسباب التي تؤدي إلى أمراض الرئة المزمنة وغير السرطانية فقد أثبتت الدراسات أن أمراض الرئة المزمنة قد تنشأ بعد تدخين 5 - 10 سجائر في اليوم لمدة عام أو عامين، كما أنه ومن الواضح علمياً أن التدخين يسبب تغييرات في القصبات الهوائية والرئة تتطور تدريجياً حتى تسبب التهاب القصبات المزمن، يبدأ هذا المرض كسعال بسيط في الصباح لا يعيره المدخن اهتماماً ثم تتطور هذه السعلة إلى ضيق النفس والنزلات الصدرية المتكررة والصفير عند التنفس، وفي الحالات المتقدمة يصعب على المريض القيام بأي جهد جسدي، بالإضافة إلى الأمراض الرئوية المزمنة التي يسببها التدخين فهو يزيد بعض الأمراض الرئوية كالربو مثلاً ويجعل إصابة الرشح والتهاب القصبات الحاد أكثر حدة ويسبب التدخين الشعور بالصداع والدوار وعدم القدرة على التوازن ويؤثر في الغدة الكظرية فيزيد من إفراز هرمون الأدرينالين مما يؤدي إلى ارتفاع في ضغط الدم وتسارع دقات القلب وتقلص الأوعية الدموية كما يؤثر التدخين في الغدة الدرقية فيزيد من إفراز هرموناتها التي تعمل على تسارع النبض وارتفاع ضغط الدم والارتعاش والإسهال وغيرها ويحث أيضاً على إفراز هرمون معين من الغدة النخامية يعمل على تثبيط إدرار البول.
أمراض فتاكة
الدكتور عدنان حبشي استشاري العلاج الإشعاعي بالتخصصي يضيف قائلاً: لقد أثبتت العديد من الدراسات العلمية أن التدخين أحد الأسباب المصاحبة الرئيسة في حدوث السرطان، منها ما يحدث في الأماكن التي يمر بها الدخان ومنها ما هو بعيد عن مجرى الدخان، فمن المعلوم عند كثيرٍ من الناس أن التدخين سبب لحدوث سرطان الفم والبلعوم والحنجرة والقصبة الهوائية والرئتين التي تعتبر مجرى للدخان، ولكنّ هناك أنواعاً من السرطان لا علاقة لها بمرور الدخان إليها مثل المثانة وعنق الرحم والمريء حيث إن النيكوتين وجد بتركيز معين في هذه الاماكن نظراً لامتصاصه من الرئتين وذهابه إلى تلك الأماكن لإحداث طفرة جينية في الخلايا الطبيعية مع بعض المؤثرات الأخرى مثل الفيروسات ومن ثم حدوث السرطان.
كما أثبت بعض الدراسات أن التقليل من التدخين لا يمنع حدوث السرطان للمدخن ولا يقلل من ذلك فما عليه إلا التوقف نهائياً ولن يتوقف خطر حدوث السرطان من المدخن إلا بعد مدة طويلة من الاقتناع التام ولمدة لا تقل عن عشر سنوات.
مخاطر بلا حدود
من جانب آخر يقول الدكتور ظافر بن محمد الشهري استشاري طب الرعاية التلطيفية بالتخصصي يتوفر الآن أعداد ضخمة من التقارير المبنية على الأبحاث العلمية التي تؤكد أن التدخين هو أحد أهم أسباب انتشار الأمراض الخطيرة والوفيات، ولا يكاد يوجد جانب من الجوانب المتعلقة بصحة الإنسان إلا وللتدخين آثار سلبية عليه، وقد تكون مدمرة في كثيرٍ من الأحيان. ولو أردنا أن نتناول بالتفصيل كل ما توصل إليه العلم عن أضرار التدخين لاحتجنا بدون مبالغة إلى آلاف الصفحات، ولكنني أوجز فأقول: لقد ثبت أن للتدخين علاقة وثيقة بأنواع عديدة من السرطانات من أهمها سرطان الرئة والمجاري التنفسية والفم والجهاز الهضمي والجهاز البولي كما تشير بعض الدراسات ومنها دراسة نشرت حديثاً في مجلة الوبائيات الأمريكية إلى أن التدخين يشكل عامل خطورة للإصابة بالنوع الأكثر شيوعاً من سرطان الدماغ في أمريكا. وكذلك فإن من المعروف أن التدخين يعد من أهم عوامل الإصابة بأمراض الشرايين التي تؤدي إلى الجلطات الدماغية والسكتات القلبية. كما أن التدخين سبب مباشر في عددٍ من الأمراض الرئوية الخطيرة التي قد تصل بالمدخن إلى أن يكون مقعداً ويحتاج بشكلٍ دائم للأوكسجين، وقد تصل بالمدخن إلى أن يكون مقعداً ويحتاج بشكل دائم للأوكسجين، وقد لا يستطيع المشي ولو لبضع خطوات كما يشير بحث منشور حديثاً في مجلة العلوم الجلدية إلى أضرار التدخين البالغة على نضارة الجلد مما يؤدي إلى ظهور علامات الشيخوخة المبكرة، وهذا أمر ينبغي تنبيه المدخنين ذكوراً وإناثاً إليه، كما تشير الأبحاث إلى اثار التدخين السلبية على الخصوبة لدى الرجال، كما أشارت إلى ذلك أيضاً دراسة حديثة نشرت في المجلة الدولية لأبحاث العنة في شهر أغسطس 2006م وخلاصة القول إن الحديث حول الأمراض الخطيرة والمتعددة التي يسببها التدخين يطول جداً، ولكن أود أن أنبه إلى أمرين قبل ان أختم الحديث حول هذه المسألة أولاً: أنبه إلى خطورة ما يسمى بالتدخين السلبي وهو الجلوس في مكان ينبعث فيه الدخان سواء كان ذلك في البيت أو العمل أو الأماكن العامة، فإن هذا الأمر يعرض الشخص لأضرار التدخين حتى ولو لم يدخن. والأمر الثاني: هو أن اعتقاد بعض الناس أن تدخين الشيشة يقلل من مضار التدخين مقارنة بالسجائر وهذا الاعتقاد خاطئ تماماً إذ إن تدخين الشيشة يحمل نفس الخطورة التي يحملها تدخين السجائر، وهناك عدد من الأبحاث العلمية التي تؤكد هذا الأمر ومنها بحث علمي نُشر هذا العام لمجموعة من الباحثين من جامعة الكويت.
أخطار كارثية
ويضيف د. الشهري مما لا شك فيه أن الطبيب أياً كان موقعه يتحمل مسؤولية كبرى تجاه المجتمع للتحذير من الأخطار الكارثية التي يسببها التدخين، ذلك أن الطبيب يطلع أكثر من غيره على مضار التدخين وخطورته على صحة الناس وحياتهم، كما أنه مؤتمن على حياة الناس، وأداء الأمانة يقتضي تحذير الناس مما يهدد صحتهم، ولقد قمت بإجراء دراسة ميدانية في مدينة الرياض منذ حوالي عشر سنوات فوجدت أن دور شريحة مهمة من الأطباء في تثقيف مرضاهم عن أخطار التدخين كان متواضعاً، مما يؤكد وجود حاجة ماسة لتفعيل هذا الدور، وأن ظاهرة تدخين العاملين الصحيين في محيط أماكن عملهم أو حتى أمام الآخرين في أي مكانٍ آخر يعد سلوكاً مشيناً، لأن هذه الفئة من الناس ينظر إليها على أنها تمثل القدوة في الجانب الصحي، ثم يفاجأ الناس بأن المدخن من هذه الفئة يدعو الآخرين باستهتاره إلى ممارسة هذه العادة القاتلة، ويستوي مع الموظفين الصحيين وربما يفوقهم خطورة سلوك بعض المدخنين من العاملين في مجال التعليم حيث يقوم بعضهم بحمل علبة السجائر في جيبه بشكل ظاهر يراه الطلاب الأطفال أو المراهقون، فيكون هذا المعلم قد جنى على أعداد كبيرة من الطلاب ظلماً وعدواناً وضياعاً للأمانة، إنني أتساءل كيف تسمح إدارة المؤسسات الصحية أو التعليمية للموظفين (والموظفات) بممارسة هذه العادة الخطيرة في أفنية تلك المؤسسات أو عند البوابات بحيث يستطيع عامة الناس مشاهدة هذا المنظر غير الحضاري وغير الصحي، وبذلك تصبح تلك المراكز الصحية أو التعليمية مراكز دعاية لهذه العادة المميتة بدلاً من كونها مراكز للتحذير منها، إنني هنا أناشد المسؤولين أن تكون هناك قوانين صارمة تجرم التدخين أو حمل علب السجائر داخل أي مؤسسة صحية أو تعليمية أو في محيطهما، كما أناشد الجميع التعاون لتفعيل القوانين الموجودة أصلاً بمنع وتجريم التدخين في أي مكان داخل مطارات المملكة، وأتطلع كما يتطلع الكثيرون ممن يدركون فداحة خطر التدخين إلى أن تكون بلادنا الحبيبة خالية من التدخين وما يجره من ويلات صحية واجتماعية واقتصادية.
ان هذا الاحتجاج موجود مع الأسف الشديد وهو مثال واضح على مدى الضرر الذي يلحقه الأطباء المدخنون بمجتمعاتهم عندما يمارسون هذه العادة المهلكة، ولكنني أحذر كل المدخنين من الانسياق وراء هذا التبرير الخادع، ويجب ألا يتصور أحدٌ أن جميع الاطباء مثاليون في جميع سلوكياتهم، فلا تخلو فئة الأطباء ممن يمارس سلوكيات يجمع العقلاء أنها خاطئة مثل التدخين أو القيادة المتهورة أو السلوكيات الغذائية غير الصحية التي تؤدي إلى السمنة المفرطة، فهل من المنطق أو الحكمة أن يقلد أحد الأطباء الذين يسلكون مثل هذا السلوك؟! لاشك أن الجواب سيكون بالنفي.
تحجيم انتشار التبغ
ولتسليط الضوء على إحدى الجهات العاملة في مكافحة التدخين نلتقي بأمين عام جمعية مكافحة التدخين سليمان الصبي الذي قال إن الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين عبارة عن مؤسسة خيرية تنضوي تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية وهدفها هو العمل على مكافحة التبغ وتحجيم انتشاره وفقاً لإمكاناتها المتاحة وباعتقادي أنه بحسب الإحصائيات التي تحققت في هذا الصدد فإنها قد لامست نجاحاً لا بأس به، أما أهدافها فكما أشرت سابقاً فهي تتمثل في التوعية بأضرار التدخين والعمل على مكافحته وتنبيه المجتمع بأضراره الجمة أما آلية العمل التي تتبعها الجمعية فتتمثل في البرامج التوعوية والبرامج العلاجية، فالأولى تتمثل في تنظيم الندوات والمحاضرات وإقامة المعارض التوعوية والثانية تتمثل في علاج المدخنين عبر العيادات التي انشأتها الجمعية بعددٍ من المناطق.
يضيف الصبي يجب أن يعلم الجميع أن الجمعية عبارة عن مؤسسة خيرية تمارس عملاً نبيلاً يخدم المجتمع في دينه ودنياه وهو مكافحة عادة ضارة صحياً ومحرم شرعاً لذلك تعتمد اعتماداً شبه كلي على دعم الخيرين من أبناء هذا الوطن كما أن هناك عائداً من دخل العيادات يساهم في دعم عجلتها بالإضافة إلى دعم سنوي محدود من وزارة الشؤون الاجتماعية، وبهذه المناسبة أهيب بجميع الخيرين بدعم هذه الجمعية لأنها تكافح آفة الحقت أضراراً كثيرة بمجتمعنا السعودي كما أود أن أشيد بمؤسسة الراجحي الخيرية التي تبنت دعم مشروع وحملة الرياض بلا تدخين.
أما بالنسبة للدور الحكومي في مكافحة التدخين فهناك جزئية مهمة وهي أن القيادة -حفظها الله- قد أصدرت العديد من الأوامر السامية بهذا الصدد، ويكفي أن التدخين في الدوائر الحكومية هو بالأصل ممنوع والآن يمارس عياناً بياناً حتى وللأسف فإنه يمارس داخل الدور الصحية بما فيها المستشفيات والتي من بين المنومين بها مرضى أُصيبوا بسبب التدخين.
ويواصل الصبي أعتقد أن دور الحكومة ليكتمل يحتاج إلى اقتطاع للجمعيات الخيرية مقدار معلوم من الضرائب التي تجب على استيراد السجائر ونحن نرى في البداية أن يخصص للجمعيات ولو 10% مما يفرض على الاستيراد من ضرائب كما أن برنامج مكافحة التدخين مطالب بدور ريادي يخدم ويساعد الجمعيات في تحقيق أهدافها، إضافة إلى صدور نظام يكافح هذا الآفة بشكل دقيق.
ويضيف الصبي: للأسف الشديد غالبية الناس لا يعرفون عقلية أصحاب شركات التبغ فهي تهدف إلى المقام الأول للانتشار وامتلاك غالبية الأسواق، ومقابل ذلك هي مستعدة لتقديم العديد من التنازلات حتى لو كان ذلك على حساب الأسعار وأقرب دليل على ذلك أنها تقوم بدفع جزءٍ من قيمة الضريبة الجمركية لواردات التبغ حتى لا تخسر سوقها في الجهة المعنية كما أنها دعائياً تستخدم أساليب مؤثرة وجذابة لإيقاع غير المدخن في براثن التدخين وخصوصاً الشباب والمراهقين فتوهموا بأن الدخان هو الشيء الوحيد الذي يسرقك من الملل والضجر ويعيد إليك الهدوء والارتياح النفسي، وهذه أكذوبة أثبتها علم النفس (السيكولوجي) لذلك تقوم الجمعية وعبر الإخصائيين النفسيين بفضح ممارسات شركات التبغ ومتاجرتها بالوهم، وذلك خلال الندوات والمحاضرات والدورات التي تنفذها الجمعية. وهنا أشيد بخطوة معالي وزير الصحة الذي أكد مؤخراً وخلال الندوة الخليجية الثانية عشرة لمكافحة التبغ أنهم ماضون في مقاضاة شركات التبغ وهي لعمري خطوة أكثر من إيجابية، وبالتأكيد ستجد كل الدعم من الجهات المعنية.
يقول الصبي: يجب أن يعلم الجميع بأن التدخين قضية اجتماعية يجب أن يتضامن الكل ويتضافر الجميع للتوعية بأضرارها لذلك أرى بأنه من الأهمية أن يكون مثلاً للطبيب دوره البارز في الحقل الطبي وأن يكون للصحفي دوره البارز في الحقل الإعلامي والمعلم والأكاديمي والتجار ومتخذو القرار في الجهات الحكومية.
وباعتقادي كما أشرت أنه بتضافر الجهود سنخرج بمجتمع متعافى من هذه الآفة.
عن جريدة الجزيرة
مليارات الريالات نخسرها سنوياً بسبب التدخين والضحايا في ازدياد
يظل التدخين إحدى العادات الضارة والمميتة التي ألحقت بالمجتمعات أضراراً صحية واقتصادية واجتماعية لا حصر لها.
وعندما كانت تحذر منظمة الصحة العالمية من تعاطيه وانتشاره كانت أكثر علماً ودراية بأضراره وكوارثه العظيمة، وقد أكدت إحصائياتها الدورية التي تصدرها عن التبغ وفاة (5) ملايين شخص سنوياً بالعالم بسبب أمراض التدخين كما أنها تصنف منطقة الخليج بأنها أحد الأقاليم الموبوءة بانتشار هذه الآفة.
وهي أيضاً أحد أبرز الجهات المستهدفة من قِبل شركات التبغ لتكون أسواقها الأكثر رواجاً لمنتجاتها (الفاسدة) التي وصفها أحد الفلاسفة بأنها أسوأ منتج عرفه التاريخ بعد المخدرات.
السعودية هي أحد الأسواق التي كانت ترصدها شركات التبغ خلال العقود الماضية على الرغم من علمها بأن المجتمع السعودي مجتمع محافظ وينأى بنفسه كثيراً عن التعاطي مع مثل هذه المنتجات التي رفض الشرع تعاطيها، وعلى الرغم من الأوامر السامية التي صدرت بخصوص تفعيل برامج مكافحة التبغ إلا أن شركات التبغ لم يصبها الملل وظلت تقدم المزيد من التنازلات سواء في السعر أو النوعية لتضمن بضائعها وووجودها في السوق وحتى لا تفرط في حصتها منه.
الأرقام والإحصائيات التي تعدها وزارة الصحة والجمارك والجهات العاملة في مجال مكافحة التدخين تحكي عن أرقام مفزعة للخسائر التي تحدثها ممارسة تعاطي التبغ بمختلف مشتقاته.
(الجزيرة) تلقي الضوء على هذه القضية عبر طرحها للعديد من الآراء المختصة.
(2570) حادث حريق
مدير عام الدفاع المدني الفريق سعد التويجري يقول: شملت الإحصائيات التي تعدها منظمة الصحة العالمية عن أضرار جمة يحدثها التدخين من ضمنها ما يرتبط بالحرائق وما لا شك فيه أن التدخين يمثل واحداً من أسباب الحرائق وبالذات حرائق المنازل والمستودعات من أجل ذلك فقد ضمنا برامجنا الإعلامية والتوعوية رسائل تشير إلى خطورة رمي بقايا السجائر في غير المواقع المخصصة لها وكذلك الامتناع عن التدخين في محطات الوقود والمواقع التي توجد بها مواد سريعة الاشتعال، ويشير التويجري إلى أن إحصائيات الحرائق التي كان التدخين سبباً رئيساً فيها خلال عام 1426هـ بلغت (2570) ألفين وخمسمائة وسبعين حادث حريق، وما لا شك فيه أننا حريصون جداً ومن خلال إيماننا وقناعتنا بالأضرار الصحية التي يتعرض لها المدخنون والتي أثبتتها كافة البحوث والدراسات العلمية من هذا المنطلق فنحن ملتزمون بمنع التدخين في المكاتب تنفيذاً للأمر السامي الكريم وكذلك قمنا بإعداد فيلم وثائقي تم توزيعه على فروع المديرية عن أضرار التدخين وأقمنا العديد من المحاضرات واللقاءات ونساهم ونشارك في كافة المناسبات والحملات الوطنية لمكافحة التدخين، ويضيف التويجري أننا في حاجة إلى مزيدٍ من الجهود والبرامج التوعوية التي تظهر مضار التدخين وكذلك إلى القرارات التي تمنع التدخين في الأماكن العامة بكل حزمٍ كما هو الحال في الدول المتقدمة، وأتمنى أن أرى بلادي خالية من هذه الآفة المضرة قريباً بإذن الله، وآمل في تفاعل كافة مؤسسات المجتمع المدني لوضع إستراتيجية لمكافحة التدخين وفق إجراءات توعوية وقانونية كما آمل في أن يتفاعل فاعلو الخير في هذا البلد وهم كثيرون مع البرامج والجهود الموفقة التي تقوم بها الجهات المتخصصة ومنها الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين، ففي هذا بإذن الله أجر عظيم وأود أن أشيد هنا بالجهود المباركة والموفقة التي تقوم بها كل الجهات العاملة في مجال محاربة ومكافحة التبغ سائلاً الله لها التوفيق في تحقيق أهدافها النبيلة.
التدخين مدخل للمخدرات
مدير عام مكافحة المخدرات وأمين عام اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات اللواء محمد بن عبدالعزيز الفريح يقول:
في واقع الأمر أنه لا يختلف اثنان على مضار التدخين الصحية والاجتماعية والاقتصادية ويعتبر تعاطي التدخين البوابة الرئيسة للوقوع في شراك المخدرات، وهذا ما تؤيده العديد من الدراسات النفسية والاجتماعية التي تمت وفي العديد من دول العالم، إضافة إلى اعترافات مرضى الإدمان لدينا، حيث أشاروا جميعاً إلى أنهم كانوا يتعاطون التدخين قبل تعاطيهم المخدرات.
وهذا نابعٌ من عدم وعيهم بأخطار التدخين وما تؤول إليه من الوقوع في تعاطي المخدرات والانحرافات السلوكية والأخرى ولذلك فإن التوعية بأضرار التدخين ومخاطره مهمة لتحصين الأطفال والمراهقين والشباب من تعاطي تلك الآفة، كما أن عقد الندوات العلمية وإلقاء المحاضرات وإقامة المعارض التوعوية واستضافة المختصين عبر الوسائل الإعلامية، ودعم ذلك كله بأرقام عالمية ومحلية للتدخين إضافة إلى نشر صور واقعية لأشخاص أدى بهم التدخين للإصابة بأمراض خطيرة بطريقة ما يسمى (الصدمة) يكون له التأثير الإيجابي المباشر في توعية الأطفال والشباب وإبعادهم عن تعاطي التدخين كما سيكون له دور في مساعدة خفض نسبة انتشار التدخين ورفع نسبة الوعي لدى أفراد المجتمع لتجنب عادة التدخين وما هو أعظم منه ألا وهو (تعاطي المخدرات).
ويؤكد اللواء الفريح أن أغلب متعاطي المخدرات غالباً ما يكونون مدخنين.
ويضيف أنا واثق أنه بتكاتف الجهود بين الجمعيات الأهلية الخيرية التوعوية عن أضرار المخدرات والجمعية الخيرية لمكافحة التدخين والإدارة العامة لمكافحة المخدرات وتفاعل الأجهزة الإعلامية بكافة فروعها المرئية والمسموعة والمقروءة، وتنفيذ برامج وقائية مشتركة بهدف التوعية بأخطار التدخين والمخدرات وإنشاء معارض توعوية في الأسواق التجارية والمدارس سيؤدي بإذن الله إلى نتائج طيبة والحد من نسبة التعاطي لهذه السموم.
جهود الجمعية
وعن الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين يقول الفريح لاشك أنها تعمل على تقديم ما بوسعها في سبيل التوعية بأضرار التدخين بين أوساط الشباب وتعمل بشكلٍ متواصل للإشراف على النواحي العلاجية، وهناك العديد من الآليات التي يمكن إيجادها لتوسيع دائرة الثقافة والتوعية.
ويشير إلى أن مسؤولية مكافحة ومحاربة التدخين والمخدرات على حد سواء بأنواعها مسؤولية مشتركة يقوم بها الجميع وهي أيضاً واجب ديني ووطني على كل مسلم، فلذلك يجب ألا نتخاذل عن تأدية هذا الواجب بل علينا أن نكون جميعاً عيوناً ساهرة لمحاربة هذا الداء الخطير ومكافحة انتشاره بين أهلينا وأبنائنا ومجتمعاتنا ومن هنا فإننا نناشد الجميع وبالذات الشباب بالحذر من تعاطي كل ما هو سلبي وضار ومن ذلك التدخين الذي قد يكون مدخلاً إلى ما هو أخطر (المخدرات) حيث أكدت العديد من الدراسات على أضراره ومخاطره المميتة، كما أن الإدارة العامة لمكافحة المخدرات وكافة فروعها وأقسامها على استعداد تام في التعاون مع جمعيات مكافحة التدخين في تنفيذ البرامج التوعوية المشتركة لكي تساعد على توعية أفراد المجتمع بأضرار التدخين وتعاطي المخدرات من النواحي الدينية والصحية والاجتماعية ونؤكد على أهمية الصحبة الطيبة فهي التي تساعد الشاب على تجنب الوقوع في هذه المشكلات وتجنب الصحبة السيئة التي تقود إلى التدخين والمخدرات وأغلب الجرائم التي غالباً ما تقود صاحبها إلى السجون.
الاكتشافات الطبية
الدكتور فهد الخضيري رئيس وحدة المسرطنات بالمستشفى التخصصي وأحد الذين وظفوا جهودهم لمكافحة هذه الآفة.
يقول هناك الكثير من الأضرار الصحية للتدخين التي تم اكتشافها وبعضها يمثل أمراضاً غامضة، فأعراض الأمراض عند المدخن أشد من تلك الأعراض عند الشخص غير المدخن، وقد يكون من الواجب التذكير ببعض هذه الأعراض المرضية التي منها:
- سلوك بعض أنواع السرطان فهو أشد استشراء وأسرع انتشاراً عند المدخنين.
- ضعف الاستجابة للعلاج عند المدخنين، نقص المناعة عند المدخنين لذا تجدهم أكثر الناس إصابةً بالأمراض العابرة كالإنفلونزا وأمراض البرد، وبعض الأمراض الأخرى بسبب نقص المناعة.
وأكدت بعض الدراسات الحديثة علاقة التدخين بضعف الحيوانات المنوية وبالتالي حصول عقم لدى بعض المدخنين، حيث أكدت دراسات موثوقة أن أحماض البروسيك وحمض الفحم في السجائر تعيق نشاط وحركة الحيوانات المنوية مما يجعلها لا تصل إلى مكان التخصيب وبالتالي يحدث العقم. ويضيف د. الخضيري أن الأطباء وبحكم طبيعة تعاملهم المباشر مع المرضى واطلاعهم بالأمراض التي يسببها التدخين فإن دورهم عظيم فيجب عليهم أداء الأمانة التي يحملونها وذلك بتوعية الناس وربط الحقائق العلمية بالمشاهدات التي يرونها لدى المرضى، فيؤكدون للمريض المدخن أن ما لديه من أعراض سببها التدخين، وعليه فإن تركه للتدخين سيجعله أكثر استجابةً للعلاج كما يجب على الأطباء استغلال الدراسات الطبية التي ربطت بين التدخين والسرطان والأمراض الأخرى من باب التأكيد على أضرار التدخين والحالات التي يرونها كل يوم، ويجب أن يكون الدور التوعوي للطبيب أكثر من غيره لأن ملامسته للواقع تعطيه القوة العلمية للحديث عن أضرار التدخين. وأكد الخضيري أنه وللأسف الشديد فإن العاملين بالقطاع الصحي يجهلون أنهم قدوة للناس في مجال الصحة والسلوك الغذائي، لذا فإن تدخين بعض العاملين بهذا القطاع له آثار سلبية خطيرة، فهم ينشرون التدخين بصورة مباشرة عبر تدخينهم أمام الناس، وأعتقد أن ثقافة الإنسان وقوة الإرادة لديه هي من العوامل المؤثرة في هذه السلوكيات، فثقافة معظم هؤلاء المدخنين في القطاعات الصحية لا تؤهلهم ليكونوا قدوة، بل وللأسف الشديد بعضهم يحاول تبرير سلوكه الخاطئ، وتدخينه وتقصيره في هذا المجال بارتكاب خطأ أكبر وهو خيانة الأمانة والسكوت عن الأخطار التي تسببها السيجارة، بعضهم يتجرأ أكثر ويهون من أضرار التدخين وهذا جرم عظيم وخطأ جسيم يخالف العهد والقسم الذي عاهد الطبيب الله عليه إبان تخرجه، ومخالف للأخلاقيات المهنية التي درسها ويجب عليه تطبيقها، وفي دراسة لمثل هذه السلوكيات أكد أحد الباحثين أن الجهل والسطحية الثقافية وعدم وجود ضمير حي هي أكبر أسباب تدخين مثل هؤلاء العاملين بالقطاع الصحي، فالطبيب يعد عالماً في مجاله وتخصصه فقط ويجب أن يكون كذلك في ثقافة السلوك والممارسات الأخلاقية.
آثار صحية
المثقفة الصحية بمستشفى الملك سعود للأمراض الصدرية عيدة بنت حمد الركراك تقول إن هناك عدداً هائلاً من الأمراض مرتبطة بممارسة تعاطي الدخان على مستوى أجهزة الجسم المختلفة، فعلى سبيل المثال فإن التدخين يؤثر بقوة في الجهاز الدوري للإنسان، ويؤدي إلى تقلص الشرايين مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم ويساعد على إصابة المدخن بمرض تصلب الشرايين، ويلعب التدخين دوراً في إحداث الذبحة الصدرية واحتشاء عضلة القلب والتدخين أحد الأسباب المؤدية إلى الموت المفاجئ، وأظهرت الأبحاث الطبية بشكلٍ غير قابل للجدل التأثير السيئ للتدخين على القلب وشرايينه، وإن هذا الضرر يبدأ من تدخين السيجارة الأولى حتى ولو لم (يبتلع) المدخن الدخان إذ إن مادة النيكوتين تذوب في اللعاب وتمتص بواسطة الدم وتسبب تقلصاً واضحاً في شرايين القلب وباقي شرايين الجسم، كما أن المراهقين والشباب هم أكثر تأثراً بالتدخين من الكبار إذ إن شرايين قلوبهم تكون (أطرى)، وبالتالي تتقلص بقوة أكثر أما تأثيرات التدخين على الجهاز التنفسي فهي تتمثل في جوانب عديدة منها:
- التهاب الأغشية المخاطية في الأنف والفم والقصبات الهوائية في الرئتين مما يسبب السعال الدائم - ضيق النفس - انتفاخ الرئة - سرطان الرئة والحنجرة والبلعوم والقصبات الهوائية - التهاب الجيوب الهوائية الموجودة بالرأس والمتصلة بالأنف - تضخم الغدد الليمفاوية بالصدر والالتهابات الفيروسية المتكررة.
وتضيف الركراك أن التدخين هو أحد أهم الأسباب التي تؤدي إلى أمراض الرئة المزمنة وغير السرطانية فقد أثبتت الدراسات أن أمراض الرئة المزمنة قد تنشأ بعد تدخين 5 - 10 سجائر في اليوم لمدة عام أو عامين، كما أنه ومن الواضح علمياً أن التدخين يسبب تغييرات في القصبات الهوائية والرئة تتطور تدريجياً حتى تسبب التهاب القصبات المزمن، يبدأ هذا المرض كسعال بسيط في الصباح لا يعيره المدخن اهتماماً ثم تتطور هذه السعلة إلى ضيق النفس والنزلات الصدرية المتكررة والصفير عند التنفس، وفي الحالات المتقدمة يصعب على المريض القيام بأي جهد جسدي، بالإضافة إلى الأمراض الرئوية المزمنة التي يسببها التدخين فهو يزيد بعض الأمراض الرئوية كالربو مثلاً ويجعل إصابة الرشح والتهاب القصبات الحاد أكثر حدة ويسبب التدخين الشعور بالصداع والدوار وعدم القدرة على التوازن ويؤثر في الغدة الكظرية فيزيد من إفراز هرمون الأدرينالين مما يؤدي إلى ارتفاع في ضغط الدم وتسارع دقات القلب وتقلص الأوعية الدموية كما يؤثر التدخين في الغدة الدرقية فيزيد من إفراز هرموناتها التي تعمل على تسارع النبض وارتفاع ضغط الدم والارتعاش والإسهال وغيرها ويحث أيضاً على إفراز هرمون معين من الغدة النخامية يعمل على تثبيط إدرار البول.
أمراض فتاكة
الدكتور عدنان حبشي استشاري العلاج الإشعاعي بالتخصصي يضيف قائلاً: لقد أثبتت العديد من الدراسات العلمية أن التدخين أحد الأسباب المصاحبة الرئيسة في حدوث السرطان، منها ما يحدث في الأماكن التي يمر بها الدخان ومنها ما هو بعيد عن مجرى الدخان، فمن المعلوم عند كثيرٍ من الناس أن التدخين سبب لحدوث سرطان الفم والبلعوم والحنجرة والقصبة الهوائية والرئتين التي تعتبر مجرى للدخان، ولكنّ هناك أنواعاً من السرطان لا علاقة لها بمرور الدخان إليها مثل المثانة وعنق الرحم والمريء حيث إن النيكوتين وجد بتركيز معين في هذه الاماكن نظراً لامتصاصه من الرئتين وذهابه إلى تلك الأماكن لإحداث طفرة جينية في الخلايا الطبيعية مع بعض المؤثرات الأخرى مثل الفيروسات ومن ثم حدوث السرطان.
كما أثبت بعض الدراسات أن التقليل من التدخين لا يمنع حدوث السرطان للمدخن ولا يقلل من ذلك فما عليه إلا التوقف نهائياً ولن يتوقف خطر حدوث السرطان من المدخن إلا بعد مدة طويلة من الاقتناع التام ولمدة لا تقل عن عشر سنوات.
مخاطر بلا حدود
من جانب آخر يقول الدكتور ظافر بن محمد الشهري استشاري طب الرعاية التلطيفية بالتخصصي يتوفر الآن أعداد ضخمة من التقارير المبنية على الأبحاث العلمية التي تؤكد أن التدخين هو أحد أهم أسباب انتشار الأمراض الخطيرة والوفيات، ولا يكاد يوجد جانب من الجوانب المتعلقة بصحة الإنسان إلا وللتدخين آثار سلبية عليه، وقد تكون مدمرة في كثيرٍ من الأحيان. ولو أردنا أن نتناول بالتفصيل كل ما توصل إليه العلم عن أضرار التدخين لاحتجنا بدون مبالغة إلى آلاف الصفحات، ولكنني أوجز فأقول: لقد ثبت أن للتدخين علاقة وثيقة بأنواع عديدة من السرطانات من أهمها سرطان الرئة والمجاري التنفسية والفم والجهاز الهضمي والجهاز البولي كما تشير بعض الدراسات ومنها دراسة نشرت حديثاً في مجلة الوبائيات الأمريكية إلى أن التدخين يشكل عامل خطورة للإصابة بالنوع الأكثر شيوعاً من سرطان الدماغ في أمريكا. وكذلك فإن من المعروف أن التدخين يعد من أهم عوامل الإصابة بأمراض الشرايين التي تؤدي إلى الجلطات الدماغية والسكتات القلبية. كما أن التدخين سبب مباشر في عددٍ من الأمراض الرئوية الخطيرة التي قد تصل بالمدخن إلى أن يكون مقعداً ويحتاج بشكلٍ دائم للأوكسجين، وقد تصل بالمدخن إلى أن يكون مقعداً ويحتاج بشكل دائم للأوكسجين، وقد لا يستطيع المشي ولو لبضع خطوات كما يشير بحث منشور حديثاً في مجلة العلوم الجلدية إلى أضرار التدخين البالغة على نضارة الجلد مما يؤدي إلى ظهور علامات الشيخوخة المبكرة، وهذا أمر ينبغي تنبيه المدخنين ذكوراً وإناثاً إليه، كما تشير الأبحاث إلى اثار التدخين السلبية على الخصوبة لدى الرجال، كما أشارت إلى ذلك أيضاً دراسة حديثة نشرت في المجلة الدولية لأبحاث العنة في شهر أغسطس 2006م وخلاصة القول إن الحديث حول الأمراض الخطيرة والمتعددة التي يسببها التدخين يطول جداً، ولكن أود أن أنبه إلى أمرين قبل ان أختم الحديث حول هذه المسألة أولاً: أنبه إلى خطورة ما يسمى بالتدخين السلبي وهو الجلوس في مكان ينبعث فيه الدخان سواء كان ذلك في البيت أو العمل أو الأماكن العامة، فإن هذا الأمر يعرض الشخص لأضرار التدخين حتى ولو لم يدخن. والأمر الثاني: هو أن اعتقاد بعض الناس أن تدخين الشيشة يقلل من مضار التدخين مقارنة بالسجائر وهذا الاعتقاد خاطئ تماماً إذ إن تدخين الشيشة يحمل نفس الخطورة التي يحملها تدخين السجائر، وهناك عدد من الأبحاث العلمية التي تؤكد هذا الأمر ومنها بحث علمي نُشر هذا العام لمجموعة من الباحثين من جامعة الكويت.
أخطار كارثية
ويضيف د. الشهري مما لا شك فيه أن الطبيب أياً كان موقعه يتحمل مسؤولية كبرى تجاه المجتمع للتحذير من الأخطار الكارثية التي يسببها التدخين، ذلك أن الطبيب يطلع أكثر من غيره على مضار التدخين وخطورته على صحة الناس وحياتهم، كما أنه مؤتمن على حياة الناس، وأداء الأمانة يقتضي تحذير الناس مما يهدد صحتهم، ولقد قمت بإجراء دراسة ميدانية في مدينة الرياض منذ حوالي عشر سنوات فوجدت أن دور شريحة مهمة من الأطباء في تثقيف مرضاهم عن أخطار التدخين كان متواضعاً، مما يؤكد وجود حاجة ماسة لتفعيل هذا الدور، وأن ظاهرة تدخين العاملين الصحيين في محيط أماكن عملهم أو حتى أمام الآخرين في أي مكانٍ آخر يعد سلوكاً مشيناً، لأن هذه الفئة من الناس ينظر إليها على أنها تمثل القدوة في الجانب الصحي، ثم يفاجأ الناس بأن المدخن من هذه الفئة يدعو الآخرين باستهتاره إلى ممارسة هذه العادة القاتلة، ويستوي مع الموظفين الصحيين وربما يفوقهم خطورة سلوك بعض المدخنين من العاملين في مجال التعليم حيث يقوم بعضهم بحمل علبة السجائر في جيبه بشكل ظاهر يراه الطلاب الأطفال أو المراهقون، فيكون هذا المعلم قد جنى على أعداد كبيرة من الطلاب ظلماً وعدواناً وضياعاً للأمانة، إنني أتساءل كيف تسمح إدارة المؤسسات الصحية أو التعليمية للموظفين (والموظفات) بممارسة هذه العادة الخطيرة في أفنية تلك المؤسسات أو عند البوابات بحيث يستطيع عامة الناس مشاهدة هذا المنظر غير الحضاري وغير الصحي، وبذلك تصبح تلك المراكز الصحية أو التعليمية مراكز دعاية لهذه العادة المميتة بدلاً من كونها مراكز للتحذير منها، إنني هنا أناشد المسؤولين أن تكون هناك قوانين صارمة تجرم التدخين أو حمل علب السجائر داخل أي مؤسسة صحية أو تعليمية أو في محيطهما، كما أناشد الجميع التعاون لتفعيل القوانين الموجودة أصلاً بمنع وتجريم التدخين في أي مكان داخل مطارات المملكة، وأتطلع كما يتطلع الكثيرون ممن يدركون فداحة خطر التدخين إلى أن تكون بلادنا الحبيبة خالية من التدخين وما يجره من ويلات صحية واجتماعية واقتصادية.
ان هذا الاحتجاج موجود مع الأسف الشديد وهو مثال واضح على مدى الضرر الذي يلحقه الأطباء المدخنون بمجتمعاتهم عندما يمارسون هذه العادة المهلكة، ولكنني أحذر كل المدخنين من الانسياق وراء هذا التبرير الخادع، ويجب ألا يتصور أحدٌ أن جميع الاطباء مثاليون في جميع سلوكياتهم، فلا تخلو فئة الأطباء ممن يمارس سلوكيات يجمع العقلاء أنها خاطئة مثل التدخين أو القيادة المتهورة أو السلوكيات الغذائية غير الصحية التي تؤدي إلى السمنة المفرطة، فهل من المنطق أو الحكمة أن يقلد أحد الأطباء الذين يسلكون مثل هذا السلوك؟! لاشك أن الجواب سيكون بالنفي.
تحجيم انتشار التبغ
ولتسليط الضوء على إحدى الجهات العاملة في مكافحة التدخين نلتقي بأمين عام جمعية مكافحة التدخين سليمان الصبي الذي قال إن الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين عبارة عن مؤسسة خيرية تنضوي تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية وهدفها هو العمل على مكافحة التبغ وتحجيم انتشاره وفقاً لإمكاناتها المتاحة وباعتقادي أنه بحسب الإحصائيات التي تحققت في هذا الصدد فإنها قد لامست نجاحاً لا بأس به، أما أهدافها فكما أشرت سابقاً فهي تتمثل في التوعية بأضرار التدخين والعمل على مكافحته وتنبيه المجتمع بأضراره الجمة أما آلية العمل التي تتبعها الجمعية فتتمثل في البرامج التوعوية والبرامج العلاجية، فالأولى تتمثل في تنظيم الندوات والمحاضرات وإقامة المعارض التوعوية والثانية تتمثل في علاج المدخنين عبر العيادات التي انشأتها الجمعية بعددٍ من المناطق.
يضيف الصبي يجب أن يعلم الجميع أن الجمعية عبارة عن مؤسسة خيرية تمارس عملاً نبيلاً يخدم المجتمع في دينه ودنياه وهو مكافحة عادة ضارة صحياً ومحرم شرعاً لذلك تعتمد اعتماداً شبه كلي على دعم الخيرين من أبناء هذا الوطن كما أن هناك عائداً من دخل العيادات يساهم في دعم عجلتها بالإضافة إلى دعم سنوي محدود من وزارة الشؤون الاجتماعية، وبهذه المناسبة أهيب بجميع الخيرين بدعم هذه الجمعية لأنها تكافح آفة الحقت أضراراً كثيرة بمجتمعنا السعودي كما أود أن أشيد بمؤسسة الراجحي الخيرية التي تبنت دعم مشروع وحملة الرياض بلا تدخين.
أما بالنسبة للدور الحكومي في مكافحة التدخين فهناك جزئية مهمة وهي أن القيادة -حفظها الله- قد أصدرت العديد من الأوامر السامية بهذا الصدد، ويكفي أن التدخين في الدوائر الحكومية هو بالأصل ممنوع والآن يمارس عياناً بياناً حتى وللأسف فإنه يمارس داخل الدور الصحية بما فيها المستشفيات والتي من بين المنومين بها مرضى أُصيبوا بسبب التدخين.
ويواصل الصبي أعتقد أن دور الحكومة ليكتمل يحتاج إلى اقتطاع للجمعيات الخيرية مقدار معلوم من الضرائب التي تجب على استيراد السجائر ونحن نرى في البداية أن يخصص للجمعيات ولو 10% مما يفرض على الاستيراد من ضرائب كما أن برنامج مكافحة التدخين مطالب بدور ريادي يخدم ويساعد الجمعيات في تحقيق أهدافها، إضافة إلى صدور نظام يكافح هذا الآفة بشكل دقيق.
ويضيف الصبي: للأسف الشديد غالبية الناس لا يعرفون عقلية أصحاب شركات التبغ فهي تهدف إلى المقام الأول للانتشار وامتلاك غالبية الأسواق، ومقابل ذلك هي مستعدة لتقديم العديد من التنازلات حتى لو كان ذلك على حساب الأسعار وأقرب دليل على ذلك أنها تقوم بدفع جزءٍ من قيمة الضريبة الجمركية لواردات التبغ حتى لا تخسر سوقها في الجهة المعنية كما أنها دعائياً تستخدم أساليب مؤثرة وجذابة لإيقاع غير المدخن في براثن التدخين وخصوصاً الشباب والمراهقين فتوهموا بأن الدخان هو الشيء الوحيد الذي يسرقك من الملل والضجر ويعيد إليك الهدوء والارتياح النفسي، وهذه أكذوبة أثبتها علم النفس (السيكولوجي) لذلك تقوم الجمعية وعبر الإخصائيين النفسيين بفضح ممارسات شركات التبغ ومتاجرتها بالوهم، وذلك خلال الندوات والمحاضرات والدورات التي تنفذها الجمعية. وهنا أشيد بخطوة معالي وزير الصحة الذي أكد مؤخراً وخلال الندوة الخليجية الثانية عشرة لمكافحة التبغ أنهم ماضون في مقاضاة شركات التبغ وهي لعمري خطوة أكثر من إيجابية، وبالتأكيد ستجد كل الدعم من الجهات المعنية.
يقول الصبي: يجب أن يعلم الجميع بأن التدخين قضية اجتماعية يجب أن يتضامن الكل ويتضافر الجميع للتوعية بأضرارها لذلك أرى بأنه من الأهمية أن يكون مثلاً للطبيب دوره البارز في الحقل الطبي وأن يكون للصحفي دوره البارز في الحقل الإعلامي والمعلم والأكاديمي والتجار ومتخذو القرار في الجهات الحكومية.
وباعتقادي كما أشرت أنه بتضافر الجهود سنخرج بمجتمع متعافى من هذه الآفة.
عن جريدة الجزيرة
تعليق