ليس كل ما يتمنى المرءُ يدركه
من أهم ما يجبُ أن يعرفَهُ الإنسانُ – سواء كان مسلما أو كافرا - من بديهيات الحياة , ومن باب أولى من أهم ما يجبُ أن يعلمَـهُ المسلمُ ( منذ بلغ سنَّ التكليف وحتى وفاته ) من بديهيات الدين والدنيا , أنه ليس كل ما يتمناهُ من مطالبِ الدنيا والآخرة سيدركهُ وسيحصلُ عليه . إذا علمَ المسلمُ ذلك وتيقَّـن منه خَفَّـت عليه الكثيرُ من الهموم . يجبُ أن نعلمَ جميعا بأنه حتى الأنبياءَ وهم أفضلُ الخلق إلى الله لا يُعطيهم الله ولا يُحقِّقُ لهم كلَّ ما يريدون . يجبُ أن نعلمَ جميعا بأنه حتى رسولُ الله محمد صلى الله عليه وسلم – وهو أحبُّ الخلقِ أجمعين إلى الله تعالى وهو صاحبُ الشفاعةِ العظمى- ماتَ ولم يستجب الله لكل ما طلَـبَه وأحبه وتمناه من أمور الدين والدنيا . إن يقينـنا بهذه الحقيقة يُـهوِّنُ علينا الكثيرَ من الهموم ويخفِّفها علينا ويُـيـسِّرها لنا .
لا بأسَ أن يسعى الواحدُ منا من أجل امتلاك دار واسعة , فإذا لم يتحقق له ذلك لا يجوز أن يتحسرَ لأنه "ليس كل ما يتمنى المرء يُدركُـهُ" , ولأنه "تجري الرياحُ في أحيان كثيرة بما لا تشتهي السفنُ ".
لا بأس أن يطمحَ الواحدُ منا لامتلاك سيارة فاخرة , ولكن إن لم يستطعْ ذلك فلا يليقُ به أن يجزعَ لأنه " ليس كل ما يتمنى المرءُ يُدركهُ ".
مطلوبٌ من كل منا أن يسعى من أجلِ إيجاد شُـغـل أو وظيفة أو حرفـة أو مهـنـة أو ... ولكن إن تأخرَ ذلك أو لم يتحقق لهُ ذلك كما أراد وتمنى , فلا يجوز أن يقنطَ بل عليه أن يرضى بقضاء الله تعالى ويتذكر بأنه " تجري الرياحُ في أحيان كثيرة بما لا تشتهي السفنُ ".
مطلوبٌ منا أن نسعى لنـتـزوج بمن نراه مناسـبـا لنا ( من زوج أو زوجة ) , فإذا لم يتحقق لنا ما تمنيناه كما تمنيناه فلا يليق بنا أن نجهلَ , وإنما علينا أن نتذكر بأنه " ليس كل ما يتمنى المرءُ يُدركهُ " وأنه " حتى رسول الله محمد لم يعطه اللهُ كلَّ ما تمنى ".
ندخلُ في اختبارات وامتحانات دنيوية معينة ونـتمنى على الله أن نكون من الناجحين والفائزين , ولكن إن لم يُحالـفـنا التوفيقُ فلا يجوز أن نسخط وأن نعترضَ على قضاء الله ونشتكي ونبكي و...لأننا على يقين من أن الرياحَ تجري أحيانا كثيرة بما لا تشتهي السفنُ .
والله وحده أعلم بالصواب.
يا رب إذا أنعمتَ علينا فاجعلنا من الشاكرين , وإذا ابتليتنا فاجعلنا من الصابرين آمين.
تعليق