إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كيف تصبح قائد 1 (أسس التقويم )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف تصبح قائد 1 (أسس التقويم )

    أسس التقويم



    أولاً : مقدمة

    ثانياً : تقويم البرامج ومراقبتها

    أ - عملية المراقبة

    ب - أنماط المراقبة

    ثالثاً : تقويم الافراد

    - مَن يُقوِّم مَن؟

    رابعاً : تقويم التدريب

    أ - الهدف

    ب - المعايير والادوات

    ج - طرق الاختبار

    د - أسئلة الاختبار

    هـ - طرق التقويم

    خامساً : تقويم الاداء

    كيفية ممارسة التقويم وتحسينه؟

    أهداف الفصل

    لدى إكمال هذا الفصل، ستكون قادراً على :

    l التعرف على دور التقويم في تسهيل تنفيذ الخطط.

    l اختيار الانماط المناسبة للتقويم في مختلف الحالات.

    l استخدام أساليب مختلفة للتقويم.

    l تجميع بيانات ومعلومات للمراقبة.

    أولاً : مقدمة

    كثيراً ما تتفاوت آراؤنا وتختلف وجهات نظرنا حول مستوى الاداء، مما لا يعني بالضرورة قلة الاحترام بيننا، أو مناورة بعضنا بعضاً، لكنه يشير الى اختلاف في التقويم، وهو نقص تجب معالجته بصورة آنية. فمن الواجب أن نقوّم أعمالنا بأساليب منظمة قبل ان نبدأ في إصلاحها أو تصحيحها. فقد لا تكون الاستزادة او مضاعفة الجهد الحلّ المطلوب في غياب تقويم حصيف، وذلك كصاحب المصنع الخاسر الذي يستمر في إنتاج معدات اكثر، املاً في تقليل خسائره، في الوقت الذي ترتفع فيه تلك الخسائر لارتفاع كلفة الانتاج بما يفوق الداخل. ولا مجال للتعرف على هذه الحقيقة إلا بالتوقف ومراجعة التكاليف. وهكذا فقد آن الاوان لان نشرع في تقويم موضوعي لجهدنا كي نعرف حقيقة موقفنا، وإلا فسنظلّ عرضة للاهواء والعواطف تحركنا كما تشاء.

    ويعرف التقويم بأنه آلية التغذية الاسترجاعية الاساسية التي تساعد على رفع مستوى الاداء، وسوف نتعرّض في هذا الفصل الى ثلاثة مجالات للتقويم تشمل برامج المنظمة، وتقويم العاملين بها، وتقويم النشاطات التدريبية فيها.

    ثانياً : تقويم البرامج ومراقبتها

    يعد التقويم، في إطار إدارة البرامج جزءاً أساسياً من عملية أكبر تعرف بالمراقبة التي تمثل توأم عملية التخطيط. ففي الوقت الذي يحدد فيه التخطيط التزامات العمل لخدمة الانجازات المستقبلية، تضمن الرقابة تحقيق التنفيذ الفعال للخطط. وسواء تعلق الامر بالنشاطات المحدودة أو البرامج العامة السنوية، فإن الخطة لا يمكنها أن تستمر إلا إذا حددت الاساليب اللازمة للرقابة على العمل وطريقة تنفيذها.

    بإمكاننا أيضاً أن ننظر الى الرقابة كآلية لكشف الانحرافات الهامة في نتائج العمل المنتظرة من برامج النشاط وتصحيحها. فالرقابة عمل إيجابي يهدف الى التقدم بالعمل وليست وسيلة سلبية لتوجيه اللوم او التهم ثم العقاب. كما أنها تهدف الى إنجاز العمل وإزالة أي عوائق في طريق الوصول الى الاهداف المتفق عليها، ومن شأنها أن تنظم الاداء الفعلي ليطابق الامكانات الكامنة المتوفرة للعمل.

    وتشمل الرقابة الخطوات التالية:

    1 - تحديد مراحل تقدم العمل وتقويم الاداء.

    2 - مقارنة النتائج بالتوقعات... والذي يؤدي الى

    3 - التصديق على النتائج... أو إلى

    4 - رفضها... ومن ثم

    5 - اتخاذ اجراءات تصحيح بما يضمن الرجوع إلى الاتجاه السليم المطلوب.

    لكن ما الدوافع التي تحتم تطبيق التقويم؟ هناك ثلاثة أسباب على الاقل نوردها فيما يلي:

    1 - الحفاظ على الصالح من العمل أو تحسينه او إلغاء ما سواه.

    2 - إشعار العاملين بصواب أو خطأ أدائهم وإبداء الاهتمام والحرص عليهم.

    3 - طمأنة الاطراف الخارجية المساهمة أو التي تدعم النشاط مادياً أو معنوياً على جدوى إسهامها ودعمها وذلك بالتأكيد على تحقيق العمل وخدمة أهدافه.

    أ - عملية المراقبة :

    من أهم عناصر الرقابة وضع المعايير والمقاييس التي تحدد العمل، وينبغي ما أمكن استخدام وسائل معينة للقياس والتقويم. فكلما اضطربت المعايير أو الموازين فقدت الرقابة فعاليها ودورها.

    وتنقسم عملية الرقابة - بما فيها التقويم - إلى ثلاث مراحل:

    1 - وضع المعايير ورصد الاداء الفعلي

    لا بد للرقابة من معايير ومقاييس مطابقة لما ورد في بيان أهداف العمل. فإذا كان الهدف مثلاً خدمة المجتمع فلا بد من توفر إمكانية قياس حجم أو نوعية تلك الخدمة المطلوبة. وقد يكون من ضمن المقاييس المطلوبة تبيان عدد الحضور في المؤتمرات أو عدد الطلبات الواردة لاقتناء المطبوعات أو عدد من اصبحوا اعضاءً أو عدد المشروعات الناجحة التي تم تنفيذها، ونحو ذلك.

    2 - بيانات الاداء «الحقيقية» مقابل مستويات الاداء «المتوقعة»

    مثلاً: هل تم تسجيل العدد المتوقع لحضور المؤتمر؟ وهل جرى استلام العدد المتوقع من الطلبات للكتب؟ وهل زادت العضوية بالمستوى المتوقع؟

    3 - تصحيح أي انحرافات عن الاهداف الاساسية واتخاذ ما يلزم من إجراءات لذلك

    إذا كانت إجابتنا عن أي سؤال في المرحلة الثانية أعلاه بالنفي فلا بد من رفع نتائج الوضع الى المسؤولين عن التخطيط كي يقوموا بتعديل الموارد البشرية والمادية المخصصة للعمل، أو تعديل الخطة نفسها. وعلينا بالتحديد أن نسأل أنفسنا عما إذا كنا قد قصرنا في تنفيذ جزء من الخطة أو إذا كانت اهدافنا الاصلية غير واقعية، وعما إذا كان الامر يستلزم تكرار النظر في الاهداف أو إعادة بينها؟

    هناك بالطبع من الفروقات ما هو مقبول إذا وقع ضمن حدود معينة داخل إطار الخطة ككل، وهناك انحرافات بسيطة قد لا تؤثر بشيء على نجاح العمل. ولذا ينبغي التركيز على الانحرافات المهمة والبارزة أكثر من غيرها.

    ب - أنماط الرقابة

    إن إعداد عمليات الرقابة ونشاطاتها جزء هام من أي منهج تخطيطي ناجح ويمكن مراقبة النشاط من خلال أحد العوامل التالية بمفرده أو من خلالها جميعاً:

    1 - الكمية.

    2 - النوعية.

    3 - استخدام الوقت.

    4 - التكاليف.

    يمكن إدراج مواطن الخطأ والحاجة للرقابة تحت أد العناوين التالية وهي من أكثر أسباب القصور في العمل:

    1 - الخطأ البشري ونقص الاعداد.

    2 - ظروف طارئة.

    3 - تعطّل الاجهزة او المعدات.

    4 - عدم الوضوح في القرارات أو التوقعات.

    عند الانتهاء من إعداد البرامج التخطيطية يمكن الاستعانة بجدول كالمبين أدناه لتحقيق مزيد من الفاعلية في الرقابة:

    عوامل الرقابة - ما الاخطاء المتوقعة؟ - متى وكيف تكتشف الاخطاء؟ ماذا ستفعل للتصحيح؟ ومن سيفعل؟

    الكمية

    النوعية

    التوقيت

    الكلفة

    كما يمكن تقسيم عملية الرقابة إلى مراحل ثلاث وهي: وقائية ومتزامنة وتقويمية.

    1 - الرقابة الوقائية

    يهدف هذا النوع من الرقابة إلى منع الانحراف قبل تسيير العمل، وتعرف أيضاً بالرقابة المبدئية أو التوقعية، لقيامها قبل الشروع في التنفيذ واشتمالها على النظر في تطوير السياسات والاجراءات والقواعد التي تضمن سلامة سير العمل. ولان العنصر البشري يعتبر أساسياً في العمل، فإن بالامكان رفع قدرات الافراد على العمل والعطاء، عبر التجنيد والتدريب والاعداد. ومن العوامل الهامة في ذلك ما يلي:

    أ - التجنيد والتدريب

    علينا أولاً أن نجند وندرب للعمل تلك العناصر التي يعكس مستوى تعليمها وخبرتها ملكاتها الشخصية والتزامها لبذل أقصى مجهود في العمل. بعد التجنيد، تبدأ برامج الاعداد آخذة بالاعتبار المستويت المتفاوتة من الاستعداد. ويمكن استخدام أساليب متنوعة للتعرف على الامكانات القيادية المتوافرة لدى كل عضو جديد قبل تكليفه بأي مهام أو مسؤوليات. وفي إطار الرقابة الوقائية يجب استخدام الاساليب التالية أثناء التجنيد والتدريب:

    1 - المقابلات غير الرسمية والمحادثات الهاتفية لمناقشة مواضيع مختلفة تتعلق بالنشاطات القائمة.

    2 - التدريب المنظم قبل التكليف أو أثناء ممارسة العمل في مجال قيادة بعض المتطوعين مما يهيىء للمتدربين فرصة اختبار فهمهم وقدراتهم، ويمكّن الاخرين من التعرف على مدى التزامهم بالعمل إدارياً وأخلاقياً.

    3 - مقابلات للمتابعة بعد المشاركة في عدد من البرامج التدريبية، للتعرف على مدى قوة الالتزام والاستعداد لتولي المسؤولية المقررة.

    4 - التأكيد على ضرورة التزام جميع المتطوعين بالسلوك الاسلامي، لان الذي لا يعيش الاسلام لا يمكنه أن ينجح في الدعوة إليه، ففاقد الشيء لا يعطيه.

    ب - تجديد الايمان بالله

    على جميع المتطوعين والعاملين في سبيل الله المشاركة في نشاطات جماعية تذكّرهم بالله وتتضمن أنشطة تربوية وروحية، وذلك بهدف تقوية شعورهم بالصفاء الروحي ومحاسبة أنفسهم وتقريبهم من الله سبحانه وتعالى وتذكر ثوابه وعقابه.

    2 - الرقابة المتزامنة

    تجري الرقابة المتزامنة أثناء تنفيذ الخطط، وتشمل توجيه الانشطة ورصدها وتصويب مساراتها كلما لزم ذلك.

    3 - الرقابة التقويمية

    يتم خلالها تحليل البيانات المعلومات الواردة عن سير العمل الفعلي وتقويمها وذلك بهدف دفع العمل الى الاحسن وتفادي أي انحرافات في النشاط المتوقع. ويعتمد هذا النوع من الرقابة على التجارب الماضية لتصحيح الانحرافات المتوقعة في المستقبل.

    كما يتم في هذه العملية توفير معلومات تالية للتشغيل واستخدامها لتحديد الحاجة الى الاجراءات التصحيحية. ولذا يجب مراجعة كل برنامج في إطار الاهداف التنظيمية وتقويم فعاليه في تحقيق تلك الاهداف. ولا بد في العمل العام من توافر إمكانية قياس الاهداف وتدقيقها سواء من ناحية الكم أو الكيف، كي يمكن الرجوع إليها كمقاييس ومعايير لتقويم العمل.

    ومن الامور الممكن استخدامها كمعايير لتقويم برامج العمل عدد المتطوعين المشاركين والفترة التي يقضونها في العمل وعدد الاشخاص الذين تصل اليهم خدماتهم. كما تساعد الدراسات والمقابلات والاتصالات غير الرسمية مع الافراد والهيئات في الميادين المختلفة على تحديد المجالات التي يحتاج الامر فيها الى اتخاذ إجراءات تصحيحية.

    ثالثاً : تقويم الافراد

    يجب ألا يقتصر الاهتمام في البرامج الخاصة بالمتطوعين على البرنامج نفسه فقط، بل يجب الاهتمام أيضاً بتقويم الافراد المعنيين به، بمن فيهم الاعضاء المتفرغون والمتطوعون والجمهور عموماً.

    وفي تقويم أداء الافراد، ينبغي استخدام الاعتبارات الخلقية الراسخة، كما ينبغي التكليف حسب الطاقة، كي لا تثبط الهمم، ولا بد من توافر الالتزام بالاداب السامية والقدرة على العطاء لتحقيق درجة أعلى من الفاعلية.

    لقد كان عمرو بن معدي يكرب وطليحة بن خالد من أبرز المقاتلين في المعارك، لكن لا حظّ لهما من صفات الادارة والحكم، وعندما أرسلهما عمر بن الخطاب رضي الله عنه لفتح العراق تحت إمرة النعمان ابن مقرن طلب منه ألا يوليهما أعمالاً إدارية لانهما لا يتقنان الا الحرب والمقارعة. وكان عمار بن ياسر من أكبر الصحابة مقاماً واحتراماً ووقاراً لتقواه لكنه لم يكن إدارياً أو ذا بصيرة في السياسة. وقد عيّنه عمر بن الخطاب والياً على الكوفة لمكانته الرفيعة الا أنه سرعان ما أعفاه من هذه المسؤولية لانه لم يكن بوسعه القيام بحقها.

    وها هي بعض الاسئلة العامة التي تساعد في تقويم الافراد:

    1 - هل المجموعات التي خصص لها البرنامج راضية عنه؟ وهل تجده مفيداً لها؟

    2 - هل يحظى البرنامج بدعم كاف من المسؤولين في القيادة ومن افراد المجتمع؟

    3 - هل للمتطوعين المشاركين القدرة على العمل معاً بشكل فعّال من أجل تنفيذ البرنامج المقرر؟ هل يدركون ماذا يتوقع منهم؟

    4 - هل يلقى البرنامج من الملتزمين به حقه من الوقت على المستويين الفردي والجمعي؟

    مَن يُقوِّمُ مَن ؟

    أنه من الافضل ان كل من يمسّه المشروع أن يشارك في التخطيط له، فمن الضروري أن يشارك أيضاً في تقويمه. ويشمل ذلك اعضاء اللجنة المكلفة بالبرنامج والعاملين بالمنظمة والمجتمع ككل.

    وعلى رئيس لجنة التخطيط أن يتولى عملية الرقابة والاشراف على عمليات التقويم، وقد يكون تكليف مراقب خارجي أحياناً أكثر فاعلية في تقويم عمل الافراد، ولا سيما عند بروز مشاكل تثير الخلاف بين العاملين في المنظمة، أو عندما يقابل البرنامج بعدم الرضى من قبل المجتمع. ان استخدام العناصر المستقلة للتقويم يساعد أحياناً في إثراء التقويم لتوافر خبرات محايدة وموضوعية.

    إن المدخل الاساسي لانجاح الرقابة - التي يعد التقويم اخطر مرحلة من مراحلها - هو تحقيق جو نفسي يسوده التفاهم الايجابي بين المنفذ ورئيسه. ويجب أن يكون ذلك قائماً على الالتزام بتحقيق التفوق والسموّ الاخلاقي وأن يكون حافزاً لمزيد من العمل والعطاء.

    من الامور الهامة أيضاً منح الشخص المكلف بالتقويم والرقابة الصلاحيات اللازمة والكافية لتأدية مهمته واتخاذ ما يلزم من الاجراءات التصحيحية المناسبة سواء فيما يتعلق بالافراد او بالبرامج.

    رابعاً : تقويم التدريب

    أ - الهدف

    هدف التدريب في المنظمات هو تقوية التزام الافراد بالرسالة، وتنمية شخصيتهم وتطويرها، وتزويدهم بالمهارات الضرورية لتحقيق أهداف المنظمة على أكمل وجه. إلا أنه ينبغي تقويم فاعلية التدريب نفسه للتأكد من تحقق الاهداف المقررة وتوظيف الموارد البشرية والمادية توظيفاً راشداً. ولتحقيق ذلك يجب استخدام التقويم للاغراض التالية:

    1 - الاطمئنان الى أن التدريب يحقق أهدافه والى أي مدى.

    2 - تحديد قيمة الدورات والندوات والورش الدراسية.

    3 - التعرف على المجالات التي تحتاج البرامج فيها إلى تطوير.

    4 - المساعدة في تقرير ما إذا كانت البرامج صالحة للاستمرار أم لا.

    5 - تحديد الفئات المناسبة لتلقّي البرامج وتحديد البرامج المناسبة لفئات اجتماعية معينة.

    6 - مراجعة النقاط الاساسية في البرنامج وتقويتها.

    7 - زيادة ثقة المشرفين والمشاركين في جدوى البرنامج.

    8 - المساعدة في إدارة برامج التدريب بشكل أفضل.

    ب - المعايير والادوات

    يمكن أن تقوم المعايير والادوات التى نستخدمها لتقويم برامج التدريب على أساس من المعايير الخاصة بطبيعة الافراد المعنيين بالتدريب. والهدف هنا هو تحديد بعض المقاييس التي تبيّن ما يحققه البرنامج من تقدم. وهذه المعايير هي:

    رد الفعل: ما ردّ فعل المشاركين تجاه البرنامج وهل أبدوا رضاهم عنه؟

    التحصيل: هل تعلّم المشتركون شيئاً جديداً من البرنامج؟ وما هي المعلومات أو المهارات الجديدة التي اكتسبوها؟

    المواقف: هل كان للبرنامج أثر على مواقف المشاركين واتجاهاتهم؟ وما هي مظاهر التغير في آرائهم أو قيمهم أو معتقداتهم؟

    السلوك: ما هي آثار التدريب على سلوك المتدربين؟ وهل ساهم في تحقيق الاهداف والاغراض المرجوة؟

    النتائج: ما هو تأثير التدريب على المنظمة؟ وكيف ساهم في تحقيق أهداف المنظمة؟

    ج - طرق الاختبار

    تعتبر مقارنة الدرجات التي يحصل عليها المتدربون قبل التدريب وبعده من الوسائل الفعالة في تقويم برامج التدريب. ويشير ازدياد الدرجات في الاختبار نفسه بعد التدريب الى ارتفاع في المهارة أو المعرفة أو تغيرات جيدة في السلوك لدى المتدرب. ويمكن تقسيم طرق الاختبار الي ثلاثة أنواع:

    1 - المقارنة بالمتوسط العام للمجموعة، وهي التي تقارن بين علامات المتدرب ومتوسط علامة المجموعة ككل. وللحصول على متوسط له قيمة علمية ينبغي أن تكون المجموعة المقارن بها كبيرة العدد، وتحدد نتائج الاختبار موقع المتدرب في المجموعة.

    2 - الاختبار بالمعايير، وفيها يقاس أداء المتدرب مقارنة بأهداف التدريب، وتركز هذه الطريقة على تحديد حصيلة المشاركين من خلال ميزان مستوى الاداء المتعلق بكل هدف من الاهداف. ويعدّ كل من حقق تلك المستويت متقناً للمهارات المحددة في برنامج التدريب. فقد يكون هدف التدريب مثلاً تنمية القدرة على الخطابة لمدة خمس دقائق مع السماح بخطئين نحويى فقط.. ويكون ذلك هو المعيار الذي يحدد اجتياز المتدرب أو عدم اجتيازه الاختبار.

    3 - اختبارات الاداء، وهي التي تتطلب إثباتاً عملياً للمهارات أو التحصيل العلمي في مجالات معينة كاستخدام الحاسوب الالي أو الابداع الفني أو اختبار مهارات وقدرات ومواهب فكرية أو علمية أو عملية.

    د - اسئلة الاختبار

    يمكن أن تحتوي اختبارات تقويم البرامج التدريبية على أحد أنماط الاسئلة التالية:

    اختبار متعدد الاجابات: حيث يطلب من المشاركين اختيار أقرب الاجابات الصحيحة من قائمة إجابات محتملة.

    اختبار الاجابات المفتوحة: حيث لا توجد إجابة محددة، ويسمح للمشاركين أن يعبّروا عن الاجابة بإسهاب.

    إجابات القوائم: حيث تعطى للمشتركين قائمة بنود قد تتطابق مع معطيات السؤال أو قد لا تتطابق وعليهم اختيار أقربها للحل.

    الخيارات المزدوجة: وتسمى أيضاً أسلوب تمييز الخطأ من الصواب، حيث تعطى الاجابات الصحيحة مع البديلة (غير الصحيحة).

    اسلوب الدرجات: حيث يطلب من المشاركين إعطاء درجات لعدد من الاجابات، وفقاً لشروط معينة وترتيبها.

    هـ - طرق التقويم

    تشمل طرق تقويم مستوى التدريب الذي حصله المتدربون ما يلي:

    l الاختبارات التحريرية: والتي تجري لقياس تقدم المشاركين في استيعاب برامج التدريب.

    l اختبارات التعرف على الميول والمواقف: وتستخدم لجمع معلومات عن مواقف المشاركين فيما يعلق بطرق العمل وقيمه وعلاقاته وغير ذلك، وتجري قبل التدريب وبعده لقياس ما أحرز من تقدم.

    l التتبع والمراقبة أثناء العمل: لتحديد مدى التحسن في مهارات المشاركين.

    l تقارير الانتاجية: وتقيس التحسن الفعلي في الاداء بناءً على معلومات حقيقية متعلقة بالعمل وتقارير إحصائية.

    l المسح بعد التدريب: ويُجرى دورياً، لقياس التقدم المستمر ودرجة التحسن في الاداء.

    l مقارنة الاحتياجات والاهداف والمضامين: ويقوم بها المدربون والمسؤولون والاعضاء المشاركون في التدريب لتحديد مدى تطابق اهداف البرنامج مع الاحتياجات التدريبية ومدى تناسب البرنامج مع استعدادت المشاركين.

    l استمارات التقويم: وتملا من قبل المشاركين للتعرف على آرائهم في برامج التدريب، وقد تكون توصيتهم ذات قيمة كبيرة.

    l رأي الخبراء: وهم المتخصصون في إعداد البرامج والمناهج التربوية الذين يطلب إليهم تقويم البرامج.

    l تقويم المدربين: على أيدي اختصاصيين محترفين لتحديد كفاءات المدربين وقدراتهم الفعلية.

    l تحليل التكاليف: ويتم بحساب كلفة المتدرب الواحد من التجهيزات والطعام والتسهيلات والمصاريف والسفر وغيرها، ومن ثم تحسب تكلفة التدريب الكلية للفرد الواحد.

    l تحليل فعالية الانفاق: وهو دراسة مقارنة لكل فعالية من برامج التدريب ووسائله.

    خامساً : تقويم الاداء

    يمكن الحصول على بينات عن الاداء بعدة وسائل، منها:

    l الملاحظات الشخصية: وتعني الحضور الى مناطق العمل وتدوين ملاحظات شخصية عما يجري من نشاط.

    l التقارير الشفوية: وتشترك في بعض عناصر الملاحظات الشخصية من حيث نقل المعلومات شفوياً بالاتصال الشخصي المباشر.

    l التقارير التحريرية: وتركز على البيانات الشاملة والقابلة للتكييف من اجل الحصول على إحصاءات دقيقة ومفصّلة ويمكن مراجعتها واستكمالها عن طريق التقارير الشفوية والملاحظات الشخصية. كما توفر التقارير المكتوبة تسجيلاً للبيانات بغرض المقارنة أو الدراسة مستقبلاً.

    l المسح العام: وهو مفيد في حالة جمع بيانات من اشخاص كثيرين، ومن الوسائل المستخدمة في ذلك ملء نماذج للتقويم تحوي أسئلة محددة عن أحد النشاطات.

    كيفية ممارسة التقويم وتحسينه

    يعتبر التقويم إهداراً للوقت والمال إذا لم تتم الاستفادة من نتائجه، وكثيراً ما رأينا تقويمات تُجرى ثم تهمل ولا تُتابع. ولتفادي ذلك ينبغي اتباع ما يلي:

    أ - نشر نتائج التقويم وتعميمها على المعنيين بالبرنامج.

    ب - مناقشة التقويم عبر ممارسة الشورى واستخدام أساليب المجموعات وحلقات التدفق الذهني، وما الى ذلك.

    ج - وضع خطة، لتعزيز الاداء الجيد وتصحيح مواقع التقصير، ثم تنفيذها.

    د - عدم تخزين تقارير التقويم على الرف ونسيانها.

    ولتحسين عملية التقويم ينبغي التأكد من الاستفادة من أساليب التقويم وأدواتها المختلفة. فهل كانت البينات الواردة صحيحة؟ وهل كانت أكثر من المطلوب أم أقلّ؟ وهل وصلت في الوقت المحدد لتسلمها؟ وهل كانت وسائلنا لجمع المعلومات متفقة مع أخلاقياتنا أم لا؟

    إن طرح مثل هذه الاسئلة يساعد على اختيار الشكل المناسب للتقويم وتحديد نقاط الضعف في الطرق المتبعة فيه.

    كما يستحسن أن يتم التقويم بصورة منتظمة بدلاً من الاكتفاء بتقويم روتيني واحد فقط في السنة، مما سيعين على الاستفادة من التقويم أثناء التنفيذ. ولا ينبغي تقويم البرامج المتعثرة أو المخفقة فقط، بل يجب تقويم البرامج الناجحة أيضاً، للتعرف على عوامل التوفيق وزيادة فعاليتها في العمل.

    وعلينا إجراء تقويمات للمتابعة لتحديد النتائج المستديمة للتدريب والمجالات التي أثبت المتدربّون فيها اكبر أو اقل قدر من النجاح والتقدم. إن مقارنة نتائج التقويم النهائي مع نتائج تقويم المتابعة عند نقاط معينة تعطينا مؤشرات قيّمة حول مستوى تحصيل المشاركين في التدريب.

    المصدر: دليل التدريب القيادي / هشام الطالب / المعهد العالمي للفكر الاسلامي

  • #2
    كيف تصبح قائد 2 (الاتصال)

    الاتصال

    أولاً : ما الاتصال؟

    أ - الحكم والتأويل

    ب - الهدي النبوي في الاتصال

    ج - الاشعار بالاهمية

    ثانياً : سبل الاتصال

    أ - أفكار حول الاتصال

    ب - هل تقول ما تعني وتعني ما تقول؟

    ثالثاً : التحقق من صحة المعلومات

    رابعاً : ضوابط صحة الاتصال

    أ - الاتصال الصامت: استخدام اللغة غير المنطوقة

    ب - افعل ولا تفعل في عملية الاتصال

    أهداف الفصل

    لدى إكمال هذا الفصل، ستكون قادراً على :

    l فهم الحاجة إلى الاتصال منع الاخرين.

    l التعرف على نواحي القصور في الاتصال.

    l ن تفهم وتُفهم بشكل أفضل.

    يقول الله سبحانه وتعالى :

    الرحمنَ (1) علمَ القرءانَ (2) خلقَ الانسنَ (3) علمهُ البينَ (4) (الرحمن)

    علَّمنا الله سبحانه وتعالى البين والاتصال. ودورنا ببساطه هو إيصال الرسالة بوضوح وأمانة. بيد أن هناك العديد من المعوقات التي تقف في سبيل الاتصال الفعّال، وتعزى أسباب كثير من مشكلات اليوم الى سوء الاتصال، مثل مشاكل الطلاق والبطالة وعدم إكمال التعليم. إن الاتصال يؤثر في الناس. وقد آن الاآوان لندرك أن الاطفال يديرون آباءهم، والطلاب يديرون مدرّرسيهم، والكتبة يديرون مدراءهم.

    ولسوء الخظ، فإننا نُربَّي منذ الطفولة على قلع الامانة، لذلك فإننا في اتصالنا بالاخرين نختفي وراء ألف قناع وقناع. فالناس يحيون حية مصطنعة، ويخشون أن يطلع عليهم الاخرون، فيسخرون منهم، أو يرفضونهم. وعليا ألا ننخدع بما يقوله الاخرون، فلننصت بعناية إلى ما لا يقولون. إنه من الافضل أن يرفضنا الاخرون لما فينا من صفات بدلاً من أن يتقبلونا لما ليس فينا من صفات.

    لقد وجهت دراسة استطلاعية في إحدى الجامعات هذا السؤال إلى مجموعة من الطلبة: « ما الشيء الذيى يأسفون له أكثر من غيره؟ »، وكانت إجابة الاغلبية الساحقة «أنّي لا أعرف والدىّ جيّدا »، فعلى الرغم من أنهم يعيشون تحت سقف واحد، فإنهم لم يعرفوا بعضهم بعضاً، أو يتفهم أحدهم الاخر كما يجب.

    أولاً : ما الاتصال؟

    الاتصال هو أن تمكّن الناس من التعرف عليك، وأن تسمح لهم بأن يتوصلوا الى فهم متبادل معك. وإذا هم فعلوا ذلك فإنهم سوف يحترمونك ويقدرونك على حقيقتك. هذه العملية تتضمن مشاركة أفكارك ومشاعرك مع الناس بأمانة.

    أ - الحكم والتأويل

    إن هناك عائقاً رئيساً في التعامل مع الناس وهو الحكم المسبق والتأويل. وإذا كان لله سبحانه وتعالى لا يحاسب أى شخص حتى تنتهي حياته وعمله، فلماذا نتسرّع نحن في الحكم على الاخرين . لقد علّمنا الرسول عليه السلام أن الاعمال بخواتيمها. عليا إذاً أن نعوّد أنفسنا بأن نجعل الوصف الحقيقى للسلوك بديلاً عن تقويم الناس والحكم عليهم. فعلى سبيل المثال، لا تقل إن شخصاً ما « قذر » لكن قل إنه تصدر عنه رائحة غير طيبة أو أنه يبصق على الارض أو يلقي بالفضلات في الشارع، باعتبار أن هذه حقائق لا خلاف عليها إن وُجدت. إن من المعايير الجيدة التقيد بوصف البيانات السلوكية بدقة وأمانة كما لو كنا ماثلين أمام محكمة. إن مواقف الناس لا تبنى على ما يحدث فعلاً بل على تفسيرهم لما يحدث. وعلى سبيل المثال، إذا حدث أن شخصاً لم يُحبِّك في حفل ما فسينتابك شعور سيىء اط ذا اعتقدت أنه قد تجاهلك عمداً. لكن إذا اعتقدت أنه لم يرَك أصلاً، فلن يقع في نفسك منه شيء. وهكذا، فإن الحدث نفسه له تفسيران ويبنى عليه حكمان مختلفان تماماً.

    ب - الهدي النبوي في الاتصال

    يضع الكثير من الناس أقنعة على وجوههم لانهم يخشون أن يكتشفهم الاخرون ويرفضونهم. ولمواجهة ذلك، عليا أن نلقاهم بمحبة ونقلبهم على ما هم عليه. وعليا أن نكون أمناء وصادقين وتلقائيين، فنعامل الناس بعناية ولطف وتشجيع، ونكون متفهمين حساسين لاحتياجاتهم، ونشعرهم بالحرض والتعاطف والرحمة. وصف الله سبحانه وتعالى الرسول عليه السلام فقال:

    لقَد جاة كُم رسولُ مِن أنفسكُم عزيزٌ عليهِ ما عنتُم حريصٌ عليكُم بالمؤمنينَ رؤوفُ رررحيمُ (128) (التوبة)

    فبمَا رحمة منَ الله لنتَ لهُم ولو كنتَ فظاً غليظَ القلبِ لانفضُوا من حولِك... (159) (آل عمران)

    ذلك يفسر ر.فة الرسول عليه السلام ورحمته التي جذبت إليه الناس، كما يؤكد أنطه لو كان قاسياً متعنتاً لما تحلقت حوله القلوب.

    ج - الاشعار الاهمية

    يقال إن كل شخص يولد وعلى جبهته علامة تقول: « اناشدك أن تُشعرني بأهميتي ». كانت تلك هي سنة النبي عليه السلام فقد اعتاد وهو يخاطب شخصاً ما أن يلتفت بجسمه كلّه تجاهه، وكان يُشعر الاطقال بأهميهم، وبمسؤوليتهم، مثلهم في ذلك مثل البالغين.

    يكره الناس أن يهملهم أحد أو أن يتجاهلهم. وكلما حدث اتصال بى الناس فإنهم يتناقلون رسالة صامتة تقول: « فضلاً، لا تلغني »، ( فضلاً أشعر وجودي »، « لا تمرّ بي غير آبة »، «أرجوك الاعتراف بكياني ». وفي كل مرة، لا ترد فيها على خطاباتهم أو رسائلهم الهاتفية، فإنك في الحقيقة تسقطهم من الاعتبار وتقول لهم « لا وجود لكم ».

    هل يجب عليا دائماً أن نتفق مع الناس أو نوافقهم؟

    بالطبع لا. إذ يجب عليا فقط أن نكون أمناء ومستقيمين معهم. إن التماثل يؤدي الى الالفة، لكن الاختلاف هو الذي يحقق النمو والتطور. وفي كلتا الحالتين عليا أن نصدق ونقول الحق.

    نثق أو لا نثق؟

    هل نثق بكل شخص؟ بالتأكيد لا! يتعيّن علينا أن نكون حذرين ويقظين حيث إن الناس يمثلون ويتظاهرون. يقول عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: «لست بالخبِّ ولا الخبُّ يخدعني».

    علينا أن ننصت للاخرين، لكن يجب أن نمحّص ما نسمع ونتأكد من صحته. وفي أوقات اتخاذ القرارات والاجراءات خاصة، علينا أن نتحقق بشكل كامل من صحة المعلومات.

    ثانياً: سُبل الاتصال

    هناك طرق عدة للاتصال، كما أن هناك أسباباً لذلك تماثلها في العدد. إلا أن ضرورة التوصل الى اتخاذ القرارات المناسبة أدت الى ظهور بعض الكلمات والعبارات التي أصبحت شائعة ومألوفة. وسوف نناقش هذه الكلمات والعبارات بعد عرض بعض الافكار المفيدة عن الاتصال الفعال المؤثر.

    أ - أفكار حول الاتصال

    1 - الاتصال القوي المؤثر يأتي من القوة الداخلية للمرء. لا تستجد هذه القوة من الناس.

    2 - تفاعل مع كل شخص في عملك أو مؤتمرك أو محيطك، وقلة الوقت المتاح ليست عذراً.

    3 - اقض كل فترة راحة بالالتقاء بشخص مختلف. شارك غيرك في تناول الوجبات والمرطبات، فإن ذلك يؤدي الى إقامة علاقات مفيدة مع كل شخص خلال فترة قصيرة.

    4 - لا تنتظر الذين يأتون متأخرين الى الاجتماع. لانك بذلك تعلمهم أن التأخير أمر لا غبار عليه، وفي الوقت نفسه تكون قد عاقبت المنضبطين.

    5 - بسِّط صياغة الرسالة التي تسمعها كي تضمن صحة البث والاستقبال.

    6 - تذكَّر أننا كلما حققنا مقداراً أكبر من التفهم زاد نجاحنا في إدارة عملنا، وكلما قلّ فهمنا واستيعابنا كثرت مناوراتنا وأخطاؤنا.

    7 - حينما نلجأ الى التفسير والتأويل فإن النبي عليه السلام يعلمنا أن نجد أكثر من سبعين عذراً للسلوك الذي يبدو شيئاً من جانب الاخرين، وإذا لم يكن أيّ منها صحيحاً، فإنه يعلمنا أن نقول إن هناك أسلوباً آخر للتفسير قد لا ندركه.

    ب - هل تقول ما تعني، وتعني ما تقول؟

    إن الـ 500 كلمة الاكثر شيوعاً في اللغة الانجليزية لها (14000) تعريف بالمعجم. ويعني ذلك أن متوسط معاني كل كلمة يساوي 28 معنى. فأيّ المعاني تقصد حينما تنطق بالكلمة؟

    تذكَّر أن:

    l الكلمات وإن كان لها معان، الا أن الناس هم الذين يضفون عليها الدلالات والتفسيرات.

    l الكلمات ما هي الا رموز وليست حقائق واقعة.

    l الكلمات ليست مطلقة في حد ذاتها لكن يتم تعليمها وتعلّمها في سياق معين.

    l المعاني يمكن إخفاؤها أو دفنها في ثنايا الكلام.

    l الكلمات تعكس الابعاد الثقافية والشخصية والتاريخية، وهي مشبعة بتأثيرات العرق والدين والنوع.

    فيما يلي كلمات يحسن تجنبها واخرى ينصح باستخدامها:

    كلمات يجب نسيانها

    يتحتم عليَّ

    سأحاول انجازها

    يوماً ما

    ولكن (تنفي الجملة السابقة)

    مخاطرة

    مشكلة

    صعب للغاية

    قلق، مهموم

    لماذا المعوّقة

    أشعر بالعجز

    هذا ما أنا عليه بالضبط

    أحتاج منك أن تعمل

    أنت (اللائمة المتهمة)

    أنا لن اتغيّر

    كلمات يجب تذكرها

    أريد أن... أختار أن...

    سوف أنجزها إن شاء الله

    اليوم، الان

    و

    فرصة

    تحدّ، فرصة

    يمثّل تحدياً

    مهتم

    أعنّي على الفهم

    أحتاج مساعدتك

    إمكاناتي للتحسن هي...

    أريدك أن...

    أنا (بأمانة ومسؤولية)

    سوف أتحسّن

    هناك كلمات تستخدم في عملية التصنيف الى فئات، وتحجب قدرتنا على الاتصال والتواصل. إذ تحدّ من خياراتنا وتجعلها خيارين اثنين فقط، على سبيل المثال:

    إما / أو، ذكر / أنثى، أسود / أبيض، عجوز / شاب، وطني / أجنبي، صح / خطأ، رئيس / مرؤوس، ذكي / غبي.

    حينما تصادف هذه الكلمات لا تتجاهل الاحتمالات الاخرى. وغالباً ما تقابلنا ألفاظ تحمل بين طياتها مضامين ودلالات عقدية مثل:

    الشرق / الغرب، الرأسمالية / الشيوعية، المركز / الخارج، مسلم / غير مسلم، دار الاسلام / دار الحرب، الديمقراطية / الديكتاتورية، المركزية / اللامركزية.

    إن الكلمات التي لها مثل هذه الطبيعة الثنائية تجعل رؤيتنا غامضة وتقلل من قدرتنا على الفهم. إختر كلماتك بحصافة وحرص فالملائكة يسجلون بكل دقة:

    مَّا يلفظُ مِن قول إِلا لديهِ رقيبٌ عتيدُ (18) (ق)

    ثالثاً : التحقق من صحة المعلومات

    كم من مرة سمعنا : «إنها مشكلة في الاتصال، ضعف الاتصال، سوء الاتصال، سوء الفهم». وغالباً ما يكون ذلك حقيقياً، لكن الرد عليه هو إيجاد حل. وأحد الطرق الفعالة لتنفيذ ذلك هو التأكد الشامل من صحة المعلومات التي يقوم الاتصال على أساسها. فحينما تنتقل الرسالة تتعرض للزيادة والنقصان، وفي كلتا الحالتين تصبح الرسالة مشوّهة. وعادة ما يستخدم الاصطلاح الهندسي «ضوضاء» لقياس مقدار هذا التشوه. ادرس هذين المثالين:

    1 - كان هناك رجل يقود السيارة ومعه ابنه، قتل الرجل في حادث. احتاج الابن الى إجراء عملية جراحية لكن الجرّاح قال: «أنا لا أستطيع ان أجري العملية فالمريض ابني»! من هو الجرّاح؟

    2 - غادر رجل منزله ووضع المفاتيح في جيبه. أتى لص وسرق المنزل، فكيف دخل اللص؟

    في الحالتين يقفز الذهن الى استنتاجات سريعة، ومن ثم فإننا نعطي الاجابة الخاطئة، لان الجرّاح لم يكن الا أم المريض، لكنّا افترضنا خطأ أن الجراح يجب أن يكون رجلاً. أما اللص فقد دخل من الباب لانه لم يكن مغلقاً بالمفتاح. لقد افترضنا خطأ أن الرجل أغلق الباب بالمفتاح قبل أن يضع المفتاح في جيبه، وما أكثر المرات التي نقع بها في فخ الافتراضات المسبقة التي تفتقد الدقة وتميل الى التقريب. وفي عملنا اليوم نجد أن هذا الاتجاه يضر بأدائنا ضرراً بليغاً.

    جرّب هذا التمرين العملي في مجموعتك. اكتب قصة قصيرة للغاية ثم كوِّن حلقة من عشرة أشخاص. اهمس بالقصة القصيرة في أذن الشخص الجالس الى يمينك واطلب منه أن يهمس بها في أذن الشخص الجالس الى يمينه، وهكذا حتى تأتيك مرة اخرى من الشخص الاخير الذي يجلس الى يسارك. سوف تندهش! لانك قد لا تتمكن حتى من التعرف على القصة. إنها تتغير بشكل جذري في عملية البث والاتصال غير الدقيق من واحد الى آخر.

    وعلى الرغم من أننا نثق في إخواننا وأخواتنا فإن علينا أن نتريث في تقبل الاخبار والتسليم بها حتى نتأكد من دقة الاخبار. ومن الناحية العملية، فإننا حينما نحتاج الى أن نتصرف بناءً على هذه المعلومات فعلينا أن ندققها أولاً.

    من المفيد تكرار التعليمات بصوت عال عند تسلّمها للتأكد من صحة البث والاستقبال. كرر بصوت عال الموعد والمكان مرة اخرى للتأكّد. وعندما يملي عليك شخص رقم هاتف، أو يتهجى لك اسماً لا تقل آه - نعم - أيوّه. بل كرِّر خلفه الارقام والحروف كي تزيل أيّة إمكانية للخطأ.

    بالطبع علينا ألا نبالغ في عملية التدقيق الشامل من صحة المعلومات فننتقل من الشك العلمي الى الوسواس المرَضي. اِن القاعدة التي توجّهنا في ذلك يجب أن تكون النية الحسنة الخالصة للحصول على الحقيقة وليس إيقاع الاخرين في الفخ أو توجيه الاتهام إليهم بأنهم ضللونا عمداً. وإذا ما اتبعنا طريق الشك المستديم، فإن نتائج التدقيق الشامل من صحة المعلومات سوف تنعكس من مثمرة الى ضارة.

    رابعاً : ضوابط صحة الاتصال

    أ - الاتصال الصامت : استخدام اللغة غير المنطوقة

    استخدم القائمة أدناه لتدوين ملاحظاتك حول وضعية جسمك أثناء عملية الاتصال الفعّال لنقل رسالتك الى جمهور مستمعيك. تذكر أن جماهير المستمعين المتباينة العدد قد تتأثر تأثراً يختلف عن تأثر الفرد الواحد. وعلى سبيل المثال، فإن جمهور المستمعين الاكثر عدداً يحتاج الى صوت أعلى مما يحتاجه الجمهور الاقل عدداً. إن الحديث في الامور العادية قد يكون مقبولاً بدون ارتداء اللباس الرسمي، لكن عرض مشروع ما قد يحتاج الى ارتداء مثل ذاك الزيّ.

    هذا الجزء من جسم كيف أستخدمه في الاتصال

    الجسم

    الرأس

    الوجه، خاصة الفم

    العينان

    الكتفان

    هيئة الوقوف أو الجلوس

    الحركة

    الحركات والايماءات

    الملابس

    الصوت

    وتيرة الصوت

    الرقّة

    السلاسة

    الفضاء / المكان

    المسافة

    تحديد البعد، تبديل الوضعية

    اللمس(1)

    المصافحة

    وضع الايدي على الكتف

    إمساك الايدي

    العناق

    التقبيل

    ب - إفعل ولا تفعل في عملية الاتصال

    استخدم قائمة التحقق أدناه لتحديد مستواك من حيث استخدامك لمهارات الاتصال. أولاً: أضف نقطتك رقم 8 في عمود «لا تفعل» كذا. ثم قدّم أجوبتك لكل أمر وكل نهي، وامنح نفسك 5 نقاط لكل إجابة «غالباً أو دائماً» ونقطة واحدة لكل «لا مطلقاً»، و 2، 3، 4 نقاط لما بين الحالتين.

    إفعل الدرجة

    1 - انتبه الى من يحدثك

    2 - تحقق من سلامة فهمك واستخدم أسلوب إعادة الصياغة لتأكيد ذلك

    3 - أكّد ما تقول بالايماءات وتحريك الرأس

    4 - شارك الناس ضحكهم

    5 - شاركهم مشاعر الاسى

    6 - رحّب بمشاركة الاخرين في المحادثة

    7 - تقبّل الاراء المخالفة بأسلوب كيّس ولبق

    8 - قدّر الاخرين واحترمهم

    لا تفعل الدرجة

    1 - تقطع حديث الاخرين لابداء رأيك

    2 - تُسَخف ما يقوله الاخرون حتى لو بدا أنه ينمّ عن الغباء فعلاً

    3 - القيل والقال والثرثرة

    4 - تقدم رأياً شخصياً ضيقاً حول القضايا المطروحة

    5 - تسأل «لماذا؟» دائماً بصيغة الاتِّهام

    6 - تحتكر المناقشة لنفسك

    7 - تنتقد أفكار الاخرين دون أن يُطلب منك ذلك

    8 -

    كلمات لها أهميها البالغة

    الكلمات الست الاكثر أهمية «إنني أقدرك شخصياً وأقدّر لك جهودك»

    الكلمات الخمس الاكثر أهمية «إنني في الحقفيقة فخور بك»

    الكلمات الاربع الاكثر أهمية «ما هي وجهة نظرك؟»

    الكلمات الثلاث الاكثر أهمية «من فضلك إفعل...»

    الكلمات الاثنتان الاكثر أهمية «شكراً لك»

    الكلمات الاكثر اهمية «نحن»

    أقلّ الكلمات أهمية «أنا»

    إ ب ت س م

    الابتسام يسهّل الاتصال

    مكافأة اضافية: سوف تجازى خيراً لقيامك بذلك وفقاً للحديث النبوي الشريف:

    «تبسمكَ في وجهِ أخيكَ صدقةٌ»(1)

    العالم كله

    على خطأ

    إلا

    أنا

    أهو كذلك؟ تأمل واقعنا؟

    المصدر: دليل التدريب القيادي / هشام الطالب / المعهد العالمي للفكر الاسلامي

    تعليق


    • #3
      كيف تصبح قائد 3 (الخطابة)

      الخطابة



      أولاً : إعداد الموضوع والتحضير للخطبة

      أ - أسلوب التدرج

      ب - زيادة الفاعلية

      ثانياً : أساليب الالقاء - جوانب مهمة

      أ - الممارسة

      ب - حركات الجسم ئوالصوت والاتصال البصري

      ج - التوقف عن الحديث

      د - شخصية المتحدث

      ثالثاً: فترة الاسئلة والاجوبة : الفرصة والتحدي

      رابعاً : نمازج للخطابة المؤثرة

      خامساً : ضوابط الخطابة الجدة

      أهداف الفصل

      لدى إكمال هذا الفصل ، ستكون قادراً على :

      l تحديد عناصر الخطبة الجيدة.

      l معرفة كيف تعالج نقاط الضعف في إلقائك.

      l إلقاء خطبة فعّالة.

      l نقد خطب غيرك وتقويمها.

      التحدث الى الناس وصدقاءً كانوا أم أعداءً هو أحد المهام القيادية الرئيسية. ويختلف الهدف من التحدث إلى الجماعات من توصيل المعلومات إلى محاولة تغيير الاراء إلى استنهاض الهمم والحث على العمل. وهناك مبادىء أساسية لتحضير كلمة أو حديث للالقاء أمام مجموعة من الناس تصلح لمختلف المواقف والاوضاع، وهذا ما سنعرض لمناقشته في ما يلي:

      أولاً: إعداد الموضوع والتحضير للخطبة

      أ - أسلوب التدرج

      1 - اعتبارات تمهيدية

      (أ) إعرف مستمعيك

      أول خطوة في التخطيط للخطبة هي معرفة جمهور المستمعى. فعليك مثلاً أن تعي طبيعة المجموعة التي - ستتحدث إليها والقضايا التي تهم الحاضرى، ومن تحدث إليهم قبلك، وما مواقف المستمعين تجاه موضوع الحديث. كما ينبغي التعرف على أى عناصر مشاكسة موجودة بين الحاضرى والعناصر « الصديقة » أو المتعاطفة مع آراء المتحدث.

      ولتحقيق جو من الالفة والتواصل مع جمهور المستعمين، على المتحدث أن يصل مكان الاجتماع مبكراً وأن يكون بين آخر المنصرفين. هذا من شأنه أن يمكّن المتحدث من التعرف على بعض الحاضرين واكتشاف العناصر الحليفة بينهم. كمما يوفر فرصة للتحدث إلى المعارضين والتعرف عليهم بصفة شخصية إذا دعت الحاجة إلى الاشارة إليهم بالاسم أثناء الحديث وإلى آرائهم كنوع من آبداء التقدير والاحترام لهم. ويمكن الاستفادة من ذلك لتعزيز وتقوية بعض النقاط التي سترد في الخطبة أو الحديث.

      (ب) أكّد مصداقيتك

      يستجيب الجمهور المستمع للمتحدث اط ذا اقتنع بمصداقيته. ولتأكيد هذه المصداقية فإن على المتحدث أن يكون على دراية تامة بالموضوع الذي يناوله، وأن يكون بإمكان مستمعيه أن يصدقوه فيما يطرح من أفكار، وأن تكسبه تصرفاته حب الجمهور وإقباله عليه.

      فعندما أن الاوان لان يجهر رسول الله عليه السلام لاهل مكة ببعثته وأن يبلغهم رسالة ربه وقف على جبل الصفا ودعاهم للتجميع ليخطب فيهم بأن قال: « ى معشرَ قريش، لو أخبرتُكم أنّ چيشاً يوشك أن يظهرَ عليكُم من وراء هذا الجبل فهل كنتم مصدقيّ؟» فقالوا: « نعم !» وذلك لانهم لم يعرفوا عليه الكذب طوال أربعين عاماً. وبعد أن أكد مصداقيته لديهم قال لهم: «فإني نذيرٌ لكم بين يدَي عذابِ يوم شديد » (1).

      2 - إعداد الخطبة

      نقدم في ما يلي أنموذجاً عاماً للخطبة، وقد لا يكون مناسباً في جميع الحالات، إذ قد تملي مناسبة خاصة أو يفرض موضوع ذو ملامح معينة أنموذجاً مختلفاً. ولكن الهدف يجب أن يكون دائماً هو إعداد خطبة متكاملة تنقل أفكار المتحدث بوضوح مع العناية بجذب اهتمام المستمعين وحسن إنصاتهم وتركيزهم.

      (أ) حدَّد الموضوع

      اختر الموضوع المناسب لخطبتك وحدد عنوانه وعناصره بدقة، وضع خطة شاملة، مستحضراً الاسباب التيى تجعلك تعتقد بأن هذه القضية هامة للمستمعى مبيناً ضرورة طرحها أمام الرأي العام، مع توضيح مرامي الخطبة.

      ( ب ) حلّل الموضوع

      اشرح الخلفية التاريخية واذكر دروس الماضي وضع الموضوع في اط طاره العملي والواقعي. اطن من أنجع الوسائل ترتيب المادة حسب المواضيع وليس على أساس زمني أو تاريخي، كما أنه من المهم أن يعي الجمهور بوضوح لماذا أصبحت هذه القضية هامة في هذا الوقت خاصة.

      (ج) عرض الامثلة

      اضرب أمثلة محددة إذا توافرت، من الماضي الاسلامي وغير الاسلامي، أو قصصاً تصويرية أو لُغزاً أو شعاراً، وناقش ما اقترح من حلول لوقائع تاريخية مشابهة وما حققته تلك الحلول من نجاح أو إخفاق. امّا إذا كانت القضية جديدة تماماً فناقش أوجه الشبه أو التباين بينها وبين حالات سابقة.

      (د) شخّص المشكلة واقترح الحلول

      ابدأ بتشخيص المشكلة بشكل إبداعي مستشهداً بالايات القرآنية التي تعين في البحث عن الحل، وارجع الى السنّة الشريفة لمزيد من التوضيح. افحص إمكان تطبيق المبادىء القرآنية في واقع المسلمين اليوم، وخذ في حسابك ما طرح من اجتهادات في تفسيرها كمحاولة للتوصل إلى الحل، وقدم اقتراحات لحلول جديدة في إطار مقاصد الشريعة الغرّاء حين لا توجد النصوص المباشرة في القضية محل البحث.

      (هـ) الخاتمة

      هناك فرعان للخاتمة أحدهما علمي منهجي، والثاني تربوي، يشتمل الاول على:

      l تلخيص أساسيات الموضوع في نقاط محددة لا تتجاوز الخمس كي يسهل استيعابها واستذكارها.

      l أهم النتائج العلمية والعملية التي تمخضت عنها الخطبة.

      l فتح آفاق جدية للبحث والتأمل.

      أما الثاني التربوي فهو أن تختتم حديثك بثلاث نقاط:

      l التواضع وهو تاج الحكمة والاعتراف بقصور العلم البشري مهما اتسع.

      l التفاؤل والتأكيد على أن الله سبحانه وتعالى قد جعل لكل شيء سبباً ولكل داء دواء وأن الامة قادرة على اكتشاف تلك الاسباب والادوية وإقامة مجتمع أفضل.
      l التقدم بالشكر والتحية للمنظمين وللمستمعين.

      تذكر ان الحديث الجيد هو الذي يبدأ بمقدمة وافية تضع الموضوع في إطاره الصحيح وتساعد المستمع على الفهم والاستيعاب، ثم يناول نقاط الموضوع الرئيسة بدقّة، مع عرض الاستنتاجات والنتائج في خلاصة اخيرة تنتهي في الزمن المحدد للكلمة، فالالتزام بالوقت أمر هام، ويجب الحرص على إلقاء الكلمة بكاملها مع الاختصار كلما دعت الضرورة.

      ب - زيادة الفاعلية

      1 - التواصل

      قبل إلقاء الخطاب، ينبغي أن نقرر كيف سننتقل من فكرة الى اخرى. أما في اثناء الحديث، ينبغي الحرص على الربط والمتابعة والتناسق عند الانتقال من فكرة الى الفكرة التي تليها وذلك للحفاظ على الاستمرارية والتسلسل من بداية الحديث حتى نهايته. هذه العملية ليست عملية فنية وحسب، فقد يكون ما نقوله ونطرحه متناسقاً ومنطقياً لكنه بالنسبة الى المستمع قد لا يكون على الدرجة نفسها من الوضوح. وبإمكان المستمع استيعاب الموضوع اذا رأى التناسق واضحاً في الافكار والمعلومات، الامر الذي يوفر من ضرورة الاسهاب والشرح.

      وهناك أسلوبان في الانتقال من فكرة الى اخرى، وهما: الانتقال البلاغي، وذلك باستخدام جملة او عبارة تربط بين الافكار، او الانتقال الصوتي الذي يتم من خلال تغيير نبرات الصوت وانخفاضه او ارتفاعه. ولتوضيح النوع الاول المثال التالي:

      «يؤدي ذلك الى الاستنتاج بأن الجوع يشكل قضية اساسية بالنسبة الى اغلبية سكان العالم».

      «ولكن الجوع ليس نتيجة لنقص الغذاء فقط...».

      2 - الاسلوب

      توخَّ ما استطعت استخدام أفضل الاساليب اللغوية في التعبير. فاستخدام الكلمات والعبارات العامية، يصمُ المتحدث بالسطحية وعدم النضج، وينتقص من جدية الامر، ويقلل من قيمة المحاضرة او الخطبة، وقد يكون استخدام الكلمات والتعبيرات الجديدة وسيلة فعالة لتحقيق انسجام سريع مع الجمهور، لكن يجب اختيار الكلمات بحذر ودقة.

      هناك أساليب بلاغية متعددة تحقق الفاعلية اذا ما استخدمت بذكاء، منها ما يلي:

      l تكرار النقاط الاساسية، شرط عدم الافراط، ويحبذ ان لا يجاوز التكرار مرات ثلاث.

      l توخي الايقاع والسجع والجرس الموسيقي في اختيار الكلمات، بدون تكلف.

      l الجناس لاعطاء الحديث نكهة إيقاعية.

      l العبارات البليغة السهلة الجامعة التي ترسخ في ذاكرة المستمع.

      l التشبيه والاستعارة والقياس لنقل الافكار المعقدة.

      l الاحصاءات والارقام التي توصّل الافكار وتعطي الحديث مصداقية.

      l توظيف المبنى للمعلوم والافعال التوكيدية التي تخاطب العواطف والعقول معاً.

      l عبارات مفعمة بالحيوية واستنتاجات راسخة تجذب الاذهان وتشد انتباه المستمعين.

      l سرد الامثال وسوق الاشعار وإيراد الحكَم.

      في المقابل، هناك عبارات يجب تجنب استعمالها تماماً الا اذا كان المتحدث يعنيها فعلاً. من هذه العبارات ما يلي:

      l «لست متأكداً لكنني أعتقد أن...»

      l «حسب علمي...»

      l «أعتقد أن...»

      l علينا «أن نعلم...»

      l «دائماً»

      l «أبداً»

      l «الجميع»

      l «لا أحد»

      كما ينبغي اجتناب التعميم والتجريح والتعالي والسخرية والسطحية ومواجهة العاملين المهتمين وحدهم باللوم والتقصير او الوقوف منهم موقف الامر الناهي.

      3 - رؤوس الاقلام

      اذا أعد المتحدث رؤوس اقلام للخطبة، فمن الافضل ألا يخرج عنها أثناء الحديث مهما كانت المغريات، والا حاد عن الموضوع وارتبك لعدم التأكد من بعض المعلومات أو بسبب الانزلاق نحو المبالغة في استخدام العبارات المجازية والاستعارات.

      وينصح المتحدث بألا يقرأ من أوراقه بصفة مستمرة، لكن ينبغي ألا يحاول إخفاء مذكراته بصورة كاملة، وعليه أن يسعى الى تناول جميع النقاط التي بذل جهداً كبيراً في إعدادها وترتيبها. وإذا واجهت المتحدث مشكلة تتعلق باستخدام يديه بصورة عشوائية فعليه أن يمسك بأوراقه، فذلك يساعد على التغلب على تلك المشكلة.

      ثانياً : أساليب الالقاء - جوانب مهمة

      إن أفضل الخطب يمكن أن يفسدها أسلوب الالقاء غير المناسب. لقد كان دعاء النبي موسى عليه السلام وهو يعد للتحدث الى بلاط فرعون هو:

      قالَ ربِ اشرَح لي صدرِي (25) ويسِر لي أمرِي (26) واحلُل عقدةً مِن لسانِي (27) يفقهُوا قولي (28) (طه)

      إن الخطابة تتطلب تفاعلاً صادقاً لجسم المتحدث وعقله مع ما يقول، وهو في حاجة الى توجيه الاهتمام الى جسمه وصوته وعينيه وقسمات وجهه. ان عليه توجيه كيانه وحضوره كله الى مهمة الاتصال مع جمهور المستمعين. وذلك يتطلب مراعاة بعض القواعد والاكثار من ممارسة الخطابة والتدرب عليها. وها هي بعض الاعتبارات ذات الاهمية:

      أ - الممارسة

      قد يضطر المرء الى تخصيص ساعات عديدة في البحث في المواد وفي إعداد الاطار العام لخطبة متواضعة الجودة وذلك لانه أخفق في اتخاذ أسهل خطوة في الخطوات جميعاً وهي التدرب على الالقاء. وقد نتوجس من أن يحوّل مثل ذاك التدرب خطبتنا من عملية اتصال صادقة الى مجرد عملية «أداء» فقط أو «موقف تمثيلي». لا شك أن الخطبة الجيدة يجب أن تكون طبيعية وأن تكون انعكاساً أميناً لشخصيتنا، بيد أنّ علينا أن ندرك أن التحدث الى الجمهور له اسلوبه الخاص، وان هدف الاتصال هو نقل أكبر قدر من المعلومات بشكل فعال ومؤثر في اقصر وقت ممكن. ونحن قطعاً لن نخدم جمهور مستمعينا اذا ما أضعنا وقتهم في الاستماع الى خطب مطولة لا تنطوي الا على هراء، ولربما لن ينصتوا الينا اذا ما فعلنا ذلك. ولهذا السبب، فان التمرس في التحدث المنظم سوف يفيدنا حتى في الخطب العفوية وغير الرسمية. وكلما تمكنا أن نعبّر عمّا نريد قوله بوضوح وإيجاز بليغ بدون الخروج كثيراً عن المسار المرسوم، كثر عدد الناس الذين يستمعون الينا باهتمام في كل مناسبة. قم في بعض الاحيان بتسجيل الالقاء كله على شريط تسجيل لمراجعته واستعراضه والاستفادة منه. ولسوف تدهش حقاً من مدى الفائدة التي ستجنيها من إنصاتك الى خطبتك بنفسك. جرب ذلك. ان التسجيل على شريط له ميزة اخرى، اذ بوسعك أن تعطي الشريط لاخرين لتقويمه.

      ب - حركات الجسم والصوت والاتصال البصري

      1 - وضع الجسم

      (أ) الايماءات

      ينبغي ألا يشعر المتحدث أنه متجمد في بقعة واحدة أو أن أطرافه متيبسة بلا حراك. من المفيد أن نتدرب على إلقاء خطبتنا أمام مرآة. جرب باستخدام أنواع مختلفة من الايماة ات لترى كيف تبدو تماماً. لا تخطط لاستخدامها عند نقاط معينة في الخطبة لان ترتيبها في صف واحد يجعلها تصرفات تمثيلية غير طبيعية على الاطلاق. المهم هو أن لا ننفر من استخدام الايماءات بل نوظفها بنجاح.

      (ب) طريقة الوقوف

      يجب أن نظهر واثقين من أنفسنا، ولا سيما خلال اللحظات الهامة جداً التي نقترب فيها من المنصة أو المنبر الذي سنقف عليه. كما يجب أثناء إلقاء الخطاب ألا تتنافر حركات الجسم مع الالفاظ المستعملة في سياق الخطاب. ويحبذ الوقوف بثبات على كلتا القدمين مع جواز الاتكاء على قدم واحدة، لكننا عندما نفعل هذا نميل أحياناً الى أن نراوح في وقوفنا من قدم الى اخرى والى الامام والخلف دون أن نشعر، ولكن جمهور المستمعين سوف يلاحظ ذلك ويدركه ويركز عليه. ان الوقوف بشكل ثابت يجعلنا أقل ميلاً الى تحويل انتباهنا أو إلهاء جمهور مستمعينا بحركات منفرة.

      وعندما نتحدث الى مجموعة ونحن جالسين أو واقفين بجانب مكتب أو منضدة علينا تجب الاستناد اليهما، فالمناضد والكراسي والمنصات وليست عكازات او مساند. ولكي نتحدث بشكل فعال يجب عليا أن نبدي قدراً معيناً من الحيوية البدنية، وعملية الاستناد الى الاثاث تعطي الاخرين انطباعاً بأننا لا نستطيع أن نوفر لانفسنا ما نحتاج من طاقة أو قدرة تمكننا من الوقوف بشكل سليم.

      ويجب ألا تشعر بمجرد وقوفك وراء المنصة أن قدميك صارتا ضاربتين في الارض كالجذور. تحرك في مكانك بحرية طالما كان لهذا التحرك هدفه. ولا تقطع المكان جيئة وذهاباً فقط لاهدار ما لديك من طاقة، بل تحرك حينما يكون لديك سبباً لذلك. فقد يحتاج الامر الى التحرك نحو السبورة كي تكتب عليها، أو أن تلتفت بين حين وآخر كي تلتفت الى جزء من جمهور المستمعين الذين قد لا يكون بإمكانهم رؤية المتحدث بشكل جيد.

      هناك سبب واحد مقبول للخروج من خلف المنصة والتحرك في اتجاه جمهور المستمعين وهو تقريب المسافة بين المتحدث والمتحدَّث إليهم من أجل تأكيد نقطة مهمة. لقد كان المعروف منذ أمد بعيد أن فعالية الاتصال تتناسب طردياً مع المسافة بين المتحدث والجمهور. فكلما قصرت المسافة كان ذلك أدعى لاعطاء الانطباع بوجود تواصل حميم بينهما وأدعى لتحقيق التأثير المطلوب.

      2 - الاتصال البصري

      هناك نصائح متعددة حول كيفية الحفاظ على اتصال بصري جيد مع المستمعين، آخذين في الاعتبار التوجهات الخاصة بغض البصر تلقاء الجنس الاخر. من المهم توزيع النظرات على جميع الحاضرين والتنقل من واحد الى آخر. لا تُلقِ بنظرك فوق مستوى رؤوس الجمهور وتجنب النظر في الفراغ او التركيز على نقطة واحدة أو مجموعة معينة فقط.

      إن النظر في الفراغ يوحي الى المستمع بغياب الصلة بينه وبين المتحدث. كما يجب قبل كل ذلك عدم تركيز النظر على مذاكراتنا أو على المنصة. تذكر أننا هناك لكي نتحدث الى الناس وليس لمجرد قذف اصواتنا في الهواء. وينبغي التعود على رفع درجة الصوت في الالقاء عن الحالة العادية في الكلام.

      كن على اتصال بعينيك مع جمهور المستمعين، حاول أن توجه الحديث الى كل شخص منهم، او على الاقل، الى كل منطقة تجمع عدداً منهم مثل المتحدث في التليفزيون الذي يبدو على الشاشة وكأنه يتحدث الى كل شخص من جمهور المشاهدين. ومما يساعد في هذا المجال هو أن نكتب عبارة (اتصال بصري - اتصال بالعين) على أعلى سطرين او ثلاثة اسطر من بطاقات رؤوس الاقلام او صفحات المحاضرة لتذكيرنا بالاتصال البصري.

      ومن المفيد احياناً النظر المتواصل الى المستمعى المؤيدين او المحايدين وتفادي النظر الى المعاندين والمعارضين.

      3 - الصوت

      (أ) طبقة الصوت

      إن الخطب تعدّ لتلقى فتسمع. وسواء تم استخدام مكبرات الصوت أو لم يتم، فعلينا أن نقدر المستوى الذي يجب ان يبلغه صوتنا حتى يسمعه الاخرون بوضوح. إن وضع علامة معينة على ورقة الملاحظات أمامنا تنبهنا الى أهمية توجيه جملنا الافتتاحية الى الاشخاص الذين يجلسون في مؤخرة القاعة يمنة ويسرة، لان هؤلاء هم أبعد المستمعين مسافة عن المتحدث.

      (ب) النغمة

      قد تكون نغمة الصوت - ان شكّلت عائقاً - من المشاكل التي يصعب التغلب عليها، لكن الخطوة الاولى هي تحديد طبيعة هذه المشكلة. فهناك صنفان رئيسان: النغمة الوحيدة او النغمات المتغيرة. والنغمة الوحيدة متعبة للمستمع كالعزف على مفتاح واحد من البيانو دون غيره. ونتيجة لذلك، يصبح من الصعب التركيز على ما يقال، حتى وإن كانت المادة التي يقدمها المتحدث ذات قيمة عالية. أما المتحدث الذي يتمتع بنغمات صوتية رتيبة فانه كالصوت المغرّد الذي يرتفع وينخفض على فترات منتظمة. ويميل جمهور المستمعين الى التركيز على وتيرة الصوت ان تجلّت اكثر من التركيز على الكلمات التي يسمعونها. وغالباً ما تكون هذه المشكلة نابعة عن حفظ الخطبة عن ظهر قلب. إن استخدام جهاز التسجيل الصوتي يفيد في تحديد وتيرة الصوت والتمرس على التحكم فيها.

      والتأكيد اللفظي قد يكون مهماً أيضاً للالقاء بل غالباً ما يكون جوهرياً في إطار توضيح المعاني التي نقصدها. إن هذا التأكيد اللفظي يحمل في طياته نوعاً من انواع التغير اللفظي لكي يتم الفصل بين ما نريد التأكيد عليه كأمر جوهري وبين أي مادة ثانوية متعلقة به.

      (ج) سرعة الالقاء

      يستطيع الناس أن يستمعوا بسرعة تفوق السرعة التي يتحدثون بها (وهي تبلغ في المتوسط 800 كلمة في الدقيقة مقابل 250 كلمة في الدقيقة للتحدث) وإذا ما تركنا هؤلاء الناس طويلاً من دون شيء يستمعون اليه فإن اهتمامهم سوف يتشتت. وقد يكون من المطلوب مراراً أن نتحدث بأسرع مما نفعل عادة. وليس هناك معدل واحد مناسب لالقاء الخطاب، لكن علينا أن نتحدث بأسرع ما يمكننا أن نفعل دون أن نتلعثم أو نقرأ الفقرات بشيء من الغموض أو الابهام.

      والوضوح في هذا الصدد مهم، إذ يتعيّن أن تكون كل كلمة مفهومة وكل فقرة جلية مبينة.

      إن الوضوح من صلب عملية الالقاء الجيد، ومن الضروري أن ننطق كل كلمة بجلاء وأن نتجنب استخدام الحشو من الكلمات التي تستخدم كلازمة مثل «يعني»، «تعلمون بالطبع»، «أأه»، «أه»، «أم م م» أو «ه م م».

      (د) الوقفات القصيرة اثناء الخطبة

      اعتاد أغلب الناس على استيعاب التفاصيل والمعلومات الجديدة عن طريق قراءة المادة مطبوعة، ولذلك فإنه من الاهمية بمكان أن تتخلل الحديث وقفات قصيرة. كما يجب، عند طرحنا نقطة مهمة على وجه الخصوص، التوقف لبرهة أطول من المعتاد عند نهاية الجملة للسماح للجمهور باستيعاب هذه المعلومات. والتوقف عند نقاط معينة جوهرية يضفي على الحديث قوة وشيئاً من العذوبة والجاذبية.

      (ج) التوقف عن الحديث

      لسبب ما نجد أن أكثر الناس عزوفاً عن الخطابة أكثرهم تردداً في التوقف عن الحديث. إنهم يرغبون في التأكيد من أن جمهور المستمعين قد فهم تماماً واستوعب النقاط المختلفة التي طرحوها، فيأخذون في تكرار الحديث من جديد باستخدام عبارات مثل «إن ما كنت أحاول أن أقوله هو...». وبينما نجد أن عملية تكرار النقاط الاساسية بشكل موجز، ولا سيما باستخدام رسومات بيانية، يمكن أن تكون مفيدة للغاية، فإن تقديم موجز مرتجل وغير منظم مع التكرار مرات عديدة لعبارة مثل «أخيراً أيها الاخوة والاخوات...» يمكن أن يفسد الخطبة الجيدة، لذلك علينا أن نلتزم تماماً بنهجنا المعدّ وألا نكرر عبارة «أخيراً...» أو «ختاماً...» أكثر من مرة واحدة. ولكي نقي أنفسنا ذلك علينا أن نخطط بداية محددة ونهاية محددة للخطبة بعبارت أو أفكار ذات وقع مؤثر جذاب.

      (د) شخصية المتحدث

      أمّا وقد تجمعت لدينا الان بعض الافكار حول كيفية إعداد خطبتنا وإلقائها، فلننظر في العوامل التي ينطوي عليها تصدّينا لالقاء الخطبة. إن الرسالة التي يتلقاها جمهور مستمعينا واستعداده لقبولها يعتمد على تقديره لشخصية المتحدث. ولكي يكون المرء متحدثاً مؤثراً وفعالاً، فليس عليه فقط امتلاك الصفات التي تكسبه احترام الجمهور بل عليه أن يظهر تلك الصفات ويلامس بها وعي السامع وأحاسيسه. وبينما تتفاوت خصائص المزاج العام للجمهور فهناك نقاط أساسية يعتمد عليها الجمهور في حكمه على المتحدث، منها الاخلاص والدماثة والحيوية التي يتمتع بها.

      إن عملية الاتصال هي عملية تفاعل كلية لا تتجزأ، وإنه لامر جوهري ان ينقل جسم المتحدث وصوته وتعبيراته الى الجمهور شعوراً بالاهتمام واللهفة والحماسة تجاه الموضوع المطروح، وإلا فسيكون اختيار الموضوع خطأ أو يكون المتحدث غير مؤهل للحديث فيه. وسرعان ما سيدرك جمهور السامعين نقطة الضعف ويفقد جسور التواصل مع المتحدث، ويدير ظهره لخطبته.

      إن الهدف ليس التحدث بل الاتصال ونقل ما نقول للاخرين بطريقة يفهمونها. فإن لم نتواصل مع الجمهور، فنحن عندئذ الملومون. إننا كمتحدثين نمثل جزءاً من كل خطبة نقدمها، والامر يرجع لنا في تطوير اسلوبنا الذاتي الذي يجعلنا مؤثرين وفعالين مثل كلماتنا ورسالتنا التي هي محور الخطبة.

      ثالثاً : فترة الاسئلة والاجوبة : الفرصة والتحدي

      إن الوقت المخصص لتلقّي أسئلة المستمعين بعد إلقاء الخطبة هو فرصة وتحد لانجاز أية أهداف متبقية للمحاضرة. فإذا ما أحسنّا استقصاء المعلومات عن الجمهور فإنه بوسعنا في الغالب أن نحدد طبيعة الاسئلة المتوقعة.

      ولتحييد العدائية، أعد قراءة السؤال بدون تحميله عواطف السائل. ومع أن الاجابات يجب أن تكون قصيرة عادة، فإذا أتاح السؤال فرصة عرض معلومات جديدة لم يتسن لك عرضها في الخطبة فافعل ذلك.

      لمزيد من الافكار حول هذا الموضوع، يمكنك الرجوع الى الفصل الذي يعالج «ترؤس الاجتماعات».

      رابعاً : نماذج للخطابة المؤثرة

      يضع النبي عليه السلام نماذج في هذا الصدد قد نقتدي بها. وقدراته على التحدث الى الناس كانت ذات أثر في تبليغ الرسالة التي كان يحملها. ومن بين الامثلة العديدة المفيدة خطبة الوداع وخطبته في الانصار بعد غزوتي حنين والطائف. وقد تحدث صحابته أيضاً بكل طلاقة، كما تشهد خطبة قائد المهاجرين المسلمين في بلاط إمبراطور الحبشة. وهذه الخطب وغيرها متوافرة في كتب الادب. وهناك مرجع سهل التناول في هذا الصدد، وهو كتاب «حياة محمد» لمحمد حسين هيكل. إقرأ تلك الخطب وحلّلها في ضوء هذا الفصل.

      موقف عملي

      غياب الامانة

      في عام 1973، وأثناء المؤتمر السنوي لاتحاد الجمعيات الاسلامية الطلابية في مانشستر في إنكلترا، كان المتحدث يتكلم بالعربية والمترجم ينقل الى اللغة الانكليزية.

      قال المترجم عدة مرات «إن المتحدث على خطأ وإن الصواب هو ما أقول»... إنه لم ينقل ترجمة دقيقة وأمينة للخطبة، فقد كان يطعن في الخطبة حتى قبل إذاعتها على جمهور المستمعين.

      يمثل ذلك خيانة للامانة سوء استخدام للثقة. ذلك لان مهمة المترجم هي أن يترجم المضمون بدقة بغض النظر عن افكاره هو. وإذا كان لزاماً عليه أن يعبر عن آرائه، فإن عليه ان يبين لذلك بوضوح، وان يتيح فرصة جيدة للمتحدث كي يرد على ما يقول.

      خامساً : ضوابط الخطابة الجيدة

      كيف تستخدم هذه القائمة : استخدم هذه القائمة اثناء إلقائك الخطبة أو بعدها، من الذاكرة أو أثناء مشاهدة شريط فيديو للخطبة. وبوسعك أن تدعو شخصاً آخر كي يستمع الى خطبتك ويستوفي هذه القائمة نيابة عنك لانه يكون ذا أثر وفعالية وموضوعية اكثر، إذ قد لا يكون بوسعك ان تقوّم سلوكك وأسلوبك بدقة.

      كيف تضع العلامات؟ : ضع (1) مقابل الرد بالايجاب، و(صفراً) مقابل الرد بالنفي في الخانات الموضحة. إذا بلغ مجموع العلامات 17 أو أكثر، فإن ذلك يوضّح توافر مهارات الاعداد والالقاء الجيد للخطبة. أما إذا كان مجموع العلامات 11 علامة أو أقل، فإن ذلك يستدعي القيام بجهد مخطط له بعناية وجدية لتحسين عمليتي الاعداد والالقاء.

      1 - التخطيط

      هل كان حديثي مخططاً له جيداً من حيث:

      ( ) المقدمة المرضية؟

      ( ) إيفاء النقاط الرئيسة حقها؟

      ( ) الخاتمة الجيدة للخطبة أو موجز جيد لها؟

      ( ) الوقت المحدد؟

      2 - الالقاء

      (أ) رباطة الجأش :

      هل أعبّر عن رباطة الجأش من حيث:

      ( ) عدم التوتر والسيطرة على النفس؟

      ( ) الوقوف مستقيماً من دون جمود مع توزيع التنقل بشكل مناسب وتباعد القدمين بشكل ملائم؟

      ( ) ارتداء الملابس المريحة والملائمة؟

      ( ) الوصول الى المنصة بهدوء والتوقف برهة قبل التحدث؟

      (ب) الحركة

      هل كونت لدى الجمهور انطباعاً يدل على الثقة بالنفس من حيث:

      ( ) استخدام حركات معتمدة لتعديل الجو السائد في القاعة أو لاجتذاب الاهتمام الى الاجهزة البصرية وتعزيز الافكار وتجنب الحركات العشوائية العصبية؟

      ( ) استخدام الايماءات بشكل طبيعي لدعم الملاحظات والاستنتاجات وللتخلص من الايماءات العصبية والجامدة؟

      ( ) توافر الحيوية في تعابير الوجه؟

      3 - الصوت والاتصال البصري

      هل أستخدم صوتي وعينيّ للتواصل مع الجمهور من حيث:

      ( ) التحدث بصوت مسموع وواضح؟

      ( ) التحدث بنبرة دافئة وحميمة؟

      ( ) تنويع وتيرة الصوت وسرعة الالقاء بطريقة فعالة تخلو من الرتابة؟

      ( ) تجنب التحدث ببطء شديد أو بسرعة شديدة؟

      ( ) الحفاظ على الاتصال البصري مع الجمهور؟

      ( ) النظر الى جميع الحاضرين؟

      4 - العرض الذاتي

      هل أديت أداءً فعالاً من حيث:

      ( ) التحدث بشكل معبّر وبحماسة؟

      ( ) استخدام المذكرات بشكل فعّال؟

      ( ) استخدام الاجهزة البصرية المساعدة حينما تلزم؟

      ( ) ملاحظة أي سلوك حميد أو سيء؟

      ( ) إتمام عملية الالقاء بشكل إيجابي؟

      تقويم المتحدثى - نموذج مختصر

      أجب عن كل سؤال وذلك بتصنيف السلوك المشار اليه حسب الدرجات على المعيار من (1) الى (5) باعتبار أن (5) تمثل أعلى مستوى منشود في السلوك المشار اليه. ارسم دائرة حول درجة التقرير.

      1 - مستوى الصوت

      2 - الاتصال بالعين

      3 - المظهر البدني

      4 - حركة الجسم

      5 - موضوع الخطبة

      6 - التحكم في الوقت

      7 - البداية والنهاية

      8 - نظافة المنصة

      9 - الملبس

      10 - إقناع المستمعين

      11 - الاداء العام

      موقف عملي

      لا تطلق النار على قدمِكَ!

      في عام 1973 دعيت الى كنيسة في لوجانسبورت في ولاية إنديانا، للتحدث عن الاسلام. تكلّم سبعة من القساوسة النصارى عن مللهم المختلفة في البداية ثم تحدث أستاذ هندوسي عن الهندوسية، وقد بدأ حديثه بالقول: «بالرغم من أنني هندوسي، فإنني لا اعرف شيئاً عن الهندوسية. لذلك فإنني سوف أتلو عليكم بضعة فصول من كتاب كتبت سيدة مسيحية امريكية، قضت بضع سنوات في الهند...» وعندما اقترب من النهاية قال: «أخيراً سوف أقرأ لكم هذا الفصل... أخيراً سوف أقرأ فصلاً آخر... أخيراً سوف أقرأ لكم صفحة اخرى». وحينما قال «اخيراً سوف أقرأ لكم فقرة اخرى» لم يصدقه احد لانه اعاد كلمة «اخيراً» اكثر من مرة. لقد تملّك الجمهور الضجر من خطبته.

      العبرة في ذلك هي أنه مهما كانت الظروف، إياك أن تصدر حكماً مسبقاً على خطبتك او تقدم عذراً او تدلي باعترافات حول طريقة طرحك للموضوع مثل: أنا آسف لم يكن لديّ الوقت الكافي للاعداد، او إن خطبتي لن تكون جيدة، او لقد دعاني المنظمون الان فقط الى التحدث بيد اني لا اعرف الكثير عن هذا الموضوع، أو بوسعكم انتم أيها الحفل الكريم ان تقدموا خطبة أفضل ونحو ذلك. تجنب كل ما ورد من هذه العبارات المثبطة والسلبية، وادخل في الموضوع مباشرة وابذل كل ما في وسعك. لا تقوّم نفسك أمام الناس، لانهم هم الذين سوف يقومونك. فقد تقدم افضل عرض دون ان تدرك ذلك. وفي هذا الصدد يروى ان الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه لم يستطع في احدى المرات أن يلقي خطبة الجمعة من فوق المنبر، وحينما كان ينزل من أعلى المنبر قال «إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن»(1)، وعندما سمع الحاضرون منه ذلك قالوا: «لو كان قال ذلك من فوق المنبر لكانت تلك من افضل الخطب».

      موقف عملي

      درّب الناس على التوقف عن الكلام!

      غالباً ما نركز على تلقى المتدربين اصول التحدث بينما قد يكون من الاجدر احياناً ان نعلِّمهم كيف يتوقفون عن الحديث. وعلى سبيل المثال، فإنك إذا كنت تلقي خطبة وهناك اناس تحت المطر او في القيظ فإن عليك ان توجز كل الايجاز. وبالمثل، إذ تعطّل مكيف الهواء وأصبح الجو خانقاً على الحاضرين عليك ان تتوقف عن الحديث. واذا تجاوزت الوقت المحدد وطلب منك رئيس الاجتماع ان تتوقف فعليك ان تلتزم فوراً برغبته. لكن بعضنا لسوء الحظ يعاند ويصر على القاء كامل الخطبة دون النظر الى تغيرات الوضع.

      كثيراً ما نخطىء الهدف. اذ ليس المهم رمي رسالة ما بل تلقي جمهور المستمعين لها. فإذا كان لدينا طرد يتعين علينا تسليمه ولم نجد العنوان الصحيح للشخص المرسل اليه هذا الطرد، فإننا لا نقوم بالتخلص منه وتسليمه لاي شخص بل نحتفظ به ونسلمه في وقت آخر مناسب الى العنوان الصحيح كي نضمن وصوله الى صاحبه.

      موقف عمل

      «بوسعي أن أتحدث عن سم الفئران فقط»

      ذهب مختصّ في سم الفئرات الى حفل اجتماعي هو وزوجته. بعد برهة كان الزوج يقف وحده. اقتربت منه زوجته قائلة «لماذا لا تختلط اجتماعياً وتتكلم مع الاخرين، اذهب وتحدث معهم». فقال لها: «إنني حينما أتحدث اليهم عن سم الفئران يديرون إليَّ ظهورهم ويتركونني وحيداً».

      لم يكن بوسع ذاك الرجل سوى التحدث في مجال تخصصه دون أي مجال آخر.

      على الداعية ان يكون متنوع الثقافة واسع القراءة، وقادراً على المبادرة بالحديث وإدارة التحاور ببراعة حول مجموعة من الموضوعات التي تتعدى مجالات تخصصه الرئيسية او الفرعية. ان ذلك سوف يضفي عليه الانطباع الصحيح كفرد مهتم بالناس وحريص على تفهمهم.

      كذلك من الواجب أن يكون لديه اهتمام عميق بما يدور حوله ويمارس بعض الهوايت الرياضية ويدخل في عضوية منظمات متنوعة.

      المصدر: دليل التدريب القيادي / هشام الطالب / المعهد العالمي للفكر الاسلامي

      تعليق


      • #4
        كيف تصبح قائد 4 (النصيحة)

        النصيحة



        أولاً : طبيعة النصيحة

        ثانياً : النصيحة كعملية مراجعة

        ثالثاً : النصيحة كواجب

        رابعاً : النصيحة في مجال التطبيق

        أ - من العموميت إلى الخصوصيات

        ب - من المعرفة إلى السلوك

        أهداف الفصل

        لدى إكمالك هذا الفصل، ستكون قادراً على:

        l تحديد عناصر عملية إسداء النصيحة.

        l تاقديم النصيحة بالطريقة الموصى بها.

        l إستقبال النصيحة بأسلوب مقبول.

        أولاً : طبيعة النصيحة

        إسداء النصيحة من أهم خصائص الداعية فهي عبارة عن أداة جوئهرية للمراجعة والتقويم للاثراء الحقيقى والمخلص في المجتمع. وقد عرّف النبي عليه السلام الدين بأنه النصح للمسلمين بقوله:

        « الدى النصيحة » قيل : لمن ؟ قال: « للهِ ولرسولهِ ولكتابهِ ولامةِ المسلمينَ وعامتِهم » .(1)

        إن أهمية هذه الصفة تتضح من حقيقة ان النبي عليه السلام قد أخذ البيعة من جرير بن عبد الله وغيره من الصحابة على ثلاثة افعال: اقامة الصلاة واياء الزكاة وتقديم النصح لكل مسلم. وتعني عبارة « كل مسلم » الحاكم والمحكوم.

        فإذا ادعّينا أننا نحب إخواننا، فإن أحد معايير هذا الحب هو ذلك القدر من النصح المخلص الذي ننقله إليهم. وإذا لم نفعل ذلك فإن حبنا سيكون سطحياً وسيكون ادعاؤنا كلاماً وليس شعوراً دافئاً نابعاً من القلب.

        لقد كان تقديم النصيحة هو رسالة كل رسل الله.

        فقد ورد على لسان هود عليه السلام: أبلغكُم رسالتِ ربىّ وأنَا لكُم ناصحٌ أمينٌ (68) ( الاعراف)

        وعن نبى الله شعيب عليه السلام: ... لقَد أبلغتكُم رسلتِ ربىّ ونصحتُ لكُم... (93) (الاعراف)

        ثانياً : النصيحة كعملية مراجعة

        ژنحن كبشر نؤدي أعمالنا بدون قدرة على ملاحظة أنفسنا أثناء ذلك. وهذا يمثل من دون شك تحديداً لقدراتنا، لكن الله سبحانه وتعالى عوّضنا عن هذا التحديد بأن جعل المؤمنى مرآةً بعضهم لبعض. ومن خلال إخواننا يمكننا أن نراقب أعمالنا عندما نؤديها.

        ووفقاً للتعاليم النبوية، فإن المؤمن مرآة أخيه. فالمرآة تعطينا صورة حقيقة لا أكثر ولا أقل، وعليا أن نفعل الامر نفسه حيما ننقل الصورة إلى إخواننا عن طريق النصيحة

        يستفيد الانسان الحكيم من النقد الموجّه إليه، وذلك بتصحيح الاخطاء التي يراها الاآخرون فيه، ولا يلحظها هو. وفي الحقيقة، فإن الصديق المخلص الذي يسدي النصيحة لا يمكن الاستغناء عنه في هذه الحية. وقد ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال « رحم الله امرءاً أهدى إليَّ عيوبي ». والنصيحة هي اتصال ذو اتجاهين، ذلك أن على الشخص المنصوح أن يرحب بالنصيحة بقلب سمح وعقل منفتح ووجه مبتسم وتعبير بالامتنان والتقدير يتبعه تصميم وعزم على الشروع في العمل نحو تحقيق التحسن المطلوب. ومن جهة أخرى، فإن على الناصح أن يتحلى بالصبر والاناة وينتقي الكلمات المناسبة والجو النفسي الملائم. ويجب ألا يتقاعس أو يثبط من عزمه إذا لم يكتشف حدوث تغيير فوري في موقف من وجّه إليه النصيحة أو في سلوكه. إن مثل هذه التغييرات عادة ما تحتاج إلى فترة زمنية تنقضي بين الاقتناع ثم العزم والتنفيذ.

        وحتى يكون الناصح أكثر فعالية وتأثيراً، عليه أن يظهر الحب ويبدى الود والاخلاص. وعلى النصيحة ألا تنمّ في نبرتها عن شعور بالتفوق والاستعلاء أو عن لوم أو سخرية أو اتهام. ويجب أن تؤدى النصيحة سراً وليس علناً، كيلا تخّلف إحراجاً أو ضغينة. إن الهدف من النصيحة هو تصحيح العيوب لدى الافراد، وليس إشاعة أفعالهم السيئة أو فضحهم.

        وإذ يتعّين علينا تلقي النصيحة بصدر رحب يجب أن نحرص ألا يخدعنا أحد، كما أزلّ الشيطان أبوينا وأخرجهما من الجنة.

        وقاسمهمَا إنىّ لكمَا لمنَ النصحينَ (21) (الاعراف)

        أو كما مكر إخوة يوسف بأخيهم:

        ... وإنَّا لنصحونَ (11) (يوسف)

        ثالثاً : النصيحة كواجب

        إن تقديم النصيحة واجبٌ عليا مهما تكن الطريقة التي يتم تلقيها بها. إذ قد لا تلقى النصيحة قبولاً طيباً:

        ... لقَد أبلغتكُم رسالةَ ربّي ونصحتُ لكُم ولكِن لا تحبونَ النصحينَ (79) ( الاعراف)

        ولقد ذكّرنا النبي عليه السلام بأمم هلكت لاهمالها النصيحة. والاهم من ذلك هو ضرورة تقديم النصيحة لوجه الله سبحانه وتعالى وحده وليس لاي غرض دنيوي.

        وفي هذا الصدد على كل داعية أن يكون قدوة حسنة للمارسة الصحيحة لهذه الفضيلة.

        ويجب ألانُصاب بالاحباط من الذين يبدون غير مكترثين بنصيحتنا المخلصة. فقد أظهرات التجربة أنه حتى هؤلاء الذين أزعجتهم النصيحة الصريحة الامرة الناهية عند تلقيها في وقت ما، أضحوا مقدرين لها في اعماق قلوبهم وممتنين فيما بعد.

        وثمة كلمة تحذير! إن إسداء النصيحة إلى شخص لا يعني بالضرورة أن رأينا حول هذه القضية رأي صحيح وسليم. قد نكون نحن على خطأ ويكون الشخص الذي نوجه إليه النصح على صواب. في مثل هذه الحالات، فإن ممارسة النصيحة يجب ألا تتحوّل إلى جدال عقيم، بل يجب أن تكون بمثابة النقاش والتفاهم الاخوي. تلك هي المسؤولية التي يتشاطرها كل من الناصح والمنصوح.

        فلنوجز فيما يلي المبادىء القرآنية حول هذه القضية:

        1 - إن إسداد النصيحة كان على الدوام رسالة الرسل.

        2 - إن النصيحة لا تلقى القبول الطيب في بعض الاحين.

        3 - ينبغي أن نحتاط كيلا نُخدع بالنصيحة.

        4 - إن مسؤوليتنا هي تقديم النصيحة لكن النصيحة لا تؤتي ثمارها إلا بإذن الله سبحانه وتعالى.

        رابعاً : النصيحة في مجال التطبيق

        أ - من العموميات إلى الخصوصيات

        يقول الله سبحانه وتعالى: وذكِر فإنَّ الذكرى تنفعُ المؤمنينَ (55) (الذاريت)

        إن التذكرة ليست هي التعليم لانها تفترض أن المعرفة متوافرة بالفعل. والمعرفة واجبة ولكنها ليست كافية. إننا في بعض الاحين ننسى وفيى أحيان أخرى لا نعي سلوكنا. وعندما نؤدي عملاً ما لا نرى أنفسنا لكن الاخرين يروننا. وإذا لم يخبرونا بالكيفية التي نتصرف بها فإننا نظل غير مدركين لعناصر القوة أو نقاط الضعف فينا. ويعتبر هذا عائقاً لدينا، لكن الله سبحانه وتعالى أوضح لنا أن الحل يأتي من اشتراكنا في مجتمع الذكرى والتذكير.

        أولاً، هناك التذكر المستمر لله سبحانه وتعالى: لقد نظم الاسلام ذلك من خلال أداة الذكر:

        الذينَ يذكرونَ اللهَ قيماً وقعُوداً وعلى جنوبهِم ويتفكرونَ فِي خلقِ السمواتِ والارضِ ربنَا ما خلقتَ هذا بطِلاً سبحنك فقِنا عذابَ النارِ (191) ( آل عمران)

        ثانياً، المستوى السلوكي للمؤمنى: وهذا يأتي في الحديث النبوي عن طريق تطبيق مبدأ:

        « المؤمنُ مرآةُ المُؤمنِ ». (1)

        فالمرء فيى المرآة العاديّة يرى نفسه بدقة وتتحدث المرآة إلية حديثاً بصرياً مرئياً. أما في المرآة الاخوية، فإن على المؤمن أن يتحدث بصوت عال إلى أخيه. وهنا مكمن الاخفاق والفشل. فغالباً ما يرغب اخواننا في تصحيح أخطائهم إذا ما عرفوها، لكّن إذا تقاعس اخوتهم حولهم عن تحديد أخطائهم لهم، فإن المنخطىء سيواطل تكرار الخطأ. وفضلاً عن ذلك، فإنه لا يكفي أن نخبر أحداً بأن يكون نظيفاً لأنه يعرف أنه يتعين عليه أن يكون نظيفاً. عليك أن تنتقل من العموميات إلى الخصوصيات. وعليك أن تبيّن له مثلاً أن رائحة كريهة تنبعث منه أو أن رائحة فمه غير طيبة أو أن ملابسه قذرة او ان اظافره طويلة... الى غير ذلك من التفصيلات المحددة، لكن بأسلوب مهذب رقيق لئلا تكون النتيجة عكسية.

        ب - من المعرفة إلى السلوك

        عليا في العمل الميداني أن نتقل من مستوى العموميات إلى مستوى الخصوصيات، كلما سنحت الفرصة. وبهذه الطريقة، فإن الشخص الذي يتلقى النصح يدرك أين تكمن المشكلة ويبدأ بالتصحيح. وهكذا، فبمجرد أن نحدد الخطأ يصبح واجبنا بينه، وإلا فإن الاخ الذي يتعّين النصح له سوف يجعلنا عرضة للحساب يوم القيمة.

        وقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي مر عليا سابقاً: « رحم الله امرءاً أهدى إلىَّ عيوبى » يبين ان عمر يفهم تذكيره بعيوبه على أنها هدايا تهدى إليه وأنها في الواقع ليست هدايا قيمة فقط لكنها هدايا ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها، ولا سيما بالنسبة لنا في الوقت الحاضر، إذ تعوزنا هذه الممارسة الجميلة التي هي وليدة حبنا للآخرين واهتمامنا بهم. فإذا ما أحببت قوماً وجب عليك أن توضح لهم أخطاءهم لا أن تفضحها للاخرين، ويتعيّن عليهم أن يبادلوك نفس التصرف، وإلا يصبح الايمان موضع تساؤل وفقاً للحديث الشريف:

        « لا يؤمنُ أحدكُم حتَّى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسهِ ». (1)

        وهذا هو نقيض الانانية التى نجدها في المجتمعات المادية حيث يُولي الناس فيها أنفسهم الاهتمام الاول. إن غايهم هي الحرية الشخصية المطلقة كسبيل للتمتع بالشهوات والانقياد وراء الرغبات. وهم بذلك غير ملزمين أن يخبروا الاخرين ما لا يودون سماعه.

        إن هدفنات هو إقامة الحق في المجتمع، حتى لو أدى ذلك إلى إخبار الاخرين بما لا يودون سماعه. وعليا أن نبدأ حالاً، ففي المرة القادمة عندما ترى أخاك يرتدي قميصاً فقد بعض أزراره، أو يضع رباط عنق معوجاً أو فتحة سرواله مفتوحه، أو تجد بقاى طعام على وجهه ولحيه أو ترى حذاءه غير مربوط بإحكام، أو تسمعهُ يتحدث بصوت عال، سارع إلى تذكيره على انفراد. وعليه أن يكون شاكراً لك هذه الهدية القيّمة التي أهديتها إليه. إذا مارسنا النصح في الوقت المناسب بكل إخلاص في برامجنا التدريبية، فإن أداءنا سيرتفع بنسبة تزيد على 50% بإذن الله، وسنشعر بنعمة الاقتراب من مجتمع الذكرى والتذكير.

        إن ذلك يم بالشكل الاتي:

        تلك هي النصيحة في مجالها التطبيقي العملي. إنها تحوّل المعرفة النظرية إلى سلوك أفضل من خلال العوامل المساعدة كالمحبة الحقيقية والاخلاص اللذين تعبآر عنهما.

        النصيحة في إطار الممارسة

        إن إسداء النصيحة وتقبلها يتطلبان توافر قوة الشخصية، وكما هو الحال فيما يتعلق بالفات الاخرى للشخصية المتّزنة فإن العزم والممارسة سوف يساعداننا على أن نصبح ناصيحن ومنصوحين بشكل أفضل. ربما يمكننا أن نحدد هدفاً لأنفسنا خلال الشهور الثلاثة القادمة. يمكننا أن نحدد هدفاً لانفسنا خلال الشهور اللاثة القادمة. يمككنا ولو لمرة واحدة أن نقدم النصيحة إلى العديد من الاخوة والاخوات الذين نحبهم ونهتم بهم، ونحلل سلوكنا خلال هذه العملية وبعدها طبقاً لما تمكت مناقشته في هذا الفصل.

        تدريب على النصيحة

        قم بتقسيم مجموعتك الصغيرة المحلية إلى مجموعات تضم اثنين لكل مجموعة. دعهم يمارسون النصح كل لزميله سراً ولمدة خمس دقائق.

        ثم تبادل الدروس المستفادة من هذه التجربة وناقش الجانب الفني في تقديم النصيحة وإجراءت النصيحة في الاجتماع العام للمجموعات.

        المصدر: دليل التدريب القيادي / هشام الطالب / المعهد العالمي للفكر الاسلامي

        تعليق


        • #5
          كيف تصبح قائد 5 (انتقاء قادة المستقبل )

          انتقاء قادة المستقبل



          أولاً : من هم قادة المستقبل؟

          ثانياً : ما الصفات المطلوبة في القادة؟

          أ - عوامل أثبتها البحث العلمي

          ب - عوامل أثبتتها التجربة العملية

          ج - عوامل أكدها الاتباع

          ثالثاً : من يملك تلك الصفات؟

          أ - الاختبار

          ب - المراقبة

          ج - الملاحظة

          رابعاً: مقياس الكفاءة القيادية

          أهداف الفصل

          لدى اكمال هذا الفصل، ستكون قادراً على :

          l تحديد صفقات القيادة والتعرف عليها.

          l تمييز الاشخاص الذين يمتلكون هذه الصفات.

          l اختبار أشخاص معينين وتقويم قدراتهم القيادية.

          أولاً : من هم قادة المستقبل؟

          بما أن المجتمع الاسلامي قائم على مبادىء العقيدة، فإن الفرد يتمتع باحترام أكبر فيى المجتمع، كلما زاد خوفه من الله سبحانه، وكلما تجنب الشر، وتحرى عمل الخير. فثروة المرء أو جنسه أو لونه أو عرقه لا دور لها في ارتفاع مكانته عند الله سبحانه، أو بين الافراد المخلصين. يقول القرآن الكريم:

          ... إنَ أكرمكُم عندَ اللهِ أتقكُم... (13) ( الحجرات)

          وليس المسلم الحق هو الذي يزهد في الحياة الدنيا أو يخلى عنها، ولكنه الانسان الذي يمارس العمل بنفسه من أجل إقامة النظام الاسلامي الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. ان البشر - رجالاً ونساءً - يتفاوتون في قدراتهم على تنظيم الاخرين وقيادتهم لتحقيق أهداف معية. وإدراكاً لهذه الحقيقة كان الرسول عليه السلام يدعو الله أن يدخل الاسلام رجلا مثل عمر بن الخطاب الذي كان له شأن عظيم في خدمة الامة لما كان يمتلكه من صفات نادرة.

          ژوهكذا يوجد في كل جماعة من البشر أناس مزاى معينة، وعليا التعرف على هؤلاء الموهوبين وتشجيعهم على الانطلاق والتميز. كما عليا أن نتيح الفرصة لهم ان كانوا ملتزمين خلقياً للتقدم لخدمة المجتمع، وأن نحرص على اختيارهم وانتخابهم للمواقع المناسبة لتصبح امكاناتهم الخاصة رصيداً جيداً للعمل.

          قد يمتنع ذوو المزاى النادرة عن قبول المهام القيادية أو مواقع المسؤولية، ولكن عليا أن نشجعهم ونعزز الصفات القيادية لديهم كي تعود المنفعة على المجتمع كله. وإذا اكتشفنا امكانات قيادية لدى عناصر غير ملتزمة بالاسلام فان عليا الاحتكاك بهم والتفاعل معهم وإقامة الحوار الايجاب بيننا وبيهم لتعزيز توجهاتهم الطيبة. واذا وجدنا هذه الامكانات لدى غير المسلمين فان عليا استخدام جميع الوسائل المشروعة لتعريفهم بالاسلام، فقد قال النبي عليه السلام:

          « الناسُ معادنُ خيارهُم في الجاهِلِيَّة حيارُهُم في الاسلامِ، إذا فقُهُوا» (1).

          ثانياً : ما الصفات المطلوبة فيى القادة؟

          قد تختلف حول تعريفات القيادة، ولكن الملاحظة تدلنا على أن لبعض الناس قدرة على التأثير فيى الاخرى أكثر من غيرهم. ويمكن تصنيف العوامل التي تحدد معالم الشخصية القيادية كما يلي :

          أ عوامل أثبتها البحث العلمي .

          ب - عوامل أثبتتها التجربة العلمية.

          ج - عوامل عبر عنها الاتباع.

          ويوجد بالطبع قدر من التداخل بين هذه المقاربات الثلاثة المتعلقة بظاهرة القيادة، لانها كلها تعالج الموضوع نفسه.

          أ - عوامل أثبتها البحث العلمى

          برزت هذه العوامل فيى ما نشر من نتائج البحوث العلمية التي أجريت على شخصيات قيادية ناجحة

          ورجال أعمال ومسؤولي مشروعات موفقة. ( تنطبق هذه الصفات على النساء كانطباقها على الرجال ) .

          1 - القدرة الذهنية: ليس من الضروري أن يكون المرء غعبقرياً.

          2 - الاهتمامات والقدرات الواسعة: ليس القائد الناجح أسير تخصص ضيق، بل يمتلك فهما عاماً وثقافة واسعة ولديه قدرات متنوعة واهتمام خاص بالعمل المناط به إضافع الى اهتمامه بالعديد من القضايا والنشاطات المطلوبة الاخرى في المحيط الذي يحرك فيه. إنه شخص موهوب وواسع المدارك والافاق.

          3 - مهارات الاتصال والتخاطب : لقد كانت احدى صفات الرسول عليه السلام البارزة انه «افصح العرب لساناً». وجاء في معظم كامبردج لتاريخ الادب الامريكي ان الرئيس لنكولن لم يفز بقيادة حزبه عام 1860 بسبب سياساته او اعماله وانما باسلوبه في التخاطب والتعبير. وكما يقولون في كل الثورات، «فالاقدر على التعبير عنها هم الذين يقودونها».

          4 - النضج : لا اثر للطباع الطفولية في شخصية القائد الناجح، وتتسم جميع توجهاته وتصرفاته بسمات الرجولة والنضج وتقدير المسؤولية. اما نفسياً فهو دائم الاطمئنان والتوازن في ذاته مما يجعله مصدراً للامان والطمأنينة لدى اتباعه.

          5 - الهمة العالية : لقد تعارف البشر منذ القدم على ان قوة الشخصية والاقدام وروح المبادرة والشجاعة والعزيمة كلها من الصفات البارزة للقيادة القوية. فالقائد الناجح يحبذ وضع الخطط وتنظيم عمل الاخرين وتوجيههم، فهو ذو توق عظيم للانجاز.

          6 - المهارات الاجتماعية : القيادة اساساً هي تحقيق العمل من خلال الاخرين، مما يبين ان القائد الناجح لا بد ان يعتمد كثيراً على المهارات الاجتماعية. فعلى الرجل القيادي ان يراعي مشاعر الاخرين وميولهم سواء الظاهر منها او الخفي، كما ينبغي عليه ان يظهر قدراً كبيراً من الاهتمام بالاخرين كي يكون اكثر تأثيراً فيهم.

          7 - القدرات الادارية : ان التأمل والتأصيل والابداع والتخطيط والتنظيم والتوجيه والقدرة على الانجاز وتقويم الناس والتمحيص والتعليم والايحاء والتحليل وقوة الملاحظة وبعد النظر والقدرة على التحسين والتلخيص واعداد التقارير واتخاذ القرارات والانجاز مهارات اهم من تلك المهارات الفنية او التقنية الخاصة ذات العلاقة بالعمل، ويعتمد عليها القادة بشكل خاص.

          ب - عوامل اثبتتها التجربة العملية

          هذه العوامل هي حصيلة التجارب والخبرات للقادة الذين مارسوا التنفيذ والقيادة وتولا تنظيم الاعمال والنشاطات :

          1) الصفات المتوقعة في الشخص القيادي :

          1 - سلامة الخلق

          2 - براعة التأمل والتصور

          3 - الملكة الادارية والتنظيمية

          4 - انصاف الجميع

          5 - تنوع الاهتمامات

          6 - القدرة على التوجيه

          7 - النضج العاطفي

          8 - الاهتمام بالتخطيط

          9 - احترام النفس واحترام الاخرين

          10 - الجد والمثابرة

          11 - الحسم في القرار

          12 - حسن التنظيم والترتيب

          13 - كونه موثوقاً ويعتمد عليه

          14 - الحماسة

          15 - النشاط والطاقة

          16 - الاهتمام بتدريب الاخرين

          17 - حسن التعبير (تحدثاً وكتابة)

          18 - المنطقية واستقامة التفكير

          19 - اليقظة وحدّة الذهن

          20 - تقدير المسؤولية

          21 - التطلع نحو الافضل

          22 - ثراء الافكار والامكانات

          23 - روح المبادرة والجد في العمل

          24 - الاخلاص للّه والصدق مع الناس

          25 - الشعور الاّنساني الفياض

          26 - الزهد فيى المنصب ( طالب الولاية لا يولّى )

          2) المعرفة المفترضة في القائد:

          1 - أهداف العمل ومبادؤه وغاياته

          2 - الهيكل التنطيمي وتوجهاته

          3 - الواجبات والمسؤوليات

          4 - سياسات المنظمة وممارساتها واجراءاتها

          5 - مبادىء أساسية في الاقتصاد

          6 - مبادىء الاط دارة العلمية وأساليبها

          7 - منتجات المنظمة ومجالات عمله

          8 - التخطيط والجدولة الزمنية والمراقبة

          9 - احتياجات الانفاق ومراقبتها

          10 - معرفة مهنية وتقنية وتجارية وعملية

          11 - متطلبات الجودة والتحكم بها

          12 - مبادىء أساسية فيى الرياضيات واللغة والعلوم الطبيعية

          13 - القوانين والتشريعات المتعلقة بعمله

          14 - المعايير والمقاييس الخاصة بالمهنة

          15 - قوة الشخصية ومستلزمات تطويرها

          16 - فن وعلم التفكير المبدع

          17 - مبادىء وأساليب العلاقات الانسانية

          18 - مبادىء وأساليب ووسائل الانتقاء والتوظيف

          19 - مبادىء وادوات واساليب التدريب

          20 - نظام المكافآت والجزاء في المنظمة

          21 - صيانة الالات والمعدات والمواد

          22 - وظائف وحدات العاملين في المنظمة

          23 - الاتصالات

          24 - متطلبات السلامة في العمل والبيت واوقات الترفيه

          25 - الافراد والالات والمواد والوسائل

          26 - تحقيق انتاجية عالية ونوعية جيدة بتكلفة منخفضة

          3) المهارات : على القائد ان يتمتع بمهارات في المجالات التالية :

          1 - التفكير المبدع

          2 - التخطيط والتنظيم والتنفيذ والمتابعة

          3 - التعليم والتوجيه والتدريب الميداني

          4 - توزيع العمل على عضاء الفريق

          5 - توفير المواد والمعدات والتجهيزات

          6 - انتقاء الافراد وتوظيفهم

          7 - تزويد الاخرين بالمعلومات اولاً بأول

          8 - القدرة على المراقبة والتحكم

          9 - التقليل من التالف والاستهلاكات

          10 - ضبط الانفاق

          11 - متطلبات الجودة وضبطها

          12 - تنفيذ السياسات والعقود والاجراءات

          13 - العناية بسلوك الموظفين ورفاههم

          14 - التعاون مع الاخرين

          15 - تدوين الاحداث والاعمال والتفاصيل

          16 - وضع الانظمة واللوائح موضع التنفيذ

          17 - معالجة مشاكل الموظفين

          18 - التمسك بمبادىء السلامة دوماً

          19 - مواجهة الطوارىء

          20 - مراعاة النظافة والترتيب

          21 - مداومة الدراسة والتعلم لتحسين الاداء

          22 - الاخلاص في العمل وعدم اضاعة الوقت

          23 - الالمام بالتطورات والمحافظة على اللياقة البدنية

          24 - تقديم قدوة حسنة

          25 - القيادة من اجل زيادة الانتاجية وجودة النوعية وتخفيض التكاليف

          ج - عوامل اكدها الاتباع :

          وهي مقومات قيادية لاحظها العاملون في قادتهم من خلال مواقف مختلفة وعبروا عنها :

          1 - مراعاة مشاعر الاخرين

          2 - التحرر والنزاهة

          3 - الامانة والاستقامة

          4 - الاتقان

          5 - معرفة الناس

          6 - ضبط النفس

          7 - الشجاعة

          8 - الوضوح والصراحة

          9 - الحسم

          10 - الوقار والهيبة

          11 - الاهتمام بالاخرين

          12 - حب المساعدة

          ويمكننا ان نضيف الى هذه القائمة عوامل اخرى خاصة لاوضاع محددة كالتي تتطلب مستوى تعليمياً معيناً او قدرات جسمانية خاصة.

          ثالثاً : من يمتلك تلك الصفات ؟

          لكي نحدد من من الناس يمتلك الصفات القيادية اللازمة، لا بد من تقويم المرشحين حسب مجموعة من المعايير، ويتم ذلك بالاساليب التالية :

          أ - الاختبار

          وسواء كان الاختبار موضوعياً او ذاتياً، فهو يحدد الامور التالية :

          أ - الميول (وهي خصائص غير مطلقة)

          ب - القدرات الكامنة (التي ربما لم تتم تنميتها بعد)

          ج - نقاط عجز محتملة (وهي تظل كامنة حتى يثبت العكس) في ثلاث مجالات رئيسة، هي :

          1 - الطاقة على العمل (الهمة - المعرفة - المهارات - القدرات)

          2 - الرغبة في انجاز العمل (روح المبادرة - التحرك الذاتي - الحركة الدافعة)

          3 - القدرة على الانسجام (مع النفس ومع الاخرين)

          ب - التجريب

          يمكن وضع الشخص القيادي تحت تجربة قيادية في تناول مختلف المشاكل، وهي معدة خصيصاً لاختباره على مدى فترة زمنية قصيرة، يتم خلالها اخضاعه لمراقبة دقيقة مستمرة من محكمين مؤهلين وقادرين على تحليل تصرفاته واعماله وتقويمها.

          ج - الملاحظة

          من خلال محصلة الاختبار والتجريب وما يتبع من وسائل واساليب، تتكون كمية من المعلومات والنتائج الهامة، الا ان قدراً هاماً من المعلومات يظل غير معروف. ولاستكمال التقويم، تجري مراقبة تصرفات الفرد ومواقفه واحواله في اوضاع حياتية عامة.

          تذكر دائماً ان :

          l لا يتجاوز المرشح للقيادة الحد الاعلى او يتخلف عن الحد الادنى من مقاييس القيادة التي تحددها اللوائح.

          l على المرشح للقيادة ألا يمتلك نقيصة تطغى على خصاله الحسنة.

          l المرشح للقيادة قادر على العمل والعطاء تحت ظروف تقتضي التعليم المكثف.

          l المرشح للقيادة هو الذي يجيب تلقائياً بنعم على السؤال: «هل نحن آمنون تحت امرتك وبين يديك؟».

          رابعاً : مقياس الكفاءة القيادية

          لتقويم مستوى الشخص القيادي علينا الاجابة على اسئلة الاستبيان المدرجة ادناه، والتي يمكن الاجابة عليها من قبل شخص او اكثر من ذوي العلم والخبرة وممن عرفوا الشخص المرشح معرفة جيدة، ثم يؤخذ متوسط مجموع الاجابات، للوصول الى نتائج اقرب الى الصواب.

          تعليمات :

          على المجيب أن يضع علامة في خانة واحدة لكل بند.

          وعلى المقوم أن يحسب النقاط الخاصة بكل بند ويخرج بمتوسط درجة كل بند، اذا وجد اكثر من مجيب واحد، ثم يجمع الدرجات لتحديد الدرجة النهائية لكل مرشح.

          الاسئلة (مع الشرح)

          1 - الريادة : يتمتع بعضهم بمواهب مميزة للقيادة، وتشرئب اليهم انظار من حولهم، وكثيراً ما يحتلون مراكز الصدارة ويتوقع منهم التقدم للقيادة في أي عمل. كما نجد على الطرف الاخر اناساً يرضيهم ان يكونوا تابعين لا توكل اليهم مهام من أي نوع. بين هذين النوعين من البشر يوجد اشخاص لهم قدرات القيادة بدرجات متفاوتة. استناداً الى ملاحظتك لاداء شخص معين كيف تقوم هذا الشخص مقارنة بأقرانه؟

          (5 نقاط) - قيادي من الطراز الاول

          (4 نقاط) - قيادي في اغلب الاحوال

          (3 نقاط) - متوسط الكفاءات القيادية

          (نقطتان) - يميل الى الانقياد اكثر من القيادة

          (نقطة) - تابع مأمور لا يحيد عن التبعية

          2 - أصالة التفكير : بعض الناس مستقلون ومبدعون في تفكيرهم، ولهم «آراؤهم الخاصة» في معظم الامور. فهم يحللون الامور ويفسرونها ويتوصلون الى افكار واقتراحات اصيلة حول منهج العمل. بينما هناك آخرون لا نصيب لهم من ذلك، وكثيراً ما يبحثون عن الحلول لدى الاخرين، قبل ان يعملوا فكرهم، فليعتمد تقديرك للشخص على ما يقوم به من اعمال فعلاً.

          (5 نقاط) - اصيل التفكير فوق العادة

          (4 نقاط) - اكثر ابداعاً من الشخص العادي

          (3 نقاط) - في مستوى غالبية الناس

          (نقطتان) - يميل الى الاعتماد على غيره في الافكار

          (نقطة) - لا يظهر أي رغبة في التفكير الاصيل

          3 - سحر الشخصية : يتمتع بعض الناس بالقدرة على اشاعة البشاشة فيمن حولهم فهو الفٌ مألوف، بينما يخلف البعض الاخر انطباعاً سيئاً بالشكاسة والجفاء والاستعلاء لدى من يقابلونهم. ويلقى صاحب الشخصية البشوشة الترحيب في كل مكان وتأتيه الدعوات من كل جانب ويكثر اصحابه ومعارفه، فان الشخصية المنفرة قلما يسعى اليها الناس، وغالباً ما يكون صاحبها مهملاً من الاخرين. المطلوب هنا تقويم الشخص من حيث مواقفه تجاه الناس ومواقف الناس تجاهه :

          (5 نقاط) - من اكثر الناس قبولا في المجتمع، يألف ويؤلف

          (4 نقاط) - يتمتع بشعبية جيدة

          (3 نقاط) - متوسط - يلقى الترحيب المعتدل لكنه غير متميز

          (نقطتان) - قليل الشعبية

          (نقطة) - يترك انطباعاً سيئاً لدى اغلب الناس

          4 - الاتصال بالناس : بعض الناس قادر على التحدث باسلوب يجذب اهتمام الاخرين وعلى توصيل افكاره بصورة تلقائية وواضحة، بينما على الضد من ذلك، هناك من يتحدث ببطء وبتردد وبطريقة غير جذابة. وبينهما اناس على درجات متفاوتة من القدرة على التخاطب والاتصال بالاخرين. المطلوب هنا تقويم الشخص مقارنة بغيره. هل يفهم الناس ما يقول بسرعة وبسهولة؟ هل ينصتون اليه في يسر ومتعة عندما يتكلم؟ حاول أن تتذكر تجارب محددة في هذا الشأن.

          (5 نقاط) - متحدث بارع

          (4 نقاط) - فوق المتوسط في القدرة على التعبير وتوصيل الافكار

          (3 نقاط) - على مستوى اغلبية الناس

          (نقطتان) - متحدث غير جيد

          (نقطة) - على مستوى متدن جيداً في الحديث

          5 - أمين ويمكن الاعتماد عليه : بعض الناس موثوقون لدى الاخرين، ويعتبرون أمناء في جميع المواقف، ويحوزون على احترام الجميع. والصورة المقابلة هو الشخص الذي لا امانة له ولا يمكن الاعتماد عليه في شيء. والمطلوب دراسة المرشح كما تعرفه انت شخصياً وبناءً على ما عرف عنه وتحديد موقعه في ميزان الثقة والقوة مقارنة بمن حوله.

          المصدر: دليل التدريب القيادي / هشام الطالب / المعهد العالمي للفكر الاسلامي

          تعليق


          • #6
            كيف تصبح قائد 6 (أهدافنا)

            أهدافنا



            أولاً : السياق التاريخي

            أ - مشيئة الله في جعل خليفة في الارض

            ب - المعرفة

            ج - الامتحان

            د - الانبىء قدوة للبشر

            ثانياً : مسار العمل

            أ - مهمتنا

            ب - الاصلاح والاحسان والاتقان

            ج - الهدف

            د - الوسائل

            أولاً : السياق التاريخي

            ان اهداف برامج الاعداد القيادي ليست تكوين مسلمين جدد، لاننا نفترض ان الاعضاء ملتزمون بالاسلام ويمارسونه ويسعون الى بذل المزيد من اجل قضاياه الحقة.

            والسياق التاريخي لوجود الانسان على هذه الارض، كما اورده القرآن الكريم، يلقي اضواء هامة على اهدافنا في هذا الوجود.

            أ - مشيئة الله في جعل خليفة في الارض

            يروي القرآن الكريم قصة الخلق فيقول:

            واذ قالَ ربك للملئكةِ انيِ جاعلُ في الارضِ خليفةً قالوا أتجعلُ فيها من يفسدُ فيها ويسفك الدماءَ ونحنُ نسبحُ بحمدك ونقدسُ لك قالَ انيِ أعلمُ ما لا تعلمونَ (30) (البقرة)

            ان تركيز الملائكة في سؤالهم على الافساد ونشر الشر وسفك الدماء امر له دلالته. فتلك افعال تناقض جميعها الاصلاح المتمثل في بناء الحضارة واعمار الكوكب.

            ب - المعرفة

            كان من اول ما فعله الله سبحانه وتعالى لادم عليه السلام بعد خلقه هو:

            وعلمَ ءادمَ الاسماءَ كلها ثمَّ عرضهم على الملئكةِ فقالَ أنبئونيِ باسماءِ هؤلاءِ ان كنتم صدقينَ (31) قالوا سبحنك لا علمَ لنا الا ما علمتنا انك انتَ العليمُ الحكيمُ (32) (البقرة)

            لقد علم الخالق سبحانه وتعالى آدم «اسماء كل شيء» وهو الشرط الاساسي والجوهري لامتلاك قوة العقل التي من دونها لم يكن بامكان آدم ولا الملائكة التعرف على شيء.

            ج - الامتحان

            اخفق آدم وحواء في الامتحان الذي تعرضا له في الجنة، اذ يقول الله تعالى: (فازلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع الى حين)، (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم)، (قلنا اهبطوا منها جميعاً فاما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (البقرة).

            لقد كان اتباع البشر للهدى او للضلال امتحاناً لهم، وهو ما يتحدث عنه القرآن الكريم مراراً:

            الذي خلقَ الموتَ والحيوةَ ليبلوكم أيكمُ أحسنُ عملاً وهوَ العزيزُ الغفورُ (2) (الملك)

            أحسبَ الناسُ أن يتركوا أن يقولوا ءامنا وهم لا يفتنونَ (2) (العنكبوت)

            ولنبلونكم حتى نعلمَ المجهدينَ منكم والصبرينَ ونبلوا أخباركم (31) (محمد)

            د - الانبياء قدوة للبشر

            كيف نعدّ انفسنا لامتحان الحياة واجتيازه؟ ان المعرفة وحدها لا تكفي والا لكانت الكتب السماوية كفيلة بتقيق هداية البشر. ولكن هنالك حاجة الى نموذج عملي يبين للناس كيف تكون الهداية. وقد كان انبياء الله عليهم السلام هم ذلك النموذج. ففي سيرتهم نرى كيف تترجم المعاني والقيم الى واقع وممارسة عملية. كما زود الله الانبياء بالحكمة وهي عين الصواب في تطبيق العلم.

            ولما بلغَ أشدهُ ءاتينهُ حكماً وعلماً وكذلك نجزي المحسنينَ (22) (يوسف)

            وبنظرة عامة في كتاب الله نجد ان القرآن الكريم قد حدد رسالة الانبياء بأنها التبليغ الواضح المبين عن الله سبحانه وتعالى:

            وما علينا الا البلغُ المبينُ (17) (يس)

            فذكر انما انتَ مذكرُ (21) لستَ عليهم بمصيطر (22) (الغاشية)

            فذكر ان نفعتِ الذكرى (9) (الاعلى)

            ادعُ الى سبيلِ ربكَ بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ وجدلهم بالتي هيَ أحسنُ انَّ ربكَ هوَ أعلمُ بمن ضلَّ عن سبيلهِ وهوَ أعلمُ بالمهتدينَ (125) (النحل)

            يؤدي الانبىء مهمة رئيسة جليلة تقوم على الانذار الواضح والتبيين والبلاغ بالحكمة والموعظة الحسنة والنقاش بأفضل الاساليب. فهم يذكرون بالحق ولا يستخدمون الاكراه لتأدية مهمتهم، كما انه ليس بوسعهم هداية الناس، لان الهدى من عند الله وحده.

            لا اكراهَ في الدينِ قد تبينَ الرشدُ منَ الغيّ فمن يكفر بالطغوتِ ويؤمن باللهِ فقدِ استمسكَ بالعروةِ الوثقى لا انفصامَ لها واللهُ سميعٌ عليمٌ (256) (البقرة)

            انكَ لا تهدي من احببتَ ولكنَّ اللهَ يهدي من يشاءُ وهوَ أعلمُ بالمهتدينَ (56) (القصص)

            ثانياً : مسار العمل

            أ - مهمتنا

            تبين الاية التالية دورنا ومهمتنا في الحياة، اذ تقول:

            قل هذهِ سبيلي أدعوا الى اللهِ على بصيرة أنا ومنِ اتبعني وسبحنَ اللهِ وما أنا منَ المشركينَ (108) (يوسف)

            فهكذا يؤكد الرسول نهجه: الدعوة الى الله بجلاء وعلى بصيرة هو ومن معه. وينبغي أن تكون استراتيجيتنا في التدريب هي اعداد الفرد لبلوغ حالة البصيرة هذه. كما ينبغي أن يكون هدف الافراد في الحياة هو ما عبر عنه الانبياء من قبل. ألا وهو الصراط المستقيم. ولما كان محمد عليه السلام هو خاتم الانبياء والمرسلين، فان واجب القيام بالمهمة التي حددتها الاية أعلاه يقع على اتباعه ونحن منهم. واذا كانت الاية موجهة للرسول واتباعه عموماً، فان الاية التالية تنطبق مباشرة على المتدربين:

            ومن أحسنُ قولاً ممن دعا الى اللهِ وعملَ صلحاً وقالَ انني من المسلمينَ (33) (فصلت)

            وبناءً عليه، فان رسالة المتدرب هي:

            l الدعوة الى سبيل الله.

            l العمل والتصرف بأحسن الوجوه.

            l اعلان الانتماء الى المسلمين.

            والنقطة الاخيرة تلغي امكانية ان يصبح الداعية فرداً منعزلاً متعالياً على غيره. بل على العكس من ذلك، على الداعية أن يسعى لتحقيق التغيير الاجتماعي وان يسهم فيه. فكل برامج الاعداد وتزكية النفس انما تهدف الى جعله فاعلاً في عملية التحول الاجتماعي، وهذا ما تشير اليه اكثر من آية في القرآن الكريم:

            لهُ معقباتُ من بينِ يديهِ ومن خلفهِ يحفظونهُ من امرِ اللهِ انَّ اللهَ لا يغيرُ ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم... (11) (الرعد)

            وتكمن بلاغه التعبير والمعنى في قوله: «انفسهم» بالجمع وليس بالمفرد. ان وجود الافراد المبدعين المبرزين في مجتمع ما لا يكفي وحده، ولكن على هؤلاء الافراد العمل متكاتفين وبروح جماعية فعالة، كي يبلغوا أقصى درجات الامتياز، ويغيروا ما بأنفسهم كجماعة متضافرة، لا ان يغير احدهم ما بنفسه منفرداً.

            ب - الاصلاح والاحسان والاتقان

            ان برنامج التدريب يؤهل الفرد للتقدم عبر مراحل هي: الاسلام والايمان والاحسان والاتقان، وان يجتهد دائماً من اجل بلوغ مستويات اعلى بشكل مطرد. فبعد ان يتحقق الايمان في نفس المرء نجده يسعى للوصول الى درجة الاحسان، والاحسان معناه الاستمرار في تحسين الاداء، وهو عملية متواصلة تشمل الاصلاح، وهو نقيض الافساد في العمل.

            وها هو نبي الله شعيب يلمح الى الاحسان في جهده مع قومه اذ يقول لهم (ان اريد الا الاصلاح):

            قالَ يقومِ أرءيتم ان كنتُ على بينة من ربي ورزقني منهُ رزقاً حسناً وما أريدُ ان أخالفكم الى ما أنهيكم عنهُ ان اريدُ الا الاصلحَ ما استطعتُ وما توفيقي الا باللهِ عليه توكلتُ واليهِ انيبُ (88) (هود)

            الاتقان ومراحل التقدم نحو الكمال البشري

            الاتقان

            الاحسان

            الاصلاح

            فكلما واجه الانسان موقفاً صعباً، كان عليه أن يستخلص منه افضل ما فيه، وان يسعى الى الاحسان والاصلاح في أمره طبقاً لما اخبر الله به رسوله عليه السلام اذ قال:

            ولا تستوي الحسنةُ ولا السيئةُ ادفع بالتي هيَ أحسنُ فاذا الذي بينكَ وبيهُ عدوةُ كأنهُ ولىٌّ حميمُ (34) (فصلت)

            ج - الهدف

            تدلنا الايات القرآنية الواردة اعلاه على هدف الدعوة هو «اعداد قادة اسلاميين نشطين واعين يتولون ريادة التغيير الاجتماعي على بصيرة، عن طريق اكتساب المعرفة والحكمة، وممارسة فن الدعوة بفهم ووعي ومن خلال علاقات متينة وفعالة».

            د - الوسائل

            ولتحقيق هذا الهدف يقدم برنامج الاعداد والتدريب فرصة قيمة، تعزز من التزام المتدربين، وترفع من مستوياتهم العلمية، وتطور مهاراتهم في الاتصال والادارة والتخطيط. كما يؤكد برنامج التدريب على تقوية قدرات الدعاة البدنية والابداعية، وتنمية الروح الجماعية، وتعزيز السمو الروحي، وتربية التوجهات الايجابية التي تعالج القضايا وتقدم الحلول. كما يهدف البرنامج الى نقل الخبرات من الكبار الى من هم اصغر منهم سناً بشكل مكثف ومركز.

            ونأمل أن يبدأ منفذو البرنامج من حيث انتهى من سبقهم، متجنبين اخطاءهم، ومستكشفين استراتيجيات جديدة بدلاً من الوقوف عند القديم والتشبث به. كما نجد ان برنامج التدريب يسعى اساساً الى تربية جيل يعرف اولويات عمله ويكون طرفاً في الحلول، لا جزءاً من المشكلات.

            المصدر: دليل التدريب القيادي / هشام الطالب / المعهد العالمي للفكر الاسلامي

            تعليق


            • #7
              كيف تصبح قائد 7 (بناء الفريق والانجاز الجماعي)

              بناء الفريق والانجاز الجماعي



              أولاً : بناء الفريق

              أ - ما الفريق؟

              ب - كيف يؤدي الفريق وظائفه بشكل فعّال؟

              ج - الاداء بين الفرد والفريق

              ثانياً : اسلوب حملة العمل الخاصة

              أ - اداة للانجاز الجماعي

              ب - مثال للدراسة

              ثالثاً : اللجان الوظيفية

              رابعاً : لجان العضو الواحد

              خامساً : الادوار الفردية في الاداء الجماعي

              سادساً : المكونّات الاساسية لعمل الفريق

              أ - من نحن وماذا نريد؟

              ب - من يصل الى القمَّة؟

              ج - مرض زيادة الاعباء

              د - تحرّي الصواب دائماً

              هـ - مسؤولية الجميع: لا أحد مسؤول!

              أهداف الفصل

              لدى إكمال هذا الفصل، ستكون قادراً عل :

              l تحديد الخصائص المميزة للفرق الفعالة:

              l تشكيل فرق عمل لانجاز أعماله معية.

              l تشكيل حملات عمل لتحقيق أهداف محددة.

              l إدراك نوعية اللجان الفعّالة.

              « يد اللهِ معَ الجماعةِ، ومَن شذَّ إلى النَّار »(1)

              أواً: بناء الفريق

              أ - ما الفريق؟

              الفريق هو وسيلة لتمكين الافراد من العمل الجماعي المنسجم كوحدة متجانسة، وتنظيم هذه الفرق أو الوحدات هو أحد مهام القيادة الجيدة. والعمل الجماعي أمر يحث عليه الاسلام، ففيه البركة والتوفيق والفاعلية.

              وتشكيل الفريق لا يعني التجميع العشوائي لافراد متنافري التوجهات، لكنه عبارة عن مجموعة أفراد مشتركين في أداء مهمة أو رسالة متواصلة ذات أهداف وغايت مشتركة. ويم تنفيذ المهمة من خلال سلسلة من الاعمال المتتالية أو المتوازية التي يمكن تعديلها من حى لاآخر. وقد يمثّل أعضاء الفريق المنظمة كلها أو مجالات مختلفة من نشاطها بخلفيت ومهارات وخبرات متعددة ومتصلة بالمهمة المطلوب تأديتها. كما يقسم الفريق الكبير أحياناً إلى فرق صغيرة فرعية، ويوقع فيى هذه الحالة من كل عضو تحمل مسؤولية نجاح الفريق الكبير أحياناً إلى فرق صغيرة فرعية، ويتوقع في هذه الحالة من كل عضو تحمل مسؤولية نجاح الفريق ككل وإنجاز المهمة المطلوبة.

              لا بد أن يرتبط عمل الفريق وأداء كل عضو فيه بمهمة أو هدف محدد، ويمكن تغيير تشكيلة الفريق وقيادته بتغير المهمة. وبرغم تعدد إسهامات الافراد ومعارفهم ومهاراتهم، فإن الفريق ككل وجميع أعضائه مسؤولون مسؤولية شخصية عن أداء المهمة والسعي من أجل انجاحها. وتقع مسؤولية تنفيذ أعمال الفريق واتخاذ القرارات وإصدار الاوامر الخاصة بكل عمل على العضو المؤهل لذلك بالتحديد. وتتمثل مسؤولية قائد الفريق في تحديد ما يلائم كل عضو من الاعضاء من مهام وواجبات ولا يعني ذلك تولّيه هو شخصياً اتخاذ القرار والسلطة والتنفيذ لكل واجب من الواجبات.

              ولكي يكون أعضاء الفريق أكثر فعّالية يجب تدريبهم على أساليب الاتصال داخل الفريق نفسه، وممارسة أدوارهم فيه والوصول إلى رأي مشترك، وأن يعوا مصادرة القوة التي تعزز صلاحيتهم القائمة. فالعضو الذي يملك معلومات أو خبرة أو بإمكانه أن يكون مرجعاً للاآخرى في العمل يصبح محور قوة للدفع بالعمل قُدُماً. كما ينبغي تدريب الاعضاء على مفاهيم تطوير المنظمات وأساليب التعاطي مع وسائل النزاع والوفاق في تلك المنظمات.

              ب - كيف يؤدي الفريق وظائفه بشكل فعّال؟

              يؤدي الفريق وظائفه عادة على جميع مستويات المنظمة، إلا أنه أكثر فائدة فيى المستويت القيادية والادارية العلى. وتتوقف الفاعلية على الفهم الواضح لهمة الفريق والالتزام بها وتحديد المسؤوليت بدقة. ومما يساعد على نجاح الفريق الالتزام بقواعد أساسية معينة، من بينها ما يلي:

              1 - على كل عضو فريق مكلف بعمل ما أن يتولى المسؤولية الاساسية يه ويوقع أن يكون هو صاحب القرار النهائي حياله.

              2 - أى، بمعنى آخر لا يجوز للعضو أن يبتُ في أمور لا صلاحية له فيها:

              3 - لا يجوز لاعضاء الفريق العمل ضد بعضهم، حتى وإن كانت بيهم جفوة، أو عدم توافق في وجهات النظر حول قضايا معية.

              4 - يختلف الفريق عن اللجنة التي تتخذ قراراتها بالتصويب، فمسؤول الفريق هو قائده الحقيقي وليس مجرد مدير لاجتماعاته.

              5 - إيجاد حلقات اتصال مكثفة ومنظمة بى أعضاء الفريق.

              ج - الاداء: بين الفرد والفريق

              يتوقف نجاح الفريق على خصائص الافراد الاعضاء. فهناك من هو موهوب لكنه لا يصلح - بطبيعته - أن يكون « لاعباً » في الفريق لقلة حظه من الاعداد والتدريب. إن لاعب الفريق الفعال يحتاج - بالاضافة إلى المهارات والمعارف الضرورية - إلى الاستعداد للتضحية من أجل مصلحة الفريق ككل. وفي الوقت الذي يسهم فيه أعضاء الفريق بأقصى ما لديهم من جهود فإن عليهم أن يعيوا المسؤول على قيادة الفريق بنجاح وعليهم أن يكونوا قادرين على رؤية الامور بوضوح وحلّ المشاكل في يسر.

              كما ينبغي أن تتوافر لديهم الرغبة في تجريب الجديد من الاساليب وإبداع روح التسامح في التعامل مع الاخرى... وينبغي أن يكون توجآههم الاساسي نحو تحقيق مهمة الفريق.

              ثانياً : أسلوب حملة العمل الخاصة

              أ - أداة للانجاز الجماعي

              تمثّل حملة العمل أداة من أدوات العمل الجماعي الفَعال. ويم تشكيلها عندما تقتضي المشكلة القائمة إسهامات ومشورة أشخاص يتمتعون بتجارب واهتمامات متنوعة. وتقوم هذه الاداة بأعمالها على أفضل ما يرام عندما يكون التحدي أمامها على شكل مهمة واضحة ومحددة وتمنح الصلاحية الكافية في البحث عن الحلول المطلوبة.

              ويتطلب تشكيل فريق العمل ما يلي:

              1 - تحديد المهمة، وذلك بتحديد الهدف المنوط بحملة العمل تحقيقه.

              2 - تحديد إطار زمني للمهمة بما في ذلك أقصى موعد لانجازها ومراحل ذلك.

              3 - إصدار وثيقة تكليف تحوي أسماء أعضاء الحملة والبيانات المذكورة أعلاه.

              4 - تحديد ميزانية.

              ولكي يكون الاداء على أعلى المستويات، يجب التأكد من إبلاغ جميع أعضاء الفريق بالمهمة واستيعابهم لها بالطريقة نفسها. ويم دعم حملة العمل بتمكيها من الوصول إلى المعلومات بسهولة سواء كانت في الملفات أو في حوزة أفراد. كما ينبغي حث فرق العمل على إصدار تقارير دورية، خاصة إذا كانت المهمة طويلة ولها آثار بعيدة، إذا ستستفيد الحملة من ردود الافعال والملاحظات عن تلك التقارير.

              اطن أسلوب حملة العمل لا ينطبق على كل مهمة مطلوب إنجازها جماعياً. فهو وسيلة ناجعة للانجاز الجماعي عندما يوافر لدى المنظمة الفهم المشترك ووحدة الاتجاه. ولا يعطي أولوية في عمله لطرح البدائل وترجيها، بل لتحد يد مسار العمل وتوجيهه في الاتجاه المطلوب.

              ب - مثال للدراسة

              من الامثلة في هذا الصدد حملة العمل المكلفة بوضع الهيكل العام للعمل الاسلامي الذي انبثق عن اتحاد الطلبة المسلمين في أمريكا الشمالية عام 1977 والتي وضعت الاسس التي قامت عليها الجمعية، وها هي ملامح ذلك الفريق:

              1 - المهمة: وضَع تصور لهيكل تنظيمي جديد للعمل الاسلامي من اتحاد أمريكا الشمالية.

              2 - الاعضاء:

              أ ) شخصيت بارزة في العمل الاسلامي من اتحاد الطلبة المسلمى.

              ب ) شخصيت بارزة فيى العمل الاسلامي من خارج اتحاد الطلبة المسلمين.

              ج ) شخصيت قيادية سابقة خدمت فيى اتحاد الطلبة المسلمين.

              3 - الاجتماعات: اجتماع عام لفريق الحملة تتبعه اجتماعات لثلاث لجان مكلفة بدراسة مواضيع محددة.

              4 - التقارير:

              أ ) استبين ينشر في النشرة الشهرية للاتحاد للحصول على آراء الجمهور.

              ب ) محاضر جلسات اللجان التابعة للفريق.

              ج ) تقرير نهائي حول ما توصلت إليه اللجنة.

              5 - التوصيات:

              إنشاء اتحاد على مستوى القارة الامريكية يجمع بى التنظيمات التالية: اتحاد الطلبة المسلمين واتحاد الجاليت الاسلامية المزمع تشكيله والجمعيت المهنية الثلاث، وهي جمعية الاطباء المسلمين وجمعية العلماء والمهندسين المسلمين وجمعية علماء الاجتماع المسلمى.

              ثانياً : اللجان الوظيفية

              اللجان الوظيفية هي أكثر أساليب الاستفادة من إمكانيت الانجاز الجماعية انتشاراً، وهي تؤدي مهامَ اً محددة. ولقد ناقشنا في موضع آخر من هذا الدليل طبيعة هذه اللجان وتشكيلتها وإدارتها وفيما يلي بعض الارشادات الخاصة بعمل هذه اللجان من وجهة نظر الانجاز الجماعي:

              يُنصح بعمل التالي:

              1 - بين تحديد مهمة اللجنة.

              2 - تحديد « النتيجة » التي تسعى اللجنة إلى الوصول إليها والاطار الزمني لذلك.

              3 - تحديد موقع اللجنة في الهيكل التنطيمي.

              كما ينصح بتفادي ما يلي:

              1 - استخدام اللجنة لتبرير تصرفات القادة..

              2 - تخطي القادة للّجنة عن طريق اتخاذ قرارات تقع ضمن اختصاص اللجنة.

              3 - إخضاع أعمال اللجنة للمراجعة من قبل لجنة أخرى، إلا في حالة وجود هدف معروف ومحدآد لمثل هذا الاجراء.

              رابعاً : لجان العضو الواحد

              لجنة العضو الواحد كما يتضح من عنوانها تتكون من فرد واحد، وغالباً ما تكون أسلوباً مناسباً للانجاز العمل عندما يكون تشكيل لجنة أكبر أمراً غير عملى، وينبغي أن تحدد مهمة مثل هذه اللجنة وأن تتحمل مسؤولية إعداد تقارير عن أعمالها. كما ينبغي أن تمارس اللجنة الشورى مع ذوي الخبرة والمعرفة كلما لزم الامر، وأن تعدّ مسؤولة عن أعمالها وتحقيق النتائج المطلوبة منها.

              خامساً : الادوار الفردية في الاداء الجَماعي

              تتألف أغلب الجماعات من أفرائ ذوي تخصصات وكفاءات واهتمامات مختلفة، ويتحدد دور كل منهم إما بمزايه الشخصية أإما بوظيفته في المنظمة. والوعي بهذه الادوار يساعد على فهم الكيفية التي تعمل بها المجموعة ككل، وهنا بين ببعض هذه الادوار:

              أدوار المهمات الجَماعية

              مبادر / مسهم يتقدم بأفكار وأساليب واجراءات وطرق مختلفة لحل المشاكل أو المبادرة إلى تولي المسؤوليات الاكثر صوبة، أو التي لا يقبل عليها معظم الناس لاسباب مختلفة.

              طلب المعلومات يطالب بتوضيح المقترحات ويستفسر حول الحقائق والمعلومات التي تساعد المجموعة فيى التعامل مع القضية المطروحة.

              طالب الرأي يطالب بتوضيح القيم والاراء التي يعبّر عنها أعضاء المجموعة.

              صاحب المعلومات يقدم بالافكار والاراء حول المواضيع قيد النقاش.

              الشارح يعطي الامثلة الواقعية من تجربته أو تجارب غيره أو أمثلة تصوريرية للتدليل على فائدة فكرة أو اقتراح معيّن فيى حالة اختيار المجموعة خط سير معّناً في العمل.

              المنسّق يسعى إلى توضيح العلاقة بين الافكار والاقتراحات التي يتقدم بها الاخرون لصيغة منظومة متكاملة ومترابطة.

              الموجّه يلخّص ما تم وما اُنجز ويرّكز النقاش حول بقية جوانب الموضوع المطروح حفظاً للوقت وإنضاجاً لل فكار.

              الناقد البنّاء يبذل الجهد لتقويم الادلة والنتائج التي تتوصل إليها المجموعة بنزاهةة وموضوعية مع الاستدراك والتعديل لما يقول بأسلوب تشجيعي فيساعد على استدرار مزيد من الافكار.

              المحرك يعمل على تحفيز المجموعة على العمل وبعث النشاط فيها لتحقيق إنجازات أعظم بالحث والتشجيع جامعاً بين الجد والدعابة الهادفة.

              خبير الاجراءات يعين المجموعة على تحقيق أهدافها بقيمه بأداء مهاتم عملية ترتيبية مثل توزيع المطبوعات أو تنظيم المقاعد في الصالة أو توفير الطعام والمرطبات.

              المسجّل يدوّن الاقتراحات والافكار والقرارات بطريقة تساعد على حسن وسرعة الاستافادة منها.

              أدوار لبناء المجموعة والمحافظة عليها

              المشجع يتفهم ويتقّبل ويقدِّر الاخرين وجهودهم ويثني على ما يبذلون، ويدعو لهم.

              الموفّق يتوسط لازالة سوء الفهم الذي ينشأ بين الاعضاء باستبعاد ما تبادر إلى ذهن كل منهم باعتباره شاهداً على كلام الاخرين ومواقفهم.

              الحكَم يسعى إلى حل المنازعات وإيجاد الحلول الوسط لما ينجم بين الاعضاء من اختلافات.

              محدد المعايير ( المقنّن ) يسهم في تحديد مستويات العمل ومعاييره وضوابطه وقواعد سيره.

              المراقب يسجّل تقدم سير عمل المجموعة ويستخدم الملاحظات فيى وقت لاحق.

              الحارس المحرّك يدفع بالصامتين من أعضاء الفريق إلى الكلام والحركة والمشاركة في النشاط.

              التابع يوافق على اقتراحات الاعضاء ولا يزيد دوره عن دور المستمع أثناء المناقشات واتخاذ القرارات.

              أدوار فردية وأنانية

              المعتدي يسعى لتدمير مكانة غيره من الاعضاء أو النيل منها، وقد يحاول أن يدعي لنفسه ما لغيره من إسهامات وأفضال.

              المعوقّ السلبي - عموماً - والعنيد المخالف للاخرين من دون أسباب واضحة.

              طالب الاضواء يسعى إلى اعتراف الاخرين واشاداتهم به بالدعاية لانجازاته وأعماله الشخصية.

              النرجسي يستخدم المجموعة كجمهور مستمعين يفضي اليهم بمشاعره وملاحظاته الشخصية.

              الانعزالي قليل المشاركة فيى العمل الجماعي، فقلّة الاهتمام قد تؤدي إلى التشاؤم واللامبالاة والخمول، أو غير ذلك من المواقف الخالية من الحماسة لنشاطات الفريق.

              المسيطر يسعى إلى فرض سلطته بالمناورات ومحاولة السيطرة على المجموعة كلها، وقد يستعمل أساليب التملق أو التعسف لفرض نفسه أثناء المناقشات.

              العالة يستعطف الاخرين وغالباً ما تبدو عليه علامات الاضطراب أو الشعور بالنقص وعدم الثقة في النفس.

              النفعي وهو الذى يعبر عن مصالح واهتمامات مجموعة معينة بما يتفق مع توجهاته واقتناعاته وبما يخدم مصلحته الشخصية.

              سادساً: المكوّنات الاساسية لعمل الفريق

              ليست أعمال الفريق وليدة الصدفة أو الطفرة، بل تحتاج إلى تنظىم ورعاية من القيادة الحكيمة والادارة الفعالة. وقد تناولنا في ما سبق عدداً من وسائل تكوى الفرق، ونركز فيما يلي على بعض النصائح والارشادات العملية التي تساعد على الانجاز من خلال العمل بصورة يومية عبر أسلوب المجموعات. فدعونا أولاً نتعرّف على المجموعة نفسها.

              أ - من نحن وماذا نريد؟

              قد يكون من السهل الاجابة على هذا السؤال لو كان في صيغة المفرد، أي: من أنا وماذا أريد؟ ولكنه فيى صيغة الجمع يمثل تحدياً حقيقياً، وبإمكانك طرحه على المجموعة في إحدى الجلسات. فلا يكفي أن نقول إننا مسلمون، إذ يوجد في العالم اليوم أكثر من مليار من المسلمين. فما المبرر لتكوين منظمة جديدة، وبم تمتاز عن غيرها؟ لابد أن تكون لديها أسباب وجيهة.

              أما الجزء الثاني من السؤال، وهو: ماذا نريد؟ فهو أكثر تشعباً من الجزء الأول، إذ من المدهش حقاً أن نلاحظ مدى الخلط بالاءهداف وغموضها وكثرة الاختلاف حول فهم تلك الاهداف، كذلك مدى التفاوت الكبير بيننا في تحديد أولويتنا وفهمنا لخطة العمل. إن هذا يعطينا مقياساً لمدي التفاوت في أفكارنا وإن أكبر سبب لخروج الاعضاء من المنظمة هو اختلاف الافكار والاراء والتصورات.

              إن التفكير الجماعي يؤدي إلى إيجاد الاهداف المشتركة ووحدة الاتجاه التي تسبق الانطلاق قدماً من أجل العمل. ولكن من الذي سيقود المسيرة؟

              ب - من يصل إلى القِمَّة ؟

              تختلف الاجابات على هذا السؤال باختلاف الناس، فيقول البعض إنّ الذي يصل إلى القمة هو أذكي الناس أو أقواهم أو أنجحهم فيى الاتصال بالناس أو أكثرهم مناورة أو أتقاهم أو أعلمهم، وهكذا. وفي استفتاء لعدد من القيادتين الناجحين اتضح أن الصفة المشتركة الاساسية بيهم هي القدرة على التعامل مع الاخرين وحسن الانصات اليهم. وهذا يعني أن الشخص القيادي هو المتمع بروح الفريق والقادر على الانسجام مع مرؤوسية وزملائه ورؤسائه. وهو الشخص الذي يتحمل الاختلاف وينصت إلى غيره ويحاول فهمهم، وهو الذي يعدل من مواقفه إذا ما اقتنع بالحاجة لذلك ويسارع إلى الاعتراف بأخطائه. وهو امرؤ واسع الافق، ولا يعامل مع الناس على أنهم قوالب ثابتة أو من منطلقات مثالية أو ساذجة، والحكمة ضالته يلتقطها ويتمسك بها ولو جاءت من الذين لا يتفقون معه.

              عندما ينسجم شخص ما في العمل مع شخص آخر، فإن روح الفريق تجعل النتيجة أحد عشر وليس اثنين كما هو مبين في الشكل التالى:

              1 + 1 = 11

              والاكثر من ذلك فإن ثلاثة أفراد متوافقى ومتعاونى يكوّنون : 1 + 1 + 1 = 111

              هذا هو الفارق الاساسي بين حزمة الضوء المبعثرة أشعتها في كل اتجاه وبين شعاع الليزر المتناسق. فأشعة الليزر ليست إلا عبارة عن أشعة ضوئية متناسقة تتحرك بترددات وأطوار متماثلة لتكوين كمية هائلة ومذهلة من الطاقة تمكّن تلك الاشعة من اختراق جدران الاسمنت والحديد.

              فالوصول إلى القمة لا يكون بجهود الانسان بمفرده، بل إن التشاور مع الاخرين والثقة بهم والتفاعل الايجابي معهم هي المتطلبات الاساسية لتحريك المجموعة وقيادتها، ومهما كان مستوى نبوغ القائد أو براعته فإنه يحتاج إلى مساعدة غيره لتقديم أقصى ما عنده من العطاؤ.

              ج - مرض زيادة الاعباء

              لقد أصبحت ظاهرة « زيادة الاعباء » داءً مزمناً في منظماتنا، فإما أن نجد الشخص المسؤول متفرداً بكل النشاطات وإما أن الذين من حوله كسالى عاجزين عن العمل. فحينما تبرز أعراض هذا المرض يجب على المجموعة أن تتوقف وتعيد النظر في أوضاعها وتسعى لحل مشكلة طغين الاعباء على الاحتمال والتي تجعل من أكثر الناس نظاماً وحيوية أقلهم قدرة على العطاء والاتقان.

              وعلاج هذه الظاهرة لا يحقق بزيادة عدد العاملين بل يم بأربعة عوامل: بتوزيع الاعمال بشكل أفضل، وتأهيل الصف الثاني من القيادة لتحمّلها وبالتخطيط الجيد وتحديد الاولويت. كما ينبغي تخفيف العبء على العناصر القيادية وإعطاؤها إجازات سنوية للراحة وتجديد الحيوية والنشاط، وإلا تتلّبد أذهانها وتصيبها العاهات والامراض وتنهار قواها. وإذا فقدت العناصر القيادية طاقاتها وحيويتها فسيعود ذلك بالويل والثبور على الحركة كلها. ربّنا لا تحمَّلنا ما لا طاقة لنا به!

              كيف يتم اكتشاف زيادة أعباء العمل؟ يتضح ذلك عندما لا يدرك الشخص المسؤول الابعاد الحقيقية لبعض الجوانب الرئيسية للمشروعات الواقعة تحت مسؤوليته، فيفقد القدرة على التحكم في الامور وضبطها. وفي الوقت الذي لا يتوقع فيه من الشخص القيادي متابعة جميع التفاصيل اليومية، فإن عليه أن يكون ملمّاً متحكماً في جميع جوانب العمل الرئيسية وإلا فهو محمّل بأعباء أكثر من طاقته، وعليه أن يخفف من مسؤولياته أو أن يطلب المساعدة من غيره.

              وقد نرى أن القائد والمجموعة مستغرقون في العمل إلى درجة تجعلهم عاجزين عن التفريق بين الخطأ والصواب، وهذا ما يجب التحذير منه والتنبيه إليه.

              د - تحرّى الصواب دائماً مواقف تجبر المجموعة على اتخاذ قرارات سلبية تجاه شخص أو طرف معيّن قد يكون عضواً أو قد لا يكو ن. وهنا ينبغي تذكّر القاعدة القرآنية الخالدة:

              يأيهَا الذينَ آامنُوا كونُوا قومينَ للهِ شهداءَ بالقسطِ ولاَ يجرِ منكُم شنئانُ قوم علَى ألا تعدلُو اعدلُوا هوَ أقربُ للتقوَى واتقُوا اللهَ اطن اللهَ خبيرُ بمَا تعملونَ (8) ( المائدة )

              لذا ، فعليك دائماً أن تتحرّى العدل والنزاهة في الحكم على الاخرين.

              من الممارسة المفيدة أن يفترض الانسان نفسه في موضع الشخص الاخر، قبل أن يصدر الحكم عليه. لا تسمح للعواطف أو نشوة الانتساب للفريق أن تتحكم فيك وتدفع بك الى التسرع في الاحكام لانك سوف تأسف على ذلك فيما بعد. فقد يشاء الله سبحانه وتعالى يوماً ما أن تجد نفسك في الموقف ذاته، وعندئذ سينالك الظلم أو التعسف الذى ترتكبه اليوم فأنت كما تدين تدان. إن عليك اتباع السلوك والاداب الاسلامية بدقة في مثل هذه المواقف ولا تحيدنّ عنها أبداً، وستجد الله معك دائماً ما دمت صابراً محتسباً متحرياً للحق ولو على نفسك.

              ألم ترَ إلى الذي يتبعه المستبدون أو المحتالون أو المجرمون أو اللصوص والعصابات من التخلص من زملائهم واحداً تلو الاخر حتى تُباد المجموعة عن بكرة أبيها؟ وغالباً ما تنتهي الممارسات الظطالمة التي تنتهجها مجموعة ما ضد من هم خارجها إلى أن تطبق على من هم بداخلها أيضاً. لذا تجنب الازدواجية في المعايير لأنها قد تستخدم ضدك يوماً ما، وحاول أن تتخيل نفسك في صغ الطرف الاخر لتقدّر قيمة آرائه ومواقفه وتتفهمها كما هي قبل اتخاذ المواقف معه أو ضده. والازدواجية في الاحكام ليست قضية خطأ أو صواب فقط بل هى ظلم، والظلم ظلمات يوم القيمة.

              وعلى الجماعة وهي تتقدم فيى عملها، واثقة من نفسها وقيادتها، ومتحرية الصواب في العمل، أن تلتفت إلى التفاصيل والامور الصغيرة بعناية مثلى وتخطيط حصيف.

              ه - مسؤولية الجميع: لا أحد مسؤول!

              وهذا يحدث عندما تحال مسؤولية تنفيذ عمل ما إلى الجميع من دون تخصيص، كما هو معتاد في اجتماعاتنا التييي لا توكل فيها المسؤوليات إلى أشخاص بعيهم، فينتهي الامر إلى عدم إنجازها، فالكل يعتقد أن غيره هو المسؤول. تذكّر قصة الملك الذي كان يحب العسل الممتاز وأراد أن يختبر حب الناس له.

              وهكذا تعلّمنا تلك القصة أن المسؤولية أمر خاص بكل فرد، فلا يجوز لاحد إعفاء نفسه منها أملاً في أن يولاها غيره. وقد أكد الرسول عليه السلم ذلك في قوله: « كلكُم راع وكلُّ راع مسئولٌ عن رعيتهِ »(1)

              موقف عملي

              الحصول على أفضل ما لدى الاخرين من عطاء

              من المعوّقات الاساسية في عملنا الجماعي ذلك الشعور السائد بأنه لا يمكن العمل مع إنسان لا نتفق معه اتفاقاً تاماً. وبما أن هذا النوع من الاتفاق لا يحقق في الواقع العملي، فإننا نجد القليل من الجماعات التي يسودها الانسجام والتوافق، بل نجد في الغالب شخصاً واحداً مهيمناً يملي طريقة تفكيره وأسلوب عمله. وهكذا أصبحت مؤسساتنا ضحية أساليب الادارة الفردية، وبالطبع لا يمكن لاي أمة أن تتقدم بهذا النوع من التفكير، الذي يستفيد من طاقة فرد أو مجموعة أفراد ويهمل طاقات الغالبية العظمى من قاعدتها.

              عليا أن نعي اختلاف البشر، وأن نسبة الاتفاق بيننا قد تصل إلى 90% وهو القدر الذي يجب عليا استغلاله كأساس للتعاون والمشاركة. لكن الواقع هو أننا نجعل من نسبة 10% التي تمثل الخلاف قاعدة لتفككنا وعدم ترابطنا.

              كما أن الكمال ليس من صفة البشر، ولكلٍّ منّا جوانب قوة وجوانب ضعف. وعليه، فإن نتيجة المعادلة الحركية التي تحكم عمل الفريق هي محصلة قوة الافراد، وهي قوة هائلة وفعّالة عندما يوحد الاتجاه.

              وعليا أن نتذكر أنه ليس من الممكن اَيجاد الداعية أو القائد الممتاز الخالي من العيوب، وإذا ما حصل وحكمنا على شخص ما بأنه يمتلك جميع الخصال الحميدة، فإن ذلك يعني أننا لم نتعرف على الجوانب السلبية لشخصيته بعد، وسوف تتكشّف لنا مستقبلاً.

              عليا أن نعدل من نظرتنا، فنركز على نقاط القوة لدى إخواننا، ونستفيد من مجالات الاتفاق الكثيرة ونعمل جنباً اط لى جنب من أجل التكامل معهم والتقليل من جوانب الضعف فيهم، وهذا شرط من شروط تحقيق روح الفريق والعمل الجماعي.

              تذكَّر :

              إذا اتفق اثنان في كل شيء فلا حاجة الى واحد منهما!

              التحدي الصعب في القرن الخامس عشر الهجري

              من أخطر ما عانته الامّة خلال القرن الرابع عشر الهجري غياب روح الفريق!

              وتتطلب روح الفريق أموراً أكثر من مجرد العلم والصدق والتجرّد والتضحية، اَذ أنها تنمو وتزدهر بتوافر قدر كبير من التفاهم والتقدير والحكمة. وتصبح روح الفريق فعالة حقاً بين من لديهم القدرة على التضحية وتجاوز الخلافات الشخصية والتعوّد على العمل مع الاخرين بانسجام. ويوم يتقن الاسلاميون العمل بروح الفريق، سيكون ذلك بشارة بإحياء حضارة اط سلامية معاصرة، ولن يوفق المدَّ الاسلامي الحضاري عائق بعد ذلك، فإن رحمة الله وبركته تنزلان على العاملين بروح الاخوة وروح الفريق، فيد الله مع الجماعة.

              سال: ما الموضوع الذي تستنتجه من هذه الصورة؟ أجب بما لا يزيد عن 12 كلمة:

              المصدر: دليل التدريب القيادي / هشام الطالب / المعهد العالمي للفكر الاسلامي

              تعليق


              • #8
                كيف تصبح قائد 8 (بين القرار والتنفيذ)

                بين القرار والتنفيذ



                اولاً : ما التنفيذ؟

                ثانياً : التنفيذ ودوره في صنع القرار

                ثالثاً : عناصر التنفيذ

                أ - ابلاغ القرار

                ب - تحديد خطة العمل

                ج - توزيع المسؤوليات

                د - الجدول الزمني

                هـ - مصادر الميزانة

                رابعاً : متطلبات الانجاز

                أ - مفكرة الجيب

                ب - مرض العجز التنفيذي

                ج - انجز 100 % وليس 99، 99 %

                د - الاب والابناء الثلاثة

                اهداف الفصل

                لدى اكمال هذا الفصل، ستكون قادراً على:

                l الربط بين عملية تنفيذ القرار وصنعه.

                l التخطيط لتنفيذ القرار.

                l ادماج التنفيذ ضمن عملية صنع القرار.

                اولاً : ما التنفيذ؟

                ان جدوى اي قرار تكمن في صحة تنفيذه. والقرار الفعال يتطلب افعالاً وسلوكاً معيناً من جميع من يتعلق بهم القرار. قد يستلزم القرار الكف تماماً عن اية اعمال معينة. وفي حال الحاجة الى اداء اعمال بعينها ينبغي التنفيذ بشكل سليم لتحقيق الاثر الانجع للقرار.

                والتنفيذ هو وضع القرار موضع التطبيق بالزام شخص او اشخاص معينين باداء مهام محددة في وقت معين ولفترة زمنية محددة باستخدام امكانات مادية محددة.

                ثانياً : التنفيذ ودوره في صنع القرار

                يظل القرار هدفاً منشوداً حتى يتم تنفيذه عملياً وتحويله الى انجاز ملموس. واتخاذ القرار وتنفيذه عمليتان تكمل احداهما الاخرى، وقد نهى القرآن الكريم عن القول المخالف للفعل وامر بالجد والحزم في ما نقرر عمله فقال:

                يأيها الذينَ ءامنوا لمَ تقولونَ ما لا تفعلونَ (2) (الصف)

                ... فاذا عزمتَ فتوكل على اللهِ انَّ اللهَ يحبُّ المتوكلينَ (159) (ال عمران)

                واتخاذ القرار دليل على التفكير في معطيت المسألة واستكشاف البدائل المختلفة، وموازنة المحاسن والمساوىء، وتحديد جهات التنفيذ. اي ان اتجاه العمل عند هذه النقطة يكون واضحاً للجميع.

                ان القرار الفعال يعني الالتزام بالعمل وبالنتائج، واول قاعدة في ذلك هي التأكد من مشاركة كل من بامكانه المساهمة في صنع القرار. كما انه من المهم ايضاً التأكيد على الالتزام منذ البداية بالعمل في اطار القرار نفسه. ولا يمكن اعتبار ان القرار قد اتخذ عملياً الا اذا أوكلت مهمة تنفيذه حسب خطوات محددة الى شخص معين يتحمل مسؤولية ذلك.

                والقرار الناجح هو الذي يكون تنفيذه جزءاً منه. ويتحقق ذلك من خلال المشاركة الموسعة من قبل جميع من يعنيهم القرار، ومن خلال النقاش اثناء عملية صنع القرار. بهذا تتحقق المشاركة المطلوبة والالتزام الفعلي من قبل جميع الاطراف المعنية. بالاضافة الى ذلك، فان كل قرار يبنى على توقعات اساسية معينة يجب اختبارها بشكل مستمر في ضوء الواقع المعاش، ويتم ذلك من خلال دراسة ردود الافعال للتأكد من قابلية القرار للتنفيذ في عالم الواقع.

                ثالثاً : عناصر التنفيذ

                يتطلب تحويل القرار الى عمل الاجابة عن عدد من الاسئلة المحددة التي يتوقف عليها التنفيذ الصحيح للقرار، وهذه الاسئلة هي:

                l من يجب ابلاغه بالقرار؟

                l ما العمل المطلوب؟

                l من يجب ان يقوم به؟

                l متى يجب القيم به؟

                l من سيغطي تكاليف العمل؟

                تتم الاجابة عن هذه الاسئلة في الخطوات التالية:

                أ - ابلاغ القرار

                يجب ابلاغ كل من له علاقة بالقرار، ومن هؤلاء من اسهم في صنعه ومن لم يسهم ومن سيشارك في تنفيذه او تمسه بعض نتائجه.

                ب - تحديد خطة العمل

                ان تحديد العمل المطلوب والاجراءات الواجب اتخاذها هو من صلب صنع القرار. ويجب ان تكون الاجابات محددة وقابلة للتطبيق على الواقع لانها تحدد نوع الالتزامات التي يتطلبها القرار. ولذا يجب فهم الوضع فهماً تاماً قبل اتخاذ القرار المطروح. ويوجب كذلك وضع خطة للاعمال والتحركات المطلوبة تمكن العاملين من القيام بما يوكل اليهم من مهام، بناءً على تكليفات بالعمل محددة وواضحة.

                ج - توزيع المسؤوليات

                لا بد من توزيع المهام والمسؤوليات التي قد يتولى انجازها فرد او وحدة او قسم مختص. وينبغي في كل حالات التكليف تحديد اسم الشخص او الجهاز ووظيفته لازالة اي التباس ومنع تحويل المسؤولية الى غيره. ان تكليف عدد كبير من الناس بعمل واحد لا يضمن تأديته لان كل شخص سيعتمد على غيره في التنفيذ. ونذكر هنا بقصة الملك وخزان العسل.

                الملك وخزان العسل

                يحكى ان ملكاً محباً للعسل واراد ان يعرف مدى حب شعبه له، فأمر بوضع برميل كبير في وسط المدينة، وطلب من كل من يحب الملك ان يصب كأساً من العسل الصافي في البرميل. وخطر لاحد الرعية ان يصب كأساً من الماء بدلاً من العسل الغالي الثمن دون ان يؤثر على باقي العسل ظناً منه ان جميع الافراد سوف يجودون بالعسل الصافي، وعندما كشف الملك على البرميل وجده مليئاً بالماء اذ ان الفكرة نفسها خطرت ببال جميع الناس!!

                د - الجدول الزمني

                لا بد من وضع جدول زمني للمهام، فقد يكون عامل الزمن عنصراً هاماً للقرار، وقد يفقد القرار تأثيره اذا ما نفذ قبل وقته او بعده او اذا كان التنفيذ يتم على مراحل متسلسلة. فالجميع يعلم مدى الانطباع السيء الذي يسببه تأخر وصول خطاب ما عن الموعد المقرر للرد عليه.

                هـ - مصادر الميزانية

                اذا لم تكن التكاليف معروفة بدقة، فينبغي وضع تقديرات تقريبية واقعية لها استناداً الى المتوافر من المعلومات. والقرار الفعال هو ذلك القرار الذي يمكن تنفيذه في اطار ما تحدده الميزانية المعتمدة.

                رابعاً : متطلبات الانجاز

                اما الان وقد تعرفنا على عملية التنفيذ، فبأمكاننا الاستفادة من بعض المؤشرات العملية في انجاز الاعمال اليومية. وسنحاول من خلال مجموعة ملاحظات وطرائف موجزة ان نبين الفرق بين النجاح والاخفاق في التنفيذ مشيرين الى بعض الوسائل الهامة التي تساعد على النجاح، مثل مفكرة الجيب، والتركيز على التنفيذ، اكثر من الكلام، والسعي الى تنفيذ العمل بنسبة 100 %، وتقويم الافراد بحسب ادائهم.

                موقف عملي

                فكر وابحث قبل رد الفعل الالي!

                كنت طالباً بكلية نوروود للتكنولوجيا بلندن عام 1959، وجاءني احد الاخوة صباح يوم يقول: «اني اراك دوماً بشوشاً مبتسماً ووددت لو كنت مثلك». وفي مساء اليوم نفسه قابلني آخر يقول: «ما لي اراك عبوساً دائماً؟ ما الذي يضايقك؟».

                في عام 1979 كنت اشرف على مخيم تدريب قيادي نظمته في قبرص الندوة العالمية للشباب الاسلامي بالاشتراك مع الاتحاد الاسلامي العالمي للمنظمات الطلابية. وجاءني اثنان من الاخوة في اليوم الثالث يقولان: «ان البرنامج صار للغاية والمشاركون يشعرون وكأنهم في جو عسكري!» وفي رابع يوم جاءني اثنان آخران بشكوى حول سهولة البرنامج وتسيبه وضرورة تغييره لتوفير الروح العسكرية الانضباطية الصارمة.

                ان التسرع في ردود الافعال وتغيير المواقف من اجل ارضاء الاخرين من دون دراسة يؤدي الى كوارث. فللناس مهاد وتجارب ونظرات مختلفة ومن واجبنا التحليل والتحري والتأكد والتشاور قبل الاقدام على التصحيح او التغيير. ان الادارة بطريقة رد الفعل مفضية لا محالة الى التميع والضياع، وعلينا ان نستمع للجميع ثم نتصرف بناءً على خطة تقوم على التفكير والتمحيص بلا هوادة.

                ففي الوقت الذي نمثل فيه أعضاء مؤسستنا، فاننا نتحمل مسؤولية امام الله سبحانه وتعالى وهي ان نكون حكماء في قيادتنا للاخرين. على الحركة ان تقود الناس ولا تسمح لهم ان يقودوها اعتباطاً.

                أ - مفكرة الجيب

                ان الانسان سُمِّي انساناً لانه كثير النسيان على احد الاقوال. وللتغلب على ذلك، نحمل مذكرة صغيرة او بطاقة او ورقة في الجيب، لتسجيل كل الامور الهامة المطلوب القيم بها في اليوم والليلة، ويفضل ترتيبها حسب الاولوية. ويجب الرجوع الى المفكرة مرتين على الاقل كل يوم صبحاً ومساءً لتعديلها وشطب ما تم انجازه في ذلك اليوم. ومن شأن ذلك ان يبعث في المرء احساساً بالانجاز. لذا ينصح باتباع هذا النظام مهما كانت ذاكرة المرء قوية لفوائده الجمة وأثره المدهش على رفع مستوى الاداء. وقديما قيل: افقر قلم افضل من اطول ذاكرة!

                ب - مرض العجز عن التنفيذ

                من الحقائق المعروفة ان العمل الجيد هو الذي يقوم على اسس نظرية سليمة، لكن الذي يضع التصورات والمفاهيم هم الاشخاص القياديون او اهل المعرفة. فماذا اذن عن الافراد العاديين العاملين؟ اغلبية هؤلاء هم ضحية العجز، وما على المرء الا ان يراقب الاعضاء اثناء الاجتماعات ويقارن نسبة القول الى العمل.

                يجب عليا التركيز على العمل اكثر من القول، فالله ورسوله والمؤمنون سيشهدون على اعمالنا. ومن اخطر المساوىء ان يصبح بديلاً كثرة القول عن العمل، فكلما كثر كلامنا عن مشروع ما، يخيل الينا بعد فترة انه قد تحقق. ولعل احسن مثال على ذلك وضع مناهج تدريس للمدارس الاسلامية، وقد كثر الكلام حولها بشكل واسع بدون ان يتحقق شيء ملموس، وحل الكلام الكثير - كما هي طبيعة البشر - محل العمل القليل.

                كلما قل العمل كثر الكلام وذلك للتعويض عن الشعور بالذنب. ولاستيعاب هذا الامر، ينبغي اعتبار الكلام بمثابة الدين المستحق والعمل بمثابة الرصيد، فتكون كل كلمة ديناً على المرء يدفعه، وكل عمل رصيداً له يقبضه، وبذلك يحول من شخص يكثر الكلام الى شخص يهتم بالعمل ويسعى اليه.

                ج - انجز 100 ; وليس 99، 99 %

                قد يؤدي 90 % من الناس اعمالهم نصف كاملة، ويؤدي 9 % اعمالهم بنسبة 95 %، بينما يؤدي 1 % فقط اعمالهم بمقدار 100 %. وهذا يعني انك كمسؤول، لا تستطيع ان تكل المهام المطلوب انجازها كاملة الا لواحد بالمائة فقط من القوى العاملة لديك، مما يلقي بدوره عبئاً ثقيلاً على الادارة المسؤولة التي يقع عليها انجاز بقية العمل المطلوب. هذه الظاهرة تعرقل سير العمل. وكثيراً ما يسمع المرء بعض العاملين يؤكدون انجاز العمل كاملاً فيما عدا بعض اللمسات الطفيفة، اي ان العمل لم يكتمل، والا فلماذا لا تستكمل تلك اللمسات البسيطة؟

                ما اكثر الاعذار، وما اكثر اولئك الذين يقدمون الاعذار لعدم تمكنهم من انجاز العمل المطلوب. اننا نحتاج الى الشخص الذي يعتمد عليه، والذي رغم كل الاعذار المشروعة، يقتحم العقبات وينجز المهام بمقدار 100 % يمتلك هذا النوع من الناس دوافع ذاتية وقدرة على ترويض النفس وتربيتها. على المرء أن يسأل نفسه دائماً عما اذا كان يمكن الاعتماد عليه وما مقدار انجازه للعمل: 100 % ام 99، 00 %

                وعليك ان تسعى لتكون ذلك الرجل الواحد في المائة الذي ينجز عمله بمقدار 100 % مصداقاً للحديث:

                «انما الناسُ كإبل مائة، لا يوجدُ فيها راحلةٌ» (1)

                د - الاب والابناء الثلاثة!

                ج - جاء اناس الى رجل يسألونه غاضبين: «لماذا تفضل ابنك الصغير على اخويه؟» فطلب منهم ان يتريثوا حتى ينضج لهم السبب ثم نادى ابناءه الثلاثة وطلب منهم ان يذهبوا الى الميناء، ثم يعودوا اليه بعد ساعة بتقرير عن تلك الزيارة. فذهبوا ثم رجعوا بعد ساعة من الزمان وقدم كل منهم تقريره:

                الابن الاكبر: لقد تسلمنا شحنة من الالات.

                الابن الاوسط: جاءتنا ثلاث آلات من اليابان امس.

                الابن الاصغر: وصلتنا ثلاث آلات لكن هناك قطع غيار مفقودة، وهناك كسر في احدى الالات وقد قدمت طلباً للتأمين بالتعويض عنها، وعلينا ان نستكمل الاوراق المطلوبة بحدود الاسبوع القادم كي نتجنب دفع غرامة تأخير لهيئة الميناء.

                انجز عملك اولاً، واعترف بقصورك قبل ان تقارن نفسك بالاخرين.

                تمرين

                المراحل الست للمشروع

                هل تذكر مشروعاً مر بالمراحل الست التالية بالترتيب؟

                1 - الحماسة

                2 - الاحباط وخيبة الامل

                3 - الهلع والرعب

                4 - البحث عن كبش الفداء

                5 - معاقبة البريء

                6 - الثناء على القاعد الذي لم يشارك وتكريمه!!

                اذا طلب منك تنفيذ المشروع نفسه، فما التغيير الذي ستجريه على هذه المراحل؟ اشرك زملاءك في الحلقة بتجاربك الخاصة.

                المصدر: دليل التدريب القيادي / هشام الطالب / المعهد العالمي للفكر الاسلامي

                تعليق


                • #9
                  كيف تصبح قائد 9(حركة التوعية الإسلامية خلال القرن الرابع عشر الهجري)

                  حركة التوعية الإسلامية خلال القرن الرابع عشر الهجري



                  أولاً - خلفية عامة

                  أ - النظر من الداخل

                  ب - الانجازات مقابل الاخفاقات

                  ج - العمل السياسى وردة الفعل

                  د - التخلّف

                  ه - هل بالامكان أحسن مما كان؟

                  و - معركة من أجل البقاء



                  ثانياً - تحديد مجالات التحسين

                  أ - الشورى

                  ب - روح الفريق

                  ج - النساء والاطفال

                  د - نموذج القائد « الشيخ »

                  ه - غياب المؤسسات

                  و - النزعة الاقليمية والنزعة القومية

                  ز - غياب التخطيط

                  ح - البديل الإسلامي

                  ط - الغايات والوسائل

                  ي - أزمة الفكر

                  ك - غياب الحوار

                  ثالثاً - إلتفاتة إلى القرن الرابع عشر



                  رابعاً = أسئلة لا بد منها !

                  أ - لعبة شد الحبل

                  ب - الوضع الراهن : هل هو الا سوأ أم الاحسن ؟

                  ج - الولاء للّه أم للاسماء ؟



                  خامساً - الرصيد

                  د - التخلّف

                  هـ - هل بالامكان أحسن مما كان ؟

                  و - معركة من أجل البقاء

                  ل - إهمال وسائل الاعلام

                  م - المحاسبة بين القيادة والقاعدة

                  ن - ترتيب الاولويات

                  س - الجمود التنظيمي

                  ع - السرية والعلنية

                  ف - القرآن والسلطان

                  ص - غياب المراجعة الفعالة

                  ق - التعصب الحزبي

                  ر - أدب الاختلاف

                  ش - جدول أعمال مطوّل



                  أولاً : خلفية عامة

                  نستخدم مصطلح «الحركة» هنا بمعناه الواسع الذي يشمل كل جماعة تدين بالإسلام وتمارسه وتدعو الى إقامة نظامه في الارض بالطرق المشروعة. وسنلقي هنا نظرة خاطفة على القرن الرابع عشر الهجري (القرن العشرين الميلادي) لنحلِّل النتائج التي ظهرت أمامنا حتى وقتنا الحاضر. ولا ندّعي تقويما كاملا للانجازات أو حكماً على المعطيات وإنما هي محاولة لتسليط الضوء على بعض الجوانب المهمة واستخلاص الدروس المفيدة منها.

                  ولكي يكون تحليلنا عادلا وموضوعياً ينبغي أخذ العوامل التالية في الاعتبار :

                  أ - النظر من الداخل

                  حديثنا عن الحركة هو حديث عن أنفسنا، أي من داخلها، وليس انتقاداً من الخارج. لذا فإننا نمارس نقداً ذاتياً بنّاءً لتحديد مكامن التقصير بغية تحسين أوضاعنا الداخلية الذاتية. فإن لم نكن صادقين مع أنفسنا فلن يكون إعدادنا لها إعداداً صحيحاً.

                  ب - الانجازات مقابل الاخفاقات

                  ليس القصد من تحديد مواطن ضعفنا رسم صورة سلبية قاتمة للحركة. فهناك نقاط قاتمة وأخرى مضيئة، وما استمرار الدعوة الإسلامية - في الحقيقة - ويقظتها العالمية إلا شهادة على نجاحها العظيم في مجالات عديدة. إن عرضنا لنواحي العجز والقصور ينبع من التزامنا العميق بالعمل والجهاد في الاتجاه الصحيح ما دُمنا نحن والتزامنا من نتاج هذه الحركة كذلك.

                  ج - العمل السياسي وردة الفعل

                  لقد شملت الهجمة الغربية على العالم الإسلامي الاستعمار السياسي والعسكري، وبدهي أن يكون رد الفعل الإسلامي والقومي مماثلا للنوع نفسه. يفسر ذلك اصطباغ حركات التحرير عامة بالصبغة السياسية واتسام أعمالها بروح المواجهة في صدها للمستعمرين الطغاة ومن جاء بعدهم. وعليه، فقد أعطت هذه الحركات غالبا أهمية ثانوية لجوانب الحية الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية. وعندما حصلت تلك الدول على استقلالها عن السلطة الاجنبية، جاء ذلك الاستقلال سطحياً ولم يعِ القادة الجدد ما يترتب على الحرية السياسية. وهذا يفسر بعض أسباب استمرار أنماط الحياة الاستعمارية في الاقتصاد والاجتماع والثقافة والتعليم على ما كانت عليه تحت الاستعمار ولمدى طويل من الزمن، بالزخم نفسه إن لم يكن بزخم أشد.

                  د - التخلّف

                  لا بد من الاعتراف بأن العالم الإسلامي ظل يعاني حالة الانحطاط في معظم الجوانب لقرون عديدة. ولم يقتصر ذلك الانحطاط على تصورات العوام وأعمالهم وممارساتهم، بل طال حركات الاصلاح كذلك إن ضعفنا هذا يحدّ بشكل كبير من قدرتنا على التحليل والتشخيص ووصف العلاج، وكوننا مؤمنين لم يؤثر كثيراً على أساليب عملنا في الحركة. إن لظاهرة التخلف آثارها السيئة على الافراد والاحزاب والتجمعات الدينية والقومية واليسارية والعلمانية على حد سواء، كما أنها تؤثر على جميع قطاعات المجتمع من قادة ومعلمين وأطباء ومهندسين وموظفين مدنيين وعسكريين وفلاحين، رجالاً ونساءً، فقراء وأغنياء. إن التخلف وباء يصيب الجميع، فتبقى القلّةُ مكبّلة بتخلف الاغلبية الساحقة تدور في فلكها عاجزة عن تحضرها والارتقاء بها.

                  هـ - هل كان بالامكان أحسن مما كان ؟

                  قد نقول إن الحركة بذلت ما في وسعها، وإن النتائج على الله سبحانه وتعالى. من المؤكد اننا لم نحقق الاتقان في تصوراتنا ووسائلنا، وظل المجال مفتوحاً لتقديم الافضل، ولا شك في أن أجر العاملين في سبيل الله أجر وفير. ولكننا نلاحظ أن التقدم الحقيقي في التحول الاجتماعي المأمول لامتنا لا يزال بطيئاً، ولكي نتقدم لا بد لنا من أن نعترف بأخطائنا ونقوّم أنفسنا ومسيرتنا كي نستطيع القيم بعمل بنّاء حيالها. إن انتقاد امرء ما للحركة لا يضعه بالضرورة في مرتبة فوق الحركة نفسها، كما لا يصنفه ضمن أعدائها. فالناس سواسية، والله تعالى وحده الكفيل بالحساب والجزاء. فالتفوق هو تفوّق العقيدة والرسالة وليس تفوق الاشخاص.

                  و - معركة من أجل البقاء

                  لقد كانت الحركة في الغالب مكبلة الحرية، تخوض معركة حياة أو موت وبصورة يومية، وبالتالي لم تتوافر لها فرصة التوقف والتفكير وإعادة النظر في خط سير أعمالها. فقد كان ذلك نوعاً من الترف الذي لم يتوافر لها أو لم تحرص هي عليه. ومن الطبيعي أن تولّد مثل هذه الظروف أفراداً متطرفين ومتكتمين، متزمتين وغامضين، مثاليين وبدون خبرة، الامر الذي يعيق الانطلاق والتطور. وعليه، فإن عبء التصحيح والاصلاح يقع على عاتق الذين يمتعون بقسط من الحرية. إن مسؤولية هؤلاء مضاعفة وعظيمة للغاية، وعليهم ألّا يقارنوا أوضاعهم بأحوال من يعيشون تحت الظلم والدكتاتورية الذين لا يملكون سوى تجرع الحسرات واجترار الاماني.

                  بناءً على هذه الخلفية لاوضاع الامة في القرن الماضي، نستطيع أن نتفهم طبيعة كفاح الحركة، وبوسعنا أن نتلمس مجالات الاصلاح الممكنة فيها.

                  لقد تمكنت الحركة بحمد الله من البقاء رغم جميع مظاهر الظلم والعداء داخل العالم الإسلامي وخارجه، وهذه نعمة كبيرة من الله سبحانه وتعالى. ورغم أن جهادها أثمر الكثير الا ان إمكانية تحقيق نتائج أفضل كانت متوفرة. المطلوب في المرحلة الراهنة هو التحسن في المجالات التي سنتطرق إليها أدناه.



                  ثانياً : تحديد مجالات التحسين

                  نلفت انتباه الشباب الى الجوانب التالية من مجالات العمل، آملين بعون الله أن يحالفهم التوفيق خلال القرن الخامس عشر، أكثر مما حالف أسلافهم في القرن الرابع عشر.

                  أ - الشورى

                  لم تتمكن الحركة بصورة عامة من مزاولة الشورى بكليتها، وقد ركزت بشكل أو بآخر على ممارسة نظام آخر أكثر موافقة، هو نظام «السمع والطاعة». لقد ظلت بعض القيادات تدعو الى الشورى نظرياً، إلا أن ممارسة ذلك لم تأخذ شكلها المنتظم عملياً، وظل الجدل البيزنطي مستمراً حول ما إذا كانت الشورى معلمة أو ملزمة للامير أو القائد. وكان لكل فريق حجته وما يدعم موقفه من الكتاب والسنّة. ولما كان هذا الامر من المسائل الاجتهادية، فلم يكن من الممكن البتّ فيها عن طريق الفتوى فقط. بيد أننا اليوم في حاجة الى نظام للشورى ملزم ومؤسس على قواعد وأسس علمية منظمة. فلا بد من اشتراك عدد معقول من الاعضاء في عملية صنع القرار، وفي تنفيذ القرارات كذلك. إن مزايا نظام الشورى القرآني هذا يجب التأكيد عليها بكل إصرار، لا سيما في عصرنا هذا.

                  ب - روح الفريق

                  لقد تمكنت الحركة عبر برامجها التربوية من تكوين أفراد ممتازين، ولكن المشكلات نشأت عندما طلب من هؤلاء الافراد العمل معاً في برامج مشتركة. فقط ظلت الحركة في معظم الاحايين يقودها أفراد معدودون بدلاً من فرق عمل جماعية، دون إدراك لحقيقة أن نتائج العمل الجماعي أولى وأفضل من نتائج العمل الفردي. ولقد تمخض عن ذلك بيئة متخلفة قوامها «قيادة الرجل الواحد» في معظم مناحي الحياة. فللاب السيادة المطلقة في الاسرة، وكذلك الحال في المدارس والحكومات والجيش والاحزاب. لقد استحوذ هذا النظام - وهو عرض من عوارض التخلف - على معظم مؤسساتنا. ولو تفحصنا الساحة العالمية لوجدنا أن أوروبا بالروح الجدية في العمل الدؤوب والمثابرة المستمرة كانت أول من رفع شعار الحرية بمفهومه الحديث وأسست الدول القومية، لكن أمريكا تفوقت على أوروبا ومن خلال ممارساتها لنظام «بوتقة الانصهار» التي تصهر مختلف القوميت وتؤلف بينها في اطار الروح الجدية للعمل والمثابرة. أما اليابان، فقد سبقت اوروبا وأمريكا بإضافة روح الفريق الجماعية والولاء للتقاليد والمعتقدات الدينية.

                  عليك أن تتصور العمل الإسلامي كفريق كرة القدم الذي لو جمع أحسن اللاعبين العالميين بدون ان يمارسوا روح الفريق فيما بينهم لخسروا أمام خصم أقل كفاءة إذا كان أفراده يمارسون الروح الجماعية في لعبهم.

                  ج - النساء والاطفال

                  هناك إخفاق واضح في مجال العمل النسوي ومرحلة الطفولة. فحين حققنا بعض النجاح مع الرجال أخفقنا مع غيرهم ولم يكن في مقدورنا تكوين حركة نسوية فعالة، وظلت النساء المسلمات - فيما عدا بعض الاستثناءات - عاجزات عن تنظيم أنفسهن أو التأثير في الاخريات، كما أن الاغلبية منهن لا تجيد الاتصال بغيرهن أو التحاور في قضايا المجتمع الاساسية. وعلى حين كانت الاحزاب القومية واليسارية تستغل النساء الى أقصى حد ممكن لتحقيق مكاسب سياسية، لم يكن بمقدورنا الاستفادة من الامكانات الهائلة لدى أخواتنا المسلمات. وهكذا ظللن - فيما عدا حالات معدودة - خاملات وغير فاعلات ولا قدرة لهن على المساهمة في نشاط الحركة. وفي الوقت الذي ندّعي ونتمنى أن تربِّي نساؤنا قادة الامة ورجالاتها، فإننا لا نبذل أي مجهود من أجل إشراكهن في النشاط أو إعدادهن أو مساندتهن. ويظل هذا الامر يمثل تناقضاً داخل الحركة، ولن يتسنى لنا - في الواقع - كسب المعركة اذا كانت نسبة 50 % أو أكثر من طاقاتنا معزولة ومبعدة عن الميدان الحقيقي.

                  وبالمنطق نفسه، لم نبذل إلا النذر اليسير من الجهد في إعداد الاطفال وتنميتهم. فنسبة الادبيات الإسلامية - مثلاً - الموجهة الى الاطفال لا تزيد عن 5 % تقريباً، حيث إننا نتوقع منهم أن يقرؤا الكتب الموجهة الى الكبار ويستوعبوها ويقتنعوا بها. إن تعليم الاطفال الناشئة من المجالات التربوية المتخصصة التي يحتاج كل منها الى أدبيات خاصة متميزة، ولا تزال الحركة تفقد الكثير بإهمالها لهذا الجانب من العمل.

                  د - نموذج القائد «الشيخ»

                  فى بعض الحالات تبنت الحركة نموذج القائد «الشيخ»، ذلك البطل الملائكي الاسطوري ذي الكشف والقوى الخارقة، العالم بكل شيء والقادر على كل عمل، والذي يقود التنظيم مدى الحياة. وترتبط الحركة بهذا القائد المستديم الذي لا يمكن تنحيته عن كرسي القيادة ارتباطاً مصيرياً بكل أعماله وتصرفاته مهما كانت. وإذا غاب عن بلده، استمر في الاشراف على التنظيم وتسييره بطريقة «التحكم عن بعد». وفي الاجتماعات، يهيمن نموذج هذا القائد «الشيخ» على جدول الاعمال، فيتحدث متى شاء وأنى شاء وللمدة التي يريد وفي أي موضوع يختاره، فهو لا يستعد مسبقاً، ولا يدوّن أفكاره أو ملاحظاته. كما أن له الحق أن يرتجل الحديث وعلى الجميع ان يظهروا له الاحترام والاولوية في كل شيء، بغضِّ النظر عما يتطلبه مركزه القيادي من مؤهلات وإمكانات وتخصصات.

                  وتظل المعضلة الرئيسة التي يواجهها الصف الثاني من القيادة هي من يستطيع أن يخلف القائد «الشيخ»؟ فقد جبل كل عضو منهم على الاعتقاد بأنه لا يساوي شيئاً أمام «الشيخ»، وهذا التواضع أو الخضوع شرط من شروط تكوينه الحركي الإسلامي. فلم يتدرب معظظمهم على حرية الرأي والقيدة من خلال ممارسته للشورى الجماعية، واحترامه العظيم للشيخ يمنعه من تحدّيه أو مخالفته أو حتى مساءلته، فضلاً عن تبنيه وجهة نظر مخالفة لشيخه. ويمثل هذه العلاقة أحياناً الشعار الصوفي القائل بأن «المرايد أمام شيخه كالميت بين يدي مغسّله». وهكذا يتحول القرار الملحّ المطلوب من الشيخ في بعض الحالات الى مجرد دعاء فقط. ومن المؤسف أحيانا أن نرى الحالة قد تردّت الى درجة جعلت بعضهم يتهمون قياداتهم بمقولة «وافق أو نافق أو فارق». ونحن - معاذ الله - لا نتهم كل من تولوا القيادة بأنهم كانوا على هذا النمط، ولكننا نجد بعض هذه المواصفات على الاقل في غالبية القادة والمسؤولين.

                  علينا اليوم أن نتدارس بجدّية وموضوعية الممارسات والتجارب العالمية الحديثة للفترة المثالية لتولّي القيادة، فهي تتراوح بين أربع وست سنوات، قابلة للتجديد لمرة واحدة فقط، الامر الذي يسمح للقائد بمدة أقصاها اثنا عشر عاماً. وعند انتهاء فترة تولّي القائد مهام القيادة بإمكانه المساهمة الرشيدة الفعالة عن طريق اللجان المتخصصة أو كمستشار للقيادة الجديدة له قدره ومكانته احترام خبراته الطويلة.

                  هـ - غياب المؤسسات

                  اعتمدت الحركة في نشاطها على الافراد موكلة المهام اليهم، الامر الذي أدعى الى اعتماد الوظائف على الاشخاص، وبالتالي عدم الاستقرار وكثرة التغيرات الوظيفية ونقص فادح في تغطية الادوار. فقد كان العمل القائم على المؤسسات نادراً - ان وجد أصلاً - وكان هناك في المؤسسات المعدودة التي أقيمت افتقار الى التخطيط والعمل بروح الفريق والتنظيم السليم. فلم تتمكن الحركة من تجسيد أهدافها عبر هذه المؤسسات، بل أصبح عبئاً على الحركة، بدلاً من أن يكون عوناً لها. وبالرغم من نجاح الافراد في الكثير من المشاريع الشخصية، الا أنهم فشلوا في إنجاح العمل الجماعي، كما أن الحركة لم تعالج حتى الان الحاجة الماسة الى «فقه المؤسسات» بلغة وتصورات معاصرة مفهومه. وسيظل عمل الدعوة مقتصراً على الكلام حتى تبرز في بلادنا مؤسسات اسلامية عامة ناجحة، بما لا يقلّ عن معدل عشر مؤسسات كبيرة في كل بلد، قبل أن يحق لنا أن ندّعي الشروع في عملية إقامة المؤسسات بنجاح.

                  و - النزعة الاقليمية والنزعة القومية

                  إن الحركة - نظرياً - مقتنعة بوحدة الامة وعالمية الدعوة، ولكننا عمليا لا نكاد نجد صدى كاف لهذه المعاني، إذ إننا نعكس في سلوكنا توجهات وطبائع قبلية واقليمية واضحة. يظهر ذلك التصور بجلاء في لقاءاننا حيث يتعلق كل منا بأصدقائه من أبناء جلدته، وقليلاً ما نختلط اجتماعياً بمن هم خارج دائرتنا المحلية. أما على مستوى القيادات، فقد توفّر لبعضها لقاءات دورية عالمية مع قيادات أخرى لكنها تعثرت كثيراً بسبب ما ارتضته لحركتها من أطر وعوائق إقليمية وقومية.

                  رغم ان مثل تلك اللقاءات تعتبر أمراً أساسياً لتبادل المعلومات والتجارب ووضع الاستراتيجيات والتنسيق فيما بينها. ومع اقرارنا بأن أعداءنا يعملون ضدنا وفقاً لخطة موحدة، الا أننا لم ننجح في مواجهتهم من خلال خطة موحدة مماثلة. لقد خدعنا بالمثل القائل: «أهل مكة أدرى بشعابها» متناسين أن الاجنبي المتخصص المتابع قد يعرف اليوم عن بلادنا أكثر مما نعرف، كما أنه بإمكان بعض الخبراء أن يقدموا لاخوانهم في بلاد اخرى الكثير من النصائح والخبرات التي تفيدهم في عملهم المحلي.

                  جعلت وسائل الاتصال العالم اصغر واقرب يوماً بعد يوم، ومفهوم القرية العالمية يزداد تجسداً، وهو مفهوم العالمية الذي دعا اليه الإسلام منذ ظهوره، لكن الحركة لا تزال تنظر الى شؤونها نظرة محلية وتعدّ كل منطقة وكأنها معزولة عن بقية المناطق.

                  ز - غياب التخطيط

                  إن الحركة غالباً ما تعيش من يوم الى يوم تكافح لمجرد البقاء فقط، وقلّما أتيحت لها فرصة لوضع خطط مستقبلية سنوية أو خمسية أو عشرية. فهي تدير عملها من خلال مواجهة الازمات، وكثيراً ما تتحول الاعمال الروتينية الى حالات طوارىء. لقد أدى غياب التخطيط المسبق الى عدم وضوح فى الاهداف وسوء توزيع في الموارد وخلط في تحديد الاولويات وفقدان تحديد الوجهة، ولم يعد بإمكاننا تّبين مواطىء أقدامنا ومدى قربنا من أهدافنا أو اعتماد أسلوب منهجي لتقويم نشاطاتنا. وعليه، فإننا نمضي غافلين عن نتائج أعمالنا أو تبعاتها غير عابئين بالتخطيط السليم وبصورة الانتقال من مرحلة «عمل ما في الامكان» الى مرحلة «عمل ما يجب أن يكون».

                  ح - البديل الإسلامي

                  لقد ظلت الحركة حتى عقد الخمسينات مشغولة بإثبات صلاحية الإسلام، ثم اتجهت بعد ذلك الى تأكيد تفوقه على غيره من الايديولوجيات، ولكنها ظلت تتحرك داخل هذه العموميات، ولم ينضج عملها خارج هذه الدائرة. فلم نتمكن، على سبيل المثال، من توفير البديل في مجال الكتاب الجامعي من منظور اسلامي وهو ما نحتاج إليه في جميع مجالات الدراسات الاجتماعية.

                  هذا البديل ليس عملاً تطوعياً لبعض الوقت يقوم به الفرد المتحمس المخلص، لكنه واجب من أولويات العلماء المختصين المتفرغين، وعلى الحركة أن تنشىء العديد من المؤسسات الاكاديمية الراقية لمزاولة الاجتهاد في هذه المجالات. كما لم يعد من الممكن أن يوكل هذا الواجب الى أفراد من العلماء «النوابغ» وحدهم، اذ لا بد أن يكون مجهوداً جماعياً. فهو عمل متخصص ومكلف وشاق، ويستغرق الكثير من الوقت، وهو عمل مستمر لا يكفيه الاعتماد مرحليا على المؤيدين والمتعاطفين. انه شرط لا بد منه لبداية النهضة الحضارية العملاقة لهذه الامة، وسيظل تفوق النظام الإسلامي من دون مجرد قناعة عاطفية. هناك حاجة الى نموذج اسلامي حي مستنير يجذب الغرب والشرق نحو حضارة الإسلام. وهذا ما يفسر اقبال المهندسين والاطباء وعلماء الطبيعيات على الحركة أكثر من اقبال علماء الاجتماع عليها، لان العموميات المشوقة تقنعهم بعقلانية وسمو الدين وسماحته وأخلاقياته، بينما يحتاج علماء الاجتماع المتخصصون الى الاقتناع بالتفاصيل. فالعموميات لا تكفي وحدها لجذب هؤلاء الى حظيرة الإسلام. وليس هذا بالوضع السويّ أو السليم، ولن يمكننا الانطلاق بالحضارة الانسانية من جديد حتى نرى غالبية قادة الحركة من علماء الاجتماع المتخصصين.

                  ط - الغايات والوسائل

                  يعاني بعض الاعضاء قدراً من البلبلة والخلط بين الغايت والوسائل. وكثيراً ما نلاحظ أنّ مصلحة الجماعة أصبحت معياراً للعمل والنجاح رغم أن الجماعة ما هي في الحقيقة الا وسيلة لخدمة هدف اصلاح المجتمع. وقد أدى ذلك اللبس الى انشغال الجماعة بنفسها أكثر من انشغالها بالمجتمع الذي تقوم من أجل اصلاحه وخدمته. وقد يبين تحليل احصائي تقريبي لتوظيف وقت الاعضاء وأموالهم وجهودهم أنّ حوالي 70 % منها يصرف في معالجة الشؤون الداخلية للحركة، بينما يخصص 30 % فقط لصالح المجتمع الخارجي، في حين ينبغي أن يكون الترتيب الصحيح عكس ذلك تماماً.

                  لقد أصبحت الجماعة حزباً مقدساً لذاته، كما لو كان الحزب قد تأسس من أجل نفسه، الامر الذي جعله لا يختلف أساساً عن أي ناد رياضي أو جمعية تعاونية تقتصر خدماتها على أعضائها فحسب. وقد أصبحت صورة الحزب عبارة عن مجموعة من الاعضاء تهتم بمصالحها فقط دون اضطلاع بدور حقيقي لها في المجتمع ككل. ولهذا السبب فان جمهور الناس لا يبدي أي اهتمام أو تعاطف تجاه ما قد يقع على الجماعة من ظلم واضطهاد. وتترافق هذه الظاهرة مع فقدان الإسلاميين لما يكتسبونه من المواقع للعلمانيين نتيجة قلة التعاون بين الحركات والجماعات الإسلامية المختلفة. ان هياكل الحركة التنظيمية قد تقف عائقاً في بعض الاحيان امام تحقيق اهدافها الجوهرية، وينبغي التأكيد بدون هوادة على ضرورة تبني الحركة لمشكلات الامة عامة وايجاد الحلول لها كتحد مباشر توجهه الحركة. كما يجب على الحركة توجيه معظم جهودها لمعالجة تل القضايات كي تطمئن الامة الى ان الحركة هي حارسها الامين الذي بامكانها الاعتماد عليه في الاعتناء بشؤونها عناية كاملة.

                  ي - أزمة الفكر

                  يُجمع العقلاء المتخصصون على ان العلاقة وطيدة بين طريقة التفكير واساليب التصرف ومعالجة القضايا، وان التفكير الصحيح هو الاساس في كل انطلاقة حضارية، وهذا من المفردات الاساسية التي ينبغي أن تعيشها الحركة. وبتأمل واقعنا المعاصر نجد ان الحركة لم توفق -بشكل عام- في تحقيق الاتساق حول الامور التفصيلية. كما انصبت معظم جهود الحركة على العمل والنشاط أكثر من اهتمامها بالفكر والثقافة. ومع غياب بعض المواقف الرسمية المعلنة للجماعة تجاه القضايا الرئيسة العامة، تكونت لدى اتباع بعض الاحزاب والجماعات العلمانية والاديولوجيات المعادية تسرّبت الى الاعضاء لتملا هذا الفراغ الفكري.

                  اننا نؤمن أن أزمة الفكر أساساً هي في كيفية تنزيل القرآن والسنّة الى الواقع، وذلك عن طريق البحث والاجتهد الاصليين في مجالات العلوم الاجتماعية والانسانية المتعددة.

                  ك - غياب الحوار

                  يبدو للدارس أن الحركة تثبط الحوار الفكر على ثلاثة مستويات: داخلياً بين الاعضاء، ومع الجماعات الإسلامية الاخرى، ومع التجمعات غير الإسلامية سواء الدينية منها أو العلمانية. وقد نتج عن ذلك بروز المفاهيم المثالية النرجسية بين الاعضاء، فظلت الافكار النظرية بعيدة عن مجالات الاختبار الواقعية العملية. وترتب على غياب الحوار ركود فكرى وعجز عن الاثراء المطلوب لانضاج الحركة، بالاضافة الى سوء الفهم بى المجموعات المختلفة، الامر الذى أدى الى غياب الثقة وبروز العداوات بى الجماعات المختلفة في المجتمع الواحد.

                  ل - إهمال وسائل الاعلام

                  لقد أهملت الحركة الى حد كبير مجال الاتصال مع العالم المحيط بها. فلم توجه أعضاءها الى سد هذه الفجوة في وقت مبكر، مما جعل تأثير الحركة في المجتمع أقل مما ينبغي، وتمكن منافسيها من السيطرة على وسائل الاعلام ورسم صورة مشوهة للحركة دون أن تتوافر لها الفرصة العادلة للدفاع عن نفسها بشكل فعال. إن الحركة في حاجة الى توجيه عدد كاف من أعضائها للتخصص في مجالات الاعلام. ولقد كان الاولى بنا التنبه لذلك بوجه خاص في الدول التي خاضت فيها الحركة معارك انتخابية، حيث لم يكن تحركها السياسي على المستوى المطلوب. أما المطبوعات الإسلامية فغالباً ما تكون غير جذابة، واحيانا منفردة، ولا يستطيع الصبر على قراءتها إلا الاعضاء المتحمسون. أما القراء من غير الاعضاء فيتجنبون الاطلاع على أدبيات الحركة، ومحدودية انتشار دوريتها مؤشر حقيقى على ذلك. كما تجاهلت الحركة أيضاً توجيه أعضائها من خريجى المدارس الثانوية الى التخصص في المجالات المطلوبة كثيراً، مثل العلوم الاجتماعية والاعلام والاتصالات والتربية والخدمة المدنية والشرطة والقانون، وكان لغياب هذا النوع من التخطيط نتائجه الفادحة على الحركة، وقد دفعت ثمنه غالياً.

                  م - المحاسبة بين القيادة والقاعدة

                  كان المعيار السائد في الحركة - ولا يزال - هو أن الاعضاء مُحاسبون امام القيادة التي تلزمهم بالطاعة

                  المطلقة في السراء والضراء. إلا أن الحاجة الى محاسبة القادة ظلت أمراً بعيداً عغن النقاش والبحث وكذلك عن التنظيم والممارسة، رغم اهميها القصوى. فعندما يعرض مسؤول تقريراً للاعضاء فإنه غالباً ما يكون في شكل عموميات كقولهم: « كل شيء على ما يرام » و « الدعوة في تقدم » و « إن مستقبل الإسلام مشرق » و « النصر قريب » و « يرونه بعيداً ونراه قريباً » و « عليك أن تقوي إيمانك وأمن تقدم مزيدا من التضحيات ».. و « عليكم بالصبر ».. الى ما هنالك من تعبيرات.

                  والمهم هنا غياب الاسس العلمية التي يمكن الاستناد عليها لمحاسبة الافراد. فلا وجود لاحصاءات أو حقائق أو أرقام، ولا وجود لتحليلات موضوعية - كمية أو نوعية - خاصة ببيانات العضوية أو المطبوعات أو الشؤون المالية أو تقارير استطلاع الرأي العام أو التقويم الجماعي أو التنظيمي السليم للاداء.

                  وقد يرفض بعض القادة الاجابة عن سؤال ما بدعوى الكتمان والسرية، في الوقت الذي لا يمكن أن تكون الحركة في وضع سليم إذ لم تخضع قياداتها للمحاسبة الموضوعية بشكل دوري. فلا بد من مواجهة من يتصدى للقادة بتحديات حقيقية ومطالبتهم بالرفع من مستوى أدائهم. كما أن المسألة حول الشؤون المالية لها أبعاد أخلاقية داخل الصف وقانونية لدى الدولة، وعلى الحركة أن تقدم تقارير وبينات مالية خاصة للمراجعة والتدقيق على أسس منتظمة وسليمة.

                  ن - ترتيب الاولويات

                  لو سألنا أنفسنا: هل ننفذ المهام بطريقة أفضل؟ أم نختار المهام الافضل أهمية لننفذها؟ تمثل الحالة الاولى الكفاءة في العمل، أما الثانية فهي اختيار الاولويات الصحيحة منذ البدء، وهناك قدر كبير من الاختلاف بين الامرين، وكلاهما ضروري. فقد يؤدي المرء بكفاءة عملا ولكنه ثانوى. إن لترتيب الاولويات أسبقية لان المهام أكثر بكثير من الموارد المتوفرة للقيم بها. وعليه، يصبح تحديد الاولويات أمراً ضرورياً وهذا ما يحقق توجيه الموارد القّيمة المحدودة - البشرية والمادية - لما ياسبها من القضايا. إن الحاجة لتحديد الاولويات تزداد إلحاحاً وأهمية مع مرور تسارع الزمن وتَلاحُق الاحداث. فلا يكفي أن يؤدي المرء الواجبات المهمة. ولكن عيه أن يؤدي الواجبات الاهم منها أولاً.

                  س - الجمود التنظيمي

                  لوحظ أنه بمجرد قيام هيكل تنظيمي للحركة يظل على حاله لفترة طويلة على الرغم من نمو الحركة وتغير ظروف وأوضاع المجتمع وإعادة ترتيب الاولويات. فعلى كل هيكل تنظيمي أن يعكس أسلوب الحركة الحقيقي في العمل كي يحقق الاهداف التي قام من أجلها، كما ينبغي تعديله حسب الحاجة كي يستوعب التطورات. إن الهيكل الاداري الذي لا يزيد عن كونه وسيلة لخدمة الهدف من الخطأ تقديسه أو رفض تعديله. وكقاعدة عامة، ينبغي إعادة النظر في الهيكل الاداري التنظيمي كل خمس سنوات.

                  ع - السرية والعلنية

                  هُدر وقت طويل في مناقشة: هل يكون عمل الحركة سرياً أو علنياً؟ وكاد يعتبر موقف المرء من هذه القضية ركناً من أركان الايمان. وراح كل طرف من الاطراف يبحث في سيرة الرسول عليه السلام لدعم وجهة نظره وموقفه. وهذه قضية تنطيمية بحتة، ولكلا الاسلوبين أصل في الإسلام، وإنما تحدد الظروف والمعطيات الواقعية مدى صلاحية أحدهما للحركة على المدى البعيد. وهناك حالات لا يوفر فيها خيار، إذ إن أوضاع الدولة وظروفها هي التى تملي أسلوب العمل، ولكن على الحركة أن تكون مفتوحة على الناس كلما سمحت الظروف المحيطة بذلك، وليس للعمل السر أفضلية أو قدسية إذا ما سُمحَ بالعمل المعلن. والرأي السليم هو اعتبار العمل العلني القاعدة الاساسية. ولا يلجأ الى العمل السري الا استثناءً، وحينئذ تطبّق عليه قاعدة الضرورات تقدر بقدرها أو ان الضرورات تبيح المحظورات.

                  ف - القرآن والسلطان

                  نتيجة للاستعمار وأثاره في السياق التاريخي للقرن العشري تجد الحركة نفسها في مواجهة مستمرة مع بعض الانظمة الحاكمة، يجب أن تقتنع بأن الحركة تنشد الخير والصلاح للبلاد والعباد حكاماً ومحكومين على السواء. فالامة هي الخاسر الاكبر في جو لا تسوده الثقة بى الحاكم والمحكوم. وإنما وجدت الحركة من أجل البناء والتنمية والتربية والتعليم والخدمة والاصلاح والارشاد الى ما هو أفضل. ينبغي ألا ينظر اليها على أنها قوة منافسة على المناصب متعطشة للسلطة، ساعية الى الاطاحة بالحكام.

                  أن الحكم ليس هدفاً من أهداف الحركة بل وسيلة من وسائلها. وإذا لم تحقق الحركة أهدافها من خلال سلطة حاكمة، فإن بإمكانها على الاقل تحقيقها جزئياً عبر حركة الجماهير على نحو حر ديمقراطى. وعلى الحركة أن تسعى الى تحويل المواجهة الى تعاون، فالمجابهة لا طائل وراءها عادة، والتعامل السمح البسيط الهادئ أدعى الى جلب المنفعة كما علمنا ذلك رسول الله عليه السلام. وبيما تدفع القوى الخارجية الامور نحو العداوة بى جماهير المسلمين وحكّامهم، فان على الإسلامي الواعين رصد مثل هذه الاتجاهات الخطرة عن كثب، والسعي الى تفاديها كلما أمكن ذلك. إن على الحركة تمثّل مقولة: « لا تخض معركة خاسرة »، وعليها أن تجنب الاستدراج الى مواجهات لم تستعد لها.

                  ص - غياب التجاوب الفعال

                  تدار مؤسساتنا بنظام الدورة المفتوحة غير المحكمة، فلا توجد مراجعة لنتائج العمل أو تصحيحه من خلال المعلومات الواردة. فد يسعى بعض العاملى الى تبليغ الرسالة بدون رصد آثارها المنشودة، واختلط على الكثيرين مفهوم حصول الاجر الالهى في الاخرة - إن لم يكن في الحياة الدنيا - فبددوا الجهود بدون تحقيق النتائج والمنجزات في الدنيا. لقد أسأنا التعامل مع مفهوم: عليا العمل والنتائج بيد الله سبحانه وتعالى، الامر الذى أدى خطأ الى عدم التركيز على الاداء والاجاز، وأصبح شعارنا: العمل من دون طلب النتائج، كقول القائل: عليَّ السعى وليس عليّ إدراك النجاح!

                  هذه الحالة شبيهة بحال ربان السفينة الذي يوصل ركاب سفينته الى الشاطىء وهم أموات قد ذوى التفاعل والاتصال به وبهم. لقد حان الوقت الذي يوجب فيه على الحركة أن تستخدم أفضل من لديها من المتخصصين في علوم النفس والاجتماع والاتصالات والعمل الجماهيري والعلوم السياسية والعلاقات العامة، في سبيل تمحيص أعمالها وأثر تحركاتها في الناس ومدى تجاوبهم معها. إن هذا النوع من المراجعة ينبغي أن يستخدم لتعديل مناهج العمل وتصحيحها والتفاعل مع الآخرين.

                  وثمة قضية أخرى يتعثر في ميدانها كثير من الخطباء المتحمس ألا وهي الفرق بى ما نقصد أن نقوله وما يفهمه الناس من مقولتنا، فعليا أن نعي أن طريقة تعبيرنا قد لا تتطابق مع ما ينتج لدى الناس من انطباعات، وأن هناك فجوة بين ما نعنيه وما يفهمه الناس من أقوالنا. وهذه الفجوة تساوي مقدار الخطأ او القصور الذي يجب أن نقلل منه الى الحد الادنى، وكلما كانت الفجوة أضيق كان نجاحنا في توصيل رسالتنا الى الناس أكبر، وذلك حسب المعادلة التالية:

                  التعبير المقصود - الانطباع الناتج = مقدار القصور

                  أو التعبير المقصود - مقدار القصور = الانطباع الناتج

                  ق - التعب الحزبى

                  غالباً ما يكون تشكيل أعضاء الحركة قائماً على الاعتبارات الحزبية أكثر منه على جوهر القضايا. ولذا نجد العضو أكثر انحيازا للحزب منه الى الحقيقة، وكثيراً ما يغدو عاطفيا، فيعرف الحق بالرجال ولا يعرف الرجال بالحق. فهو غالبا لم يدرب على التفكير الحر، بل هو حبيس الاراء المتحيزة ووجهات النظر غير الموضوعية.

                  هذا الوضع يجعل من الصعب على العضو أن يعامل مع غيره، ولا سيما مّمن هم خارج الحركة، بصراحة ووضوح. فهو يجد صعوبة بالغلة في التحدث مع أهل العلم، لانه لم يتدرب على النظر الى القضايا بأسلوب موضوعي. كما تواجهه الصعوبات نفسها عندما يعامل مع ذوى الافكار غير الإسلامية، فقلّما تشجع الحركة النقد الذاتى، فضلاً عن أنها نادرا ما تنقلا آراء الاعضاء وانتقاداتهعم الى القيادة. بل على عكس ذلك لا يلقى النقد أي ترحيب، ومن يخاطر برفع صوته قد يهم بسوء النية أو بانطوائه على بواعث غير ذات صلة، وعادة ما يكون الرد على النقد هو التهجم على شخص الناقد بدلاً من مناقشة جواهر الامور. فقلّما يكون التركيز على ما يقال بدلاً من القائل وتضيع الموضوعية في هذا الخضم. كم كبّل هذا الاسلوب من جهود كانت ترمي الى الاصلاح البنّاء الذي نصبو اليه جميعاً.

                  ر - ادبُ الاختلاف

                  مما يؤسف له، أنا عندما نختلف لا نمتثل للتوجيهات النبوية في أدب الاختلاف. وبدلاً من أن يصبح الاختلاف رحمة وإثراءً للآراء، يحدث التفكيك والتعنت ، ويتحول الخلاف الفكري الى اختلاف في القلوب والمشاعر، وينقلب الحب الى كره، وتفقد الجماعة رابطتها ويتدهور حالها، فتصبح مجموعة من الافراد المتباغضين. يحيل هذا الوضع أىّ رأى جديد الى تهديد للوحدة، وتدق نواقيس الخطر عالية على الفور حفاظاً على وحدة الجماعة وسلامتها. يعطي مثل هذا الوضع المتوتر القيادة المبررات لتعطيل معايير السلوك الإسلامى واتباع أساليب غير إسلامية، فتتشبع الاط جواء بالغيبة والنميمة والتشهير والشائعات والتهم والكذب والتشويه الخلقى لل شخاص. لقد أدت بعض المنازعات بين الإسلاميين الى إراقة الدماء كما حدث في أفغانستان، وذلك لاننا لم نمتثل للتوجيه القرآنى والنبوى ومراعاته في سلوكنا عند الاختلاف. إن التمسك بتوجيهات القرآن والسنة حرىّ بأن يضمن لنا النجاح والفوز على خصومنا على المدى البعيد، تحقيقاً للآية الكرمية: ... ادفعَ بالتِ ي هىَ أحسنُ فإذاَ الذِى بينك وبينهُ عدوةً كانهُ ولىٌ حميمُ (4) ومَا يلقيهَا إلا الذينَ صبروا وَما يلقها إلا ذو حظ عظيم (35) ( فصلت )

                  ش - جدول أعمال مطوّل

                  تقع الحركة من حين الى آخر في فخ مطالبة معارضيها فجأة بكل شيء دفعة واحدة، حيث أننا لم نتمكن بعد من بلورة مطالبنا وترتيبها حسب الاولويات وبالتدريج، ولم نقدم بعد برنامج عمل متكاملاً يحقق التوازن بى الموارد المادية والبشرية داخل إطار جدول زمني محدد. ويعتقد بعضهم أنه يمكن تحقيق انموذج متكامل وناصع للحية الإسلامية فوراً عند الطلب، وهم يريدون تحقيق كل شيء في لحظة وإلا فلا. وكأن إقامة الدين فيى المجتمع كصنع القهوة السريعة التحضير ( النسكافية ).

                  أنهم يخلطون بين الايمان العقلي والذهني بكلية الرسالة والتطبيق التدريجي لتعالميها في واقع الحياة. لقد أخفق هؤلاء في التوفيق بين مقولة : « خذوا الإسلام جملة أو دعوه » وبى الحديث النبوي الشريف الذي يقول:

                  « إنَّ هذا الدينَ متينٌ فأوغلِ فيهِ برفق ». (1)

                  إن التطبيق التدريجي الهادىء هو ما علمنا إيه رسول الله عليه السلام. والدرس الذي يجب أن نعيه هو أن يكون جدول أعمالنا قصيراً وواضحاً ومختصراً، وبمجرد انجازه يوضع جدول أعمال زمني آخر مدروس... وهكذا. لقد نجح الشيوعيون والقوميون في تطبيق هذا الاسلوب بفاعلية في الوطن الإسلامى، وكانت شعاراتهم بسيطة وجذابة ونفاذة، فرسخت في ذاكرة الناس لشدة اختصارها ووضوحها، وكان من بيها:

                  l « نريد خبزاً » .

                  l « ارفعوا الاجور » .

                  l « لا بطالة بعد اليوم » .

                  l « نطالب بتقليص ساعات العمل » .

                  l « وفّروا الخدمات الصحيحة المجانية » .

                  l « نطالب بتحسى ظروف العمل » .

                  l ( لا استعمار ولا استثمار » ... وغيرها.

                  ثالثاً : التفاتة الى القرن الرابع عشر

                  إن نظرة منصفة الى رصيد الحركة تؤكد بلا شك أنها بذلتن جهوداً مضنية كثيرة، إلا أن خصومها كانوا كثيرا يخطفون ثمار جهودها.. وهذا ما يتضح في تجربة حركات التحرر في الجزائر ومصر وليبيا وباكستان وغيرها.

                  إن المكتبة الإسلامية بوضعها الحالى تخرّج المسلم السكونى الذي يكون صالحاً في نفسه إلا أنه غالباً ما يكون حرفيا في نظرته الى الحية. فقد أخفقنا فى تكوين الداعية المصلح المتحرك المؤثر في غيره. فقد كان رسول الله عليه السلام يدعو ربه أن يهدي الى الإسلام زعماء قريش فقال:

                  « اللهمَّ أعزَّ الإسلام بأحبَ هذينِ الرجلينِ » (1) يعنى عمرو بن هشام أو عمر بن الخطاب.

                  كان عليه السلام يدعو لقادة قريش في صلواته أن يهديهم الله من أجل ان تقوى وتنتصر الدعوة. أما اليوم، فنشاهد عكس ذلك، إذ غالباً ما تغادر العناصر النشطة الذكية الجماعة التي عجزت عن استيعابها والتعامل معها. إنهم كالثمار الناضجة التى تسقط من شجرتها فتظل على الارض لان الشجرة الام لم تعد قادرة على حملها. كما ينقص الحركة الغربلة وتصنيف القدرات، فبينما يمكن الاعضاء اللامعون من التأهل والانطلاق والتخر من الحركة، يستمر قليلو الحيلة والقدرة في صفوفها الى الابد، فيصبحون عبئاً ثقيلاً على الحركة في تنظيم ثقيل الرأس لا يجاوب بسرعة وفاعلية مع الاحتياجات العاجلة الملحة. إن الحركة ليست وحدها في الميدان، فهو يعج بالتحديات والمنافسين، وعليها أن تبلور سياسيتين استراتيجيتين للتعامل مع التنظيمات الاخرى الإسلامية وغير الإسلامية. كما يجب عليها أن تقلع عن فكرة المركزية الشديدة وأن يكون كل شيء تحت اسم واحد وسقف واحد ومركز واحد وكيان واحد، وعليها أن تسعى للتأثير وحسن التوجيه أكثر من سعيها للتملك والاستحواذ. ومن المفيد جداً أن توكل بعض الاعمال الى غيرها كلما كان بمكان أولئك القيم بها. فالسلام ليس حكراً على أحد، وهو دين للجميع، وليس لاي جماعة أن تدعي لنفسها وحدها حق احتكاره. إن استعداد بعض العاملى وحماسهم للبذل وللعطاء والتضحية لا يعطينهم تفويضاً مفتوحاً للهيمنة على أعمال الحركة بغضّ النظر عن كفاءاتهم وفاعليتهم. فإذا كان أداء هؤلاء جيداً فستؤول إليهم طبيعياً قفيادة الحركة بجداره، وإلا فينبغى أن نستبدل بهم من هم أصلح.

                  ... وإن تتولَّوا يستبدِل قوماً غيركُم ثمَّ لا يكونُوا أمثلكُم ( 38 ) ( محمد )

                  وفي الوقت الذي ينبغي على الحركة أن تكسب الرأي العام، فإنه من المهم ألا تسلم قيادها له، بل ينبغي أن تكون لديها خططها واستراتيجاتها التي تستطيع من خلالها ترشيد الرأي العام وتشكيله وتوجيهه والتأثير فيه. أما التعاطي مع الغرب، فقد رسم له بعض المفكرى صورتى متناقضتى: فهو إما جنة وإما جحيم. الحقيقة هى أن الغرب ليس هذا ولا ذاك، وأن لديه خصائص إيجابية وأخرى سلبية، وينبغ عليا كمسلمين أن نتحرى الانصاف في جميع الاحوال حيث يعلمنا الله سبحانه وتعالى:

                  ... فأوفُو الكيلَ والميزانَ ولا تبخسُوا الناسَ اشياءهُم... (85) ( الاعراف )

                  ... ولا يجرِ منكُم شنئانُ قوم على ألا تعدلُوا اعدلُوا هوَ أقربُ للتقوى... (8) ( المائدة)

                  إن منهج الحية في الغرب يحيل الحرام جذاباً مغرياً سهل المنال، بيما نجعل نحن المسلمون الحلال أمراً عسيراً منفراً وصعب التناول. ومن هنا، فإن على الحركة أن تقلع عن تهربها من حل مشكلات المجتمع بمجرد إصدار الفتاوى، وأن تتبنى أسلوب طرح البدائل والحلول المستديمة. ففي الوقت الذي ندعو فيه الناس الى الاقلاع عن الحرم، عليا أن نوفر لهم البديل الحلال. لقد أخفقنا حتى الان في تطوير برامج تلفزيونية أو إذاعية تلتزم ما رخّص به الله وأحلّه. إن مجال التسلية مفتوح أمام العاملى للاسلام على مصراعيه، لكن الجهود التي بذلت فيه حتى الان لا تكاد تذكر. ويمكننا القول باختصار إن الغرب لديه بضاعة دريئة يولى عرضها باعة مهرة، ولدينا بضاعة ممتازة يولى عرضها باعة خائبون. ومع أن نظام الحياة الغربية ومعرّض للانهيار الخلقى، فإن العلمانيين يعملون بلا هوادة لاصلاحه وتصحيح مساره. فهم كمن يقود سيارة تتهالك يوماً فيوماً ويقوم ركابها - وكلهم من المهندسين والميكانيكيين المهرة - بترميمها وإصلاحها دوماً. أما نحن فإمما نقود سيارة جديدة مستورة دون أن تكون لدينا أية معرفة بكيفية عملها وصينتها، وبمجرد أن يصيبها عطل بسيط نصاب نحن بالشلل المزمن.

                  إن التحدي الذي تواجهه الحركة هو البرهنة على استعلاء الايمان وإثبات تفوق الفكر الإسلامى وسيادة في المجالات المختلفة وطرح النموذج العملي الإسلامي البديل. فقد يفي بالغرض في هذا الصدد إنجاح مشروع تجريبي إسلامى، ولو كان صغيراً. هذا هو التحدى الحقيقى الذي يواجه الامة في القرن الخامس عشر الهجري.

                  رابعاً أسئلة لا بد منها!

                  أ بعبة شد الحبل

                  هناك من يدّعي أن غالبية شعوب العالم الإسلامي لا تعرف الجد في العمل وهذا سبب فشلها. لكن ما قو لنا في المسلمى المخلصين الذين يعملون بكل جد؟ ما بالنا نرى معظمهم غير منتجى؟ إن مشكلة هؤلاء هي مشكلة توجهات وميول وافتقاد وح الفريق في العمل وانحراف منهج التفكير. فقد ترى أفراد المجموعة الواحدة يؤدون أعمالهم بكل جد لكن في اتجاهات متعارضة، الامر الذي يجعل محصلة جهودهم النهائية أقرب الى الصفر، بل قد تكون محصلة سالبة في بعض الاحيان.

                  إن لكل عمل إسلامي مقداره واتجاهه كما تعلمنا في الرياضيت عن الكمية الموجهة. فإذا لم يوافق عمل فرد ما مع عمل غيره توافقاً وثيقاً وفيى إطار خطة واضحة مع وضوح اتجاه العمل، فإن النتيجة ستكون محدودة رغم الجهود الكثيرة التي قد تبذل في ذلك. وإذا ما استطردنا في تصيّد أخطاء بعضنا البعض وإهمال الاسهامات الايجابية للاخرين والتقليل من أهمية إنجازاتهنم، فلن نتقدم ولن نحقق من أهدافنا شيئاً مذكوراً. لا بد أن نسعى للتخلي عن الشعور بأننا نحن فقط على صواب وأن غيرنا دائماً على خطأ، ويجب عليا الاعتراف لكل العاملى في الحقل العام بدورهم، وأن نسعى جميعاً الى تنسيق الجهود ونبذ التجريح والقدح فيما بيننا.

                  ب - الوضع الراهن: هل هو الأسوأ أم الاحسن؟

                  كثيراً ما يقال: «إن وضعنا الحالي هو أسوأ ما يمكن أن نصل اليه، ولا يمكن العمل في مثل هذه الظروف، وأنّ علينا أن ننتظر وجود ظروف أفضل وأكثر قابلية للعمل». والواقع أن الظروف في عدد من بلادنا قد تدهورت باضطراد خلال العقود الاخيرة الا أن على الداعية ان ينطلق من اعتبار ان ظروفه الراهنة هي أفضل ما هو متاح له، ومن واجبه إنجاز أكبر ما يمكن إنجازه فيها. فنحن لا نعلم الغيب، وليس في وسعنا التنبؤ بمدى استمرار الاحوال على ما هي عليه اليوم. وتحضرني هنا نكتة ذلك المتفائل الذي سقط من الطابق العشرين في احد المباني العالية، وحينما مر بالطابق السابع سأله أحدهم من النافذة: «كيف حالك الان؟»، فأجاب: «انا بخير حتى الان» !!

                  اان تفاؤلنا المتحفظ حول مستقبل الدعوة شبيه بشعور نبيّ الله موسى وأخيه هارون عليهما السلام تجاه فرعون كما يصفه القرآن :

                  اذهبآ الى فرعونَ انهُ طغى (43) فقولا لهُ قولاً ليناً لعلهُ يتذكرُ أو يخشى (44) (طه)

                  فلسنا بأفضل من موسى وهارون عليهما السلام، وليس الناس اليوم بأسوأ من فرعون، وعليه ينبغي ألا نفقد الامل ولا نيأس من أوضاعنا الحالية.

                  ج - الولاء لله أم للاسماء؟

                  بامكان كل من يعمل في الحقل الإسلامي أن يتحرك من خلال أي منظمة أو مجموعة، بشرط أن يظل ولاؤه الحقيقي لله سبحانه وتعالى أولاً وأخيراً. ويجب ألا تكون أسماء التنظيمات أو الجماعات حائلاً بيننا وبين ذاك الولاء (الاسمى لله سبحانه وتعالى).

                  قد تستدعي اسباب استراتيجية أو تكتيكية تشكيل هيئات مختلفة او الغاء او تغيير هياكل تنظيمية قائمة، وينبغي ألا تختلط وسائل التنظيم بغايات العمل الإسلامي. واذ يبالغ بعضنا احياناً في الحماسة للاسماء والعناوين، يجب أن ندرك أنها مجرد وسائل، وان الهدف هو الفوز بمرضات الله وحده لوجهه الكريم. ان اضفاء قدسية روحية على منظماتنا تتعدى بهذه المنظمات الى أكثر مما هو مقصود منها فعلاً. وها نحن نقرأ في سورة يوسف قوله تعالى : ما تعبدونَ من دونهِ الا أسماءً سميتموها أنتم وءاباؤكم ما انزلَ اللهُ بها من سلطنِ انِ الحكمُ الا للهِ امرَ ألا تعبدوا الا اياهُ ذلك الدينُ القيمُ ولكنَّ اكثرَ الناسِ لا يعلمونَ (40) (يوسف)

                  لقد ألحقت هذه الظاهرة ولا تزال بحركتنا ضرراً شديداً، ويعود ذلك الى قصورنا في فهم واستيعاب الهدف الاسمى لاعمالنا.

                  خامساً : الرصيد

                  كثيراً ما نأخذ الامور وكأنها مسلّمات وننسى الفوائد الجليلة التي قدمتها لنا الحركة الإسلامية عامة خلال القرن الرابع عشر الهجري. وأقل ما يقال لصالح الحركة هو أنها أدت دور حماية الإسلام والمسلمين ورفعت راية الدعوة الإسلامية عالية على الرغم من كل الصعوبات. ولا شك في أن الحركة وقفت كقلعة شامخة ضد الهجمات الشرسة من اليمين ومن اليسار، وفي الوقت الذي كانت فيه الحركة القومية خاوية ومفلسة عقدياً واخلاقياً، قدّمت الحركة الإسلامية باستمرار اثراءً للامة عن طريق توفير الحصانة والقوة الروحية المستنيرة واللازمة لقيادتها الى الرشاد. كما عملت الحركة جاهدة للحفاظ على هوية الامة الإسلامية التي كادت أن تتفكك الامة بدونها وتذوب في نزعات مختلفة من اشتراكية ورأسمالية ومادية وعرقية وقومية.

                  ويمكننا أن نقول بشيء من الثقة ان الحركة الإسلامية قد تفوقت على جميع الاحزاب والاتجاهات غير الإسلامية. فقد تصدرت الحركة الجهاد ضد كل مستبد وظالم، وحملت لواء محاربة الشر والفساد ودفعت مقابل ذلك تضحيات باهظة من سجن وتعذيب واستشهاد، وتصدت الحركة للطغاة والمعتدين وجابهتهم بظلمهم وعسفهم وطالبتهم بالتنحّي واعطاء الناس حرياتهم. وقد ذهب عدد كبير من الإسلاميين ضحية هذا الموقف وتعرضوا لاشد أنواع الاضطهاد والتعذيب والتشريد.

                  لقد بذل أتباع الحركة المنكرون لذواتهم أقوى الجهود لمقاومة الاستعمار في فلسطين والجزائر وأفغانستان وكشمير وغيرها، ويرجع ذلك بكل وضوح الى روح الاخلاص والتضحية والتفاني الشديد لدى أتباع الحركة المؤمنين.

                  ان اليقظة التي يشهدها العالم الإسلامي اليوم انما تعود أساساً الى جهاد الحركة الإسلامية المضطرد. ولم تكن هذه الصحوة محلية أو خاصة بمجموعة معينة من الناس، وانما جاءت شاملة في طبيعتها، واكتسحت الصحوة دولاً عديدة مثل أندونيسيا وماليزيا وبنغلادش وباكستان وأفغانستان وايران وتركيا ومصر والسودان وتونس والجزائر، ولم تخل أية بقعة اسلامية من آثار هذه الموجة العارمة. ويكفي ان نسجل هنا أن وجودنا اليوم كاسلاميين انما هو نتيجة مباشرة للحركة الإسلامية العالمية، ولله الفضل والمنّة.

                  وفي الوقت الذي نحكم فيه بعدم نجاح حركات التغريب والعلمانية والشيوعية في القرن الميلادي العشرين، فاننا نشعر بثقة كبيرة ان الحركة قد احرزت تقدماً خلال القرن الرابع عشر الهجري، مما يجعلها في عداد من اجتازوا الامتحان بنجاح.

                  ان الحمد كله للّه، واليه نتجه بالدعاء ان يسدد خطانا على صراطه المستقيم في القرن الخامس عشر الهجري.

                  المصدر: دليل التدريب القيادي / هشام الطالب / المعهد العالمي للفكر الاسلامي

                  تعليق


                  • #10
                    كيف تصبح قائد 10 (حول عملية صنع القرار )

                    حول عملية صنع القرار



                    اولاً : مقدمة

                    ثانياً : عملية صنع القرار

                    أ - خطوات صنع القرار

                    ب - تحليل القرار

                    ج - عملية الابداع

                    د - عملية الابداع

                    هـ - القرارات الاستراتيجية

                    ثالثاً - جمع المعلومات

                    أ - عوامل اساسية في جمع المعلومات

                    ب - اساليب جمع المعلومات

                    رابعاً : اسلوب التدفق الذهني

                    أ - ملاءمة المنهج

                    ب - تشجيع المساهمة

                    ج - استخلاص النتائج

                    خامساً : الشورى

                    أ - طبيعة الشورى

                    ب - ممارسة الشورى

                    سادساً : افكار حول التفاوض

                    ضوابط التسوية (الحل الوسط)

                    اهداف الفصل

                    لدى اكمال هذا الفصل، ستكون قادراً على:

                    l الربط بين صنع القرار واختيار بدائل الحل.

                    l تحديد خطوات عملية نحو اتخاذ القرار.

                    l تحديد من يتخذ القرار وكيفية ذلك.

                    l اتخاذ قرارات فعالة وقابلة للتنفيذ.

                    اولاً : مقدمة

                    رغم انه يمكن اكتساب الكثير من المهارات عن طريق التعلم، فانه ليس سهلاً تعلم صنع القرارات. فهناك من القياديين من يتقن هذه العملية اكثر من غيره. وفي غياب المعلومات الكافية، تصبح هذه العملية اكثر صعوبة. وكثيراً ما يتعامل صناع القرار مع ظروف الشك وعدم اليقين، لكنهم ملزمون بالاجتهاد والتحرك واتخاذ القرارات في حدود وقت معين، ولو ترتب على ذلك ارتكاب بعض الاخطاء، فعدم اتخاذ القرار هو من أسوأ الاخطاء. ومن وجهة النظر الاسلامية، فان المرء مكلف بالاجتهاد بكل ما يملك للتوصل الى القرار السليم، واذا لم يكن بين البدائل المطروحة حلٌّ مناسبٌ قاطعٌ فالواجب اختيار اقلها ضرراً. واذا ما تبين بعد ذلك وجه خطأ في القرار كان للمجتهد أجر واحد وفي حال الصواب كان له أجران، وينبغي ألاّ تعدّ مهمة اتخاذ البرار مسألة فقهيية في معظم الاوقات، فقد تكون في الغلب مسألة ادارية أو تنظيميه أو سياسية عامة، بل على القائد، حتى حين تكون المسألة متعلقة بالشريعة، أن ينظر في مختلف المدارس الفقهية قبل ان يعمل برأيى تظهر له فيه مزايا أكثر من غيره للمنظمة ومصلحة أكبر للامة.

                    إن سعة الافق امر جوهري في صنع القرارات، فهي عملية متحركة وليست ساكنة. وعلى المرء أن يراقب ويتابع نتائج قراراته ليعدلها عند الحاجة وبالكيفية السليمة أ واتخاذ القرار عبارة عن عملية اختيار بين بدائل معينة، وقد لا يكون الاختيار دائماً بين الخطأ والصواب أو بين الاسود والابيض، ولذا لزم الترجيح وتغليب ما يحتمل الصواب على ما يحتمل الخطأ. كما قد يكون اتخاذ القرار اختياراً بين مناهج وأساليب عمل لا يمكن بسهولة إثبات صواب احدها وخطأ غيره.

                    المطلوب في النهاية من صُنع القرار تحرك الناس وتجاوبهم سلوكياً مع القرار.

                    وقيل اتخاذ أي قرار علينا أن نسأل: «هل اتخاذ هذا القرار ضروري فعلاً؟»، إذ أن أحد البدائل القائمة دائماً هو عدم اتخاذ القرار. والقرار مطلوب عند ظهور مؤشرات على أن الوضع سيتدهور أو أن فرصة هامة قثد تضيع إذا لم يتم اتخاذ إجراء عاجل.

                    ومن العناصر الهامة في اتخاذ القرار تحديد المسألة وما يتعلق بالقرار من أمور وتقرير ما إذا كانت هناك حاجة لاتخاذ ذلك القرار. فإذا ما تم التركيز على الفهم الكامل للموقف فإن ذلك يؤدي الى دراسة البدائل كلها، أي أنه ينبغي توجيه كافة الجهود الى التعرف على حقيقة وتفاصيل المسألة التي يدور حولها القرار قبل إصداره.

                    إن الاسلوب الفعال لاتخاذ القار لا ينشأ من عقلية ضيقة، ولا يفترض صحة منهج حل واد فقط وخلل ما عداه. وعليه، فمن الضروريى الاهتمام منذ البدايه بفهم القضية والاستفاد من اختلاف وجهات النظر للتأكد من اعطاء جميع الجوانب الرئيسة للقضية ما يناسبها من العناية والاهتمام.

                    ولذا، يمكن تلخيص الشروط الرئيسة لاتخاذ القرار الفعال كالتالي:

                    أ - التركيز على تحديد وفهم المسألة التي سيُتخذ القار بشأنها، أي الاهتمام بتفاصيلها أولاً قبل النظر في حلها.

                    ب - طرح الرأي المعارض ومناقشته بهدف تكوين فهم عام مشترك، ثم دراسة مجموعة متنوعة من الاراء وأساليب لمعالجة.

                    ج - البحث عن البدائل المختلفة أولاً وقبل البحث عن «الحل الصحيح».

                    هذه الطريقة في التوصل الى القرار تحدد على أي مستوى يتم اتخاذ اقرار ومن يحب أن يتخذه، كما أنا تجعل عملية تنفيذ القرار المتخذ جزءاً لا يتجزأ من عملية صنع القرار نفسها.



                    ثانياً: عملية صنع القرار

                    ان صنع القرار هو فن وعلم في آن واحد.

                    تبنى عملية اتخاذ القرار على جمع المعلومات وتحليلها ومعالجتها بطريقة علميه، الامر الذي يؤدي الى تحديد البدائل الممكنة للحل. كما أن اختيار أحد البدائل غالباً ما يتطلب أخذ الحس الانساني في الحسبان عند تفحص ما يترتب على مختلف البدائل المتعارض من نتائج تتفادت في ميزانها. فصنع القرار الناجح يعتمد على التقدير السليم كاعتماده على المعلومات الموثوقة.

                    كما يمكن اعتبار عملية صنع القرار على أنها عملية مغلق يتم تغذيتها بالمعطيات والمعلومات كمدخلات فينتج عنها المخرجات في صورة قرارات. وتقوم هذه العملى بحث وتمحيص مختلف البدائل وتقويمها واختيار الانسب منها. وهذه العملية عبارة عن سلسلة من العمليت الاصغر المؤدية الى اتخاذ سلسلة متكاملة من القرارات الجزئيه التي تكوّن في مجموعها القرارا النهائي الاساس.

                    أ - خطوات صنع القرار

                    لدى مواجهة حاجة محددة أو فرصة معينة، يجب اتخاذ الخطوات التالية من أجل التوصل الى قرار:

                    1 - تحديد سلسل الافعال البديلة التي يمكن تنفيذها والنظر في العواقب المترتبة على اتباع تلك الافعال، وهذه خطوة واضحة ومباشرة نسبياً. في هذه الخطوة، توضع قائمة بالبدائل المتوفرة لمعالجة وضع معين مع افتراض اتمام تشخيص هذا الوضع وتعريفه، الا ان هذه المشكلة قد تكون اعقد من ان تعالج ببدائل سلهة. وهنا ، قد يحتاج المرء الى اللجوء الى اعمال الفكر والتدبير العميق والابتكار.

                    2 - الخطوة التالية هي جمع المعلومات ذات الصلة التي تعين في تحديد ماهيه النتيجة المترتبة على تصرف معين. علينا بعد ذلك تقويم دور هذه المعلوما في تكييف العلاقة بين العمل وما يمكن أن يتمخّض عنه من نتائج. فالمعلومات احياناً تعى في استبعاد الاحتمالات تماماً، بيما تنشأ الحاجة في أحين أخرى إلى أنواع مختلفة من المعلومات المساعدة في الحل التي قد يوسع بعضها مجال البحث بدلاً من التوصل إلى نتائج. ومن أكثر المشكلات شيوعاً فيى هذا الصدد تدفق معلومات كثيرة جداً لا تكون كلها نافعة فيى الحل أو ذات علاقة به.

                    3 - يم بعد ذلك تقويم فائدة كل نتيجة من النتائج المترتبة على البدائل المختلفة وأفضليتها. ويحبذ أن يتم ذلك بواسطة النقاش بين عناصر واعية ومدركة لطبيعة الموقف، وأن يم تكوين الرأي المشترك عن طريق الشورى. فالقرآن الكريم يحث على الانفتاح والامانة والاخلاص في التعبير عن الرأي وينهى عن المجاملة والمخادعة والمناورة في التشاور. وهنا يلزم دراسة خطوات العمل المتاحة وما يترتب عليها من نتائج موقعها من وجهة النظر الاسلامية، واتباع عملية مراجعة متدرجة لتحديد صلاحية مختلف البدائل.

                    4 - بعد ذلك يم اتخاذ القرار بشأن اختيار أحد البدائل الانسب للحصول على النتائج المرجوة. ويم اتخاذ هذه الخطوة الاخيرة في صنع القرار في إطار أهداف المؤسسة وتحديد الغايت التي تسعى من أجل الوصول إليها. بذلك، يمكن مقارنة مزايا القرار الذى وقع عليه الاختيار ومساوئه وذلك بعرضها على أهداف المؤسسة وغايتها. ومما يزيد في الاطمئنان لاتخاذ القرار المناسب مبدأ الاستخارة بشرط ان يطبّق بالطريقة الصحيحة التى علّمها الرسول عليه السلام لاصحابه الكرام.

                    ويمكننا أن نلخص مقتضيت صنع القرار فيما يلي:

                    أ - جمع بدائل الخطوات العملية: أ (1) - أ (2) وهكذا.

                    2 - تحديد النتائج المحتملة لكل بديل: ج (1)، ج (2)، وهكذا.

                    ج - تقدير احتمالات قيم كل نتيجة من تلك النتائج: ت (1)، ت (2) وهكذا

                    د - تقويم فائدة كل نتيجة من النتنائج: ف (1)، ف (2)، وهكذا.

                    عندئذ نلجأ إلى عملية إجرائية معروفة لدمج تقديرات احتمال قيم النتائج (ت) مع فائدة كل نتيجة (ف) لتحديد أنسب أسلوب للتحرك (م)، ويمكن التعبير عن ذلك بالمعادلة التالية:

                    ف = ف (ج) م = (ف،ت)

                    ب - تحليل القرار

                    قد تتغير طبيعة القرار بفعل عامل أو أكثر من العوامل التالية:

                    l الاثار المستقبلية وعما إذا كان القرار قصير الامد أو بعيد الامد وإلى مدى تحتاجه المؤسسة في المستقبل.

                    l آثار القرار على مجالات العمل الاخرى للمنظمة ككل، وعمّا إذا كانت ذات صيغة محلية أم قطرية، وهل تدفع بالعمل إلى الامام في مجال معين على حساب مجالات أخرى .

                    l الاعتبارات المعنوية وما يتعلق بأخلاقيت المؤسسة ونظرتها العامة، وما إذا كان القرار المتخذ يعزز من الهوية الاسلامية لها أم لا.

                    l مدى تكرار الاحتيج إلى اتخاذ القرارات ذاتها وعما إذا كانت هناك دواع لاتخاذ القرار نفسه في كل مرة. وهل يحوّل القرار إلى سياسة رسمية مستديمة أم لا.

                    يساعد هذا التحليل على اتحديد المستوى التنظيمي الذى يتخذ فيه القرار. وينبغي عموماً اتخاذ القرارات في أدنى مستوى اختصاص تتوفر فيه المعرفة التفصيلية والخبرة المطلوبة. كما ينبغي أن تتخذ القرارات في المستوى الذي يخدم أهداف جميع مكونات المؤسسة ويحقق الاهداف الكلية بشكل جيد. وتحدد هذه الاعتبارات معاً التسلسل الهرمي للانشطة فيى المؤسسة، بحيث إذا كانت الاجابة عن العوامل الاربعة السابقة عالية الدرجة يتخذ القرار من قبل المسؤول التنفيذي الاعلى. ويمكن توضيح العلاقة بين طبيعة القرار والمستوى الذي يجب أن يخذ فيه عبر الرسم التالي:

                    ج - منهج النظم

                    يمكن الاستفادة في صنع القرار بما يعرف بمنهج النظم. والنظام هو أي وضع تؤدى فيه المهام بطريقة منظمة ويقوم هذا النهج أساس اً على تحديد ماهية المشكلة قبل الاقدام على حلها، وتحديد الاسس التي تقوم عليها الخيارات والمحددات قبل اختيار الحل المناسب.

                    د - عملية الابداع

                    غالباً ما تكون هذه العملية مكملة لعملية صنع القرار الرشيد، وهيى تتكوَّن من خمسة عناصر أساسية:

                    l التشّبع، وهو الالمام الكامل بالاوضاع والنشاطات والافكار المرتبطة بالوضع.

                    l التدبّر والطرح، حيث يتم تحليل الافكار وتمحيصها ودراستها من زوايا مختلفة.

                    l الانضاج، حيث يترك المجال لمختلف قوى الادراك في الانسان مثل العقل الباطن كي تأخذ دورها وللفكرة أن تختمر في الذهن حتى ينقدح، وتبرز في الخطوة الرابعة فكرة واحدة أمام صانع القرار، يمكن تعريفها بالاضاءة أو بالالهام الذهني.

                    l التأقلم والتبنّي، وهى الخطوة التي يم عندها تصفية الفكرة وإعدادها لتتناسب مع متطلبات الوضع رهن المعالجة.

                    ه - القرارات الاستراتيجية

                    تصنف القرارات إلى قرارات إدارية وأخرى استراتيجية، وتختص الاولى بالاهداف القصيرة المدى والامور الروتينية وغالباً ما تكون متكررة. أما القرارات الاستراتيجية فهي أكثر تعقيداً وتختص بالاهداف البعيدة المدى حيث يتم غالباً مواجهة عوامل ذات أثر على القرار الاستراتيجى لا يمكن إدراكها والتنبؤ بها. كذلك ينبغي دراسة العوامل المؤثرة في الوضع العام وما يسوده من ظروف ااقتصادية وغيرها. إن هذه القرارات قد تشكل مسألة حية أو موت للهيئة المعنية.

                    موقف عملى

                    لا تتخذ القرار لمجرد إرضاء الناس!

                    إذا تقدم إليك شخص بمشروع ما، ووافقت عليه لمجرد إرضائه، فقد ارتكبت خطأ كبيراً. فعندما يخفق المشروع، سيلومك أنت لموافقتك عليه، ولن يلوم نفسه على تقديم المشروع إليك. سيحرجك بقوله: « لماذا لم تبدِ رفضك أو تحفظاتك بصراحة؟ »

                    من الافضل للمرء أن يقول « لا » منذ البداية ويُغصبَ الاخرين من أن يقولها عند النهاية، وتكون النتيجة خيبة أمل وملامة للجميع. عندما يكون المرء أميناً منذ الوهلة الاولى، فسيلقى المحبة والاحترام فيما بعد، حيما يتضح أنه أسدى النصيحة بإخلاص، في الوقت الذي كان غيره يمدح وينافق.

                    كن موضوعياً إلى أقصى حد، وقدم رأيك بإخلاص وادعمه بالحجة، ولا تنساق وراء العواطف والاعتبارات الشخصية. وتذكر أن الناس قد يغيّرون آراءهم، وإذا كان هدفك إرضاء الاخرين فستجد نفسك بدون قرار، منساقاً وراء تلك الاراء المتأرجحة باستمرار. لا ترضَ لنفسك أن تكون إمّعةً، بل خذ المواقف الصحيحة المعبرة عن قناعة وتجرد ومبادىء راسخة.

                    ثالثاً : جمع المعلومات

                    ژ أ - عوامل أساسية في جمع المعلومات

                    يمثل جمع المعلومات « الصالحة » عنصراً هاماً وحاسماً في عملية صنع القرار الرشيد. وتستخدم عدة طرق رسمية وغير رسمية لجمع المعلومات، منها إجراء المقابلات والاستبيانات وقواعد المعلومات والتقارير والسجلات والوثائق. وهناك أربعة عوامل لها دور هام في جمع المعلومات وهى: صلة المعلومات بالموضوع، والتوقيت، والمشروعية، والدقة.

                    صلة المعلومات بالموضوع

                    لا يمكن الاستفادة من المعلومات إلا إذا كانت وثيقة الصلة بالموضوع قيد البحث، وفيى حال عدم تناسبها مع الغرض، لا تكون المعلومات إلا مادة تشويش. وما يمكن أن يعدّ معلومات مفيدة في حالة معية يعدّ تشويشاً في حالالت أخرى. فإذا كان الامر يتعلق مثلاً باختيار الموضوع الرئيس للمؤتمر السنوي، فإن وجود قاعة اجتماعات عامة بالقرب من الطريق الرئيسية، لا يعدّ معلومة مفيدة بل معلومة مشوشة، أمّا إذا كان القرار متعلقاً باختيار مكان المؤتمر، فإن تلك المعلومة المشوشة تصبح معلومة مفيدة.

                    التوقيت

                    لا فائدة للمعلومات إلا إذا كانت متوافرة في الوقت المناسب أو كانت أحدث معلومات متوفرة. فمعلومة أن مجموعة أخرى - مثلاً - قد اختارات الموضوع نفسه الذي كنا سنختاره للمؤتمر تعدّ مفيدة فقط إذا توفرت لدينا قبل اتخاذنا للقرار. كما أن أية فكرة حول انتشار الخحاضرين للمؤتمر على أساس المناطق الجغرافية لا تعدّ معلومة مفيدة إذا كانت أنماط ومعدلات الانتشار للاعضاء قد تغيرت تماماً منذ ذلك الحى.

                    الشرعية

                    ينبغي أن تكون المعلومات مشروعة حت يمكن الاستفادة منها في صنع القرار أي أن تكون مبولة في إطار أخلاقيت صانع القرار و قيمه. ويجب - على وجه التحديد - ألا تخالف هذه المعلومات مبادىء الاسلام الاساسية و تعاليمه. فلا ينبغي مثلاً جمع المعلومات عن طريق الاكراه أو الغش أو السرقة.

                    الدقة

                    لا بد أن تكون المعلومات دقيقة، فالمعلومات غير الدقيقة يمكن أن تتسبب فيى أضرار لا يمكن إصلاحها إذا ما استخدمت في صنع القرار. وعليا - في الوضع المثالي - أن نفترض دقة كل المعلومات التى استخدمت في صنع القرار. وعملياً لابد من تبيّن المعلومات وتمحيصها وتنسيقها وعرضها على ما هو متوفر من معلومات أخرى متعلقة بالوضوع نفسه والتدقيق في صدقية مصدر المعلومات.فإذا أردنا مثلاً اختيار موقع للمؤتمر السنوي قريب من الطرق الرئيسية، فلا بد من الاستعانة بخريطة دقيقة توضح أحدث تطورات الطريق والسير من أجل اتخاذ قرار سليم.

                    ب - أساليب جمع المعلومات

                    المقابلات الشخصية

                    المقابلات العادية عبارة عن لقاءات ثرثرة مع أشخاص لديهم معلومات نبحث عنها، أما المقابلات الرسمية فلا بد من الاعداد لها إعداداً جيداً كي تحقق أكبر قدر من الفائدة. وكلما سنحت الفرصة ينبغي إعطاء الشخص الذي ستجرى معه المقابلة فرصة للاستعداد وإبلاغة بموضوع المقابلة والغرض منها، وتحديد موعد ومكان مناسبين بما يقلل التشويش عليك أو مقاطعة الاخرين لك وتفادي التضارب في المواعيد.

                    الاستبانات

                    يمكن تسليمها باليد أو عن طريق البريد، وينبغي في الحالتى أن تصمم جيداً بحيث تكون الاسئلة واضحة المضمون ودقيقة الاستنطاق للحصول على الاجابات المطلوبة.

                    قواعد المعلومات

                    وهى الخاصة بالمعلومات الاساسية التى قد تحتاج إليها من حين لاخر وهي موجودة فيى المكتبات العامة وأقسام الجامعات والدوائر الحكومىء. كما يمكن أن تتوفر في شكل قاعدة معلومات إلكترونية، يمكن الوصول إليها باستخدام ( الحاسوب ) الشخصي .

                    التقارير

                    وهى التي تصدر عن مجموعات البحث ودوائر المستهلكين والهيئات العلمية أو المؤسسات الاكاديمية والرسمية، وينبغي التأكد من حداثه التقدير وموضوعيته قبل استخدامه أو الرجوع إليه.

                    الوثائق

                    الوثائق الموجودة في الكتب والمراجع والموسوعات والمجلات يمكن الحصول عليها من المكتبات العامة، وهذه يمكن أن تكون مفيدة في توفير المعلومات الاساسية الثابتة ولكنها قلما تشتمل على معلومات أو إحصاءات حديثة.

                    رابعاً أسلوب التدفق الذهني

                    يتبع هذا الاسلوب لتنشيط الاذهان وتوليد الافكار الجديدة ذات الصلة وتيسير مهمة التعبير عنها، وهو أسلوب ناجع في جمع المعلومات خلال اجتماع محدد. ويطبق هذا الاسلوب في حال غياب المعلومات أو نضوبها وبروز حاجة ملحّة لايجادها، وهى عملية تفكير بصوت عال وبغير قيود وذلك بخلاف النقاش المنظم المحدد.

                    وينبغي تخصيص جلسة لهذا الامر و تحديد موضوع معين مطلو ب التفكير فيه، وتقسم الجلسة إلى ثلاث مراحل: الاولى هي طرح الافكار حسب ورودها تلقائياً وتسجيلها كي يطلع عليها الجميع ودون السماح بتقديم أى نقد أو تقويم لها. الثانية دعوة المشاركين للتحدث عن أفكارهم بذكر عيوبها ومحاسنها بدون التحيز إليها أو التفاخر بها. والثالثة هي مناقشة مزاى كل فكرة وجدواها وأولويتها ومن ثم تصنيف الافكار المطروحة كلها على أساس مجموعة معايير يتفق عليها.

                    أ - ملاءمة الاسلوب

                    أسلوب التدفق الذهني هو أكثر الاساليب ملاءمة بالنسبة للقرارات الناجمة عن تنوع واسع لل فكار، والبد ائل ويمكن استخدامه ما دامت المجموعة واعية ومهتمة بالقضية، وكان مؤولها عليماً بكيفية استخدام هذا الاسلوب. وكمثال على ذلك اختيار منظمة ما لموضوع اجتماعها السنوي، حيث يمكن للفيف من المسؤولين والاعضاء والعاملين بالمنظمة توليد مجموعة من الافكار المبدعة والمقترحات النابعة من رؤى المنظمة وثقافتها ثم اختيار فكرة واحدة من بيها.

                    ب - تشجيع المساهمة

                    بالامكان تشجيع إسهام الاعضاء في عملية التدفق الذهني باستخدام الاساليب التالية:

                    أ - عقد جلسة التدفق الذهني خلال فترة تكون فيها المجموعة في أوج نشاطها الذهني.

                    ب - الحرص على تنوع المجموعة ما أمكن ذلك آهخذين في الحسبان تقارب الافراد من حيث مكانتهم وإلمامهم بالموضوع كي يشعر الجميع بحرية مطلقة في المشاركة.

                    ج - تخفيض عدد المشاركين لتيسير التحكّم في إدارة الجلسة وتحقيق مشاركة أوسع ي النقاش، ويعدّ أنسب حجم لذلك ما بى 5 و 7 أفراد.

                    د - ترتيب جلوس المشاركين حول طاولة مستديرة يواجه عبرها الافراد بعضهم بعضاً كي يتم النقاش في حرية وفعالية.

                    ه - تخصيص قدر من الزمن يكفل للجميع فرصة المشاركة والعطاء، بدون أن يكون ذلك مرهقاً أو على حساب التركيز والاختصار.

                    و - تسجيل كل الاَفكار وتمكين الجميع من الاطلاع عليها مهما بدت غ ريبة أو مستهجنة.

                    ز - عدم تقويم الاقتراحات أو السماح بالتعليق عليها أو انتقادها عند طرحها في البداية.

                    ح - تحديد المشكلة وتذكير الحاضرين بها من حين لاخر بها من حين لاخر، وكلما دعت الحاجة.

                    ج - استخلاص النتائج

                    إن الهدف من تدفق الافكار بهذه الصورة التلقائية الحرة هو استخلاص نتائج من المعلومات التي تم جمعها. ولتحقيق ذلك، ينبغي الاعداد للجلسة على الوجه التالي:

                    أ - دع كل مشارك يذكر ايجابيات اقتراحاته وسلبياتها.

                    ب - رتب المقترحات حسب الاولوية والجدوى.

                    ج - ابحث عن الطرق الممكنة لتنفيذ افضل الاقتراحات.

                    د - اختر المقترحات الاقرب الى تحقيق الهدف.

                    هـ - احل المقترحات المختارة على الجهات المختصة.

                    خامساً : الشورى

                    أ - طبيعة الشورى

                    الشورى هي عملية التشاور بين ذوي العلم والخبرة بالقضايا المطروحة، وأفضل الطرق الى تحقيقها هو النقاش والتداول بين هؤلاء، وهي من أهم مبادىء الاسلام الادارية والتنظيمية والدستورية.

                    ويوجه القرآن الكريم قادة المسلمين الى ادارة شؤونهم من خلال التشاور والانفتاح والامانة في التعبير اذ يقول:

                    فبما رحمة منَ اللهِ لنتَ لهم ولو كنتَ فظاً غليظَ القلبِ لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامرِ فاذا عزمتَ فتوكل على اللهِ انَّ اللهِ يحبُّ المتوكلينَ (159) (آل عمران)

                    كما تزخر السنة الشريفة بأمثلة التشاور بين رسول الله عليه السلام واصحابه. فكان عليه السلام احرص الناس على التشاور مع صحابته. وكان دوماً يسعى للحصول على رأي الجماعة لتقرير الامور الدنيوية ولم يكن يتجاوز الشورى الا في حالة نزول الوحي. ومن تلك الامثلة تشاوره حول معاملة اسرى بدر حيث طرح كل من ابي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما رأياً مختلفاً، وانقسم المسلمون حيالهما فاعطى النبي عليه السلام لكل رأي حقه من النقاش، قبل ان يقرر قبول الفدية لاطلاق سراح الاسرى. والمثال الاخر هو رأي بعض الصحابة في محاربة المشركين خارج المدينة في غزوة احد ورأي آخرين بمحاربتهم داخلها. وكان هذا هو رأي النبي الا انه استحباب لرأي الجماعة، ورضي بمواجهة الاعداء في احد، خارج اسوار المدينة.

                    ب - ممارسة الشورى

                    اهم ما في ممارسة الشورى هو بروز الاراء المتعارضة ليظهر اصوبها، فقليلاً ما يحتاج المرء الى اتخاذ قرار في غياب الاختلاف والتعارض. ولكي تؤتي الشورى فائدتها بحق، فان على صانع القرار الناجح تنظيم عملية المعارضة، بما يحق الفوائد التالية:

                    l حماية صانع القرار من الانسياق وراء الرأي الغالب بدون تمحيص ودراسة.

                    l توفير البدائل واتاحة الفرصة للاختيار عند صنع القرار.

                    l تحقيق دور الاختلاف في تنشيط الاذهان والتشجيع على التفكير الموضوعي والعقلاني اذ ان النقاش والمحاجة الموثقة يوقظان العقول ويبعثان فيها الحيوية.

                    ويجب عند ممارسة الشورى مناقشة الاراء بصراحة على اوسع نطاق، لتكوين ادراك كامل وواع للحقائق والاراء والبدائل. ويلي تلك المرحلة الانفاق على الحاجة الى التغيير او عدم الحاجة اليه. ولكي يجمع الناس على الحقائق فان عليهم التعرف على تلك الحقائق اولاً، مما يتطلب تحديد المعايير المناسبة والاتفاق عليها مسبقاً.

                    وينشأ القرار السليم من تمحيص الاراء والصراع فيما بيها والنظر الجاد في البدائل المطروحة. وهذا درس من اهم الدروس المستوفاة في سلوك النبي عليه السلام كما اوردناه اعلاه.

                    وقد زادت اليوم التقنية ووسائل الاتصال من القدرة على استيفاء متطلبات الشورى، فقد اصبح من الممكن نشر المعلومات الاساسية لاتخاذ القرار وتوزيعها بسرعة، واصبح تبادل الرؤى سهلاً ميسراً، ونورد وصفاً موجزاً لبعض تلك الوسائل في الفصل الخاص بالاتصال من هذا الدليل.

                    سادساً : افكار حول التفاوض

                    كثيراً ما نواجه مشكلة التوصل الى اتفاق مع من لهم مصالح واهتمامات ووجهات نظر تختلف عما لدينا. كما نجد في مثل هذه الحالات ان الحل يقتضي اخذاً وعطاءً وهو ما يعرف بالتفاوض.

                    والتفاوض فن يتطلب فهم النفسية البشرية، فكلما عرفنا المزيد من احتياجات الطرف الاخر ودوافعه، زادت فرصة اتخاذ القرار الصالح لحل المشكلة القائمة حلاً فعالاً. والتفاوض ليس لعبة تنتهي بالفوز او الخسارة، او محاولة اكتساح الطرف الاخر وارغامه على القبول بمطالبنا، لكنه عمل يقوم من اجل التوصل الى نتائج مفيدة تفي بالمبادىء وتتمشى مع العقل والمعايير الموضوعية.

                    والليونة في التفاوض كالتصلب، اذ ان الطرف الاقدر على ممارسة ضغط اكبر يحقق ما يريد بغض النظر عن الاصلح او الافضل للطرفين. والمنهج الصحيح في ذلك هو التركيز على معطيت الحالة نفسها كأساس للتفاوض. والتفاوض موضوع واسع جداً، ونورد في الجدول التالي لمحات مفيدة من كتاب «التفاوض للوصول الى نعم!» للكاتبى روجر فيشر ووليام اوري:



                    ضوابط التسوية (الحل الوسط)

                    التسوية او الحل الوسط فكرة مصاحبة لموضوع التفاوض، ومن احسن من بين الملامح الاسلامية لاسلوب الموازنة بين الحق والباطل الامام ابن تيمية في كتابه «الحسبة في الاسلام»، حيث اوضح ان من شروط ذلك ما يلي:

                    أ - لا يجوز الامر بالمعروف او النهي عن المنكر الا بعلم وروية.

                    ب - اذا كان الحق بيناً فيجب الاخذ به ولو استلزم ذلك باطلاً اقل منه درجة.

                    ج - اذا كان الباطل بيناً فيجب النهي عنه ولو استلزم ذلك فوات حقٍّ اقل منه درجة.

                    د - لا يجوز النهي عن باطل اذا استلزم ذلك ضياع حق اكبر.

                    هـ - اذا تكافأ الحق والباطل وتلازما بحيث لا يمكن فصلهما فلا يؤمر بهما ولا ينهى عنهما.

                    و - لا يجوز الامر والنهي في المسائل الخلافية.

                    يعتقد البعض ان وجود القرآن الكريم كاملاً بين ايدينا كفيل بتحقيق الخير والتقدم دون اعمال فكرنا في تطبيقه. لقد منح الله الانسان العقل لاستخدامه في فهم الدين وتطبيقه، وهو ما يجعل الانسان في مرتبة اعلى من مرتبة الحيوان. فالانسان ليس اكبر المخلوقات جسماً ولا اطولها قامة ولا اكثرها قوة، لكنه يفوقها بالعقل والتفكير.

                    نعمة العقل: قصة رمزية

                    يحكى ان اسداً يعيش في الغابة قال لاحد اشباله: «لا تخش اي حيوان لكن احذر ذلك المخلوق الذي يمشي على قدمين والمعروف بالانسان فان له عقلاً يفكر به». مضت الايام، والتقى الشبل برجل فصرعه، وكاد يقتله لكنه تذكر نصيحة ابيه فقال للرجل: «لقد حذرني أبي منك فهل لك ان تريني عقلك؟». قال الرجل: «نعم، لكنني تركت عقلي في بيتي، فاذا اطلقت سراحي اتيتك به». فوافق الشبل، لكن قبل ان ينطلق الرجل قال للشبل: «دعني اربطك الى شجرة كيلا تغادر المكان فاعود ولا اجدك». فربطه الى شجرة، ثم اتى بعصا وانهال عليه ضرباً حتى كاد يقتله فتذكر الشبل نصيحة ابيه، بأن يحذر من ابن آدم لان له عقلاً يفكر به.

                    اننا لسوء الحظ لا نستخدم عقولنا بكامل طاقاتها، فتظل في بعض الاحين عاطلة عن العمل، لم تستخدم قط. وتفيد الابحاث العلمية ان استعمال الانسان المتوسط لا يتجاوز نسبة 5 - 10 % من قوة عقله الكامنة التي وهبها الله له!!

                    المناقشة

                    1 - متى ينبغي للمرء ألا يتخذ قراراً؟ ولماذا؟

                    2 - ما الذي يجب ان يتفاداه المرء كي يتخذ قراراً قابلاً للتنفيذ؟

                    3 - ما الخطوات الاربع - بالترتيب - المطلوبة لعملية صنع القرار؟

                    4 - ما الخطوات الخمس - بالترتيب - التي يجب اتباعها في تطبيق اسلوب الابداع؟

                    5 - ما اهم الخصائص التي يجب ان تتوفر في المعلومات كي تكون ذات جدوى في صنع القرار؟ وما هي اقل تلك الخصائص اهمية؟

                    6 - بين الاهم ثم المهم من الخطوات اللازمة لانجاح جلسان التدفق الذهني

                    7 - هل حفظت آيتي القرآن المتعلقتين بالشورى؟

                    8 - لو افترض تشاور الرسول عليه السلام حول معركة احد في عصرنا الحاضر، ما اجدى وسائل الشورى وما اقلها فعالية؟ ولماذا؟

                    9 - ما الصلة بين الشورى والقيادة كما تم نقاشهما في هذا الدليل؟

                    التطبيق

                    توصلت باعتبارك نائباً لمسؤول النشر في الجمعية المركزية المتحدة الى اقناع عدد من الطلاب في جامعتك للاسهام في توزيع مطبوعاتت الجمعية. كانت الحملة ناجحة ولله الحمد. طلب منك بعض مسؤولي الجالية الاسلامية في المدينة المجاورة مساعدتهم في تنظيم حملة مشابهة تشترك فيها العناصر الطلابية نفسها. لا شك انك تود مساعدتهم لكنك تشعر ان العمل في الجالية المحلية اهم وانفع للامة عامة.

                    1 - ضع قائمة بالبدائل المقبولة التي يمكن دراستها.

                    2 - اعد نموذجاً لجمع المعلومات المطلوبة لتحديد خطة العمل.

                    3 - هل بامكانك اتخاذ القرار بمفردك أم ستحتاج الى اسهام آخرين معك؟ لماذا؟ وكيف؟

                    4 - ادرس الاثار المترتبة على قرارك والعوامل المختلفة التي تؤثر فيه، كالتطورات المستقبلية، والنوعية، والتكرار، مصنفاً تلك العوامل حسب اهميتها.

                    المصدر: دليل التدريب القيادي / هشام الطالب / المعهد العالمي للفكر الاسلامي

                    تعليق


                    • #11
                      كيف تصبح قائد 11 (مبادىء التخطيط )

                      مبادىء التخطيط



                      أولاً: ما التخطيط ؟

                      ثانياً: عناصر التخطيط

                      أ - الدوافع

                      ب - الوقت

                      ج - السلطة

                      رابعاً: التخطيط من خلال

                      مبدأ « الادارة بالاهداف »

                      أ - التجهيز

                      ب - القرار

                      ج - الاتصال

                      د - الضبط

                      خامساً: فعاليّة التخطيط

                      أ - الاعتبارات السابقة

                      ب - التخطيط المركزي والتخطيط اللامركزي

                      سادساً: خطة العمل السنوية

                      سابعاً: ملف التخطيط - الاسئلة الثمانية

                      ثامناً: الاهداف

                      اهداف الفصل

                      لدى إكمال هذا الفصل، ستكون قادراً على:

                      l تعريف التخطيط ودوره في إدارة الاعمال.

                      l التمييز على العلاقات المتداخلة بين مستويات التخطى.

                      l إعداد الخطط بما في ذلك خطط العمل السنوية.

                      أولاً: ما التخطيط ؟

                      التخطيط هو نوع من « ارتكاب الخطأ على الورق » أى قبل الشروع في التنفيذ وتحديد المسار من مرحلة إلى أخرى. وقد يعرج المرء في طريقه إلى الهدف على منعطفات وطرق جانبية متعددة، وإذا لم يم ضبط وتسديد اتجاه المسير، فقد لا يصل المرء إلى هدفه بتاتاً أو قد يصل إلى مكان آخر غير المكان الذي كان يقصده. إن التخطيط - مع الرقابة - يتيح للمرء أن يحافظ على السير في الاتجاه الصحيح.

                      وفي هذا الصدد يصدق المثل القائل: إن الفشل في التخطيط كالتخطيط للفشل. فاّذا فشلت أن تخطط فقد خططت للفشل!

                      ثانياً: عملية التخطيط

                      يتسم التخطيط بأنه عملية متتالية ومتداخلة، ويفقد معناه إذا ما اختل هذا التتابع أو انعكس اتجاه سير العمل. ويوضح الشكل التالي أنه بالامكان البدء من أي نقطة في المثلث:

                      والتخطيط هو عملية تجميع المعلومات وافتراض توقعات في المستقبل من أجل صياغة النشاطات اللازمة لتحقيق أهداف المسؤسسة. وهو يضمن ارتباط النشاط بالاهداف، وذلك بتوجيه الجهود نحو الوصول إلى النتائج المرجوّه.

                      كما يبيّن التخطيط مدى الحاجة إلى التغيير في المستقبل ويضع الاسس الضرورية للضبط والتوجيه، فيجّنب نتائج العمل الانحراف عن الهدف المحدد لها ويشجع على الانجاز ويعى على الشمولية في تصور المشاريع وتنفيذها، كما يضمن الاستخدام الامثل للامكانات والموارد.

                      ومن وجهة نظر سلوكية كذلك، يغدو التخطيط عاملاً من عوامل تقوية التزامنا بالاسلام وذلك من خلال ممارسة الشورى بكل أشكالها ومعانيها.

                      ثالثاً: عناصر التخطيط

                      أ - الدوافع

                      التخطيط وظيفة من وظائف القيادة سواء فيما يعلق بالمستقبل القريب أو البعيد. ويُعرفُ التخطيط بعيد المدى الهادف إلى دفع المنظمة نحو غايتها الاسمي بالتخطيط الاستراتيجي، بيما يعرف التخطيط قصير المدى الهادف إلى تحديد مسار أعمال محددة ذات نتائج قريبة، بالتخطيط التكيتيكي أو التخطيط الحركى.

                      وترسم الخطط الاستراتيجية أولويت التنظيم وتوجهاته الاساسية، وهذه الخطط هي نتاج قرارات نظامية مستقرة، اتخذت بقدر كبير من المعرفة ودراسة نتائجها المستقبلية والاعداد والتمحيص، آخذة في الاعتبار العوامل والظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. أما الخطط التكتيكية فتختص بنشاطات أو مشاريع محددة لا يزيد مداها عن سنة واحدة بيما يمتد مدى عمل الخطط الاستراتيجية إلى ما يزيد عن خمس إلى عشر سنوات.

                      ب - الوقت

                      التخطيط مرتبط بالوقت ودالة فيه لانه يترتب على قرارات للتحرك الذي يؤدي إلى نتائج محددة في المستقبل. ويمكن للمرء أن يخطط على مدى شهر أو سنة أو عقد كامل من الزمن، إلا أنه كلما طالت مدة الخطة كان الجهد المطلوب للتخطيط أكبر. وتمثل خطة أى عمل سلسلة من النشاطات الواجب القيم بها لتحقيق هدف معى، ويمكن تصنيف الخطط حسب الفترة الزمنية كما يلي:

                      أ - خطط قصيرة الاجل.

                      ب - خطط متوسطة الاجل.

                      ج - خطط طويلة الاجل.

                      وينبغي تكامل الخطط القصيرة الاجل في إظار الخطط الطويلة الاجل، كما ينبغي تقسيم الخطط الطويلة الاجل إلى عدد من الخطط القصيرة الاجل. ويعدّ التوفيق بين هذه الخطط من العوامل الضرورية لتحقيق الفائدة المثلى من الموارد البشرية والمادية المخصصة لتنفيذ الخطط.

                      1 - الاهداف

                      تعرف الخطط الطويلة الاجل أيضاً بالخطط الاستراتيجية وهي تغطي فترة ما بين خمس إلى عشر سنوات. ومن العناصر الهامة في التخطيط الطويل الاجل وضع الاهداف وتحديدها. وسنتعرض هنا بيجاز إلى ماهية الاهداف التنظيمية.

                      الهدف التنظيمى هو الذى تصبو المنظمة إلى تحقيقه كغاية ومستوى، وهو يتأثر إلى حدّ ما بأهداف القيادة المنتخبة وبأهداف كوادر التنظيم وأهداف المجتمع وطموحاته ككل. تستند أهداف أي منظمة إسلامية إلى تعاليم القرآن والسنّة وتقوم على ممارسة الشورى بين الاعضاء.

                      2 - الخطط طويلة الاجل أو الخطط الاستراتيجية

                      على اللجنة التنفيذية عند وضع الخطط الاستراتيجية دراسة نوعين من الافتراضات:

                      أ - افتراضات تتعلق بالعوامل التي لا يمكن التحكم بها أو السيطرة عليها، مثل التوجهات السكانية والقضايا السياسية، وما إلى ذلك.

                      ب - افتراضات تتعلق بالعوامل التي يمكن التحكم بها أو السيطرة عليها، مثل مخصصات الميزانية وأولويات الدعوة، وما إلى ذلك.

                      ويتلخص أسلوب صياغة الخطط الاستراتيجية في تجميع المعلومات التي تشكل الخلفية العامة وتحليلها وتقويم العوامل البيئة التي لها علاقة بأهداف المنظمة، ثم استعراض موارد المنظمة ووضع البدائل الاستراتيجية وتحديد الخيار أو الخيارات الاساسية البديلة التي تحقق الاهداف المنشودة.

                      بمجرد الانتهاء من صياغة الخطط الاستراتيجية، يتجه العمل إلى وضع خطط متوسطة الاجل تغطي فترة عام أو عامين. ومن المهم هنا أن تنبثق الخطط المتوسطة الاجل انبثاقاً منطقياً من الخطط الطويلة الاجل. فالمنظمة التي تهدف إلى إنشاء مركز إسلامي مثلاً كخطة طويلة الاجل يمكن أن تضع خطة متوسطة الاجل، لجمع الاموال اللازمة لتأسيس المركز، وهي خطوة منطقية وضرورية في برنامج تنفيذ الخطة الطويلة الاجل.

                      3 - الخطط قصيرة الاجلا أو الخطط التكتيكية

                      ژتُهيىء الخطط التكتيكية أو قصيرة الاجل التوجيهات اللازمة لبرامج العمل من سنة إلى أهرى، كما ترسم المنهج التدريجي المطلوب اتباعه في التنفيذ. ويقدم التخطيط التكتيكي في دعمه التخطيط الاستراتيجي كافة التفاصيل والخطوات المستقبلية. فالمنظمة التي تسعى لتأسيس مركز إسلامي كخطة طويلة الاجل تصاحبها خطة متوسطة الاجل لجمع الاموال اللازمة، قد يضع خطة قصيرة الاجل لاعداد تصميم معماري للمركز وعمل ميزانية تقديرته، وتوفير الامكانات المطلوبة لجمع الاموال.

                      كما يمكن تقسيم الخطط القصيرة الاجل نفسها بناءً على أهداف محددة جداً أو إلى مجموعة خطط عاجلة تتراوح مدّتها في العادة ما بين يوم إلى ثلاثين يوماً. وعليه، يكو ن العمل الفوري المطلوب فيى المثال السابق هو إيجاد المهندس المعماري المناسب والاتصال به والاتفاق معه على تكاليف إعداد التصميم، كما ينبغي تكليف شخص بإعداد المطبوعات الخاصة بحملة جمع الاموال.

                      ج - السلطة

                      التخطيط مظهر من مظاهر السلطة، وعلى المخطط أن يضع الخطط للمنظمة كلها ولكل قسم من أقسامها على حدة مع تحقيق التنسيق الكامل بينها. وتتم مهمة التخطيط في المؤسسات الدعوية القائمة على العضوية الفردية بطريقتى:

                      الاولى: من القمة إلى القاعدة: إذ يحدد الفهم الجيد لرسالة المنظمة إطار أولويات التخطيط ويم توصيل هذه المعلومات لجميع الوحدات للاستعانة بها على تحديد مسار العمل.

                      الثانية: من القاعدة إلى القمة: حيث يحدد الفهم الواضح لاحتياجات الاعضاء وأدوارهم أنواع النشاطات والمهام المناسبة على مستوى القاعدة وتتم بلورة ذلك في خطة ويوضح الشكل البيني مستويات السلطة فيما يتعلق بعملية التخطيط.

                      رابعاً: التخطيط من خلال مبدأ « الادارة بالاهداف »

                      نقدم في ما يلي ما يعرف بطريقة الادارة بالاهداف وهي - بكل بساطة - تدور حول « من » سيقوم ب « ماذا » و « كيف » و « متى ». ويشتمل التخطيط بالاهداف على أربع خطوات أساسية هي: الاعداد والتجهيز، واتخاذ القرار، وإبلاغ من يعينه القرار، ثم التحكم والضبط.

                      أ - الاعداد والتجهيز

                      على المنظمة القيم بالخطوات التالية أثناء مرحلة الاعداد والتجهيز للخطة:

                      1 - بين الاهداف بأقصى قدر ممكن من الوضوح والتحديد وتجنب العموميات.

                      2 - جمع الحقائق بأقصى قدر ممكن من الوضوح والتحديد وتجنب العموميات.

                      3 - التشاور مع كل من له علاقة بوضع الخطة أو بتنفيذها بشكل مباشر أو غير مباشر والتشاور أيضاً مع أهل العلم والفكر وذوي الاختصاص ممن ليست لهم علاقة بالخطة.

                      ب - اتخاذ القرار

                      على المنظمة في هذه المرحلة اتخاذ الخطوات التالية:

                      1 - تحليل جميع المعلومات ووضع التصورات المحتملة بكافة نتائجها الممكنة دون التقيد بالمجددات المالية أو غيرها في هذه المرحلة.

                      2 - تطوير مسارات بديلة للعمل يؤدي كل منها إلى تحقيق الاهداف المنشوردة.

                      3 - تقويم البدائل المطروحة واختيار أفضلها، ودراسة مدى توافر الموارد ( الحالية والممكنة )، والفوائد التي ستعود على المجتمع ( أقصاها وأدومها )، والاطار الزمني ( المتوقف على المحددات البيئية ).

                      4 - وضع معايير وقياسات واقعية ومجدية وقابلة للتطبيق.

                      ج - تتم عملية الاتصال في إطار عملية التخطيط بعد إقرار خطة محددة نهائية، وذلك وفق الخطوات التالية:

                      - حدَّد بالضبط كل من ستكون له صلة قريبة أو بعيدة بالخطة، والاستفادة من المعلومات التى تم جمعها حول الجمهور المعني بالخطة.

                      2 - اختر ونفّذ أفصل الطرق لتبليغ المعنيين بالخطة.

                      3 - تأكد من فهم من له علاقة بالموضوع للخطة وقبوله لها مع السماح بشيء من المرونة فيى تنفيذ مهامهم المختلفة.

                      د - الضبط

                      تضم هذه المرحلة من عملية التخطيط الخطوات التالية:

                      1 - تحديد نقاط ومعالم على الطريق تعين على تقويم برامج العمل من حين لاخر والاطمئنان على سلامة سير العمل في الاتجاه المؤدي إلى أهداف المنشودة.

                      2 - مقارنة النتائج الفعلية بالنتائج المتوقعة، مع التمييز بى الاخطاء المترتبة على العوامل الطبيعية التي لا يمكن التحكم فيها، وتلك الناتجة عن التنفيذ المعوجّ للخطة.

                      3 - اتخاذ الاجراءات التصحيحية كلما دعت الضرورة، بما في ذلك إعادة تحديد الاهداف إذا ثبت عدم جدواها، وتغييرها اّذا أصبحت غير ممكنة التحقيق، أو تغيير الخطة بكاملها إذا كانت هناك دواع لذلك. إن التصحيحات أفضل من الكوارث التي يمكن أن ينتهي إليها العمل.

                      خامساً: فعالية التخطيط

                      أ - الاعتبارات السابقة

                      عندما تتم صيغة خطة العمل مسبقاً عن وعي وبصيرة والتزام تصبح مؤهلة لان تحدد مسار العمل كله طوال العام. كما ينبغي أن تحد من ضرورة اللجوء إلى أسلوب « التخطيط من خلال أزمات » المضيع للوقت والموارد البشرية والمالية والمُتِلف للسمعة.

                      ولتحقيق النتائج المرجّوة، يجب أن تخضع الخطة للمتابعة وتقويم مدى تطابقها مع الغايت الكبرى مرة كل ثلاثة أشهر.

                      كما يجب أن تخضع كل دراسة تسبق التخطيط للاعتبارين التاليين اللذين قد يبدوان للوهلة الاولى متضاربى، وهما:

                      1 - لا يمكن التخطيط لعمل ما خارج ما تسمح به الموارد السنوية المخصصة.

                      2 - لا يمكن التخطيط لعمل ما خارج ما تسمح به الموارد السنوية المخصصة.

                      ب - التخطيط المركزي والتخطيط اللامركزي

                      يكون التخطيط إمّا مركزياً أو لا مركزياً. ويم التخطيط المركزي في هيئة هرمية الشكل، يحدد فيها المسؤول الاول الاهداف للهيئة التنفيذية، ويستعرض المعايير والنتائج المتوقعة، ويوفر المعلومات واحتياجات التدريب والاعداد، ويشرح الاجراءات المتبعة ويطور ويحسن طرق العمل الراهنة، ويقوم على تنفيذ النظام، ليضمن قيم كل عضو بدوره في تنفيذ الخطة.

                      أمّا في التخطيط اللامركزيى، فإن الرئيس وأعضاء الهيئة القيادية يتشاورون مع الاعضاء في مختلف مراحل التخطيط والتنفيذ، وتكون المعلومات والاستفادة منها في هذه الحالة متاحة للجميع. كما يكون التدريب نوعاً من التعليم ويتم في مواقع العمل ذاتها، ولا يطرد عضو من المنظمة لارتكابه خطأ ما، بل يم تشجيعه للتعلم من أخطائه.

                      مواصفات الخطة الفعَّالة

                      1 - التحديد في الخطط شرذط أسياسي لتحفيز الاعضاء على العمل والمشاركة.

                      2 - يجب أن يكون محور الخطة هو العمل، وينبغي الاعتدال بين عسر العمل ويسره، ويجب صيغة الخطط بلغة سهلة الفهم على من يولّون تنفيذها.

                      3 - يجب أن تكون الخطط مرنة، خاصة عند كثرة العوامل التي يصعب التحكم فيها أو السيطرة عليها.

                      4 - يجب أن تتفق الخطط مع أهداف المجتمع والامة بصفة عامة.

                      العلاقة بى عامِلَي الزمن والمال

                      أ - التأخر في كتابة الرسائل بحيث يتعذر إرسالها ببريد الدرجة الثانية أو الثالثة يترتب عليه إرسالها ببريد الدرجة الاولى وبتكاليف أعلى.

                      ب - التأخر في إرسال الدعوات لحضور نشاط معين يترتب عليه شراء تذاكر سفر بتكاليف أعلى وذلك لفقدان مزيّة التخفيض التي تقدمها شركات الطيران بناء على شروط أو خلال فترات معينة.

                      أفكار مفيدة للتخطيط الفعال

                      1 - الخطط التى تنفذ فعلاً هي التي يشارك فى إعداد أفراد مسؤولون عن تنفيذها.

                      2 - يجب أن يكون لدى جميع المساهمين في التخطيط قدر من الفهم المشترك للعالم ونظرة موحلة للحاضر والمستقبل.

                      3 - إن مستوى الاداء لدى المخططين يكون أفضل إذا ما اهتموا بالقضايا أكثر من اهتمامهم بالوسائل، وركزوا على جواهر الامور ( ماذا ) أكثر من تركيزهم على شكلياتها ( كيف )، لان هذه سيأتي دورها فيما بعد.

                      4 - ينفر أغلبية الناس من التخطيط لان الخطة توجد التزاماً ينبغي الوفاء به، ولهذا فعلى مسؤول التخطيط أن ؤجل تحديد مهام تحقيق الاهداف المستقبلية حتي يكوزون لدى مجموعة التخطيط الحماسة الكافية للعمل.

                      5 - حيث أنه لا يمكن تطبيق سوى عدد محدود من الاستراتيجيات في آن واحد، فمن المهم تحديد الاهداف الاساسية وإعداد القدر المناسب من الاستراتيجيات لتحقيقها.

                      6 - رغم فوائده الكبرى، كثيراً ما يعرض التخطيط إلى الاهمال بسبب ما يتطلبه من جهد ذهني ودأب وتفكير أصيل.

                      7 - للاستفادة من التخطيط تذكّر دائماً الترتيب التالى: خطَّط، نفِّذ، راجع.

                      8 - يجب وضع الخطط في الاطار الذي تسمح به المحددات الزمنية والبشرية والمالية والقيمة.

                      سادساً: خطة العمل السنوية

                      خطة العمل وثيقة ترسم مسار المنظمة خلال فترة معينة. وتقع مسؤولية إعداد هذه الوثيقة، في إطار هيكل تنطيمى له لجنة تنفيذية وأمانة عامة دائمة، على مسؤول الامانة بالتشاور مع رئيس اللجنة التنفيذية، الذي يتحمل المسؤولية النهائية عن إعداد خطة ناجحة، وتقديمها للّجنة التنفيذية للموافقة عليها، ثم التأكد من تنفيذها.

                      وأهم عنصر في خطة العمل هو تحديد مواعيد بداية كل نشاط في الخطة ونهايه. ويمكن تحديد ذلك بتقدير الفترة الزمنية المطلوبة لكل نشاط وتحديد دوره في خطة الوحدة، و من ثمَّ تعيى موقعه فيى الجدول الزمني. وينبغي أن تأخذ هذه العملية فيى الحسبان مدى توافر العنصر البشري والمعدات المطلوبة، وتحديد المعالم الرئيسية في تحقيق كل نشاط من أنشطة الخطة.

                      كما يجب إعداد مسوّدة نهائية للخطة على أساس تكامل خطط الوحدات، وعلى كل ممثل إقليمى إعداد خطة إقليمية من مجموع خطط الوحدات في إقليمه، وعلى كل مسؤول قطاع إعداد خطة للادارة آخذاً في الاعتبار الخطط الميدانية. يأتي بعد ذلك دور منسق التخطيط فيى مركز المؤسسة الرئيسي كي يحقق التكامل المطلوب بين جميع هذه الخطط من أجل إعداد المسودة النهائية للخطة.

                      يعتمد هذا المشروع بعد مراجعته وموافقة أعلى جهاز مسؤول في الهيئة ويصبح هو الخطة السنوية الرسمية لها.

                      سابعاً: ملف التخطيط - الاسئلة الثمانية

                      مفاهيم التخطيط وأساليبه قابلة للتطبيق على مجموعة متنوعة من الحالات، وسنقوم هنا باختيار حالتين مختلفتين في الوقت والظروف كمثالين لتوضيح هذه الفكرة. ويوضح التعليق الوارد في نهاية كل مثال كيفية استخدام نظام الثمانية والاستفادة منه في تحديد مهام التخطيط ومتطلباته.

                      للتعرف على كيفيع إعداد خطة عمل، ينبغي الرجوع إلى « ملف التخطيط » الذى يحتوي على الاسئلة الثمانية، وهي التي يجب أن تتم الاجابة عنها من قبل كل مخطط. هذه الاسئلة هى:

                      س 1 : ما هدف مهمة التخطيط؟

                      س 2 : لماذا كان هذا الهدف ذا قيمة؟

                      س 3 : من سيقوم بالتنفيذ ومن الذين تستهدفهم الخطة؟

                      س 4 : كيف سيتم تحقيق الهدف وتقويم النتائج؟

                      س 5 : متى يكون التنفيذ أكثر فعالية؟

                      س 6 : أين يكون الحدث أو النشاط أكثر فعالية؟

                      س 7 : ما هي التكاليف البشرية والزمنية والمالية اللازمة لانجاح الخطة؟

                      س 8 : ما الفائدة التي تهدف الخطة إلى تحقيقها بشكل عام؟

                      وأخيراً، يجب التأكد من تكامل جميع خطط الوحدات المحلية وبرامج نشاطاتها المقبلة ضمن الخطة المركزية الرئيسة.

                      موقف عملى

                      هل الاولوية للعمل أم للعلاقات الشخصية؟

                      يبدي الناس عموماً نوعى من السلوك الحركى، يركز أحدهما على الاهداف والعمل من أجلها بغضّ النظر عن الاشخاص، ويعطي الاخر الاولوية لارضاء الناس أكثر من تحقيق الاهداف. والاسلوب المثالي في العمل هو تحققيق الاهداف وإرضاء الافراد في الوقت نفسه، لكن تنفيذ ذلك أمر عسير المنال ومن النادر تحقيقه على مدى قصير. وهنا تبرز الحاجة إلى الحكمة الجماعية التي تنشأ من خلال التشاور لتحقيق الاعتدال فيى العمل والوصول إلى الاهداف مع المحافظة على العلاقات الجيدة بين الافراد. وعليه، فإن التفاني في العمل والاخلاص للّه سبحانه وتعالى شرط أساسي في هذا الصدد، كما أننا في حاجة إلى حكمة كل من لديهم الخبرة في التنفيذ.

                      حالة اولى: إعداد القيادات الطلابية

                      1 - س 1 : ما هدف التخطيط في هذه الحالة؟

                      مثال : الهدف هو تدريب قيادات طلابية على رفهع مستوى الاداء.

                      2 - س 2 : لماذا كان هذا الهدف ذا قيمة؟

                      مثال : للحاجة الملحة لزيادة فاعلية المؤسسات التي سيقودونها.

                      3 - س 3 : من هم منفذو الخطة ومن جمهورها ؟

                      مثال : المركز الرئيس للاتحاد الاسلامي لاريكا الشمالية والمسؤولون فيى كل من اتحاد الطلبة المسلمين ورابطة الشباب المسلم العربى وجمعية الدراسات الاسلامية الماليزية وفروعها.

                      4 - س 4 : كيف سيتم تحقيق الاهداف؟

                      مثال : عن طريق مخيمات التدريب القيادي والقراءات المركزة ذات الصلة بالموضوع.

                      5 - س 5 : متى يكون النشاط أو الحدث أكثر فاعلية؟

                      مثال : شتاء عام 1995 أثناء العطلة الدراسية.

                      6 - س 6 : أين يكون النشاط أو الحدث أكثر فاعلية؟

                      مثال : في مقرر الاتحاد الاسلامي في أمريكا الشمالية بولاية إنديانا.

                      7 - س 7 : ما التكاليف البشرية والزمنية والمالية؟

                      مثال : المطلوب لجنة من خمسة أشخاص تعمل لمدة خمس ساعات في الاسبوع على مدى خمسة أسابيع بتكليفة اجمالية قدرها 500 دولار.

                      8 - س 8 : ما الفائدة التى ستعود من هذا العمل؟

                      مثال : رفع مستوى الخدمات والدعوة فيى المناطق.

                      ملخّص المهمة:

                      السعي إلى تدريب قيادات طلابية لتحسى أدائها وزيادة فاعلية المنظمات التي تضطلع برئاستها، سيم تدريب هذه القيادات على برامج معينة في شتاء عام 1995 فيى مركز الاتحاد الاسلامي لامريكا الشمالية.

                      المطلوب تكوين لجنة من خمسة أعضاء للعمل لمدة خمس ساعات في الاسبوع على مدى خمسة أسابيع بتكليفة 500 دولار لاداء هذه المهمة. الفائدة المرجوة من هذا النشاط رفع مستوى الخدمات والدعوة الموجهة للامريكان في مناطق تلك المنظمات.

                      حالة ثانية: سفينة نوح عليه السلام

                      1 - س 1 : ما هدف التخطيط في هذه الحالة؟

                      مثال : الهدف نقل مجموعة من الكائنات الحية الى مكان آمن.

                      2 - س 2 : لماذا كان هذا الهدف ذا قيمة؟

                      مثال : لانه يحافظ على استمرار الحياة والعبادة على الارض بعد الفيضان.

                      3 - س 3 : من القائم على التخطيط ومن المستفيد منه؟

                      مثال: النبى نوح عليه السلام ومن آمن معه ومجموعة أزاج من المخلوقات.

                      4 - س 4 : كيف سيم تحقيق الهدف؟

                      مثال : باستخدام وسيلة نقل بحرية.

                      5 - س 5 : متى سيكون العمل أو الحدث أكثر فاعلية؟

                      مثال : عند بداية الفيضان مباشرة.

                      6 - س 6 : أين سيكون النشاط أكثر فاعلية؟

                      مثال : فى ضاحية شرقي الدمينة.

                      7 - س 7 : ما تكاليف العمل من موارد بشرية ومالية زمنية؟

                      مثال : أن يتفرغ للعمل نوح عليه السلام وعدد من المؤمنى للعمل التطوعي لفترة أسابيع عدة، وبذلك لن تزيد النفقات عن ثمن المواد المطلوبة لبناء السفينة.

                      8 - س 8 : ما المنفعة التي ستتحقق من هذا العمل؟

                      مثال : عمارة الاَرض بالحياة البشرية والحيوانية الخاضعة للّه سبحانه وتعالى.

                      ملخص المهمة:

                      كان المطلوب من نوح عليه السلام والمؤمنى معه استخدام وسيلة من وسائل النقل البحري لنقل مجموعة من الكائنات الحية الى بَرّ الامان كي تستمر الحياة على الارض بعد مجيء الطوفان. تفرغ نوح ومن معه لهذا العمل لعدة أسابيع بتكاليف لا تزيد عن كلفة المواد المطلوبة لصنع السفينة. ثمرة هذا العمل عمارة الارض بالبشر والحيوانات كي يعبدوا الله سبحانه وتعالى ويسبحوه.

                      ثامناً الاهداف

                      الاهداف هي العملة الاساسية للتخطيط، أي أن التخطيط موجّه نحو تحقيق الاهداف. فأذا كانت الاهداف غير مرغوب فيها أو غامضة، فلن يتامكن التخطيط مهما كان حجمه من الوصول اليها.

                      فتوثيق الاهداف إذاً ليس مجرد واجب روتينى، بل العامل الفاصل بين النجاح والفشل. ولكي نفهم كيفية إعداد قائمة جيدة بالاهداف يمكن ان نتصورها مخلوقاً حياً مستقلاً كما في الشكل ادناه.

                      إن قلب مجموعة الاهداف هو فعل «إعمل» ورأسها يتمثل في «حامل المسؤولية» الملهم الذي يدفع بالعمل ويقوم به، وجسم الاهداف هو التكاليف «بالمال والوقت وجدول المواقيت». اما الساقان فهما «نتائج نهائية تخضع لمقاييس مناسبة» تصل بصاحب العمل المسؤول الى مبتغاه.

                      ونورد في ما يلي بياناً بالتركيب الداخلي لمنظومة الاهداف وقائمة بعناصر تحليلها:

                      منظومة الاهداف المكتوبة

                      قائمة لتحليل الهدف المكتوب

                      لتحليل الاهداف المكتوبة، يرجى النظر في الاسئلة التالية، ثم الاجابة بـ«نعم» أو «لا». وعلامة الاداء الناجح أن تكون كل إجاباتك بـ«نعم» وإلا فعليك مراجعة نفسك في المواضع التي أجبت فيها بـ«لا».

                      يمكنك إضافة أسئلة اخرى في الخانات الشاغرة أدناه.

                      سؤال: هل تبين لائحة الاهداف... نعم - لا؟ إذا كانت الاجابة لا: فما الذي يجب عليك عمه؟

                      ما الهدف بالتحديد وبوضوح؟

                      هل يمكن قياس الهدف؟

                      ما هو العمل المطلوب؟

                      ما الذي سيحققه الوصول الى الهدف؟

                      من يتحمل مسؤولية العمل؟

                      متى ينبغي القيام به تماماً؟

                      ما هو المنهج الذي يمكن به تحقيق الهدف؟

                      ما مبررات تحقيق الهدف؟

                      ما تفصيلات الموارد اللازمة لتحقيق الهدف؟

                      من يتولى التنسيق بين جوانب الخطة المختلفة؟

                      ما معايير تقويم الانجاز؟

                      قائمة للتحقيق من نقاط الضعف في بين الاهداف

                      لتحليل الاهداف المكتوبة تحليلاً جيداً تأمل الاسئلة التالية ثم أجب عنها بـ«نعم» أو «لا». ومؤشر الاداء السليم هنا أن تكون الاجابات بـ «لا»، وعليك مراجعة أدائك في موضوعات الاسئلة المجاب عنها بـ «نعم). بإمكانك إضافة أسئلة اخرى في الخانات الشاغرة.

                      هل تظن ان الاهداف... نعم - لا؟ إذا كانت الاجابة نعم فما الذي يجب عليك عمله؟

                      حدّدت بأقل مما يجب لاختبار الامكانات المتوافرة؟

                      غير مناسبة أو غير ممكنة بسبب المبالغة في تقدير الامكانات المتوافرة؟

                      لا توضح بالقدر الكافي إمكانات الشخص الذي وضعها؟

                      تركّز على الاساليب أكثر من تركيزها على المضمون؟

                      ليست محالة على شخص معين يتولى مهمة تحقيقها؟

                      لا يمكن تعديلها أو حذفها فيما بعد إن ثبت عدم جدواها أو إمكانية تحقيقها أو تناسبها مع الظروف والامكانات؟

                      تعليق


                      • #12
                        كيف تصبح قائد 12 (مفهوم العقيدة في الاسلام)

                        مفهوم العقيدة في الاسلام



                        أولاً : تعريف القيادة

                        ثانياً : القيادة الفعالة

                        أ - ما هي القيادة الفعالة؟

                        ب - القادة والمشرفون والاتباع

                        ثالثاً : خصائص القائد الاسلامي

                        أ - الولاء

                        ب - الاهداف الاسلامية الكبرى

                        ج - الالتزام بالشريعة والسلوك الاسلامى

                        د - الامانة الموكلة

                        رابعاً : مبادىء اساسية لممارسة القيادة

                        أ - الشورى

                        ب - العدل

                        ج - حرية الفكر

                        خامساً : ممارسة القيادة

                        أ - انماط القيادة

                        ب - عناصر القيادة

                        ج - مبدأ پيتر -

                        أهداف الفصل

                        لدى اكمال هذا الفصل، ستكون قادراً على:

                        l تعريف القيادة: مسؤولياتها وحدودها.

                        l تعريف خصائص القادة وسلوكهم.

                        l فهم النموذج الاسلامي للقيادة.

                        l ممارسة قيادة اسلامية أكثر فعالية.

                        أولاً : تعريف القيادة

                        القيادة هي «عملية تحريك مجموعة من الناس باتجاه محدد ومخطط وذلك بتحفيزهم على العمل باختيارهم». والقيادة الناجحة تحرك الناس في الاتجاه الذي يحقق مصالحهم على المدى البعيد. وقد يكون ذلك اتجاهاً عاماً مثل نشر الدعوة الاسلامية في العالم، أو اتجاهاً محدداً مثل عقد مؤتمر يتناول قضية معينة. ومهما كان الامر، فان الوسائل والغايات يجب أن تخدم المصالح الكبرى للناس المعنيين حاضراً وعلى المدى البعيد.

                        والقيادة دور وعملية تهدف الى التأثير في الاخرين. والشخص القيادي هو الذي يحتل مرتبة معينة في المجموعة ويتوقع منه تأدية عمله باسلوب يتناسق مع تلك المرتبة. والقائد هو الذي ينتظر منه ممارسة دور مؤثر في تحديد وانجاز اهداف الجماعة. والقائد الامين هو الذي يقود فعلاً وليس الشخص الذي يناور ليتزعم الناس.

                        ويمكن فهم ظاهرة القيادة بناءً على المفاهيم الاساسية التالية:

                        1 - القيادة قوة تتدفق بين القادة والافراد بطريقة مبهمة يترتب عليها توجيه طاقات الافراد باسلوب متناسق ومتناغم باتجاه الاهداف التي حددها القادة. والسعي لتحقيق هدف معين والمحافظة عليه هو مبعث رضى مشترك لكل من القادة والافراد في آن واحد.

                        2 - وهي قوة تتفاعل - أخذاً وعطاءً - مع محيطها وبيئتها وجوها الذي تعمل فيه، فهي لا تتحرك في الفراغ وانما حسب المعطيات القائمة.

                        3 - وهي قوة دائبة الفعالية والحركة لا تتوقف. قد ترتفع درجة نشاطها وكثافتها ومداها وقد تنخفض. لكنها لا تهمد، فهي اما موجودة بفاعلية أو غير موجودة على الاطلاق.

                        4 - والقيادة توظيف المبادىء والوسائل والاساليب من اجل غايات واضحة، وعلى نحو محدد ومتسق.

                        ثانياً : القيادة الفعالة

                        أ - ما هي القيادة الفعالة؟

                        القيادة الفعالة هي عملية ابتكار الرؤية البعيدة الرحبة وصياغة الهدف ووضع الاستراتيجية وتحقيق التعاون واستنهاض الهمم للعمل، والقائد الناجح هو الذي:

                        l يصوغ الرؤى للمستقبل آخذاً في الاعتبار المصالح المشروعة البعيدة المدى لجميع الاطراف المعنية.

                        l يضع استراتيجية راشدة للتحرك في اتجاه تلك الرؤى.

                        l يضمن دعم مراكز القوة الرئيسة له والتي يعد تعاونها أو توافقها او العمل معها أمراً ضرورياً في انجاز التحرك المطلوب.

                        l يستنهض همم النواة الرئيسة للعمل من حوله، والتي يعد تحركها أساسياً لتحقيق استراتيجية الحركة.

                        ان توافر الامكانية القيادية في شخص ما يتوقف على ائتلاف عوامل بيولوجية واجتماعية ونفسية مركبة، كما ينبغي أن توظف تلك الامكانات القيادية في ممارسات ناجحة لتحقيق الفعالية. فقد يمتلك المرء صفات قيادية عالية، لكنه لا يمارس القيادة. وقد تبرز الخصائص القيادية عند مختلف الناس في مواقف معينة وفي مراحل مختلفة، كما ان ممارسة القيادة امر يتأثر بالبيئة والفرص والقيود التي تواجه الفرد.

                        ب - القادة والمشرفون والاتباع

                        يوجه القائد من حوله نحو الاهداف من خلال التحفيز والقدوة الشخصية. اما المدير فينجز العمل بحكم سلطته الرسمية العلى في السلم التنظيمى.

                        والقائد الحصيف يدرك ان عليه ان يكون جندياً ناجحاً ايضاً، فهو نفسه مسؤول امام غيره سواء أكان ذلك فرداً أم مجموعة، وعليه الالتزام تجاههم بالطاعة والامتثال. وعلى الجندي الجيد ان يتفادى التنافس مع قائده، وأن يظهر له الاخلاص والولاء في جميع تصرفاته، وان يواجه قائده وافكاره وتصرفاته بالنقد البناء.

                        وتربط القادة والاتباع علاقة هادفة لها غاياتها المحددة، وعلى القائد ان يسعى دائماً لخير جماعته ورعايتهم.

                        ثالثاً : خصائص القائد الاسلامي

                        يقول النبي عليه السلام: «سيدُ القومِ خادمهم».(1) أي ان قائد الجماعة هو من يقوم على خدمتها، مما يعني ان يكون القائد منهمكاً في خدمة الاخرين ومساعدتهم للسير نحو الامام. والعوامل الهامة التي تميز القيادة الاسلامية هي:

                        أ - الولاء

                        ان ولاء كلٍّ من القائد والاتباع هو لله سبحانه وتعالى.

                        ب - الاهداف الاسلامية الكبرى

                        لا يقتصر فهم القائد الاسلامي لاهداف العمل من خلال اهداف او مصالح المنظمة فقط، وانما يفهمها في ضوء الاهداف الاسلامية الكبرى أيضاً.

                        ج - الالتزام بالشريعة والسلوك الاسلامي

                        لا يمكن أن يعلو القائد على واجب الالتزام بأوامر الاسلام واجتناب نواهيه، فهو يستمر في موقعه القيادي ما دام ملتزماً باحكام الشريعة. كما ان عليه في اداء مهامه القيادية أن يلتزم السلوك الاسلامي، ولا سيما عند التعامل مع معارضيه او مع المنشقين عنه.

                        د - الامانة الموكلة

                        يمارس القيادي المسؤول سلطاته كأمانة من الله يتعهدها بما يترتب على ذلك من مسؤولية عظيمة. ويأمر القرآن الكريم القادة بأن يؤدوا واجبهم نحو الله سبحانه وتعالى وأن يبدو الرأفة والشفقة تجاه مرؤوسيهم اذ يقول:

                        الذينَ ان مكنهم في الارضِ أقاموا الصلوةَ وءاتوا الزكوةَ وأمروا بالمعروفِ ونهوا عنِ المنكرِ... (41) (الحج)

                        رابعاً : مبادىء أساسية لممارسة القيادة

                        هناك ثلاثة مبادىء اساسية تحكم عمل القيادة الاسلامية وهي: الشورى والعدل وحرية التفكير.

                        أ - الشورى

                        وهي أول مبدأ في القيادة الاسلامية. لقد أوضح القرآن الكريم ضرورة التزام القائد المسلم بالتشاور مع اهل العلم والمعرفة ومن بوسعهم تقديم النصح والمشورة الصحيحة، اذ قال تعالى:

                        والذينَ استجابوا لربهم وأقاموا الصلوةَ وأمرهم شورى بينهم ومما رزقنهم ينفقونَ (38) (الشورى)

                        كما وجه القرآن النبي عليه السلام نفسه للتشاور مع اصحابه فقال:

                        فبما رحمة منَ اللهِ لنتَ لهم ولو كنتَ فظاً غليظَ القلبِ لانفضوا من حولك فاعفُ عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامرِ فاذا عزمتَ فتوكل على اللهِ انَّ اللهَ يحبُّ المتوكلينَ (159) (آل عمران)

                        وممارسة الشورى تمكّن أفراد الحركة من المشاركة في صناعة القرار، وتحكم سلوك القائد، وترشده في حالة الانحراف عن الاهداف الكلية.

                        والقائد غير ملزم بممارسة الشورى في جميع الامور. فالاعمال اليومية العادية لا تعامل بالاسلوب الذي تعامل فيه الامور المتعلقة برسم السياسات وصياغتها، وعلى المنظمة أن تفرق بى ما هو يومي عادي وما عدا ذلك، طبقاً لحجم العمل واحتياجه والموارد البشرية المطلوبة والمعطيات القائمة. وعلى القائد أن يلتزم بما تحده عملية الشورى من قرارات وأن يقوم على تنفيذه. وعليه أن يتجنب المناورة والتلاعب بالال لفاظ لفرض آرائه الشخصية أو لنقض القرارات التى اتخذت عن طريق الشورى.

                        ژ وتحدد النقاط التالية بصورة عامة نطاق ممارسة الشورى:

                        1 - يترك القرار في الشؤون الادارية والتنفيذية للقائد المسؤول.

                        2 - للقائد أن يبيتّ في الامور التي تساعد قرارات عاجلة على أن يطرح ذلك على المسؤولين الاخرين في أول اجتماع لاحق أو عبر الاتصال الهاتفي.

                        3 - على الاعضاء أو ممثليهم أن يكونا قادرين على متابعة أداء القائد ومساءلته بحرية ومن دون تحرّج أو تردد.

                        4 - ينبغي تحديد السياسات والاهداف البعيدة المدى واتخاذ القرارات من قبل ممثلين منتخبى وبالتزام أسلوب الشورى، وينبغي ألا يترك للقائد المسؤول وحده القيام بتلك المهام.

                        ب - العدل

                        على القائد أن يعامل مع الاخرى بالعدل والانصاف بغضّ النظر عن أجناسهم أو ألوانهم أو أصولهم القومية أو الدينية. والقرآن الكريم يأمر المسلمين أن يكونوا قوّامين بالقسط حتى في التعامل مع خصومهم، إ يقول:

                        إنَ اللهَ يأمركُم أن تؤدوا الامنتِ إلى أهلهَا وإذا حكمتُم بينَ الناسِ أن تحكُمُوا بالعدلِ... (58) ( النساء)

                        ... وَلا يجرِ منكُم شنئانُ قوم على ألا تعدلُوا اعدِلوا هوَ أقربُ للتقوى... (8) ( المائدة)

                        يأيها الذينَ ءامنوا كونوا قومينَ بالقسطِ شهداءَ للهِ ولو على أنفسكُم أو الولدينِ والاقربينَ إن يكُن غنيّاً أو فقيراً وأولى بهمَا... (135) ( النساء)

                        و بالاضافة إلى مراعاة المبدأ العام بأن العدل هو أساس المجتمع المسلم، فإن على القائد أن يقيم هيئة للقضاء والتحكيم داخل الحركة لتسوية المنازعات الداخلية وردّ المظالم، ويكون أفرادها من ذوى الدراية والتقوى والحكمة.

                        ج - حرية الفكر

                        على القائد أن يوفر المناخ المناسب للنقد البنّاء للنقد البنّاء وأن يطالب به شخصياً، وللاعضاء حق التعبير الحر عن آرائهم وإبداء اعتراضاتهم والمطالبة بالردّ على أسئلتهم واستفساراتهم. لقد اعتبر الخلفاء الراشدون ذلك أمراً أساسياً في قيادتهم، فحيما قاطعت امرأة مسنّة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يلقى خطبة بالمسجد، أقر بخطئه في الحال، وشكر الله سبحانه وتعالى أن كان هناك من يقوم خطأه. كما سأل عمر بن الخطاب مرة الجمهور عما سيفعلونه، إذا ما خالف هو مبدأ من مبادىء الاسلام، فأجابه أحدهم بأنهم سوف يقوّمونه بسيوفهم فشكر أمير المؤمنى الله سبحانه وتعالى أن وجد في الامة من يقوّم عمراً بسيفه إذا ضل.

                        وعلى القائد أن يسعى لتوفير المناخ المناسب للتفكير الحر والتبادل السليم للافكار والنقد والشورى، كي يشعر الافراد بالطمأنينة فلي النقاش وتداول ما يهمهم من أمور. والمسلمون مأمورون بتقديم النصيحة المخلصة إذا ما دعت الحاجة. حدّث تميم بن أوس أن النبي عليه السلام قال:

                        « الدينُ النصيحةُ فُلنا لِمن ؟ قالَ: « لله، ولرسولهِ / ولكتابهِ، ولائمةِ المسلمينَ وعامتهِم ». (1)

                        فالقيادة الاسلامية، باختصار، هي قيادة لا تعرف الاستبداد أو الفوضى. فإذا ما انطلق القائد المسلم من مبادىء الاسلام متشاوراً مع زملائه باحترام وموضوعية، فأنه يتخذ القرارات بعداله وتجرد قدر المستطاع، فهو ليس مسؤولاً أمام أتباعه ومرؤوسيه فيى الدنيا فحسب ولكنه - وهذا هو الاهم - مسؤول أمام ربه سبحانه وتعالى. هذا النموذج للقيادة من خلال إشراك الاخرين هو النموذج الافضل، لانه يمي آصرة الاخوة فيما بيهم، ويعزز مستوى أدائهم.

                        خامساً : ممارسة القيادة

                        أ - أنماط القيادة

                        تتنوع أنماط القيادة فيى الواقع العلمي من الاتوقراطية التي تمثل حكم الفرد المطلق إلى الليبرالية الحرة.

                        فالقائد المستبد:

                        l لديه قدر قليل من الثقة في قدرات الاعضاء.

                        l ويعتقد أن الثواب المادي وحده هو الذي يحفر الناس للعمل.

                        l ويصدر الاوامر لتنفذ من دون نقاش.

                        والقائد المستبد الطيب:

                        l ينصت بعناية لما يقوله الاتباع.

                        l ويعطي الانطباع بأنه ديمقراطى شورى.

                        l ولكنه يخذ قراراته بشكل فردي ( شخصي ) دائماً.

                        القائد الديمقراطي ( الشوري )

                        l يشرك الاعضاء في اتخاذ القرار.

                        l يشرح لاتباعه الاسباب الموجبة للقرارات التي يتخذها.

                        l يعبّر عن امتداحه أو نقده للاخرى بموضوعية.

                        أما القائد الليبرالى:

                        l فثقته في قدراته القيادية ضعيفة.

                        l ولا يقوم بتحديد أى أهداف لاتباعه.

                        l قليل الاتصال بالافراد والتفاعل معهم.

                        والاسلوب الديمقراطي في القدة هو أكثر هذه الاساليب فعالية وإنتاجاً، وهو أقربها لروح الشريعة، لانه يؤدي إلى توليد أفكار جديدة وإحداث تغييرات إيجابية وترسيخ الشعور بالمسؤولية الجماعية.

                        ب - عناصر القيادة

                        هناك خمسة عناصر ينبغي على القادة غرسها فيى نفوس الاعضاء، وهي:

                        1 - تحكم بمسار الوقت، وامسك بزمام أوقاتك، ولا تدعها تتحكم بك، وأنفق كل ثانية فيى خدمة العمل الهادف.

                        2 - ركز على الانجازات الحقيقية الملموسة. اهتم بالنتائج أكثر من اهتمامك بالعمل ذاته، وحاول ألا تفقد الصورة الكلية بالانهماك فيى العمل بل تطلع نحو الخارج والاهداف الكبرى.

                        3 - نمَّ عوامل القوة ولا تنمّ عوامل الضعف، سواء في ما يتعلق بك شخصياً أو في ما يعلق بغيرك. تعرّف على نقاط القوة والضعف لديك، واقبل بها، وكن قادراً على تقبّل أفضل ما عند الاخرين دون الشعور بأنهم يهددون مركزك.

                        4 - تمحور فيى عملك حول مجالات رئيسية محددة وقليلة، والتي من شأن العمل الجاد المتسق فيها أن يأتي بنتائج كبيرة. افعل ذلك بتحديد الاولويات والالتزام بها.

                        5 - ضع ثقتك الكاملة بالله سبحانه وتعالى، وكن طموحاً في ما تصبو إلى تحقيقه، ولا ترضَ بالسهل الممكن القليل، وطالما كنت تعمل في سبيل الله فلا تخش غير الله.

                        هل تستطيع أن تخبرني

                        من هو اللاقيادي ؟

                        الشخص اللاقيدي هو الذي يأتي إلى اجتماع دون إعداد مسبق، ويقول:

                        « ما أنا لا واحد منكم. أخبروني ما المطلوب وسأبذل جهدي لاكون معكم فيما تقررونه على الطريق».

                        سؤال: من هو الشخص القيادي؟

                        من واجب القائد أن يجز ما عليه من واجبات واستعداد للاجتماع قبل أن يصل إلى مكان الاجتماع وعليه أن يعد بدائل للنقاش ويدرس احتمالات القرارات التي قد تتخذ.

                        لقد اعتاد أحد الاخوة أن يطلب ألا يخبر بالموضوع المطلوب منه التحدث فيه إلا أثناء صوده إلى المنصة.. وفي ذلك استهخانة كبيرة بذكاء الحاضرين وإهدار للوقت وتضييع لفرص النمو لدى القائد والاتباع.

                        من طرائف القيادة

                        القائد الذى يسعى لارضاء الجميع!

                        بيما كان أحدهم يزور صديقاً له مسؤولاً عن أحد المصانع أتى المشرف عن العمال يشكو أحد العاملى فقال له المسؤول: «إنك على حق في ما تقول »، وبعد أن غادر المشرف جاء العامل نفسه وشكى المشرف فرد عليه المسؤول: «إنك على حق». احتار الزائر وسأل صديقه مسؤول المصنع: « لقد اشتكى لك كل منهما الاخر وأخبرت الاثنين أن كلاً منهما عل يحق، فكيف يكون ذلك؟ » . رد المسؤول على الزائر بقوله: « والله إنك أنت أيضاً على حق في ما تقول ».

                        هذا النوع من القيادة الادارية لا يوصل إلى شيء مفيد، بل إنه يدمر المؤسسة. فالكل سيكتشف نقطة الضعف في المسؤول ويفقد الجميع الثقة فيه.

                        القائد والناس

                        ژ قال ديغول: « إذا لم اُعجِب الناس فسأغادر البلد ».

                        ويقول الدكتاتور: « إذا لم اُعجِب الناس فيمكنهم مغادرة البلاد ).

                        صندوق الاقتراع المقدس!

                        توجه بدوي أثناء الحملة الانتخابية بين الجنرال زاهدي و د. محمد مصدق في إيران فيى الخمسينات إلى أحد صناديق الاقتراع، وأخذ يسجد له ويقبّله، فسأله أحد الجنود: « ماذا تفعل؟ ما هذا إلا صندوق من خشب ». فرد الرجل: « لا! إنكم لا تعرفون حقيقة هذا الصندوق. إنه صندوق عجيب ومقدس ويستحق أن يعبد. فقد صوّت الناس إلى مصدق لكن الذي فاز هو زاهدي.. فسبحان الله! »

                        ج - مبدأ پيتر -

                        يقول هذا المبدأ إن كل شخص في هيكل تنظيمى يتجه للارتقاء حتى يصل مستوى انعدام الكفاءة في العمل. أي أن الشخص يبدأ من الموقع الذي يناسب مع مؤهلاته وكفاءته ثم يتدرج في السلم الوظيفي بحكم الاقدامية وبالترقيت إلى موقع لا يملك فيه المؤهل للقيم بالعمل المناط به... وأن هذا الامر ينسحب في نهايةة الامر على جميع العاملى في الهيكل التنظيمية.

                        ويرجع هذا المبدأ إلى ما يسمى بزيادة العبء، حيث يصل الفرد إلى أقصى قدرة على العطاء دون أن يفي بمتطلبات عمله في الموقع الجديد وما يستدعيه من مهارات خاصة ومستوى علمي يفوق إمكاناته وقدراته.

                        ژ وأفضل مثال على ذلك ما نراه في المنظمات عندما يتم اختيار أفضل مسؤول شعبة لتولي مهام ممثل منطقة أوسع، ثم يرتقي في السلم التنظيمي حتى يصل إلى منصب نائب الرئيس ويظل مع ذلك كله محافظاً على مستواه الجيد في الاداء. إلا أن هذا الشخص قد يخفق تماماً عندما يُختار رئيساً للمؤسسة كلها. إذ رغم حُسن أدائه قبل ذلك، قد لا يملك الامكانات التي تؤهله لاتخاذ قرارات فعالة بثقة واستقلالية. فهو يجيد أن يكون الشخص الثاني أو الثالث إلا أنه أضعف من أن يكون المسؤول الاول.

                        فكرة للنقاش

                        l يقول بعضهم إن نقطة الضعف الرئيسية في مبدأ پيتر هي تجاهله لامكانية نمو قدرات الشخص مع مرور الوقت، وإن كثيراً من الناس تنمو قدراتهم كلما ارتقوا في سلم المسؤولية.

                        l ويقول آخرون إن هذا الامر مأخوذ في الاعتبار، وإن المرء يظل ينمو إلى الحد الذى ليس بعده مزيد.

                        فما رأيك أنت؟

                        القيادة تقود! الاتباع يتّبعون! هل يم ذلك حقاً؟

                        أحياناً يتبع بعض القادة جنودهم، وبذلك يتخلون عن مهام القيادة، وتصبح أفعالهم مجرد انعكاسات لرغبات الجنود أو ممارساتهم، ويتوقفون عندئذ عن مهمة تعيين وجههة التحرك. ويسود بين الجنود الاعتقاد الخاطىء بأن قرارات القادة شعبية ومقبولة لدى الجميع. وهناك سيكتشف الجنود عاجلاً أم آجلاً إمكانية استغنائهم عن أمثال أولئك القادة.

                        ژ الاسلام يحاسب القادة أيضاً عن أعمال جنودهم.

                        قال الرئيس الامريكي السابق كينيدي: « لا نريد أن نكون كقائد الثورة الفرنسية الذي قال:

                        « إذا انطلق أبناء شعبي فعليّ أن أتعرف على اتجاهع سيرهم كي أقودهم إلى حيث يرغبون الذهاب ».

                        وقد نشرت صحيفة أنديانا ديل ستيونت بتاريخ 6 شباط / فبراير 1958 ، للكاتب ريكس ألن ريديفر وصفاً رائعاً لهذا النوع من القادة تحت عنوان:

                        « إتّبع القائد.. أسطورة حديثة »

                        بيما كان موكب استعراضي يعبر أحد شوارع الضاحية، ارتفع صوت من بين الجمهور الغفير صائحاً:

                        « انتبهوا أيها الحمقى! لقد ضللتم الطريق، وطريقكم هذا لا يؤدي إلى شيء سوى السراب والخطر ».

                        ژ توقف الركب وفزع الناس: « لكن كيف يكون ذلك؟ ». تطلعوا إلى المقدمة بنظرة واحدة وإذا بقائدهم يشق طريقه نحو الامام فيى فخر وكبرىء.. فقالوا:

                        « لا شك في أنه يسير في الاتجاعه الصحيح، فها هو يمشي شامخاً مرفوع الرأس.. إنه حقاً يسير في الاتجاه الصحيح ».. وانطلقوا وراءه بحماسة.

                        لكن القائد الوسيم توقف وبدت على وجهه ملامح الفزع.. فالتفت وراءه يسائل نفسه: « هل أنا في حلم أم في واقع؟.. لا شك أني أسير في الاتجاه الصحيح، فها هي الاعداد الهائلة من الناس تتبعني ولا يمكن إلا أن أكون على الطريق القويم ».

                        ژ وانطلق في مسيرته.. نحو الهاوية.

                        ما العبرة؟ قد تختار القائد ونسير وراءه طوعاً، لكن عليا دوماً مراقبته والتفكير في أعماله وتقويمها. إ مسؤولية الفرد المسلم في اتباع الحق قائمة إلى يوم القيمة يوم يأتي كل منا رذبه فرداً.

                        تمرى في القيادة

                        المعايير القيادية

                        خطب أمير المؤمنى أبو بكر الصديق رضي الله عنه في الناس يوم توليه الخلافة كأول خليفة لرسول الله عليه السلام فقال:

                        « أيّها الناسُ: وليتُ أمركم ولستُ بخيركم وإنّ أقواكم عندي الضعيفُ حتى آخذ بحقّه، وإنّ أضعفكم عندى القويُّ حتى آخذ منه الحقَّ، أيّها الناس: إنَّنما أنا متّبعٌ ولستُ بمبتدع، فإن أحسنتُ لأعينوني وإن زغتُ فقوَّمونى. وحاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، ولا يدع قومٌ الجهاد في سبيل الله إلا ضرَبَهَم الله بالذُّلَّ، ولا ظهرت الفاحشةُ في قوم إلا عمّهمُ الله بالبلاء. فأطيعوني ما أطعتُ الله، فإذا عصيتُ الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم. ولوددتُ أنّه كفاني هذا الامر أحدكُم وإن أنتم أردتموني على ما كان الله يقيم نبيَّه من الوحي ما ذلك عندي، إنما أنا بشرُ فراعوني ...» (1)

                        السؤال:

                        إذا تم اختيارك اليوم خليفة للمسلمين فماذا ت ضيف على كلمة الخليفة أبي بكر وماذا تحذف منها.

                        ( لاحظ أنه لا يمكن تكرار خطبة أبي بكر حرفياً لان العالم قد تغير كثيراً منذ عهده رضي الله عنه! أوجز في الاجابة! ).

                        تذكرة ربانية

                        ...ورفعَا بعضُهم فوقَ بعض درجت ليتخذَ بعضهُم بعضاً سخرياً ورحمتُ ربك خيرُ ممَّا يجمعونَ (32) ( الزحرف)

                        المناقشة

                        1 - ما دور الرؤية الثاقبة فيى التكوين القيادي؟

                        2 - كيف يختلف الجنود عن القادة ؟

                        3 - ما المبادىء الرئيسية الثلاثة التى تحكم عمل القيادة المسلمة ؟

                        4 - ما دور الشورى في القيادة الاسلامية ؟

                        التطبيق

                        الموضوع: تم انتخابك من قبل الجمعية العمومية رئيساً لمنظمة إسلامية. وكنت قد قطعت شوطاً طويلاً منذ تعيينك منسقاً للرحلات قبل عشر سنوات، ويتوقع منك الكثير، وهناك العديد من الاعضاء المعجبين بقدراتك القيادية بيما يساور بعضهم شكوك حيالها. هذه أول مرة يكون لك دور بارز في المجتمع رغم أنك توليت مسؤولية السكرتير المالي للمنظمة في العام الماضي.

                        1 - ضع العناصر الرئيسية لاول خطاب ستلقيه كرئيس للجمعية، وحدّد النقاط التي ستكسب بها المتشككين من الاعضاء .

                        2 - وجّه مذكرة لاعضاء اللجنة التنقيذية، تشرح فيها كيف ستؤدي مهمتك كرئيس ضمن نموذج إسلامي.

                        3 - ضع الخطوط العريضة لخطة طوارىء يتم من خلالها حل المنازعات إذا أثيرت.

                        المصدر: دليل التدريب القيادي / هشام الطالب / المعهد العالمي للفكر الاسلامي

                        تعليق


                        • #13
                          كيف تصبح قائد 13 (نحو كتابة أفضل )

                          نحو كتابة أفضل

                          أولاً : الهدف

                          ثانياً : المشكلات

                          ثالثاً : عملية الكتابة

                          أ - التخطيط

                          ب - كتابة المسودة

                          ج - المراجعة

                          د - مراجعة النص النهائي

                          رابعاً : تتبلّد ذهن الكاتب

                          خامساً : أفكار مفيدة

                          أهداف الفصل

                          لدى إكمال هذا الفصل، ستكون قادراً على:

                          l تحديد عناصر الكتابة الجيدة.

                          l الكتابة بفعالية أكثر.

                          l المراجعة النقدية لما يكتبه غيرك.

                          أولاً : الهدف

                          الكتابة أداة متعددة المنافع. اننا نكتب للاعلام وللاقناع او للايحاء للاخرين أو حتى لتهديدهم. ومن المهم أن نكتب جيداً لان الكتابة يمكن أن:

                          l تضع الافكار والمعلومات في قالب دائم يسهل استخدامه كمرجع للبحث او الاستنساخ.

                          l تُحرّك الاخرين للتصرف وفقاً للافكار الواردة في النص المدوّن.

                          l توفر وقت الكاتب وذلك بتمكين افكاره من ان تتكاثر وتصل الى جمهور اكبر.

                          l ترشّد وتوجّه المتعلمين وذلك من خلال نقل الافكار الجديدة او المختلفة بأسلوب دقيق.

                          l تؤسس وترسخ المصداقية والمرجعية وذلك من خلال تقديم الكاتب للقارىء.

                          l تزيد من فرص النجاح وذلك من خلال الطرح الموجود والدائم للخيارات او لمناهج العمل.

                          l تشكل وسيلة فعالة ومؤثرة للغاية من وسائل الدعوة.

                          ولان الكتابة أداة للتواصل مع الاخرين، يجب اّتقانها تماماً بالممارسة والتدريب. إن اختيارنا للكلمات وللموضوعات امر بالغ الاهمية في أضفاء الوضوح والبيان والدقة والجاذبية على كتابتنا.

                          ثانياً : المشكلات

                          من أكثر الاخطاء شيوعاً لدى الكتّاب ما يلي:

                          l البحث عن معلومات شحيحة أو كثيرة للغاية وتجميعها.

                          l الاخفاق في تنظيم الموضوع.

                          l إهمال مراجعة المسودة الاولى.

                          l التعبير عن وجهة نظر ضيقة يعتنقها الكاتب.

                          l التباين بين الموضوع والجمهور المخاطب.

                          وبالاضافة الى ذلك، هناك الاخطاء في النحو في الاسلوب، ومنها:

                          l الاسهاب والاطناب.

                          l الجمل المطولة.

                          l الجمل النمطية المحفوظة (كليشيهات) والتعبيرات المبتذلة والركيكة الممجوجة.

                          l غياب التناسق في الكتابة.

                          l استخدام لغة وتعابير غريبة ومفردات حوشيّة غير مألوفة.

                          l فقدان المقدمة او الخاتمة المناسبة.

                          l اللجوء الى انتقالات لغوية ضعيفة تخلّ بنسج الكلام وحبكه.

                          وسوف نناقش كيفية إنجاز الكتابة، تاركين الامور المتعلقة بالنحو بالاسلوب، حيث يمكن أن يجدها القارىء في كتب متخصصة في هذه المجالات.

                          إن الكتابة المؤثرة أداة قوية وفعالة ووسيلة هامة للغاية في الدعوة. فعلينا أن نوجه اهتمامنا الشخصي الى تطوير قدرتنا على الكتابة بكفاءة واقتدار.

                          ثالثاً : عملية الكتابة

                          تبدو عملية الكتابة صعبة ومعقدة، لكنها تتطلب في واقع الامر إتقان عدد قليل من المهارات الاساسية، ويمكن أن نخفف من عناء الكتابة إذا ما فهمنا الموضوع الذي نكتب فيه وهدفنا من الكتابة والجمهور الذي نكتب له. وإذا أخذنا ذلك كله في الحسبان، فسيكون بوسعنا التقليل من المعاناة التي تلازم الكتابة الى أدنى حد ممكن وذلك بتفصيل العملية في شكل خطوات يسهل القيم بها والتحكم فيها. وهذه الخطوات يمكن إبرازها فيما يلي:

                          أ - التخطيط

                          تبدأ الكتابة بالتخطيط. وهذا يعني التفكير فيما يمكن أن يكتب في الموضوع الذي نتناوله. وقد يتطلب ذلك اتخاذ رؤوس نقاط للتذكرة وعمل قوائم أو وضع مخطط تقريبي للافكار التي يم تقديمها. نقوم بوضع الافكار والتفاصيل المساندة لكي لا نضيع أية نقطة أو نعرض الافكار بطريقة غير منظمة. إن التفكير واختيار الالفاظ والتخيل - وهي العمليات التي تسبق كتابة أول كلمة - تعتبر مهمة بقدر أهمية آليات كتابة القطعة كلها.

                          ب - كتابة المسودة

                          يجب إعداد المسودة الاولى بشكل موجز ومتقن، مع عدم استخدام كلمات تتعدى ما هو ضروري، وتجنب الكلمات الغامضة التي تثير البلبلة حول الافكار المطلوب عرضها. وفي الوقت ذاته نأخذ في حسابنا القراء واستيعابهم الافكار الاساسية. ثم استخدامنا للامثلة التوضيحية في هذا السياق يمكن ان يشرح الافكار الصعبة، ويكون الوقت الذي خصص لكتابة المسودة قد استغل بكفاءة، ما دامت المسودة هي أساس القطعة المكتوبة. وبمجرد انجاز المسودة نقوم بتصفحها للتعرف على العناصر التي يمكن الاستفادة منها، افكاراً كانت أم أمثلة أم أسلوباً عاماً، كي نطورها في مرحلة المراجعة.

                          ويجب ان يكون لدينا الاستعداد للاستغناء عن أجزاء من المسودة أو عن المسودة بأسرها إن لم تكن لها الفائدة المرجوّة.

                          ج - المراجعة

                          بمقدور عملية المراجعة أن تحسّن المسودة الى حد كبير. ونحن نراجع المسودة لاستبعاد التفصيلات غير الهامة ولتوضيح أية أفكار غامضة ولتحقيق التناسق بين العناصر والتوازن والشمول. ومع ذلك، يجب ألا تعدّ عملية المراجعة آلية لتثبى ما ورد بالمسودة، بل وسيلة للوصول الى صيغة نهائية ممتازة. لذا لا يستبعد في هذه المرحلة تغيير جزء أساسي من عملنا ومن لهجته أو وجهة النظر التي اعتمدها. كما أن هذه هي الفرصة المناسبة لازالة ما يثير البلبلة أو الارباك.

                          د - مراجعة النص النهائي

                          بعد إعداد المسودة النهائية وبعد مراجعتها مرة أو مرتين، نقرأ النص النهائي قراءة متأنية متقنة، ندقق فيها صحة النحو والهجاء واستعمال النقط والفواصل، وغيرها من علامات الترقيم. ومن المفيد استخدام معجم أو الرجوع الى كتاب في النحو. والقاعدة هنا هي أنه إذا لم يكن لدينا الوقت الكافي للمراجعة الدقيقة فلن يكون لدينا وقت كاف للكتابة أساساً. والافضل ألا نكتب إذا كنّا لن نراجع.

                          رابعاً : تبلّد ذهن الكاتب

                          تستخدم عبارة «تبلّد ذهن الكاتب» في حالة توقف ذهن الكاتب عن التفكير بحيث يصبح غير قادر على المضي في كتابة كلمة اخرى في الموضوع. اّن هناك استراتيجيات عديدة يمكن أن تساعد في التغلب على هذه الحالة. وعلى سبيل المثال، فإن باستطاعتنا:

                          l أو نقسد انفسنا على الاستمرار في الكتابة، بحيث تؤدي بنا فكرة ما الى فكرة اخرى، ونجد أننا نعود ببطء الى الموضوع.

                          l التحاور مع المهتمين أو المطلعين على الموضوع والاستفادة من آرائهم، وفي إطار هذه العملية يتم توليد مسارات او طرق جديدة لتناول الموضوع.

                          l أن نترك الكتابة جانباً لفترة ونعود إليها فيما بعد بنظرة جديدة.

                          l القراءة حول الموضوع.

                          l قراءة ما سبقت كتابته.

                          خامساً : أفكارٌ مفيدة

                          من الافكار التي تفيد في الكتابة الجيدة:

                          l استند في كتابتك النثرية الى الحقائق، وداوم على البساطة والايجاز والضبط.

                          l تجنب المفردات التخصصية الغريبة والعبارات والاصطلاحات المبتذلة والعقيمة.

                          l اتبع الاسلوب الموجز الجازم والجمل القصيرة.

                          l استخدم الافعال أكثر من الاسماء.

                          l استبعد الكلمات غير الضرورية بتغيير الاسماء الى أفعال.

                          l استخدم صيغة المبني للمعلوم بإظهار الفاعل.

                          l تجنب تكرار الكلمات، واستخدم المرادفات بديلاً لذلك.

                          l إبدأ مسودتك بكتابة جميع أفكارك ذات العلاقة بالموضوع، وكذلك مفاتيح الكلام على الورق. لا تهتم في البداية بالترتيب أو بالتسلسل. بأمكانك أن تنسّق شذرات الافكار والخواطر الفرعية فيما بعد في شكل مجموعات.

                          - تذكّر الحكمة الشائعة: خير الكلام ما قلَّ و دلَّ.

                          موقف عملى

                          الكتابة إبداع للافكار وإثراء للاخرين...

                          يحكى أن رويس مؤسسة علمية في باكستان كان يتحدث مرة إلى ربة عائلة ثرية من أصحاب الاعمال، وكجزء من حملته النشطة من أجل محاربة الامية وتشجيع التعليم، كان يحاول إقناع الام بأن تشجه إبنها على أن يذهب إلى المدرسة ثم إلى الجامعة بدلاً من أن يصبح صبياً متدرباً في أعمال الاسرة فقط وهو صغير السن. وأرادت أن تعرف السبب في ذلك فسألته « ما الذي ستفعله الجامعة لك ؟ » فردَّ عليها قائلاً: « إ الجامعة سوف تعلّمه فن الكتابة، على سبيل المثال »، عندئذ ردت السيدة العجوز قائلة: « لماذا يتعلم الكتابة، سوأق يكون لديه سكرتير على الدوام »!!

                          تنطوى الكتابة بالطبع على قيمة أكثر من أن تتفق مع تكليف السكرتير بالقيم بها. إن الكتابة وسيلة للقيادة وهي طريقة تنقل بها جزءاً من نفسك وأولوياتك واهتمامك وإحاسك بالاتجاه إلى هؤلاء الذين تقودهم. فكّر في الاشكال العديدة التي يمكنك من خلالها أن تفعل ذلك، والتي منها على سبيل المثال:

                          l المذكرات الداخلية إلى العاملى الدائمين وإلى العاملى المتطوعين.

                          l كلمات « أو خطب » للاعضاء أو للجمهور.

                          l خطابات تعيين أو توجيه للّجان.

                          " اتفاقيات مع أفراد آخرين أو مع منظمات أخرى.

                          l مذكّرات موجزة، أوراق عمل، مقترحات للرؤساء.

                          l قرارات أو محاضر للاجتماعات.

                          لا تكتب فقط للتملا الصفحات، بل كن:

                          ميدعاً ودقيقاً وهادفاً

                          المصدر: دليل التدريب القيادي / هشام الطالب / المعهد العالمي للفكر الاسلامي

                          تعليق

                          يعمل...
                          X