بس22:2 م الله الرحمن الرحيم22:2
إن الشريعة قد حرمت دماء المسلمين وإنتهاك أعراضهم وإستباحة أموالهم ، أو
الإضرار بهم بأي نوع من أنواع الإضرار المباشر وغير المباشر , إلا أن غير
المسلم ليس الأصل فيه الحرمة بل الأصل فيه الحل، فهو حلال الدم والمال والعرض
، ولا يحرم دمه وماله وعرضه والإضرار به إلا بحكم طارئ على الأصل كالعهد
والذمة والإئتمان ، أما النساء والصبيان والشيوخ وغير المقاتلة فالأصل فيهم
العصمة لتخصيص النص لهم , إلا أن هؤلاء المعصومين من الكفار ليست عصمتهم
مطلقة ، بل إن هناك حالات يجوز فيها قتلهم سواء قصداً أو تبعاً.
~^~~^~~^~
« البــيـــات » هو الإغارة على المشركين ليلاً ، والإغارة هي الهجمة عليهم
في حين غرتهم , وسمي الذي يهجم على القوم في دارهم وأماكنهم مغيرًا لأنه
يُسرع كي يسبق الأخبار ويتمكن من المباغتة وإدراك ما يسمى عنصر المفاجأة ،
ولذلك لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد إلى أُبنى وقال له
: أغِر على أبنى صباحًا وحرِّق ، قال له فيما ذكر الواقدي وهو يوصيه : وأسرعِ
السير تسبق الأخبار ، وذلك ليتم له مقصوده في الإغارة فيفاجىء العدو ولا
يمكنه من التأهب للقتال.
والغارة اسم عام يدخل فيه البيات ، وهو ما كان في الليل ، وفي البيات من
المباغتة ما ليس في غيره من أوقات الإغارة ، لأنه يجمع غفلة الناس ونومهم ،
بخلاف الإغارة في سائر الأ وقات فإن الناس ولو كانوا غافلين إلا أن المستيقظ
أقرب إلى الإستعداد والمدافعة من النائم ، فكان البيات أكمل الأحوال في حصول
المقصود من الإغارة , ولما في وقت الليل من الظلمة وإختلاط الناس بعضهم ببعض،
مع الحاجة إلى الإثخان في العدو تقتيلاً حتى لا يتمكنوا من المدافعة أو
ليضعفوا عنها ، كان الغالب في البيات أن يُقتل من النساء والأطفال.
روى البخاري ومسلم وغيرهما : عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة رضى الله عنهما
قال : قلت يا رسول الله إنا نصيب في البيات من ذراري المشركين قال ( هم منهم
) , وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له لو أن خيلاً أغارت من
الليل فأصابت من أبناء المشركين قال ( هم من آبائهم ) .
فلم يكتف بالخبر عن الإباحة، بل زاد عليه البيان بأنهم بعضهم ليسوا منفصلين
عنهم ، ومقتضى ذلك أن حكمهم حكمهم لأن الحكم العام على أولئك ينطبق على هؤلاء
بالعموم ، فيكون الأصل لحوقهم بآبائهم في جواز إسترقاقهم وفي غنيمة أموالهم
وفي عدم عصمتهم فيكون ما أُريق من دمائهم هدرًا لا دية فيه ، وهذه الأحكام
كلها زائدة عن المسئول عنه.
و روى أحمد و أبو داود من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : ( أََمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا أبا بكر رضي الله عنه ، فغزونا ناساً من
المشركين ، فبيتناهم نقتلهم ، وكان شعارنا تلك الليلة : أمت، أمت ، قال سلمة
: ( فقتلت بيدي تلك الليلة سبعة أهل أبيات من المشركين ).
ويقول ابن الأثير في جامع الأصول : " يبيتون " : التبييت طُروق العدو ليلاً ،
على غفلة للغارة والنهب ، وقوله (هم منهم) أي حكمهم وحكم أهلهم سواء، وكذلك
قوله في رواية (هم من آبائهم).
قال ابن قدامة في المغني : ويجوز قتل النساء والصبيان في البيات (الهجوم
ليلا) وفي المطمورة إذا لم يتعمد قتلهم منفردين ، ويجوز قتل بهائمهم ليتوصل
به إلى قتلهم وهزيمتهم، وليس في هذا خلاف.
وقال : ويجوز تبييت الكفار وهو كبسهم ليلا وقتلهم وهم غارون , و قال الإمام
أحمد : لا بأس بالبيات وهل غزو الروم إلا البيات , و قال : ولا نعلم أحداً
كره بيات العدو.
ومعلوم هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن قتل الذراري في حال
الإغارة والبيات لم يستفصل عن مدى الحاجة التي ألزمت المقاتلة بهذه الغارة
حتى يبيح لهم قتل معصومي الدم من الكفار وهم النساء والصبيان ، والقاعدة
الشرعية تقول ( ترك الإستفصال في مقام الإحتمال ينزل منزلة العموم في المقال
).
فعموم مقال النبي صلى الله عليه وسلم (هم منهم) بلا ضوابط ، يجيز للجيش
الإسلامي إذا رأى أنه بحاجة إلى الغارة فإنه يجوز له فعلها حتى لو ذهب ضحيتها
النساء والصبيان والشيوخ وغيرهم ، فالعلة التي جاز من أجلها قتل النساء
والصبيان في حال البيات هي الحاجة إلى إضعاف قوة العدو وضرب قدرته على
المقاومة ، بقتل رجاله وهدم حصونه حتى لو ذهب غير المقاتلة ضحية لذلك ، فإذا
كانت العلة المبيحة لقتل النساء والصبيان هي إضعاف العدو عن المقاومة فإن قتل
النساء والصبيان بسبب إستهداف مراكز قوى العدو الإستراتيجية هو بمثابة الغارة
لأن العلة التي جاز من أجلها قتل النساء والصبيان من الكفار في الغارة هي
متوفرة بشكل أكبر في المواقع الإستراتيجية للعدو بما يزيد على مصلحة قتل
المقاتلة فقط.
~^~~^~~^~
و مما إتفق عليه أهل العلم قاطبة جواز قتل من يحرم قتله من النساء والصبيان
والشيوخ وغيرهم من معصومي الدم قصداً وذلك في حال لو حملوا السلاح على
المسلمين أو قاموا بأعمال تعين على الأعمال القتالية سواءً بالتجسس أو
الإمداد أو الرأي أو غيرها.
وقال الفقهاء بجواز قتل المرأة إذا أعانت المقاتلة ضد المسلمين بأي نوع من
الإعانة المادية أو المعنوية على القتال .
أخرج الإمام أحمد والنسائي والطبراني في الأوسط وغيرهم من حديث بن عمر قال
لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة أتى بامرأة مقتولة فقال ( ما كانت هذه
تقاتل ..) وبدلالة المفهوم أنها لو قاتلت لقُتِلت.
وأخرج أبو داود في المراسيل ووصله الطبراني عن عكرمة رضي الله عنه أن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه رأى امرأة مقتولة بالطائف فقال ( ألم أنه عن قتل
النساء ) فقال رجل أنا يا رسول الله أردفتها فأرادت أن تصرعني فتقتلني
فقتلتها فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بها أن توارى... ولهذا الحديث وغيره
قال الشافعية ...إذا قاتلت المرأة جاز قتلها .
قال بن قدامة في المغني : ” ولو وقفت امرأة في صف الكفار أو على حصنهم فشتمت
المسلمين أو تكشفت لهم جاز رميها قصداً لما روى سعيد حدثنا حماد بن زيد عن
أيوب عن عكرمة قال لما حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف أشرفت
امرأة فكشفت عن قبلها فقال (ها دونكم فارموها) فرماها رجل من المسلمين فما
أخطأ ذلك منها وكذلك يجوز رميها إذا كانت تلتقط لهم السهام أو تسقيهم الماء
أو تحرضهم على القتال لأنها في حكم المقاتل وهكذا الحكم فيها وسائر من منع من
قتله منهم".
و ما أخرجه أبي داود والنسائي والبيهقي من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
قال ( أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل أربعة وامرأتين ..) وهاتان
المرأتان جاريتان لعبد الله بن خطل كانتا تغنيان بسب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
هذا في حق من كانت تغني بسب الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف بمن أضافت إلى
ذلك المشاركة بالتصويت بإقرار مجازر المسلمين وقامت بتصدير الخزي والدعارة
للإسلام والمسلمين .
وقال بن قدامة في المغني : فإن قيل قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل
النساء والذرية , قلنا : هذا محمول على التعمد لقتلهم .
ونقل النووي في شرح مسلم في كتاب الجهاد الإجماع على أن شيوخ الكفار إن كان
فيهم رأي قتلوا.
وقال بن عبد البر في التمهيد : وأجمعوا على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قتل دريد بن الصمة يوم حنين لأنه كان ذا رأي ومكيدة في الحرب، فمن كان هكذا
من الشيوخ قتل عند الجميع.
لذا قال بن حزم في المحلى تعليقا على حديث : " عرضنا يوم قريظة على رسول الله
صلى الله عليه وسلم فكان من أنبت قتل " ، قال ابن حزم : وهذا عموم من النبي
صلى الله عليه وسلم ، لم يستبق منهم عسيفاً ولا تاجراً ولا فلاحاً ولا شيخاً
كبيراً وهذا إجماع صحيح منه .
قال بن القيم رحمه الله في زاد المعاد : وكان هديه صلى الله عليه وسلم إذا
صالح أو عاهد قوماً فنقضوا أو نقض بعضهم وأقره الباقون ورضوا به غزا الجميع ،
وجعلهم ناقضين كلهم كما فعل في بني قريظة وبني النضير وبني قينقاع وكما فعل
في أهل مكة ، فهذه سنته في الناقضين الناكثين .
وعند أحمد وغيره في قصة الحديبية عندما صُد رسول الله صلى الله عليه و سلم عن
البيت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( أشيروا علي أترون أن نميل على
ذراري هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم فإن قعدوا قعدوا موتورين محزونين وإن نجوا
تكن عنقا قطعها الله أم ترون أنا نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه فقام أبو
بكر رضي الله عنه فقال يا رسول الله إنا لم نأت لقتال أحد ولكن من حال بيننا
وبين البيت قاتلناه فقال النبي فروحوا إذا ) , وحاشا رسول الله صلى الله عليه
وسلم أن يستشير أصحابه فيما حرم الله عليه..بل لا يستشيرهم إلا فيما أباح
الله له.
وقال شيخ الإسلام في السياسة الشرعية : (وأما من لم يكن من أهل الممانعة
والمقاتلة كالنساء والصبيان والراهب، والشيخ الكبير والأعمى ونحوهم فلا يُقتل
عند جمهور العلماء إلا أن يقاتل بقوله أو فعله ، وإن كان بعضهم يرى إباحة قتل
الجميع لمجرد الكفر والأول هو الصواب) فتأمل أيضا قوله (إلا أن يقاتل بقوله
أو فعله) وهذا يدل على أن من يحرم قتلهم قصداً إذا أعانوا بأقوالهم أو
أفعالهم لمحاربة المسلمين جاز إستهدافهم بالقتل.
و هذا حكم من أعان على القتال من معصومي الدم من النساء والصبيان والشيوخ ومن
في حكمهم ممن يسمى اليوم (مدنياً).
إن الشريعة قد حرمت دماء المسلمين وإنتهاك أعراضهم وإستباحة أموالهم ، أو
الإضرار بهم بأي نوع من أنواع الإضرار المباشر وغير المباشر , إلا أن غير
المسلم ليس الأصل فيه الحرمة بل الأصل فيه الحل، فهو حلال الدم والمال والعرض
، ولا يحرم دمه وماله وعرضه والإضرار به إلا بحكم طارئ على الأصل كالعهد
والذمة والإئتمان ، أما النساء والصبيان والشيوخ وغير المقاتلة فالأصل فيهم
العصمة لتخصيص النص لهم , إلا أن هؤلاء المعصومين من الكفار ليست عصمتهم
مطلقة ، بل إن هناك حالات يجوز فيها قتلهم سواء قصداً أو تبعاً.
~^~~^~~^~
« البــيـــات » هو الإغارة على المشركين ليلاً ، والإغارة هي الهجمة عليهم
في حين غرتهم , وسمي الذي يهجم على القوم في دارهم وأماكنهم مغيرًا لأنه
يُسرع كي يسبق الأخبار ويتمكن من المباغتة وإدراك ما يسمى عنصر المفاجأة ،
ولذلك لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد إلى أُبنى وقال له
: أغِر على أبنى صباحًا وحرِّق ، قال له فيما ذكر الواقدي وهو يوصيه : وأسرعِ
السير تسبق الأخبار ، وذلك ليتم له مقصوده في الإغارة فيفاجىء العدو ولا
يمكنه من التأهب للقتال.
والغارة اسم عام يدخل فيه البيات ، وهو ما كان في الليل ، وفي البيات من
المباغتة ما ليس في غيره من أوقات الإغارة ، لأنه يجمع غفلة الناس ونومهم ،
بخلاف الإغارة في سائر الأ وقات فإن الناس ولو كانوا غافلين إلا أن المستيقظ
أقرب إلى الإستعداد والمدافعة من النائم ، فكان البيات أكمل الأحوال في حصول
المقصود من الإغارة , ولما في وقت الليل من الظلمة وإختلاط الناس بعضهم ببعض،
مع الحاجة إلى الإثخان في العدو تقتيلاً حتى لا يتمكنوا من المدافعة أو
ليضعفوا عنها ، كان الغالب في البيات أن يُقتل من النساء والأطفال.
روى البخاري ومسلم وغيرهما : عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة رضى الله عنهما
قال : قلت يا رسول الله إنا نصيب في البيات من ذراري المشركين قال ( هم منهم
) , وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له لو أن خيلاً أغارت من
الليل فأصابت من أبناء المشركين قال ( هم من آبائهم ) .
فلم يكتف بالخبر عن الإباحة، بل زاد عليه البيان بأنهم بعضهم ليسوا منفصلين
عنهم ، ومقتضى ذلك أن حكمهم حكمهم لأن الحكم العام على أولئك ينطبق على هؤلاء
بالعموم ، فيكون الأصل لحوقهم بآبائهم في جواز إسترقاقهم وفي غنيمة أموالهم
وفي عدم عصمتهم فيكون ما أُريق من دمائهم هدرًا لا دية فيه ، وهذه الأحكام
كلها زائدة عن المسئول عنه.
و روى أحمد و أبو داود من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : ( أََمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا أبا بكر رضي الله عنه ، فغزونا ناساً من
المشركين ، فبيتناهم نقتلهم ، وكان شعارنا تلك الليلة : أمت، أمت ، قال سلمة
: ( فقتلت بيدي تلك الليلة سبعة أهل أبيات من المشركين ).
ويقول ابن الأثير في جامع الأصول : " يبيتون " : التبييت طُروق العدو ليلاً ،
على غفلة للغارة والنهب ، وقوله (هم منهم) أي حكمهم وحكم أهلهم سواء، وكذلك
قوله في رواية (هم من آبائهم).
قال ابن قدامة في المغني : ويجوز قتل النساء والصبيان في البيات (الهجوم
ليلا) وفي المطمورة إذا لم يتعمد قتلهم منفردين ، ويجوز قتل بهائمهم ليتوصل
به إلى قتلهم وهزيمتهم، وليس في هذا خلاف.
وقال : ويجوز تبييت الكفار وهو كبسهم ليلا وقتلهم وهم غارون , و قال الإمام
أحمد : لا بأس بالبيات وهل غزو الروم إلا البيات , و قال : ولا نعلم أحداً
كره بيات العدو.
ومعلوم هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن قتل الذراري في حال
الإغارة والبيات لم يستفصل عن مدى الحاجة التي ألزمت المقاتلة بهذه الغارة
حتى يبيح لهم قتل معصومي الدم من الكفار وهم النساء والصبيان ، والقاعدة
الشرعية تقول ( ترك الإستفصال في مقام الإحتمال ينزل منزلة العموم في المقال
).
فعموم مقال النبي صلى الله عليه وسلم (هم منهم) بلا ضوابط ، يجيز للجيش
الإسلامي إذا رأى أنه بحاجة إلى الغارة فإنه يجوز له فعلها حتى لو ذهب ضحيتها
النساء والصبيان والشيوخ وغيرهم ، فالعلة التي جاز من أجلها قتل النساء
والصبيان في حال البيات هي الحاجة إلى إضعاف قوة العدو وضرب قدرته على
المقاومة ، بقتل رجاله وهدم حصونه حتى لو ذهب غير المقاتلة ضحية لذلك ، فإذا
كانت العلة المبيحة لقتل النساء والصبيان هي إضعاف العدو عن المقاومة فإن قتل
النساء والصبيان بسبب إستهداف مراكز قوى العدو الإستراتيجية هو بمثابة الغارة
لأن العلة التي جاز من أجلها قتل النساء والصبيان من الكفار في الغارة هي
متوفرة بشكل أكبر في المواقع الإستراتيجية للعدو بما يزيد على مصلحة قتل
المقاتلة فقط.
~^~~^~~^~
و مما إتفق عليه أهل العلم قاطبة جواز قتل من يحرم قتله من النساء والصبيان
والشيوخ وغيرهم من معصومي الدم قصداً وذلك في حال لو حملوا السلاح على
المسلمين أو قاموا بأعمال تعين على الأعمال القتالية سواءً بالتجسس أو
الإمداد أو الرأي أو غيرها.
وقال الفقهاء بجواز قتل المرأة إذا أعانت المقاتلة ضد المسلمين بأي نوع من
الإعانة المادية أو المعنوية على القتال .
أخرج الإمام أحمد والنسائي والطبراني في الأوسط وغيرهم من حديث بن عمر قال
لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة أتى بامرأة مقتولة فقال ( ما كانت هذه
تقاتل ..) وبدلالة المفهوم أنها لو قاتلت لقُتِلت.
وأخرج أبو داود في المراسيل ووصله الطبراني عن عكرمة رضي الله عنه أن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه رأى امرأة مقتولة بالطائف فقال ( ألم أنه عن قتل
النساء ) فقال رجل أنا يا رسول الله أردفتها فأرادت أن تصرعني فتقتلني
فقتلتها فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بها أن توارى... ولهذا الحديث وغيره
قال الشافعية ...إذا قاتلت المرأة جاز قتلها .
قال بن قدامة في المغني : ” ولو وقفت امرأة في صف الكفار أو على حصنهم فشتمت
المسلمين أو تكشفت لهم جاز رميها قصداً لما روى سعيد حدثنا حماد بن زيد عن
أيوب عن عكرمة قال لما حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف أشرفت
امرأة فكشفت عن قبلها فقال (ها دونكم فارموها) فرماها رجل من المسلمين فما
أخطأ ذلك منها وكذلك يجوز رميها إذا كانت تلتقط لهم السهام أو تسقيهم الماء
أو تحرضهم على القتال لأنها في حكم المقاتل وهكذا الحكم فيها وسائر من منع من
قتله منهم".
و ما أخرجه أبي داود والنسائي والبيهقي من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
قال ( أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل أربعة وامرأتين ..) وهاتان
المرأتان جاريتان لعبد الله بن خطل كانتا تغنيان بسب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
هذا في حق من كانت تغني بسب الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف بمن أضافت إلى
ذلك المشاركة بالتصويت بإقرار مجازر المسلمين وقامت بتصدير الخزي والدعارة
للإسلام والمسلمين .
وقال بن قدامة في المغني : فإن قيل قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل
النساء والذرية , قلنا : هذا محمول على التعمد لقتلهم .
ونقل النووي في شرح مسلم في كتاب الجهاد الإجماع على أن شيوخ الكفار إن كان
فيهم رأي قتلوا.
وقال بن عبد البر في التمهيد : وأجمعوا على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قتل دريد بن الصمة يوم حنين لأنه كان ذا رأي ومكيدة في الحرب، فمن كان هكذا
من الشيوخ قتل عند الجميع.
لذا قال بن حزم في المحلى تعليقا على حديث : " عرضنا يوم قريظة على رسول الله
صلى الله عليه وسلم فكان من أنبت قتل " ، قال ابن حزم : وهذا عموم من النبي
صلى الله عليه وسلم ، لم يستبق منهم عسيفاً ولا تاجراً ولا فلاحاً ولا شيخاً
كبيراً وهذا إجماع صحيح منه .
قال بن القيم رحمه الله في زاد المعاد : وكان هديه صلى الله عليه وسلم إذا
صالح أو عاهد قوماً فنقضوا أو نقض بعضهم وأقره الباقون ورضوا به غزا الجميع ،
وجعلهم ناقضين كلهم كما فعل في بني قريظة وبني النضير وبني قينقاع وكما فعل
في أهل مكة ، فهذه سنته في الناقضين الناكثين .
وعند أحمد وغيره في قصة الحديبية عندما صُد رسول الله صلى الله عليه و سلم عن
البيت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( أشيروا علي أترون أن نميل على
ذراري هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم فإن قعدوا قعدوا موتورين محزونين وإن نجوا
تكن عنقا قطعها الله أم ترون أنا نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه فقام أبو
بكر رضي الله عنه فقال يا رسول الله إنا لم نأت لقتال أحد ولكن من حال بيننا
وبين البيت قاتلناه فقال النبي فروحوا إذا ) , وحاشا رسول الله صلى الله عليه
وسلم أن يستشير أصحابه فيما حرم الله عليه..بل لا يستشيرهم إلا فيما أباح
الله له.
وقال شيخ الإسلام في السياسة الشرعية : (وأما من لم يكن من أهل الممانعة
والمقاتلة كالنساء والصبيان والراهب، والشيخ الكبير والأعمى ونحوهم فلا يُقتل
عند جمهور العلماء إلا أن يقاتل بقوله أو فعله ، وإن كان بعضهم يرى إباحة قتل
الجميع لمجرد الكفر والأول هو الصواب) فتأمل أيضا قوله (إلا أن يقاتل بقوله
أو فعله) وهذا يدل على أن من يحرم قتلهم قصداً إذا أعانوا بأقوالهم أو
أفعالهم لمحاربة المسلمين جاز إستهدافهم بالقتل.
و هذا حكم من أعان على القتال من معصومي الدم من النساء والصبيان والشيوخ ومن
في حكمهم ممن يسمى اليوم (مدنياً).