مِن عَادّة الشَعب الفَرنسي أن يُمازِح فَيقوّل شَعبياً عَن المَطبخ الأنجليّزي: "جَزر ومَلفوّف مَطبوخ مَع لَحم المَايكروّيف وفَطيرة الكُلى", كَأشَارة الى عَدم وِجوّد أطَباق واضِحة في المَطبخ الأنَجليزي وأعَتِماده عَلى الثَقافة المُكتَسبة من مَطابِخ المُستعَمرات البِريطَانية في سَائِر أنحَاء العَالم مُنذُ وقَت مُبكِر.
مَجموّعة مِن الصِوّر النَادِرة مِن مَكتَبة الكُونَغرِس للمُستَعَمرّات الأمَريكِية لأستِهداف القِطارات التي كَانت تَستَخدِمها قِوات الأحِتلال البِريطاني خِلال ثَورة فَلسَطيّن الكُبرى 1936-1939 ميلاّدية, بالأضافة الى صِوّر أخُرى تُجسِد فَترة أحَداث الثَوّرة الشَعبية.
واجَهت القِوات البِريطانية والحَركة الصِهيونية العَديد من الهَجمات مِن قِبل العَرّب الفَلسَطينيين أحتِجاجاً على السَياسة البِريطانية والهِجرة اليَهودّية الى فَلسَطيّن, وتَركَزت الهَجمات ضِد قِوات الأحتلال البِريطاني والسَيارات الصِهيونية والجِسور والسِكك الحَديدّية, مما دَفعَ قَادة الغَزو الى أتِخاذ عِدة تَدابير مِنها أسِتخدام الأسَرى العَرّب كَدروع بشَرية ومُرافَقة القِطارات بِمُختلف الوسَائل العَسكرية.
وبِحَسب التَقرير السَنوي الرَسمي للحِكومة البِريطانية عَن أدارة فَلسَطيّن وشَرق الأردن حَول قَوائم الهَجمات الشَهيرة ضَد السِكك الحَديدّية لِسنة 1936, بأن هُنالك أثنى عشر هِجوماً وقَع ضِد السِكة الحَديدّية التي تَستخدمها القِوات البِريطانية في فِلسَطيّن خِلال فَترة قَصيرة جداً, وجَاء فيه: "خِلال يونيو حُزيران سَنة 1936, تَعرضَ خَط السِكة الحَديدّية الى أثنى عَشر عَمل تَخريبي, وفي مُناسَبتين دُمِرت قِطارات, أحداها خَرج عن القُضبان بِالقُرب من اللِد في السَادِس والعِشرين من يونيو حُزيران مما تَسببَ بِسقوط أربعة قَتلى وأضرار كَبيرة في القِطار وسِكة الحَديد, ونتيجة لِهذا العَمل التَخريبي الذي جاءَ على نَحو وثيق مِن هُجوم مُنظم على مَطار اللِد في المدّينة, تَم فَرض حَظر التِجوال على مَدّينة اللِد".
تُعد هذه الثَوّرة مِن أعَظم الثَوّرات في تاريخ فَلسَطيّن في القِرن العِشرّين وقد عَبرت عن روح التضَحية والفِداء والمُصَابرة والإصِرار على الحِقوق التي تميز بها أبناء فَلسَطيّن, وتمَكنت هذه الثّوّرة في بعض مَراحلها مِن السِيطرة على كُل الريف الفلسَطيني رُغم الأمكَانيات المَحدودّة، بل والسَيطرة على عدد مِن المُدّن، بينما انكفأت السُلطات البِريطانية في بعض المُدّن الهامة.
وقَدمت هذه الثَوّرة نموّذجاً عالمياً مَتمَثلاً بأطوّل إضِراب يَقوم به شَعب كَامل عِبر التَاريخ الحَديث حيث أستمرَ 178 يوماً, وربما لو كَان الامر مُقتصراً على الصِراع بين الشَعب العَرّبي في فَلسَطيّن وبين الاستِعمار البِريطاني لِنالت فَلسَطيّن حُريتها وأستِقلالها مُنذ تِلك الثَوّرة، ولكِن وجوّد العَامل الصِهيوني وتأثيره داخِل وخَارِج حِدود فَلسَطيّن جَعل الأمر أكثر صِعوبة وتعقيداً، وفرضَ أن تتسع دائرِة مشروع التحرير إلى الدائِرة العَرّبية والإسِلامية.
تعليق