أفهكذا ينتهي الأمر، وتذهب الفئة المؤمنة ؟!
"إن قصة أصحاب الأخدود حقيقة بأن يتأملها المؤمنون الداعون إلى الله في كل أرض وفي كل جيل.
إنها قصة فئة آمنت بربها، واستعلنت حقيقة إيمانها، ثم تعرضت للفتنة من أعداء جبارين بطاشين....
وقد ارتفع الإيمان بهذه القلوب على الفتنة، وانتصرت فيها العقيدة على الحياة.
في حساب الأرض يبدو أن الطغيان قد انتصر على الإيمان. وأن هذا الإيمان الذي بلغ تلك الذروة العالية،
في نفوس الفئة الخيرة الكريمة الثابتة المستعلية، لم يكن له وزن ولا حساب في المعركة التي دارت بين الإيمان والطغيان!!
ولا تذكر الروايات التي وردت في هذا الحادث، كما لا تذكر النصوص القرآنية، أن الله قد أخذ
أولئك الطغاة في الأرض بجريمتهم البشعة، كما أخذ قوم نوح وقوم هود.... أو كما اخذ فرعون وجنوده أخذ عزيز مقتدر.
ففي حساب الأرض تبدو هذه الخاتمة أسيفة أليمة!!
أفهكذا ينتهي الأمر، وتذهب الفئة المؤمنة التي ارتفعت إلى ذروة الإيمان؟ تذهب مع آلامها
الفاجعة في الأخدود؟
بينما تذهب الفئة الباغية التي ارتكست إلى هذه الحمأة ناجية؟
حساب الأرض يحيك في الصدر شيء أمام هذه الخاتمة الأسيفة!!
ولكن القرآن يعلم المؤمنين شيئا آخر، ويكشف لهم عن حقيقة أخرى.
إن الحياة وسائر ما يلابسها من لذائذ وآلام ومن متاع وحرمان ليست هي القيمة الكبرى في الميزان.
وليست هي السلعة التي تقرر حساب الربح والخسارة.
إن القيمة الكبرى في ميزان الله هي قيمة العقيدة، وان السلعة الرائجة في سوق الله هي
سلعة الإيمان. وأن النصر في أرفع صوره هو انتصار الروح على المادة، وانتصار العقيدة على
الألم، وانتصار الإيمان على الفتنة
إن الناس جميعا يموتون، وتختلف الأسباب. ولكن الناس جميعا لا ينتصرون هذا الانتصار، ولا
يرتفعون هذا الارتفاع، ولا يتحررون هذا التحرر، ولا ينطلقون هذا الانطلاق إلى هذه الآفاق.
ثم إن مجال المعركة ليس هو الأرض وحدها، وليس هو الحياة الدنيا وحدها. وشهود المعركة
ليسوا هم الناس في جيل من الأجيال. إن الملأ الأعلى يشارك في أحداث الأرض ويشهد عليها،
ويزنها بميزان غير ميزان الأرض في جيل من أجيالها، وغير ميزان الأرض في أجيالها جميعا،
والملأ الأعلى يضم الأرواح الكريمة أضعاف أضعاف ما تضم الأرض من الناس.. وما من شك أن
ثناء الملأ الأعلى وتكريمه اكبر وأرجح في أي ميزان من رأي أهل الأرض وتقديرهم على الإطلاق!!
[...سيّد قطب (رحمه الله)...]
"إن قصة أصحاب الأخدود حقيقة بأن يتأملها المؤمنون الداعون إلى الله في كل أرض وفي كل جيل.
إنها قصة فئة آمنت بربها، واستعلنت حقيقة إيمانها، ثم تعرضت للفتنة من أعداء جبارين بطاشين....
وقد ارتفع الإيمان بهذه القلوب على الفتنة، وانتصرت فيها العقيدة على الحياة.
في حساب الأرض يبدو أن الطغيان قد انتصر على الإيمان. وأن هذا الإيمان الذي بلغ تلك الذروة العالية،
في نفوس الفئة الخيرة الكريمة الثابتة المستعلية، لم يكن له وزن ولا حساب في المعركة التي دارت بين الإيمان والطغيان!!
ولا تذكر الروايات التي وردت في هذا الحادث، كما لا تذكر النصوص القرآنية، أن الله قد أخذ
أولئك الطغاة في الأرض بجريمتهم البشعة، كما أخذ قوم نوح وقوم هود.... أو كما اخذ فرعون وجنوده أخذ عزيز مقتدر.
ففي حساب الأرض تبدو هذه الخاتمة أسيفة أليمة!!
أفهكذا ينتهي الأمر، وتذهب الفئة المؤمنة التي ارتفعت إلى ذروة الإيمان؟ تذهب مع آلامها
الفاجعة في الأخدود؟
بينما تذهب الفئة الباغية التي ارتكست إلى هذه الحمأة ناجية؟
حساب الأرض يحيك في الصدر شيء أمام هذه الخاتمة الأسيفة!!
ولكن القرآن يعلم المؤمنين شيئا آخر، ويكشف لهم عن حقيقة أخرى.
إن الحياة وسائر ما يلابسها من لذائذ وآلام ومن متاع وحرمان ليست هي القيمة الكبرى في الميزان.
وليست هي السلعة التي تقرر حساب الربح والخسارة.
إن القيمة الكبرى في ميزان الله هي قيمة العقيدة، وان السلعة الرائجة في سوق الله هي
سلعة الإيمان. وأن النصر في أرفع صوره هو انتصار الروح على المادة، وانتصار العقيدة على
الألم، وانتصار الإيمان على الفتنة
إن الناس جميعا يموتون، وتختلف الأسباب. ولكن الناس جميعا لا ينتصرون هذا الانتصار، ولا
يرتفعون هذا الارتفاع، ولا يتحررون هذا التحرر، ولا ينطلقون هذا الانطلاق إلى هذه الآفاق.
ثم إن مجال المعركة ليس هو الأرض وحدها، وليس هو الحياة الدنيا وحدها. وشهود المعركة
ليسوا هم الناس في جيل من الأجيال. إن الملأ الأعلى يشارك في أحداث الأرض ويشهد عليها،
ويزنها بميزان غير ميزان الأرض في جيل من أجيالها، وغير ميزان الأرض في أجيالها جميعا،
والملأ الأعلى يضم الأرواح الكريمة أضعاف أضعاف ما تضم الأرض من الناس.. وما من شك أن
ثناء الملأ الأعلى وتكريمه اكبر وأرجح في أي ميزان من رأي أهل الأرض وتقديرهم على الإطلاق!!
[...سيّد قطب (رحمه الله)...]
تعليق