اللهم احشرنى فى حواصل الطير
****
يقول ابو قدامة احد قادة المسلمين فى غزواتهم ضد الروم :
كنت اميرا فدعوت الى الجهاد فى سبيل الله فجأت امرأة بورقة وصرة ففضضت الورقة لاقرأها وانظر ما فيها
فأذا فى تلك الورقة: بسم الله الرحمن الرحيم من امة الله المسلمة الى امير جيش المسلمين سلام الله عليك اما بعد:
فأنك دعوتنا الى الجهاد ولا مقدرة لى على الجهاد فى سبيل الله وهذه الصرة فيها ضفيرتى فخذها قيضا لفرسك لعل الله يكتب بها لى شيئا من ثواب المجاهدين ..
يقول ابو قدامة: فشكرت الله على ذلك ..
فلما واجهنا العدو ابصرت صبيا حدثا ظننت انه ليس اهلا للقتال لصغر سنه فزجرته رحمة به فقال الصبى: كيف تأمرنى بالرجوع وقد قال الله تعالى:*انفروا خفافا وثقالا*
قال ابو قدامة: فتركته ثم اقبل على وقال: اقرضنى ثلاثة سهام فقلت له وانا معجب به ومشفق عليه :
انى مقرضك ما تريد بشرط ان تشفع لى ان من الله عليك بالشهادة فقال الغلام: نعم ان شاء الله
فأقبل الغلام على العدو صريعا فى سبيل الله فأقبلت عليه وقلت له هل تريد طعاما او شرابا؟ فقال: لا انى احمد الله على ما صرت اليه ولكن لى اليك حاجة فقلت له: مرنى بما شئت
فقال وهو يلفظ انفاسه الاخيرة: اقرىء امى منى السلام ثم ادفع اليها متاعى فقلت: ومن امك ايها ايها الشاب؟ قال:امى هى التى اعطتك شعرها ليكون قيدا لفرسك حين عجزت ان تقاتل بنفسها فى سبيل الله
فقلت: بارك الله فيكم من ال بيت ثم فارق الغلام الحياة. فقمت نحوه بما يجب فلما دفنته لفظته الارض فعاودت دفنه مرة اخرى فلفظته الارض ايضا فأعمقت له فى الحفر ثم دفنته فلفظته الارض مرة ثالثة!
فقلت لعله خرج بغير رضاء امه فصليت ركعتين ودعوت الله ان يكشف لى عن امر هذا الغلام فسمعت من يقول لى: يا ابا قدامة دع عنك ولى الله فتركت الغلام وشأنه وعلمت ان له مع الله حال
وبينما نحن كذلك اذ بطير قد اقبل فأكل الغلام فتعجبت كثيرا ثم رجعت الى امه تنفيذا لوصيته
فلما رأتنى امه قالت: ما وراءك يا ابا قدامة هل جئتنى معزيا ام مهنئا؟ قال لها : وما معنى ذلك ؟
فقالت: ان كان ابنى قد مات فقد جئتنى معزيا وان كان قد قتل فى سبيل الله وظفر بالشهادة فقد جئت مهنئا ...
فقصصت عليها القصة واخبرتها عن الطير وما فعلت الطيرفقالت: لقد استجاب الله تعالى دعاه
فقلت لها وما ذاك فقالت:انه كان يدعو الله فى صلواته وخلواته ويقول فى صباحه ومسائه:
اللهم احشرنى فى حواصل الطير
يقول ابو قدامة: فانصرفت عنها وعلمت لماذا كتب الله لنا النصر على الاعداء...
**كتاب(نوادر الزاهدين وقصص الصالحين) 280 قصة وقصة للمؤلف: مجدى محمد الشهاوى
تعليق