مصارع العشاق (1)
في هذا الدرس المبارك:
جمع الشيخ حفظه الله من التاريخ والسير فوائد وعبراً، وصاغها بكلامه، فخرجت كالدرر.
تكلم فيه عن أحوال عشاق الحق والباطل.
فانظر أيها القارئ الكريم في أوضاعك، وتأمل في أحوالك؛ لتعرف في أي الطريقين أنت.
مقدمة في دعاء الله والثناء عليه
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أمَّا بَعْد:
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته
هذا اليوم التاسع عشر من شهر ذي الحجة عام (1412) من هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام، وهذه المحاضرة هي الحلقة الأولى من درس بعنوان: (مصارع العشاق) وهذه بنيات فكر ضمرت مرائرها، وسرحت ضفائرها، سموها ما شئتم، مقامات أدبية، أو صولات خطابية، إلياذة أو ملحمة، المهم أنني آمنت بأفكارها، وتبطنت أسرارها، فإن كنتم ممن يدخل في هذا العنوان: (مصارع العشاق) فحسن؛ وإلا فقد حصل الاتفاق، فالسماع يكفي، والحضور يشفي، ولعل من هو أورع مني يلومني ولم يدر عني، حيث أني أركبت الكلام مركب المجاز، والظاهر عندي الجواز، ولكن -أيها الإخوة الكرام- أستأذنكم في هذا الهتاف:
وقفنا ببابك يا ذا الملك وزرنا رحابك والملك لك
وجئناك نطوي قفار السهاد وما خاب يا رب من أملك
اللهم فأجزل العطيه، واغفر الخطيئة، وأصلح النية، وأحينا الحياة الرضية.
اللهم إن سلاطين الأرض أغلقوا الأبواب، ووضعوا الحجاب، وسدوا حاجات الطلاب، وبابك مفتوح، ونوالك ممنوح، وخيرك يغدو ويروح.
اللهم فأصلح القلوب، واغفر الذنوب، واستر العيوب.
يا رب أول شيء قاله خلدي أني دعوتك في الآصال والسحر
فوالذي قد هدى قلبي لطاعته لحب دينك في سمعي وفي بصري
يا كريماً! الكرماء بخلاء عند جودك.
يا قوياً! الأقوياء مهازيم في قيودك.
يا قاهراً! النواصي في قبضات جنودك.
اللهم فارحم الفجيعة، وصل القطيعة، واغفر الذنوب الفضيعة، واحمنا بالأستار المنيعة، وأدخلنا الرحمة الوسيعة.
اللهم خذ الكفار والمنافقين، واسحق الفجار والمارقين، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً.
اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والدعاة والعلماء والصالحين بسوء فأبطل بأسه، ونكس رأسه، واجعل النار لباسه، وشرد بالخوف نعاسه.
اللهم من دبر لأوليائك المكائد، ولعبادك الشدائد، فقطِّع مفاصله، وأصب مقاتله، واحبك سلاسله، وانسف معاقله.
اللهم يا من أنجى من النار الخليل، وأيد اليتيم بجبريل، ودمر أبرهة والفيل، ومزق الغزاة بطير أبابيل، نسألك أن تكف كف المعتدي، وأنت تلوي ساعد الردي، وأن تمنع الأخيار من كل يد.
وكنت إذا الطغيان أظهر بأسه وسل علينا سيفه وخناجره
دعوتك فاستنهضت بالفضل نصرتي فزلزل بالعزم الأكيد محاجره
اللهم إن ألسنتنا سبحت في علاك، ورءوسنا ما سجدت لسواك، يا من ترانا ولانراك، لا نعبد إلا إياك، نسألك أشرف المنازل في القصور، وسكن الجنة بالحبور، ومصاحبة النعيم والحور، والنظرة والسرور.
شجون في رضاك سرت حنينا وذاب القلب مما قد لقينا
وظل الدمع يخلف في المآقي شذا نفحاته من ياسمينا
ويهتف كل قلب فيك حباً كأن نداءه من طور سينا
اللهم إن الملاحدة ما صلوا وصلينا، وما قاموا وقمنا، هجروا السجود وسجدنا، وحاربوا بالباطل من عبدنا، اللهم كما وعدتهم الوعيد، وزلزلت قلوبهم بالتهديد، اللهم فأصلح بالنا، وحسّن حالنا، وقوِّ حبالنا، وأكرم مآلنا.
اللهم يا من على العرش استوى، وعلى الملك احتوى، يا مرسل المعصوم فلا ينطق عن الهوى، وما ضل وما غوى، اللهم فاهدنا إذا دجت الظلمات، وأنقذنا إذا احلولكت الشبهات، وأكرمنا في أرفع الدرجات، وأجزل لنا الأعطيات.
لعمرك كم يجوب الهم صدري وطرف محاجري بالوجد يسري
أداوي أضلعي بالكي أرجو سلامتها فتصليني بجمري
اللهم يا من لا تعجزه الحاجات، ولا تضطرب لديه الأصوات، ولا تختلف عليه اللهجات، ولا تنقص جوده الهبات، اللهم فنفحة من نفحاتك، ورحمة من رحماتك، ونور من قبساتك، اللهم فاشف العلة، وسد الخلة، وانصر الملة، وارحم الذلة، اللهم أطلق المسلمين من المعتقلات، وسرح المأسورين من الزنزانات، واغفر للآباء والأمهات، وارحم الأحياء والأموات.
أنا عند الباب من أهل الحرم ودموعي كلها في الملتزم
أنا ذاك العبد من أخطاؤه في سجل خطه ذاك القلم
إن يكن يا رب عتبٌ ظاهرٌ فاعف عن أخطائنا يا ذا الكرم
......
حال الأمة اليوم
نحن أمة تسأل عن دم البعوضة، وتهريق دم الحسين ، لبست قميص المثنى بن حارثة ، وفي يدها حربة بابك الخرمي .
حج محمد عليه الصلاة والسلام ليقول للحجاج: أنا كأفقركم، ففهمها الفطناء؛ لكن أبا جهل ما حضر الموقف، نحن عرب بلا عمر ، وأكراد بلا صلاح الدين ، وأتراك بلا فاتح ، وهنود بلا إقبال ، وأفارقة بلا بلال .
وزرنا البيت أيتاماً كباراً حملنا المزعجات بلا بكاء
جسم الأمة كله جراح يوم عرفة ، جؤار البوسنة والهرسك أخجل أهل الموقف، وخلاف الأفغان أزعج المحرمين، وضياع بيت المقدس نكس رءوسنا عند الصخرات، من لم تنفعه عينه لم تنفعه أذنه، ونحن كذبنا ما سمعناه بآذاننا وقد رأيناه بعيوننا.
لقد نصحتك عينك في نهار من التبيان حتى سال ماها
حج عمر فأنفق عشرين درهماً، وقد ختم بالرق على عنق كسرى وقيصر، وقد حججنا ندوس الحرير، ونستخشن الديباج، ونحن نسبح للرق في أدبار الصلوات.
أما الخيام فإنها كخيامهم وأرى رجال الحي غير رجالهم
صحن طعامنا مكسور؛ لأنه ما صنع في المدينة ، وخيمتنا ممزقة؛ لأن أطنابها مستوردة، ونسينا: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ [النساء:65].
نحن ثلاثة حجاج ضاع رابعنا، حاج في عرفة وماله في البنك الربوي، وحاج في مزدلفة ولكنه بات مع نغمة ووتر، وحاج رمى الجمَرات وأشعل في قلوبنا الجمْرات، والرابع أشعث أغبر رُفعت دموعه إلى العرش.
لا تسل عن خلدي قد ضاع مني عدَّني في زحمة أو عَدِّ عني
......
مقارنة بين عشاق الحق وعشاق الباطل
عشق بلال الجنة فأمهرها ركعتين مع كل وضوء، فسمع صاحب العقد دفَّ نعليه عند الباب المخطوبة، فعرف أن ليلة العرس قد حانت.
ألم تر أني كلما زرت زينباً وجدت بها طيباً وإن لم تطيب
وقصر بلال تلوح عليه أحرف: وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الزخرف:72] وعشق أبو جهل النار فصعبت عليه لا إله إلا الله؛ لأن نافخ الكير تزكمه نفحة المسك.
قيل لـأبي جهل : قد أقام بلال الصلاة فصل وراء الإمام؟ فقال: لست على وضوء، فمات قبل أن يصلي.
قيل لـأبي جهل : لماذا تدخل النار؟ قال: لأني عاشق.
لا تلمني في هواها والجوى فأنا من لومكم في صمم
صاح في وجه أبي جهل لسان القدر: وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ [فصلت:19].......
عشق أبي مسلم للرياسة
أبو مسلم الخراساني عشق الإمارة حتى الثمالة، فعاش من أجلها وهاش، وسكر في حبها وطاش، بقر بطون المساكين بالخنجر فبقر بطنه أبو جعفر .
كل بطَّاح من الناس له يوم بطوح
تعلق بغير الله فعلقه أقرب الناس إليه بقدميه: وكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [الأنعام:129].
أبعين مفتقر إليك نظرت لي فأهنتني وقذفتني من حالقِ
لست الملوم أنا الملوم لأنني علقت آمالي بغير الخالق
جعل الرياسة تميمة في عنقه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: {من تعلق تميمة فلا أتم الله له }.
عشق أبو مسلم الخراساني المنصب فما تراجع عنه، والتراجع حرام عند العاشقين.
مقارنة بين عشق أهل البدعة وعشق أهل السنة
أيها الناس! أيها البررة: مات الجعد بن درهم في حب البدعة فما أحس للذبح في هوى المحبوب ألماً، فلماذا يألم أهل السنة من الذبح لحب السنة والله يقول: إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ [النساء:104].
سقيناهم كأساً سقونا بمثلها ولكننا كنا على الموت أصبرا
خرج خالد القسري على الجعد بن درهم بالسكين فما تاب المسكين؛ لأنه عاشق! والعاشق يقول:
والله لو قطعوا رأسي لأهجرها لسار حول حماها في الهوى رأسي
الجعد بن درهم ممن زُيِّن له سوء عمله فرآه حسناً، صاح النذير لأبطال السنة بلسان: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ [آل عمران:140] فما أحسوا للمس حساً.
تحدى أحمد بن حنبل الدنيا في حب مبدئه الحق؛ فتكسرت السياط على البساط، وأبو عبد الله يضحك في وجوه المنايا، والوحي يهتف: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ [الفرقان:58] ليعلم أحمد أن المتوكل سوف يتولى وأن المعتصم يموت.
في قاموس أحمد بن حنبل حديث قدسي: {وعزتي وجلالي ما اعتصم بي أحد فكادت له السماوات والأرض إلا جعلت له من بينها فرجاً ومخرجاً }.
أراد أهل البدعة أن يصرفوا عن الحق أحمد فما انصرف؛ لأنه أحمد ممنوع من الصرف.
عجباً كيف شربت الموت شربا وجعلت السيف للعلياء دربا
عجباً كيف تحديت الملا وسقيت الرمح حتى صب صبا
كنا أطفالاً نسمع بـأحمد بن حنبل فحسبناه مفتياً في الزوايا، فلما كبرنا علمنا أنه معلم جيل وعالم أمة، وشيخ حياة.
الحجاج : من العاشقين. عشق الدماء كما عشقت امرأة العزيز يوسف، فجرد السيف على عشاق الملة فشقي بـسعيد ، وكسر بـابن جبير منارة الدين، الرجل محنط، فما سمع من سكاره: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً [النساء:93].
أحد الفنانين رقص على نغمة:
أخبروها إذا أتيتم حماها أنني ذبت في الغرام فداها
وتراقصت أطراف جعفر الطيار على زمجرة
يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وبارد شرابها
طارت روح جعفر إلى الجنة فأعطاه مولاه جناحين يطير بهما حيث يشاء، والذي يطير أعظم ممن يسير، يقول الشاعر:
نطير إليك من شوق الحشايا وبعض الناس نحوكم يسير
حمل أبو بكر الصديق الصدق فسار في قافلة: وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ [الزمر:33] سمي بـالصديق فلا يعرفه العالم إلا بـالصديق ، وصار خليفة الصادق المصدوق، وحمل مسيلمة الكذاب رداء الكذب، فهو في زنزانة ألا لعنة الله على الكاذبين، فلا يعرف مسيلمة إلا بالكذاب.
أراد خالد بن الوليد أن يداوي مسيلمة الكذاب من الكذب فما نجح العلاج فقطع رأسه ليزول الألم بالكلية.
عشاق الصدق يموتون من أجله، وعشاق الكذب أكثر يقتلون تحت نعله.
مقارنة بين عشق الطغاة وعشق الأولياء
جمال وسيد :
سجن جمال سيداً ليقول له: يا سيدي! فقال له: لا. السيد هو الله. فذبحه؛ فأحيا الله بقتله فكره، ورفع بذبحه ذكره، ومات جمال بقتله ميتة البغال، فتعوذ الناس من ذكره في المحافل لأن سيداً من فصيلة: أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ [المجادلة:22] وذاك من فصيلة: أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ [المجادلة:19].
قضوا وألسنة الأجيال تلعنهم وأتبعوا في اللحود السود تبكيتا
أسماؤهم في رؤى التاريخ مظلمة كم مجرم كان في الإفساد خريتا
أصبع محمد عليه الصلاة والسلام:
جرحت أصبع رسولنا صلى الله عليه وسلم فسال الدم الطاهر فقال:
إن أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت
لأن من قرب روحه للرحمن لا ييأس على أصبعه، ومن انتظر أن يسيل دم ظهره لا يبكي على دم ظفره.
حرام بن ملحان :
روى البخاري أن حرام بن ملحان طعن بالرمح من قفاه -وهو أحد الصحابة- فأخذ دم صدره ورش القاتل وهو يقول: فزت ورب الكعبة.
شهد له دمه أنه محب وأقام دليل المحبة، فسلوا رمح القاتل! فالبينة على المدعي واليمين على من أنكر.
يأتي حرام بن ملحان يوم القيامة وكلمه يُدمى، الريح ريح المسك واللون لون الدم.
تفوح أرواح نجد من ثيابهم عند القدوم لقرب العهد بالدار
الشيح والكاذي والريحان قد عبقت يا موقد النار أطفئ شعلة النار
المهدي : دخل المهدي خليفة بني العباس المسجد والعلماء جلوس، فلما رأوه قاموا وقعد ابن أبي ذئب المحدث؛ لأن الذئاب لا تقوم للثعالب، فقال له: لِمَ لَمْ تقم لي؟ فقال: كدت أفعل فذكرت يوم أن يقوم الناس لرب العالمين فتركت القيام لذلك اليوم.
قال الخليفة: اجلس فقد أقمت شعر رأسي، فقامت الدنيا لـابن أبي ذئب لأنه ما قام، والقيام مع القدرة، ولا قدرة لمن يدخر قيامه لمولاه.
سعيد الحلبي : مد سعيد الحلبي : رجله في المسجد فدخل السلطان عليه فما رد رجله، فأعطاه مالاً، فقال سعيد : إن الذي يمد رجله لا يمد يده، ولو مد سعيد يده لقطع السلطان رأسه.
أنا لا أرغب تقبيل يد قطعها أحسن من تلك القبل
إن جزتني عن صنيعي في رقها أولى فيكفيني الخجل
الكافر يولد مرة ويموت مرتين، والمؤمن يولد مرتين ويموت مرة.
الكافر جثماني بليد، والمؤمن روحاني مجيد.
الهدهد وفرعون:
الهدهد أذكى من فرعون؛ لأن الهدهد أنكر على بلقيس سجودها للشمس، وفرعون قال: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي [القصص:38].
رزق الهدهد يخبئه في الأرض، فلما عرّف الهدهد ربه، قال: الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [النمل:25]. أحب الهدهد رب العالمين فأتى سليمان من سبأ بنبأ يقين، وفرعون مهين دس أنفه في الطين، وكفر برب العالمين.
الهدهد آمن في الرخاء فنفعه إيمانه في الشدة، وفرعون كفر في الرخاء فما نفعه إيمانه في الشدة، بل قيل له: يا فتان آلآن؟ فات الأوان.
قد مضى الركب وخلفت لوحدك فابك ما شئت ولا تأنس برشدك
عبد الدينار يرد النار، كلما كثرت دراهمه دار همه.
إمامه قارون ، خرج في زينته فدفن في طينته، صاح متكبراً! إنما أوتيته على علم عندي، قيل له: عندك أو عندنا؟
هيا إلى الدور الأرضي وخذ دارك معك: فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ [القصص:81].
دراهم أبي بكر الصديق ختمت بـ: يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى [الليل:18] ودراهم أمية بن خلف عليها: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ [الهمزة:1].
أعطي أبو بكر حلة: وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى [الليل:17] وألبس أمية قميص: فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ [الأنفال:36].
لشتان ما بين اليزيدين في الندى يزيد بن عمرو والأغر بن حاتم
فهم الفتى الأزدي إتلاف ماله وهم الفتى القيسي جمع الدراهم
فلا يحسب التمتام أني هجوته ولكنني فضلت أهل المكارم
من تضحية المؤمنين وتخاذل المنافقين
يا أحفاد حنظلة ! يا أبناء حنظلة : اسمعوا قصة حنظلة :
سمع حنظلة مؤذن الجهاد في أحد وعليه جنابة، فطار إلى سيفه، وصب دمه مع دماء الأبرار، وقدم لحمه مع لحوم الأخيار، وهذه الكتائب: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج:37].
يا حنظلة ! ثمر شجرك ما حنظل، وحب زرعك قد سنبل، قبل أن تدخل الجنة تغسل.
أملاك ربي بماء المزن قد غسلوا جثمان حنظلة والروح تختطف
وكلَّم الله من أوس شهيدهم من غير ترجمة زيحت له السجف
تلاميذ عبد الله بن أبي يحفظون: لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ [المنافقون:7] وينسون: وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [المنافقون:7] فيسرقون لقمة العيش من على الشفاة، ومداوي الداء بالداء عله وما شفاه.
عبد الله بن أبيَّ فاكهته لحوم الصحابه، ومصحفه الربابه وسهامه طائشه؛ لأن الصيد عائشة .
أتدري من رميت وكيف تدري فما أعماك عن شمس وبدر
رميت البدر بالبهتان كيداً ونور الحق محفوف بفجر
درسنا قصة طه والطبلة، فألهانا طه عن: طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى [طه:2] والذي حفظ قصة الطبلة خرج أبله، وقيـَّم المدرسة أرقم ألغى منهج دار الأرقم بن أبي الأرقم .......
أنس بن النضر وعشقه للجنة
صاح أنس بن النضر : [[إني لأجد ريح الجنة من دون أحد ] فقتل على مبدأ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1].
بحثت عنه أخته فما عرفته قتيلاً إلا ببنانه؛ لأن عشاق الجنة يحتاجون إلى شهود، وقد كتبوا شهادتهم بخطوطهم على جسم أنس ، فكل جرح يقول: مَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ [يوسف:81].
قالوا لأحد المنافقين: جاهد لتؤجر، قال: أخاف بنات بني الأصفر. قيل له: تضحك على من؟ ونزلت: أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا [التوبة:49] فضحهم الوحي فلما انقطع الوحي فضحهم حملته، وقال أحدهم: أنا لا أخشى بنات بني الأصفر ولكن: لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ [التوبة:81] فما أصبح الأمر سراً: جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً [التوبة:81].
تفر من الهجير وتتقيه فهلا من جهنم قد فررتا
وتشفق للمصر على الخطايا وترحمه ونفسك ما رحمتا
عاشق الشهادة تأتيه على الفراش، قال صلى الله عليه وسلم: {من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه }؛ لأن الحب يفتت الأكباد: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69].
نسيت في حبك الدنيا وما حملت وبعت من أجلك الأنفاس والنفسا
عبد الفتاح إسماعيل وعشقه للشيوعية
عبد الفتاح إسماعيل :
قيل لـعبد الفتاح إسماعيل : في عدن : من ربك؟
قال: لينين . قيل: من نبيك؟
قال: استالين . قيل له: حشرك الله مع الملاعين.
قال: آمين.
يا ضعيف العزم! وأنت من أهل السنة بقي عبد الفتاح هذا يدعو إلى الشيوعية أربعين سنة في عدن الإسلامية، فهل دعوت أنت في أربعين ليلة إلى العقيدة الإسلامية في الجزيرة العربية .
يا كسلان! عبد الفتاح هذا قُتل على غير الجادة فردد مع آخر الأنفاس: لا إله والحياة مادة، يدرِّس الإلحاد مع الظمأ والمجاعة وأنت مع الترف ما تدرس منهج أهل السنة والجماعة .
يا شباب الصحوة: مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ [التوبة:38] وشباب عبد الفتاح انتشروا في الطول والعرض.
أتباع كارل ماركس يدرسون مذكرته في الكادحين، ونحن لم ندرس طلابنا رياض الصالحين .
وصاحب باطل جلد صبور تسيل دماؤه من طول صبره
وذو حق ضعيف الرأي فدم يسيل لعابه من رأس ظفره
الفاروق :
دعا الفاروق أبو حفص فقال: [[اللهم إني أعوذ بك من جلد الفاجر وعجز الثقة ]] لأن الفاجر أحال العراق إلى بعث، وحلب إلى نصيرية وأرض الكنانة إلى ناصرية إلا من رحم ربك، وأما الثقة فاعتذر بأشغاله عن تدريس الحموية والواسطية .
بقي ميشيل عفلق يستغوي الجيل ليلاً ونهاراً وسراً وجهاراً يحفظهم في الابتدائية:
آمنت بالبعث رباً لا شريك له وبالعروبة ديناً ماله ثاني
ويحفظهم في المتوسط:
لا تسل عن عنصري أو نسبي أنا بعثي اشتراكي عربي
فلما سمع ذلك حكمتيار طار، وأنشد في الجيش الجرار:
نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا
قيل لـحكمتيار : ادخل كابل ؟
قال: لا. حتى يخرج منها أولاد الهرة بالمرة.
الحق أبلج والسيوف عوار فحذار من صولات حكمتيار
وحذار من جيش خميس بعده يصلي العدو بغيمة من قار
حكمتيار لا شرقي ولا غربي؛ لأن شيخ حكمت علمه الكتاب والحكمة، تاجه حنيفاً مسلماً، ومن كان منهجه أبيض نسي البيت الأبيض.
درس الطلاب التدمرية لـابن تيمية ، فنجح (20%) لأنها: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ [الأحقاف:25].
كان ابن تيمية يعلم الشباب، فسجنه الحجاب: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ [الحديد:13].
هل سمعت نشيدة شيخ الإسلام ؟
ولكنها من الشعر المنثور، لأن العبيد لا يفهمون إلا الشعر الحر. يقول: أنا جنتي وبستاني في صدري، أنَّى سرت فهي معي، قتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة، وسجني خلوة.
كتب القصيمي عن ابن تيمية : (في الصراع بين الإسلام والوثنية ) لكن ابن تيمية أصيل والكاتب عميل؛ لأن الكاتب وارد بتروماكس، ومن فصيلة كارل ماركس : آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ [الأعراف:175].
واحسرتاه على السبورة والطبشورة والملعب والكورة.
أأشقى به غرساً وأجنيه ذلة إذاً فاتباع الجهل قد كان أحزما
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ولو عظموه في النفوس لعظما
قال الحجاج لعجوز: والله لأقتلن ابنك؟
قالت العجوز: لو لم تقتله مات، وهذا من ذكاء العجوز، ولكن الطغاة لا يفهمون الرموز: قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ [الجمعة:8].
أرسلنا شاعرنا إلى المربد ليغرد فعربد، ظننا أنه بالدين سوف يصول ويجول فذهب قليل الحياء يسب الرسول.
نبهناه فما أدرك؛ لأن الرجل مجمرك: أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً [الفرقان:44].
شعراء مدحوا صداماً قبل الغزو وذموه بعده، قلنا: كشفناكم يا أوباش الولد للفراش. هؤلاء لا ينفع معهم الوعظ؛ لأن المنافقين بعضهم من بعض.
موشي ديان :
قاتلوا موشي ديان في حزيران، فهربوا كالفئران؛ لأنه لم يحضر المعركة سيف الله أبو سليمان .
وأطفأت شهب الميراج أنجمنا وشمسنا وتحدت نارها الخطب
وقاتلت دوننا الأبواق صامتة أما الرجال فماتوا ثمّ أو هربوا
أشار شامير ، قالوا: ما ذا تريد؟
قال: مدريد . فركبوا بالبريد فسحقاً للبليد.
قيل للرستمي : ألا تحج البيت العتيق؟ فأنشد بنغمة العاشق؛ لأنه عاشق:
حجي إلى الباب الجديد وكعبتي الباب العتيق وبالمصلى الموقف
والله لو عرف الحجيج مكاننـا من زندروس وجسره ما عرفوا
أو شاهدوا زمن الربيع طوافنا بالخندقين عشية ما طوفوا
زار الحجيج منى وزار ذوو الهوى جسر الحسين وشعبه واستشرفوا
ورأوا ظباء الخيف في جنباته فرموا هنالك بالجمار وخيفوا
أرض حصاها جوهر وترابها مسك وماء المد فيها قرطفوا
قلت: أما سمع هذا بقوله سبحانه في تلك الدار: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [الزخرف:71] وعند ابن ماجة قال صلى الله عليه وسلم: {ألا مشمر للجنة؛ فإن الجنة -والذي نفسي بيده- نور يتلألأ، وقصر منيف، وشجرة تهتز }.
الخُطَّاب كثير؛ ولكن المهر غالي.
من صفات الخاطب: أن يترنم بالقرآن في السحر، وكثير من الخطاب ينام عن صلاة الفجر.
ومن صفاته: أنه يقدم مهجته حلية للمخطوبة وبعضهم يبخل بدرهمه:
ثمن المجد دم جدنا به فاسألوا كيف دفعنا الثمن
واسألوا ما ذا فعلنا في الوغى يوم هال الهول فيها ودنا
الذبح للعاشق في سبيل معشوقه برد وسلام.
الرسول صلى الله عليه وسلم والإبل:
ذكر المجد في المنتقى أن رسولنا صلى الله عليه وسلم لما أراد أن ينحر الإبل في منى تسابقت إليه أيها ينحر أولاً، فمن أخبر البعير أن صاحب الحربة هو البشير النذير والسراج المنير، ما فرت الإبل وهو ينحر وما استقرت بل أقبلت ودنت؛ لأن التولي يوم الزحف حرام.
ويقبح من سواك الفعل عندي وتفعله فيحسن منك ذاكا
على عمد من التوفيق قدماً أحبك من أحبك واصطفاكا
خطب صاحب المنهج العظيم صلى الله عليه وسلم في جنوده يوم بدر فأخبرهم أن بينهم وبين الجنة القتل، من يقتل يدخل، ومن يُذبح يفلح، فقام عمير بن الحمام ورمى التمرات، ولسان حاله يقول: خذوا تمركم فالغداء هناك، وإجابة الدعوة واجبة، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، وكيف يجيب الأمر من ألهاه التمر؟
لله درك والردى متكالب والمشرفية تسحق الأبطالا
ووقفت تخطب والرءوس تطايرت أسقيت سيف العز حتى سالا
محمد بن حميد الطوسي :
حضر محمد بن حميد الطوسي المسلم القائد الشهير القتال مع الروم، فوقف يقطع رءوسهم من الفجر إلى الظهر، وما أحسن الذبح على الطريقة الإسلامية! فرَّ أصحابه فخجل أن يفر؛ لأن صاحب الشريعة لا يقر، فتكسر سيفه ومال رأسه فكفنه أبو تمام بقصيدته الخالدة:
لقد مات بين الضرب والطعن ميتة تقوم مقام النصر إن فاته النصر
تردَّى ثياب الموت حمراً فما أتى لها الليل إلا وهي من سندس خضر
ثوى طاهر الأردان لم تبق بقعة غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبر
عشق النبي صلى الله عليه وسلم وأًصحابه للموت وزهدهم في الدنيا
وقف قائدنا عليه الصلاة والسلام أمام الكتيبة فسل السيف، وقال: {من يأخذ هذا السيف مني؟ } فكلهم رفع يده وظنوا أن السيف جائزة فقال: {من يأخذه بحقه؟ } فعلموا أن في المسألة سراً، فتوقفوا وألح أبو دجانة في الطلب وسأل القائد: ماحق السيف؟ فقال: {أن تضرب به في الأعداء حتى ينحني } فأخذه أبو دجانة يعدل به رءوس الضلال مرة في اليمين ومرة في الشمال، ينشب السيف في الجماجم فيهزه هزاً، لأن في الجماجم مسامير اللات والعزى، أخرج عصابته الحمراء من الجلباب، فقال الناس: خطر ممنوع الاقتراب.
ومن تكن الأسد الضواري جدوده يكن زاده رفداً ومطعمه غصبا
فحب الجبان النفس أورده البقا وحب الشجاع الحرب أورده الحربا
......
مواقف وعبر من التاريخ
عندنا نحن أعظم ميراث عرفه التاريخ، وأكبر ثروة رأتها الدنيا، عندنا متون من الوحي، ما اختلطت بالطين؛ لأنها من رب العالمين، لكن الطلاب كسالى، المرعى أخضر لكن العنز مريضة، وثيقتنا نحن المسلمين كُتبت من أربعة عشر قرناً، خُطب بها على منابر المعمورة، وصُلي بها في محاريب القارات، وأُذِّن بها على منائر الكون.
والوحي مدرستي الكبرى وغار حرا ميلاد عمري وتوحيدي وإيماني
وثيقتي كتبت في اللوح وانهمرت آياتها فاقرءوا يا قوم قرآني
معجزتنا نحن أن معلمنا أميّ أعجز البلغاء، لا يكتب وقد أفحم الكتبة، ولا يقرأ ولكنه بذَّ القرّاء: وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ [العنكبوت:48].
وقف في عرفة صلى الله عليه وسلم محرماً أشعث أغبر ليخاطب الدنيا، فقال له مولاه في الموقف: وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي [المائدة:3] فعلم أن النعمة ليست في ناقته القصواء ولا في حصيره الممزق الذي أثر في جنبه، ولا في درعه المرهون عند اليهود، ولا في الحجرين المربوطين على بطنه، إنما نعمته دعوته، وحبوره نوره، وسروره سيرته: وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى:52].
صلى الله عليه وسلم، ما سكن قصراً والذين من بعده يغنون في القصور، وما بنى داراً والأدعياء يلمِّعون بالذهب الدورْ.
عقدة الوليد بن المغيرة في كفره بصاحب السيرة أنه ليس له صلى الله عليه وسلم كنز، وليس له جنة يأكل منها، وما علم أن صاحب الكنز والبنز والجنز لا يرشح للعز.
تركت الثرى خلفي لمن قل ماله وأوردت قلبي في عظيم الموارد
أعيناي كفا عن فؤادي فإنه من الظلم سعي اثنين في قتل واحد
فعل دستم مع حكمتيار كما فعل رستم مع عمار : أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ [الذاريات:53] دستم من رستم من طينة هليا مريام ، الله كم دنستم، غرتكم الأماني حتى جاءكم الحق وتربصتم.
الله أكبر يا سني! تبخل بأضحية يوم النحر والنصيري ضحى بثلاثين ألفاً من أهل السنة في حماة .
النصيريون يجودون بالنفوس، وأهل الملة يبخلون بالتيوس.
أوما شهدت الخيل تعثر بالقنا حتى السبايا جردت بالمشهد
والمارد الجبار يخطر سيفه في رأس كل مكبر وموحد
تمزقت الأمة في هذا العصر، فالبعض ذبح والبعض في الأسر، ومن نجا نسي وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ [الأنفال:72].
ما ذا التقاطع في الإسلام بينكم وأنتمُ يا عباد الله إخوان
......
المعتصم في عمورية
الآن مع المعتصم :
طار صوت المفجوعة من عمورية يعبر المحيطات، ينادي: وامعتصماه! فوصل الصوت قبل الصورة؛ فصاح المعتصم : قربوا أفراسي، وهاتوا أتراسي.
الجنسية مسلم، والنسل عباسي، أحرق المدن المعتصم ؛ لأن ليلة النصر تحتاج إلى بخور، وهو ممن يرجون تجارة لن تبور، فغردت كتائبه وتراقصت ركائبه على إلياذة:
أجبت صوتاً زبطرياً هرقت له كأس الكرى ورضاب الخرَّد العرب
أبقيت جد بني الإسلام في صعد والمشركين ودار الشرك في صبب
المعتصم أبوه الرشيد ، وجده ابن عباس فما أذعن لـيوحنا ولا توماس : ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ [محمد:11].
زياد بن أبيه أمه سمية يريد بني أمية، أنجب عبيد الله السمين ليقتل الحسين ، جنود عبيد الله كالعجول يكبرون لمقتل ابن البتول:
ويكبرون بأن قتلت وإنما قتلوا بك التكبير والتهليلا
علي بن أبي طالب في خيبر
خيبر :
خربت خيبر لماذا؟
لأنها بنيت على شفا جرف هار، حجر الزاوية كعب بن الأشرف ، وسدة الباب بنجريون ، والطباخة: جولدا مائير ، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: يا علي ! قال: مرحباً. قال: اقتل مرحباً .
فخرج مرحباً يقول:
أنا الذي سمتني أميمرحباً
قال لسان الحال: أمك سامرية عبدت العجل، وأم علي هاشمية لا تحب الدجل.
أنا الذي سمتني أمي حيدره
فتحدر سيف مرحب على سيف حيدر.
يا أبا السبطين أحسنت فزد فعلكم يا شيخنا فعل الأسد
رمد تفعل هذا بالعدى كيف لو عوفيت من ذاك الرمد
اسمع: بطاقة علي في الزحام مكتوب عليها: {يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله } وبطاقة مرحب : فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ [المائدة:13].
يا شباب الصحوة: من لا يدعو منكم ويؤثر فلا ينمنم ويثرثر: {المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده }.
إذا لم تصاحبنا فنرجوك لا تضاربنا، الذي بيته من زجاج لا يرمي بيوت الناس، والذي يضرب العود لا يحمل الفاس.
اللهم إنك نثرت على أهل الدنيا الدنانير فشروا الذمم بالدينار، اللهم فأعطنا تاج النجاة ننجو به من النار، أحرقونا فقلنا: أح، قال الصبر: هذا ما يصح.
لا تقل للنار أح إن قلت أحا فرح الباغي وسح الجرح سحا
بنو إسرائيل والبقرة
بنو إسرائيل والبقرة: أمر الله بني إسرائيل أن يذبحوا بقرة، فأخذوا الأمر مستهترين، ورأى رسولنا صلى الله عليه وسلم بقراً تنحر في المنام في أحد فنُحر من أصحابه في المعركة سبعون، سوّد الله وجوه اليهود، قيل: اذبحوا بقرة، قالوا: ما بقرة؟
قيل: لا فارض ولا بكر، قالوا: لا بد من معرفة اللون، قيل: صفراء، قالوا: ما سنها؟
قيل: عوان بين ذلك، فتلكئوا وما كادوا يفعلون.
ومحمد عليه الصلاة والسلام طلب من الأنصار الحماية، قالوا: بالأرواح، والنصرة، قالوا: السلاح السلاح.
قال لهم بلال العزم: حي على الصلاة، قالوا: حي على الفلاح.
يقول خطيب الأنصار: {يا رسول الله! أعط من شئت، وامنع من شئت، وصل حبل من شئت، واقطع حبل من شئت، عسى الله أن يريك منا ما تقر به عينك } فقتل هذا الخطيب فاهتز له عرش الرحمن؛ لأن كلماته هزت القلوب، فكيف لا يهتز عرش علام الغيوب؟!
أحدهم ذهب يتعلم في جنيف كيف يصيد الشريعة؟
وصيد غير المعلم حرام؛ لأن الله يقول: مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ [المائدة:4].
عرفناك يوم الجزع تحدو ركابنا فلما ذهبنا عنك أشعلتها حربا
الحسن بن علي هاشمي ولكن ليس رفسنجاني ، أعطاهم الملك بالمجان، أراد الخلافة فتذكر قول جده صلى الله عليه وسلم: {إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين }.
تنازل في مؤتمر القمة ليحقن دماء الأمة تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [القصص:83].
أرسلناك تسابق على الخيل المضمرة من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق، فذهبت تتزلج على الثلوج وتصاحب العلوج، أما سمعت: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة:51] فهل أنت منا أم منهم؟
انتصر عبد الحميد بن باديس ؛ لأنه لا يحب باريس .
وفضح الأمة أحمد بن بلا ؛ لأن زنبيله صنع في مانيلا .
أنت تمازح الخواجات بالرطانة، والله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً [آل عمران:118]
أشياخه صفر الجباه بـدنفر هنري كسنجر خير مروياته
من رقعة المحجوب يروي متنه وسعاد ذات الخال من خالاته
زار أبو سفيان -وهو مشرك- ابنته رملة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فلما دخل البيت رفعت فراش المعصوم خوفاً عليه من غبار الوثنية ، لأن في الحديث: {لا يورد ممرض على مصح } والفراش الأَجَل لا يصلح لمن سجد لهبل.
وأدونيس شاعر الخبث والحداثة والإلحاد، أدونيس أبياته من الشيطان، وروح القدس يؤيد بالقوافي حسان ، ولذلك استطاع شاعر الرسول أن يقول:
وبيوم بدر إذ يصد وجوههم جبريل تحت لوائنا ومحمد
وتقيأ أدونيس بعد أن بال الشيطان في أذنه، فقال:
خرافية تلك أسطورة هي الملة النحلة البائدة
حسان على وزن رضوان، وأدونيس على وزن إبليس: {ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب }.
حسان أزدي زكي من الأزد، وطاغور مزدكي: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [الشورى:7].
تركيا نور نُسي بموت النورسي .
أتاتورك في النار في آخر درك، أتاتورك نجس البحيرة، وأوقع الأمة في حيرة، كسر ظهر الخلافة، ومزق عمامة المفتي، وهدم أعواد المنبر: فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:45].
ألقيت أنت على الناس محاضرة فتبجحت بها في البادية والحاضرة، وعبد الله بن عمرو الأنصاري وجد مقتولاً به ثمانون طعنة فما أخبر أحداً؛ لأن صدقة السر تطفئ غضب الرب، والمحبون يستترون بالليل لزيارة المحبوب.
كم زورة لك في الأعراب داهية أدهى وقد رقدوا من زورة الذيب
أزورهم وظلام الليل يشفع لي وأنثني وبياض الصبح يغري بي
تصدقت أنت على البوسنة والهرسك بخمسين ريالاً، وتمنيت بها على الله الأماني، وخالد بن الوليد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله، ثم أتبعها خيله، ثم أتبعها نفسه.
جهز عثمان جيش العسرة من جيبه، فسمع الثمن نقداً على المنبر: {اللهم اغفر لـعثمان ما تقدم من ذنبه وما تأخر }.
يقول المترفون: أنتم متطرفون! قلنا: أنتم تهرفون بما لا تعرفون، هذه فرية والدليل: وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً [الإسراء:16].
حاول صبيغ بن عسل -هذا ملخبط في الشريعة- أن يلخبط بين الآيات ويشوش في المنهج، فضربه عمر بعصاً حتى أغمي عليه فاستفاق ولسان حاله يقول: أصبحنا وأصبح الملك لله، والحداثيون لخبطوا في الدين لخبطة ويحتاجون دواء كدواء صبيغ ؛ لكن الطبيب مات.
تشفي بسيفك داء الناكثين له وتجعل الرمح تاج الفارس البطل
يقول فرعون لموسى: وفعلت فعلتك، قلنا: وأنت يا مجرم! ما فعلت شيئاً يا أبا الفعايل.
قلنا: أنت يا فرعون! يا أبا الفعايل! ما فعلت شيئاً، أبصرت القذى في إناء موسى ولم ترَ الجذع في إنائك.
إذا محاسني اللاتي أدل بها كانت ذنوبي فقل لي كيف أعتذر
الحجاج في عرفات
وقفوا في عرفات ما يقارب الثلاثة ملايين يسألون رباً غنياً قديراً رحيماً حليماً، عطاؤه كلام وفعله كلام بقوله كن فيكون.
أتيناك بالفقر ياذا الغنى وأنت الذي لم تزل محسنا
وعودتنا كل فضل عسى يدوم الذي منك عودتنا
فما في الغنى أحد مثلكم وفي الفقر لا أحد مثلنا
وقصت ناقة محرماً بـعرفة فقتلته، وصاحب المنهج عليه الصلاة والسلام موجود، فقال: {كفنوه في ثوبيه وجنبوه الطيب، ولا تخمروا رأسه؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً }.
هل تأملت الصورة؟ هل رأيت المشهد؟
إذا أهل هذا الميت من قبره ملبياً وميقاته قبره، ومن تجاوز الميقات يريد الحج بلا إحرام فعليه دم، وهذا يريد الجنة لأنه مطلوب هناك، والجواب: لبيك اللهم لبيك.
أتيناكم نخب السير خبا ونحمل في حشايا القلب حبا
نهيم بينكم شوقاً ونسقي بدمع العين في العرصات صبا
فهيا سامحونا قد أسأنا وهيا فاغفروا يا رب ذنبا
تقرب غيرنا لسواك جهلاً ونحن لقربكم نزداد قربا
رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ [آل عمران:194].
بجانب هيئة الإذاعة البريطانية شاعر عربي قام في الصباح ينشد:
أنت القوي فقد حملت عقيدة أما سواك فحاملو أسفار
يتعلقون بهذه الدنيا وقد طبعت على الإيراد والإصدار
دنيا وباعوا دونها العليا فيا بؤساً لبيع المشتري والشار
يا أيها الذين آمنوا! مالكم لا تنفقون من كنوز الرسالة دنانير الحكم، وصاحب الغلة يقول: {بلغوا عني ولو آية } كل منكم بحسبه، من لم يجد سيفاً فعصا، وافعلوا فعل علي بن عمار هجم عليه الأسد وسيفه معلق في بيته، ولو انتظر وصول السيف لوصل رأسه إلى الأرض على الكيف!! فأخذ هراوة غليظة وفلق بها هام الأسد حتى يأتي المدد، فحياه أبو الطيب المتنبي فقال:
أمعفر ليث الهزبر بصوته لمن ادخرت الصارم المسلولا
إذا لم تلق محاضرة فاحضرها، وإذا لم تدبج خطبة فكلمة: أنفق رجل من بره.. من تمره.. من درهمه.. من ديناره.. من علمه.. من شعره.. من فكره، الذي لا يركب في سفينة الصحوة رضي بأن يكون مع الخوالف، فليس لهم في الغنيمة قسم، ولا في الخيالة اسم، ولا في الديوانية رسم.
بعضهم يحفظ المتون ويجمع الفنون، كتب الحواشي وهو ماشي، قلنا: علِّم، قال: حتى أتعلم، قلنا: أجل درس، قال: حتى أؤسس، فقلنا: هل سمعت: وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:161]؟
قم خاطب الدنيا بنبرتك التي عزفت قلوب الأهل والأصحاب
فمنابر التوحيد من خُطَّابها ومحافل العلياء للخطاب
شبيب الخارجي من الخوارج ، بطل لكنه مبتدع؛ شبيب الخارجي في ستين من أصحابه هزم ثلاثة آلاف، وكان في المعركة ينعس على البغلة من ثباتة الجأش وشجاعة القلب، قلنا: دعونا من نعاس الخوارج فأين نعاس أهل السنة : إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ [الأنفال:11]؟ فنعاس طلحة بن عبيد الله في أحد خير من نعاس شبيب ؛ لأن طلحة متبع وشبيب مبتدع، وطلحة من نكاح وشبيب من سفاح.
قوم أبوهم سنان حين تندبهم طابوا وطاب من الأولاد ما ولدوا
لو كان يُقعد فوق الشمس من كرم قوم بآبائهم أو مجدهم قعدوا
غفار من المغفرة، وأسلم من المسالمة، وعصية من المعصية، ثلاث قبائل وافقت أسماؤها مسمياتها، فقال المعلم العظيم صلى الله عليه وسلم: {غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله، وعصية عصت الله ورسوله } وأقول: وماركس أركسه الله.
دروس وفوائد من الحاضر والماضي
العرب في حزيران:
حارب في حزيران نصراني ونصيري وناصري، فضاع منهم النصر لأن الأنصار غابوا عن المعركة فغاب شعار: إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ [محمد:7] وشعار: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ [آل عمران:160].
ناصريون والجيوش سبايا وكبار الضباط فيهم إماء
وحدويون والبلاد شظايا كل جزء من لحمها أجزاء
ماركسيون والجماهير جوعى فلماذا لا يشبع الفقراء
صاحب المنهج يدرس الطلاب في الفصل وفي الفصل منافقون لم يعرفهم، فأنزل الله: لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ [التوبة:101] فلاحظ التصرفات والتلونات: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ [محمد:30] فلما انكشفوا سمع هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [المنافقون:4].
الأعمش المحدث الكبير الزاهد: أراد السلطان أن يشتري الأعمش المحدث الكبير برسالة فيها فتوى لتكون حبة الطائر، فإذا وقع في الشباك قيل له: نصيبك ما أخطاك، عرف الأعمش العلة؛ لأنه عالم بعلل الأسانيد وتدريس الرجال، فأعطى الرسالة شاة عنده فأكلت الرسالة، وحملها الخطأ؛ لأنها تأكل الرسائل.
فلا كتْب إلا المشرفيات عنده ولا خط إلا بالقنا والقنابل
الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً [الأحزاب:39].
العقيدة الإسلامية لا شرقية ولا غربية، يكاد زيت أصالتها يضيء ولو لم تمسسه نار الشوق، فكيف إذا اجتمع نور الفطرة ونور الاتباع؟!: نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [النور:35].
قال اليهود لموسى عليه السلام: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ [المائدة:24] وقال الصحابة للرسول عليه الصلاة والسلام: {لو استعرضت بنا البحر لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد } فتقطعوا أمامه، فكل بيت فيه قتيل.
سعد وسلمان والقعقاع قد عبروا إياك نعبد من سلسالها رشفوا
في كفك الشهم من حبل الهدى طرف على الصراط وفي أرواحنا طرف
فكن شهيداً على ما في القلوب فما تحوي الضمائر منا فوق ما نصف
فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران:148].......
صورة من تحايل اليهود على الدين
يقول رسولنا عليه الصلاة والسلام: {لعن الله اليهود؛ إن الله لما حرم عليهم شحوم الميتة جملوه فباعوه فأكلوا ثمنه } وذلك يسمع الغناء ويقول: غناء إسلامي، والبعيد يتناول المسكر ويقول: شراب الروح. وعلام الغيوب لا يُلعب عليه كما يلعب على الصبيان، ولا يخادع كما يخادع الولدان: يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ [النساء:142] وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال:30].
الحسن البصري : قال الحسن البصري : يا بن آدم! خالف موسى الخضر ثلاث مرات، فقال: هذا فراق بيني وبينك، وأنت تخالف الله في اليوم مرات ألا تخشى أن يقول هذا فراق بيني وبينك؟!
اغفر اللهم رب ذنبنا ثم زدنا من عطاياك الجسام
لا تعاقبنا فقد عاقبنا قلق أسهرنا جنح الظلام
العالم ينتظر من يدعوه إلى الإسلام، والملة تحتاج إلى حملة التمر مقفزي لكن البخل مروزي: فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ [آل عمران:187].
رفع خبيب بن عدي الصحابي الشهيد، رفعوه على خشبة الموت فأنشد طرباً، وامتلأ عجباً، وقال قصيدة الحب كل الحب، فسمع المحبون لكن عبدة الأصنام في سكرة يعمهون:
ولست أبالي حين أقتل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي
ما يحلو الشعر إلا في المعمعة: وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ [محمد:4-6] قال خبيب للكفار: انظروني لحظة! قالوا: تكتب الوصية؟
قال لسان الحال: لا ميراث، لكن أصلي ركعتين، أراد أن يطيلهما فخاف أن يوصم بالجبن وهو أبو الشجاعة، رفعوه على المشنقة فدعا دعاء القنوت على الكفار، وقال: اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحداً، آمين.
من مواقف السلف في الثبات على الدين
قبيلة خزاعة:
استحت خزاعة من ربها أن ترد الحوض بلا بطل، فأنجبت أحمد بن نصر الخزاعي حامل لواء السنة، محدث بغداد ، رأى المداد يلطخ ثياب طلاب السنة، فعزم أن يلطخ بدمه ثياب المبتدعة، قال له الخليفة الواثق : وافق، قال: لا يا منافق، فنحره بالخنجر فوقع ميتاً لتحيا السنة:
دم أزكى من المسك المصفى وروح في ذكاء الأقحوان
وتاريخ من الإقدام فعم كأن بريقه نصل يماني
وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ [البقرة:154] الصدق حبيب الله، وصل الطعن في الأمة الرقبة، أمة دمها رخيص، ودماء الناس غالية، يتيمها في المحافل يبكي، وشيخها على القديم ينوح، تربية اللحى، وركعة الضحى ثابتة شرعاً، لكن نقض الميثاق وخلط الأوراق من أركان النفاق.
إذا لم تتهجد فاحضر الجماعة في المسجد، الذي يكشف صادقنا من كاذبنا صلاة الفجر والعشاء.
أتى ابن المبارك المحدث الكبير أمير المؤمنين في الحديث إلى زمزم ليشرب فذكر حديثاً من مروياته نصه: {ماء زمزم لما شرب له } فقال: اللهم إني أشربه لضمأ ذاك اليوم، فدمعت العيون.
ابن المبارك يعلم أن زمزم الوحي يشرب منه ليستشفى به من العلل، لكن من يقنع من يطلب العلاج في بروكسل بقناعة ابن المبارك :
من زمزم قد سقينا الناس قاطبة وجيلنا اليوم من أعدائنا شربا
وقال زميلي سلمان وأحسن أيما إحسان:
زمزم في بلدي لكن فمن يقنع الناس بجدوى زمزم
سمع ابن المبارك صياح المجاهدين، وهو يتقلب في الساجدين، ففك لجام البغلة وهتف:
بغض الحياة وخوف الله أخرجني وبيع نفسي بما ليست له ثمناً
إني وزنت الذي يبقى ليعدله ما ليس يبقى فلا والله ما اتزنا
ذهب إلى الشمال، يقطع رءوس الضلال، فلامه الفضيل على ترك الحرم، ولسان الحال يقول: ترك الجهاد حرام، فكتب ابن المبارك إلى الفضيل إلياذة:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك بالعبادة تلعب
فتمنى المصلون عند الركن اليماني أنهم يقاتلون الكفار بالسيف اليماني: فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَاباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ [آل عمران:195].
شرب الخمر شارب في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، فأدبه صلى الله عليه وسلم، وقام العذال فسبوا الشارب، فقال المعصوم عليه الصلاة والسلام: {ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله }.
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد جاءت محاسنه بألف شفيع
الحديد والخشب:
الحديد يتمدد بالحرارة وينكمش بالبرودة -هذه الفائدة تكتب بماء الخشب- والخشب يتمدد بالبرودة وينكمش بالحرارة، وبعض الناس لا يتمدد ولا ينكمش: لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179]
لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي
أحد الرؤساء سجن العلماء، ثم خطب في الدهماء، وقال: أنا إمام عادل كـعمر بن الخطاب ، فقال أحد العلماء: نعم. عمر إمام عادل، وأنت عادل إمام .
تقايس بين طلحة وابن ساوي رعاك الله ما هذا التساوي
فـطلحة مشرق الطلعات بدر وذاك الجلف في الحانات عاوي
أظلمت الدنيا، صدام إمام، وطارق عزيز يؤذن، وعزت إبراهيم يخطب، ومن صلى وراءهم فليعد صلاته، لأن الكيماوي المزدوج في جيب صدام ، والصليب على صدر يوحنا وعزت إبراهيم يطلق الأسكود، وطه ياسين رمضان يصفق لأبطال أم الهزائم.
كلما انخفضت الأسهم ارتفع ضغط الدم؛ لأن الشيك مكتوب عليه: {وإذا شيك فلا انتقش } كل شيك من ربا معه شوكة من لظى: اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا [الطور:16].
علمناك الفاتحة تصلي بها التراويح في الليالي، فتركتها وذهبت تغني البارحة: ما نمت مما جرى لي!
الكلاب تحب الجيف، والأسود تأكل مما تقتل، ومن رضي بأفكار البشر عن وحي رب البشر، فبشره بسقر، لا تبقي ولا تذر.
زياد بري :
براءة من الله ورسوله إلى زياد بري ، شنق علماء المالكية والشنق عند مالك حرام.
مالك لا يرى الشنق، وهو حرام عنده:
جزى الله عنا المالكية ما جزى عن الدين أصحاب الإمام المبجل
هم وردوا حوض المنايا أعزة وقد أنفوا أن يصحبوا كل مبطل
روى البخاري في كتاب الرقاق أن علياً قال: [[إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن الدنيا عمل ولا حساب، والآخرة حساب ولا عمل ]] وفي ترجمته رضي الله عنه يقول: [[يا دنيا يا دنية! غري غيري، زادك حقير، وعمرك قصير، وسفرك طويل، آه! من قلة الزاد وبعد السفر، ولقاء الموت.
يا دنيا! طلقتك ثلاثاً لا رجعة بعدها ]] وعلي لا يرى نكاح المحلل؛ لأنه راوي حديث أبي داود : {لعن الله المحلِّل والمحلَّل له }.
عمر :
لما شمر عمر ثوبة في اليقظة جره في المنام، والقميص في النوم هو الدين واليقين، وأبو حفص أحد الأساطين.
نام عمر بلا حراسة تحت الشجرة؛ لأنه خوف الفجرة، عدل في الرعية، فنام في البرية، كان في التاريخ دُرة، لأن له دِرة فلله دَرُّه.
الكعبة، وحبة القلب، وإنسان العين، كلها سود، فلا عاش الحسود:
يروق لي منظر البيت العتيق إذا بدا لطرفي في الإصباح والطفل
كأن حلته السوداء قد نسجت من حبة القلب أو من أسود المقل
أسامة بن زيد رضي الله عنه أسود، وأبو لهب أبيض، ويوم تبيض وجوه وتسود وجوه، يبيض الأول ويسود الثاني؛ لأن بياض أبي لهب بهرجاني: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [السجدة:16] في الليل إشفاق وفي النهار إنفاق، النوم لذيذ ولكن الخوف أطاره، وبعض العباد كان يتمنى أن يطول الليل:
طاول بها الليل ضن الجفن أو سمحا وما طل النجم مال النجم أو جنحا
فإن تشكت فعللها المجرة من ذوي الصباح وعدها بالقدوم ضحى
أسرار القرآن تبوح في الليل، والخوف والرجاء يتسابقان في الدجى.
في صحيح مسلم ، عن عائشة رضي الله عنها أنها سُئِلت: متى يقوم الرسول عليه الصلاة والسلام؟ قالت: {كان إذا سمع الصارخ وثب } تقول: وثب ولم تقل: قام، وأنت عربي تعرف معنى: وثب، والصارخ: هو الديك:
يُصوت ديك الحي من حر ما بنا ويرثي لنا القمري ويبكي لنا الحجل
إذا ما بكتك الطير فاعلم بأنه تقارب منك العمر بل زارك الأجل
يقول عليه الصلاة والسلام: {نعم عبد الله لو كان يصلي من الليل } فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلاً.
إذا لم تصبر للسهر فركعتان عند السحر وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:25] نحن نتحدث عن الربح وقد وقع النقص في رأس المال، لأن من لا يحضر الفجر جماعة لا يرشح لطاعة، طالب الأمة بالفرائض قبل النوافل، أما قيام الليل فلذلك الرعيل، والخيل المضمرة تسبق الخيل التي لم تضمَّر:
دعنا من التشبيه فـالسلف الأولى قاموا الدجى وتقطعوا في المعترك
هم درجات عند ربك في العلا فلا تقارن حب عمار بحبك
يقول شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري الهروي : عرضت على السيف خمس مرات لا يقال لي: اترك مذهبك، بل يقال: لا تتعرض للمذاهب، فقلت: لا.
قلنا: أما أنت فما سمعنا بمثلك وما عندنا إلا هروي واحد، وما سميت شيخ الإسلام إلا بعد تعب، قالوا لتلميذ الأنصاري هذا قبل أن يقتل: قل لا إله إلا الله؟
فقال: إن شيخي قال لي: إن الدابة لا تسمن في أسفل العقبة، وصدق الأنصاري .
تريد أن تتعامل بالربا فإذا حشرجت النفس تبت، تسمع الغناء فإذا حضر اليقين كسرت العود، تتهاون في الصلاة فإذا حانت الوفاة أذنت: حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ [يونس:90]
أترجو أن تكون وأنت شيخ كما قد كنت في عصر الشباب
لقد كذبتك نفسك ليس ثوب جديد كالخليق من الثياب
فتوى النابلسي في الفاطميين
أفتى النابلسي محدث مصر العظيم، فقال: من عنده عشرة أسهم فليرم النصارى بسهم، والفاطميين بتسعة أسهم، فغلط الجاسوس، فرفع الخبر للسلطان وفيه: فليرم النصارى بتسعة والفاطميين بسهم، فاستدعى السلطان النابلسي وقرأ عليه الخبر، فقال: هذا غلط، حرفتم الفتيا، قلت: يرميكم بتسعة والنصارى بسهم، فصاح السلطان: علي بالجزار والسكين، فصاح النابلسي: قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى [طه:72-73] فأخذه يهودي يسلخ جلده سلخاً بالسكين كما تسلخ الشاة، علقوه بقدميه فأخذ يسبح بأصابعه؛ لأنه من رواة حديث: {من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة، غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر }.
ألم أقل لكم: لن تجدوا أشجع من أهل السنة وقت التضحيات!
السني وقت التضحية يزري بالبعثي والناصري والقومي، لأن السني من سلالة أبطال بدر وأحد ، وأولئك من سلالة أبطال حزيران وأيلول الأسود:
بسيف أبي رغوان سيف مجاشع ضربت ولم تضرب بسيف ابن ظالم
ولو كان سيفي في يمينك لانتحى عليك ولكن فات يوم التلاوم
مطعم العلماء، ومكرم الفقراء: أطعم ابن بقية الوزير المساكين والفقراء وأكرم العلماء، فغار منه السلطان، واحتال عليه حتى قتله وصلبه، فلما ارتفع على الخشبة مصلوباً وقفت الأمة كلها بوقوفه، فطافت به قلوب المحبين، ونامت بغداد على أصوات البكاء، فترجل أبو الحسن الأنباري عن فرسه إلى خشبة الصلب، وسلم على الجثمان ودشنه بتلك القصيدة التي من لم يحفظها ففي تذوقه للشعر نظر:
علو في الحياة وفي الممات بحق أنت إحدى المعجزات
كأنك قائم فيهم خطيباً وهم وقفوا قياماً للصلاة
مددت يديك نحوهـم احتفاءً كمدهما إليهم بالهبات
ولما ضاق بطن الأرض عن أن يواروا فيه تلك المكرمات
أصاروا الجو قبرك واستعـاضوا عن الأكفان ثوب السافيات
لعظمك في النفوس تبيت ترعى بحراس وحفاظ ثقات
وتوقد حولك النيران ليلاً كذلك كنت أيام الحياة
وما لك تربة فأقول تسقى لأنك نصب هطل الهاطلات
أصبحت خشبة ابن بقية مسرحاً تلقى عليه قصائد المادحين، وخطب المثنين، وأصبح من قتله في صغار كأنه طلي بالقار.
الذي يعشق الليالي الحمراء لا يستعيد قرطبة والزهراء ، ومن يستورد أفكارهم من لندن ويسهر على دندن: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة:51].
خرج سعد بن أبي وقاص -بطل القادسية - على الرسول عليه الصلاة والسلام ومعه الصحابة، فلما رأوا سعداً قال عليه الصلاة والسلام: {هذا خالي فليرني كل خاله } فلم يخرج أحد خالاً كخاله، المتحدي قوي والمتحدى به أبي.
فلما حضرت القادسية والجموع الفارسية، حضر الخال يقود الأبطال، فحصل النصر قبل العصر؛ لأن الناصر هو القهار، والقائد خال المختار:
وقفت لك الأبطال تصغي في الوغى ووقفت تخطب بالقنا الخطار
والخيل تسمع والكتائب صفقت وترى الجماجم أحرقت بالنار
أرسل القائد العظيم صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أنيس ليقتل خالد بن سفيان الهذلي ، عدو الدين فقتله واحتز رأسه ليعطي المعصوم البينة على قتله، فسلم الرأس وضمن له صلى الله عليه وسلم الجنة، وشهد العقد الحضور، وأعطاه صلى الله عليه وسلم عصا؛ ليتوكأ بها في الجنة زيادة في التبجيل:
يتوكئون على العصا من هيبة أهل الرزانة في حضور المحفل
قرع العصا عند الخطابة دأبهم لا يتركون الخطب حتى ينجلي
أدخل ابن أنيس رأسه في الجنة لما أدخل رأس خالد الهذلي النار، رأس برأس والجروح قصاص.
أم سليم أنصارية، لا تملك ذهباً ولا فضة، أرادت أن تهدي لمعلم البشرية هدية، فما وجدت أغلى من ابنها أنس ، فدفعته خادماً للإمام، فقال لسان الحال: يا بشرى هذا غلام، فكان ثواب الهدية: {اللهم أطل عمره، وكثِّر ماله وولده، واغفر ذنبه } فسعد الخادم بخدمة المخدوم سعادة لا شقاء بعدها.
أم سليم مهرها من أبي طلحة ؛ لا إله إلا الله، فأخجلت بمهرها كل فتاة تغالي في المهر، يقول عليه الصلاة والسلام: {دخلت الجنة البارحة، فرأيت الرميصاء في الجنة } والرميصاء أم سليم لأن مهرها أدخلها من الباب، فأذن لها الحجاب، عرفت المفتاح فسكنت الدار:
لك الله من مخطوبة عز مهرها تعالت بثوب المجد عن كل خاطب
أبوها من الأعياص زينب أمها وزينب بنت الفضل لا كالزيانب
جابر والجمل
جابر الأنصاري والجمل.
جاء جابر بالجمل فاشتراه الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما قبض جابر الثمن رد عليه الجمل، وقال له: خذ الثمن والجمل، بارك الله لك فيه، قال بعضهم: ليذكره بأن الله هدى أباه عبد الله بن عمرو ثم وفقه للشهادة ثم رد عليه روحه، ثم أدخله الجنة ثم كلمه:
تلك المكارم لا قصور قضاعة الذل في جنبات تلك يصفق
نار تضيء على الثنية في الدجى سرب الجموع على القرى يتدفق
جابر بن عبد الله يقرأ المدح في أبيه كل صباح: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169] ما أجل الذبح! وما أحسن المدح!
ما كان لأهل الصحوة ومن حولهم من المحبين أن يتخلفوا عن قافلة محمد صلى الله عليه وسلم، ذلك بأنه لا يصيبهم ضمأ المشقة والبذل، ولا يطئون موطأً يغيض كل كافر ونذل، إلا كتب لهم في الصحائف كما وعُد بذلك في المصاحف.
أراد المعتصم أن يغزو الروم، قال المنجمون: البرج في الذنب، فلا تخرج للغزو وقت الذنب والعقرب في البروج، قال: ما أعرف الذنب من العقرب، هذا الذنب ومد سيفه، وهذا العقرب ومد رمحه، وأفتاه أبو تمام بجواز الخروج، وقال له في الفتوى:
والعلم في شهب الأرماح لامعة بين الخميسين لا في السبعة الشهب
بهارج وأحاديث ملفقة ليست بنبع إذا عدت ولا غرب
الأنصاري وقل هو الله أحد:
صلى إمام الأنصار بهم، فكان يقرأ في كل ركعة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] مع سورة، فقيل له: إما أن تكتفي بها وإما أن تقرأ غيرها، قال: إما أن أصلي بكم وأقرأها وإما أن أعتزل الإمامة، فسأله المعصوم عليه الصلاة والسلام: {لماذا تقرأها في كل ركعة؟
قال: لأن فيها صفة الرحمن فأنا أحبها -فتوجه بتاج- حبك إياها أدخلك الجنة }:
وداعٍ دعا إذ نحن بـالخيف من منى فهيج أشواق الفؤاد وما يدري
دعى باسم ليلى غيرها فكـأنما أطار بليلى طائراً كان في صدري
أولئك القوم يحبهم ويحبونه، فخلف من بعدهم خلف لا يحبهم ولا يحبونه، والعياذ بالله.
ابن رواحة الأنصاري بايع الرسول عليه الصلاة والسلام في العقبة، وبعد العقد قال: {ربح البيع والله لا نقيل ولا نستقيل } وتفرقا من المجلس، وفي الصحيحين : {البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإذا تفرقا فقد وجب البيع } فجاء ابن رواحة بالثمن فدفعه في مؤتة :
فما مات حتى مات مضرب سيفه من الضرب واعتلت عليه القنا السمر
موقف:
هل سألت الشمس عنا والقمر يوم حررنا من الرق البشر
ولوينا رأس كسرى في الوغى ونصبنا العدل في دار عمر
حال الأمة في العصر الحاضر
أصبحت الأمة مثل قبيلة باهلة، كلما فاخرتها العرب قالت: منا قتيبة بن مسلم لكن مات يرحمه الله، كلما قالت لنا الأمم: انظروا لإبداعنا واختراعنا وإنتاجنا ونتاجنا، قلنا: منا عمر وصلاح الدين والمثنى ، فإلى متى هذا الخداع؟ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [البقرة:134]
إذا فخرت بأقوام لهم شرف نعم صدقت ولكن بئسما ولدوا
أهل السنة ذهب أحمر لا تزيده النار إلا لمعاناً، وأهل البدعة خبث الحديد، يحترق الخبث ويذوب الحديد: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ [الرعد:17].
أحمد بن حنبل شيعه مليون، وأحمدهم ابن أبي دؤاد شيعه ثلاثة لكن بالأجرة.
ذرفت إحدى عيني سعيد بن المسيب رحمه الله من البكاء في السحر، وبقي على عين واحدة، يحضر بها صلاة العتمة، والمرثية تقول:
بكت عيني اليمنى فلما زجرتها عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا
فليست عشيات اللوى برواجع عليك ولكن خل عينيك تدمعا
وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ [المائدة:83] سعيد بن المسيب سجل للمكرمات، وديوان للصالحات، خمسون سنة ما فاتته تكبيرة الإحرام، دائماً في الصف الأول، لأن الرباني يأنف من الصف الثاني.
الوليد بن عبد الملك وسعيد بن المسيب :
خطب الوليد ابنة سعيد ، قال: لا أزوج البليد، فجلدوه مائة بالجريد، كان يجلد في حر المدينة وقتادة بن دعامة السدوسي يستمري الحديد في القرطاس والضرب على الرأس، لماذا لم يزوج سعيد الوليد وهو ولي العهد، لأن العقد لم يتم لمن ينقض العهد: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف:67].
ابن هبيرة الحنبلي :
عطس ابن هبيرة فشمته أهل بغداد كلهم؛ لأنه سني، وأهل السنة يرون مشروعية تشميت العاطس، فانظروا ما أعظم الحب والقبول.
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً [مريم:96].
ابن هبيرة وزير، ولكن لا يعرف الطبلة ولا الزير، استسقى في منى للحجاج فنزل المطر كالأمواج، كنيته أبو المظفر ، يقول فيه الخليفة المستنجد :
ولم نرَ من ينوي لك السوء يا أبا المظفر إلا كنت أنت المظفر
وزهدك والدنيا إليك فقيرة وجودك والمعروف في الناس ينكر
سهل بن عبد الله التستري :
دخل سهل بن عبد الله التستري على أبي داود صاحب السنن ، فسألة بالله أن يلبي مسألته، قال: ما هي مسألتك؟ قال: أن تخرج لي لسانك لأقبلها لأنها روت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ففعل، اللسان السني وصاحبه إمام سنة: وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ [آل عمران:79]:
ألم تر أن الجزع أضحى ترابه من المسك كافوراً وأعواده رندا
وما ذاك إلا أن هنداً عشية تمشت وجرت في جوانبه بردا
محدثان سنيان:
حماد بن سلمة بن دينار وحماد بن زيد بن درهم والدينار عشرة دراهم، وفارق الصرف يخبر بأحسن الرجلين، فهل فهمت الحساب؟ والدراهم كلها سنية، أما درهم المبتدعة فلا يساوي فلساً.
كثرت مجالس اللغو، هذا يتحدث عن دنياه، وهذا عن ديناره، وذاك عن داره، وذاك عن قصره، عندها قال معاذ رضي الله عنه لأخيه: [[اجلس بنا نؤمن ساعة ]] وهذه الساعة لله وفي الله عز وجل، حديث في أسمائه وصفاته وآياته وأفعاله:
يطيب حديثنا فيكم ويحلو ويغلو عند ذكركم الكلام
وأما غيركم فالقلب يأبى حرام مدح غيركم حرام
أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28] فكيف يطمئن قلب من أصعب الأشياء عليه أن تحدثه عن الله عز وجل؟: وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [الزمر:45].
من مظاهر الإسلام في الخلافة الراشدة
أرسل عمر أميراً على بيسان ليقيم هناك السنة والقرآن، فسمر الأمير وغنى في الليل:
إذا كنت ندماني فبالأكبر اسقني ولا تسقني بالأصغر المتثلم
لعل أمير المؤمنين يسوءه تنادمنا بالجوسق المتهدم
فدعاه عمر ، وقال: [[والله لقد ساءني ]] فاستدعاه عمر بعد الخبر، وغضب وبسر؛ لأن الخلافة الراشدة لا تتحمل تبعات الأبيات، واستدعى الوالي فعزله؛ لأن الأمة كانت تعزل والقرآن ينزل، فمات عمر ليبقى صدام في الخلافة خمسين عاماً كلها ذبح للشيوخ والأيتام، وعليكم السلام.
ابن الراوندي يهودي لعله نزعه عرق، ألف كتاب الدامغ يدمغ به القرآن، دمغ الله رأسه في النار، ترجم له ابن خلكان فملس عليه وتسامح معه، كأن الكلب لم يأكل له عجيناً، فأين الغضب للدين والملة؟ ولماذا هذا الإنهزام والذلة؟!
والذهبي من ذهب السنة معدنه، لما ترجم لـابن الراوندي قال: هو الكلب المعثر، لأن الذهبي يكتب بقلم الولاء والبراء، وابن خلكان يسجل بقلم العجائز كان يا ماكان.
أهل السنة ينقدون الرجال، فليس عندهم للتدريس مجال:
أنت يا أستاذ موفور الأدب لا تزك كل من هب ودب
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ [النساء:135].
أيها الإخوة: تمت الحلقة الأولى من محاضرة: مصارع العشاق، والحلقة الثانية -إن شاء الله- في الأسبوع المقبل، وسوف تعاد هذه الحلقة -إن شاء الله- في مدينة عنيزة بـالقصيم مساء الإثنين، فأسأل الله العظيم لي ولكم التوفيق والهداية.
اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
أشكركم على الحضور، ولي تحية لمن حضر من المصطافين، وأخص الشباب من الإمارات العربية المتحدة ، وأرحب بإخوتي الطلاب الذين هم في أيام الامتحان ومع ذلك آثروا الحضور، وسامحوا بأوقاتهم، وطلبوا مرضاة الله عز وجل، واحتسبوا الأجر، وسعد بهم هذا الجامع، وارتفعت أنفاسهم إلى الذي يصعد إليه الكلم الطيب، وحفتهم الملائكة، وتنزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده، أسأل الله أن ينجحهم في الامتحان، وأن يثبتنا وإياهم في الدنيا والآخرة، وأن يتولانا في الدارين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
في هذا الدرس المبارك:
جمع الشيخ حفظه الله من التاريخ والسير فوائد وعبراً، وصاغها بكلامه، فخرجت كالدرر.
تكلم فيه عن أحوال عشاق الحق والباطل.
فانظر أيها القارئ الكريم في أوضاعك، وتأمل في أحوالك؛ لتعرف في أي الطريقين أنت.
مقدمة في دعاء الله والثناء عليه
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أمَّا بَعْد:
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته
هذا اليوم التاسع عشر من شهر ذي الحجة عام (1412) من هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام، وهذه المحاضرة هي الحلقة الأولى من درس بعنوان: (مصارع العشاق) وهذه بنيات فكر ضمرت مرائرها، وسرحت ضفائرها، سموها ما شئتم، مقامات أدبية، أو صولات خطابية، إلياذة أو ملحمة، المهم أنني آمنت بأفكارها، وتبطنت أسرارها، فإن كنتم ممن يدخل في هذا العنوان: (مصارع العشاق) فحسن؛ وإلا فقد حصل الاتفاق، فالسماع يكفي، والحضور يشفي، ولعل من هو أورع مني يلومني ولم يدر عني، حيث أني أركبت الكلام مركب المجاز، والظاهر عندي الجواز، ولكن -أيها الإخوة الكرام- أستأذنكم في هذا الهتاف:
وقفنا ببابك يا ذا الملك وزرنا رحابك والملك لك
وجئناك نطوي قفار السهاد وما خاب يا رب من أملك
اللهم فأجزل العطيه، واغفر الخطيئة، وأصلح النية، وأحينا الحياة الرضية.
اللهم إن سلاطين الأرض أغلقوا الأبواب، ووضعوا الحجاب، وسدوا حاجات الطلاب، وبابك مفتوح، ونوالك ممنوح، وخيرك يغدو ويروح.
اللهم فأصلح القلوب، واغفر الذنوب، واستر العيوب.
يا رب أول شيء قاله خلدي أني دعوتك في الآصال والسحر
فوالذي قد هدى قلبي لطاعته لحب دينك في سمعي وفي بصري
يا كريماً! الكرماء بخلاء عند جودك.
يا قوياً! الأقوياء مهازيم في قيودك.
يا قاهراً! النواصي في قبضات جنودك.
اللهم فارحم الفجيعة، وصل القطيعة، واغفر الذنوب الفضيعة، واحمنا بالأستار المنيعة، وأدخلنا الرحمة الوسيعة.
اللهم خذ الكفار والمنافقين، واسحق الفجار والمارقين، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً.
اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والدعاة والعلماء والصالحين بسوء فأبطل بأسه، ونكس رأسه، واجعل النار لباسه، وشرد بالخوف نعاسه.
اللهم من دبر لأوليائك المكائد، ولعبادك الشدائد، فقطِّع مفاصله، وأصب مقاتله، واحبك سلاسله، وانسف معاقله.
اللهم يا من أنجى من النار الخليل، وأيد اليتيم بجبريل، ودمر أبرهة والفيل، ومزق الغزاة بطير أبابيل، نسألك أن تكف كف المعتدي، وأنت تلوي ساعد الردي، وأن تمنع الأخيار من كل يد.
وكنت إذا الطغيان أظهر بأسه وسل علينا سيفه وخناجره
دعوتك فاستنهضت بالفضل نصرتي فزلزل بالعزم الأكيد محاجره
اللهم إن ألسنتنا سبحت في علاك، ورءوسنا ما سجدت لسواك، يا من ترانا ولانراك، لا نعبد إلا إياك، نسألك أشرف المنازل في القصور، وسكن الجنة بالحبور، ومصاحبة النعيم والحور، والنظرة والسرور.
شجون في رضاك سرت حنينا وذاب القلب مما قد لقينا
وظل الدمع يخلف في المآقي شذا نفحاته من ياسمينا
ويهتف كل قلب فيك حباً كأن نداءه من طور سينا
اللهم إن الملاحدة ما صلوا وصلينا، وما قاموا وقمنا، هجروا السجود وسجدنا، وحاربوا بالباطل من عبدنا، اللهم كما وعدتهم الوعيد، وزلزلت قلوبهم بالتهديد، اللهم فأصلح بالنا، وحسّن حالنا، وقوِّ حبالنا، وأكرم مآلنا.
اللهم يا من على العرش استوى، وعلى الملك احتوى، يا مرسل المعصوم فلا ينطق عن الهوى، وما ضل وما غوى، اللهم فاهدنا إذا دجت الظلمات، وأنقذنا إذا احلولكت الشبهات، وأكرمنا في أرفع الدرجات، وأجزل لنا الأعطيات.
لعمرك كم يجوب الهم صدري وطرف محاجري بالوجد يسري
أداوي أضلعي بالكي أرجو سلامتها فتصليني بجمري
اللهم يا من لا تعجزه الحاجات، ولا تضطرب لديه الأصوات، ولا تختلف عليه اللهجات، ولا تنقص جوده الهبات، اللهم فنفحة من نفحاتك، ورحمة من رحماتك، ونور من قبساتك، اللهم فاشف العلة، وسد الخلة، وانصر الملة، وارحم الذلة، اللهم أطلق المسلمين من المعتقلات، وسرح المأسورين من الزنزانات، واغفر للآباء والأمهات، وارحم الأحياء والأموات.
أنا عند الباب من أهل الحرم ودموعي كلها في الملتزم
أنا ذاك العبد من أخطاؤه في سجل خطه ذاك القلم
إن يكن يا رب عتبٌ ظاهرٌ فاعف عن أخطائنا يا ذا الكرم
......
حال الأمة اليوم
نحن أمة تسأل عن دم البعوضة، وتهريق دم الحسين ، لبست قميص المثنى بن حارثة ، وفي يدها حربة بابك الخرمي .
حج محمد عليه الصلاة والسلام ليقول للحجاج: أنا كأفقركم، ففهمها الفطناء؛ لكن أبا جهل ما حضر الموقف، نحن عرب بلا عمر ، وأكراد بلا صلاح الدين ، وأتراك بلا فاتح ، وهنود بلا إقبال ، وأفارقة بلا بلال .
وزرنا البيت أيتاماً كباراً حملنا المزعجات بلا بكاء
جسم الأمة كله جراح يوم عرفة ، جؤار البوسنة والهرسك أخجل أهل الموقف، وخلاف الأفغان أزعج المحرمين، وضياع بيت المقدس نكس رءوسنا عند الصخرات، من لم تنفعه عينه لم تنفعه أذنه، ونحن كذبنا ما سمعناه بآذاننا وقد رأيناه بعيوننا.
لقد نصحتك عينك في نهار من التبيان حتى سال ماها
حج عمر فأنفق عشرين درهماً، وقد ختم بالرق على عنق كسرى وقيصر، وقد حججنا ندوس الحرير، ونستخشن الديباج، ونحن نسبح للرق في أدبار الصلوات.
أما الخيام فإنها كخيامهم وأرى رجال الحي غير رجالهم
صحن طعامنا مكسور؛ لأنه ما صنع في المدينة ، وخيمتنا ممزقة؛ لأن أطنابها مستوردة، ونسينا: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ [النساء:65].
نحن ثلاثة حجاج ضاع رابعنا، حاج في عرفة وماله في البنك الربوي، وحاج في مزدلفة ولكنه بات مع نغمة ووتر، وحاج رمى الجمَرات وأشعل في قلوبنا الجمْرات، والرابع أشعث أغبر رُفعت دموعه إلى العرش.
لا تسل عن خلدي قد ضاع مني عدَّني في زحمة أو عَدِّ عني
......
مقارنة بين عشاق الحق وعشاق الباطل
عشق بلال الجنة فأمهرها ركعتين مع كل وضوء، فسمع صاحب العقد دفَّ نعليه عند الباب المخطوبة، فعرف أن ليلة العرس قد حانت.
ألم تر أني كلما زرت زينباً وجدت بها طيباً وإن لم تطيب
وقصر بلال تلوح عليه أحرف: وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الزخرف:72] وعشق أبو جهل النار فصعبت عليه لا إله إلا الله؛ لأن نافخ الكير تزكمه نفحة المسك.
قيل لـأبي جهل : قد أقام بلال الصلاة فصل وراء الإمام؟ فقال: لست على وضوء، فمات قبل أن يصلي.
قيل لـأبي جهل : لماذا تدخل النار؟ قال: لأني عاشق.
لا تلمني في هواها والجوى فأنا من لومكم في صمم
صاح في وجه أبي جهل لسان القدر: وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ [فصلت:19].......
عشق أبي مسلم للرياسة
أبو مسلم الخراساني عشق الإمارة حتى الثمالة، فعاش من أجلها وهاش، وسكر في حبها وطاش، بقر بطون المساكين بالخنجر فبقر بطنه أبو جعفر .
كل بطَّاح من الناس له يوم بطوح
تعلق بغير الله فعلقه أقرب الناس إليه بقدميه: وكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [الأنعام:129].
أبعين مفتقر إليك نظرت لي فأهنتني وقذفتني من حالقِ
لست الملوم أنا الملوم لأنني علقت آمالي بغير الخالق
جعل الرياسة تميمة في عنقه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: {من تعلق تميمة فلا أتم الله له }.
عشق أبو مسلم الخراساني المنصب فما تراجع عنه، والتراجع حرام عند العاشقين.
مقارنة بين عشق أهل البدعة وعشق أهل السنة
أيها الناس! أيها البررة: مات الجعد بن درهم في حب البدعة فما أحس للذبح في هوى المحبوب ألماً، فلماذا يألم أهل السنة من الذبح لحب السنة والله يقول: إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ [النساء:104].
سقيناهم كأساً سقونا بمثلها ولكننا كنا على الموت أصبرا
خرج خالد القسري على الجعد بن درهم بالسكين فما تاب المسكين؛ لأنه عاشق! والعاشق يقول:
والله لو قطعوا رأسي لأهجرها لسار حول حماها في الهوى رأسي
الجعد بن درهم ممن زُيِّن له سوء عمله فرآه حسناً، صاح النذير لأبطال السنة بلسان: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ [آل عمران:140] فما أحسوا للمس حساً.
تحدى أحمد بن حنبل الدنيا في حب مبدئه الحق؛ فتكسرت السياط على البساط، وأبو عبد الله يضحك في وجوه المنايا، والوحي يهتف: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ [الفرقان:58] ليعلم أحمد أن المتوكل سوف يتولى وأن المعتصم يموت.
في قاموس أحمد بن حنبل حديث قدسي: {وعزتي وجلالي ما اعتصم بي أحد فكادت له السماوات والأرض إلا جعلت له من بينها فرجاً ومخرجاً }.
أراد أهل البدعة أن يصرفوا عن الحق أحمد فما انصرف؛ لأنه أحمد ممنوع من الصرف.
عجباً كيف شربت الموت شربا وجعلت السيف للعلياء دربا
عجباً كيف تحديت الملا وسقيت الرمح حتى صب صبا
كنا أطفالاً نسمع بـأحمد بن حنبل فحسبناه مفتياً في الزوايا، فلما كبرنا علمنا أنه معلم جيل وعالم أمة، وشيخ حياة.
الحجاج : من العاشقين. عشق الدماء كما عشقت امرأة العزيز يوسف، فجرد السيف على عشاق الملة فشقي بـسعيد ، وكسر بـابن جبير منارة الدين، الرجل محنط، فما سمع من سكاره: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً [النساء:93].
أحد الفنانين رقص على نغمة:
أخبروها إذا أتيتم حماها أنني ذبت في الغرام فداها
وتراقصت أطراف جعفر الطيار على زمجرة
يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وبارد شرابها
طارت روح جعفر إلى الجنة فأعطاه مولاه جناحين يطير بهما حيث يشاء، والذي يطير أعظم ممن يسير، يقول الشاعر:
نطير إليك من شوق الحشايا وبعض الناس نحوكم يسير
حمل أبو بكر الصديق الصدق فسار في قافلة: وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ [الزمر:33] سمي بـالصديق فلا يعرفه العالم إلا بـالصديق ، وصار خليفة الصادق المصدوق، وحمل مسيلمة الكذاب رداء الكذب، فهو في زنزانة ألا لعنة الله على الكاذبين، فلا يعرف مسيلمة إلا بالكذاب.
أراد خالد بن الوليد أن يداوي مسيلمة الكذاب من الكذب فما نجح العلاج فقطع رأسه ليزول الألم بالكلية.
عشاق الصدق يموتون من أجله، وعشاق الكذب أكثر يقتلون تحت نعله.
مقارنة بين عشق الطغاة وعشق الأولياء
جمال وسيد :
سجن جمال سيداً ليقول له: يا سيدي! فقال له: لا. السيد هو الله. فذبحه؛ فأحيا الله بقتله فكره، ورفع بذبحه ذكره، ومات جمال بقتله ميتة البغال، فتعوذ الناس من ذكره في المحافل لأن سيداً من فصيلة: أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ [المجادلة:22] وذاك من فصيلة: أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ [المجادلة:19].
قضوا وألسنة الأجيال تلعنهم وأتبعوا في اللحود السود تبكيتا
أسماؤهم في رؤى التاريخ مظلمة كم مجرم كان في الإفساد خريتا
أصبع محمد عليه الصلاة والسلام:
جرحت أصبع رسولنا صلى الله عليه وسلم فسال الدم الطاهر فقال:
إن أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت
لأن من قرب روحه للرحمن لا ييأس على أصبعه، ومن انتظر أن يسيل دم ظهره لا يبكي على دم ظفره.
حرام بن ملحان :
روى البخاري أن حرام بن ملحان طعن بالرمح من قفاه -وهو أحد الصحابة- فأخذ دم صدره ورش القاتل وهو يقول: فزت ورب الكعبة.
شهد له دمه أنه محب وأقام دليل المحبة، فسلوا رمح القاتل! فالبينة على المدعي واليمين على من أنكر.
يأتي حرام بن ملحان يوم القيامة وكلمه يُدمى، الريح ريح المسك واللون لون الدم.
تفوح أرواح نجد من ثيابهم عند القدوم لقرب العهد بالدار
الشيح والكاذي والريحان قد عبقت يا موقد النار أطفئ شعلة النار
المهدي : دخل المهدي خليفة بني العباس المسجد والعلماء جلوس، فلما رأوه قاموا وقعد ابن أبي ذئب المحدث؛ لأن الذئاب لا تقوم للثعالب، فقال له: لِمَ لَمْ تقم لي؟ فقال: كدت أفعل فذكرت يوم أن يقوم الناس لرب العالمين فتركت القيام لذلك اليوم.
قال الخليفة: اجلس فقد أقمت شعر رأسي، فقامت الدنيا لـابن أبي ذئب لأنه ما قام، والقيام مع القدرة، ولا قدرة لمن يدخر قيامه لمولاه.
سعيد الحلبي : مد سعيد الحلبي : رجله في المسجد فدخل السلطان عليه فما رد رجله، فأعطاه مالاً، فقال سعيد : إن الذي يمد رجله لا يمد يده، ولو مد سعيد يده لقطع السلطان رأسه.
أنا لا أرغب تقبيل يد قطعها أحسن من تلك القبل
إن جزتني عن صنيعي في رقها أولى فيكفيني الخجل
الكافر يولد مرة ويموت مرتين، والمؤمن يولد مرتين ويموت مرة.
الكافر جثماني بليد، والمؤمن روحاني مجيد.
الهدهد وفرعون:
الهدهد أذكى من فرعون؛ لأن الهدهد أنكر على بلقيس سجودها للشمس، وفرعون قال: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي [القصص:38].
رزق الهدهد يخبئه في الأرض، فلما عرّف الهدهد ربه، قال: الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [النمل:25]. أحب الهدهد رب العالمين فأتى سليمان من سبأ بنبأ يقين، وفرعون مهين دس أنفه في الطين، وكفر برب العالمين.
الهدهد آمن في الرخاء فنفعه إيمانه في الشدة، وفرعون كفر في الرخاء فما نفعه إيمانه في الشدة، بل قيل له: يا فتان آلآن؟ فات الأوان.
قد مضى الركب وخلفت لوحدك فابك ما شئت ولا تأنس برشدك
عبد الدينار يرد النار، كلما كثرت دراهمه دار همه.
إمامه قارون ، خرج في زينته فدفن في طينته، صاح متكبراً! إنما أوتيته على علم عندي، قيل له: عندك أو عندنا؟
هيا إلى الدور الأرضي وخذ دارك معك: فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ [القصص:81].
دراهم أبي بكر الصديق ختمت بـ: يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى [الليل:18] ودراهم أمية بن خلف عليها: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ [الهمزة:1].
أعطي أبو بكر حلة: وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى [الليل:17] وألبس أمية قميص: فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ [الأنفال:36].
لشتان ما بين اليزيدين في الندى يزيد بن عمرو والأغر بن حاتم
فهم الفتى الأزدي إتلاف ماله وهم الفتى القيسي جمع الدراهم
فلا يحسب التمتام أني هجوته ولكنني فضلت أهل المكارم
من تضحية المؤمنين وتخاذل المنافقين
يا أحفاد حنظلة ! يا أبناء حنظلة : اسمعوا قصة حنظلة :
سمع حنظلة مؤذن الجهاد في أحد وعليه جنابة، فطار إلى سيفه، وصب دمه مع دماء الأبرار، وقدم لحمه مع لحوم الأخيار، وهذه الكتائب: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج:37].
يا حنظلة ! ثمر شجرك ما حنظل، وحب زرعك قد سنبل، قبل أن تدخل الجنة تغسل.
أملاك ربي بماء المزن قد غسلوا جثمان حنظلة والروح تختطف
وكلَّم الله من أوس شهيدهم من غير ترجمة زيحت له السجف
تلاميذ عبد الله بن أبي يحفظون: لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ [المنافقون:7] وينسون: وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [المنافقون:7] فيسرقون لقمة العيش من على الشفاة، ومداوي الداء بالداء عله وما شفاه.
عبد الله بن أبيَّ فاكهته لحوم الصحابه، ومصحفه الربابه وسهامه طائشه؛ لأن الصيد عائشة .
أتدري من رميت وكيف تدري فما أعماك عن شمس وبدر
رميت البدر بالبهتان كيداً ونور الحق محفوف بفجر
درسنا قصة طه والطبلة، فألهانا طه عن: طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى [طه:2] والذي حفظ قصة الطبلة خرج أبله، وقيـَّم المدرسة أرقم ألغى منهج دار الأرقم بن أبي الأرقم .......
أنس بن النضر وعشقه للجنة
صاح أنس بن النضر : [[إني لأجد ريح الجنة من دون أحد ] فقتل على مبدأ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1].
بحثت عنه أخته فما عرفته قتيلاً إلا ببنانه؛ لأن عشاق الجنة يحتاجون إلى شهود، وقد كتبوا شهادتهم بخطوطهم على جسم أنس ، فكل جرح يقول: مَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ [يوسف:81].
قالوا لأحد المنافقين: جاهد لتؤجر، قال: أخاف بنات بني الأصفر. قيل له: تضحك على من؟ ونزلت: أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا [التوبة:49] فضحهم الوحي فلما انقطع الوحي فضحهم حملته، وقال أحدهم: أنا لا أخشى بنات بني الأصفر ولكن: لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ [التوبة:81] فما أصبح الأمر سراً: جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً [التوبة:81].
تفر من الهجير وتتقيه فهلا من جهنم قد فررتا
وتشفق للمصر على الخطايا وترحمه ونفسك ما رحمتا
عاشق الشهادة تأتيه على الفراش، قال صلى الله عليه وسلم: {من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه }؛ لأن الحب يفتت الأكباد: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69].
نسيت في حبك الدنيا وما حملت وبعت من أجلك الأنفاس والنفسا
عبد الفتاح إسماعيل وعشقه للشيوعية
عبد الفتاح إسماعيل :
قيل لـعبد الفتاح إسماعيل : في عدن : من ربك؟
قال: لينين . قيل: من نبيك؟
قال: استالين . قيل له: حشرك الله مع الملاعين.
قال: آمين.
يا ضعيف العزم! وأنت من أهل السنة بقي عبد الفتاح هذا يدعو إلى الشيوعية أربعين سنة في عدن الإسلامية، فهل دعوت أنت في أربعين ليلة إلى العقيدة الإسلامية في الجزيرة العربية .
يا كسلان! عبد الفتاح هذا قُتل على غير الجادة فردد مع آخر الأنفاس: لا إله والحياة مادة، يدرِّس الإلحاد مع الظمأ والمجاعة وأنت مع الترف ما تدرس منهج أهل السنة والجماعة .
يا شباب الصحوة: مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ [التوبة:38] وشباب عبد الفتاح انتشروا في الطول والعرض.
أتباع كارل ماركس يدرسون مذكرته في الكادحين، ونحن لم ندرس طلابنا رياض الصالحين .
وصاحب باطل جلد صبور تسيل دماؤه من طول صبره
وذو حق ضعيف الرأي فدم يسيل لعابه من رأس ظفره
الفاروق :
دعا الفاروق أبو حفص فقال: [[اللهم إني أعوذ بك من جلد الفاجر وعجز الثقة ]] لأن الفاجر أحال العراق إلى بعث، وحلب إلى نصيرية وأرض الكنانة إلى ناصرية إلا من رحم ربك، وأما الثقة فاعتذر بأشغاله عن تدريس الحموية والواسطية .
بقي ميشيل عفلق يستغوي الجيل ليلاً ونهاراً وسراً وجهاراً يحفظهم في الابتدائية:
آمنت بالبعث رباً لا شريك له وبالعروبة ديناً ماله ثاني
ويحفظهم في المتوسط:
لا تسل عن عنصري أو نسبي أنا بعثي اشتراكي عربي
فلما سمع ذلك حكمتيار طار، وأنشد في الجيش الجرار:
نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا
قيل لـحكمتيار : ادخل كابل ؟
قال: لا. حتى يخرج منها أولاد الهرة بالمرة.
الحق أبلج والسيوف عوار فحذار من صولات حكمتيار
وحذار من جيش خميس بعده يصلي العدو بغيمة من قار
حكمتيار لا شرقي ولا غربي؛ لأن شيخ حكمت علمه الكتاب والحكمة، تاجه حنيفاً مسلماً، ومن كان منهجه أبيض نسي البيت الأبيض.
درس الطلاب التدمرية لـابن تيمية ، فنجح (20%) لأنها: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ [الأحقاف:25].
كان ابن تيمية يعلم الشباب، فسجنه الحجاب: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ [الحديد:13].
هل سمعت نشيدة شيخ الإسلام ؟
ولكنها من الشعر المنثور، لأن العبيد لا يفهمون إلا الشعر الحر. يقول: أنا جنتي وبستاني في صدري، أنَّى سرت فهي معي، قتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة، وسجني خلوة.
كتب القصيمي عن ابن تيمية : (في الصراع بين الإسلام والوثنية ) لكن ابن تيمية أصيل والكاتب عميل؛ لأن الكاتب وارد بتروماكس، ومن فصيلة كارل ماركس : آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ [الأعراف:175].
واحسرتاه على السبورة والطبشورة والملعب والكورة.
أأشقى به غرساً وأجنيه ذلة إذاً فاتباع الجهل قد كان أحزما
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ولو عظموه في النفوس لعظما
قال الحجاج لعجوز: والله لأقتلن ابنك؟
قالت العجوز: لو لم تقتله مات، وهذا من ذكاء العجوز، ولكن الطغاة لا يفهمون الرموز: قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ [الجمعة:8].
أرسلنا شاعرنا إلى المربد ليغرد فعربد، ظننا أنه بالدين سوف يصول ويجول فذهب قليل الحياء يسب الرسول.
نبهناه فما أدرك؛ لأن الرجل مجمرك: أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً [الفرقان:44].
شعراء مدحوا صداماً قبل الغزو وذموه بعده، قلنا: كشفناكم يا أوباش الولد للفراش. هؤلاء لا ينفع معهم الوعظ؛ لأن المنافقين بعضهم من بعض.
موشي ديان :
قاتلوا موشي ديان في حزيران، فهربوا كالفئران؛ لأنه لم يحضر المعركة سيف الله أبو سليمان .
وأطفأت شهب الميراج أنجمنا وشمسنا وتحدت نارها الخطب
وقاتلت دوننا الأبواق صامتة أما الرجال فماتوا ثمّ أو هربوا
أشار شامير ، قالوا: ما ذا تريد؟
قال: مدريد . فركبوا بالبريد فسحقاً للبليد.
قيل للرستمي : ألا تحج البيت العتيق؟ فأنشد بنغمة العاشق؛ لأنه عاشق:
حجي إلى الباب الجديد وكعبتي الباب العتيق وبالمصلى الموقف
والله لو عرف الحجيج مكاننـا من زندروس وجسره ما عرفوا
أو شاهدوا زمن الربيع طوافنا بالخندقين عشية ما طوفوا
زار الحجيج منى وزار ذوو الهوى جسر الحسين وشعبه واستشرفوا
ورأوا ظباء الخيف في جنباته فرموا هنالك بالجمار وخيفوا
أرض حصاها جوهر وترابها مسك وماء المد فيها قرطفوا
قلت: أما سمع هذا بقوله سبحانه في تلك الدار: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [الزخرف:71] وعند ابن ماجة قال صلى الله عليه وسلم: {ألا مشمر للجنة؛ فإن الجنة -والذي نفسي بيده- نور يتلألأ، وقصر منيف، وشجرة تهتز }.
الخُطَّاب كثير؛ ولكن المهر غالي.
من صفات الخاطب: أن يترنم بالقرآن في السحر، وكثير من الخطاب ينام عن صلاة الفجر.
ومن صفاته: أنه يقدم مهجته حلية للمخطوبة وبعضهم يبخل بدرهمه:
ثمن المجد دم جدنا به فاسألوا كيف دفعنا الثمن
واسألوا ما ذا فعلنا في الوغى يوم هال الهول فيها ودنا
الذبح للعاشق في سبيل معشوقه برد وسلام.
الرسول صلى الله عليه وسلم والإبل:
ذكر المجد في المنتقى أن رسولنا صلى الله عليه وسلم لما أراد أن ينحر الإبل في منى تسابقت إليه أيها ينحر أولاً، فمن أخبر البعير أن صاحب الحربة هو البشير النذير والسراج المنير، ما فرت الإبل وهو ينحر وما استقرت بل أقبلت ودنت؛ لأن التولي يوم الزحف حرام.
ويقبح من سواك الفعل عندي وتفعله فيحسن منك ذاكا
على عمد من التوفيق قدماً أحبك من أحبك واصطفاكا
خطب صاحب المنهج العظيم صلى الله عليه وسلم في جنوده يوم بدر فأخبرهم أن بينهم وبين الجنة القتل، من يقتل يدخل، ومن يُذبح يفلح، فقام عمير بن الحمام ورمى التمرات، ولسان حاله يقول: خذوا تمركم فالغداء هناك، وإجابة الدعوة واجبة، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، وكيف يجيب الأمر من ألهاه التمر؟
لله درك والردى متكالب والمشرفية تسحق الأبطالا
ووقفت تخطب والرءوس تطايرت أسقيت سيف العز حتى سالا
محمد بن حميد الطوسي :
حضر محمد بن حميد الطوسي المسلم القائد الشهير القتال مع الروم، فوقف يقطع رءوسهم من الفجر إلى الظهر، وما أحسن الذبح على الطريقة الإسلامية! فرَّ أصحابه فخجل أن يفر؛ لأن صاحب الشريعة لا يقر، فتكسر سيفه ومال رأسه فكفنه أبو تمام بقصيدته الخالدة:
لقد مات بين الضرب والطعن ميتة تقوم مقام النصر إن فاته النصر
تردَّى ثياب الموت حمراً فما أتى لها الليل إلا وهي من سندس خضر
ثوى طاهر الأردان لم تبق بقعة غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبر
عشق النبي صلى الله عليه وسلم وأًصحابه للموت وزهدهم في الدنيا
وقف قائدنا عليه الصلاة والسلام أمام الكتيبة فسل السيف، وقال: {من يأخذ هذا السيف مني؟ } فكلهم رفع يده وظنوا أن السيف جائزة فقال: {من يأخذه بحقه؟ } فعلموا أن في المسألة سراً، فتوقفوا وألح أبو دجانة في الطلب وسأل القائد: ماحق السيف؟ فقال: {أن تضرب به في الأعداء حتى ينحني } فأخذه أبو دجانة يعدل به رءوس الضلال مرة في اليمين ومرة في الشمال، ينشب السيف في الجماجم فيهزه هزاً، لأن في الجماجم مسامير اللات والعزى، أخرج عصابته الحمراء من الجلباب، فقال الناس: خطر ممنوع الاقتراب.
ومن تكن الأسد الضواري جدوده يكن زاده رفداً ومطعمه غصبا
فحب الجبان النفس أورده البقا وحب الشجاع الحرب أورده الحربا
......
مواقف وعبر من التاريخ
عندنا نحن أعظم ميراث عرفه التاريخ، وأكبر ثروة رأتها الدنيا، عندنا متون من الوحي، ما اختلطت بالطين؛ لأنها من رب العالمين، لكن الطلاب كسالى، المرعى أخضر لكن العنز مريضة، وثيقتنا نحن المسلمين كُتبت من أربعة عشر قرناً، خُطب بها على منابر المعمورة، وصُلي بها في محاريب القارات، وأُذِّن بها على منائر الكون.
والوحي مدرستي الكبرى وغار حرا ميلاد عمري وتوحيدي وإيماني
وثيقتي كتبت في اللوح وانهمرت آياتها فاقرءوا يا قوم قرآني
معجزتنا نحن أن معلمنا أميّ أعجز البلغاء، لا يكتب وقد أفحم الكتبة، ولا يقرأ ولكنه بذَّ القرّاء: وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ [العنكبوت:48].
وقف في عرفة صلى الله عليه وسلم محرماً أشعث أغبر ليخاطب الدنيا، فقال له مولاه في الموقف: وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي [المائدة:3] فعلم أن النعمة ليست في ناقته القصواء ولا في حصيره الممزق الذي أثر في جنبه، ولا في درعه المرهون عند اليهود، ولا في الحجرين المربوطين على بطنه، إنما نعمته دعوته، وحبوره نوره، وسروره سيرته: وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى:52].
صلى الله عليه وسلم، ما سكن قصراً والذين من بعده يغنون في القصور، وما بنى داراً والأدعياء يلمِّعون بالذهب الدورْ.
عقدة الوليد بن المغيرة في كفره بصاحب السيرة أنه ليس له صلى الله عليه وسلم كنز، وليس له جنة يأكل منها، وما علم أن صاحب الكنز والبنز والجنز لا يرشح للعز.
تركت الثرى خلفي لمن قل ماله وأوردت قلبي في عظيم الموارد
أعيناي كفا عن فؤادي فإنه من الظلم سعي اثنين في قتل واحد
فعل دستم مع حكمتيار كما فعل رستم مع عمار : أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ [الذاريات:53] دستم من رستم من طينة هليا مريام ، الله كم دنستم، غرتكم الأماني حتى جاءكم الحق وتربصتم.
الله أكبر يا سني! تبخل بأضحية يوم النحر والنصيري ضحى بثلاثين ألفاً من أهل السنة في حماة .
النصيريون يجودون بالنفوس، وأهل الملة يبخلون بالتيوس.
أوما شهدت الخيل تعثر بالقنا حتى السبايا جردت بالمشهد
والمارد الجبار يخطر سيفه في رأس كل مكبر وموحد
تمزقت الأمة في هذا العصر، فالبعض ذبح والبعض في الأسر، ومن نجا نسي وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ [الأنفال:72].
ما ذا التقاطع في الإسلام بينكم وأنتمُ يا عباد الله إخوان
......
المعتصم في عمورية
الآن مع المعتصم :
طار صوت المفجوعة من عمورية يعبر المحيطات، ينادي: وامعتصماه! فوصل الصوت قبل الصورة؛ فصاح المعتصم : قربوا أفراسي، وهاتوا أتراسي.
الجنسية مسلم، والنسل عباسي، أحرق المدن المعتصم ؛ لأن ليلة النصر تحتاج إلى بخور، وهو ممن يرجون تجارة لن تبور، فغردت كتائبه وتراقصت ركائبه على إلياذة:
أجبت صوتاً زبطرياً هرقت له كأس الكرى ورضاب الخرَّد العرب
أبقيت جد بني الإسلام في صعد والمشركين ودار الشرك في صبب
المعتصم أبوه الرشيد ، وجده ابن عباس فما أذعن لـيوحنا ولا توماس : ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ [محمد:11].
زياد بن أبيه أمه سمية يريد بني أمية، أنجب عبيد الله السمين ليقتل الحسين ، جنود عبيد الله كالعجول يكبرون لمقتل ابن البتول:
ويكبرون بأن قتلت وإنما قتلوا بك التكبير والتهليلا
علي بن أبي طالب في خيبر
خيبر :
خربت خيبر لماذا؟
لأنها بنيت على شفا جرف هار، حجر الزاوية كعب بن الأشرف ، وسدة الباب بنجريون ، والطباخة: جولدا مائير ، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: يا علي ! قال: مرحباً. قال: اقتل مرحباً .
فخرج مرحباً يقول:
أنا الذي سمتني أميمرحباً
قال لسان الحال: أمك سامرية عبدت العجل، وأم علي هاشمية لا تحب الدجل.
أنا الذي سمتني أمي حيدره
فتحدر سيف مرحب على سيف حيدر.
يا أبا السبطين أحسنت فزد فعلكم يا شيخنا فعل الأسد
رمد تفعل هذا بالعدى كيف لو عوفيت من ذاك الرمد
اسمع: بطاقة علي في الزحام مكتوب عليها: {يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله } وبطاقة مرحب : فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ [المائدة:13].
يا شباب الصحوة: من لا يدعو منكم ويؤثر فلا ينمنم ويثرثر: {المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده }.
إذا لم تصاحبنا فنرجوك لا تضاربنا، الذي بيته من زجاج لا يرمي بيوت الناس، والذي يضرب العود لا يحمل الفاس.
اللهم إنك نثرت على أهل الدنيا الدنانير فشروا الذمم بالدينار، اللهم فأعطنا تاج النجاة ننجو به من النار، أحرقونا فقلنا: أح، قال الصبر: هذا ما يصح.
لا تقل للنار أح إن قلت أحا فرح الباغي وسح الجرح سحا
بنو إسرائيل والبقرة
بنو إسرائيل والبقرة: أمر الله بني إسرائيل أن يذبحوا بقرة، فأخذوا الأمر مستهترين، ورأى رسولنا صلى الله عليه وسلم بقراً تنحر في المنام في أحد فنُحر من أصحابه في المعركة سبعون، سوّد الله وجوه اليهود، قيل: اذبحوا بقرة، قالوا: ما بقرة؟
قيل: لا فارض ولا بكر، قالوا: لا بد من معرفة اللون، قيل: صفراء، قالوا: ما سنها؟
قيل: عوان بين ذلك، فتلكئوا وما كادوا يفعلون.
ومحمد عليه الصلاة والسلام طلب من الأنصار الحماية، قالوا: بالأرواح، والنصرة، قالوا: السلاح السلاح.
قال لهم بلال العزم: حي على الصلاة، قالوا: حي على الفلاح.
يقول خطيب الأنصار: {يا رسول الله! أعط من شئت، وامنع من شئت، وصل حبل من شئت، واقطع حبل من شئت، عسى الله أن يريك منا ما تقر به عينك } فقتل هذا الخطيب فاهتز له عرش الرحمن؛ لأن كلماته هزت القلوب، فكيف لا يهتز عرش علام الغيوب؟!
أحدهم ذهب يتعلم في جنيف كيف يصيد الشريعة؟
وصيد غير المعلم حرام؛ لأن الله يقول: مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ [المائدة:4].
عرفناك يوم الجزع تحدو ركابنا فلما ذهبنا عنك أشعلتها حربا
الحسن بن علي هاشمي ولكن ليس رفسنجاني ، أعطاهم الملك بالمجان، أراد الخلافة فتذكر قول جده صلى الله عليه وسلم: {إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين }.
تنازل في مؤتمر القمة ليحقن دماء الأمة تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [القصص:83].
أرسلناك تسابق على الخيل المضمرة من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق، فذهبت تتزلج على الثلوج وتصاحب العلوج، أما سمعت: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة:51] فهل أنت منا أم منهم؟
انتصر عبد الحميد بن باديس ؛ لأنه لا يحب باريس .
وفضح الأمة أحمد بن بلا ؛ لأن زنبيله صنع في مانيلا .
أنت تمازح الخواجات بالرطانة، والله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً [آل عمران:118]
أشياخه صفر الجباه بـدنفر هنري كسنجر خير مروياته
من رقعة المحجوب يروي متنه وسعاد ذات الخال من خالاته
زار أبو سفيان -وهو مشرك- ابنته رملة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فلما دخل البيت رفعت فراش المعصوم خوفاً عليه من غبار الوثنية ، لأن في الحديث: {لا يورد ممرض على مصح } والفراش الأَجَل لا يصلح لمن سجد لهبل.
وأدونيس شاعر الخبث والحداثة والإلحاد، أدونيس أبياته من الشيطان، وروح القدس يؤيد بالقوافي حسان ، ولذلك استطاع شاعر الرسول أن يقول:
وبيوم بدر إذ يصد وجوههم جبريل تحت لوائنا ومحمد
وتقيأ أدونيس بعد أن بال الشيطان في أذنه، فقال:
خرافية تلك أسطورة هي الملة النحلة البائدة
حسان على وزن رضوان، وأدونيس على وزن إبليس: {ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب }.
حسان أزدي زكي من الأزد، وطاغور مزدكي: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [الشورى:7].
تركيا نور نُسي بموت النورسي .
أتاتورك في النار في آخر درك، أتاتورك نجس البحيرة، وأوقع الأمة في حيرة، كسر ظهر الخلافة، ومزق عمامة المفتي، وهدم أعواد المنبر: فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:45].
ألقيت أنت على الناس محاضرة فتبجحت بها في البادية والحاضرة، وعبد الله بن عمرو الأنصاري وجد مقتولاً به ثمانون طعنة فما أخبر أحداً؛ لأن صدقة السر تطفئ غضب الرب، والمحبون يستترون بالليل لزيارة المحبوب.
كم زورة لك في الأعراب داهية أدهى وقد رقدوا من زورة الذيب
أزورهم وظلام الليل يشفع لي وأنثني وبياض الصبح يغري بي
تصدقت أنت على البوسنة والهرسك بخمسين ريالاً، وتمنيت بها على الله الأماني، وخالد بن الوليد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله، ثم أتبعها خيله، ثم أتبعها نفسه.
جهز عثمان جيش العسرة من جيبه، فسمع الثمن نقداً على المنبر: {اللهم اغفر لـعثمان ما تقدم من ذنبه وما تأخر }.
يقول المترفون: أنتم متطرفون! قلنا: أنتم تهرفون بما لا تعرفون، هذه فرية والدليل: وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً [الإسراء:16].
حاول صبيغ بن عسل -هذا ملخبط في الشريعة- أن يلخبط بين الآيات ويشوش في المنهج، فضربه عمر بعصاً حتى أغمي عليه فاستفاق ولسان حاله يقول: أصبحنا وأصبح الملك لله، والحداثيون لخبطوا في الدين لخبطة ويحتاجون دواء كدواء صبيغ ؛ لكن الطبيب مات.
تشفي بسيفك داء الناكثين له وتجعل الرمح تاج الفارس البطل
يقول فرعون لموسى: وفعلت فعلتك، قلنا: وأنت يا مجرم! ما فعلت شيئاً يا أبا الفعايل.
قلنا: أنت يا فرعون! يا أبا الفعايل! ما فعلت شيئاً، أبصرت القذى في إناء موسى ولم ترَ الجذع في إنائك.
إذا محاسني اللاتي أدل بها كانت ذنوبي فقل لي كيف أعتذر
الحجاج في عرفات
وقفوا في عرفات ما يقارب الثلاثة ملايين يسألون رباً غنياً قديراً رحيماً حليماً، عطاؤه كلام وفعله كلام بقوله كن فيكون.
أتيناك بالفقر ياذا الغنى وأنت الذي لم تزل محسنا
وعودتنا كل فضل عسى يدوم الذي منك عودتنا
فما في الغنى أحد مثلكم وفي الفقر لا أحد مثلنا
وقصت ناقة محرماً بـعرفة فقتلته، وصاحب المنهج عليه الصلاة والسلام موجود، فقال: {كفنوه في ثوبيه وجنبوه الطيب، ولا تخمروا رأسه؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً }.
هل تأملت الصورة؟ هل رأيت المشهد؟
إذا أهل هذا الميت من قبره ملبياً وميقاته قبره، ومن تجاوز الميقات يريد الحج بلا إحرام فعليه دم، وهذا يريد الجنة لأنه مطلوب هناك، والجواب: لبيك اللهم لبيك.
أتيناكم نخب السير خبا ونحمل في حشايا القلب حبا
نهيم بينكم شوقاً ونسقي بدمع العين في العرصات صبا
فهيا سامحونا قد أسأنا وهيا فاغفروا يا رب ذنبا
تقرب غيرنا لسواك جهلاً ونحن لقربكم نزداد قربا
رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ [آل عمران:194].
بجانب هيئة الإذاعة البريطانية شاعر عربي قام في الصباح ينشد:
أنت القوي فقد حملت عقيدة أما سواك فحاملو أسفار
يتعلقون بهذه الدنيا وقد طبعت على الإيراد والإصدار
دنيا وباعوا دونها العليا فيا بؤساً لبيع المشتري والشار
يا أيها الذين آمنوا! مالكم لا تنفقون من كنوز الرسالة دنانير الحكم، وصاحب الغلة يقول: {بلغوا عني ولو آية } كل منكم بحسبه، من لم يجد سيفاً فعصا، وافعلوا فعل علي بن عمار هجم عليه الأسد وسيفه معلق في بيته، ولو انتظر وصول السيف لوصل رأسه إلى الأرض على الكيف!! فأخذ هراوة غليظة وفلق بها هام الأسد حتى يأتي المدد، فحياه أبو الطيب المتنبي فقال:
أمعفر ليث الهزبر بصوته لمن ادخرت الصارم المسلولا
إذا لم تلق محاضرة فاحضرها، وإذا لم تدبج خطبة فكلمة: أنفق رجل من بره.. من تمره.. من درهمه.. من ديناره.. من علمه.. من شعره.. من فكره، الذي لا يركب في سفينة الصحوة رضي بأن يكون مع الخوالف، فليس لهم في الغنيمة قسم، ولا في الخيالة اسم، ولا في الديوانية رسم.
بعضهم يحفظ المتون ويجمع الفنون، كتب الحواشي وهو ماشي، قلنا: علِّم، قال: حتى أتعلم، قلنا: أجل درس، قال: حتى أؤسس، فقلنا: هل سمعت: وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:161]؟
قم خاطب الدنيا بنبرتك التي عزفت قلوب الأهل والأصحاب
فمنابر التوحيد من خُطَّابها ومحافل العلياء للخطاب
شبيب الخارجي من الخوارج ، بطل لكنه مبتدع؛ شبيب الخارجي في ستين من أصحابه هزم ثلاثة آلاف، وكان في المعركة ينعس على البغلة من ثباتة الجأش وشجاعة القلب، قلنا: دعونا من نعاس الخوارج فأين نعاس أهل السنة : إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ [الأنفال:11]؟ فنعاس طلحة بن عبيد الله في أحد خير من نعاس شبيب ؛ لأن طلحة متبع وشبيب مبتدع، وطلحة من نكاح وشبيب من سفاح.
قوم أبوهم سنان حين تندبهم طابوا وطاب من الأولاد ما ولدوا
لو كان يُقعد فوق الشمس من كرم قوم بآبائهم أو مجدهم قعدوا
غفار من المغفرة، وأسلم من المسالمة، وعصية من المعصية، ثلاث قبائل وافقت أسماؤها مسمياتها، فقال المعلم العظيم صلى الله عليه وسلم: {غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله، وعصية عصت الله ورسوله } وأقول: وماركس أركسه الله.
دروس وفوائد من الحاضر والماضي
العرب في حزيران:
حارب في حزيران نصراني ونصيري وناصري، فضاع منهم النصر لأن الأنصار غابوا عن المعركة فغاب شعار: إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ [محمد:7] وشعار: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ [آل عمران:160].
ناصريون والجيوش سبايا وكبار الضباط فيهم إماء
وحدويون والبلاد شظايا كل جزء من لحمها أجزاء
ماركسيون والجماهير جوعى فلماذا لا يشبع الفقراء
صاحب المنهج يدرس الطلاب في الفصل وفي الفصل منافقون لم يعرفهم، فأنزل الله: لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ [التوبة:101] فلاحظ التصرفات والتلونات: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ [محمد:30] فلما انكشفوا سمع هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [المنافقون:4].
الأعمش المحدث الكبير الزاهد: أراد السلطان أن يشتري الأعمش المحدث الكبير برسالة فيها فتوى لتكون حبة الطائر، فإذا وقع في الشباك قيل له: نصيبك ما أخطاك، عرف الأعمش العلة؛ لأنه عالم بعلل الأسانيد وتدريس الرجال، فأعطى الرسالة شاة عنده فأكلت الرسالة، وحملها الخطأ؛ لأنها تأكل الرسائل.
فلا كتْب إلا المشرفيات عنده ولا خط إلا بالقنا والقنابل
الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً [الأحزاب:39].
العقيدة الإسلامية لا شرقية ولا غربية، يكاد زيت أصالتها يضيء ولو لم تمسسه نار الشوق، فكيف إذا اجتمع نور الفطرة ونور الاتباع؟!: نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [النور:35].
قال اليهود لموسى عليه السلام: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ [المائدة:24] وقال الصحابة للرسول عليه الصلاة والسلام: {لو استعرضت بنا البحر لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد } فتقطعوا أمامه، فكل بيت فيه قتيل.
سعد وسلمان والقعقاع قد عبروا إياك نعبد من سلسالها رشفوا
في كفك الشهم من حبل الهدى طرف على الصراط وفي أرواحنا طرف
فكن شهيداً على ما في القلوب فما تحوي الضمائر منا فوق ما نصف
فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران:148].......
صورة من تحايل اليهود على الدين
يقول رسولنا عليه الصلاة والسلام: {لعن الله اليهود؛ إن الله لما حرم عليهم شحوم الميتة جملوه فباعوه فأكلوا ثمنه } وذلك يسمع الغناء ويقول: غناء إسلامي، والبعيد يتناول المسكر ويقول: شراب الروح. وعلام الغيوب لا يُلعب عليه كما يلعب على الصبيان، ولا يخادع كما يخادع الولدان: يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ [النساء:142] وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال:30].
الحسن البصري : قال الحسن البصري : يا بن آدم! خالف موسى الخضر ثلاث مرات، فقال: هذا فراق بيني وبينك، وأنت تخالف الله في اليوم مرات ألا تخشى أن يقول هذا فراق بيني وبينك؟!
اغفر اللهم رب ذنبنا ثم زدنا من عطاياك الجسام
لا تعاقبنا فقد عاقبنا قلق أسهرنا جنح الظلام
العالم ينتظر من يدعوه إلى الإسلام، والملة تحتاج إلى حملة التمر مقفزي لكن البخل مروزي: فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ [آل عمران:187].
رفع خبيب بن عدي الصحابي الشهيد، رفعوه على خشبة الموت فأنشد طرباً، وامتلأ عجباً، وقال قصيدة الحب كل الحب، فسمع المحبون لكن عبدة الأصنام في سكرة يعمهون:
ولست أبالي حين أقتل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي
ما يحلو الشعر إلا في المعمعة: وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ [محمد:4-6] قال خبيب للكفار: انظروني لحظة! قالوا: تكتب الوصية؟
قال لسان الحال: لا ميراث، لكن أصلي ركعتين، أراد أن يطيلهما فخاف أن يوصم بالجبن وهو أبو الشجاعة، رفعوه على المشنقة فدعا دعاء القنوت على الكفار، وقال: اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحداً، آمين.
من مواقف السلف في الثبات على الدين
قبيلة خزاعة:
استحت خزاعة من ربها أن ترد الحوض بلا بطل، فأنجبت أحمد بن نصر الخزاعي حامل لواء السنة، محدث بغداد ، رأى المداد يلطخ ثياب طلاب السنة، فعزم أن يلطخ بدمه ثياب المبتدعة، قال له الخليفة الواثق : وافق، قال: لا يا منافق، فنحره بالخنجر فوقع ميتاً لتحيا السنة:
دم أزكى من المسك المصفى وروح في ذكاء الأقحوان
وتاريخ من الإقدام فعم كأن بريقه نصل يماني
وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ [البقرة:154] الصدق حبيب الله، وصل الطعن في الأمة الرقبة، أمة دمها رخيص، ودماء الناس غالية، يتيمها في المحافل يبكي، وشيخها على القديم ينوح، تربية اللحى، وركعة الضحى ثابتة شرعاً، لكن نقض الميثاق وخلط الأوراق من أركان النفاق.
إذا لم تتهجد فاحضر الجماعة في المسجد، الذي يكشف صادقنا من كاذبنا صلاة الفجر والعشاء.
أتى ابن المبارك المحدث الكبير أمير المؤمنين في الحديث إلى زمزم ليشرب فذكر حديثاً من مروياته نصه: {ماء زمزم لما شرب له } فقال: اللهم إني أشربه لضمأ ذاك اليوم، فدمعت العيون.
ابن المبارك يعلم أن زمزم الوحي يشرب منه ليستشفى به من العلل، لكن من يقنع من يطلب العلاج في بروكسل بقناعة ابن المبارك :
من زمزم قد سقينا الناس قاطبة وجيلنا اليوم من أعدائنا شربا
وقال زميلي سلمان وأحسن أيما إحسان:
زمزم في بلدي لكن فمن يقنع الناس بجدوى زمزم
سمع ابن المبارك صياح المجاهدين، وهو يتقلب في الساجدين، ففك لجام البغلة وهتف:
بغض الحياة وخوف الله أخرجني وبيع نفسي بما ليست له ثمناً
إني وزنت الذي يبقى ليعدله ما ليس يبقى فلا والله ما اتزنا
ذهب إلى الشمال، يقطع رءوس الضلال، فلامه الفضيل على ترك الحرم، ولسان الحال يقول: ترك الجهاد حرام، فكتب ابن المبارك إلى الفضيل إلياذة:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك بالعبادة تلعب
فتمنى المصلون عند الركن اليماني أنهم يقاتلون الكفار بالسيف اليماني: فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَاباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ [آل عمران:195].
شرب الخمر شارب في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، فأدبه صلى الله عليه وسلم، وقام العذال فسبوا الشارب، فقال المعصوم عليه الصلاة والسلام: {ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله }.
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد جاءت محاسنه بألف شفيع
الحديد والخشب:
الحديد يتمدد بالحرارة وينكمش بالبرودة -هذه الفائدة تكتب بماء الخشب- والخشب يتمدد بالبرودة وينكمش بالحرارة، وبعض الناس لا يتمدد ولا ينكمش: لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179]
لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي
أحد الرؤساء سجن العلماء، ثم خطب في الدهماء، وقال: أنا إمام عادل كـعمر بن الخطاب ، فقال أحد العلماء: نعم. عمر إمام عادل، وأنت عادل إمام .
تقايس بين طلحة وابن ساوي رعاك الله ما هذا التساوي
فـطلحة مشرق الطلعات بدر وذاك الجلف في الحانات عاوي
أظلمت الدنيا، صدام إمام، وطارق عزيز يؤذن، وعزت إبراهيم يخطب، ومن صلى وراءهم فليعد صلاته، لأن الكيماوي المزدوج في جيب صدام ، والصليب على صدر يوحنا وعزت إبراهيم يطلق الأسكود، وطه ياسين رمضان يصفق لأبطال أم الهزائم.
كلما انخفضت الأسهم ارتفع ضغط الدم؛ لأن الشيك مكتوب عليه: {وإذا شيك فلا انتقش } كل شيك من ربا معه شوكة من لظى: اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا [الطور:16].
علمناك الفاتحة تصلي بها التراويح في الليالي، فتركتها وذهبت تغني البارحة: ما نمت مما جرى لي!
الكلاب تحب الجيف، والأسود تأكل مما تقتل، ومن رضي بأفكار البشر عن وحي رب البشر، فبشره بسقر، لا تبقي ولا تذر.
زياد بري :
براءة من الله ورسوله إلى زياد بري ، شنق علماء المالكية والشنق عند مالك حرام.
مالك لا يرى الشنق، وهو حرام عنده:
جزى الله عنا المالكية ما جزى عن الدين أصحاب الإمام المبجل
هم وردوا حوض المنايا أعزة وقد أنفوا أن يصحبوا كل مبطل
روى البخاري في كتاب الرقاق أن علياً قال: [[إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن الدنيا عمل ولا حساب، والآخرة حساب ولا عمل ]] وفي ترجمته رضي الله عنه يقول: [[يا دنيا يا دنية! غري غيري، زادك حقير، وعمرك قصير، وسفرك طويل، آه! من قلة الزاد وبعد السفر، ولقاء الموت.
يا دنيا! طلقتك ثلاثاً لا رجعة بعدها ]] وعلي لا يرى نكاح المحلل؛ لأنه راوي حديث أبي داود : {لعن الله المحلِّل والمحلَّل له }.
عمر :
لما شمر عمر ثوبة في اليقظة جره في المنام، والقميص في النوم هو الدين واليقين، وأبو حفص أحد الأساطين.
نام عمر بلا حراسة تحت الشجرة؛ لأنه خوف الفجرة، عدل في الرعية، فنام في البرية، كان في التاريخ دُرة، لأن له دِرة فلله دَرُّه.
الكعبة، وحبة القلب، وإنسان العين، كلها سود، فلا عاش الحسود:
يروق لي منظر البيت العتيق إذا بدا لطرفي في الإصباح والطفل
كأن حلته السوداء قد نسجت من حبة القلب أو من أسود المقل
أسامة بن زيد رضي الله عنه أسود، وأبو لهب أبيض، ويوم تبيض وجوه وتسود وجوه، يبيض الأول ويسود الثاني؛ لأن بياض أبي لهب بهرجاني: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [السجدة:16] في الليل إشفاق وفي النهار إنفاق، النوم لذيذ ولكن الخوف أطاره، وبعض العباد كان يتمنى أن يطول الليل:
طاول بها الليل ضن الجفن أو سمحا وما طل النجم مال النجم أو جنحا
فإن تشكت فعللها المجرة من ذوي الصباح وعدها بالقدوم ضحى
أسرار القرآن تبوح في الليل، والخوف والرجاء يتسابقان في الدجى.
في صحيح مسلم ، عن عائشة رضي الله عنها أنها سُئِلت: متى يقوم الرسول عليه الصلاة والسلام؟ قالت: {كان إذا سمع الصارخ وثب } تقول: وثب ولم تقل: قام، وأنت عربي تعرف معنى: وثب، والصارخ: هو الديك:
يُصوت ديك الحي من حر ما بنا ويرثي لنا القمري ويبكي لنا الحجل
إذا ما بكتك الطير فاعلم بأنه تقارب منك العمر بل زارك الأجل
يقول عليه الصلاة والسلام: {نعم عبد الله لو كان يصلي من الليل } فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلاً.
إذا لم تصبر للسهر فركعتان عند السحر وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:25] نحن نتحدث عن الربح وقد وقع النقص في رأس المال، لأن من لا يحضر الفجر جماعة لا يرشح لطاعة، طالب الأمة بالفرائض قبل النوافل، أما قيام الليل فلذلك الرعيل، والخيل المضمرة تسبق الخيل التي لم تضمَّر:
دعنا من التشبيه فـالسلف الأولى قاموا الدجى وتقطعوا في المعترك
هم درجات عند ربك في العلا فلا تقارن حب عمار بحبك
يقول شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري الهروي : عرضت على السيف خمس مرات لا يقال لي: اترك مذهبك، بل يقال: لا تتعرض للمذاهب، فقلت: لا.
قلنا: أما أنت فما سمعنا بمثلك وما عندنا إلا هروي واحد، وما سميت شيخ الإسلام إلا بعد تعب، قالوا لتلميذ الأنصاري هذا قبل أن يقتل: قل لا إله إلا الله؟
فقال: إن شيخي قال لي: إن الدابة لا تسمن في أسفل العقبة، وصدق الأنصاري .
تريد أن تتعامل بالربا فإذا حشرجت النفس تبت، تسمع الغناء فإذا حضر اليقين كسرت العود، تتهاون في الصلاة فإذا حانت الوفاة أذنت: حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ [يونس:90]
أترجو أن تكون وأنت شيخ كما قد كنت في عصر الشباب
لقد كذبتك نفسك ليس ثوب جديد كالخليق من الثياب
فتوى النابلسي في الفاطميين
أفتى النابلسي محدث مصر العظيم، فقال: من عنده عشرة أسهم فليرم النصارى بسهم، والفاطميين بتسعة أسهم، فغلط الجاسوس، فرفع الخبر للسلطان وفيه: فليرم النصارى بتسعة والفاطميين بسهم، فاستدعى السلطان النابلسي وقرأ عليه الخبر، فقال: هذا غلط، حرفتم الفتيا، قلت: يرميكم بتسعة والنصارى بسهم، فصاح السلطان: علي بالجزار والسكين، فصاح النابلسي: قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى [طه:72-73] فأخذه يهودي يسلخ جلده سلخاً بالسكين كما تسلخ الشاة، علقوه بقدميه فأخذ يسبح بأصابعه؛ لأنه من رواة حديث: {من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة، غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر }.
ألم أقل لكم: لن تجدوا أشجع من أهل السنة وقت التضحيات!
السني وقت التضحية يزري بالبعثي والناصري والقومي، لأن السني من سلالة أبطال بدر وأحد ، وأولئك من سلالة أبطال حزيران وأيلول الأسود:
بسيف أبي رغوان سيف مجاشع ضربت ولم تضرب بسيف ابن ظالم
ولو كان سيفي في يمينك لانتحى عليك ولكن فات يوم التلاوم
مطعم العلماء، ومكرم الفقراء: أطعم ابن بقية الوزير المساكين والفقراء وأكرم العلماء، فغار منه السلطان، واحتال عليه حتى قتله وصلبه، فلما ارتفع على الخشبة مصلوباً وقفت الأمة كلها بوقوفه، فطافت به قلوب المحبين، ونامت بغداد على أصوات البكاء، فترجل أبو الحسن الأنباري عن فرسه إلى خشبة الصلب، وسلم على الجثمان ودشنه بتلك القصيدة التي من لم يحفظها ففي تذوقه للشعر نظر:
علو في الحياة وفي الممات بحق أنت إحدى المعجزات
كأنك قائم فيهم خطيباً وهم وقفوا قياماً للصلاة
مددت يديك نحوهـم احتفاءً كمدهما إليهم بالهبات
ولما ضاق بطن الأرض عن أن يواروا فيه تلك المكرمات
أصاروا الجو قبرك واستعـاضوا عن الأكفان ثوب السافيات
لعظمك في النفوس تبيت ترعى بحراس وحفاظ ثقات
وتوقد حولك النيران ليلاً كذلك كنت أيام الحياة
وما لك تربة فأقول تسقى لأنك نصب هطل الهاطلات
أصبحت خشبة ابن بقية مسرحاً تلقى عليه قصائد المادحين، وخطب المثنين، وأصبح من قتله في صغار كأنه طلي بالقار.
الذي يعشق الليالي الحمراء لا يستعيد قرطبة والزهراء ، ومن يستورد أفكارهم من لندن ويسهر على دندن: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة:51].
خرج سعد بن أبي وقاص -بطل القادسية - على الرسول عليه الصلاة والسلام ومعه الصحابة، فلما رأوا سعداً قال عليه الصلاة والسلام: {هذا خالي فليرني كل خاله } فلم يخرج أحد خالاً كخاله، المتحدي قوي والمتحدى به أبي.
فلما حضرت القادسية والجموع الفارسية، حضر الخال يقود الأبطال، فحصل النصر قبل العصر؛ لأن الناصر هو القهار، والقائد خال المختار:
وقفت لك الأبطال تصغي في الوغى ووقفت تخطب بالقنا الخطار
والخيل تسمع والكتائب صفقت وترى الجماجم أحرقت بالنار
أرسل القائد العظيم صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أنيس ليقتل خالد بن سفيان الهذلي ، عدو الدين فقتله واحتز رأسه ليعطي المعصوم البينة على قتله، فسلم الرأس وضمن له صلى الله عليه وسلم الجنة، وشهد العقد الحضور، وأعطاه صلى الله عليه وسلم عصا؛ ليتوكأ بها في الجنة زيادة في التبجيل:
يتوكئون على العصا من هيبة أهل الرزانة في حضور المحفل
قرع العصا عند الخطابة دأبهم لا يتركون الخطب حتى ينجلي
أدخل ابن أنيس رأسه في الجنة لما أدخل رأس خالد الهذلي النار، رأس برأس والجروح قصاص.
أم سليم أنصارية، لا تملك ذهباً ولا فضة، أرادت أن تهدي لمعلم البشرية هدية، فما وجدت أغلى من ابنها أنس ، فدفعته خادماً للإمام، فقال لسان الحال: يا بشرى هذا غلام، فكان ثواب الهدية: {اللهم أطل عمره، وكثِّر ماله وولده، واغفر ذنبه } فسعد الخادم بخدمة المخدوم سعادة لا شقاء بعدها.
أم سليم مهرها من أبي طلحة ؛ لا إله إلا الله، فأخجلت بمهرها كل فتاة تغالي في المهر، يقول عليه الصلاة والسلام: {دخلت الجنة البارحة، فرأيت الرميصاء في الجنة } والرميصاء أم سليم لأن مهرها أدخلها من الباب، فأذن لها الحجاب، عرفت المفتاح فسكنت الدار:
لك الله من مخطوبة عز مهرها تعالت بثوب المجد عن كل خاطب
أبوها من الأعياص زينب أمها وزينب بنت الفضل لا كالزيانب
جابر والجمل
جابر الأنصاري والجمل.
جاء جابر بالجمل فاشتراه الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما قبض جابر الثمن رد عليه الجمل، وقال له: خذ الثمن والجمل، بارك الله لك فيه، قال بعضهم: ليذكره بأن الله هدى أباه عبد الله بن عمرو ثم وفقه للشهادة ثم رد عليه روحه، ثم أدخله الجنة ثم كلمه:
تلك المكارم لا قصور قضاعة الذل في جنبات تلك يصفق
نار تضيء على الثنية في الدجى سرب الجموع على القرى يتدفق
جابر بن عبد الله يقرأ المدح في أبيه كل صباح: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169] ما أجل الذبح! وما أحسن المدح!
ما كان لأهل الصحوة ومن حولهم من المحبين أن يتخلفوا عن قافلة محمد صلى الله عليه وسلم، ذلك بأنه لا يصيبهم ضمأ المشقة والبذل، ولا يطئون موطأً يغيض كل كافر ونذل، إلا كتب لهم في الصحائف كما وعُد بذلك في المصاحف.
أراد المعتصم أن يغزو الروم، قال المنجمون: البرج في الذنب، فلا تخرج للغزو وقت الذنب والعقرب في البروج، قال: ما أعرف الذنب من العقرب، هذا الذنب ومد سيفه، وهذا العقرب ومد رمحه، وأفتاه أبو تمام بجواز الخروج، وقال له في الفتوى:
والعلم في شهب الأرماح لامعة بين الخميسين لا في السبعة الشهب
بهارج وأحاديث ملفقة ليست بنبع إذا عدت ولا غرب
الأنصاري وقل هو الله أحد:
صلى إمام الأنصار بهم، فكان يقرأ في كل ركعة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] مع سورة، فقيل له: إما أن تكتفي بها وإما أن تقرأ غيرها، قال: إما أن أصلي بكم وأقرأها وإما أن أعتزل الإمامة، فسأله المعصوم عليه الصلاة والسلام: {لماذا تقرأها في كل ركعة؟
قال: لأن فيها صفة الرحمن فأنا أحبها -فتوجه بتاج- حبك إياها أدخلك الجنة }:
وداعٍ دعا إذ نحن بـالخيف من منى فهيج أشواق الفؤاد وما يدري
دعى باسم ليلى غيرها فكـأنما أطار بليلى طائراً كان في صدري
أولئك القوم يحبهم ويحبونه، فخلف من بعدهم خلف لا يحبهم ولا يحبونه، والعياذ بالله.
ابن رواحة الأنصاري بايع الرسول عليه الصلاة والسلام في العقبة، وبعد العقد قال: {ربح البيع والله لا نقيل ولا نستقيل } وتفرقا من المجلس، وفي الصحيحين : {البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإذا تفرقا فقد وجب البيع } فجاء ابن رواحة بالثمن فدفعه في مؤتة :
فما مات حتى مات مضرب سيفه من الضرب واعتلت عليه القنا السمر
موقف:
هل سألت الشمس عنا والقمر يوم حررنا من الرق البشر
ولوينا رأس كسرى في الوغى ونصبنا العدل في دار عمر
حال الأمة في العصر الحاضر
أصبحت الأمة مثل قبيلة باهلة، كلما فاخرتها العرب قالت: منا قتيبة بن مسلم لكن مات يرحمه الله، كلما قالت لنا الأمم: انظروا لإبداعنا واختراعنا وإنتاجنا ونتاجنا، قلنا: منا عمر وصلاح الدين والمثنى ، فإلى متى هذا الخداع؟ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [البقرة:134]
إذا فخرت بأقوام لهم شرف نعم صدقت ولكن بئسما ولدوا
أهل السنة ذهب أحمر لا تزيده النار إلا لمعاناً، وأهل البدعة خبث الحديد، يحترق الخبث ويذوب الحديد: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ [الرعد:17].
أحمد بن حنبل شيعه مليون، وأحمدهم ابن أبي دؤاد شيعه ثلاثة لكن بالأجرة.
ذرفت إحدى عيني سعيد بن المسيب رحمه الله من البكاء في السحر، وبقي على عين واحدة، يحضر بها صلاة العتمة، والمرثية تقول:
بكت عيني اليمنى فلما زجرتها عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا
فليست عشيات اللوى برواجع عليك ولكن خل عينيك تدمعا
وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ [المائدة:83] سعيد بن المسيب سجل للمكرمات، وديوان للصالحات، خمسون سنة ما فاتته تكبيرة الإحرام، دائماً في الصف الأول، لأن الرباني يأنف من الصف الثاني.
الوليد بن عبد الملك وسعيد بن المسيب :
خطب الوليد ابنة سعيد ، قال: لا أزوج البليد، فجلدوه مائة بالجريد، كان يجلد في حر المدينة وقتادة بن دعامة السدوسي يستمري الحديد في القرطاس والضرب على الرأس، لماذا لم يزوج سعيد الوليد وهو ولي العهد، لأن العقد لم يتم لمن ينقض العهد: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف:67].
ابن هبيرة الحنبلي :
عطس ابن هبيرة فشمته أهل بغداد كلهم؛ لأنه سني، وأهل السنة يرون مشروعية تشميت العاطس، فانظروا ما أعظم الحب والقبول.
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً [مريم:96].
ابن هبيرة وزير، ولكن لا يعرف الطبلة ولا الزير، استسقى في منى للحجاج فنزل المطر كالأمواج، كنيته أبو المظفر ، يقول فيه الخليفة المستنجد :
ولم نرَ من ينوي لك السوء يا أبا المظفر إلا كنت أنت المظفر
وزهدك والدنيا إليك فقيرة وجودك والمعروف في الناس ينكر
سهل بن عبد الله التستري :
دخل سهل بن عبد الله التستري على أبي داود صاحب السنن ، فسألة بالله أن يلبي مسألته، قال: ما هي مسألتك؟ قال: أن تخرج لي لسانك لأقبلها لأنها روت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ففعل، اللسان السني وصاحبه إمام سنة: وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ [آل عمران:79]:
ألم تر أن الجزع أضحى ترابه من المسك كافوراً وأعواده رندا
وما ذاك إلا أن هنداً عشية تمشت وجرت في جوانبه بردا
محدثان سنيان:
حماد بن سلمة بن دينار وحماد بن زيد بن درهم والدينار عشرة دراهم، وفارق الصرف يخبر بأحسن الرجلين، فهل فهمت الحساب؟ والدراهم كلها سنية، أما درهم المبتدعة فلا يساوي فلساً.
كثرت مجالس اللغو، هذا يتحدث عن دنياه، وهذا عن ديناره، وذاك عن داره، وذاك عن قصره، عندها قال معاذ رضي الله عنه لأخيه: [[اجلس بنا نؤمن ساعة ]] وهذه الساعة لله وفي الله عز وجل، حديث في أسمائه وصفاته وآياته وأفعاله:
يطيب حديثنا فيكم ويحلو ويغلو عند ذكركم الكلام
وأما غيركم فالقلب يأبى حرام مدح غيركم حرام
أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28] فكيف يطمئن قلب من أصعب الأشياء عليه أن تحدثه عن الله عز وجل؟: وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [الزمر:45].
من مظاهر الإسلام في الخلافة الراشدة
أرسل عمر أميراً على بيسان ليقيم هناك السنة والقرآن، فسمر الأمير وغنى في الليل:
إذا كنت ندماني فبالأكبر اسقني ولا تسقني بالأصغر المتثلم
لعل أمير المؤمنين يسوءه تنادمنا بالجوسق المتهدم
فدعاه عمر ، وقال: [[والله لقد ساءني ]] فاستدعاه عمر بعد الخبر، وغضب وبسر؛ لأن الخلافة الراشدة لا تتحمل تبعات الأبيات، واستدعى الوالي فعزله؛ لأن الأمة كانت تعزل والقرآن ينزل، فمات عمر ليبقى صدام في الخلافة خمسين عاماً كلها ذبح للشيوخ والأيتام، وعليكم السلام.
ابن الراوندي يهودي لعله نزعه عرق، ألف كتاب الدامغ يدمغ به القرآن، دمغ الله رأسه في النار، ترجم له ابن خلكان فملس عليه وتسامح معه، كأن الكلب لم يأكل له عجيناً، فأين الغضب للدين والملة؟ ولماذا هذا الإنهزام والذلة؟!
والذهبي من ذهب السنة معدنه، لما ترجم لـابن الراوندي قال: هو الكلب المعثر، لأن الذهبي يكتب بقلم الولاء والبراء، وابن خلكان يسجل بقلم العجائز كان يا ماكان.
أهل السنة ينقدون الرجال، فليس عندهم للتدريس مجال:
أنت يا أستاذ موفور الأدب لا تزك كل من هب ودب
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ [النساء:135].
أيها الإخوة: تمت الحلقة الأولى من محاضرة: مصارع العشاق، والحلقة الثانية -إن شاء الله- في الأسبوع المقبل، وسوف تعاد هذه الحلقة -إن شاء الله- في مدينة عنيزة بـالقصيم مساء الإثنين، فأسأل الله العظيم لي ولكم التوفيق والهداية.
اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
أشكركم على الحضور، ولي تحية لمن حضر من المصطافين، وأخص الشباب من الإمارات العربية المتحدة ، وأرحب بإخوتي الطلاب الذين هم في أيام الامتحان ومع ذلك آثروا الحضور، وسامحوا بأوقاتهم، وطلبوا مرضاة الله عز وجل، واحتسبوا الأجر، وسعد بهم هذا الجامع، وارتفعت أنفاسهم إلى الذي يصعد إليه الكلم الطيب، وحفتهم الملائكة، وتنزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده، أسأل الله أن ينجحهم في الامتحان، وأن يثبتنا وإياهم في الدنيا والآخرة، وأن يتولانا في الدارين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
تعليق