موازين الناس الشيخ الداعية/أيمن خميس حماد
الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على سيد المرسلين ،وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:-
الناظر إلى واقع المسلمين اليوم يجد اختلافاً كبيراً بين موازينهم في تقييم البشر
وبين ميزان ربهم جل وعلا.فالله تعالى جعل ميزان التفاضل بين الناس هو التقوى، فكلما ازداد الإنسان تقوى كلما ازداد عند الله مكانة ورفعة، وبيّن ذلك للناس في كتابه العظيم فقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات:13) أما البشر فموازينهم مختلفة ومشاربهم متباينة،فمنهم من جعل المال هو العنصر الرئيس في التقييم فمن ملك المال زاد عند الناس عزاً؛لأن المال في عصرنا الحالي هو الذي تفتح به جميع الأبواب المغلقة،وآخرون يرون أن العز والجاه والسلطان هو الذي يصلح للتقييم فقط؛لما يتمتع به من مكانة فبه تُفتتح المجالس ولمثله يُنصت الجالسون. وأحسن من عبّر عن ذلك بقوله :
رأيتُ الناسَ قد ذهبوا إلى مَن عنده ذهبُ ومَن لا عنده ذهبُ فعَنْه الناسُ قد ذهبوا
رأيت الناسَ مُنْفَضَّةْ إلى مَن عنده فِضَّةْ ومَن لا عنده فِضَّةْ فعَنْه الناسُ مُنْفَضَّةْ
رأيتُ الناسَ قد مالوا إلى مَن عنده مالُ ومَن لا عنده مالُ فعَنْه الناسُ قد مالوا
لكن يا تُرى هل هذا هو ميزان الإسلام ،وهل بهذه الأمور يتم تقييم الإنسان في المجتمع المسلم،لنستمع لحديث النبي-صلى الله عليه وسلم–الذي رواه البخاري ومسلم
عن سهل بن سعد - رضي الله عنه -قال : مَرَّ رجل على رسولِ الله-صلى الله عليه وسلم-،فقال لرجل عندهُ جالِس:ما رأيك في هذا؟ فقال:رجل من أشْرافِ النَّاسِ،هذا واللهِ حَرِيّ إن خَطَبَ أن يُنكَحَ،وإن شَفَع أن يُشفَّعَ،قال:فسكت رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-،ثم مَرَّ رجل، فقال له رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:ما رأيكَ في هذا ؟فقال:يا رسول الله،هذا رجل من فُقَراءِ المسلمين، هذا حَرِيّ إن خطب أنْ لا يُنكح،وإن شَفَعَ أن لا يُشَفَّعَ،وإن قال:أن لا يُسْمَعَ لقوله، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:«هذا خير من مِلءِ الأرض مِثلِ هذا».
فأصبحت المظاهر الخداعة هي التي ترفع أناساً وتضع آخرين يخبرنا بذلك أبو ذر- رضي الله عنه -: فيقول بينما أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد إذ قال: "انظر أرفع رجل في المسجد في عينك" فنظرت فإذا رجل في حلة جالس يحدث قوما فقلت هذا فقال: "انظر أوضع رجل في المسجد في عينك" قال فنظرت فإذا رجل مسكين في ثوب له خلق قلت هذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "هذا خير عند الله يوم القيامة من قراب الأرض مثل هذا" صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
فهل المطلوب أن نقلل مكانة الناس و نزدريهم لأنهم أصحاب مال أو رتب .بل نحن مأمورون باحترامهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" أنزلوا الناس منازلهم" . رواه أبو داود وضعفه الشيخ الألباني.
المطلوب أيها القارئ الكريم احترام ضعفاء الناس وتقديرهم لمكانتهم عند الله لحديث أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره" رواه مسلم
ليس له قيمة عند الناس لكن هذا الرجل له قيمة عند رب الناس لو أقسم على الله لأبره لو قال والله لا يكون كذا لم يكن والله ليكونن كذا لكرمه عند الله ومنزلته فما هو الميزان الميزان تقوى الله كما قال الله تعالى إن أكرمكم عند الله أتقاكم فمن كان أتقى لله فهو أكرم عند الله ييسر الله له الأمر يجيب دعاءه ويكشف ضره ويبر قسمه .
ولنتذكر دوماً قَولَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ" رواه البخاري .
تعليق