خرج رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم بأصحابه من المهاجرين وأنصار وعددهم لا يتجاوز ثلاثمائة رجل لملاقاه قافلة تجارية ، كان على رأسها أبو سفيان الأموي ، وهي عائدة من الشام ، ولما عرف أبو سفيان بخروج رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه ، استأجر " ضمضم بن عمرو الغفاري " ليستنفر قريشا لنجدة القافلة ن وخرجت قريش بعد أن أخذت استعدادها ، ولم يتخلف من أشرافها إلا : أبو لهب عبد العزى بن عبد المطلب ، وأمية بن خلف ، على رأس جيش مؤلف من ألف رجل بين راجل وفارس ، وتمركز جيشها بالعدوة القصوى ، أما رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم فقد تابع سيره حتى نزل في واد اسمه " ذفران " ، وهناك استشار رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، أصحابه في طلب العير والنفير ، وكان العير أحب إليهم لشراء الخيل والسلاح ، حتى قال بعضهم : هلا ذكرت يا رسول الله لنتأهب له ؟ إنا خرجنا للعير ، فعليك بها ودع عنك النفير ، فأنزل الله تعالى قوله في عتابهم
كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون 1
وعندئذ تكلم عدد من الصحابة ، ومن بينهم القداد بن الأسود الكندي رضي الله عنه قال ك يا رسول الله ، امض لما أراك الله فنحن معك فو الله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى : اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ن ولكنا نقول لك اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ، وكذلك وقف سيد الأوس : سعد بن معاذ قائلا: امض يا رسول الله فنحن معك ، عندئذ اطمأن رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، فاتجه بجيشه نحو بدر {2} حتى نزل قريبا منها ، وهناك قبل رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، رأى أحد الصحابة ، فنزل على أقرب ماء ، وردمت الآبار الأخرى ، كي لا يستفيد منها العدو ، ثم جمع بعض المعلومات عن جيش قريش ، وفي اللحظة الحاسمة ، وفي السابع عشر من رمضان من السنة الثانية للهجرة ، احتمت المعركة بين جيش المسلمين وجيش المشركين ، وكانت قد بدأت المبارزة ، فقد بارز عبيدة بن الحارث عتبة بن ربيعة ، وبارز حمزة بن عبد المطلب شيبة بن ربيعة ، وبارز علي بن أبي طالب الوليد بن عتبة ، فقتل هؤلاء المشركون على يد الأبطال المسلمين ، ودارت الدوائر على المشركين ، وأنزل الله سبحانه وتعالى ملائكته ، ليعينوا المسلمين في قتالهم ، حيث يقول سبحانه وتعالى
إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين 3
وانهزم المشركون وقتل من قتل ن وأسر من أسر ، وكان عدد قتلى المشركين سبعين رجلا وعدد أسراهم سبعين أيضا ، وهكذا نصر الله عز وجل المؤمنين ، رغم قلة عددهم ، إذ يقول سبحانه وتعالى
ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة (4) . صدق الله العظيم 5
وغنم المسلمون غنائم عظيمة ، وعادوا إلى المدينة يلهجون بحمد الله وشكره ن ثم افتدت قريش أسراها بالمال ، ومن لم يكن معه المال ، أعطوه عشرة صبيان من المسلمين ليعلمهم القراءة والكتابة أما قريش فقد عادت إلى مكة تجر أذيال الخيبة والهزيمة ، بعد أن فقدت أرافها وقادتها ، هذا وقد فقد المسلمون في تلك المعركة الحاسمة أربعة عشر شهيدا من بينهم : عبيدة بن الحارث بن المطلب ، وعمير بن أبي وقاص ، وصفوان بن وهب الفهري
--------------------------------------------------------------------------------
الآية 5 من سورة الأنفال 1 2
الآية 9 من سورة الأنفال 3
أذلة: قلة 4
الآية 123 من سورة آل عمران 5
تعليق