إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الصبر والثبات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الصبر والثبات

    بسم الله الرحمن الرحيم


    خيار المؤمنين الأوحد في مواجهة الهزائم والنكبة تأتي كظاهرة سننية تكشف حقائق الإيمان في نفوس الناس ، ودائماً هناك حكمة كبيرة تقف خلف الأحداث والحوادث والنائبات , أهم مظاهر هذه الحكمة أن الشِدة تمثل أساس الفوز بين الناس , وعاملاً لإظهار مدى إيمان الفرد , ومدى تقبله لقضاء الله ومدى يقينه بقدرة الله وبإمداد الغيب .
    ولذلك اعتبر الحق تبارك وتعالى وفي غير موضع من القرآن الكريم اعتبر المحنة هي معيار الإيمان {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ }العنكبوت2 – 3 . وكأن القول وحده لا يكفي لمعرفة إيمان الفرد بل لابد من اختبار حقيقي , والمحنة أو الفتنة أو الشدة هي مجال الاختبار ليحدث الفرز ولتتكشف حقائق الأمور وكما عقب الحق تبارك وتعالى على الآية السابقة فمن السهل أن يقول الإنسان كلاماً كثيراً ومن السهل أن يبطن غير ما يظهر , فتجيء المحنة لجلاء الأمور , فيتمايز الناس صادقين أم كاذبين .... وفي مواجهة المحنة أو الشدة يجب على المؤمن أن يثبت ويؤوب إلى الله سبحانه وتعالى وألا يفقد ثقته بالله وألا يقع أسيراً لظروف طارئة أو واقع أفرزته المحنة أو الشدة , الواجب هو الثبات و الصبر والاطمئنان لقدر الله وقد طرح الحق تبارك وتعالى هذا المبدأ كقاعدة عامة لا يجوز أن يحيد عنها أي مؤمن , وأعتبر أنها ظاهرة سننية تنسب للمواجهة بين الحق والباطل في كل عصر وفي كل مكان {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ }آل عمران146 .
    والمثل يطرح هنا بشكل عام دون تخصيص نبي بعينه , ودون تحديد زمان بعينه وكأن الحق تبارك وتعالى يريد تأكيد شمولية هذه القاعدة وعموميتها حتى تبدو وكأنها الحالة التي يعيشها كل نبي وكل مؤمن سائر في درب الأنبياء .... والحالة هنا تتحدث عن مواجهة عاصفة عاشت فيها الفئة المؤمنة المحنة وهي تقاتل أعداء الله لكن الحق تبارك وتعالى يدلنا على الطريق الواجب إتباعه في هكذا الحالات : { فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ }آل عمران146أي أن الفئة المؤمنة وهي تعيش المحنة وهي يصيبها القرح لم تستسلم ولم تقبل بشرعية الواقع الذي تفرزه الهزائم , ولم يضعفوا أمام قلة إمكاناتهم وتفوق عدوهم ... بكلمات أخرى لا مكان للوهن والتردد والتراجع حتى لو مالت كفة التوازنات لصالح الأعداء , والله يحب الصابرين {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }آل عمران147 .
    تماماً وذات الموقف الذي وقفته الفئة المؤمنة مع طالوت : {وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }البقرة250. وفي موضع {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } آل عمران173, وهم أنفسهم وهم أنفسهم الذين صهرتهم التجارب والمحن فزادتهم إيمانا ويقينا : {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً }الأحزاب22 , وهذا إضافة إلى كونه الخيار الصحيح الذي ينتخبه الحق للمؤمنين من عباده ولأولئك الذين كتب المجد على جباههم وأيديهم فهو يوضح صفات هؤلاء الأبرار الذين سيقدر لهم هذا الشرف العظيم , شرف حمل راية الجهاد , وشرف الدفاع عن دين الله وشرف الثبات في الحرب الطويلة الممتدة , فمن ضمن صفاتهم أنهم يقاتلون ويخوضون حربهم على أرضية الإيمان المطلق بهذا الدين , وإذا أصابتهم فتنة أو حاصرتهم محنة لم يرتدوا على أدبارهم , ولم تتزعزع عقائدهم , ولم يصابوا بالرعب من عدوهم , ولم يجثوا على ركبهم طالبين العفو والمغفرة من عدوهم كما يفعل حكام العرب اليوم , بل العكس تماماً هو الذي يحدث : {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }آل عمران147 , ضراعة إلى الله في ذروة المحنة وإلحاح في الاستغفار وطلب الثبات والصبر وأخيراً طلب النصر على الكافرين ..... إنها صفات لا يمتلكها إلا من سكن الإيمان قلبه وتحرق شوقاً لانتصار الحق ودحر الباطل , ونحن نكاد نتخيل صعوبة اللحظة وفداحة الألم ونتخيل شراسة المواجهة وهمجية الأعداء لكن أيضاً نتخيل هؤلاء الربانيون كما وصفهم الحق سبحانه وتعالى صابرين مستغفرين متجردين من كل شيء إلا من إيمانهم وضراعتهم وإلحاحهم في ذلك الدعاء المختوم بطلب النصر الذي لا يعني أمجاداً شخصية بل إعلاء لرايات الحق ( وانصرنا على القوم الكافرين ) هذا هو الخيار الصحيح في مواجهة المحنة والشدة واضطراب الحسابات , وهذه هي صفات الساعين من أجل النصر , لذلك يكون من الطبيعي أن يسخر الحق سبحانه وتعالى كل شيء لخدمتهم , ومن الطبيعي أن تكون الإجابة الإلهية حاضرة .
    {فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }آل عمران148, {فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ }البقرة251 , هذا جزءٌ من سنة الله الفاعلة في الكون وهذا هو الموقف الأصيل للمؤمنين في مواجهة الواقع الصعب وفي مواجهة المحن والشدائد والنكبات فهل نعي الدرس ...

  • #2
    بارك الله فيك
    سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

    تعليق


    • #3
      أكرمك ربي وجزاك الله خير الجزاء

      موضوووووووووع مهم جدا وخاصة في هذه الأوقات العصيبة

      في ميزان حسناتك
      والى الامام ان شاء الله
      أيها العضو الصديق لا بأس أن تؤيد رأيك بالحجة و البرهان .....

      كما لا بأس أن تنقض أدلتي ، وتزييف مما تعتقد أنك مبطل له
      .....

      لكن هناك أمر لا أرضاه لك أبدا ما حييت ، ولا أعتقد أنه ينفعك
      ؟

      الشتم و السباب

      تعليق


      • #4
        بوركت أخي الكريم وزادك الله فهما وثباتا علي منهج الأنبياء والرسل
        لغة الجموع تجاوزت خطراتي ... وتقاصرت عن وصفها كلماتي
        وتجبرت فوق العروش وكبـرت ... الله أكبر قد هزمت طغــــــاتي

        تعليق


        • #5
          بارك الله فيك اخى الكريم وجزاك الله كل خير



          هـــــتـــــلـــــر فـــــلـــــســـــطـــــيـــــن
          أبـــــو مـــــازن

          تعليق

          يعمل...
          X