أبرز صفات المنافقين
محاربتهم للإسلام سرا مع التظاهر بالدعوة إليه
وأذكر الآن عودا على بدء أن هذه الحركة -كما قلت- هي بدأت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن قد واجه هذا الأمر مواجهة صريحة وواضحة، وأذكر الآن أبرز الصفات التي يتصف بها هؤلاء فقد تحدث القرآن في آيات كثيرة، بل في سور كثيرة، السور المدنية تبلغ ثلاثين سورة منها خمسة عشر سورة كلها في الحديث أو أغلبها في الحديث عن المنافقين، سورة البقرة تتحدث عن المنافقين، سورة التوبة تتحدث عن المنافقين، سورة الأحزاب تتحدث عن المنافقين، هناك سورة باسمهم سورة المنافقون، القرآن كتاب الله واجه هذه القضية مواجهة واضحة، وعراهم تعرية جازمة، وهنا أذكر باختصار أبرز صفات المنافقين حتى تتعرفوا عليهم وحتى تعرفوهم في لحن القول:
أولا: محاربتهم للإسلام سرا مع التظاهر بالدعوة إليه (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادَاً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)(1).
توليهم الكفار من دون المؤمنين: (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ)(2).
من صفاتهم الاستهزاء بالله ورسوله في كل مناسبة تسمح لهم، ورميهم المؤمنين الصادقين بالسفه، والبعد عن الدين (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ)(3) وهذه الصفة، أي: صفة الاستهزاء نلمسها ونشاهدها من كثير من هؤلاء حتى في عصرنا الحاضر (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ)(4).
ادعائهم الإصلاح فيما يعملون وهذه من أخطر صفاتهم التي أدت إلى غفلة كثير من المسلمين عن واقعهم (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ)(5)، (وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)(6)، (ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً)(7) آيات عديدة تكشف عن حقيقة هؤلاء، ولكن عند المعتبرون.
من صفاتهم ضعف عبادتهم وتساهلهم في أداء أركان الإسلام (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً)(، (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ)(9)، (يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً)(10).
ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم " أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء، وصلاة الفجر " (11) ويقول صلى الله عليه وسلم " تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقرها أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا " (12).
من صفاتهم الإنفاق رياء وسمعة، والامتناع عن الإنفاق في سبيل الله: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)(13)، (وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(14).
من صفاتهم تثاقلهم عن الجهاد، وعن الدعوة إلى الله،وتثبيط المؤمنين، وتخذيلهم، وإرجافهم، وبث الشائعات فيهم: (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ)(15)، وأقول -بهذه المناسبة-: المجاهدون الأفغان، وقد سمعت هذا من عدد من المجاهدين قالوا: إننا نواجه روسيا ومواجهة روسيا بحربها الشرسة الفظيعة، أسهل علينا من المنافقين في داخل الصف، المنافقون في داخل الصف، حتى في صف الأفغان، أثروا تأثيرا سلبيا في المجاهدين، وهم إلى الآن في الوقت الذي يسعى المسلمون أن يجاهدون لقطف الثمرة، وللانتصار، ونسأل الله أن ينصرهم يعمل المنافقون بشراسة، وآثارهم أشد من آثار الروس على المجاهدين.
ونسأل الله أن يخزيهم، وأن يذلهم، وأن يخيب آمالهم، وأن يرد كيدهم إلى داخل نحورهم (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ)(16) (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ)(17) (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ)(1 (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً)(19) (وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ)(20).
تسترهم بالأيمان الكاذبة، ومخادعتهم للمؤمنين وجبنهم وخوفهم وعدم ثباتهم: (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(21) (وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ)(22) ويقول -سبحانه وتعالى-: (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا)(23) (فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ)(24).
تحاكمهم إلى الطاغوت وحكمهم بغير ما أنزل الله سبحانه وتعالى
من صفاتهم: وهي صفة مهمة، وتوجد في عصرنا الحاضر تحاكمهم إلى الطاغوت وحكمهم بغير ما أنزل الله -سبحانه وتعالى- (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ)(25) (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً)(26) (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(27).
واستمعوا إلى هذه القصة عن مثل هؤلاء:" اختصم يهودي ومنافق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحكم الرسول صلى الله عليه وسلم بالحق، وحاشاه أن يحكم بغير ذلك، ولكنه حكم لأن الحق لليهودي فلم يرض المنافق، وقال: هيا بنا نتحاكم إلى عمر، فذهبا إلى عمر، وقرعا عليه الباب، فخرج عمر قال: ما جاء بكما؟ فقال اليهودي: إن بيني وبين هذا الرجل خصومة -هذا المنافق هو مسلم، يعلن إسلامه، لا يعرف أنه منافق، نحن عرفنا الآن، أنه منافق، أما في ذلك الوقت فلا يعرف أنه منافق فقال: إن بيني وبين هذا الرجل خصومة - وتحاكمنا إلى محمد -يقول هذا اليهودي- فحكم بيننا، ولكن هذا الرجل لم يرض فطلب أن نتحاكم إليك، فقال لهذا الرجل -الذي هو المنافق-: أصحيح ذلك؟ قال: نعم، إنني رضيت بحكمك، قال: أرضيت بحكمي؟ قال: نعم، قال انتظرا سآتي أحكم بينكما، فدخل وأخذ سيفه وخرج وضرب به المنافق حتى برد، قتله -رضي الله عنه-".
أين عمر؟ وما أحوجنا إلى أمثال عمر، أولئك الذين لا يرضون بحكم الله، ولا بحكم رسوله، ويقول عنه -سبحانه وتعالى- أنهم كما قرأت في هذه الآيات: (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ)(2 ولمسنا هذا، وشاهدناه، بعض التجار إذا عقدوا عقدا مع بعض الشركات الأجنبية يكتبون في الخفاء، أنهم يتحاكمون في المشكلات إلى المحاكم الغربية، نعم وجد هذا من بعض التجار في عقودهم مع الشركات الغربية، يكتبون في العقد أنهم يتحاكمون إلى المحاكم الغربية ولا يرضون بأن يتحاكموا إلى المحاكم الشرعية التي توجد في البلد، ماذا حكم هؤلاء؟
أيضا من صفاتهم: الكذب، وإخلاف الوعد، ونقض العهد وخيانة الأمانة، والغدر بالعهد (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)(29) (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ)(30).
ومن أبرز سماتهم في عصرنا الحاضر استمعوا إلى السمات التالية تضاف إلى الصفات التي أشرت إليها من صفات المنافقين في الماضي، والحاضر لهم صفات في عصرنا الحاضر من أبرز صفاتهم:
عدم المواجهة: ليست لديهم قدرة على المواجهة، إنما هم يهربون عن مواجهة أهل الحق، وينسلون كما انسل أسلافهم.
من صفاتهم: التلون كالحرباء في مجلس المؤمنين هم مؤمنون، وفي مجلس الكافرين هم من الكافرين (وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ)(31) (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ)(32).
من صفاتهم: طول النفس، طول النفس في تحقيق أهدافهم ومآربهم، لديهم طول نفس غريب من أجل تحقيق أهدافهم، يخططون بفكر، وبهدوء.
ولهذا تأتي الصفة الرابعة: وهي أنهم يحسبون المكاسب لا الخسائر، مثلا إذا قدموا مشروع، ولم يوافق على هذا المشروع، ولكنه ووفق على جزء منه يقولون: انتصرنا معليش، خطوة واحدة اليوم، وخطوة غدا، وخطوة بعد غد، وهكذا يفككون الأمة شيئا فشيئا فشيئا حتى تنحل من عقدها.
كما ورد في حديث صحيح رواه الإمام أحمد " تنقض عرى الإسلام عروة عروة "(33) أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن عرى الإسلام تنقض عروة عروة، وكل مصيبة كلما نقضت عروة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم " تشبث الناس بالتي بعدها " (34) وهذا واقع كثير من الناس الآن، تنقض عروة ثم يتشبثون بالتي بعدها، الأمر الواقع ماذا نعمل؟ لا بد أن نرضى، ثم تنقض عروة أخرى، ويتشبثون بالتي بعدها حتى تنقض عرى الإسلام -والعياذ بالله-.
محاربتهم للإسلام سرا مع التظاهر بالدعوة إليه
وأذكر الآن عودا على بدء أن هذه الحركة -كما قلت- هي بدأت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن قد واجه هذا الأمر مواجهة صريحة وواضحة، وأذكر الآن أبرز الصفات التي يتصف بها هؤلاء فقد تحدث القرآن في آيات كثيرة، بل في سور كثيرة، السور المدنية تبلغ ثلاثين سورة منها خمسة عشر سورة كلها في الحديث أو أغلبها في الحديث عن المنافقين، سورة البقرة تتحدث عن المنافقين، سورة التوبة تتحدث عن المنافقين، سورة الأحزاب تتحدث عن المنافقين، هناك سورة باسمهم سورة المنافقون، القرآن كتاب الله واجه هذه القضية مواجهة واضحة، وعراهم تعرية جازمة، وهنا أذكر باختصار أبرز صفات المنافقين حتى تتعرفوا عليهم وحتى تعرفوهم في لحن القول:
أولا: محاربتهم للإسلام سرا مع التظاهر بالدعوة إليه (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادَاً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)(1).
توليهم الكفار من دون المؤمنين: (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ)(2).
من صفاتهم الاستهزاء بالله ورسوله في كل مناسبة تسمح لهم، ورميهم المؤمنين الصادقين بالسفه، والبعد عن الدين (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ)(3) وهذه الصفة، أي: صفة الاستهزاء نلمسها ونشاهدها من كثير من هؤلاء حتى في عصرنا الحاضر (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ)(4).
ادعائهم الإصلاح فيما يعملون وهذه من أخطر صفاتهم التي أدت إلى غفلة كثير من المسلمين عن واقعهم (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ)(5)، (وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)(6)، (ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً)(7) آيات عديدة تكشف عن حقيقة هؤلاء، ولكن عند المعتبرون.
من صفاتهم ضعف عبادتهم وتساهلهم في أداء أركان الإسلام (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً)(، (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ)(9)، (يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً)(10).
ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم " أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء، وصلاة الفجر " (11) ويقول صلى الله عليه وسلم " تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقرها أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا " (12).
من صفاتهم الإنفاق رياء وسمعة، والامتناع عن الإنفاق في سبيل الله: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)(13)، (وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(14).
من صفاتهم تثاقلهم عن الجهاد، وعن الدعوة إلى الله،وتثبيط المؤمنين، وتخذيلهم، وإرجافهم، وبث الشائعات فيهم: (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ)(15)، وأقول -بهذه المناسبة-: المجاهدون الأفغان، وقد سمعت هذا من عدد من المجاهدين قالوا: إننا نواجه روسيا ومواجهة روسيا بحربها الشرسة الفظيعة، أسهل علينا من المنافقين في داخل الصف، المنافقون في داخل الصف، حتى في صف الأفغان، أثروا تأثيرا سلبيا في المجاهدين، وهم إلى الآن في الوقت الذي يسعى المسلمون أن يجاهدون لقطف الثمرة، وللانتصار، ونسأل الله أن ينصرهم يعمل المنافقون بشراسة، وآثارهم أشد من آثار الروس على المجاهدين.
ونسأل الله أن يخزيهم، وأن يذلهم، وأن يخيب آمالهم، وأن يرد كيدهم إلى داخل نحورهم (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ)(16) (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ)(17) (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ)(1 (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً)(19) (وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ)(20).
تسترهم بالأيمان الكاذبة، ومخادعتهم للمؤمنين وجبنهم وخوفهم وعدم ثباتهم: (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(21) (وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ)(22) ويقول -سبحانه وتعالى-: (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا)(23) (فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ)(24).
تحاكمهم إلى الطاغوت وحكمهم بغير ما أنزل الله سبحانه وتعالى
من صفاتهم: وهي صفة مهمة، وتوجد في عصرنا الحاضر تحاكمهم إلى الطاغوت وحكمهم بغير ما أنزل الله -سبحانه وتعالى- (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ)(25) (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً)(26) (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(27).
واستمعوا إلى هذه القصة عن مثل هؤلاء:" اختصم يهودي ومنافق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحكم الرسول صلى الله عليه وسلم بالحق، وحاشاه أن يحكم بغير ذلك، ولكنه حكم لأن الحق لليهودي فلم يرض المنافق، وقال: هيا بنا نتحاكم إلى عمر، فذهبا إلى عمر، وقرعا عليه الباب، فخرج عمر قال: ما جاء بكما؟ فقال اليهودي: إن بيني وبين هذا الرجل خصومة -هذا المنافق هو مسلم، يعلن إسلامه، لا يعرف أنه منافق، نحن عرفنا الآن، أنه منافق، أما في ذلك الوقت فلا يعرف أنه منافق فقال: إن بيني وبين هذا الرجل خصومة - وتحاكمنا إلى محمد -يقول هذا اليهودي- فحكم بيننا، ولكن هذا الرجل لم يرض فطلب أن نتحاكم إليك، فقال لهذا الرجل -الذي هو المنافق-: أصحيح ذلك؟ قال: نعم، إنني رضيت بحكمك، قال: أرضيت بحكمي؟ قال: نعم، قال انتظرا سآتي أحكم بينكما، فدخل وأخذ سيفه وخرج وضرب به المنافق حتى برد، قتله -رضي الله عنه-".
أين عمر؟ وما أحوجنا إلى أمثال عمر، أولئك الذين لا يرضون بحكم الله، ولا بحكم رسوله، ويقول عنه -سبحانه وتعالى- أنهم كما قرأت في هذه الآيات: (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ)(2 ولمسنا هذا، وشاهدناه، بعض التجار إذا عقدوا عقدا مع بعض الشركات الأجنبية يكتبون في الخفاء، أنهم يتحاكمون في المشكلات إلى المحاكم الغربية، نعم وجد هذا من بعض التجار في عقودهم مع الشركات الغربية، يكتبون في العقد أنهم يتحاكمون إلى المحاكم الغربية ولا يرضون بأن يتحاكموا إلى المحاكم الشرعية التي توجد في البلد، ماذا حكم هؤلاء؟
أيضا من صفاتهم: الكذب، وإخلاف الوعد، ونقض العهد وخيانة الأمانة، والغدر بالعهد (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)(29) (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ)(30).
ومن أبرز سماتهم في عصرنا الحاضر استمعوا إلى السمات التالية تضاف إلى الصفات التي أشرت إليها من صفات المنافقين في الماضي، والحاضر لهم صفات في عصرنا الحاضر من أبرز صفاتهم:
عدم المواجهة: ليست لديهم قدرة على المواجهة، إنما هم يهربون عن مواجهة أهل الحق، وينسلون كما انسل أسلافهم.
من صفاتهم: التلون كالحرباء في مجلس المؤمنين هم مؤمنون، وفي مجلس الكافرين هم من الكافرين (وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ)(31) (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ)(32).
من صفاتهم: طول النفس، طول النفس في تحقيق أهدافهم ومآربهم، لديهم طول نفس غريب من أجل تحقيق أهدافهم، يخططون بفكر، وبهدوء.
ولهذا تأتي الصفة الرابعة: وهي أنهم يحسبون المكاسب لا الخسائر، مثلا إذا قدموا مشروع، ولم يوافق على هذا المشروع، ولكنه ووفق على جزء منه يقولون: انتصرنا معليش، خطوة واحدة اليوم، وخطوة غدا، وخطوة بعد غد، وهكذا يفككون الأمة شيئا فشيئا فشيئا حتى تنحل من عقدها.
كما ورد في حديث صحيح رواه الإمام أحمد " تنقض عرى الإسلام عروة عروة "(33) أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن عرى الإسلام تنقض عروة عروة، وكل مصيبة كلما نقضت عروة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم " تشبث الناس بالتي بعدها " (34) وهذا واقع كثير من الناس الآن، تنقض عروة ثم يتشبثون بالتي بعدها، الأمر الواقع ماذا نعمل؟ لا بد أن نرضى، ثم تنقض عروة أخرى، ويتشبثون بالتي بعدها حتى تنقض عرى الإسلام -والعياذ بالله-.
تعليق