بسم الله الرحمن الرحيم
"رب يسر وأعن"
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك فإنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
لقد جاء في صحيحي البخاري ومسلم حديث عظيم وجدير على كل مسلم أن يقف معه ويفهم المراد منه، هذا الحديث احتج به بعض الإخوة على ردة أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- -رضي الله عنهم- بعد وفاته –صلى الله عليه وسلم-.
نحن كمسلمين إذا سلمنا الأمر بهذا وتركنا هذا الفريق يقوم بتأويل هذا الحديث بهذه المعنى، فعندها يلزمنا أن نرد الكتاب –القرآن- والسنة ونحكم على بطلانها، وذلك أن نقلة الكتاب والسنة مرتدين وكفار، لأن من شروط نقلة هذا الدين أن يكون مسلما ثقة، فإذا كان مسلما غير ثقة لا نقبل منه، فكيف إذا كان مرتدا والعياذ بالله.
أيضا إن القول بردة أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- يفتح علينا باب الفتنة، فيتسلل الأعداء منها ويبثوا سمومهم فينا، ولا نستطيع أن ندعوهم إلى الإسلام وذلك أن نقلة الإسلام كفار، فكيف ندعوهم لدين نقلتهم على الشرك والنصارى خير منهم لأن النصارى أهل كتاب.
والآن تعالوا معي أيها الإخوة والأخوات أن ندخل في صلب موضوعنا المهم، سلمني الله وإياكم من الخطأ وهداني الله وإياكم إلى الحق:
البخاري –رحمه الله- أورد في صحيحه هذا الحديث فقال:
حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "تحشرون حفاة عراة غُرْلا". ثم قرأ "كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْق نُّعيدُه وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ" فأول من يكسى إبراهيم، ثم يأخذ برجال من أصحابي ذات اليمين وذات الشمال، فأقول أصحابي أصحابي، فيقال إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول كما قال العبد الصالح عيسى بن مريم "وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ".
حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا وهيب حدثنا عبدالعزيز عن أنس –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "لَيَرِدَنَّ علي ناس من أصحابي الحوض حتى عرفتهم اختُلِجُوا دوني، فأقول أصحابي، فيقول لا تدري ما أحدثوا بعدك".
وغيرها من الروايات.
مسلم –رحمه الله- أورد هذا الحديث في صحيحه فقال:
حدثني محمد بن حاتم حدثنا عفان بن مسلمِِ الصَّفار حدثنا وهيب قال سمعت عبدالعزيز بن صهيب يحدث قال حدثنا أنس بن مالك –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "لَيَرِدَنَّ عليَّ الحوض رجالٌ ممن صاحبني، حتى إذا رأيتُهُمْ ورُفُعوا إلي اختُلِجُوا دوني، فلأقولن أي ربي أصيحابي أصيحابي، فَلَيُقَالَنَّ لي إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك".
أيها الإخوة والأخوات تعالوا معي في رحلة سريعة لنعرف من خلالها ما المراد بالأصحاب هنا؟
المراد بالأصحاب في هذا الحديث اختلف فيه العلماء على عدة أوجه:
الوجه الأول:
بأن المراد (بالأصحاب) هم المنافقون، وهم الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، وهم نوعان:
1)- ظاهر النفاق: الذين يتكاسلون عن الصلاة ويسخرون من المؤمنين وعن أعمالهم، مثل رأس المنافقين عبدالله بن أبي سلول.
2)- خفي النفاق: لم يعلمه الرسول –صلى الله عليه وسلم- في خلافته وبعثته –صلى الله عليه وسلم-، وسيعلمهم الله يوم القيامة بنص القرآن الكريم، حيث قال الله: "وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ". (سورة التوبة،101). فهؤلاء هم الذين يظن النبي –صلى الله عليه وسلم- بأنهم من أصحابه، فإذا بهم يذادون من الحوض، فيقول –صلى الله عليه وسلم- "أصحابي أصحابي". فيقال له –صلى الله عليه وسلم-: "إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك". أو "لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ أن فارقتهم". وفي رواية مسلم "أصيحابي". قال العلماء فهذا دلالة على قلة عدد هؤلاء.
الوجه الثاني:
المراد "بالأصحاب" في الحديث هم المرتدون عن الإسلام بعد وفاة الرسول –صلى الله عليه وسلم- وماتوا على الردة والعياذ بالله، حيث أن الوفود لما قدمت على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في عام الوفود في المدينة المنورة، فلما توفي صلى الله عليه وسلم- ارتد البعض منهم، أما أهل المدينة ومكة والطائف وقبيلة عبدقيس لم يرتد منها أحد، أما غيرها من القبائل ارتد فيه أناس وبعضها ارتدت بالكامل، حتى قاتلهم أبوبكر الصديق –رضي الله عنه-، فهؤلاء لم يعلم النبي –صلى الله عليه وسلم- بردتهم فلما يراهم يظنهم انهم من أصحابه فإذا بهم يذادون عن الحوض فعندها يعلمهم –صلى الله عليه وسلم-، فيقول لهم "سحقا سحقا" كما جاء في رواية أخرى.
فإن قيل كيف لا يعلمهم والله عزوجل يعرض عليه أعمال أمته في القبر؟
الجواب:
أولا: بأنهم ليسوا من أمته –صلى الله عليه وسلم- حتى تعرض أعمالهم عليه –صلى الله عليه وسلم-.
ثانيا: بأن الله عزوجل يعرض عليه –صلى الله عليه وسلم- أعمال المسلمين والموحدين لا المنافقين والمرتدين.
الوجه الثالث:
أن كلمة (الأصحاب) هذه كغيرها من الكلمات اللغة العربية لها معنيان، معنى عام –اللغوي- ومعنى اصطلاحي، فالمعنى اللغوي العام: وهو المعروف من الصحبة. أما المعنى الاصطلاحي: فهو الذي صحب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- مؤمنا به ومات على إيمانه.
إذا فكلمة (الأصحاب) في الحديث المراد منها المعنى اللغوي العام، بمعنى أن (الصحابي) هو كل من صحب النبي –صلى الله عليه وسلم- سواء آمن به أو لم يؤمن. والدليل على ذلك أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- قال عن عبدالله بن أبي سلول (صحابي) في تلك الواقعة الشهيرة التي سجلها رب العالمين في كتابه إلى قيام الساعة قال الله بلسان المنافق الخبيث: "لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنْهَا الأذَلَّ". (سورة المنافقون/8). ولما بلغ هذا القول لعمر بن الخطاب –رضي الله عنه- فقال: (يا رسول الله دعني أن أضرب عنق هذا المنافق). فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "يا عمر دعه لا يحدث الناس بأن محمد يقتل أصحابه". فجعل عبدالله يدخل تحت لفظ الأصحاب وهو ليس من أصحابه هو في الدرك الأسفل من النار كما قال الله في سورة النساء.
ثمة أمر آخر مهم أنه يستطيع أن يأتي واحد من النواصب ويستدل بهذه الآية الكريمة على ردة أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- ويدخل فيها علي وابنيهما –رضي الله عنهم- جميعا، وذلك أن هذا الحديث لم يعين المرتدين، فلماذا يا إخوان تجعلون فيها أبوبكر وعمر –رضي الله عنهما-.
فمن هنا قلت يا إخوان أن أمثال هذه التأويلات الفاسدة تفتح علينا باب الفتن وهي ليست في صالح أحد بل هي مضرة للإسلام، وهذا شأن أي مسألة إذا خالفت المنهج الصحيح وأولت تأويلا خاطئا.
فنسأل الله عزوجل أن يهدينا للحق ويثبتنا عليه، وأن يجعلنا خدما للإسلام، وأن يجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلين، وأن يوحد صف الأمة تحت الكتاب والسنة، وأن ينصرنا على كل من ظلمنا، وأن يردنا الله للإسلام ردا جميلا.
"لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين".
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
"رب يسر وأعن"
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك فإنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
لقد جاء في صحيحي البخاري ومسلم حديث عظيم وجدير على كل مسلم أن يقف معه ويفهم المراد منه، هذا الحديث احتج به بعض الإخوة على ردة أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- -رضي الله عنهم- بعد وفاته –صلى الله عليه وسلم-.
نحن كمسلمين إذا سلمنا الأمر بهذا وتركنا هذا الفريق يقوم بتأويل هذا الحديث بهذه المعنى، فعندها يلزمنا أن نرد الكتاب –القرآن- والسنة ونحكم على بطلانها، وذلك أن نقلة الكتاب والسنة مرتدين وكفار، لأن من شروط نقلة هذا الدين أن يكون مسلما ثقة، فإذا كان مسلما غير ثقة لا نقبل منه، فكيف إذا كان مرتدا والعياذ بالله.
أيضا إن القول بردة أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- يفتح علينا باب الفتنة، فيتسلل الأعداء منها ويبثوا سمومهم فينا، ولا نستطيع أن ندعوهم إلى الإسلام وذلك أن نقلة الإسلام كفار، فكيف ندعوهم لدين نقلتهم على الشرك والنصارى خير منهم لأن النصارى أهل كتاب.
والآن تعالوا معي أيها الإخوة والأخوات أن ندخل في صلب موضوعنا المهم، سلمني الله وإياكم من الخطأ وهداني الله وإياكم إلى الحق:
البخاري –رحمه الله- أورد في صحيحه هذا الحديث فقال:
حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "تحشرون حفاة عراة غُرْلا". ثم قرأ "كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْق نُّعيدُه وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ" فأول من يكسى إبراهيم، ثم يأخذ برجال من أصحابي ذات اليمين وذات الشمال، فأقول أصحابي أصحابي، فيقال إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول كما قال العبد الصالح عيسى بن مريم "وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ".
حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا وهيب حدثنا عبدالعزيز عن أنس –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "لَيَرِدَنَّ علي ناس من أصحابي الحوض حتى عرفتهم اختُلِجُوا دوني، فأقول أصحابي، فيقول لا تدري ما أحدثوا بعدك".
وغيرها من الروايات.
مسلم –رحمه الله- أورد هذا الحديث في صحيحه فقال:
حدثني محمد بن حاتم حدثنا عفان بن مسلمِِ الصَّفار حدثنا وهيب قال سمعت عبدالعزيز بن صهيب يحدث قال حدثنا أنس بن مالك –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "لَيَرِدَنَّ عليَّ الحوض رجالٌ ممن صاحبني، حتى إذا رأيتُهُمْ ورُفُعوا إلي اختُلِجُوا دوني، فلأقولن أي ربي أصيحابي أصيحابي، فَلَيُقَالَنَّ لي إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك".
أيها الإخوة والأخوات تعالوا معي في رحلة سريعة لنعرف من خلالها ما المراد بالأصحاب هنا؟
المراد بالأصحاب في هذا الحديث اختلف فيه العلماء على عدة أوجه:
الوجه الأول:
بأن المراد (بالأصحاب) هم المنافقون، وهم الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، وهم نوعان:
1)- ظاهر النفاق: الذين يتكاسلون عن الصلاة ويسخرون من المؤمنين وعن أعمالهم، مثل رأس المنافقين عبدالله بن أبي سلول.
2)- خفي النفاق: لم يعلمه الرسول –صلى الله عليه وسلم- في خلافته وبعثته –صلى الله عليه وسلم-، وسيعلمهم الله يوم القيامة بنص القرآن الكريم، حيث قال الله: "وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ". (سورة التوبة،101). فهؤلاء هم الذين يظن النبي –صلى الله عليه وسلم- بأنهم من أصحابه، فإذا بهم يذادون من الحوض، فيقول –صلى الله عليه وسلم- "أصحابي أصحابي". فيقال له –صلى الله عليه وسلم-: "إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك". أو "لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ أن فارقتهم". وفي رواية مسلم "أصيحابي". قال العلماء فهذا دلالة على قلة عدد هؤلاء.
الوجه الثاني:
المراد "بالأصحاب" في الحديث هم المرتدون عن الإسلام بعد وفاة الرسول –صلى الله عليه وسلم- وماتوا على الردة والعياذ بالله، حيث أن الوفود لما قدمت على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في عام الوفود في المدينة المنورة، فلما توفي صلى الله عليه وسلم- ارتد البعض منهم، أما أهل المدينة ومكة والطائف وقبيلة عبدقيس لم يرتد منها أحد، أما غيرها من القبائل ارتد فيه أناس وبعضها ارتدت بالكامل، حتى قاتلهم أبوبكر الصديق –رضي الله عنه-، فهؤلاء لم يعلم النبي –صلى الله عليه وسلم- بردتهم فلما يراهم يظنهم انهم من أصحابه فإذا بهم يذادون عن الحوض فعندها يعلمهم –صلى الله عليه وسلم-، فيقول لهم "سحقا سحقا" كما جاء في رواية أخرى.
فإن قيل كيف لا يعلمهم والله عزوجل يعرض عليه أعمال أمته في القبر؟
الجواب:
أولا: بأنهم ليسوا من أمته –صلى الله عليه وسلم- حتى تعرض أعمالهم عليه –صلى الله عليه وسلم-.
ثانيا: بأن الله عزوجل يعرض عليه –صلى الله عليه وسلم- أعمال المسلمين والموحدين لا المنافقين والمرتدين.
الوجه الثالث:
أن كلمة (الأصحاب) هذه كغيرها من الكلمات اللغة العربية لها معنيان، معنى عام –اللغوي- ومعنى اصطلاحي، فالمعنى اللغوي العام: وهو المعروف من الصحبة. أما المعنى الاصطلاحي: فهو الذي صحب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- مؤمنا به ومات على إيمانه.
إذا فكلمة (الأصحاب) في الحديث المراد منها المعنى اللغوي العام، بمعنى أن (الصحابي) هو كل من صحب النبي –صلى الله عليه وسلم- سواء آمن به أو لم يؤمن. والدليل على ذلك أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- قال عن عبدالله بن أبي سلول (صحابي) في تلك الواقعة الشهيرة التي سجلها رب العالمين في كتابه إلى قيام الساعة قال الله بلسان المنافق الخبيث: "لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنْهَا الأذَلَّ". (سورة المنافقون/8). ولما بلغ هذا القول لعمر بن الخطاب –رضي الله عنه- فقال: (يا رسول الله دعني أن أضرب عنق هذا المنافق). فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "يا عمر دعه لا يحدث الناس بأن محمد يقتل أصحابه". فجعل عبدالله يدخل تحت لفظ الأصحاب وهو ليس من أصحابه هو في الدرك الأسفل من النار كما قال الله في سورة النساء.
ثمة أمر آخر مهم أنه يستطيع أن يأتي واحد من النواصب ويستدل بهذه الآية الكريمة على ردة أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- ويدخل فيها علي وابنيهما –رضي الله عنهم- جميعا، وذلك أن هذا الحديث لم يعين المرتدين، فلماذا يا إخوان تجعلون فيها أبوبكر وعمر –رضي الله عنهما-.
فمن هنا قلت يا إخوان أن أمثال هذه التأويلات الفاسدة تفتح علينا باب الفتن وهي ليست في صالح أحد بل هي مضرة للإسلام، وهذا شأن أي مسألة إذا خالفت المنهج الصحيح وأولت تأويلا خاطئا.
فنسأل الله عزوجل أن يهدينا للحق ويثبتنا عليه، وأن يجعلنا خدما للإسلام، وأن يجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلين، وأن يوحد صف الأمة تحت الكتاب والسنة، وأن ينصرنا على كل من ظلمنا، وأن يردنا الله للإسلام ردا جميلا.
"لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين".
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تعليق