في محاولة لتوضيح وجهة نظره في فتواه التي اعتبر أنها أسيء فهمها حول القبلات بين غير المتزوجين، أصدر المفكر الإسلامي المصري جمال البنا كتابا لتأصيل الموقف الشرعي في القضية، مؤكدا أنه لم يسع أبدا إلى إباحة هذه القبلات، ولكنه أشار إلى أن الإسلام لم يعتبرها من كبائر الذنوب، بل "من الصغائر التي تعالج بالحسنات". وكانت فتوى أصدرها البنا في مارس الماضي خلال حديث مع قناة "الساعة" الفضائية تبيح تبادل القبلات بين الشباب والشابات في الأماكن العامة، أثارت جدلا دينيا وإجتماعيا واسعا، وتعرض بسببها لهجوم شديد من علماء الأزهر الذين اتهموه بالتشجيع على نشر الفاحشة في المجتمع، وطالبوه بالتراجع عنها. وفي وقت لاحق فسر جمال البنا فتواه في برنامج حوار العرب بقناة "العربية" أنه لم يقل إن القبلات بين غير المتزوجين حلال، لكنه اعتبرها "ليست أمرا إداً" وأرجعها إلى تعنت الأباء والأمهات في شروط الزواج. حمل الكتاب، الذي جاء في 254 صفحة من القطع الكبير، عنوان "قضية القبلات وبقية الاجتهادات"، وضم 3 أقسام، خصص القسم الأول لفتوى القبلات، التي اعتبر أنه أسيء فهمها "فقيل إن جمال البنا يبيح القبلات بين الشباب والفتيات، إلى آخر ما أريد به التشنيع عليه".
وقال البنا إنه في هذا القسم عالج هذا الموضوع معالجة تفصيلية من 6 مداخل، "أولها أن القبلة رد فعل سيء لفعل سيء". وشرح لـ"العربية.نت" أن السيء هو تعسف الأباء والأمهات في شروط الزواج ورفضهم إعمال الحديث النبوي "إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه، إن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير". لكنهم لم يفعلوا فحدث رد فعل متمثل في صورة من الانحرافات أبسطها القبلات". وأضاف "أنا إذاً أقوم بتحليل الموقف ولا أحلل القبلات نفسها. أقول للأباء.. لقد خالفتم أمرا شرعيا بتسهيل الزواج فوقع أبناؤكم في هذا الغلط، وبالتالي اللوم يقع عليكم أنتم. والمشكلة أن النفاق الاجتماعي مسيطر علينا". واستطرد البنا: إذا كنت أقول إن القبلات رد فعل سيء، فهذا معناه أنها ليست مباحة، لكني أوصفها بكونها ضرورة سيئة نتيجة الضعف البشري الذي يقبله الإسلام لحتمية وجوده في النفس البشرية، وعلاجه الشرعي "الحسنة تدرأ السيئة". ومضي في حديثه بأنه اعتمد في تأصيله على كلام الفقهاء كلهم بداية من الطبري وإبن كثير والقرطبي ونهاية بسيد قطب، الذين فسروا آية "الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى" فجعلوا "القبلة والضمة والغمزة" من اللمم، وبعضهم أضاف إليه "السرقة الأولى ثم يتوب، والزنية الأولى ثم يتوب".
قوة فطرية وليس مزاجا
وأجاب البنا عن سؤال من "العربية.نت" حول إحتمال أن يعتبر هذا البحث تشجيعا للشباب على القبلات محتمين بمبرر "اللمم" كما اتهمت فتواه في البداية، فقال "يشجع أو لا يشجع. الأمر ليس بأمانيكم ولا بأماني أهل الكتاب، هناك فعل سيء يرتكب لابد أن تكون له نتيجة. هؤلاء الذين ينتقدون ما قلته، يجب أن يفهموا أن الأمر ليس بمزاجهم ولا بمزاج الشباب والفتيات. هناك قوة فطرية تسيطر عليهم وعوامل تساعدها، فمن الضروي أن يكون هناك رد فعل". وتناول كتاب "قضية القبلات وبقية الاجتهادات" المداخل الأخرى في التأصيل الشرعي لفتوى البنا، وهي: كيف تعامل الإسلام مع الضعف البشري، وحدد لذلك 3 مبررات، أولها أن الإنسان واقع في الخطأ لا محالة و لابد من الاعتراف بذلك، وثانيها أن الحسنات تذهب صغائر الذنوب، والتوبة تذهب كبائر الاثم والفواحش، والمبرر الأخير جمع أقوال المفسرين عن "اللمم". كما تحدث عن أن النظرة إلى المرأة في العالم الإسلامي أقرب إلى الجاهلية منها إلى الإسلام، وأن الدين وحده ليس هو كل شيء، وأن العصر الحديث عند المسلمين بمثابة الحاضر الغائب. وخصص أيضا مدخلا للحب والجمال قائلا إنهما عالمان مغيبان عن المجتمع الإسلامي.
وربط البنا فكرة "حتمية وقوع الإنسان في الخطأ"، بالحديث النبوي "كتب على إبن آدم حظه من الزنا، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان تزنيان واليدان تزنيان والأذنان تزنيان، ويصدق ذلك أو يكذبه الفرج". وأضاف أنه لا بد من الوقوع في تلك الأخطاء من الزنا الواقعة في تصنيف "اللمم" الذي لا يتحول إلى زنا كامل إلا إذا أصبح عمليا، أي ممارسة جنسية كاملة، وفق الحديث النبوي السابق. ومضى في شرحه بقوله "إذاً كل تلك المقدمات التي لا تتطور إلى زنا كامل، يتعامل الإسلام معها تعاملا مخففا، ويكفيها الحسنات للتكفير عنها". ولم يمنع كتاب البنا الحب بين الرجل والمرأة، منتقدا تغييب المجتمع الإسلامي للاحساس بالحب ومعنى الجمال، وتصويره للشخص المسلم على أنه إنسان متجمد المشاعر والأحاسيس لا يجب أن يتأثر بالحب وجمال المرأة، واعتبار ذلك شهوة وغريزة. وفي النهاية قال البنا لـ"العربية.نت" إن الكتاب بمثابة "تأصيل شرعي لسلوك القبلات ولسائر العلاقات بين الرجل والمرأة، يقر سلوك القبلات باعتباره أما خطأ كرد فعل لخطأ أو ضعفا بشريا، ولا يؤصل بأكثر من ذلك".
مبررات واهية
وكان رئيس جامعة الأزهر السابق، وعضو مجمع البحوث الإسلامية عبدالفتاح الشيخ، علق لـ"العربية.نت" على فتوى القبلات "بأن مبررات البنا في هذا الرأي واهية، فهو يتكلم عن الطبيعة البشرية والغريزة التي وضعها الله في الإنسان، ولكنهما محكومتان بالشريعة والأوامر التي أمرنا الله بها والنواهي التي نهانا عنها، وإلا ما فائدة الدين في حياتنا". وأضاف: "كيف يبيح القبلات بدعوى التنفيس عن الكبت، بينما يأمرنا الله بغض البصر. إن اتخاذ أزمة الزواج مبررا لهذه الفتوى معناه إعطاء الضوء الأخضر بأن تصبح العلاقة بين الشاب والفتاة علاقة حميمية مفتوحة، مما يؤدي إلى الفاحشة التي ينتج عنها الحمل على سبيل المثال، ومن ثم قد تختلط الأنساب ويصبح مجتمعنا متفلتا لا ضوابط فيه". وتساءل: "إذا سلمنا باعتبار القبلات من قبيل اللمم الذي تمحوه السيئات، فماذا نفعل لو تطور هذا اللمم إلى الذنب الكبير وهو ارتكاب جريمة الزنا، وهو حتما سيتطور، ساعتها سنندم يوم لا ينفع الندم".
وقال البنا إنه في هذا القسم عالج هذا الموضوع معالجة تفصيلية من 6 مداخل، "أولها أن القبلة رد فعل سيء لفعل سيء". وشرح لـ"العربية.نت" أن السيء هو تعسف الأباء والأمهات في شروط الزواج ورفضهم إعمال الحديث النبوي "إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه، إن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير". لكنهم لم يفعلوا فحدث رد فعل متمثل في صورة من الانحرافات أبسطها القبلات". وأضاف "أنا إذاً أقوم بتحليل الموقف ولا أحلل القبلات نفسها. أقول للأباء.. لقد خالفتم أمرا شرعيا بتسهيل الزواج فوقع أبناؤكم في هذا الغلط، وبالتالي اللوم يقع عليكم أنتم. والمشكلة أن النفاق الاجتماعي مسيطر علينا". واستطرد البنا: إذا كنت أقول إن القبلات رد فعل سيء، فهذا معناه أنها ليست مباحة، لكني أوصفها بكونها ضرورة سيئة نتيجة الضعف البشري الذي يقبله الإسلام لحتمية وجوده في النفس البشرية، وعلاجه الشرعي "الحسنة تدرأ السيئة". ومضي في حديثه بأنه اعتمد في تأصيله على كلام الفقهاء كلهم بداية من الطبري وإبن كثير والقرطبي ونهاية بسيد قطب، الذين فسروا آية "الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى" فجعلوا "القبلة والضمة والغمزة" من اللمم، وبعضهم أضاف إليه "السرقة الأولى ثم يتوب، والزنية الأولى ثم يتوب".
قوة فطرية وليس مزاجا
وأجاب البنا عن سؤال من "العربية.نت" حول إحتمال أن يعتبر هذا البحث تشجيعا للشباب على القبلات محتمين بمبرر "اللمم" كما اتهمت فتواه في البداية، فقال "يشجع أو لا يشجع. الأمر ليس بأمانيكم ولا بأماني أهل الكتاب، هناك فعل سيء يرتكب لابد أن تكون له نتيجة. هؤلاء الذين ينتقدون ما قلته، يجب أن يفهموا أن الأمر ليس بمزاجهم ولا بمزاج الشباب والفتيات. هناك قوة فطرية تسيطر عليهم وعوامل تساعدها، فمن الضروي أن يكون هناك رد فعل". وتناول كتاب "قضية القبلات وبقية الاجتهادات" المداخل الأخرى في التأصيل الشرعي لفتوى البنا، وهي: كيف تعامل الإسلام مع الضعف البشري، وحدد لذلك 3 مبررات، أولها أن الإنسان واقع في الخطأ لا محالة و لابد من الاعتراف بذلك، وثانيها أن الحسنات تذهب صغائر الذنوب، والتوبة تذهب كبائر الاثم والفواحش، والمبرر الأخير جمع أقوال المفسرين عن "اللمم". كما تحدث عن أن النظرة إلى المرأة في العالم الإسلامي أقرب إلى الجاهلية منها إلى الإسلام، وأن الدين وحده ليس هو كل شيء، وأن العصر الحديث عند المسلمين بمثابة الحاضر الغائب. وخصص أيضا مدخلا للحب والجمال قائلا إنهما عالمان مغيبان عن المجتمع الإسلامي.
وربط البنا فكرة "حتمية وقوع الإنسان في الخطأ"، بالحديث النبوي "كتب على إبن آدم حظه من الزنا، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان تزنيان واليدان تزنيان والأذنان تزنيان، ويصدق ذلك أو يكذبه الفرج". وأضاف أنه لا بد من الوقوع في تلك الأخطاء من الزنا الواقعة في تصنيف "اللمم" الذي لا يتحول إلى زنا كامل إلا إذا أصبح عمليا، أي ممارسة جنسية كاملة، وفق الحديث النبوي السابق. ومضى في شرحه بقوله "إذاً كل تلك المقدمات التي لا تتطور إلى زنا كامل، يتعامل الإسلام معها تعاملا مخففا، ويكفيها الحسنات للتكفير عنها". ولم يمنع كتاب البنا الحب بين الرجل والمرأة، منتقدا تغييب المجتمع الإسلامي للاحساس بالحب ومعنى الجمال، وتصويره للشخص المسلم على أنه إنسان متجمد المشاعر والأحاسيس لا يجب أن يتأثر بالحب وجمال المرأة، واعتبار ذلك شهوة وغريزة. وفي النهاية قال البنا لـ"العربية.نت" إن الكتاب بمثابة "تأصيل شرعي لسلوك القبلات ولسائر العلاقات بين الرجل والمرأة، يقر سلوك القبلات باعتباره أما خطأ كرد فعل لخطأ أو ضعفا بشريا، ولا يؤصل بأكثر من ذلك".
مبررات واهية
وكان رئيس جامعة الأزهر السابق، وعضو مجمع البحوث الإسلامية عبدالفتاح الشيخ، علق لـ"العربية.نت" على فتوى القبلات "بأن مبررات البنا في هذا الرأي واهية، فهو يتكلم عن الطبيعة البشرية والغريزة التي وضعها الله في الإنسان، ولكنهما محكومتان بالشريعة والأوامر التي أمرنا الله بها والنواهي التي نهانا عنها، وإلا ما فائدة الدين في حياتنا". وأضاف: "كيف يبيح القبلات بدعوى التنفيس عن الكبت، بينما يأمرنا الله بغض البصر. إن اتخاذ أزمة الزواج مبررا لهذه الفتوى معناه إعطاء الضوء الأخضر بأن تصبح العلاقة بين الشاب والفتاة علاقة حميمية مفتوحة، مما يؤدي إلى الفاحشة التي ينتج عنها الحمل على سبيل المثال، ومن ثم قد تختلط الأنساب ويصبح مجتمعنا متفلتا لا ضوابط فيه". وتساءل: "إذا سلمنا باعتبار القبلات من قبيل اللمم الذي تمحوه السيئات، فماذا نفعل لو تطور هذا اللمم إلى الذنب الكبير وهو ارتكاب جريمة الزنا، وهو حتما سيتطور، ساعتها سنندم يوم لا ينفع الندم".
تعليق