رسالة إلى العين
قال النبي صلى الله عليه وسلم - استحيوا من الله تعالى حق الحياء ، من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى ، وليحفظ البطن وما حوى ، وليذكر الموت والبلا ، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا ، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 935
خلاصة الدرجة: حسن
فالحياء الشرعي للعين أن تحفظ نفسها من النظر إلى ما حرم الله ، فإن العين إذا اشتد حياؤها صانت صاحبها ودفنت مساوئه ونشرت محاسنه. قال ابن حبان : " ومن ذهب حياؤه ذهب سروره ومن ذهب سروره هان على الناس ".
النظر بريد الزنا:
النظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان ، فإن النظرة تولد خطرة ، ثم تولد الخطرة فكرة ، ثم تولد الفكرة شهوة ، ثم تولد الشهوة إرادة ، ثم تقوى فتصير عزيمة جازمة ، فيقع الفعل ولا بد ما لم يمنع منه مانع
وفي حديث أبو هريرة ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى . أدرك ذلك لا محالة . فزنى العينين النظر . وزنى اللسان النطق . والنفس تمنى وتشتهي . والفرج يصدق ذلك أو يكذبه " .
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2657
خلاصة الدرجة: صحيح
. وقال تعالى في سورة النور ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)
) ، يقول القاسمي في تفسير هذه الآية : " سر تقديم غض البصر على حفظ الفرج هو أن النظر بريد الزنا ورائد الفجور ".
لا تتبع النظرة النظرة:
النظرة ... سهم من سهام إبليس المسمومة ، ورائد الشهوة ، النظر المحرم يثمر في القلب خواطر سيئة رديئة ، وقد أمر الله تعالى عباده بأن يغضوا أبصارهم ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ....... ) ، يقول سيد قطب : " إن الإسلام يهدف إلى إقامة مجتمع نظيف ، لا تهاج فيه الشهوات في كل لحظة ، ولا تستثار فيه دفعات اللحم والدم في كل حين . فعلميات الاستثارة المستمرة تنتهي إلى سعار شهواني لا ينطفئ ، ولا يرتوي. والنظرة الخائنة والحركة المثيرة والزينة المتبرجة والجسم العاري كلها لا تصنع شيئا إلا أن تهيج ذلك السعار الحيواني المجنون. فغض البصر من جانب العين أدب نفسي ، ومحاولة للاستعلاء على الرغبة في الإطلاع على المحاسن والمفاتن والأجسام، كما أن فيه إغلاقا للنافذة الأولى من نوافذ الفتن والغواية ، ومحاولة عملية للحيلولة دون وصول السهم المسموم. والواجب على المسلم إذا وقع نظره على ما حرم الله أن يصرف بصره، ولا يتبع النظرة النظرة ، لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي ( يا علي لا تتبع النظرة النظرة ، فإن الأولى لك وليست لك الآخرة ) رواه أبو داود. إن النظرة كأس مسكر، وسكره العشق وسكر العشق أعظم من سكر الخمر ، فسكران الخمر يفيق وسكران العشق أنّى يفيق !! ".
فوائد غض البصر عن الحرام:
ذكر ابن القيم جملة من الفوائد في غض البصر منها :
· امتثال أمر الرب جل وعلا والذي هو نهاية سعادة العبد دنيا وأخرى
· أنه مانع من وصول أثر السهم المسموم إلى قلبك فيهلك
· أنه يورث القلب أنسا بالله ، ولذة لا يجدها من أطلق بصره في الحرام
· أنه يقوي القلب ويفرحه ، كما أن إطلاق البصر يضعفه ويحزنه
· أنه يورث العبد الفراسة الصادقة التي يميز بها بين الحق والباطل والصدق والكذب
· أنه يورث القلب شجاعة وثباتا ويجمع الله لصاحبه سلطان البصيرة والحجة وسلطان القدرة
· أنه يسد على الشيطان مدخلا من مداخله على القلب
· أن بين العين والقلب منفذا وطريقا يوجب انفعال أحدهما بالآخر وأنه يصلح بصلاحه ويفسد ، فإن صلحت منظورات العبد صلح قلبه ، وإن فسدت فسد
كل الحوادث مبدأها من النظـر **** ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة بلغت في قلب صاحبها **** كمبلغ السهم بين القوس والوتر
والعبد ما دام ذا طرف يقلبـه **** في أعين الغيد موقوف على الخطر
يسر مقلته ما ضر مهجتـه **** لا مرحبـا بسرور عـاد بالضرر
تعليق