[frame="3 80"]
شرح حديث ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)
عن الحسن بن علي سبط رسول الله وريحانته رضي الله عنه قال حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ( دع ما يريبك إلى ما يريبك ) رواه النسائي وقال الترمذي حديث حسن صحيح .
هذا الحديث أصل عظيم في باب الورع وترك الشبهات ، فإن العبد لا يسلم دينه من المفسدات والمنقصات إلا إذا تعاطى الورع وترك ما اشتبه عليه أمره. وفي الحديث مسائل:
الأولى : حقيقة الورع ترك كل ما يضر أو يخشى ذلك في الآخرة ، فيشمل ترك الحرام وترك الشبهات المفضية إليه. وقد عرفه شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله ( وكذلك الورع المشروع هو الورع عما قد تخاف عاقبته وهو ما يعلم تحريمه وما يشك في تحريمه وليس في تركه مفسدة أعظم من فعله ). وقال أيضا ( وأما الورع فإنه الإمساك عما قد يضر فتدخل فيه المحرمات والشبهات لأنها قد تضر. فإنه من اتقى الشبهات استبرأ لعرضه ودينه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي حول الحمى يوشك أن يواقعه . وأما الورع عما لا مضرة فيه أو فيه مضرة مرجوحة لما تقترن به من جلب منفعة راجحة أو دفع مضرة أخرى راجحة فجهل وظلم). والورع منه واجب ومنه مستحب فالورع الواجب ترك كل ما حرم الله من المناهي والمحظورات والورع المستحب ترك الشبهات والوسائل الموصلة إلى الحرام. والحاصل أن الورع انتقال العبد من الشك إلى اليقين من الريبة والتردد إلى الثقة والاطمئنان. وهو عام في جميع أبواب الدين فيشمل العبادات والمعاملات والجنايات وغيرها وليس خاصا بباب الأموال كما يتوهمه بعض العامة .
الثانية: سلوك الورع من العبد يحتاج إلى فقه عظيم في دلالات النصوص والأحوال. فليس من الورع ترك ما تكون المفسدة في تركه أعظم من فعله. وليس من الورع أن يترك العبد شيئا مشكوكا فيه فيترتب على تركه وقوعه في منكر متحقق في تحريمه. فمن الناس من يتورع عن تعاطي بعض المكاسب المشتبه فيها مع حاجته الشديدة إليها لقوته أو عياله أو قضاء دينه ثم يجد مشقة وعنتا في ذلك ويعوزه الحال ويحمله على وقوعه في أكل الحرام. وليس من الورع ترك الواجب تركا أعظم فسادا من فعله مع الشبهة كمخالفة الجماعة والخروج على الإمام ونزع يد الطاعة في سبيل إنكار المنكرات والغيرة على المحرمات. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( وتمام الورع أن يعلم الإنسان خير الخيرين وشر الشرين , ويعلم أن الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها وإلا فمن لم يوازن ما في الفعل والترك من المصلحة الشرعية والمفسدة الشرعية فقد يدع واجبات ويفعل محرمات . ويرى ذلك من الورع كمن يدع الجهاد مع الأمراء الظلمة ويرى ذلك ورعا ويدع الجمعة والجماعة خلف الأئمة الذين فيهم بدعة أو فجور ويرى ذلك من الورع ويمتنع عن قبول شهادة الصادق وأخذ علم العالم لما في صاحبه من بدعة خفية ويرى ترك قبول سماع هذا الحق الذي يجب سماعه من الورع). ومن قلة الفقه في الورع أن يكون المرء ورعا شديدا في باب الأموال متساهلا في باب الدماء أو باب الأعراض أو العكس ، ومنهم من يكون ورعا في الدنيا مضيعا للفرائض والواجبات.
الثالثة : في الحديث دلالة على إحدى القواعد الخمس الكبرى وهي أن اليقين لا يزول بالشك ولها فروع كثيرة ومعناها إذا تعارض الشك مع اليقين أخذنا باليقين وقدمناه واطرحنا الشك ، فإذا تيقن المكلف الطهارة ثم شك في الحدث بنى على اليقين وهو الطهارة ، وإذا تيقن الحدث ثم شك في الطهارة بنى على اليقين وهو الحدث ، وهذا عام في البدن والبقعة والثوب والماء لحديث عبد الله المازني ( شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم : الرجل يخيل إليه : أنه يجد الشيء في الصلاة ؟ قال : لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ) متفق عليه ولمسلم ( إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه : أخرج منه شيء أم لا ؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا). وكذلك إذا طرأ عليه الشك في سائر العبادات وعقود المعاملات و الأنكحة استصحب الأصل وبني على اليقين وطرح الشك.
الرابعة : إذا تعذر معرفة اليقين عمل المكلف بغلبة الظن وهو الظن الراجح بالقرائن واطرح الشك لأنه اتقى الله ما استطاع وبذل ما وسعه وهذه القاعدة لها نظائر وصور في الشرع كالتحري في طهارة الماء والتحري في استقبال القبلة والتحري في عدد الركعات حال الشك والتحري في تمييز الثوب الطاهر والتحري في تعيين الفوائت والديون والزكوات والأيمان والنذور والحقوق الواجبة .
الخامسة : سلك بعض الفقهاء بناء على هذا الحديث وغيره مسلك الاحتياط في المسائل التي كثر النزاع فيها فإذا تردد الحكم في المسألة بين الإباحة والتحريم قالوا بالكراهة خروجا من الخلاف وأكثروا من تعليل الأحكام بذلك. والتحقيق أن العمل بالاحتياط ليس دليلا شرعيا يبني عليه الأحكام ويوجب الكراهة لأن الكراهة حكم شرعي يفتقر إلى دليل من الكتاب والسنة و إنما يسوغ للفقيه أن يتوقف في المسألة ويكف عن العمل بها إذا قويت عنده الشبهة وتعارضت الأدلة ولم يقوى عنده مرجح فحينها لا يلزم أحدا بقوله وإنما يوصيه به ويكون هذا من باب الورع واتقاء الشبهات. ومن فهم هذا الأصل زال عنه كثير من الإشكالات الواقعة في كلام الأئمة واتضح له وجه تصرفات كثير من السلف الذين غلبهم الزهد والورع في كثير من المسائل. أما ما ثبت من الرخصة في السنة وليس لها معارض صحيح أو لم يكن عمل الأمة على خلافها فينبغي على الفقيه أن يعمل بها ولا يجتنبها لمخالفة إمامه أو غيره من العلماء لها فإنه ربما لم تبلغهم هذه الرخصة أو قام سبب آخر عندهم لتركها. أما إن عارضها سنة أقوى منها أو عمل بها الشذوذ واشتهر عمل الأمة على خلافها تعين تركها والأخذ بعمل الأمة.
السادسة : الورع مراتب والناس يتفاضلون فيه كما يتفاضلون في الإيمان. ويكون تمام الورع مرضيا من الخاصة و الكمل من الإيمان الذين استقامت نفوسهم بفعل الواجبات وترك المحظورات أما من يغشى الكبائر ويجاهر بها ويفرط في بعض الواجبات ثم يسعى لترك الشبهات فهذا ورع كاذب مظلم مشكوك فيه. فقد أنكر ابن عمر رضي الله عنه على من سأله عن دم البعوض من أهل العراق وقال يسألونني عن دم البعوض وقد قتلوا الحسين وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (هم ريحانتاي من الدنيا). وسأل رجل بشر بن الحارث عن رجل له زوجة وأمه تأمره بطلاقها فقال "إن كان بر أمه في كل شي ولم يبق من برها إلا طلاق زوجته فليفعل وان كان برها بطلاق زوجته ثم يقوم بعد ذلك إلى أمه فيضربها فلا يفعل" . وسئل الإمام أحمد عن رجل يشتري بقلا ويشترط الخوصة التي تربط بها جزرة البقل فقال أحمد مستنكرا إيش هذه المسائل فقيل له إنه إبراهيم بن أبي نعيم فقال أحمد إن كان إبراهيم فنعم هذا يشبه ذاك. وقد كان الإمام أحمد يستعمل هذا الورع في نفسه وينكر استعماله على من لم يصل إلى هذا المقام. فإنه أمر من يشتري له سمنا فجاء به على ورقة فأمر برد الورقة إلى البائع.
السابعة : كان السلف الصالح رحمهم الله يستعملون الورع فيما اشتبه عليهم حتى صار شعارا لهم في سلوكهم من أسهل الأمور عليهم. قال العمري الزاهد "إذا كان العبد ورعا ترك ما يريبه إلى ما لا يريبه". وقال الفضيل "يزعم الناس أن الورع شديد وما ورد على أمران إلا أخذت بأشدهما". وقال حسان بن أبي سنان "ما شيء أهون من الورع إذا رابك شيء فدعه". وقال هشام بن حسان "ترك محمد بن سيرين أربعين ألفا فيما لا ترون به اليوم بأسا". وتنزه يزيد بن زريع عن خمس مئة ألف من ميراث أبيه فلم يأخذه وكان أبوه يلي الأعمال للسلاطين وكان يزيد يعمل الخوص ويتقوت منه إلى أن مات رحمه الله. وكان المسور بن مخرمة قد احتكر طعاما كثيرا فرأى سحابا في الخريف فكرهه فقال ألا أراني قد كرهت ما ينفع المسلمين فآلى ألا يربح فيه شيئا فأخبر بذلك عمر بن الخطاب فقال له عمر جزاك الله خيرا. [/frame]
شرح حديث ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)
عن الحسن بن علي سبط رسول الله وريحانته رضي الله عنه قال حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ( دع ما يريبك إلى ما يريبك ) رواه النسائي وقال الترمذي حديث حسن صحيح .
هذا الحديث أصل عظيم في باب الورع وترك الشبهات ، فإن العبد لا يسلم دينه من المفسدات والمنقصات إلا إذا تعاطى الورع وترك ما اشتبه عليه أمره. وفي الحديث مسائل:
الأولى : حقيقة الورع ترك كل ما يضر أو يخشى ذلك في الآخرة ، فيشمل ترك الحرام وترك الشبهات المفضية إليه. وقد عرفه شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله ( وكذلك الورع المشروع هو الورع عما قد تخاف عاقبته وهو ما يعلم تحريمه وما يشك في تحريمه وليس في تركه مفسدة أعظم من فعله ). وقال أيضا ( وأما الورع فإنه الإمساك عما قد يضر فتدخل فيه المحرمات والشبهات لأنها قد تضر. فإنه من اتقى الشبهات استبرأ لعرضه ودينه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي حول الحمى يوشك أن يواقعه . وأما الورع عما لا مضرة فيه أو فيه مضرة مرجوحة لما تقترن به من جلب منفعة راجحة أو دفع مضرة أخرى راجحة فجهل وظلم). والورع منه واجب ومنه مستحب فالورع الواجب ترك كل ما حرم الله من المناهي والمحظورات والورع المستحب ترك الشبهات والوسائل الموصلة إلى الحرام. والحاصل أن الورع انتقال العبد من الشك إلى اليقين من الريبة والتردد إلى الثقة والاطمئنان. وهو عام في جميع أبواب الدين فيشمل العبادات والمعاملات والجنايات وغيرها وليس خاصا بباب الأموال كما يتوهمه بعض العامة .
الثانية: سلوك الورع من العبد يحتاج إلى فقه عظيم في دلالات النصوص والأحوال. فليس من الورع ترك ما تكون المفسدة في تركه أعظم من فعله. وليس من الورع أن يترك العبد شيئا مشكوكا فيه فيترتب على تركه وقوعه في منكر متحقق في تحريمه. فمن الناس من يتورع عن تعاطي بعض المكاسب المشتبه فيها مع حاجته الشديدة إليها لقوته أو عياله أو قضاء دينه ثم يجد مشقة وعنتا في ذلك ويعوزه الحال ويحمله على وقوعه في أكل الحرام. وليس من الورع ترك الواجب تركا أعظم فسادا من فعله مع الشبهة كمخالفة الجماعة والخروج على الإمام ونزع يد الطاعة في سبيل إنكار المنكرات والغيرة على المحرمات. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( وتمام الورع أن يعلم الإنسان خير الخيرين وشر الشرين , ويعلم أن الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها وإلا فمن لم يوازن ما في الفعل والترك من المصلحة الشرعية والمفسدة الشرعية فقد يدع واجبات ويفعل محرمات . ويرى ذلك من الورع كمن يدع الجهاد مع الأمراء الظلمة ويرى ذلك ورعا ويدع الجمعة والجماعة خلف الأئمة الذين فيهم بدعة أو فجور ويرى ذلك من الورع ويمتنع عن قبول شهادة الصادق وأخذ علم العالم لما في صاحبه من بدعة خفية ويرى ترك قبول سماع هذا الحق الذي يجب سماعه من الورع). ومن قلة الفقه في الورع أن يكون المرء ورعا شديدا في باب الأموال متساهلا في باب الدماء أو باب الأعراض أو العكس ، ومنهم من يكون ورعا في الدنيا مضيعا للفرائض والواجبات.
الثالثة : في الحديث دلالة على إحدى القواعد الخمس الكبرى وهي أن اليقين لا يزول بالشك ولها فروع كثيرة ومعناها إذا تعارض الشك مع اليقين أخذنا باليقين وقدمناه واطرحنا الشك ، فإذا تيقن المكلف الطهارة ثم شك في الحدث بنى على اليقين وهو الطهارة ، وإذا تيقن الحدث ثم شك في الطهارة بنى على اليقين وهو الحدث ، وهذا عام في البدن والبقعة والثوب والماء لحديث عبد الله المازني ( شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم : الرجل يخيل إليه : أنه يجد الشيء في الصلاة ؟ قال : لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ) متفق عليه ولمسلم ( إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه : أخرج منه شيء أم لا ؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا). وكذلك إذا طرأ عليه الشك في سائر العبادات وعقود المعاملات و الأنكحة استصحب الأصل وبني على اليقين وطرح الشك.
الرابعة : إذا تعذر معرفة اليقين عمل المكلف بغلبة الظن وهو الظن الراجح بالقرائن واطرح الشك لأنه اتقى الله ما استطاع وبذل ما وسعه وهذه القاعدة لها نظائر وصور في الشرع كالتحري في طهارة الماء والتحري في استقبال القبلة والتحري في عدد الركعات حال الشك والتحري في تمييز الثوب الطاهر والتحري في تعيين الفوائت والديون والزكوات والأيمان والنذور والحقوق الواجبة .
الخامسة : سلك بعض الفقهاء بناء على هذا الحديث وغيره مسلك الاحتياط في المسائل التي كثر النزاع فيها فإذا تردد الحكم في المسألة بين الإباحة والتحريم قالوا بالكراهة خروجا من الخلاف وأكثروا من تعليل الأحكام بذلك. والتحقيق أن العمل بالاحتياط ليس دليلا شرعيا يبني عليه الأحكام ويوجب الكراهة لأن الكراهة حكم شرعي يفتقر إلى دليل من الكتاب والسنة و إنما يسوغ للفقيه أن يتوقف في المسألة ويكف عن العمل بها إذا قويت عنده الشبهة وتعارضت الأدلة ولم يقوى عنده مرجح فحينها لا يلزم أحدا بقوله وإنما يوصيه به ويكون هذا من باب الورع واتقاء الشبهات. ومن فهم هذا الأصل زال عنه كثير من الإشكالات الواقعة في كلام الأئمة واتضح له وجه تصرفات كثير من السلف الذين غلبهم الزهد والورع في كثير من المسائل. أما ما ثبت من الرخصة في السنة وليس لها معارض صحيح أو لم يكن عمل الأمة على خلافها فينبغي على الفقيه أن يعمل بها ولا يجتنبها لمخالفة إمامه أو غيره من العلماء لها فإنه ربما لم تبلغهم هذه الرخصة أو قام سبب آخر عندهم لتركها. أما إن عارضها سنة أقوى منها أو عمل بها الشذوذ واشتهر عمل الأمة على خلافها تعين تركها والأخذ بعمل الأمة.
السادسة : الورع مراتب والناس يتفاضلون فيه كما يتفاضلون في الإيمان. ويكون تمام الورع مرضيا من الخاصة و الكمل من الإيمان الذين استقامت نفوسهم بفعل الواجبات وترك المحظورات أما من يغشى الكبائر ويجاهر بها ويفرط في بعض الواجبات ثم يسعى لترك الشبهات فهذا ورع كاذب مظلم مشكوك فيه. فقد أنكر ابن عمر رضي الله عنه على من سأله عن دم البعوض من أهل العراق وقال يسألونني عن دم البعوض وقد قتلوا الحسين وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (هم ريحانتاي من الدنيا). وسأل رجل بشر بن الحارث عن رجل له زوجة وأمه تأمره بطلاقها فقال "إن كان بر أمه في كل شي ولم يبق من برها إلا طلاق زوجته فليفعل وان كان برها بطلاق زوجته ثم يقوم بعد ذلك إلى أمه فيضربها فلا يفعل" . وسئل الإمام أحمد عن رجل يشتري بقلا ويشترط الخوصة التي تربط بها جزرة البقل فقال أحمد مستنكرا إيش هذه المسائل فقيل له إنه إبراهيم بن أبي نعيم فقال أحمد إن كان إبراهيم فنعم هذا يشبه ذاك. وقد كان الإمام أحمد يستعمل هذا الورع في نفسه وينكر استعماله على من لم يصل إلى هذا المقام. فإنه أمر من يشتري له سمنا فجاء به على ورقة فأمر برد الورقة إلى البائع.
السابعة : كان السلف الصالح رحمهم الله يستعملون الورع فيما اشتبه عليهم حتى صار شعارا لهم في سلوكهم من أسهل الأمور عليهم. قال العمري الزاهد "إذا كان العبد ورعا ترك ما يريبه إلى ما لا يريبه". وقال الفضيل "يزعم الناس أن الورع شديد وما ورد على أمران إلا أخذت بأشدهما". وقال حسان بن أبي سنان "ما شيء أهون من الورع إذا رابك شيء فدعه". وقال هشام بن حسان "ترك محمد بن سيرين أربعين ألفا فيما لا ترون به اليوم بأسا". وتنزه يزيد بن زريع عن خمس مئة ألف من ميراث أبيه فلم يأخذه وكان أبوه يلي الأعمال للسلاطين وكان يزيد يعمل الخوص ويتقوت منه إلى أن مات رحمه الله. وكان المسور بن مخرمة قد احتكر طعاما كثيرا فرأى سحابا في الخريف فكرهه فقال ألا أراني قد كرهت ما ينفع المسلمين فآلى ألا يربح فيه شيئا فأخبر بذلك عمر بن الخطاب فقال له عمر جزاك الله خيرا. [/frame]
تعليق