بسم الله الرحمن الرحيم
د. محمد مورو
منذ أن نشأت العلمانية ـ وهي لقيطة النشأة خبيثة الأثر ـ وهي تحاول أن تضرب بجذورها في التربة العربية والإسلامية مستخدمة في ذلك كل الوسائل غير المشروعة بالطبع من تلفيق وتزوير وَلَيٍّ للحقائق وتعسف في التفسير وغيرها.
وقصة العلمانية في بلادنا هي في الحقيقة قصة الصراع بين بلادنا المسلمة والاستعمار الأوروبي كآخر حلقة من حلقات التحدي الوثني الأوروبي المتسربل بقشرة مسيحية مزورة، ويمكننا أن نطلق على هذا التحدي اختصارًا كلمة الصليبية أي الوثنية ذات القشرة المسيحية، أو نطلق عليها كما فعل العلامة محمود محمد شاكر المسيحية الشمالية وهي مسيحية لا صحيحة ولا محرفة. بل وثنية أوروبية أخذت المسيحية فوثنتها توثينًا أي جعلتها وثنية.
بل إن العلمانية الأوروبية ما هي إلا ثورة وثنية أوروبية على المسيحية المحرفة –مسيحية الباباوات وصكوك الغفران- أي هي محاولة أوروبية للثورة على الكنيسة لحساب القيم الإغريقية واليونانية والرومانية القديمة مع إضافات سكسونية وجرمانية ولاتينية معاصرة، وما عصر النهضة الأوروبية الذي بدأ في القرن الخامس عشر إلا بعثًا للقيم الإغريقية والفلسفة الإغريقية الوثنية، بل وحتى الفنون الإغريقية القديمة مع إضافات لاتينية وجرمانية وسكسونية.
وحتى المسيحية الأوروبية ذاتها – والرومانية أيضًا، لم تكن مسيحية حقيقة ولا محرفة أيضًا، بل هي إدخال للمسيحية في الوثنية الإغريقية عن طريق الدولة الرومانية القديمة التي فرضت رؤيتها الإغريقية للمسيحية على جميع المسيحيين بما فيهم مسيحيو الشرق واضطهدت منهم من رفض هذه الرؤية اضطهادًا بشعًا تمتلئ به كتب التاريخ الكنسي وغير الكنسي.
المسيحية الأوروبية الرومانية إذا أخذت القيم الثابتة للحضارة الإغريقية، وهي القهر والعنف والاضطهاد الديني ومارستها في كل مراحلها، وعلى نفس المنهج سارت المسيحية الكاثوليكية، فاضطهدت العلماء، واضطهدت المسلمين واليهود وأنشأت محاكم التفتيش التي نقبت وبحثت في الضمائر، وأحرقت المخالفين في العقيدة أو حتى في الاجتهاد داخل المسيحية نفسها، بل وحتى العلماء والفلاسفة.
وعندما ظهرت البروتستانتية تعرضت بدورها للاضطهاد الكاثوليكي، ثم عندما تمكنت هذه البروتستانتية في بعض البلدان الأوروبية قامت بدورها باضطهاد الكاثوليك وغيرهم، أي إنها حملت نفس الاضطهاد الأوروبي والقهر والعنف وما كان لها إلا أن تحملها.
ومع عصر النهضة الأوروبية –ومع الثورات الأوروبية ضد الإقطاع المتحالف مع الكنيسة- وهو ما أفرز العلمانية، نستطيع أن نلمح ثورة أوروبية على المسيحية ذاتها وإسقاطها من الحساب لدرجة ما، أي العودة الكاملة للوثنية الكاملة الإغريقية، ووجدنا بعثًا للفنون الإغريقية والشعر الإغريقي والمسرح الإغريقي والفلسفات الإغريقية، ولم تكن العلمانية الأوروبية إلا لتحمل بدورها نفس البذور ونفس القيم الأوروبية الثابتة من القهر والعنف والمنفعة اللاأخلاقية والاضطهاد الديني، وعلينا أن ننظر إلى كل الإفرازات الأيديولوجية والسياسية والاجتماعية الأوروبية من فاشية ونازية واشتراكية ورأسمالية وشيوعية وغيرها، من خلال أنها إفراز طبيعي لنفس الأرضية الحضارية الأوروبية، وإذا فسدت الأرضية فسدت الإفرازات فلا فرق حقيقيًا بين هذه ، والصراع بين هذه الأيديولوجيات الفاسدة هو صراع على نفس الأرضية وتحمل نفس السمات العامة وأهمها التعصب ضد كل ما هو إسلامي ومحاولة تحطيم الإسلام والحضارة الإسلامية، وهكذا لم نجد فرقًا كبيرًا في السلوك بين الممارسات الإجرامية للفرنسيين في الجزائر سواء كانوا من اليمين أو اليسار، ملكيين أو جمهوريين، ديجوليين أو اشتراكيين، تحالفًا من الرأسماليين والديمقراطيين أو تحالفًا من الاشتراكيين والشيوعيين بل نجد معدل الجرائم يرتفع في الجزائر عندما تكون الحكومة الفرنسية حكومة من الاشتراكيين والشيوعيين فالحكومة الاشتراكية الشيوعية في فرنسا في عام 1945 هي التي ارتكبت المذبحة التي قام بها الطيران الفرنسي فأباد وأحرق 45 قرية جزائرية كاملة، بل كان وزير الطيران الفرنسي شيوعيًا.
وفي إطار الصراع بين أجنحة الحضارة الأوروبية، نجد أن كل مدرسة وكل دولة أوروبية تعمل على تجنيد طابور خامس وطني للتبشير بقيم الحضارة الأوروبية عمومًا، وهذه الدولة أو المدرسة وتلك خصوصًا، وهكذا يمكن أن نفهم الصراع بين الإنجليز والفرنسيين أو بين الكنيسة البروتستانتية والكاثوليكية أو المبشرين الألمان والإيطاليين أو المستشرقين من هؤلاء وأولئك على تجنيد أكبر قدر من العملاء المحليين، ولكن هذا كله في إطار تناقض جوهري يضم كل هؤلاء ضد كل ما هو إسلامي.
* * *
يتبع
د. محمد مورو
منذ أن نشأت العلمانية ـ وهي لقيطة النشأة خبيثة الأثر ـ وهي تحاول أن تضرب بجذورها في التربة العربية والإسلامية مستخدمة في ذلك كل الوسائل غير المشروعة بالطبع من تلفيق وتزوير وَلَيٍّ للحقائق وتعسف في التفسير وغيرها.
وقصة العلمانية في بلادنا هي في الحقيقة قصة الصراع بين بلادنا المسلمة والاستعمار الأوروبي كآخر حلقة من حلقات التحدي الوثني الأوروبي المتسربل بقشرة مسيحية مزورة، ويمكننا أن نطلق على هذا التحدي اختصارًا كلمة الصليبية أي الوثنية ذات القشرة المسيحية، أو نطلق عليها كما فعل العلامة محمود محمد شاكر المسيحية الشمالية وهي مسيحية لا صحيحة ولا محرفة. بل وثنية أوروبية أخذت المسيحية فوثنتها توثينًا أي جعلتها وثنية.
بل إن العلمانية الأوروبية ما هي إلا ثورة وثنية أوروبية على المسيحية المحرفة –مسيحية الباباوات وصكوك الغفران- أي هي محاولة أوروبية للثورة على الكنيسة لحساب القيم الإغريقية واليونانية والرومانية القديمة مع إضافات سكسونية وجرمانية ولاتينية معاصرة، وما عصر النهضة الأوروبية الذي بدأ في القرن الخامس عشر إلا بعثًا للقيم الإغريقية والفلسفة الإغريقية الوثنية، بل وحتى الفنون الإغريقية القديمة مع إضافات لاتينية وجرمانية وسكسونية.
وحتى المسيحية الأوروبية ذاتها – والرومانية أيضًا، لم تكن مسيحية حقيقة ولا محرفة أيضًا، بل هي إدخال للمسيحية في الوثنية الإغريقية عن طريق الدولة الرومانية القديمة التي فرضت رؤيتها الإغريقية للمسيحية على جميع المسيحيين بما فيهم مسيحيو الشرق واضطهدت منهم من رفض هذه الرؤية اضطهادًا بشعًا تمتلئ به كتب التاريخ الكنسي وغير الكنسي.
المسيحية الأوروبية الرومانية إذا أخذت القيم الثابتة للحضارة الإغريقية، وهي القهر والعنف والاضطهاد الديني ومارستها في كل مراحلها، وعلى نفس المنهج سارت المسيحية الكاثوليكية، فاضطهدت العلماء، واضطهدت المسلمين واليهود وأنشأت محاكم التفتيش التي نقبت وبحثت في الضمائر، وأحرقت المخالفين في العقيدة أو حتى في الاجتهاد داخل المسيحية نفسها، بل وحتى العلماء والفلاسفة.
وعندما ظهرت البروتستانتية تعرضت بدورها للاضطهاد الكاثوليكي، ثم عندما تمكنت هذه البروتستانتية في بعض البلدان الأوروبية قامت بدورها باضطهاد الكاثوليك وغيرهم، أي إنها حملت نفس الاضطهاد الأوروبي والقهر والعنف وما كان لها إلا أن تحملها.
ومع عصر النهضة الأوروبية –ومع الثورات الأوروبية ضد الإقطاع المتحالف مع الكنيسة- وهو ما أفرز العلمانية، نستطيع أن نلمح ثورة أوروبية على المسيحية ذاتها وإسقاطها من الحساب لدرجة ما، أي العودة الكاملة للوثنية الكاملة الإغريقية، ووجدنا بعثًا للفنون الإغريقية والشعر الإغريقي والمسرح الإغريقي والفلسفات الإغريقية، ولم تكن العلمانية الأوروبية إلا لتحمل بدورها نفس البذور ونفس القيم الأوروبية الثابتة من القهر والعنف والمنفعة اللاأخلاقية والاضطهاد الديني، وعلينا أن ننظر إلى كل الإفرازات الأيديولوجية والسياسية والاجتماعية الأوروبية من فاشية ونازية واشتراكية ورأسمالية وشيوعية وغيرها، من خلال أنها إفراز طبيعي لنفس الأرضية الحضارية الأوروبية، وإذا فسدت الأرضية فسدت الإفرازات فلا فرق حقيقيًا بين هذه ، والصراع بين هذه الأيديولوجيات الفاسدة هو صراع على نفس الأرضية وتحمل نفس السمات العامة وأهمها التعصب ضد كل ما هو إسلامي ومحاولة تحطيم الإسلام والحضارة الإسلامية، وهكذا لم نجد فرقًا كبيرًا في السلوك بين الممارسات الإجرامية للفرنسيين في الجزائر سواء كانوا من اليمين أو اليسار، ملكيين أو جمهوريين، ديجوليين أو اشتراكيين، تحالفًا من الرأسماليين والديمقراطيين أو تحالفًا من الاشتراكيين والشيوعيين بل نجد معدل الجرائم يرتفع في الجزائر عندما تكون الحكومة الفرنسية حكومة من الاشتراكيين والشيوعيين فالحكومة الاشتراكية الشيوعية في فرنسا في عام 1945 هي التي ارتكبت المذبحة التي قام بها الطيران الفرنسي فأباد وأحرق 45 قرية جزائرية كاملة، بل كان وزير الطيران الفرنسي شيوعيًا.
وفي إطار الصراع بين أجنحة الحضارة الأوروبية، نجد أن كل مدرسة وكل دولة أوروبية تعمل على تجنيد طابور خامس وطني للتبشير بقيم الحضارة الأوروبية عمومًا، وهذه الدولة أو المدرسة وتلك خصوصًا، وهكذا يمكن أن نفهم الصراع بين الإنجليز والفرنسيين أو بين الكنيسة البروتستانتية والكاثوليكية أو المبشرين الألمان والإيطاليين أو المستشرقين من هؤلاء وأولئك على تجنيد أكبر قدر من العملاء المحليين، ولكن هذا كله في إطار تناقض جوهري يضم كل هؤلاء ضد كل ما هو إسلامي.
* * *
يتبع
تعليق