السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
--------------------------------------------------------------------------------
( قل يا أيها الكافرون ، لا أعبد ما تعبدون )
(فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم ، الله وليُّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) .
جلس مقدِّم برنامج في قناة تزعم أنها إسلاميَّة ـ على هامش مؤتمر حوار الأديان المشؤوم ـ أمام نصراني متوشِّح بالصليب كما يجلس أمام عالم مسلم ! وسأله عن كيفية تحويل فكرة حوار الأديان إلى برنامج عملي ، فاقترح الصليبي أن نعلِّم الجيل القادم في المدارس أنْ لافرق بين عبادة الله بالقرآن ، وعبادته بالإنجيل ! واقترح أن يتقدَّم الساحة المدرسية في بداية كلِّ عام دراسي ، شيخٌ مسلم ، وبجانبه قس نصراني ، ويربِّيان الطلاب الصغار في مدارسنا عمليا على هذه الفكرة !
وهذا المقدِّم يعلم أنَّ الذي يقترح هذه الفكرة ـ التي هي الهدف النهائي لهذا الحوار المشؤوم ـ من الذين نزل فيهم قوله تعالى : ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ، يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ )
وقوله تعالى : ( قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَاتَعْمَلُونَ ، قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ).
وقوله : ( بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ).
وقوله : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ).
وقوله : ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) .
وأن فكرة حوار الأديان التي يرقصون عليها هذه الأيام ، إنمـا هي لعبة سياسية ماكـرة ، وليست حواراً بمعناه المعروف ، أعني الجدال الذي دعا إليه القرآن ،
وأن تلك اللعبة السياسية الماكرة ستؤدي في النهاية إلى محاولة تحريف سورة ( الكافرون ) في القرآن ، أعني التحريف المعنوي بلا ريب ، وكذا تحريف كلِّ الآيات التي تفصِّـل ما فيها من المعاني العظيـمة ، من سورة البقرة إلى الناس.
كما أنه يعلم أنِّ دين الإسلام جاء ليفرق بين الإسلام والكفر، والهدى والضلال ، والحق والباطل ، وليدعو أهل الكفر ، والضلال ، والباطل ، إلى الدخول في هذا الدين ، وأن لانجاة لهم إلاَّ بذلك ، فإن دخلوا في دين الله ، وإلاَّ ففـي الدنيا لهم أحكام الكفار ، وفي الآخرة لهم الخلود في النار.
إنه يعلم ذلك كلَّه ، غيـر أنَّـه فضَّل أن يبقى كالأخرس ، ربما لئلا يقال عنه إنَّه متطـرف أو إرهابي ، مما يدل على أنَّ ثمرة اللعبة اليهودية النفسية بهذه الكلمات قد أينعت وآتت أكلها عند المنهزميـن !
العجب والله ليس من وضوح أنَّ أعظم باطل ينقض دين الإسلام من أساسه ، بل لا ينقض دين الإسلام مثله ، أعنـي أن يتـمَّ جمع عبدة الطواغيت الذين جعل القرآن البراءة من شركهم وعبادتهم لغير الله تعالى ، شرطـاً لصحة الإسلام ، أن يتمَّ جمعهم في مؤتمر ، لا لدعوتهم للإسلام ، وإقامة الحجة عليهم ، وبيان رسالة محمد صلى الله عليه وسلم الهادية الشاملة لكل فلاح .
بل جمعهـم تحت شعار : كلُّنا نعبد ربَّا واحداً !!
ليس العجب من هذا وربِّ الكعبة ، فحتَّى أجهل عجائز المسلمين تعلــم أنَّ قوله تعالى ( قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ) هي أصل الدين .
وهـي تعني أنَّ كلَّ من عبد الله على غير دين محمد صلى الله عليه وسلم بعد بعثـته ، فهو كافر بالله تعالى ، لايعبد الله ربَّنـا ، بل يعبدُ الشيطان ، قال تعالى ( ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدوُّ مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ) ،
قال العلماء : عبادتهم الشيطان ، لأنَّه الداعي لعبادة غير الله تعالى ، فكلُّ من عبد غير الله تعالى ، فهو عابد للشيطان في الحقيقة ، وهذا إذا كان يزعم أنه يعبدُ ربَّ موسى وعيسى عليهم السلام وهو يكذِّب بمحمِّد صلى الله عليه وسلم ، فكيف بالذين حرَّفوا دين الأنبياء الماضين ، من كفرة اليهود والنصارى الذين في مؤتمر مدريد ، وكيف بعبدة البقر ،والحجر وغيرهم من أهل الأوثان في ذلك المؤتمر المشؤوم.
بل العجـب كلَّ العجب من هذا الصمت المطبق من الشياطين الصامتة ، الذين يؤيدون بحضورهـم هذا الإفتراء على الله تعالى ، والهدم لدين الإسلام ، ويوقِّعون على هذا الضلال الأعظم ، وهم بلا ريب داخلون في قوله تعالى : (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات والهدى من بعد ما بيَّناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) ،
ولاريب أنَّ كتمان مايتوقف عليه صحة الإسلام من البيِّنات والهدى ، وأعظمها الكفر بالطاغوت وكلِّ من يعبده ، أعظم من كتمان سائر البينات والهدى ، فنصيب هؤلاء من لعنة الله واللاعنين أعظم نصيب ، اللهم نعوذ بك من الخذلان ، ونستجير بك من الضلال والعمى والخسران .
قال الإمام ابن القيم رحمه الله : ( والطاغوت كلُّ ما تجاوز به العبد حده من معبود ، أو متبوع ، أو مطاع ، طاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ، ورسوله ، أو يعبدونه من دون الله ، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله ، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله ، فهذه طواغيت العالم ، إذا تأملتها ، وتأملت أحوال الناس معها ، رأيت أكثرهم من عبادة الله ، إلى عبادة الطاغوت ، وعن التحاكم إلى الله ، وإلى الرسول ، إلى التحاكم إلى الطاغوت ، وعن طاعته ، ومتابعة رسوله ، إلى الطاغوت ، ومتابعته، وهؤلاء لم يسلكوا طريق الناجين الفائزين من هذه الأمة ، وهم الصحابة ، ومن تبعهم ، ولا قصدوا قصدهم ، بل خالفوهم في الطريق ، والقصد معا ،
ثم أخبر تعالى عن هؤلاء ، بأنهم إذا قيل لهم : تعالوا إلى ما أنزل الله ، وإلى الرسول ، أعرضوا عن ذلك ، ولم يستجيبوا للداعي ، ورضوا بحكم غيره ، ثم توعدهم بأنهم إذا أصابتهم مصيبة في عقولهم ، وأديانهم ، وبصائرهم ، وأبدانهم ، وأموالهم ، بسبب إعراضهم عما جاء به الرسول ، وتحكيم غيره ، والتحاكم إليه ، كما قال تعالى : ( فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم ) اعتذروا بأنهم إنما قصدوا الإحسان ، والتوفيق أي بفعل ما يرضي الفريقين ، ويوفق بينهما ، كما يفعله من يروم التوفيق بين ما جاء به الرسول ، وبين ما خالفه ، ويزعم بذلك أنه محسن ، قاصد الإصلاح ، والتوفيق ، والإيمان إنما يقتضي إلقاء الحرب بين ما جاء به الرسول ، وبين كل ما خالفه من طريقة ، وحقيقة ، وعقيدة ، وسياسة ، ورأي ، فمحض الإيمان في هذا الحرب ، لا في التوفيق ، وبالله التوفيق) .
والأدهى والأمـر هو إتخاذ هذا النهـج المعوج في زمن بلغ فيه العدوان على أمة الإسلام ذروته ، وجاوز نهايته ، فحقوق الأمة مسلوبة ، وبلادها مغصوبة ، وأرضها مستباحة ، وشعوبها مجتاحـة ، وشريعتها تحارب ، وقرآنها بالعداء يناصَب.
وإذا كان شيخ الإسلام يقول : ( فقد تبيَّن لك أن من أصل دروس دين الله ، وشرائعه وظهور الكفر ، والمعاصي ، التشبُّه بالكافرين ، كما أن من أصل كلَّ خير المحافظة على سنن الأنبياء وشرائعهم ) .
هذا في التشبه بالكافرين ، فكيف بمن يلبِّس رسالة المرسلين ، بضلال الكافرين ، وإسـلام الموحدين ، بكفر الكفرة والمشركين ، وعبادة الله تعالى وحده ، بعبادة الطواغيـت ؟!!
هـذا ،، وقد مضـت سنة الله تعالى أن يجعل هذا الإفتراء على الله تعالى ، وهذا السعـي لإفساد دين التوحيـد ، سببا في زوال النعـم ، وحلول النقـم ، وفسـاد الحال ، إنقـلاب المآل ، تلك سنة الله تعالى ، ولن تجد لسنة الله تبديلا ،ولن تجد لسنة الله تحويلا.
فنسأل الله تعالى أن لايؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ، وأن يجنبِّنا الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن يبرم لهذه الأمـة أمر رشـد يعزّ فيه أهل التوحيـد وينصـر الموحدين ، ويذلّ فيه أهل الضلال ويخزي المفترين ، وهو سبحانه حسبنا عليه توكلنا وعليه فليتوكل المتوكلون.
منقول للفائدة
--------------------------------------------------------------------------------
( قل يا أيها الكافرون ، لا أعبد ما تعبدون )
(فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم ، الله وليُّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) .
جلس مقدِّم برنامج في قناة تزعم أنها إسلاميَّة ـ على هامش مؤتمر حوار الأديان المشؤوم ـ أمام نصراني متوشِّح بالصليب كما يجلس أمام عالم مسلم ! وسأله عن كيفية تحويل فكرة حوار الأديان إلى برنامج عملي ، فاقترح الصليبي أن نعلِّم الجيل القادم في المدارس أنْ لافرق بين عبادة الله بالقرآن ، وعبادته بالإنجيل ! واقترح أن يتقدَّم الساحة المدرسية في بداية كلِّ عام دراسي ، شيخٌ مسلم ، وبجانبه قس نصراني ، ويربِّيان الطلاب الصغار في مدارسنا عمليا على هذه الفكرة !
وهذا المقدِّم يعلم أنَّ الذي يقترح هذه الفكرة ـ التي هي الهدف النهائي لهذا الحوار المشؤوم ـ من الذين نزل فيهم قوله تعالى : ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ، يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ )
وقوله تعالى : ( قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَاتَعْمَلُونَ ، قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ).
وقوله : ( بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ).
وقوله : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ).
وقوله : ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) .
وأن فكرة حوار الأديان التي يرقصون عليها هذه الأيام ، إنمـا هي لعبة سياسية ماكـرة ، وليست حواراً بمعناه المعروف ، أعني الجدال الذي دعا إليه القرآن ،
وأن تلك اللعبة السياسية الماكرة ستؤدي في النهاية إلى محاولة تحريف سورة ( الكافرون ) في القرآن ، أعني التحريف المعنوي بلا ريب ، وكذا تحريف كلِّ الآيات التي تفصِّـل ما فيها من المعاني العظيـمة ، من سورة البقرة إلى الناس.
كما أنه يعلم أنِّ دين الإسلام جاء ليفرق بين الإسلام والكفر، والهدى والضلال ، والحق والباطل ، وليدعو أهل الكفر ، والضلال ، والباطل ، إلى الدخول في هذا الدين ، وأن لانجاة لهم إلاَّ بذلك ، فإن دخلوا في دين الله ، وإلاَّ ففـي الدنيا لهم أحكام الكفار ، وفي الآخرة لهم الخلود في النار.
إنه يعلم ذلك كلَّه ، غيـر أنَّـه فضَّل أن يبقى كالأخرس ، ربما لئلا يقال عنه إنَّه متطـرف أو إرهابي ، مما يدل على أنَّ ثمرة اللعبة اليهودية النفسية بهذه الكلمات قد أينعت وآتت أكلها عند المنهزميـن !
العجب والله ليس من وضوح أنَّ أعظم باطل ينقض دين الإسلام من أساسه ، بل لا ينقض دين الإسلام مثله ، أعنـي أن يتـمَّ جمع عبدة الطواغيت الذين جعل القرآن البراءة من شركهم وعبادتهم لغير الله تعالى ، شرطـاً لصحة الإسلام ، أن يتمَّ جمعهم في مؤتمر ، لا لدعوتهم للإسلام ، وإقامة الحجة عليهم ، وبيان رسالة محمد صلى الله عليه وسلم الهادية الشاملة لكل فلاح .
بل جمعهـم تحت شعار : كلُّنا نعبد ربَّا واحداً !!
ليس العجب من هذا وربِّ الكعبة ، فحتَّى أجهل عجائز المسلمين تعلــم أنَّ قوله تعالى ( قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ) هي أصل الدين .
وهـي تعني أنَّ كلَّ من عبد الله على غير دين محمد صلى الله عليه وسلم بعد بعثـته ، فهو كافر بالله تعالى ، لايعبد الله ربَّنـا ، بل يعبدُ الشيطان ، قال تعالى ( ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدوُّ مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ) ،
قال العلماء : عبادتهم الشيطان ، لأنَّه الداعي لعبادة غير الله تعالى ، فكلُّ من عبد غير الله تعالى ، فهو عابد للشيطان في الحقيقة ، وهذا إذا كان يزعم أنه يعبدُ ربَّ موسى وعيسى عليهم السلام وهو يكذِّب بمحمِّد صلى الله عليه وسلم ، فكيف بالذين حرَّفوا دين الأنبياء الماضين ، من كفرة اليهود والنصارى الذين في مؤتمر مدريد ، وكيف بعبدة البقر ،والحجر وغيرهم من أهل الأوثان في ذلك المؤتمر المشؤوم.
بل العجـب كلَّ العجب من هذا الصمت المطبق من الشياطين الصامتة ، الذين يؤيدون بحضورهـم هذا الإفتراء على الله تعالى ، والهدم لدين الإسلام ، ويوقِّعون على هذا الضلال الأعظم ، وهم بلا ريب داخلون في قوله تعالى : (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات والهدى من بعد ما بيَّناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) ،
ولاريب أنَّ كتمان مايتوقف عليه صحة الإسلام من البيِّنات والهدى ، وأعظمها الكفر بالطاغوت وكلِّ من يعبده ، أعظم من كتمان سائر البينات والهدى ، فنصيب هؤلاء من لعنة الله واللاعنين أعظم نصيب ، اللهم نعوذ بك من الخذلان ، ونستجير بك من الضلال والعمى والخسران .
قال الإمام ابن القيم رحمه الله : ( والطاغوت كلُّ ما تجاوز به العبد حده من معبود ، أو متبوع ، أو مطاع ، طاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ، ورسوله ، أو يعبدونه من دون الله ، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله ، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله ، فهذه طواغيت العالم ، إذا تأملتها ، وتأملت أحوال الناس معها ، رأيت أكثرهم من عبادة الله ، إلى عبادة الطاغوت ، وعن التحاكم إلى الله ، وإلى الرسول ، إلى التحاكم إلى الطاغوت ، وعن طاعته ، ومتابعة رسوله ، إلى الطاغوت ، ومتابعته، وهؤلاء لم يسلكوا طريق الناجين الفائزين من هذه الأمة ، وهم الصحابة ، ومن تبعهم ، ولا قصدوا قصدهم ، بل خالفوهم في الطريق ، والقصد معا ،
ثم أخبر تعالى عن هؤلاء ، بأنهم إذا قيل لهم : تعالوا إلى ما أنزل الله ، وإلى الرسول ، أعرضوا عن ذلك ، ولم يستجيبوا للداعي ، ورضوا بحكم غيره ، ثم توعدهم بأنهم إذا أصابتهم مصيبة في عقولهم ، وأديانهم ، وبصائرهم ، وأبدانهم ، وأموالهم ، بسبب إعراضهم عما جاء به الرسول ، وتحكيم غيره ، والتحاكم إليه ، كما قال تعالى : ( فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم ) اعتذروا بأنهم إنما قصدوا الإحسان ، والتوفيق أي بفعل ما يرضي الفريقين ، ويوفق بينهما ، كما يفعله من يروم التوفيق بين ما جاء به الرسول ، وبين ما خالفه ، ويزعم بذلك أنه محسن ، قاصد الإصلاح ، والتوفيق ، والإيمان إنما يقتضي إلقاء الحرب بين ما جاء به الرسول ، وبين كل ما خالفه من طريقة ، وحقيقة ، وعقيدة ، وسياسة ، ورأي ، فمحض الإيمان في هذا الحرب ، لا في التوفيق ، وبالله التوفيق) .
والأدهى والأمـر هو إتخاذ هذا النهـج المعوج في زمن بلغ فيه العدوان على أمة الإسلام ذروته ، وجاوز نهايته ، فحقوق الأمة مسلوبة ، وبلادها مغصوبة ، وأرضها مستباحة ، وشعوبها مجتاحـة ، وشريعتها تحارب ، وقرآنها بالعداء يناصَب.
وإذا كان شيخ الإسلام يقول : ( فقد تبيَّن لك أن من أصل دروس دين الله ، وشرائعه وظهور الكفر ، والمعاصي ، التشبُّه بالكافرين ، كما أن من أصل كلَّ خير المحافظة على سنن الأنبياء وشرائعهم ) .
هذا في التشبه بالكافرين ، فكيف بمن يلبِّس رسالة المرسلين ، بضلال الكافرين ، وإسـلام الموحدين ، بكفر الكفرة والمشركين ، وعبادة الله تعالى وحده ، بعبادة الطواغيـت ؟!!
هـذا ،، وقد مضـت سنة الله تعالى أن يجعل هذا الإفتراء على الله تعالى ، وهذا السعـي لإفساد دين التوحيـد ، سببا في زوال النعـم ، وحلول النقـم ، وفسـاد الحال ، إنقـلاب المآل ، تلك سنة الله تعالى ، ولن تجد لسنة الله تبديلا ،ولن تجد لسنة الله تحويلا.
فنسأل الله تعالى أن لايؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ، وأن يجنبِّنا الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن يبرم لهذه الأمـة أمر رشـد يعزّ فيه أهل التوحيـد وينصـر الموحدين ، ويذلّ فيه أهل الضلال ويخزي المفترين ، وهو سبحانه حسبنا عليه توكلنا وعليه فليتوكل المتوكلون.
منقول للفائدة
تعليق