إمام أهل السنة والجماعة.. الإمام أحمد بن حنبل
إعداد وتجميع/ أ. خالد سيف الدين
من أنت يا ابن حنبل؟ أرجل مثل بقية الرجال ؟ أم أشباه الرجال؟ أحمد بن حنبل: لم يكن هَمَلا, بل كان عالما.. كان بطلا... كان آية.. كان عقلا مفكرا يدرك أين شاطئ النجاة, فدون لمن يأتي بعده أربعين ألف حديث شريف, كأنها الجَـنَّـات و النهر, موسوعة لمن طلب الخبر.. تحلى بطهر الوجدان و حب الخير.. لم يكْـرَه سوى الباطل وأهله, فكانت حياته قصة وعـبْـرة تروي كفاح إنسان حمل في أعْمَاق صَدْره حب ربه, أحمد بن حنبل شهد له الجميع بأنه عالم ثقة إمام ورع.. أمة وحده.. سيد في الثبات و الصبر.
مولده و نسبه:
ولد الإمام أحمد عام 164 هجرية في بغداد.. وتوفي عام 241 هجرية. تيتم وهو صغير السن وتولت أمه تربيته فكانت نعم الأم ونعم المربية، قال أبو سراج بن خزيمة ـ وهو كان مع أحمد بن حنبل في الكتّاب ـ إن أبي جعل يعجب من أدب أحمد وحسن طريقته, فقال لنا ذات يوم: أنا أنفق على أولادي وأجيئهم بالمؤدبين على أن يتأدبوا، فما أراهم يفلحون، وهذا أحمد بن حنبل غلام يتيم، انظر كيف يخرج؟ وجعل يعجب.
و كان أحمد بن حنبل وفيا لأمه, لدرجة أنه خشي أن تزعجها سيدة أخرى, فلم يتزوج حتى توفيت, وهو في الثلاثين من عمره.
كانت البداية بأن أعانته أمه على تعلم القرآن الكريم, تلاوة وحفظا.. وفي الخامسة عشر دخل حلقات العلماء فجلس في مجالس الحديث الشريف حتى سمع ما ببغداد كله! فقرر أن يجوب الدنيا, ويركب البحر ليجمع كل كلمة قالها الحبيب ص, ويحققها (سندا ومتنا). حتى ذهب إلى شتى أركان دولة الخلافة.. إلى الشام والسواحل.. ومكة والمدينة وباقي الحجاز واليمن وفارس وخراسان، وصعد الجبال, ووصل الأطراف.
من شيوخه الفضلاء :
لقي الإمام أحمد بن حنبل الإمام الشافعي في أول رحلة له, في الحرم المكي، وتلقى عنه الفقه, وكان أحمد ابن حنبل وفيا للشافعي, حتى روى عنه أنه مكث أربعين سنة ما بات ليلة إلا ويدعو فيها للشافعي.
وكان أحمد يقول: إنَّ الله يبعث على رأس كل مائة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها، وآمل أن يكون الشافعي على رأس المائة الثالثة.
وقال الإمام الشافعي في الإمام أحمد بن حنبل: "خرجت من بغداد فما خلّفت بها رجلاً أفضل ولا أعلم ولا أفقَهَ من ابن حنبل".
وقال أبو زرعة الرازي: حفظ أحمد بن حنبل بالمذاكرة على سبعمائة ألف حديث!!
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: كان أبي يقرأ القرآن في كل أسبوع ختمتين إحداهما بالليل والأخرى بالنهار.
حج الإمام أحمد خمس مرات إلى بيت الله تعالى ، منها ثلاث مرات ماشيا ! لقلة ذات اليد.
محنته:
عاش الإمام أحمد في عصر الخليفة (المأمون، ثم المعتصم، ثم الواثق، ثم المتوكل). وفي هذا الوقت أثارت المعتزلة خاصة في عصر المأمون فتنة (خلق القرآن).
كان الإمام أحمد بن حنبل من الذين رفضوا أن يقروا بخلق القرآن, و لم يتراجع تحت تهديد السيف، فقُيِّد بالأغلال وذُهِبَ به إلى طرطوس إلى الخليفة. وفي الطريق تراجع البعض خوفا من البطش ومات البعض الآخر. فتوفي المأمون قبل أن يصل أحمد إلى طرطوس بسويعات! وأُعيد الإمام أحمد إلى السجن إلى حين تستقر الأمور.
بعد ذلك جاء المعتصم واستدعى الإمام أحمد مكبلا، و ناقش الإمام أحمد في قضية خلق القرآن، وكان واضحا فقال أحمد: القرءان كلام الله.. من علم الله، ومن قال إنَّ علم الله حادث أي مخلوق فقد كفر! وطلب المعتصم من المعتزلة أن يناقشوه وكاد أن يقتنع بقول أحمد, ولكن سطوة البدعة و أهلها ووسوستهم غلبت.
فتركه المعتصم للضرب والتعذيب والسجن الطويل المؤلم. فكان يُضرَب ضرباً مبرحاً حتى يغشى عليه. وقال الإمام أحمد ضربت بالسياط أول يوم فطفقت أعد سبعة عشر ســوطا ثم أغمى علي ولم أدري ما كان من بعد!! ومن حضر غُسْل الإمام أحمد بعد موته ـ مع أنه مات بعد هذه الحادثة بأكثر من عشرين عاماـ شـاهد آثار السـياط على ظهره!
وقال الإمام أحمد يروي طريقة تعذيبه: علقت بالسـقف من رجلي وبيني وبين الأرض مسـافة ذراع فكانوا يعذبونني على هذه الشاكلة فانقطع الحبل بي فدكت عنقي بالأرض فأغمي علي ولم أدري ما وراء ذلك، وجيء به في اليوم الثالث لف في حصـيرة وظلوا يدوسـون عليه حتى أغمي عليه وفي كل ذلك يقولون له قل بقولنا بأن القرآن مخلوق وهو يأبى، فتركه المعتصم لعله يلين.
في فترة المحنة وهو في السجن يجيئه أحد تلاميذه يقول له: أيها الإمام ما عليك أن تجيب (أي يقر بخلق القرآن)، فيقول له: نعم انظر من خـلال الشرفة وأخبرني ماذا ترى فينظر فيقول: إني أرى أهل بغداد قد اجتمعوا كل معه القرطاس والقلم ينتظرون ما تقول به, قال: أف.. أنجو بنفسي وأضل جميع هؤلاء!!
فكانت شخصيته رمزاً للصمود والثبات على الحق ورفض تحريف العقيدة و دحض الأفكار الدخيلة على الإسلام.
ثم تولى الواثق الحكم وهو على نفس المنهج البدعي، ثم مات الواثق وتولى الخلافة المتوكل وهو من أهل السنة الميامين, و انتهت المحنة، واعتقل الظَلَمَة فاعْتُقِلوا.. وبعدما استتب الأمر جاء المتوكل إلى الإمام أحمد فأخرج له أدراج الدولة و دواوين الحكم, وقال له أيها الإمام ادرس هذه الأدراج فثبت من شــئت واترك من شــئت وأصلح أمر الدولة، فلبث الإمام أحمد مدة يفتش في الأســماء فما من قاضٍ ضال مبتدع أو عامل مبتدع أو والي ظالم إلا وعزله وعين مكانه من أهل السنة والجماعة.
وقال الإمام قتيبة: لولا أحمد بن حنبل لأحدثوا في الدين.
مُسند الإمام أحمد :
به أربعين ألف حديث شريف، بدأ أحمد بجمع مسنده منذ أن كان عمره ستة عشر سنة، فكان يسجل الأحاديث بأسانيدها، في أوراق منثورة وظل على هذه الحال إلى أن قارب الوفاة. ولما شعر بدنو أجله بدأ يجمعها ويحذف منها، وأملى هذه الأحاديث كلها على أولاده وأهل بيته.
وفاته:
توفي الإمام يوم الجمعة سنة إحدى وأربعين ومائتين للهجرة ، وله من العمر سبع وسبعون سنة، وقد دفن الإمام أحمد بن حنبل في بغداد. وقيل أسلم يوم مماته الكثير من اليهود والنصارى والمجوس تأثرا!
رحم الله الإمام أحمد بن حنبل.. إمام أهل السنة والجماعة.. ففي سيرة الإمام أحمد عبرة وسلوة للأئمة والعلماء القابضين على جمرة الدين.. الذين يلاقون أصناف وألوان شتى من العذاب من قبل زبانية الأنظمة الطاغوتية والجاهلية في محاولة لحرف الأئمة والعلماء عن جادة الصواب.
وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،،،
إعداد وتجميع/ أ. خالد سيف الدين
من أنت يا ابن حنبل؟ أرجل مثل بقية الرجال ؟ أم أشباه الرجال؟ أحمد بن حنبل: لم يكن هَمَلا, بل كان عالما.. كان بطلا... كان آية.. كان عقلا مفكرا يدرك أين شاطئ النجاة, فدون لمن يأتي بعده أربعين ألف حديث شريف, كأنها الجَـنَّـات و النهر, موسوعة لمن طلب الخبر.. تحلى بطهر الوجدان و حب الخير.. لم يكْـرَه سوى الباطل وأهله, فكانت حياته قصة وعـبْـرة تروي كفاح إنسان حمل في أعْمَاق صَدْره حب ربه, أحمد بن حنبل شهد له الجميع بأنه عالم ثقة إمام ورع.. أمة وحده.. سيد في الثبات و الصبر.
مولده و نسبه:
ولد الإمام أحمد عام 164 هجرية في بغداد.. وتوفي عام 241 هجرية. تيتم وهو صغير السن وتولت أمه تربيته فكانت نعم الأم ونعم المربية، قال أبو سراج بن خزيمة ـ وهو كان مع أحمد بن حنبل في الكتّاب ـ إن أبي جعل يعجب من أدب أحمد وحسن طريقته, فقال لنا ذات يوم: أنا أنفق على أولادي وأجيئهم بالمؤدبين على أن يتأدبوا، فما أراهم يفلحون، وهذا أحمد بن حنبل غلام يتيم، انظر كيف يخرج؟ وجعل يعجب.
و كان أحمد بن حنبل وفيا لأمه, لدرجة أنه خشي أن تزعجها سيدة أخرى, فلم يتزوج حتى توفيت, وهو في الثلاثين من عمره.
كانت البداية بأن أعانته أمه على تعلم القرآن الكريم, تلاوة وحفظا.. وفي الخامسة عشر دخل حلقات العلماء فجلس في مجالس الحديث الشريف حتى سمع ما ببغداد كله! فقرر أن يجوب الدنيا, ويركب البحر ليجمع كل كلمة قالها الحبيب ص, ويحققها (سندا ومتنا). حتى ذهب إلى شتى أركان دولة الخلافة.. إلى الشام والسواحل.. ومكة والمدينة وباقي الحجاز واليمن وفارس وخراسان، وصعد الجبال, ووصل الأطراف.
من شيوخه الفضلاء :
لقي الإمام أحمد بن حنبل الإمام الشافعي في أول رحلة له, في الحرم المكي، وتلقى عنه الفقه, وكان أحمد ابن حنبل وفيا للشافعي, حتى روى عنه أنه مكث أربعين سنة ما بات ليلة إلا ويدعو فيها للشافعي.
وكان أحمد يقول: إنَّ الله يبعث على رأس كل مائة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها، وآمل أن يكون الشافعي على رأس المائة الثالثة.
وقال الإمام الشافعي في الإمام أحمد بن حنبل: "خرجت من بغداد فما خلّفت بها رجلاً أفضل ولا أعلم ولا أفقَهَ من ابن حنبل".
وقال أبو زرعة الرازي: حفظ أحمد بن حنبل بالمذاكرة على سبعمائة ألف حديث!!
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: كان أبي يقرأ القرآن في كل أسبوع ختمتين إحداهما بالليل والأخرى بالنهار.
حج الإمام أحمد خمس مرات إلى بيت الله تعالى ، منها ثلاث مرات ماشيا ! لقلة ذات اليد.
محنته:
عاش الإمام أحمد في عصر الخليفة (المأمون، ثم المعتصم، ثم الواثق، ثم المتوكل). وفي هذا الوقت أثارت المعتزلة خاصة في عصر المأمون فتنة (خلق القرآن).
كان الإمام أحمد بن حنبل من الذين رفضوا أن يقروا بخلق القرآن, و لم يتراجع تحت تهديد السيف، فقُيِّد بالأغلال وذُهِبَ به إلى طرطوس إلى الخليفة. وفي الطريق تراجع البعض خوفا من البطش ومات البعض الآخر. فتوفي المأمون قبل أن يصل أحمد إلى طرطوس بسويعات! وأُعيد الإمام أحمد إلى السجن إلى حين تستقر الأمور.
بعد ذلك جاء المعتصم واستدعى الإمام أحمد مكبلا، و ناقش الإمام أحمد في قضية خلق القرآن، وكان واضحا فقال أحمد: القرءان كلام الله.. من علم الله، ومن قال إنَّ علم الله حادث أي مخلوق فقد كفر! وطلب المعتصم من المعتزلة أن يناقشوه وكاد أن يقتنع بقول أحمد, ولكن سطوة البدعة و أهلها ووسوستهم غلبت.
فتركه المعتصم للضرب والتعذيب والسجن الطويل المؤلم. فكان يُضرَب ضرباً مبرحاً حتى يغشى عليه. وقال الإمام أحمد ضربت بالسياط أول يوم فطفقت أعد سبعة عشر ســوطا ثم أغمى علي ولم أدري ما كان من بعد!! ومن حضر غُسْل الإمام أحمد بعد موته ـ مع أنه مات بعد هذه الحادثة بأكثر من عشرين عاماـ شـاهد آثار السـياط على ظهره!
وقال الإمام أحمد يروي طريقة تعذيبه: علقت بالسـقف من رجلي وبيني وبين الأرض مسـافة ذراع فكانوا يعذبونني على هذه الشاكلة فانقطع الحبل بي فدكت عنقي بالأرض فأغمي علي ولم أدري ما وراء ذلك، وجيء به في اليوم الثالث لف في حصـيرة وظلوا يدوسـون عليه حتى أغمي عليه وفي كل ذلك يقولون له قل بقولنا بأن القرآن مخلوق وهو يأبى، فتركه المعتصم لعله يلين.
في فترة المحنة وهو في السجن يجيئه أحد تلاميذه يقول له: أيها الإمام ما عليك أن تجيب (أي يقر بخلق القرآن)، فيقول له: نعم انظر من خـلال الشرفة وأخبرني ماذا ترى فينظر فيقول: إني أرى أهل بغداد قد اجتمعوا كل معه القرطاس والقلم ينتظرون ما تقول به, قال: أف.. أنجو بنفسي وأضل جميع هؤلاء!!
فكانت شخصيته رمزاً للصمود والثبات على الحق ورفض تحريف العقيدة و دحض الأفكار الدخيلة على الإسلام.
ثم تولى الواثق الحكم وهو على نفس المنهج البدعي، ثم مات الواثق وتولى الخلافة المتوكل وهو من أهل السنة الميامين, و انتهت المحنة، واعتقل الظَلَمَة فاعْتُقِلوا.. وبعدما استتب الأمر جاء المتوكل إلى الإمام أحمد فأخرج له أدراج الدولة و دواوين الحكم, وقال له أيها الإمام ادرس هذه الأدراج فثبت من شــئت واترك من شــئت وأصلح أمر الدولة، فلبث الإمام أحمد مدة يفتش في الأســماء فما من قاضٍ ضال مبتدع أو عامل مبتدع أو والي ظالم إلا وعزله وعين مكانه من أهل السنة والجماعة.
وقال الإمام قتيبة: لولا أحمد بن حنبل لأحدثوا في الدين.
مُسند الإمام أحمد :
به أربعين ألف حديث شريف، بدأ أحمد بجمع مسنده منذ أن كان عمره ستة عشر سنة، فكان يسجل الأحاديث بأسانيدها، في أوراق منثورة وظل على هذه الحال إلى أن قارب الوفاة. ولما شعر بدنو أجله بدأ يجمعها ويحذف منها، وأملى هذه الأحاديث كلها على أولاده وأهل بيته.
وفاته:
توفي الإمام يوم الجمعة سنة إحدى وأربعين ومائتين للهجرة ، وله من العمر سبع وسبعون سنة، وقد دفن الإمام أحمد بن حنبل في بغداد. وقيل أسلم يوم مماته الكثير من اليهود والنصارى والمجوس تأثرا!
رحم الله الإمام أحمد بن حنبل.. إمام أهل السنة والجماعة.. ففي سيرة الإمام أحمد عبرة وسلوة للأئمة والعلماء القابضين على جمرة الدين.. الذين يلاقون أصناف وألوان شتى من العذاب من قبل زبانية الأنظمة الطاغوتية والجاهلية في محاولة لحرف الأئمة والعلماء عن جادة الصواب.
وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،،،
تعليق