عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : " أوصني " ، فردّد ، قال : ( لا تغضب ) رواه البخاري .
الشرح
خلق الله تعالى آدم عليه السلام من تراب الأرض بجميع أنواعه - الأبيض منها والأسود ، والطيب والرديء ، والقاسي واللين - ، فنشأت نفوس ذرّيته متباينة الطباع ، مختلفة المشارب ، فما يصلح لبعضها قد لا يناسب غيرها ، ومن هذا المنطلق راعى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في وصاياه للناس لا تغضب
، إذ كان يوصي كل فرد بما يناسبه ، وما يعينه في تهذيب نفسه وتزكيتها .
فها هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يتسابقون إليه كي يغنموا منه الكلمة الجامعة ، والتوجيه الرشيد ، وكان منهم أبو الدر داء رضي الله عنه - كما جاء في بعض الروايات - ، فأقبل بنفس متعطشة إلى المربي العظيم ، يسأله وصية تجمع له أسباب الخير في الدنيا والآخرة ، فما زاد النبي صلى الله عليه وسلم على أن قال له : ( لا تغضب ) .
وبهذه الكلمة الموجزة ، يشير النبي صلى الله عليه وسلم إلى خطر هذا الخلق الذميم ، فالغضب جماع الشر ، ومصدر كل بليّة ، فكم مُزّقت به من صلات ، وقُطعت به من أرحام ، وأُشعلت به نار العداوات ، وارتُكبت بسببه العديد من التصرفات التي يندم عليها صاحبها ساعة لا ينفع الندم .
إنه غليان في القلب ، وهيجان في المشاعر ، يسري في النفس ، فترى صاحبه محمر الوجه ، تقدح عينيه الشرر ، فبعد أن كان هادئا متزنا ، إذا به يتحول إلى كائن آخر يختلف كلية عن تلك الصورة الهادئة ، كالبركان الثائر الذي يقذف حممه على كل أحد .
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من دعاء : ( اللهم إني أسألك كلمة الحق في الغضب والرضا ) رواه أحمد
، فإن الغضب إذا اعترى العبد ، فإنه قد يمنعه من قول الحق أو قبوله ، يقول عروة بن الزبير رضي الله عنهما : "مكتوبٌ في الحِكم: يا داود إياك وشدة الغضب ؛ فإن شدة الغضب مفسدة لفؤاد الحكيم " ،
ومن الصفات التي امتدح الله بها عباده المؤمنين في كتابه ، ما جاء في قوله تعالى : { الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين } ( آل عمران : 134 ) ، فهذه الآية تشير إلى أن الناس ينقسمون إلى ثلاثة مراتب : فمنهم من يكظم غيظه ، ويوقفه عند حده ، ومنهم من يعفوا عمن أساء إليه ، ومنهم من يرتقي به سمو خلقه إلى أن يقابل إساءة الغير بالإحسان إليه .
وهذا يقودنا إلى سؤال مهم : ما هي الوسائل التي تحد من الغضب ، وتعين العبد على التحكم بنفسه في تلك الحال ؟ : لقد بينت الشريعة العلاج النافع لذلك من خلال عدة نصوص ، وهو يتلخص فيما يأتي :
أولا : اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء ، { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم }( غافر : 60 ) .
ثانيا : التعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، فهو الذي يوقد جمرة الغضب في القلب ، يقول الله تعالى : { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله }
ثالثا : التطلع إلى ما عند الله تعالى من الأجور العظيمة قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه ، دعاه الله تبارك وتعالى على رؤوس الخلائق ، حتى يخيره من أي الحور شاء ) .رواه أبو داود
رابعا : الإمساك عن الكلام ، ويغير من هيئته التي عليها ، بأن يقعد إذا كان واقفا ، ويضطجع إذا كان جالسا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع ) رواه أبو داود .
خامسا : الابتعاد عن كل ما يسبب الغضب ، والتفكر فيما يؤدي إليه.
سادسا : تدريب النفس على الهدوء والسكينة في معالجة القضايا والمشاكل ، في شتى شؤون الدنيا والدين .
الشرح
خلق الله تعالى آدم عليه السلام من تراب الأرض بجميع أنواعه - الأبيض منها والأسود ، والطيب والرديء ، والقاسي واللين - ، فنشأت نفوس ذرّيته متباينة الطباع ، مختلفة المشارب ، فما يصلح لبعضها قد لا يناسب غيرها ، ومن هذا المنطلق راعى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في وصاياه للناس لا تغضب
، إذ كان يوصي كل فرد بما يناسبه ، وما يعينه في تهذيب نفسه وتزكيتها .
فها هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يتسابقون إليه كي يغنموا منه الكلمة الجامعة ، والتوجيه الرشيد ، وكان منهم أبو الدر داء رضي الله عنه - كما جاء في بعض الروايات - ، فأقبل بنفس متعطشة إلى المربي العظيم ، يسأله وصية تجمع له أسباب الخير في الدنيا والآخرة ، فما زاد النبي صلى الله عليه وسلم على أن قال له : ( لا تغضب ) .
وبهذه الكلمة الموجزة ، يشير النبي صلى الله عليه وسلم إلى خطر هذا الخلق الذميم ، فالغضب جماع الشر ، ومصدر كل بليّة ، فكم مُزّقت به من صلات ، وقُطعت به من أرحام ، وأُشعلت به نار العداوات ، وارتُكبت بسببه العديد من التصرفات التي يندم عليها صاحبها ساعة لا ينفع الندم .
إنه غليان في القلب ، وهيجان في المشاعر ، يسري في النفس ، فترى صاحبه محمر الوجه ، تقدح عينيه الشرر ، فبعد أن كان هادئا متزنا ، إذا به يتحول إلى كائن آخر يختلف كلية عن تلك الصورة الهادئة ، كالبركان الثائر الذي يقذف حممه على كل أحد .
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من دعاء : ( اللهم إني أسألك كلمة الحق في الغضب والرضا ) رواه أحمد
، فإن الغضب إذا اعترى العبد ، فإنه قد يمنعه من قول الحق أو قبوله ، يقول عروة بن الزبير رضي الله عنهما : "مكتوبٌ في الحِكم: يا داود إياك وشدة الغضب ؛ فإن شدة الغضب مفسدة لفؤاد الحكيم " ،
ومن الصفات التي امتدح الله بها عباده المؤمنين في كتابه ، ما جاء في قوله تعالى : { الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين } ( آل عمران : 134 ) ، فهذه الآية تشير إلى أن الناس ينقسمون إلى ثلاثة مراتب : فمنهم من يكظم غيظه ، ويوقفه عند حده ، ومنهم من يعفوا عمن أساء إليه ، ومنهم من يرتقي به سمو خلقه إلى أن يقابل إساءة الغير بالإحسان إليه .
وهذا يقودنا إلى سؤال مهم : ما هي الوسائل التي تحد من الغضب ، وتعين العبد على التحكم بنفسه في تلك الحال ؟ : لقد بينت الشريعة العلاج النافع لذلك من خلال عدة نصوص ، وهو يتلخص فيما يأتي :
أولا : اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء ، { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم }( غافر : 60 ) .
ثانيا : التعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، فهو الذي يوقد جمرة الغضب في القلب ، يقول الله تعالى : { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله }
ثالثا : التطلع إلى ما عند الله تعالى من الأجور العظيمة قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه ، دعاه الله تبارك وتعالى على رؤوس الخلائق ، حتى يخيره من أي الحور شاء ) .رواه أبو داود
رابعا : الإمساك عن الكلام ، ويغير من هيئته التي عليها ، بأن يقعد إذا كان واقفا ، ويضطجع إذا كان جالسا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع ) رواه أبو داود .
خامسا : الابتعاد عن كل ما يسبب الغضب ، والتفكر فيما يؤدي إليه.
سادسا : تدريب النفس على الهدوء والسكينة في معالجة القضايا والمشاكل ، في شتى شؤون الدنيا والدين .
تعليق