عوامل النهوض وشروطه ( العامل الثالث) 1/2
الجمعة,أيار 30, 2008
بسم الله الرحمن الرحيم والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، واصلي وأسلم على خاتم النبيين وسيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
ثالثاً: إعداد متواصل وامتلاك القوة
لما كان لكل عمل أسبابه ومقدماته، فإن العمل لدين الله تعالى والسعي لتحكيم شرعه ومحاربة أعدائه يحتاج – من باب أولى – إلى مقدمات وشروط اصطلح عليها شرعاً بالإعداد، لقوله تعالى ﴿ وَأَعِدُّوا لهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُم ﴾ [الأنفال 61 ].
وقد اختلف الكثيرون في كيفية الإعداد، كل على حسب فهمه للتغيير
المطلوب، فمن الناس من يرى أن الإعداد ينبغي أن ينحصر في الجانب التربوي وذلك بإخراج أفراد مؤهلين أخلاقياً وسلوكياً، وهذا في زعمهم كاف بإحداث التغيير المطلوب دون اللجوء إلى الأنواع الأخرى من الإعداد.
ومن الناس من يرى أن الإعداد هو معناه الدخول في بعض المؤسسات القائمة أصلاً ومحاولة التغيير من داخلها، حتى يتجنبوا الخسائر المادية والبشرية.
وهناك من يرى أن الإعداد يتجلى فقط في امتلاك الرجال والسلاح لخوض غمار المعارك مع العدو دون السعي إلى إيجاد ما يلزم من مؤسسات تابعة أو مساعدة للجانب العسكري.
وقسم آخر يؤمن بالاكتفاء بالتربية النظرية وانتظار منادي الجهاد، ثم يلتحقوا
بالصفوف يومئذ، دون الإعداد العملي لهذا اليوم، وهؤلاء يكذبهم الله تعالى في ادعائهم هذا حيث يقول ﴿ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّة ﴾[التوبة].
وهكذا تتشعب الآراء والمذاهب حول الإعداد، ولأهمية الموضوع سأحاول الوقوف على بعض الشبهات المطروحة حوله، دون تفصيل الأدلة الشرعية على وجوب الإعداد شرعاً وحتميته واقعاً، لأن البحوث فيه كثيرة تغني وتشفي، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
· اعداد معنوي ونظري
فالإعداد يحتاج إلى جمع الجهود ووضعها في المكان المناسب، والمطلوب إعداد محكم شامل، ومنه الإعداد المادي الذي يشكل الجانب الرئيس لمن تأمل واقع هذه الحكومات المرتدة وأسيادها الصليبيين واليهود، حيث أنها لا تؤمن بالحوار ولا بالحلول السلمية، كما لا تدع مجالاً لخصومها بنشر الدعوة والتحرك بكل حرية في الساحة، مما يؤكد أن ضرورة امتلاك القوة أو حق القوة هو من أولى الأولويات في عملية الإعداد.
والإعداد النظري يُسمى عندنا إعداد إيماني، حيث ينبغي الارتقاء بالفرد
المسلم إلى درجة عالية من الإيمان حتى يستلذ الابتلاء في سبيل الله ويعتبره نعمة من الله تعالى ودليل اصطفاء. ثم يملأ قلبه بالشكر والرضى بما يصيبه في هذه الحياة الدنيا فيستوي لديه الخير والشر من الابتلاء { ونبلوكم بالشر والخير فتنة}.
كما ينبغي أن يعتبر نعم الله عليه فتنة وامتحان لإيمانه، أيشكر ربه عليها أم يكفر، وليس علامة من علامات الاصطفاء كما يعتقد الكثير من الناس {وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً} [الكهف 34].
كيف يتم الاعداد؟
اعلم أن عملية الإعداد لا تتم في السراديب، وإنما تتم في واقع، فهناك من الأعمال ما هو داخل في الإعداد لا يمكن أن تقوم بها إلا علناً، ولكن الكثير بل الجزء الأكبر يجب أن يكون سراً، ولا يمكن للعدو أن يعلم به، ولسنا من دعاة الاستعجال أو استفزاز العدو ليقحمنا في معارك جانبية وهامشية لا مصلحة لنا فيها، فيجب علينا أن نعلم متى نخرج للمعركة وفق مقوماتنا ووفق برنامج يتوافق وإعدادنا، هذا من الناحية النظرية، أما من الناحية العملية والواقعية فأحياناً يصعب عليك تطبيق برنامجك، وتجد نفسك مضطراً إلى اتخاذ بعض المواقف العملية علناً، التي من شأنها أن تكشف أموراً، فالمسيرة لابد أن يكون فيها خسائر، لأن الطريق مفروش بالأشواك والعقبات وليس بالورود.
ومن يظن أنه سيقطع كل أشواط الإعداد دون أن يُعرف أو يتنبه العدو لبعض تحركاته ويكشف بعض مواقعه، فهذا غافل عن سنن الله في الدعوات، وعليه أن يبحث عن عالم آخر يتحرك فيه، وسنن أخرى لدعوته الغريبة.
يُتبع.
كتبها أبو سعد العاملي في
الجمعة,أيار 30, 2008
بسم الله الرحمن الرحيم والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، واصلي وأسلم على خاتم النبيين وسيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
ثالثاً: إعداد متواصل وامتلاك القوة
لما كان لكل عمل أسبابه ومقدماته، فإن العمل لدين الله تعالى والسعي لتحكيم شرعه ومحاربة أعدائه يحتاج – من باب أولى – إلى مقدمات وشروط اصطلح عليها شرعاً بالإعداد، لقوله تعالى ﴿ وَأَعِدُّوا لهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُم ﴾ [الأنفال 61 ].
وقد اختلف الكثيرون في كيفية الإعداد، كل على حسب فهمه للتغيير
المطلوب، فمن الناس من يرى أن الإعداد ينبغي أن ينحصر في الجانب التربوي وذلك بإخراج أفراد مؤهلين أخلاقياً وسلوكياً، وهذا في زعمهم كاف بإحداث التغيير المطلوب دون اللجوء إلى الأنواع الأخرى من الإعداد.
ومن الناس من يرى أن الإعداد هو معناه الدخول في بعض المؤسسات القائمة أصلاً ومحاولة التغيير من داخلها، حتى يتجنبوا الخسائر المادية والبشرية.
وهناك من يرى أن الإعداد يتجلى فقط في امتلاك الرجال والسلاح لخوض غمار المعارك مع العدو دون السعي إلى إيجاد ما يلزم من مؤسسات تابعة أو مساعدة للجانب العسكري.
وقسم آخر يؤمن بالاكتفاء بالتربية النظرية وانتظار منادي الجهاد، ثم يلتحقوا
بالصفوف يومئذ، دون الإعداد العملي لهذا اليوم، وهؤلاء يكذبهم الله تعالى في ادعائهم هذا حيث يقول ﴿ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّة ﴾[التوبة].
وهكذا تتشعب الآراء والمذاهب حول الإعداد، ولأهمية الموضوع سأحاول الوقوف على بعض الشبهات المطروحة حوله، دون تفصيل الأدلة الشرعية على وجوب الإعداد شرعاً وحتميته واقعاً، لأن البحوث فيه كثيرة تغني وتشفي، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
· اعداد معنوي ونظري
فالإعداد يحتاج إلى جمع الجهود ووضعها في المكان المناسب، والمطلوب إعداد محكم شامل، ومنه الإعداد المادي الذي يشكل الجانب الرئيس لمن تأمل واقع هذه الحكومات المرتدة وأسيادها الصليبيين واليهود، حيث أنها لا تؤمن بالحوار ولا بالحلول السلمية، كما لا تدع مجالاً لخصومها بنشر الدعوة والتحرك بكل حرية في الساحة، مما يؤكد أن ضرورة امتلاك القوة أو حق القوة هو من أولى الأولويات في عملية الإعداد.
والإعداد النظري يُسمى عندنا إعداد إيماني، حيث ينبغي الارتقاء بالفرد
المسلم إلى درجة عالية من الإيمان حتى يستلذ الابتلاء في سبيل الله ويعتبره نعمة من الله تعالى ودليل اصطفاء. ثم يملأ قلبه بالشكر والرضى بما يصيبه في هذه الحياة الدنيا فيستوي لديه الخير والشر من الابتلاء { ونبلوكم بالشر والخير فتنة}.
كما ينبغي أن يعتبر نعم الله عليه فتنة وامتحان لإيمانه، أيشكر ربه عليها أم يكفر، وليس علامة من علامات الاصطفاء كما يعتقد الكثير من الناس {وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً} [الكهف 34].
كيف يتم الاعداد؟
اعلم أن عملية الإعداد لا تتم في السراديب، وإنما تتم في واقع، فهناك من الأعمال ما هو داخل في الإعداد لا يمكن أن تقوم بها إلا علناً، ولكن الكثير بل الجزء الأكبر يجب أن يكون سراً، ولا يمكن للعدو أن يعلم به، ولسنا من دعاة الاستعجال أو استفزاز العدو ليقحمنا في معارك جانبية وهامشية لا مصلحة لنا فيها، فيجب علينا أن نعلم متى نخرج للمعركة وفق مقوماتنا ووفق برنامج يتوافق وإعدادنا، هذا من الناحية النظرية، أما من الناحية العملية والواقعية فأحياناً يصعب عليك تطبيق برنامجك، وتجد نفسك مضطراً إلى اتخاذ بعض المواقف العملية علناً، التي من شأنها أن تكشف أموراً، فالمسيرة لابد أن يكون فيها خسائر، لأن الطريق مفروش بالأشواك والعقبات وليس بالورود.
ومن يظن أنه سيقطع كل أشواط الإعداد دون أن يُعرف أو يتنبه العدو لبعض تحركاته ويكشف بعض مواقعه، فهذا غافل عن سنن الله في الدعوات، وعليه أن يبحث عن عالم آخر يتحرك فيه، وسنن أخرى لدعوته الغريبة.
يُتبع.
كتبها أبو سعد العاملي في
تعليق