بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، الحمد لله قاهر الطغاة الظالمين، الحمد قاصم الجبارين المستكبرين المستبدين، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له القائل {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ } وأشهد أن محمداً نصير المستضعفين ورائد المجاهدين الصادقين، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين أما بعد:
فعندما هبت رياح الغرب علينا في ظل هزائمنا المتعددة ، واضمحلال ثقافتنا الإسلامية وسقوط نظامنا السياسي الإسلامي، تأثر الكثيرون من أبناء الإسلام بأفكار الغرب، تأثروا على مستويات السياسة والاقتصاد والأسرة والمرأة وبدأت صيحات تظهر من هنا وهناك تريد أن تفصل بين الدين والدولة أو بين الدين والحياة وكأنهم يريدون أن يعيدوا التجربة الغربية عندهم ، وهذا غير ممكن لأن الإسلام هو دين الحياة جاء ليضبط الحياة والإسلام دين ودولة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ } {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا } وأحياناً تجد بعض الناس يضيق صدره بالشعار المشهور الإسلام هو الحل، أجل ليس هناك حل لنا نحن في غير الإسلام ، والتاريخ يؤكد ذلك ، والقرآن يؤكد ذلك ،والواقع يؤكد ذلك من خلال فشل كثير من التجارب أريد فرضها علينا، ومن التأثر بالأفكار الغربية والانبهار أمام تجارب الحكم هناك بعض الناس يلتقط صوراً أو مواقف من التاريخ الإسلامي ليقول أن تجربة الحكم الإسلامي تجربة تكمم أفواه الناس وتضطهد الناس وتحرم الجماهير من حرية التعبير هكذا يتهمون الإسلام، ويتهمون الحكومة الإسلامية وعندما نعود إلى القرآن الكريم نجد أن هذا الكلام كلام متهافت ففي الوقت الذي يعتبر الغربيون حرية التعبير حق من الحقوق فان الإسلام ينظر إلى التعبير عن مكنونات الصدر وعن الرأي ينظر إليه أنه واجب من الواجبات فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول (الدين النصيحة) والقرآن يقول {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } وإننا نقول لهؤلاء الناس الذين يتهمون الإسلام ويتهمون التجربة الإسلامية هذا هو القرآن أمامكم ، وهذه هي حياة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته العطرة أمامكم ،وهذه تجربة الخلفاء والصحابة والعصور التي تلتهم ، أجل لا ننكر أنه بين فترة وفترة تتسرب الروح الفرعونية أو الكسروية لبعض الحاكمين فيذلون الناس، لكننا لا نستطيع أن نعمم هذه المواقف، الإسلام هو الحل، الإسلام دين ودولة، الإسلام لا يضطهد الناس، أنا أريد أن أعرض عليكم أو على القائمين بهذه الشبهات نموذجين في عصرين مختلفين لنرى حجم الحرية الذي يسمح به الحكم الإسلامي في انتقاد الحكومة وفي الاحتجاج، هذه هي تجارب الإسلام الذي نفتخر بها ، النموذج الأول نموذج ما ورد في أشعار أبي علاء المعري وهو في القرن الرابع الهجري كان ينتقد السياسة الفاسدة والحكومة التي كانت آنذاك وكان انتقاده لاذعاً ، ولم نقرأ في التاريخ أن المعري منع من الكلام أو أنه اعتقل لأنه انتقد الحكومة الإسلامية خذ مثلا يقول المعري في انتقاده لسياسة عصره في ظل حرية الإسلام وتكريم الإسلام للإنسان، لا تدع ما يقوله المتأثرون بالفكرة الغربية أن الإسلام يقمع الناس يقول أبا العلاء:
وأرى ملوكاً لا تحوط رعية فعلام تؤخذ جزية ومكوس
هو يتكلم عن حكام لا يقومون بمسئولياتهم تجاه الناس ويفرضون عليهم الضرائب ولا يعترض على فرض الضرائب فحسب بل يعترض حتى على أخذ الجزية من النصارىٍ، كل حق يقابله أجر فالحكومة المقصرة في واجبها لا يكون لها في نظر المعري أن تأخذ الضرائب والمكوس، لأن الحاكم في الإسلام له مهمة واضحة حددها الفقهاء بالعبارة المشهورة أن مهمة الحاكم حراسة الدين وسياسة الدنيا أن يحفظ الدين، أن يحفظ أركان الإسلام، أن يحفظ هداية الإسلام وأن يسوس الدنيا ليحسن وضع الخطط التي تتضمن تنمية المجتمع وتقدمه وازدهاره، التهكم من المعري بحكام زمانه أن يقول :
يسوسون الأمور بغير عقل فينفذ أمرهم ويقال ساسة
فأف من الحياة وأف مني ومن زمن رياسته خساسة
هل هناك حرية سياسية أكثر من ذلك؟ أن المعري يقول عن حكام زمانه يسوسون الأمور بغير عقل حكام مجانين فينفذ أمره ويقال ساسة ويقول أيضاً وهو يتكلم عن ملله من هذه الحكومات العاجزة ومن هؤلاء الحكام المتنكرين لحقوق رعيتهم فيقول:
مـل المـقـال فكـم أعـاشـر أمـة حكمت بغير صلاحها أمراؤها
ظلموا الرعية واستجازوا كيدها وعدوا مصالحها وهم أجراؤها
سمعت أخي العزيز إذا كيف يقال أن الإسلام يرضى بقمع الناس وقمع الجماهير كيف يقال ذلك؟ وهذا أصعب كلام يقال في نقد الحاكم، النموذج الثاني والذي أريد أن أقرأ فقرات منه ، مقدمة كتاب الخراج لأبي يوسف، أبو يوسف من أشهر تلاميذ أبى حنيفة ومن أعظم فقهاء الإسلام والمسلمين وهو في القرن الثاني الهجري كلفه هارون الرشيد الذي كان أكبر ملوك الأرض آنذاك ولعلكم تعرفون الرواية التي تتحدث عنه وهو يخاطب السحاب ويقول للسحابة العابرة أمطري حيث شئتي فإن خراجك آت إلى، هارون الرشيد كلف أبا يوسف أن يضع كتاباً له في النظام المالي في السياسة المالية للدولة الإسلامية فوضع الرجل الكتاب، وهو كتاب مشهور اسمه الخراج لكن في مقدمته وجه نصائح لحاكمه ولأكبر ملوك الأرض آنذاك فلنسمع بعض ما قاله هذا العالم هذا الفقيه في مواجهة أكبر حكام الأرض فلذلك نحن نتمنى على حكام زماننا أن يقفوا عن مثل هذه النصوص ونتمنى على علماء زماننا أن يتحرروا من انحيازهم للحكام ومن السير في ركابهم وأن يكونوا علماء مستقلين ينحازون للأمة ودينها ومبادئها وأهدافها، لا أن يكونوا ذيولاً للحاكم وللسلطة هنا أو هناك يقول أبو يوسف وهو يختصر قصة الكتاب يقول: ( إنما أراد هارون الرشيد بهذا الكتاب أن يرفع الظلم عن رعيته، وأراد الصلاح لأمرهم) هذا هدف الكتاب الذي وضعه أبو يوسف في النظام المالي في السياسة المالية للدولة السلامية فيقول في مقدمته: ( يا أمير المؤمنين أن الله وله الحمد قلدك أمراً عظيماً ثوابه أعظم الثواب وعقابه أشد العقاب- وهو يشير في ذلك إلى أن الإمام العادل مع السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله أما الإمام الكذاب والملك الكذاب كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يزكيه ولا يكلمه له ثوابه إن أحسن وإن حكم بالعدل فثوابه أعظم الثواب وعقابه أن كذب على رعيته أو ظلم ، إن لم يحط رعيته بالرعاية فعقابه أشد العقاب، فالنبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف يقول: ( إن الله إذا أراد بقوم خيراً استعمل عليهم الحلماء وجعل أموالهم في أيدي السمحاء وإذا أراد الله بقوم بلاء استعمل عليهم السفهاء وجعل أموالهم في أيدي البخلاء ثم قال صلى الله عليه وسلم ألا من ولى من أمور أمتي شيئاً فرفق بهم في حوائجهم رفق الله به يوم حاجته ومن احتجب دون حوائجهم احتجب الله دون خلته وحاجته) فالعقوبة أو الجزاء من جنس العمل ثم يقول أبو يوسف إن الله قلبك أمر هذا الأمة فأصبحت وأمسيت وأنت تبني لخلق كثير قد استرعاكهم الله وائتمنك عليهم وابتلاك بهم ، انظر يريد أن يشعره بمسؤوليته ، المشكلة أن الناس لا يحسون بمسؤولياتهم وأننا في مرحلة كثير من الحاكمين يرى أن استلامه للحكم فرصة لتحقيق المغانم هذه مصيبة كبرى والإسلام يأبى ذلك فيقول له وأنت تبني لخلق كثير قد استرعاكهم الله وائتمنكم عليهم وابتلاك بهم وولاك أمرهم ولا يلبث البنيان إذا أسس على غير التقوى أن يأتيه الله من القواعد فيهدمه على من بناه ومن أعان عليه إذا لم يبن البناء على أساس من التقوى وتحمل المسؤولية والعدل بين الخلق ورد المظالم فلا بد أن يهدم هذا البنيان وهذا شرح لقول الله تعالى {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }. والله يقول في موضع آخر أيضا وهو يؤكد على أن بناء الظالمين إلى خراب مهما كانت قوتهم على السطح وكما قلت في جمعة سابقة الظلم مؤذن بالخراب وبالعدل تحيى الأمم والشعوب {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ }. ثم يقول أبو يوسف فأقم الحق فيما ولاك الله يا أيها المتأثرون بالفتنة الغربية اسمعوا ماذا يقول عالم يواجه كبير ملوك الأرض آنذاك هارون الرشيد الذي بعث رسالة إلى ملك الروم وكان يقول من عبد الله أمير المؤمنين هارون الرشيد إلى نقفور كلب الروم ، كان كما يقولون كبير الملوك يخاطبه هذا القائل ويقول له فأقم الحق فيما ولاك الله وكلفك ولو ساعة من النهار اسمع يا أخي اسمع فان أسعد الرعاة عند الله يوم القيامة راع سعدت به رعيته , أما الراعي الذي تشقى به رعيته فهو من أبغض الناس إلى الله يوم القيامة ومن أشقاهم يوم القيامة، فإن أسعد الرعاة عند الله أسعد الحكام يوم القيامة راع سعدت به رعيته، إنما نريد رعاة يسعدوننا إننا نريد حكاما ورؤساء وملوكا ينقذوننا من مشكلاتنا، وأتذكر في هذا السياق ما قاله الشاعر المحب للإسلام وهو يصرخ ويقول
رباه قد أصبحت أهواؤنا شيعا فامنن علينا براع أنت ترضاه
راع يعيد إلى الإسلام عزته يرعى بنيه وعين الله ترعاه
إن مشكلتنا الكبرى أيها الإخوة أن جماهير المسلمين تتعرض للأذى من الداخل والخارج وكما قال أبو الطيب المتنبي
وسوى الروم خلف ظهرك روم فعلى أي جانبيك تميل
هذه الجماهير مسكينة تدفع الثمن دائما وهي تواجه الخارج ، وتدفع الثمن وهي تواجه الداخل متى تنتفض جماهير المسلمين لتضع أيديها على مكامن العزة وعلى شروط الانتصار والنهضة في هذا الإسلام ، الإسلام هو الحل ولا معنى لما يثيره المتأثرون بأفكار الغرب أو المظهورون بتجارب الغربيين، فإن أسعد الرعاة عند الله يوم القيامة راع سعدت به رعيته فلا تزع انظر يقول الحاكم فلا تزغ فتزيغ رعيتك ، الناس على دين ملوكهم في عصر عمر ابن الخطاب جاءه رجل ملثم قد وجد كنزا من الذهب في الحرب في مواجهة الفرس فوضعه بين يديه ثم ولى وكان ملثما حتى لا يعرفه عمر فوضع عمر الذهب بين يديه وكيف وضعه هذا الجندي الأمين فقال إن قوما أدو هذا لأمناء , أمناء فقال احد الجالسين يا أمير المؤمنين عففت فعفوا ولو رتعت لرتعوا، عندما عف الحاكم عفت الرعية وإذا سرق الحاكم وخان الحاكم فماذا سيفعل الناس سوف يقتدون به سيكذبون ويسرقون وقال صلى الله عليه وسلم خير أمرائكم من تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم ،أي دعاء متبادل بينهم وبينكم وشر أمرائكم من تلعنونهم ويلعنونكم ثم يقول ماذا أحفظوها لا تنسوها يقول أبو يوسف لهارون الرشيد وإياك والأمر بالهوى والأخذ بالغضب إياك أن تحرم رعاياك بمصالحك والله تعالى يقول {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ } , إياك والأمر بالهوى والأخذ بالغضب أخذ الناس بمشاعر الانتقام والغضب لا يجوز، وإذا نظرت إلى أمرين أجدهم الآخرة والأخر للدنيا فاختر أمر الآخرة على الدنيا وهذه مسألة تحتاج إلى توضيح ليس هناك تناقض بين العمل للدنيا والعمل للآخرة وإنما قال أبو يوسف إذا وقفت بين أمرين أمر بمصلحتك الخاصة وأمر بالمصلحة العامة فينبغي أن تقدم المصلحة العامة على مصلحتك وعلى مصلحة أقربائك وأبناء قبيلتك فإن الآخرة تبقى والدنيا تفنى واجعل الناس عندك وهذه سهلة واجعل الناس عندك في أمر الله سواء القريب والبعيد، واحذر فإن الحذر بالقلب وليس باللسان وأراد أبو يوسف أن يقطع الطريق على هارون الرشيد إذا كان يظهر التقوى ويظهر الكلام في الدين فيقول لا هذا ليس كافيا , فان الحذر في القلب وليس باللسان ثم يختم ويقول الله الله يا أمير المؤمنين , الله الله يا أمير المؤمنين فان البقاء قليل والخطب خطير والدنيا هالكة وهالك من فيها والآخرة هي دار القرار فلا تلقى الله غدا وأنت سالك سبيل المعتدين فان ديان يوم الدين يدين العبادة بإعمالهم ولا يدينهم بمنازلهم يحاسب الناس على أعمالهم لا يقول أنت ملك أنت رئيس وزراء أنت حاكم لا يقول ذلك ماذا عملت ؟ خاصة من يعملون في الشأن العام ، ومن تقلدوا أمر الجماهير وأمر الأمة فان ديان يوم الدين يدين العباد بأعمالهم ولا يدينهم بمنازلهم وقد حذرك الله فاحذر فإنك لم تخلق عبثا ولم تترك سدى انظر يا أخي العزيز العالم يقول في الحاكم كلمة تبقى عدد الدهر والحاكم يقول في العالم الكلمة فتذهب تحت الإقدام هباء، نريد علماء فيهم شجاعة وفيهم استقلال إن الحاكم عندما يطرق باب العالم هذه مفخرة له ويفخر عليها فهذه دلالة على استقامة في أخلاقه لكن العالم عندما يطرق باب الحاكم فهذه معرة وهذه مذلة وهذه مهانة للعلم نريد علماءنا أن يكونوا مستقلين وان يتسموا بالشجاعة وأن ينحازوا للأمة للجماهير , يقول له فاعدد يا أمير المؤمنين للمسالة جوابها واذكر كشف قناعك فيما بينك وبين الله يوم يجمع الله الأشهاد ،الإسلام من أهم مزاياه أنه نزع القداسة عن الحاكم ما في حاكم في الإسلام إلا الله هذا الحاكم موكل بأمر الله هذه أهم ميزات النظام السياسي في الإسلام {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ }, منكم وليس عليكم منا والينا وليس علينا {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ}, يعني ممكن أن نتنازع مع حكامنا لكن لنا مرجعية كبرى، في عصور التخلف أصبحت الشعوب العربية والإسلامية تصطف على الجانبين لتغني للحاكم وتلصق صوره في كل مكان، الحاكم خادم عند الأمة واذكر كشف قناعك فيما بينك وبين الله يوم يجمع الله الإشهاد، واني أوصيك يا أمير المؤمنين بحفظ ما استحفظك الله ورعاية ما استرعاك وألا تنظر إلا إليه وله فإنك إلا تفعل تتوعر عليك سبل الهدى ، وتعمى في عينك ويضيق عليك رحبه ، وتنكر ما تعرف وتعرف ما تنكر , يصبح المعروف منكرا ويصبح المنكر معروفا ، السلطة شهوة كبيرة جدا والسلطة إن لم يطهر شهوتها الإنسان بالإسلام العظيم حولته إلى شيطان عنيد ، يقال وهذا على ذمة كتب التاريخ أن أحد ملوك المسلمين كان قارئا للقرآن فلما بويع بالخلافة أغلق القرآن وقال هذا فراق بيني وبينك ، سيتفرغ للسلطة لا علاقة له بالقرآن ، وأحمد شوقي رسم صورة جميلة لهذا الأمر عندما قال :
يولد السيد متوج غضا طهرته في مهدها النعناع
ينكر ما يعرف ويعرف ما ينكر.أقول قولى هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الحمد لله غياث المستغيثين، الحمد لله صريخ المستصرخين، الحمد لله وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له القائل {وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ } وأشهد أن محمدا رسول الله وقف في وجه الطغيان وقاوم الظلم والاستكبار، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين أما بعد:
أيها الإخوة أريد أن تعرفوا أمرا في غاية الأهمية أن الله تعالى عندما نصر المسلمين على الروم والفرس لم يكن هذا الانتصار محاباة لجنس دون جنس ولا لعرق دون عرق لم يكن لسواد أعين العرب والمسلمين وإنما كان لأسباب، كان هذا الانتصار على الروم والفرس لأن عدل عمر بن الخطاب أنفع للناس من جبروت كسرى فأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض لأن الوحي الصادق أجدى على الناس من تحريف أهل الكتاب وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض في ظنك ما الذي ينفع الناس ما هو الأنفع للناس أجيبوا أيها الناس العدل سياسيا أو اجتماعيا ، الشورى ولو على نطاق الأسرة ، كرامة الإنسان حريته، النظام الشامل، الحرية التي تنضج العقول في ظلها فتبدع وتتفتح، هذه الأمور التي تنفع الناس, على كل حال يختم أبو يوسف ويقول إني أوصيك يا أمير المؤمنين بحفظ ما استحفظك الله ورعاية ما استرعاك ، فإلا تفعل تتوعر عليك سبل الهدى ، وتعمى في عينك ويضيق عليك رحبه وتنكر ما تعرف وتعرف ما تنكر واحذر أن تضيع رعيتك فيستوصي ربها حقها منك وهذه ضمانة للمظلومين أن من لم يستوف حقوقهم في هذه الدنيا استوفاه الله لهم الذي لا يغفل عما يفعله الظالمون ، وليس شيء أحب إلى الله من الإصلاح ولا أبغض إليه من الفساد ومن كفر النعمة و من لم يفزع إلى الله في التوبة سلبه الله العز وسلط عليه عدوه، وأن صلاح الرعية بإقامة الحدود عليهم ورفع الظلم عنهم وإعلامهم فيما اشتبه من الحقوق عليهم ، وهذا واجب الحاكم أن يرفع الظلم عن المظلومين وأن يتيح الفرصة لمن له حق أن يأخذه ، أيها الإخوة الأعزاء جاءتنا ذكرى النكبة بعد ستين سنة وللأسف هم يحتفلون والفرحة تعمهم والضيوف يدخلون عليهم من كل باب وذكرى نكبتنا بعد ستين عام تأتينا ونحن منقسمون كان المفروض أيها الإخوة أن ذكرى النكبة التي نمر بها المفروض أن ذلك كله يوحدنا ، إن المصائب يجمعن المصابين، فإن لم توحدنا هذه النكبات فمن يوحدنا أيها الإخوة , والغريب أن مسلسل الانقسام على قدم وساق حتى في مفاوضات ما يسمى بالتهدئة كان هناك الإصرار من قبل أطراف معينة على أن تكون التهدئة هنا فقط وهناك لا دخل لنا هذا تكريس لنكبة الانقسام التي نعيشها ،يجب أن نفكر في أنفسنا وكما قلت من قبل يجب أن ندرس أسباب ما أصابنا أيها الإخوة فلابد أن يحتفل الجميع بهذه الذكرى ليتدارسوا أسبابها كان لابد أن تتشكل اللجان والأجهزة لدراسة واقعنا لنتأمل فيما انجزناه وفيما سننجزه ما حققناه وما سنحققه ما هي خططنا للمستقبل ما الذي حققناه على صعيد قضيتنا هل اقتربنا من العودة هل اقتربنا من إزالة أثار النكبة أم ماذا ؟ لكن للأسف الشديد الغرائز تتقدم على العقول المصالح تتقدم على المبادئ ، كان المفروض أيها الإخوة أن يقبل الناس بعضهم على بعض في محبة ورضا وألفة يا أبناء النكبة فيم تختلفون ؟ يا أبناء النكبة لم يقس بعضكم عل بعض ؟ من أجل عرض من الدنيا قليل، ألا تقرؤون القرآن ؟ ألا تقرؤون التاريخ ؟ ألا تنظرون إلى الواقع ؟ ألا تنظرون إلى هذا العدو الذي يحيط بكم برا وبحرا وجوا ؟ لم هذه القسوة بعضكم على بعض , مسألة أخرى لابد أن أنبه لها من قبل ما يستعلمه بعض الإخوة من سائقي السيارات من زيوت الطعام كوقود لسيارتهم وقد انتشرت التقارير ولعلكم جميعا اطلعتم على هذه التقارير أن استخدام هذه الزيوت كوقود ينتج عنه أبخرة قاتلة هكذا يقول المتخصصون فلماذا الإصرار على هذا الفعل ؟ ثم الإسلام لا يسمح مطلقا أن يزال ضرر خاص بضرر عام أن الضرر المترتب عليك يا أخي بغياب الوقود هو ضرر خاص وسيزول إنشاء الله ، ما تفعله يترتب عليه ضرر عام ولا ندري يزول أو لا يزول، هل أنت ترضى هذه المسؤولية أمام الله أنا أناشد الإخوة الذين يستخدمون هذه الزيوت في سياراتهم أن يتقوا الله وليعلموا أن الله هو الغني الحميد وألا يفعلوا شيئا فيه ضرر للناس ولأهلهم وكذلك أناشد المسئولين أن يقوموا بدورهم في هذا الموضوع هذا أمر لا ينبغي أن يسكت عليه أحد ،ثم أيها الأعزاء سررت كثيرا وأنا أسير بجوار مؤسسة من المؤسسات وقرأت عليها تحذيرات من كتابة الإعلانات آو الشعارات وإلصاق الإعلانات والله فرحت وسررت وقلت هذه خطوة على الطريق المستقيم والصحيح , لكني تمنيت أن يمتد هذا القرار ليلحق أو ليصل إلى سائر أنحاء المجتمع ليشمل المساجد والتي هي أقدس وأكثر قداسة وحرمة من جدران المؤسسات وأن تمنع الكتابة عليها ، نريد أن نقلل من الشعارات ، قليلا من الشعارات يا قوم , والكثير الكثير من التفكير ومن العمل ، لابد أن يتقدم العقل والتأمل على الشعار ، شكرت في نفسي من وضع هذه التحذيرات والقول يمنع لصق الإعلانات وبمنع كتابة الشعارات على هذه المؤسسة، وأنا من هنا أتمنى على من وجه هذه التوجيهات أن يعممها حتى تصل إلى المساجد والى البيوت والى كل مكان وأن تتحرر المساجد من وضع هذه عليها ومن الهيمنة عليها ومن رفع الرايات الحزبية فوق مآذنها وأن تعود المساجد لأداء مهمتها في توحيد الناس وتعليمهم وتثقيفهم .
اللهم املأ قلوبنا إيماناً، واملأ عقولنا وعياً، وآت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إننا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله وتذل بها الكفر وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى دينك والهداة إلى سبيلك وترزقنا فيها كرامة الدنيا والآخرة، عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون.
الحمد لله، الحمد لله قاهر الطغاة الظالمين، الحمد قاصم الجبارين المستكبرين المستبدين، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له القائل {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ } وأشهد أن محمداً نصير المستضعفين ورائد المجاهدين الصادقين، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين أما بعد:
فعندما هبت رياح الغرب علينا في ظل هزائمنا المتعددة ، واضمحلال ثقافتنا الإسلامية وسقوط نظامنا السياسي الإسلامي، تأثر الكثيرون من أبناء الإسلام بأفكار الغرب، تأثروا على مستويات السياسة والاقتصاد والأسرة والمرأة وبدأت صيحات تظهر من هنا وهناك تريد أن تفصل بين الدين والدولة أو بين الدين والحياة وكأنهم يريدون أن يعيدوا التجربة الغربية عندهم ، وهذا غير ممكن لأن الإسلام هو دين الحياة جاء ليضبط الحياة والإسلام دين ودولة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ } {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا } وأحياناً تجد بعض الناس يضيق صدره بالشعار المشهور الإسلام هو الحل، أجل ليس هناك حل لنا نحن في غير الإسلام ، والتاريخ يؤكد ذلك ، والقرآن يؤكد ذلك ،والواقع يؤكد ذلك من خلال فشل كثير من التجارب أريد فرضها علينا، ومن التأثر بالأفكار الغربية والانبهار أمام تجارب الحكم هناك بعض الناس يلتقط صوراً أو مواقف من التاريخ الإسلامي ليقول أن تجربة الحكم الإسلامي تجربة تكمم أفواه الناس وتضطهد الناس وتحرم الجماهير من حرية التعبير هكذا يتهمون الإسلام، ويتهمون الحكومة الإسلامية وعندما نعود إلى القرآن الكريم نجد أن هذا الكلام كلام متهافت ففي الوقت الذي يعتبر الغربيون حرية التعبير حق من الحقوق فان الإسلام ينظر إلى التعبير عن مكنونات الصدر وعن الرأي ينظر إليه أنه واجب من الواجبات فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول (الدين النصيحة) والقرآن يقول {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } وإننا نقول لهؤلاء الناس الذين يتهمون الإسلام ويتهمون التجربة الإسلامية هذا هو القرآن أمامكم ، وهذه هي حياة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته العطرة أمامكم ،وهذه تجربة الخلفاء والصحابة والعصور التي تلتهم ، أجل لا ننكر أنه بين فترة وفترة تتسرب الروح الفرعونية أو الكسروية لبعض الحاكمين فيذلون الناس، لكننا لا نستطيع أن نعمم هذه المواقف، الإسلام هو الحل، الإسلام دين ودولة، الإسلام لا يضطهد الناس، أنا أريد أن أعرض عليكم أو على القائمين بهذه الشبهات نموذجين في عصرين مختلفين لنرى حجم الحرية الذي يسمح به الحكم الإسلامي في انتقاد الحكومة وفي الاحتجاج، هذه هي تجارب الإسلام الذي نفتخر بها ، النموذج الأول نموذج ما ورد في أشعار أبي علاء المعري وهو في القرن الرابع الهجري كان ينتقد السياسة الفاسدة والحكومة التي كانت آنذاك وكان انتقاده لاذعاً ، ولم نقرأ في التاريخ أن المعري منع من الكلام أو أنه اعتقل لأنه انتقد الحكومة الإسلامية خذ مثلا يقول المعري في انتقاده لسياسة عصره في ظل حرية الإسلام وتكريم الإسلام للإنسان، لا تدع ما يقوله المتأثرون بالفكرة الغربية أن الإسلام يقمع الناس يقول أبا العلاء:
وأرى ملوكاً لا تحوط رعية فعلام تؤخذ جزية ومكوس
هو يتكلم عن حكام لا يقومون بمسئولياتهم تجاه الناس ويفرضون عليهم الضرائب ولا يعترض على فرض الضرائب فحسب بل يعترض حتى على أخذ الجزية من النصارىٍ، كل حق يقابله أجر فالحكومة المقصرة في واجبها لا يكون لها في نظر المعري أن تأخذ الضرائب والمكوس، لأن الحاكم في الإسلام له مهمة واضحة حددها الفقهاء بالعبارة المشهورة أن مهمة الحاكم حراسة الدين وسياسة الدنيا أن يحفظ الدين، أن يحفظ أركان الإسلام، أن يحفظ هداية الإسلام وأن يسوس الدنيا ليحسن وضع الخطط التي تتضمن تنمية المجتمع وتقدمه وازدهاره، التهكم من المعري بحكام زمانه أن يقول :
يسوسون الأمور بغير عقل فينفذ أمرهم ويقال ساسة
فأف من الحياة وأف مني ومن زمن رياسته خساسة
هل هناك حرية سياسية أكثر من ذلك؟ أن المعري يقول عن حكام زمانه يسوسون الأمور بغير عقل حكام مجانين فينفذ أمره ويقال ساسة ويقول أيضاً وهو يتكلم عن ملله من هذه الحكومات العاجزة ومن هؤلاء الحكام المتنكرين لحقوق رعيتهم فيقول:
مـل المـقـال فكـم أعـاشـر أمـة حكمت بغير صلاحها أمراؤها
ظلموا الرعية واستجازوا كيدها وعدوا مصالحها وهم أجراؤها
سمعت أخي العزيز إذا كيف يقال أن الإسلام يرضى بقمع الناس وقمع الجماهير كيف يقال ذلك؟ وهذا أصعب كلام يقال في نقد الحاكم، النموذج الثاني والذي أريد أن أقرأ فقرات منه ، مقدمة كتاب الخراج لأبي يوسف، أبو يوسف من أشهر تلاميذ أبى حنيفة ومن أعظم فقهاء الإسلام والمسلمين وهو في القرن الثاني الهجري كلفه هارون الرشيد الذي كان أكبر ملوك الأرض آنذاك ولعلكم تعرفون الرواية التي تتحدث عنه وهو يخاطب السحاب ويقول للسحابة العابرة أمطري حيث شئتي فإن خراجك آت إلى، هارون الرشيد كلف أبا يوسف أن يضع كتاباً له في النظام المالي في السياسة المالية للدولة الإسلامية فوضع الرجل الكتاب، وهو كتاب مشهور اسمه الخراج لكن في مقدمته وجه نصائح لحاكمه ولأكبر ملوك الأرض آنذاك فلنسمع بعض ما قاله هذا العالم هذا الفقيه في مواجهة أكبر حكام الأرض فلذلك نحن نتمنى على حكام زماننا أن يقفوا عن مثل هذه النصوص ونتمنى على علماء زماننا أن يتحرروا من انحيازهم للحكام ومن السير في ركابهم وأن يكونوا علماء مستقلين ينحازون للأمة ودينها ومبادئها وأهدافها، لا أن يكونوا ذيولاً للحاكم وللسلطة هنا أو هناك يقول أبو يوسف وهو يختصر قصة الكتاب يقول: ( إنما أراد هارون الرشيد بهذا الكتاب أن يرفع الظلم عن رعيته، وأراد الصلاح لأمرهم) هذا هدف الكتاب الذي وضعه أبو يوسف في النظام المالي في السياسة المالية للدولة السلامية فيقول في مقدمته: ( يا أمير المؤمنين أن الله وله الحمد قلدك أمراً عظيماً ثوابه أعظم الثواب وعقابه أشد العقاب- وهو يشير في ذلك إلى أن الإمام العادل مع السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله أما الإمام الكذاب والملك الكذاب كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يزكيه ولا يكلمه له ثوابه إن أحسن وإن حكم بالعدل فثوابه أعظم الثواب وعقابه أن كذب على رعيته أو ظلم ، إن لم يحط رعيته بالرعاية فعقابه أشد العقاب، فالنبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف يقول: ( إن الله إذا أراد بقوم خيراً استعمل عليهم الحلماء وجعل أموالهم في أيدي السمحاء وإذا أراد الله بقوم بلاء استعمل عليهم السفهاء وجعل أموالهم في أيدي البخلاء ثم قال صلى الله عليه وسلم ألا من ولى من أمور أمتي شيئاً فرفق بهم في حوائجهم رفق الله به يوم حاجته ومن احتجب دون حوائجهم احتجب الله دون خلته وحاجته) فالعقوبة أو الجزاء من جنس العمل ثم يقول أبو يوسف إن الله قلبك أمر هذا الأمة فأصبحت وأمسيت وأنت تبني لخلق كثير قد استرعاكهم الله وائتمنك عليهم وابتلاك بهم ، انظر يريد أن يشعره بمسؤوليته ، المشكلة أن الناس لا يحسون بمسؤولياتهم وأننا في مرحلة كثير من الحاكمين يرى أن استلامه للحكم فرصة لتحقيق المغانم هذه مصيبة كبرى والإسلام يأبى ذلك فيقول له وأنت تبني لخلق كثير قد استرعاكهم الله وائتمنكم عليهم وابتلاك بهم وولاك أمرهم ولا يلبث البنيان إذا أسس على غير التقوى أن يأتيه الله من القواعد فيهدمه على من بناه ومن أعان عليه إذا لم يبن البناء على أساس من التقوى وتحمل المسؤولية والعدل بين الخلق ورد المظالم فلا بد أن يهدم هذا البنيان وهذا شرح لقول الله تعالى {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }. والله يقول في موضع آخر أيضا وهو يؤكد على أن بناء الظالمين إلى خراب مهما كانت قوتهم على السطح وكما قلت في جمعة سابقة الظلم مؤذن بالخراب وبالعدل تحيى الأمم والشعوب {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ }. ثم يقول أبو يوسف فأقم الحق فيما ولاك الله يا أيها المتأثرون بالفتنة الغربية اسمعوا ماذا يقول عالم يواجه كبير ملوك الأرض آنذاك هارون الرشيد الذي بعث رسالة إلى ملك الروم وكان يقول من عبد الله أمير المؤمنين هارون الرشيد إلى نقفور كلب الروم ، كان كما يقولون كبير الملوك يخاطبه هذا القائل ويقول له فأقم الحق فيما ولاك الله وكلفك ولو ساعة من النهار اسمع يا أخي اسمع فان أسعد الرعاة عند الله يوم القيامة راع سعدت به رعيته , أما الراعي الذي تشقى به رعيته فهو من أبغض الناس إلى الله يوم القيامة ومن أشقاهم يوم القيامة، فإن أسعد الرعاة عند الله أسعد الحكام يوم القيامة راع سعدت به رعيته، إنما نريد رعاة يسعدوننا إننا نريد حكاما ورؤساء وملوكا ينقذوننا من مشكلاتنا، وأتذكر في هذا السياق ما قاله الشاعر المحب للإسلام وهو يصرخ ويقول
رباه قد أصبحت أهواؤنا شيعا فامنن علينا براع أنت ترضاه
راع يعيد إلى الإسلام عزته يرعى بنيه وعين الله ترعاه
إن مشكلتنا الكبرى أيها الإخوة أن جماهير المسلمين تتعرض للأذى من الداخل والخارج وكما قال أبو الطيب المتنبي
وسوى الروم خلف ظهرك روم فعلى أي جانبيك تميل
هذه الجماهير مسكينة تدفع الثمن دائما وهي تواجه الخارج ، وتدفع الثمن وهي تواجه الداخل متى تنتفض جماهير المسلمين لتضع أيديها على مكامن العزة وعلى شروط الانتصار والنهضة في هذا الإسلام ، الإسلام هو الحل ولا معنى لما يثيره المتأثرون بأفكار الغرب أو المظهورون بتجارب الغربيين، فإن أسعد الرعاة عند الله يوم القيامة راع سعدت به رعيته فلا تزع انظر يقول الحاكم فلا تزغ فتزيغ رعيتك ، الناس على دين ملوكهم في عصر عمر ابن الخطاب جاءه رجل ملثم قد وجد كنزا من الذهب في الحرب في مواجهة الفرس فوضعه بين يديه ثم ولى وكان ملثما حتى لا يعرفه عمر فوضع عمر الذهب بين يديه وكيف وضعه هذا الجندي الأمين فقال إن قوما أدو هذا لأمناء , أمناء فقال احد الجالسين يا أمير المؤمنين عففت فعفوا ولو رتعت لرتعوا، عندما عف الحاكم عفت الرعية وإذا سرق الحاكم وخان الحاكم فماذا سيفعل الناس سوف يقتدون به سيكذبون ويسرقون وقال صلى الله عليه وسلم خير أمرائكم من تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم ،أي دعاء متبادل بينهم وبينكم وشر أمرائكم من تلعنونهم ويلعنونكم ثم يقول ماذا أحفظوها لا تنسوها يقول أبو يوسف لهارون الرشيد وإياك والأمر بالهوى والأخذ بالغضب إياك أن تحرم رعاياك بمصالحك والله تعالى يقول {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ } , إياك والأمر بالهوى والأخذ بالغضب أخذ الناس بمشاعر الانتقام والغضب لا يجوز، وإذا نظرت إلى أمرين أجدهم الآخرة والأخر للدنيا فاختر أمر الآخرة على الدنيا وهذه مسألة تحتاج إلى توضيح ليس هناك تناقض بين العمل للدنيا والعمل للآخرة وإنما قال أبو يوسف إذا وقفت بين أمرين أمر بمصلحتك الخاصة وأمر بالمصلحة العامة فينبغي أن تقدم المصلحة العامة على مصلحتك وعلى مصلحة أقربائك وأبناء قبيلتك فإن الآخرة تبقى والدنيا تفنى واجعل الناس عندك وهذه سهلة واجعل الناس عندك في أمر الله سواء القريب والبعيد، واحذر فإن الحذر بالقلب وليس باللسان وأراد أبو يوسف أن يقطع الطريق على هارون الرشيد إذا كان يظهر التقوى ويظهر الكلام في الدين فيقول لا هذا ليس كافيا , فان الحذر في القلب وليس باللسان ثم يختم ويقول الله الله يا أمير المؤمنين , الله الله يا أمير المؤمنين فان البقاء قليل والخطب خطير والدنيا هالكة وهالك من فيها والآخرة هي دار القرار فلا تلقى الله غدا وأنت سالك سبيل المعتدين فان ديان يوم الدين يدين العبادة بإعمالهم ولا يدينهم بمنازلهم يحاسب الناس على أعمالهم لا يقول أنت ملك أنت رئيس وزراء أنت حاكم لا يقول ذلك ماذا عملت ؟ خاصة من يعملون في الشأن العام ، ومن تقلدوا أمر الجماهير وأمر الأمة فان ديان يوم الدين يدين العباد بأعمالهم ولا يدينهم بمنازلهم وقد حذرك الله فاحذر فإنك لم تخلق عبثا ولم تترك سدى انظر يا أخي العزيز العالم يقول في الحاكم كلمة تبقى عدد الدهر والحاكم يقول في العالم الكلمة فتذهب تحت الإقدام هباء، نريد علماء فيهم شجاعة وفيهم استقلال إن الحاكم عندما يطرق باب العالم هذه مفخرة له ويفخر عليها فهذه دلالة على استقامة في أخلاقه لكن العالم عندما يطرق باب الحاكم فهذه معرة وهذه مذلة وهذه مهانة للعلم نريد علماءنا أن يكونوا مستقلين وان يتسموا بالشجاعة وأن ينحازوا للأمة للجماهير , يقول له فاعدد يا أمير المؤمنين للمسالة جوابها واذكر كشف قناعك فيما بينك وبين الله يوم يجمع الله الأشهاد ،الإسلام من أهم مزاياه أنه نزع القداسة عن الحاكم ما في حاكم في الإسلام إلا الله هذا الحاكم موكل بأمر الله هذه أهم ميزات النظام السياسي في الإسلام {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ }, منكم وليس عليكم منا والينا وليس علينا {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ}, يعني ممكن أن نتنازع مع حكامنا لكن لنا مرجعية كبرى، في عصور التخلف أصبحت الشعوب العربية والإسلامية تصطف على الجانبين لتغني للحاكم وتلصق صوره في كل مكان، الحاكم خادم عند الأمة واذكر كشف قناعك فيما بينك وبين الله يوم يجمع الله الإشهاد، واني أوصيك يا أمير المؤمنين بحفظ ما استحفظك الله ورعاية ما استرعاك وألا تنظر إلا إليه وله فإنك إلا تفعل تتوعر عليك سبل الهدى ، وتعمى في عينك ويضيق عليك رحبه ، وتنكر ما تعرف وتعرف ما تنكر , يصبح المعروف منكرا ويصبح المنكر معروفا ، السلطة شهوة كبيرة جدا والسلطة إن لم يطهر شهوتها الإنسان بالإسلام العظيم حولته إلى شيطان عنيد ، يقال وهذا على ذمة كتب التاريخ أن أحد ملوك المسلمين كان قارئا للقرآن فلما بويع بالخلافة أغلق القرآن وقال هذا فراق بيني وبينك ، سيتفرغ للسلطة لا علاقة له بالقرآن ، وأحمد شوقي رسم صورة جميلة لهذا الأمر عندما قال :
يولد السيد متوج غضا طهرته في مهدها النعناع
ينكر ما يعرف ويعرف ما ينكر.أقول قولى هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الحمد لله غياث المستغيثين، الحمد لله صريخ المستصرخين، الحمد لله وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له القائل {وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ } وأشهد أن محمدا رسول الله وقف في وجه الطغيان وقاوم الظلم والاستكبار، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين أما بعد:
أيها الإخوة أريد أن تعرفوا أمرا في غاية الأهمية أن الله تعالى عندما نصر المسلمين على الروم والفرس لم يكن هذا الانتصار محاباة لجنس دون جنس ولا لعرق دون عرق لم يكن لسواد أعين العرب والمسلمين وإنما كان لأسباب، كان هذا الانتصار على الروم والفرس لأن عدل عمر بن الخطاب أنفع للناس من جبروت كسرى فأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض لأن الوحي الصادق أجدى على الناس من تحريف أهل الكتاب وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض في ظنك ما الذي ينفع الناس ما هو الأنفع للناس أجيبوا أيها الناس العدل سياسيا أو اجتماعيا ، الشورى ولو على نطاق الأسرة ، كرامة الإنسان حريته، النظام الشامل، الحرية التي تنضج العقول في ظلها فتبدع وتتفتح، هذه الأمور التي تنفع الناس, على كل حال يختم أبو يوسف ويقول إني أوصيك يا أمير المؤمنين بحفظ ما استحفظك الله ورعاية ما استرعاك ، فإلا تفعل تتوعر عليك سبل الهدى ، وتعمى في عينك ويضيق عليك رحبه وتنكر ما تعرف وتعرف ما تنكر واحذر أن تضيع رعيتك فيستوصي ربها حقها منك وهذه ضمانة للمظلومين أن من لم يستوف حقوقهم في هذه الدنيا استوفاه الله لهم الذي لا يغفل عما يفعله الظالمون ، وليس شيء أحب إلى الله من الإصلاح ولا أبغض إليه من الفساد ومن كفر النعمة و من لم يفزع إلى الله في التوبة سلبه الله العز وسلط عليه عدوه، وأن صلاح الرعية بإقامة الحدود عليهم ورفع الظلم عنهم وإعلامهم فيما اشتبه من الحقوق عليهم ، وهذا واجب الحاكم أن يرفع الظلم عن المظلومين وأن يتيح الفرصة لمن له حق أن يأخذه ، أيها الإخوة الأعزاء جاءتنا ذكرى النكبة بعد ستين سنة وللأسف هم يحتفلون والفرحة تعمهم والضيوف يدخلون عليهم من كل باب وذكرى نكبتنا بعد ستين عام تأتينا ونحن منقسمون كان المفروض أيها الإخوة أن ذكرى النكبة التي نمر بها المفروض أن ذلك كله يوحدنا ، إن المصائب يجمعن المصابين، فإن لم توحدنا هذه النكبات فمن يوحدنا أيها الإخوة , والغريب أن مسلسل الانقسام على قدم وساق حتى في مفاوضات ما يسمى بالتهدئة كان هناك الإصرار من قبل أطراف معينة على أن تكون التهدئة هنا فقط وهناك لا دخل لنا هذا تكريس لنكبة الانقسام التي نعيشها ،يجب أن نفكر في أنفسنا وكما قلت من قبل يجب أن ندرس أسباب ما أصابنا أيها الإخوة فلابد أن يحتفل الجميع بهذه الذكرى ليتدارسوا أسبابها كان لابد أن تتشكل اللجان والأجهزة لدراسة واقعنا لنتأمل فيما انجزناه وفيما سننجزه ما حققناه وما سنحققه ما هي خططنا للمستقبل ما الذي حققناه على صعيد قضيتنا هل اقتربنا من العودة هل اقتربنا من إزالة أثار النكبة أم ماذا ؟ لكن للأسف الشديد الغرائز تتقدم على العقول المصالح تتقدم على المبادئ ، كان المفروض أيها الإخوة أن يقبل الناس بعضهم على بعض في محبة ورضا وألفة يا أبناء النكبة فيم تختلفون ؟ يا أبناء النكبة لم يقس بعضكم عل بعض ؟ من أجل عرض من الدنيا قليل، ألا تقرؤون القرآن ؟ ألا تقرؤون التاريخ ؟ ألا تنظرون إلى الواقع ؟ ألا تنظرون إلى هذا العدو الذي يحيط بكم برا وبحرا وجوا ؟ لم هذه القسوة بعضكم على بعض , مسألة أخرى لابد أن أنبه لها من قبل ما يستعلمه بعض الإخوة من سائقي السيارات من زيوت الطعام كوقود لسيارتهم وقد انتشرت التقارير ولعلكم جميعا اطلعتم على هذه التقارير أن استخدام هذه الزيوت كوقود ينتج عنه أبخرة قاتلة هكذا يقول المتخصصون فلماذا الإصرار على هذا الفعل ؟ ثم الإسلام لا يسمح مطلقا أن يزال ضرر خاص بضرر عام أن الضرر المترتب عليك يا أخي بغياب الوقود هو ضرر خاص وسيزول إنشاء الله ، ما تفعله يترتب عليه ضرر عام ولا ندري يزول أو لا يزول، هل أنت ترضى هذه المسؤولية أمام الله أنا أناشد الإخوة الذين يستخدمون هذه الزيوت في سياراتهم أن يتقوا الله وليعلموا أن الله هو الغني الحميد وألا يفعلوا شيئا فيه ضرر للناس ولأهلهم وكذلك أناشد المسئولين أن يقوموا بدورهم في هذا الموضوع هذا أمر لا ينبغي أن يسكت عليه أحد ،ثم أيها الأعزاء سررت كثيرا وأنا أسير بجوار مؤسسة من المؤسسات وقرأت عليها تحذيرات من كتابة الإعلانات آو الشعارات وإلصاق الإعلانات والله فرحت وسررت وقلت هذه خطوة على الطريق المستقيم والصحيح , لكني تمنيت أن يمتد هذا القرار ليلحق أو ليصل إلى سائر أنحاء المجتمع ليشمل المساجد والتي هي أقدس وأكثر قداسة وحرمة من جدران المؤسسات وأن تمنع الكتابة عليها ، نريد أن نقلل من الشعارات ، قليلا من الشعارات يا قوم , والكثير الكثير من التفكير ومن العمل ، لابد أن يتقدم العقل والتأمل على الشعار ، شكرت في نفسي من وضع هذه التحذيرات والقول يمنع لصق الإعلانات وبمنع كتابة الشعارات على هذه المؤسسة، وأنا من هنا أتمنى على من وجه هذه التوجيهات أن يعممها حتى تصل إلى المساجد والى البيوت والى كل مكان وأن تتحرر المساجد من وضع هذه عليها ومن الهيمنة عليها ومن رفع الرايات الحزبية فوق مآذنها وأن تعود المساجد لأداء مهمتها في توحيد الناس وتعليمهم وتثقيفهم .
اللهم املأ قلوبنا إيماناً، واملأ عقولنا وعياً، وآت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إننا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله وتذل بها الكفر وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى دينك والهداة إلى سبيلك وترزقنا فيها كرامة الدنيا والآخرة، عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون.
تعليق