إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

"الهداية في أحاديث البداية" الحلقة العاشرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "الهداية في أحاديث البداية" الحلقة العاشرة


    الجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية


    قسم الإعلام التوعوي

    :: يقدم ::

    سلسلة


    "الهداية في أحاديث البداية"


    للشيخ أبي الحارث الأنصاري - حفظه الله


    يسر إخوانكم فى الجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية أن يقدموا لكم سلسلة " الهداية فى أحاديث البداية " وإخوانكم فى الجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية يهيبون بالأخوة المسلمين وأنصار الجهاد عامة وإخواننا فى أرض الرباط خاصة أن يحرصوا على متابعة هذه السلسلة لما فيها من علم وفير وفوائد ونصائح لمن أراد أن يضع قدمه على طريق البداية , نسأل الله تعالى أن يجزى كاتبها خير الجزاء , وأن ينفع قارئها إنه ولى ذلك والقادر عليه ....


    الحلقة العاشرة


    "إنّكُمْ تُبَايِعُونَهُ عَلَى حَرْبِ الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ"


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، والرحمة والرضوان على الصحب والآل، ثم أما بعد:

    فإنه مما يعجب منه العامل في حظيرة الإسلام، ذلك التهافت الكبير من المنتمين للإسلام على الحيادية في الطرح، أو الاستحياء في العرض، أو الاستسلام للضعف والوهن النفسي، ثم الأعجب البحث في الدين العظيم عن أسباب العجز، فنرى العاجز يبحث في الأصول الفقهية ليستخرج منها ما يبرر له عجزه وخوره وجبنه كتقديم الأهم على المهم، ثم يجعل الحفاظ على الدين أول الأولويات وهذا حق، ولكنه يتخذه مدخل ليحافظ على نفسه، لأنه يفرض نفسه القائم بأعمال الدين، ولو قُضي عليه فسَيُقضَى على الدين، فيتخذ المحافظة على الدين ذريعة ليحافظ على بقائه، وهو ما تعلنه العبارات، فلا يرى نفسه يوماً مطارداً ولا مطلوباً في سبيل إعزاز الدين... يحب الدعوة إلى الله ومع ذاك يحب الرجوع إلى بيته والنوم مع أهله، والتنعم بالمباحات والتحسينات، ولسنا ضد ذلك أو نمنعه، ولكن الإسلام ليس دعوة فقط، بل يتعداه لما بعده، وهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بعد مرجعه من الطائف شريداً طريداً، يدخل مكة في جوار" المطعم"، وهو مّنْ هو ثباتاً ويقيناً بنصر الله ولم يمنع ذلك من ممارسة الأسباب البشرية من بحث عن النصرة والقوة والمنعة ليبلغ رسالة ربه، هذا من جهة...

    ومن جهة أخرى، يبحث في مصطلحات نظرية لا تُسمن ولا تُغني من جوع، فما هو الأصل في التعامل مع الكفار، سلم هو أم حرب؟ ثم يعود إلى المربع الأول ليؤصل، أن الأصل في العلاقة هو الدعوة، ثم يترتب الحكم السلمي أو الحربي بناءً على نتيجة الدعوة، وهكذا بحوث نظرية، لا تُقدم خطوة ولا ترفع درجة، فإلى متى؟

    نعم الدعوة أصل من أصول الدين، وحمله للناس واجب شرعي ما بعده واجب، هو دعوة الأنبياء والرسل، فهو على هذا أصل الأصول، والآيات والأحاديث عليه متضافرة لا يُنكرها ناظر في الشريعة الإسلامية، والصحابة من بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- خير من حمل هذا الفهم للدين، فتراهم قد انطلقوا في سبيل الله دعاة منذ أول يوم إسلام، وما حديث أبو بكر وأبو ذر والطفيل والأنصار من الأمر ببعيد...

    ليست المشكلة في هذا الفهم، بل المشكلة الكبرى، في افتراض أنَّ الإسلام هذا فقط، فإنَّ ما سنقيم عليه الأدلة، أنَّ العرب والقبائل والوفود قد علمت منذ أول يوم دُعوا فيه إلى الله أن الإسلام يعني الحرب، وهو يعني السيف، ومنابذة العرب والعجم، وهو مما يكرهه السادة والملوك، وهو يعني انتفاض من بين ركام الجاهلية، وانفكاك من براثن العبودية، إنه بكل بساطة الحرب بكل ما تحمله وتُجمله الكلمة من معاني...

    ونحن بطرحنا هذا لا ننفي غيره، ولكنا نستشهد بأهل اللغة العربية، أعلم الخلق بمراد الله ورسوله بالكلمات العربية، وهم على علم ودراية وفهم للقائل والمقول، ثم يزيده تأصيلاً تقرير الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وهو دليل على أن الأصل في فهم هذا الدين هو مفهوم القتال، نعم هو دين الرحمة والتسامح والصفح والمغفرة، ولكنه أيضاً دين السيف والدماء والأشلاء والجماجم، انه دين إقامة الدولة والملك، وهو دين الحكم والقضاء والفصل بين الناس، جاء في الروض الأنف للسهيلي: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي الزّهْرِيّ أَنّهُ أَتَى - أي رسول الله صلى الله عليه وسلم- بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ فَدَعَاهُمْ إلَى اللّهِ عَزّ وَجَلّ وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ بَيْحَرَةُ بْنُ فِرَاسٍ: وَاَللّهِ لَوْ أَنّي أَخَذْت هَذَا الْفَتَى مِنْ قُرَيْشٍ، لَأَكَلْت بِهِ الْعَرَبَ، ثُمّ قَالَ: أَرَأَيْت إنْ نَحْنُ تَابَعْنَاك عَلَى أَمْرِك، ثُمّ أَظْهَرَك اللّهُ عَلَى مَنْ خَالَفَك، أَيَكُونُ لَنَا الْأَمْرُ مِنْ بَعْدِك ؟ قَالَ الْأَمْرُ إلَى اللّهِ يَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ قَالَ فَقَالَ لَهُ أَفَنُهْدِفُ نُحُورَنَا لِلْعَرَبِ دُونَك، فَإِذَا أَظْهَرَك اللّهُ كَانَ الْأَمْرُ لِغَيْرِنَا لَا حَاجَةَ لَنَا بِأَمْرِك...

    وعند ابن كثير في السيرة: قال بيحرة: ما أعلم أحدا من أهل هذه السوق يرجع بشئ أشد من شئ ترجعون به، بدأتم لتنابذوا الناس وترميكم العرب عن قوس واحدة...

    وعنده أيضاً في معرض الدعوة لكندة: قال عبدالله بن الأجلح: وحدثني أبى عن أشياخ قومه، أن كندة قالت له: إن ظفرت تجعل لنا الملك من بعدك ؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إن الملك لله يجعله حيث يشاء "، فقالوا: لا حاجة لنا فيما جئتنا به.
    وقال الكلبي: فقالوا: أجئتنا لتصدنا عن آلهتنا وننابذ العرب، الحق بقومك فلا حاجة لنا بك.

    إذن هو دين حرب ومبايعة على النصرة والمنعة والقتال، وهو حرب للعرب وحكم الجزيرة من بعد بالإسلام، ولكن الطمع بالملك هو ما منع رسول الله -صلى الله عيه وسلم- عن مبايعة القوم، فإنَّ الأرض لله يورثها من يشاء من بعاده، والدنيا لا تُعطى لطلابها، بل الأمر يكون لمن انتصر ونصر الدين، ليُعان عليها لا ليوكل إليها، ومن كان بهذا الأمر بالدنيا راغبا فلن يُحيط به، ولن يستطيع عليه صبرا وله حملاً، وحظه فيه الحظ الأوكس...

    جاء في الروض الأنف وابن كثير في السيرة، وقال: هذا حديث غريب جداً، كتبناه لما فيه من دلائل النبوة ومحاسن الأخلاق ومكارم الشيم وفصاحة العرب.

    نقول: وفيه دليل على فهم العرب لهذا الدين، بأفقه من رجال الزمن الحاضر، الذين فهموا الدين على أنه دعة وسكون وخمول، لأن أولئك الرجال، يعلمون ماذا تعني كلمة التوحيد، وما النتائج المترتبة عليها من حرب العرب والعجم، وفيه دليل أيضاً على بحث الرسول والصديق على القوة والمنعة، وقدرة القوم على تحمل هذا الدين بكافة تبعاته، جاء في الروض: ذَكَرَ قَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ وَالْخَطّابِيّ عَرْضَهُ نَفْسَهُ - أي رسول الله صلى الله عليه وسلم- عَلَى بَنِي ذُهْلِ بْنِ ثَعْلَبَةَ ثُمّ بَنِي شَيْبَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ فَذَكَرَ الْخَطّابِيّ وَقَاسِمٌ جَمِيعًا مَا كَانَ مِنْ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ مَعَ دَغْفَلِ بْنِ حَنْظَلَةَ الذّهْلِيّ، قَالَ ثُمّ دَفَعْنَا إلَى مَجْلِسٍ آخَرَ عَلَيْهِمْ السّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فَتَقَدّمَ أَبُو بَكْرٍ فَسَلّمَ قَالَ عَلِيّ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ مُقَدّمًا فِي كُلّ خَيْرٍ فَقَالَ مِمّنْ الْقَوْمُ فَقَالُوا: مِنْ شَيْبَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ فَالْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ إلَى رَسُولِ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمّي، هَؤُلَاءِ غُرَرٌ فِي قَوْمِهِمْ وَفِيهِمْ مَفْرُوقُ بْنُ عَمْرٍو وَهَانِئُ بْنُ قَبِيصَةَ، وَمُثَنّى بْنُ حَارِثَةَ وَالنّعْمَانُ بْنُ شَرِيكٍ وَكَانَ مَفْرُوقُ بْنُ عَمْرٍو قَدْ غَلَبَهُمْ جَمَالًا وَلِسَانًا وَكَانَتْ لَهُ غَدِيرَتَانِ تَسْقُطَانِ عَلَى تَرِيبَتَيْهِ وَكَانَ أَدْنَى الْقَوْمِ مَجْلِسًا مِنْ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ كَيْفَ الْعَدَدُ فِيكُمْ ؟ قَالَ لَهُ مَفْرُوقٌ إنّا لَنَزِيدُ عَلَى الْأَلْفِ وَلَنْ تُغْلَبَ أَلْفٌ مِنْ قِلّة فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ كَيْفَ الْمَنَعَةُ فِيكُمْ ؟ فَقَالَ مَفْرُوقٌ عَلَيْنَا الْجَهْدُ وَلِكُلّ قَوْمٍ جِدّ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ كَيْفَ الْحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ عَدُوّكُمْ ؟ فَقَالَ مَفْرُوقٌ إنّا لَأَشَدّ مَا نَكُون غَضَبًا لَحِينَ نَلْقَى، وَإِنّا لَأَشَدّ مَا نَكُونُ لِقَاءً حِينَ نَغْضَبُ وَإِنّا لَنُؤْثِرُ الْجِيَادَ عَلَى الْأَوْلَادِ وَالسّلَاحَ عَلَى اللّقَاحِ وَالنّصْرُ مِنْ عِنْدِ اللّهِ يُدِيلُنَا مَرّةً وَيُدِيلُ عَلَيْنَا، لَعَلّك أَخُو قُرَيْشٍ ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَوَقَدْ بَلَغَكُمْ أَنّهُ رَسُولُ اللّهِ فَهَا هُوَ ذَا، فَقَالَ مَفْرُوقٌ قَدْ بَلَغَنَا أَنّهُ أَخَا قُرَيْشٍ؟ فَتَقَدّمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ أَدْعُو إلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنّي رَسُولُ اللّهِ وَإِلَى أَنْ تُؤْوُونِي، وَتَنْصُرُونِي، فَإِنّ قُرَيْشًا قَدْ ظَاهَرَتْ عَلَى أَمْرِ اللّهِ وَكَذّبَتْ رَسُولَهُ وَاسْتَغْنَتْ بِالْبَاطِلِ عَنْ الْحَقّ وَاَللّهُ هُوَ الْغَنِيّ الْحَمِيدُ فَقَالَ مَفْرُوقٌ وَإِلَامَ تَدْعُو أَيْضًا يَا أَخَا قُرَيْشٍ؟ فَتَلَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: "قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرّمَ رَبّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النّفْسَ الّتِي حَرّمَ اللّهُ إِلّا بِالْحَقّ ذَلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلّكُمْ تَعْقِلُونَ"[الْأَنْعَامَ 151 ]، فَقَالَ مَفْرُوقٌ وَإِلَامَ تَدْعُو أَيْضًا يَا أَخَا قُرَيْشٍ ؟ فَتَلَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: "إِنّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلّكُمْ تَذَكّرُونَ" [ النّحْلَ 90 ]،
    فَقَالَ مَفْرُوقٌ دَعَوْت وَاَللّهِ يَا أَخَا قُرَيْشٍ إلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنِ الْأَعْمَالِ وَاَللّهِ لَقَدْ أَفِكَ قَوْمٌ كَذّبُوك، وَظَاهَرُوا عَلَيْك، وَكَأَنّهُ أَرَادَ أَنْ يَشْرَكَهُ فِي الْكَلَامِ هَانِئُ بْنُ قَبِيصَةَ، فَقَالَ وَهَذَا هَانِئُ بْنُ قَبِيصَةَ شَيْخُنَا، وَصَاحِبُ دِينِنَا، فَقَالَ هَانِئٌ قَدْ سَمِعْت مَقَالَتَك يَا أَخَا قُرَيْشٍ، وَإِنّي أَرَى أَنّ تَرْكَنَا دِينَنَا وَاتّبَاعَنَا إيّاكَ عَلَى دِينِك لِمَجْلِسِ جَلَسْته إلَيْنَا لَيْسَ لَهُ أَوّلٌ وَلَا آخِرُ زَلّةٌ فِي الرّأْيِ وَقِلّةُ نَظَرٍ فِي الْعَاقِبَةِ وَإِنّمَا تَكُونُ الزّلّةُ مَعَ الْعَجَلَةِ وَمِنْ وَرَائِنَا قَوْمٌ نَكْرَهُ أَنْ نَعْقِدَ عَلَيْهِمْ عَقْدًا، وَلَكِنْ تَرْجِعُ وَنَرْجِعُ وَتَنْظُرُ وَنَنْظُرُ وَكَأَنّهُ أَحَبّ أَنْ يَشْرَكَهُ فِي الْكَلَامِ الْمُثَنّى، فَقَالَ وَهَذَا الْمُثَنّى بْنُ حَارِثَةَ شَيْخُنَا وَصَاحِبُ حَرْبِنَا، فَقَالَ الْمُثَنّى قَدْ سَمِعْت مَقَالَتَك يَا أَخَا قُرَيْشٍ، وَالْجَوَابُ هُوَ جَوَابُ هَانِئِ بْنِ قَبِيصَةَ فِي تَرْكِنَا دِينَنَا، وَاتّبَاعِنَا إيّاكَ لِمَجْلِسِ جَلَسْته إلَيْنَا لَيْسَ لَهُ أَوّلٌ وَلَا آخِرُ وَإِنّا إنّمَا نَزَلْنَا بَيْنَ صَرَيَانِ الْيَمَامَةِ وَالسّمَاوَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: "مَا هَذَانِ الصّرَيَانِ؟"، فَقَالَ أَنْهَارُ كِسْرَى، وَمِيَاهُ الْعَرَبِ، فَأَمّا مَا كَانَ مِنْ أَنْهَارِ كِسْرَى، فَذَنْبُ صَاحِبَيْهِ غَيْرُ مَغْفُورٍ وَعُذْرُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ وَأَمّا مَا كَانَ مِنْ مِيَاهِ الْعَرَبِ، فَذَنْبُهُ مَغْفُورٌ وَعُذْرُهُ مَقْبُولٌ وَإِنّمَا نَزَلْنَا عَلَى عَهْدٍ أَخَذَهُ عَلَيْنَا كِسْرَى أَنْ لَا نُحْدِثَ حَدَثًا وَلَا نُؤْوِيَ مُحْدِثًا، وَإِنّي أَرَى هَذَا الْأَمْرَ الّذِي تَدْعُونَا إلَيْهِ هُوَ مِمّا تَكْرَهُهُ الْمُلُوكُ فَإِنْ أَحْبَبْت أَنْ نُؤْوِيَك وَنَنْصُرَك مِمّا يَلِي مِيَاهَ الْعَرَبِ، فَعَلْنَا فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: "مَا أَسَأْتُمْ فِي الرّدّ إذْ أَفْصَحْتُمْ بِالصّدْقِ دِينَ اللّهِ لَنْ يَنْصُرَهُ إلّا مَنْ حَاطَهُ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ، أَرَأَيْتُمْ إنْ لَمْ تَلْبَثُوا إلّا قَلِيلًا حَتّى يُورِثَكُمْ اللّهُ أَرْضَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَيُفْرِشَكُمْ نِسَاءَهُمْ أَتُسَبّحُونَ اللّهَ وَتُقَدّسُونَهُ فَقَالَ النّعْمَانُ بْنُ شَرِيكٍ اللّهُمّ لَك ذَا، فَتَلَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: "إِنّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا"[الْأَحْزَابَ: 46 ] ثُمّ نَهَضَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَخَذَ بِيَدَيّ فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ يَا أَبَا حُسْنٍ أَيّةُ أَخْلَاقٍ فِي الْجَاهِلِيّةِ مَا أَشْرَفَهَا بِهَا يَدْفَعُ اللّهُ بَأْسَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَبِهَا يَتَحَاجَزُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ.

    هذا هو الإسلام بفهمه الأصيل، والعرب أهل الفصاحة والبيان أعلم بمراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهم على دراية بمكنون هذا الدين ومراد الرسول منهم، لذا كانت بيعة العقبة الثانية بيعة الحرب، بما فيها من قواعد فهم الدين وتحمل أثقاله، عند ابن هشام: قالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ: أَنّ الْقَوْمَ لَمّا اجْتَمَعُوا لِبَيْعَةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، قَالَ الْعَبّاسُ بْنُ عُبَادَةَ الْأَنْصَارِيّ: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ - يُطلق على الأوس والخزرج- هَلْ تَدْرُونَ عَلَامَ تُبَايِعُونَ هَذَا الرّجُلَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: إنّكُمْ تُبَايِعُونَهُ عَلَى حَرْبِ الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ مِنْ النّاسِ فَإِنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنّكُمْ إذَا نُهِكَتْ أَمْوَالُكُمْ مُصِيبَةً وَأَشْرَافُكُمْ قَتْلًا أَسْلَمْتُمُوهُ فَمِنْ الْآنَ فَهُوَ وَاَللّهِ إنْ فَعَلْتُمْ خِزْيُ الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَإِنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنّكُمْ وَافُونَ لَهُ بِمَا دَعَوْتُمُوهُ إلَيْهِ عَلَى نَهْكَةِ الْأَمْوَالِ وَقَتْلِ الْأَشْرَافِ فَخُذُوهُ فَهُوَ وَاَللّهِ خَيْرُ الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ قَالُوا: فَإِنّا نَأْخُذُهُ عَلَى مُصِيبَةِ الْأَمْوَالِ وَقَتْلِ الْأَشْرَافِ، فَمَا لَنَا بِذَلِكَ يَا رَسُولَ اللّهِ إنْ نَحْنُ وَفّيْنَا بِذَلِكَ، قَالَ: الْجَنّةُ، قَالُوا: اُبْسُطْ يَدَك، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعُوهُ... فَلَمّا أَصْبَحْنَا غَدَتْ عَلَيْنَا جُلّةُ قُرَيْشٍ، حَتّى جَاءُونَا فِي مَنَازِلِنَا، فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ، إنّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنّكُمْ قَدْ جِئْتُمْ إلَى صَاحِبِنَا هَذَا تَسْتَخْرِجُونَهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا، وَتُبَايِعُونَهُ عَلَى حَرْبِنَا، وَإِنّهُ وَاَللّهِ مَا مِنْ حَيّ مِنْ الْعَرَبِ أَبْغَضُ إلَيْنَا، أَنْ تَنْشَبَ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مِنْكُمْ...

    وفي المسند: فَأَخَذَ بِيَدِهِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَهُوَ أَصْغَرُ السّبْعِينَ فَقَالَ رُوَيْدًا يَا أَهْلَ يَثْرِبَ إنّا لَمْ نَضْرِبْ إلَيْهِ أَكْبَادَ الْمَطِيّ إلّا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنّهُ رَسُولُ اللّهِ وَإِنّ إخْرَاجَهُ الْيَوْمَ مُفَارَقَةُ الْعَرَبِ كَافّةً وَقَتْلُ خِيَارِكُمْ وَأَنْ تَعَضّكُمْ السّيُوفُ فَإِمّا أَنْتُمْ تَصْبِرُونَ عَلَى ذَلِكَ فَخُذُوهُ وَأَجْرُكُمْ عَلَى اللّهِ وَإِمّا أَنْتُمْ تَخَافُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خِيفَةً فَذَرُوهُ فَهُوَ أَعْذَرُ لَكُمْ عِنْدَ اللّهِ فَقَالُوا: يَا أَسْعَدُ أَمِطْ عَنّا يَدَك فَوَاَللّهِ لَا نَذَرُ هَذِهِ الْبَيْعَةَ وَلَا نَسْتَقِيلُهَا...

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


    توضيح : فى نهاية السلسلة سيتم نشرها على هيئة كتاب إلكترونى إن شاء الله تعالى .


    ولا تنسونا من صالح دعائكم


    إخوانكم في


    قسم الإعلام التوعوي


    الجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية


    رَصدٌ لأخبَار المُجَاهدِين وَ تَحرِيضٌ للمُؤمِنين

  • #2
    جزاك الله كل خير أخي
    تقبل الله منك
    في مييزان حسناتك
    أيها العضو الصديق لا بأس أن تؤيد رأيك بالحجة و البرهان .....

    كما لا بأس أن تنقض أدلتي ، وتزييف مما تعتقد أنك مبطل له
    .....

    لكن هناك أمر لا أرضاه لك أبدا ما حييت ، ولا أعتقد أنه ينفعك
    ؟

    الشتم و السباب

    تعليق


    • #3
      هذه الأمة على موعد مع الدم .....الدكتور الفارس
      [bimg]http://www2.0zz0.com/2008/05/13/09/175504683.jpg[/bimg]
      الشهيد الحبيب لؤي السعدي

      تعليق

      يعمل...
      X