إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لله درّك يا شيخ راشد فكّ الله أسرك أتعبتَ من بعدك

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لله درّك يا شيخ راشد فكّ الله أسرك أتعبتَ من بعدك

    بسم الله الرحمن الرحيم



    البكاؤون




    لفضيلة الشيخ خالد الرّاشد فكّ الله أسره عاجلا غير آجل.



    ملاحظة لقد تمّ اختصار الموضوع وتخريج الأحاديث بحمد الله تعالى وأسأله تعالى أن يجعل عملي هذا وكلّ أعمالي خالصة لوجهه الكريم وأن يجعلها في ميزان حسناتي وحسنات شيخنا الغالي ، وأترككم مع هذا الموضوع المبارك




    إنَّ الحمدَ لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيـّئات أعمالنا من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله.


    عباد الله قال الله جلّ في علاه واصفاً عباده المؤمنين إذا سمعوا آياته وبيـّناته : { إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً }

    وقال عنهم : { وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً } .


    وقال صلـّى الله عليه وسلم :


    عن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسول الله صلـّى الله عليه وسلـّم : (( لا يَلِجُ النـّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللهِ حَتَّى يَعُودَ اللـّبَنُ في الضَّرْع ِ ، وَلاَ يَجْتَمِعُ غـبَارٌ في سبيلِ اللهِ وَدُخَانُ جَهَنـّمَ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديثٌ حَسنٌ صحيحٌ )) .


    فللبكاء عباد الله قيمة ٌ شرعيّة ٌ تعبـّديـّة

    والبكاءُ من خشيةِ الله مفتاحٌ لرحمته ..

    وأنا حين أسوقُ إليكم هذا الموضوع وما فيه من الأخبار ..
    لا أقول أنـّنا لا نبكي ..لا وألف لا ..بل نبكي..

    ولكن السّؤال على ماذا نبكي ؟؟!!..

    نبكي على مصائبنا وآلامنا ..

    هذا يبكي على أبٍ أو أمّ .

    وذاك يبكي على أخٍ أو أخت ..

    وآخر يبكي على صاحب أو حبيب أو قريب ..

    وذاك يبكي لخسارة مادّيّة أو مشكلة اجتماعيـّة ..


    بل الأدهى والأطمّ هناك من يبكي على أحداثٍ في مسلسلات وشاشات وقنوات ..

    وآخر يبكي على خسارة في المباريات ..

    فيا خسارة ُ هؤلاء ..شتـّان والله بين دموعـِهم ودموعـِنا ..


    بكت أمّ أيمن رضي الله عنها لمـّا جاءها أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يزورانها بعد وفاة النـّبي صلـّى الله عليه وسلـّم ، فقالا لها :
    يا أمّ أيمن ما يبكيك أما تعلمين أنّ ما عند الله خير لرسوله ؟؟!!..

    قالت : بلى أعلم أنَّ ما عند الله خير لرسوله ، ولكن أبكي انقطاع الوحي من السّماء ..

    بكت همَّا وحزنا وخوفاً على الأمـّة بعد نبيـّها ..

    فماذا عساي أن أقول عنهم وعن أخبارهم..

    فمنهم من بلَّ الأرض بدموعه ..

    ومنهم من إذا ذ ُكـِرتِ النـّار خرَّ على وجهه مغشيـّـًا عليه ..

    بل منهم من إذا سمع الأذان ارتعدت فرائصُه ..

    ومنهم من إذا توضأ للصّلاة احمَّرّ وجهـُه ، وسالت دموعـُه ..

    اسمع وافتح القلب قبل أن تفتح الآذان ..

    زارت امرأة ٌ زوجة َ الأوزاعي ، فدخلت إلى مصلاّه في البيت فإذا هو مبلول ، فجاءت تقول لزوجته : ثكلتك أمـُّك .. غـَفـِلتِ عن الصبيان فبالوا في مصلـّى الأوزاعي..

    فقالت زوجة الأوزاعي : ويحك هذه دموعُ الأوزاعي في مصلاّه ..

    ما أغلى تلك الدموع ، وما أغلى ثمنها ..

    إنَّ القلوبَ لتحيى بسماع أخبار الصالحين وآثارهم ، وتحصل السّعادة باقتفاء آثارهم .

    عباد الله إيـّاكم أن تقولوا أنَّ للبكاء علاقة بضعف الشخصيـّة

    أو أن البكاء لا يليق بأهل الشّجاعة والبأس

    نعم لا يليق البكاءُ عند الوقوفِ في وجه الأعداء ..

    ولا يليق البكاءُ عند سماعَ صهيل الخيل ، ومقارعة السّيوف ، وتطاير الأشلاء ، فهذا فعل الجبناء..

    فالبكاء الذي نعنيه وما نحن بصدده هو البكاء :

    خشية ، ورهبة ،وخضوعاً ، وذلاً ، وعبودية لله ربِّ العالمين ،

    إنـّه بكاء الذلّ والمسكنة لذي الجلال والعزّة والجبروت ، إنـّه البكاء خوفاً من الحيّ الذي لا يموت .

    فهذا عبد الله بن الشّخّير رضي الله عنه يقول عن سيـّد الخلق أتيت رسول الله صلـّى الله عليه وسلـّم وهو يصلـّي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء .
    (( مختصر الشمائل للترمذي رحمه الله ، وقال عنه الألباني رحمه الله صحيح)

    يبكي وهو سيد الشـّجعان وأشجع الفرسان صلـّى الله عليه وسلـّم .


    ولمـّا أمر النـّبي صلـّى الله عليه وسلـّم أن يأمروا أبا بكر للصّلاة في النـّاس في مرضه صلـّى الله عليه وسلـّم ماذا قالت عائشة رضي الله عنها؟
    عن عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت : إنّ رسول الله صلـّى الله عليه و سلـّم قال في مرضه ( مروا أبا بكر يصلـّي بالناس ) . قالت عائشة قلت إنّ أبا بكر إذا قام مقامك لم يسمع النـّاس من البكاء فمرْ عمر فليصلّ للنـّاس . فقالت عائشة فقلت لحفصة قولي له إنّ أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع النـّاس من البكاء فمرْ عمر فليصلّ للنـّاس ففعلت حفصة فقال رسول الله صلـّى الله عليه و سلـّم ( مه إنـّكنّ لأنتنّ صواحب يوسف مروا أبا بكر فليصلّ للنـّاس )( رواه البخاري)

    لكن انظر إلى حزمه وقوته وصلابته أيام الرّدّة يوم أن تصدّى للمرتدّين ،(وما أكثرهم اليوم )..

    فتصدى لهم الصّديق رضي الله عنه ، ونصر الله به الدّين رغم كثرة المخالفين.

    أمـّا الفاروق عمر فمعروف أنـّه شديد القوّة ، شديد البأس ومع هذا كان حاضر الدّمعة ، رقيق القلب ..


    روى البخاري قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ شَدَّادٍ سَمِعْتُ نَشِيجَ عُمَرَ وَأَنَا فِي آخِرِ الصُّفُوفِ يَقْرَأُ { إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ }( يوسف 86)

    قل لي واصدقني المقال..

    أما تبكيك آيات القرآن !!!..

    أما تبكيك آيات القرآن وهي تخبرك عن الجنـّة وأوصافها وعن النـّار وأخبارها ..

    قال الله عن كتابه ، وعن أثر آياته على عباده الصالحين :{ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ }.( الزمر23)


    قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ اقْرَأْ عَلَيَّ قَالَ أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي قَالَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ إِلَى قَوْلِهِ
    { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا }
    فَبَكَى( رواه مسلم) وفي رواية لغير مسلم يقول ابن مسعود رضي الله عنه : : فنظرت إليه فإذا عيناه تذرفان
    تذرفان خوفاً وخشية من الجبّار ..تذرفان شفقة ورأفة بأمـّته ..
    وسأكمل لكم ، وأقرأعليكم الآية التي تليها حتى تعلم عظيم ذلك الموقف ، وذلك المشهد العظيم قال الله { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيداً ، يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثاً }..
    (النـّساء 42)

    يا الله .. أما بكيت شوقاً لله؟؟ !! ..

    أما بكيت شوقاً لله ، وسكنى جنـّته في جواره ؟؟!!..

    أما بكيت خوفاً من دخول النـّار ، والحرمان من رؤية القهَّار ؟؟!!..

    اسمع ماذا قال الله عن أهل النـّار :(كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ(14)كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15)
    ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ (16)ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (المطففين:17)


    والله .. والله .. والله...

    ما في الجنـّة نعيم ألذ وأحلى وأعظم من

    رؤية الرّحمن الرّحيم ...

    ووالله .. والله.. والله ..

    ما في النـّار عذاب أشدّ وأعظم من ...

    الحرمان من رؤية وجهه الكريم ..

    وأيّ بشارة أعظم من لقاء الحبيب ؟؟!!

    فكلّ حبيب يشتاق إلى لقاء حبيبه .

    قال صالح المرّيّ بلغني عن كعب الأحبار أنـّه كان يقول :
    من بكى خشية من ذنب ، غـُفر له ..

    ومن بكى اشتياقاً إلى الله ، أباحه النـّظر إليه تبارك وتعالى يراه متى شاء..

    وحدّث عيسى المعلم عن ذادان أبي عمر قال :

    بلغنا أنـّه من بكى خوفاً من النـّار ، أعاذه الله منها ..

    ومن بكى شوقاً إلى الجنـّة ، أسكنه الله إيـّاها ..


    اللهمّ لا تحرمنا فضلك ..


    عَنْ أَبِى ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ : قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا) ( الإنسان1) حَتَّى خَتَمَهَا ثُمَّ قَالَ :« إنِّي لأَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لاَ تَسْمَعُونَ أَطَّتِ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا قَدْرُ مَوْضِعِ إِصْبَعٍ إِلاَّ مَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ».


    وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّى شَجَرَةٌ تُعْضَدُ فَقَالَ : إِنَّ قَوْلَهُ وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّى شَجَرَةٌ تُعْضَدُ مِنْ قَوْلِ أَبِى ذَرٍّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ.( صحيح الترغيب والترهيب الألباني رحمه الله)

    والله لو أنّ القلوب سليمة لتقطّعت ألماً من الحرمان ..


    ولكنها سكرى بحب حياتها الدّنيا وسوف تفيق بعد زمان ..

    قال ابن القيم رحمه الله : فمن لم يتقطّع قلبه في الدّنيا على ما فرّط حسرة وخوفاً لتقطّع في الآخرة إذا حقـّت الحقائق، وظهرت الأمور..

    فلا بدّّ من تقطّع القلب ..إمـّا في الدنيا ..وإمـّا في الآخرة ..

    ولك الخيار..

    الفرق بيننا وبينهم أنَّ الكلمات القليلة البسطية تذكـّرهم وتبكيهم ..
    ونحن نسمع الزّواجر والرّوادع مرّات مرّات ولا يتغيـّر الحال ..

    أراد عمر بن عبد العزيز أن يضرب غلاماً له على خطأ أخطأه ..
    فقال له الغلام : يا عمر ..اتـّق الله ..
    فقال له الغلام : يا عمر ..اتـّق الله يا عمر ..واذكر ليلة صبيحتها يوم القيامة ..
    قال : فبكى عمر ، ولم يتوقف بكاءه إلا عندما سمع المنادي يناديه ، وهو في ساعات احتضاره ، وهو يقرأ عليه
    { تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلوّاً فِي الأرْضِ وَلا فَسَاداً وَالَعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }..( القصص 83)

    أسألك مرة أخرى وأكرر عليك السّؤال ..

    أما تبكيك الذنوب ؟!. أما يبكيك تجرأك على علاّم الغيوب ؟!.

    اسمعوا يا أصحاب الذنوب .. وكلـّنا ذاك ..


    عَنْ عُقْبَةَ بن عَامِرٍ، قَالَ: لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقُلْتُ: مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ:"يَا عُقْبَةُ , أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ".
    (صحيح الترغيب والترهيب الألباني رحمه الله)

    ابك ِ قبل أن تشهد عليك الجوارح والأركان ..

    ابك ِ قبل أن تقف في ذلك الموقف العظيم ، ثمّ يقرّرك الملك العلاّم..
    يقررك بذنوبك فيقول لك : أتذكر ذنب كذا ؟! أتذكر ذنب كذا ؟! وأنت لا تجد مفراً من السؤال .

    ابك قبل أن يسألك ربـّك : ألم تكن تظن أنـّي أراك وأنت تعصيني ؟؟!!.أما استحييتَ منـّي وأنت تختبأ عن أعين النـّاس وتنساني؟؟!!..

    ابك فإنّ العبد إذا بكى بين يدي سيـّده رحمه .

    ابك فإن الطفل إذا بكى رحمته أمـّـُه ، وربـّـُنا أرحم بنا من أمـّهاتـِنا ..بل حتـّى من أنفسنا..

    وعظ مالك بن دينار يوماً فتكلم ، فبكى حوشب وكان في العبَّاد عارفاً ، وعن الدّنيا عازفاً ، فضرب مالك بيده على منكبه – أي على منكب حوشب – وقال : ابك يا أبا بشر .. ابك يا أبا بشر – وكانت هذه كنيته –
    ابك فقد بلغني أنَّ العبد لا يزال يبكي حتـّى يرحمه سيدّه فيعتقه من النـّار ابك فقد بلغني أنَّ العبد لا يزال يبكي حتـّى يرحمه سيدّه فيعتقه من النـّار.

    واعلم بارك الله فيك أنَّ كثرة الدموع وقلـّتها على قدر احتراق القلب ، وإنَّ القليل من التـّذكرة ليشعل النـّار في القلوب الحيـّة ..
    وحياة القلوب ترك الذنوب ..

    يقول مكحول الشـّامي : أرقّ النـّاس قلوباً أقلـّهم ذنوباً ...

    إنَّ أصحاب القلوب الرّقيقة هم الذين تشتعل في قلوبهم الأنوار بمجرّد تلاوة آية وتتدفـّق من عيونهم الدّموع الغزيرة بمجرد التـّذكير بعظمة الجبـّار ، وترتعش أجسامهم وتضطرب بمجرد التـّذكير بأهوال الآخرة ..

    ابك اليوم على خطيئتك قبل أن لا ينفع البكاء واعلم أنَّ البكاء من مفاتيح التـّوبة .
    ألا ترى أنّ القلوب ترقّ حينها فتندم ؟!


    اسمع قول المصطفى صلـّى الله عليه وسلـّم وهو يقول:
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَيْنَانِ لا تَمَسُّهُمَا النَّارُ : عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ "(صحيح الترغيب والترهيب الألباني رحمه الله)


    إذا أردت أن تعرف قيمة الدموع وأثرها !!.

    فاسأل التـّائبين ، اسأل التـّائبين عندما يتوجـّهون إلى ربـّهم بقلب كسير وعيون خاشعة ذليلة فتنهمر الدّموع لتكون دليلاً على النـّدم والتوبة ..

    هنيئاً لهم ف{ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ }( البقرة222)

    عن حمزة الأعمى قال : ذهبت أمـّي إلى الحسن فقالت : يا أبا سعيد ابني هذا قد أحببت أن يلازمك ويرافقك ، فلعل الله أن ينفعه بك ، قال : فكنت أختلف إليه فقال لي يوماً يا بنيَّ أَدِم الحزن على خير الآخرة ، لعله أن يوصلك إليه ..
    وابك في ساعات الخلوة لعلّ مولاك يطـّلع عليك فيرحم عبرتك فتكون من الفائزين يقول وكنت أدخل عليه منزله وهو يبكي ، وآتيه مع الناس وهو يبكي ، وربما جئت وهو يصلي فأسمع بكاءه ونحيبه فقلت له يوماً : يا أبا سعيد إنك لتكثر من البكاء ..
    فبكى ثمّ قال : يا بني فما يصنع المؤمن إذا لم يبكي ! ..
    يا بني فما يصنع المؤمن إذا لم يبكي ! ..
    يا بني إنَّ البكاء داعٍ إلى الرحمة ، فإن استطعت ألا تكون عمرك إلا باكياً فافعل لعلـّه يراك على حالة فيرحمك بها ، فإذا رحمك فإنـّك نجوت من النـّار وفزت بالجنـّة ..


    أليست الأمّ ترحم وليدها إذا بكى !! ..
    أتظنّ أنّ الأمّ تقذف بوليدها في النـّار؟! ..

    سأترك الجواب لك ...

    آه ثمّ آه ثمّ آه من القلوب القاسية ..

    عباد الله إلى متى وقلوبنا قاسية وأنفسنا لاهية ؟؟!!

    أما آن أن نستجيب لنداء ربـّنا وهو يخاطبنا قائلاً :

    { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ}!!( الحديد 16)

    يقول ابن مسعود والله ما بين إسلامنا ونزول هذه الآيات إلا سنوات حتـّى لامنا (( من اللوم)) ربـُّنا ..


    وكان أصحاب القلوب الحيـّة إذا سمعوا هذه الآية بكوا ، وقالوا :
    بلى يا ربي قد آن قد آن ..


    قال ابن القيم رحمه الله : ما ضُرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب ، والبعد عن الله..
    وما خلقت النـّار إلا لإذابة القلوب القاسية ..
    وإنَّ أبعد القلوب من الله القلب القاسي ، وإنـّه إذا قسا القلب قحطت العين ..


    قال يزيد الرّقاشي : إذا أنت لم تبكِ على ذنبك ، فمن يبكي لك عليه بعدك ؟!..

    إذا أنت لم تبكِ على ذنبك ، فمن يبكي لك عليه بعدك ؟!..

    تقول الأخبار والسّير بكى أحد التـّابعين عشرين سنة شوقاً إلى النـّبي صلـّى الله عليه وسلـّم حتـّى رآه في المنام.

    وأنت ، وأنا، حقاً وصدقاً هل بكينا لمصيبة فقده وموته ؟؟ !!..

    إنـّها المصيبة التي أسالت عيوناً ، وأذهلت عقولاً ..

    هل تمنـّيت ، وبكيت أملاً في رؤيته ؟!

    هل حدّثت نفسك أن تر ِدَ حوضه، وتشرب من يده ؟!!.

    فأسألك بالله هل اشتقت لرؤياه ؟!.

    أسألك بالله هل اشتقت لرؤياه ولقياه ؟!.

    أما بكيت حزناً على فراقه ؟؟!!..

    إن كنت محباً صادقاً فهذه سنـّتـُه ، وهذا هديه بين يديك ..
    فخذ منه بقوّة ولا تكن من المتهاونين ..

    إنَّ الفرق بيننا وبين من كانوا قبلنا أنَّ دموعهم حارّة ، ودموعنا باردة.
    إنَّ الدموع الحارّة هي التي يبقى أثرها بالليل والنـّهار..
    وتغيـّر مجرى الحياة ويبكي أصحابها لفوات الطاعات ..

    أمـّا الدموع الباردة فأثرها يذهب بعد نزولها بلحظات ..

    وسبحان من زكَّى أصحاب الدموع الحارة وبيَّن صدقهم ..


    قال العوفي، عن ابن عباس في هذه الآيات((لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91) وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ (92) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (93)( التـّوبة)
    : وذلك أنّ رسول الله صلـّى الله عليه وسلـّم أمرَ النـّاس أن ينبعثوا غازين معه، فجاءته عصابة من أصحابه، فيهم عبد الله بن مُغَفَّل المزني فقالوا: يا رسول الله، احملنا. فقال لهم: "والله لا أجد ما أحملكم عليه". فتولوا ولهم بكاء، وعزَّ عليهم أن يجلسوا عن الجهاد، ولا يجدون نفقة ولا محملا. فلما رأى الله حرْصَهم على محبـّته ومحبـّة رسوله أنزل عذرهم في كتابه، فقال: { لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ } إلى قوله تعالى: { فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ } .
    (( تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى)
    هم بكوا على عدم القدرة على الجهاد ، وطلب الاستشهاد ..
    وأنا وأنت على ماذا نبكي ؟!..

    أما تبكيك مآسي المسلمين في الفلبين ، وتايلاند ، والهند ، وأندونسيا ، والصّين ؟؟!!.



    أما قال ربـّنا : {وإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً }؟؟!!..

    أما قال نبيـّنا صلـّى الله عليه وسلـّم


    عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى(رواه مسلم)
    أما يبكيك صوت الأرامل ، والأيامى ؟؟!!..

    وصوت الشيوخ ، واليتامى؟؟!!

    أما سمعت صياح و نداء فاطمة العراقية التي هتك عرضها عبـّاد الصليب ؟؟!!.. فمن يجيب ندائها ؟؟!! ويسمع صياحها؟؟!!.

    من يجيب على نداء فاطمة الفلسطينية ، وفاطمة الشّيشانية ، وفاطمة الأفغانية ؟؟!!..من يجيب نداء نساء المسلمين ؟؟!!..

    والله لن تفرح قلوبـُنا إلا إذا حُرّر أقصانا ، وفك أسرانا ، وخرج الكلاب من عراقنا ، ومن سائر بلاد المسلمين أذلّة صاغرين ..

    والله لن تفرح قلوبنا إلا إذا حُرّر أقصانا ، وفك أسرانا ، وخرج الكلاب من عراقنا ، ومن سائر بلاد المسلمين أذلّة صاغرين ..



    اللهمّ انصر دينك وكتابك ، وسنـّة نبيـّك وعبادك الموحدين ..



    اللهمّ انصر من نصر الدّين ، واخذل من خذل عبادك الموحـّدين..



    اللهمّ إنا نسألك حبـَك ، وحبّ من يحبـّك ، وحبّ عمل يقرّبنا إلى حبـّك يا ربّ العالمين




    اللهمّ إنا نعوذ بك من قلب لا يخشع ، و عين لا تدمع ، وأذن لا تسمع ، ونفس لا تشبع ، وعلم لا ينفع ، ودعوة لا ترفع .




    اللهمّ حبـّب إلينا الإيمان وزيـّنه في قلوبنا ، وكرّه إلينا الكفر والفسق والعصيان اجعلنا يا ربنا من الرّاشدين ..




    اللهم اغفر ذنب المذنبين ، واقبل توبة التـّائبين ..



    واكشف كرب المكروبين ، وفرج همّ المهمومين ، واقض الدّين عن المدينين ..



    ودلّ الحيارى ، واهد الضّالين ..



    واغفر ربنا للأحياء ، وللميتين..

    55:5 55:5 55:5

    وصلـّى الله وسلـّم على محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين

  • #2
    من اروع ماقاله للشيخ (( الملتقى الجنة ))

    http://myhesbah.net/v/showthread.php?t=179217

    وهي بجودة عالية جدا

    تعليق


    • #3
      المسألة ليست مسألة ( اجبان أو البان ) المسألة هي مسألة
      نكون أو لا نكون
      هذه كانت اخر كلمات الشيخ خالد الراشد في حديثه عن مقاطعة البضائع الدنمركية
      فك الله اسر شيخنا
      وجزاك الله خيرا أخي الكريم نقلت فأبدعت

      تعليق


      • #4
        بارك الله فيك أخي الكريم
        اللهم فك أسر شيخنا خالد الراشد
        وأعده إلى أهله


        يا أمتي وجب الجهاد فدعي التشدق والصياحْ
        ودعي التقاعس ليس ينصر من تقاعس واستراحْ
        ####

        عذرا أختي الكريمة فالإعلان والدعاية ممنوع وحياك الله

        تعليق


        • #5
          بارك الله بك , شكراً أخي الكريم
          #################
          اذا تكرر نفس التوقيع سيتم طردك من المنتدى المرة القادمة
          الادارة

          تعليق


          • #6
            فك الله أسرك أيها الشيخ
            أيها العضو الصديق لا بأس أن تؤيد رأيك بالحجة و البرهان .....

            كما لا بأس أن تنقض أدلتي ، وتزييف مما تعتقد أنك مبطل له
            .....

            لكن هناك أمر لا أرضاه لك أبدا ما حييت ، ولا أعتقد أنه ينفعك
            ؟

            الشتم و السباب

            تعليق

            يعمل...
            X