[من أحكام الظهار
بسم الله الرحمن الرحيم
الظهار في الشريعة الإسلامية
الظهار في اللغة: وجع الظهر وظَهَره يَظهَرُه ظَهْراً ضرب ظَهْره وظَهِرَ ظَهَراً اشتكى ظَهْره ورجل ظَهِيرٌ يشتكي ظَهْرَه.
وهو أيضا مأخوذ من العلو ومنه قوله تعالى: فما اسطاعوا أن يظهروه"(1).
ومنه أيضا قول الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي(2).
وأما الظهار في اصطلاح الفقهاء فهو: أن يشبه امرأته أو عضوا يعبر به عن بدنها(3).
ومن المعاصرين من عرفه بأنه: تشبيه الرجل زوجته بأمه أو بمن تحرم عليه على التأبيد قصدا إلى حرمانها من متعة الزوجية(4).
حكم الظهار
الظهار من كبائر الذنوب، وهو محرم بنص القرآن في سورة المجادلة وبالتحديد في قوله تعالى: الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ(5).
والآية تدل على التحريم من وجوه: " ما هن أمهاتهم" دلالة على الكذب، وكذلك سماه الله تعالى منكرا، وسماه زورا، في قوله تعالى:" وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا" وختم الآية بالمغفرة والرحمة، والمغفرة والرحمة يكونان على ذنوب.(6)
وقد كان الظهار معروفا في الجاهلية، وكانوا يستخدمونه لمعاقبة النساء، فلا تعرف المرأة نفسها بعد الظهار أهي متزوجة، أم بلا زوج؟
ولسماحة الإسلام وحسن تشريعاته جاء ليحسم هذا الأمر ويضع له حدا يقف عندها خلافا لفوضى الجاهلية.
ولا شك أن الظهار فيه إهانة للمرأة واحتقار لها، وهو يتنافى مع حسن العشرة التي أمر الله تعالى أن يعاشر بها النساء، كما في قوله تعالى:" وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الكهف، 97.
(2)
كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا " (1).
سبب نزول آيات الظهار
وسبب نزول آيات الظهار القصة المشهورة التي رواها الإمام ابن ماجة وهي أيضا عند غيره: عروة بن الزبير قال قالت عائشة تبارك الذي وسع سمعه كل شيء إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى علي بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تقول يا رسول الله أكل شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبرت سني وانقطع ولدي ظاهر مني اللهم إني أشكو إليك فما برحت حتى نزل جبرائيل بهؤلاء الآيات ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله ) (2).
وقد وردت القصة بألفاظ يقارب بعضها بعضا، غير أن القصة وردت برواية لها سبب، كما جاء في مسند الإمام أحمد من حديث خولة، كالآتي:
عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ قَالَتْ وَاللَّهِ فِيَّ وَفِي أَوْسِ بْنِ صَامِتٍ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَدْرَ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ قَالَتْ كُنْتُ عِنْدَهُ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ سَاءَ خُلُقُهُ وَضَجِرَ قَالَتْ فَدَخَلَ عَلَيَّ يَوْمًا فَرَاجَعْتُهُ بِشَيْءٍ فَغَضِبَ فَقَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي قَالَتْ ثُمَّ خَرَجَ فَجَلَسَ فِي نَادِي قَوْمِهِ سَاعَةً ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَإِذَا هُوَ يُرِيدُنِي عَلَى نَفْسِي قَالَتْ فَقُلْتُ كَلَّا وَالَّذِي نَفْسُ خُوَيْلَةَ بِيَدِهِ لَا تَخْلُصُ إِلَيَّ وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِينَا بِحُكْمِهِ قَالَتْ فَوَاثَبَنِي وَامْتَنَعْتُ مِنْهُ فَغَلَبْتُهُ بِمَا تَغْلِبُ بِهِ الْمَرْأَةُ الشَّيْخَ الضَّعِيفَ فَأَلْقَيْتُهُ عَنِّي قَالَتْ ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى بَعْضِ جَارَاتِي فَاسْتَعَرْتُ مِنْهَا ثِيَابَهَا ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَذَكَرْتُ لَهُ مَا لَقِيتُ مِنْهُ فَجَعَلْتُ أَشْكُو إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَلْقَى مِنْ سُوءِ خُلُقِهِ قَالَتْ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَا خُوَيْلَةُ ابْنُ عَمِّكِ شَيْخٌ كَبِيرٌ فَاتَّقِي اللَّهَ فِيهِ قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا بَرِحْتُ حَتَّى نَزَلَ فِيَّ الْقُرْآنُ فَتَغَشَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ يَتَغَشَّاهُ ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ لِي يَا خُوَيْلَةُ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكِ وَفِي صَاحِبِكِ ثُمَّ قَرَأَ عَلَيَّ { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ إِلَى قَوْلِهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ }(3).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)النساء، 19.
(2) رواه ابن ماجة، حديث رقم: 2063، وصححه الألباني في سنن ابن ماجة، ج5/ص 63.
(3) المجادلة، 1.
فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً قَالَتْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَهُ مَا يُعْتِقُ قَالَ فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَتْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ قَالَ فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ قَالَتْ قُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا ذَاكَ عِنْدَهُ قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّا سَنُعِينُهُ بِعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ قَالَتْ فَقُلْتُ وَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ سَأُعِينُهُ بِعَرَقٍ آخَرَ قَالَ قَدْ أَصَبْتِ وَأَحْسَنْتِ فَاذْهَبِي فَتَصَدَّقِي عَنْهُ ثُمَّ اسْتَوْصِي بِابْنِ عَمِّكِ خَيْرًا قَالَتْ فَفَعَلْتُ(1)ُ
كفارة الظهار
لقد وردت الكفارة واضحة في الآيات القرآنية، في سورة المجادلة، في قوله تعالى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (2).
وقد جاءت الكفارة أيضا في الحديث السابق، عندما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً قَالَتْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَهُ مَا يُعْتِقُ قَالَ فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَتْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ قَالَ فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ قَالَتْ قُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا ذَاكَ عِنْدَهُ(3).
ومن خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية يتضح وجوب الكفارة، وهي على الترتيب كالآتي:
1- إعتاق رقبة، والرقبة هنا جاءت مطلقة من غير تقييد في كونها مؤمنة أو غير مؤمنة، صغيرة أم كبيرة، ذكرا كان أو أنثى. فإن لم يجد كما هو الحال في هذا الزمان، انتقل إلى الصنف الثا
(1) رواه الإمام أحمد في المسند، حديث رقم: 26056
(2)المجادلة، الآيات: 1-
2- صيام شهرين متتابعين، فلا يصح الإفطار بين التتابع لأنه يبطل التتابع، وبالتالي عليه أن يعيد من جديد، إلا إذا حال بينه وبين التتابع عيد، أو مرض، أو نحو ذلك مما هو معروف. فإن لم يستطع الصيام انتقل إلى الصنف الثالث من الكفارة، وهو:
3- الإطعام: فيطعم ستين مسكينا، على خلاف بين أهل العلم في كون الإطعام وجبة أو وجبتين، ويشترط في الكفارة أن تكون قبل المسيس بمعنى قبل المعاشرة بين الزوجين، لقوله تعالى:" من قبل أن يتماسا"(1).
فإن مسها قبل أن يكفر فقد أضاف إلى كبيرته كبيرة أخرى، وينبغي عليها أن تمتنع عنه ولو بالقوة(2).
شروط الظهار
يشترط في الظهار حتى تطبق أحكامه الأمور الآتية:
1- أن تكون الزوجية متحققة، فلا ظهار بين أجنبيين
2- أن يكون المظاهر بالغا، فلا يصح الظهار من الزوج غير البالغ
3- أن يكون الزوج المظاهر عاقلا، فلا يصح ظهار الزوج المجنون، لأنه فاقد لأهلية التصرفات.
4- أن يكون الزوج مسلما، وهذا الشرط عند الحنفية والمالكية.
5- أن يكون الزوج مختارا فإن كان مكرها فلا يقع ظهاره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"(3).
ــــــــــــــــ
(1) المجادلة، 2.
(2) .
(3) رواه ابن ماجه، حديث رقم: 2043، وصححه الألباني في سنن ابن ماجه، ج5/ص43.
6- أن تكون الصيغة تدل على الظهار، بأن تكون صريحة كأن يقول: أنت علي كظهر أمي، أو تكون الصيغة كنائية ولكنه قصد بها الظهار(1).
مسألة: إذا تكرر الظهار قبل أن يكفر؟
قال العلماء: إذا تكرر الظهار قبل أن يكفر فعليه كفارة واحدة، وأما إذا كان الظهار بعد التكفير بأن عاد إليه الزوج، فعليه الكفارة من جديد
مسألة: إذا كان له أكثر من امرأة وقال لهن بصيغة واحدة: انتن علي كظهر أمي، فليس عليه إلا كفارة واحدة.
وأما إن ظاهر منهن بكلمات متفرقة، بأن قال لكل واحدة: أنت علي كظهر أمي، فعليه كفارات متعددة(2).
من أحكام الظهار
بسم الله الرحمن الرحيم
الظهار في الشريعة الإسلامية
الظهار في اللغة: وجع الظهر وظَهَره يَظهَرُه ظَهْراً ضرب ظَهْره وظَهِرَ ظَهَراً اشتكى ظَهْره ورجل ظَهِيرٌ يشتكي ظَهْرَه.
وهو أيضا مأخوذ من العلو ومنه قوله تعالى: فما اسطاعوا أن يظهروه"(1).
ومنه أيضا قول الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي(2).
وأما الظهار في اصطلاح الفقهاء فهو: أن يشبه امرأته أو عضوا يعبر به عن بدنها(3).
ومن المعاصرين من عرفه بأنه: تشبيه الرجل زوجته بأمه أو بمن تحرم عليه على التأبيد قصدا إلى حرمانها من متعة الزوجية(4).
حكم الظهار
الظهار من كبائر الذنوب، وهو محرم بنص القرآن في سورة المجادلة وبالتحديد في قوله تعالى: الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ(5).
والآية تدل على التحريم من وجوه: " ما هن أمهاتهم" دلالة على الكذب، وكذلك سماه الله تعالى منكرا، وسماه زورا، في قوله تعالى:" وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا" وختم الآية بالمغفرة والرحمة، والمغفرة والرحمة يكونان على ذنوب.(6)
وقد كان الظهار معروفا في الجاهلية، وكانوا يستخدمونه لمعاقبة النساء، فلا تعرف المرأة نفسها بعد الظهار أهي متزوجة، أم بلا زوج؟
ولسماحة الإسلام وحسن تشريعاته جاء ليحسم هذا الأمر ويضع له حدا يقف عندها خلافا لفوضى الجاهلية.
ولا شك أن الظهار فيه إهانة للمرأة واحتقار لها، وهو يتنافى مع حسن العشرة التي أمر الله تعالى أن يعاشر بها النساء، كما في قوله تعالى:" وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الكهف، 97.
(2)
كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا " (1).
سبب نزول آيات الظهار
وسبب نزول آيات الظهار القصة المشهورة التي رواها الإمام ابن ماجة وهي أيضا عند غيره: عروة بن الزبير قال قالت عائشة تبارك الذي وسع سمعه كل شيء إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى علي بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تقول يا رسول الله أكل شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبرت سني وانقطع ولدي ظاهر مني اللهم إني أشكو إليك فما برحت حتى نزل جبرائيل بهؤلاء الآيات ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله ) (2).
وقد وردت القصة بألفاظ يقارب بعضها بعضا، غير أن القصة وردت برواية لها سبب، كما جاء في مسند الإمام أحمد من حديث خولة، كالآتي:
عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ قَالَتْ وَاللَّهِ فِيَّ وَفِي أَوْسِ بْنِ صَامِتٍ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَدْرَ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ قَالَتْ كُنْتُ عِنْدَهُ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ سَاءَ خُلُقُهُ وَضَجِرَ قَالَتْ فَدَخَلَ عَلَيَّ يَوْمًا فَرَاجَعْتُهُ بِشَيْءٍ فَغَضِبَ فَقَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي قَالَتْ ثُمَّ خَرَجَ فَجَلَسَ فِي نَادِي قَوْمِهِ سَاعَةً ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَإِذَا هُوَ يُرِيدُنِي عَلَى نَفْسِي قَالَتْ فَقُلْتُ كَلَّا وَالَّذِي نَفْسُ خُوَيْلَةَ بِيَدِهِ لَا تَخْلُصُ إِلَيَّ وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِينَا بِحُكْمِهِ قَالَتْ فَوَاثَبَنِي وَامْتَنَعْتُ مِنْهُ فَغَلَبْتُهُ بِمَا تَغْلِبُ بِهِ الْمَرْأَةُ الشَّيْخَ الضَّعِيفَ فَأَلْقَيْتُهُ عَنِّي قَالَتْ ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى بَعْضِ جَارَاتِي فَاسْتَعَرْتُ مِنْهَا ثِيَابَهَا ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَذَكَرْتُ لَهُ مَا لَقِيتُ مِنْهُ فَجَعَلْتُ أَشْكُو إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَلْقَى مِنْ سُوءِ خُلُقِهِ قَالَتْ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَا خُوَيْلَةُ ابْنُ عَمِّكِ شَيْخٌ كَبِيرٌ فَاتَّقِي اللَّهَ فِيهِ قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا بَرِحْتُ حَتَّى نَزَلَ فِيَّ الْقُرْآنُ فَتَغَشَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ يَتَغَشَّاهُ ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ لِي يَا خُوَيْلَةُ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكِ وَفِي صَاحِبِكِ ثُمَّ قَرَأَ عَلَيَّ { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ إِلَى قَوْلِهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ }(3).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)النساء، 19.
(2) رواه ابن ماجة، حديث رقم: 2063، وصححه الألباني في سنن ابن ماجة، ج5/ص 63.
(3) المجادلة، 1.
فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً قَالَتْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَهُ مَا يُعْتِقُ قَالَ فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَتْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ قَالَ فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ قَالَتْ قُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا ذَاكَ عِنْدَهُ قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّا سَنُعِينُهُ بِعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ قَالَتْ فَقُلْتُ وَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ سَأُعِينُهُ بِعَرَقٍ آخَرَ قَالَ قَدْ أَصَبْتِ وَأَحْسَنْتِ فَاذْهَبِي فَتَصَدَّقِي عَنْهُ ثُمَّ اسْتَوْصِي بِابْنِ عَمِّكِ خَيْرًا قَالَتْ فَفَعَلْتُ(1)ُ
كفارة الظهار
لقد وردت الكفارة واضحة في الآيات القرآنية، في سورة المجادلة، في قوله تعالى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (2).
وقد جاءت الكفارة أيضا في الحديث السابق، عندما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً قَالَتْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَهُ مَا يُعْتِقُ قَالَ فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَتْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ قَالَ فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ قَالَتْ قُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا ذَاكَ عِنْدَهُ(3).
ومن خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية يتضح وجوب الكفارة، وهي على الترتيب كالآتي:
1- إعتاق رقبة، والرقبة هنا جاءت مطلقة من غير تقييد في كونها مؤمنة أو غير مؤمنة، صغيرة أم كبيرة، ذكرا كان أو أنثى. فإن لم يجد كما هو الحال في هذا الزمان، انتقل إلى الصنف الثاني وهو:
ــــــــــــــ
(1) رواه الإمام أحمد في المسند، حديث رقم: 26056
(2)المجادلة، الآيات: 1- 4.
(2) الحديث السابق.
2- صيام شهرين متتابعين، فلا يصح الإفطار بين التتابع لأنه يبطل التتابع، وبالتالي عليه أن يعيد من جديد، إلا إذا حال بينه وبين التتابع عيد، أو مرض، أو نحو ذلك مما هو معروف. فإن لم يستطع الصيام انتقل إلى الصنف الثالث من الكفارة، وهو:
3- الإطعام: فيطعم ستين مسكينا، على خلاف بين أهل العلم في كون الإطعام وجبة أو وجبتين، ويشترط في الكفارة أن تكون قبل المسيس بمعنى قبل المعاشرة بين الزوجين، لقوله تعالى:" من قبل أن يتماسا"(1).
فإن مسها قبل أن يكفر فقد أضاف إلى كبيرته كبيرة أخرى، وينبغي عليها أن تمتنع عنه ولو بالقوة(2).
شروط الظهار
يشترط في الظهار حتى تطبق أحكامه الأمور الآتية:
1- أن تكون الزوجية متحققة، فلا ظهار بين أجنبيين
2- أن يكون المظاهر بالغا، فلا يصح الظهار من الزوج غير البالغ
3- أن يكون الزوج المظاهر عاقلا، فلا يصح ظهار الزوج المجنون، لأنه فاقد لأهلية التصرفات.
4- أن يكون الزوج مسلما، وهذا الشرط عند الحنفية والمالكية.
5- أن يكون الزوج مختارا فإن كان مكرها فلا يقع ظهاره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"(3).
ــــــــــــــــ
(3) رواه ابن ماجه، حديث رقم: 2043، وصححه الألباني في سنن ابن ماجه، ج5/ص43.
6- أن تكون الصيغة تدل على الظهار، بأن تكون صريحة كأن يقول: أنت علي كظهر أمي، أو تكون الصيغة كنائية ولكنه قصد بها الظهار(1).
مسألة: إذا تكرر الظهار قبل أن يكفر؟
قال العلماء: إذا تكرر الظهار قبل أن يكفر فعليه كفارة واحدة، وأما إذا كان الظهار بعد التكفير بأن عاد إليه الزوج، فعليه الكفارة من جديد
مسألة: إذا كان له أكثر من امرأة وقال لهن بصيغة واحدة: انتن علي كظهر أمي، فليس عليه إلا كفارة واحدة.
وأما إن ظاهر منهن بكلمات متفرقة، بأن قال لكل واحدة: أنت علي كظهر أمي، فعليه كفارات متعددة(2).
ـــــــــــ
[/color][/font][/size]
بسم الله الرحمن الرحيم
الظهار في الشريعة الإسلامية
الظهار في اللغة: وجع الظهر وظَهَره يَظهَرُه ظَهْراً ضرب ظَهْره وظَهِرَ ظَهَراً اشتكى ظَهْره ورجل ظَهِيرٌ يشتكي ظَهْرَه.
وهو أيضا مأخوذ من العلو ومنه قوله تعالى: فما اسطاعوا أن يظهروه"(1).
ومنه أيضا قول الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي(2).
وأما الظهار في اصطلاح الفقهاء فهو: أن يشبه امرأته أو عضوا يعبر به عن بدنها(3).
ومن المعاصرين من عرفه بأنه: تشبيه الرجل زوجته بأمه أو بمن تحرم عليه على التأبيد قصدا إلى حرمانها من متعة الزوجية(4).
حكم الظهار
الظهار من كبائر الذنوب، وهو محرم بنص القرآن في سورة المجادلة وبالتحديد في قوله تعالى: الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ(5).
والآية تدل على التحريم من وجوه: " ما هن أمهاتهم" دلالة على الكذب، وكذلك سماه الله تعالى منكرا، وسماه زورا، في قوله تعالى:" وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا" وختم الآية بالمغفرة والرحمة، والمغفرة والرحمة يكونان على ذنوب.(6)
وقد كان الظهار معروفا في الجاهلية، وكانوا يستخدمونه لمعاقبة النساء، فلا تعرف المرأة نفسها بعد الظهار أهي متزوجة، أم بلا زوج؟
ولسماحة الإسلام وحسن تشريعاته جاء ليحسم هذا الأمر ويضع له حدا يقف عندها خلافا لفوضى الجاهلية.
ولا شك أن الظهار فيه إهانة للمرأة واحتقار لها، وهو يتنافى مع حسن العشرة التي أمر الله تعالى أن يعاشر بها النساء، كما في قوله تعالى:" وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الكهف، 97.
(2)
كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا " (1).
سبب نزول آيات الظهار
وسبب نزول آيات الظهار القصة المشهورة التي رواها الإمام ابن ماجة وهي أيضا عند غيره: عروة بن الزبير قال قالت عائشة تبارك الذي وسع سمعه كل شيء إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى علي بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تقول يا رسول الله أكل شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبرت سني وانقطع ولدي ظاهر مني اللهم إني أشكو إليك فما برحت حتى نزل جبرائيل بهؤلاء الآيات ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله ) (2).
وقد وردت القصة بألفاظ يقارب بعضها بعضا، غير أن القصة وردت برواية لها سبب، كما جاء في مسند الإمام أحمد من حديث خولة، كالآتي:
عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ قَالَتْ وَاللَّهِ فِيَّ وَفِي أَوْسِ بْنِ صَامِتٍ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَدْرَ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ قَالَتْ كُنْتُ عِنْدَهُ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ سَاءَ خُلُقُهُ وَضَجِرَ قَالَتْ فَدَخَلَ عَلَيَّ يَوْمًا فَرَاجَعْتُهُ بِشَيْءٍ فَغَضِبَ فَقَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي قَالَتْ ثُمَّ خَرَجَ فَجَلَسَ فِي نَادِي قَوْمِهِ سَاعَةً ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَإِذَا هُوَ يُرِيدُنِي عَلَى نَفْسِي قَالَتْ فَقُلْتُ كَلَّا وَالَّذِي نَفْسُ خُوَيْلَةَ بِيَدِهِ لَا تَخْلُصُ إِلَيَّ وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِينَا بِحُكْمِهِ قَالَتْ فَوَاثَبَنِي وَامْتَنَعْتُ مِنْهُ فَغَلَبْتُهُ بِمَا تَغْلِبُ بِهِ الْمَرْأَةُ الشَّيْخَ الضَّعِيفَ فَأَلْقَيْتُهُ عَنِّي قَالَتْ ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى بَعْضِ جَارَاتِي فَاسْتَعَرْتُ مِنْهَا ثِيَابَهَا ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَذَكَرْتُ لَهُ مَا لَقِيتُ مِنْهُ فَجَعَلْتُ أَشْكُو إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَلْقَى مِنْ سُوءِ خُلُقِهِ قَالَتْ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَا خُوَيْلَةُ ابْنُ عَمِّكِ شَيْخٌ كَبِيرٌ فَاتَّقِي اللَّهَ فِيهِ قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا بَرِحْتُ حَتَّى نَزَلَ فِيَّ الْقُرْآنُ فَتَغَشَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ يَتَغَشَّاهُ ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ لِي يَا خُوَيْلَةُ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكِ وَفِي صَاحِبِكِ ثُمَّ قَرَأَ عَلَيَّ { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ إِلَى قَوْلِهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ }(3).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)النساء، 19.
(2) رواه ابن ماجة، حديث رقم: 2063، وصححه الألباني في سنن ابن ماجة، ج5/ص 63.
(3) المجادلة، 1.
فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً قَالَتْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَهُ مَا يُعْتِقُ قَالَ فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَتْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ قَالَ فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ قَالَتْ قُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا ذَاكَ عِنْدَهُ قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّا سَنُعِينُهُ بِعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ قَالَتْ فَقُلْتُ وَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ سَأُعِينُهُ بِعَرَقٍ آخَرَ قَالَ قَدْ أَصَبْتِ وَأَحْسَنْتِ فَاذْهَبِي فَتَصَدَّقِي عَنْهُ ثُمَّ اسْتَوْصِي بِابْنِ عَمِّكِ خَيْرًا قَالَتْ فَفَعَلْتُ(1)ُ
كفارة الظهار
لقد وردت الكفارة واضحة في الآيات القرآنية، في سورة المجادلة، في قوله تعالى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (2).
وقد جاءت الكفارة أيضا في الحديث السابق، عندما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً قَالَتْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَهُ مَا يُعْتِقُ قَالَ فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَتْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ قَالَ فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ قَالَتْ قُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا ذَاكَ عِنْدَهُ(3).
ومن خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية يتضح وجوب الكفارة، وهي على الترتيب كالآتي:
1- إعتاق رقبة، والرقبة هنا جاءت مطلقة من غير تقييد في كونها مؤمنة أو غير مؤمنة، صغيرة أم كبيرة، ذكرا كان أو أنثى. فإن لم يجد كما هو الحال في هذا الزمان، انتقل إلى الصنف الثا
(1) رواه الإمام أحمد في المسند، حديث رقم: 26056
(2)المجادلة، الآيات: 1-
2- صيام شهرين متتابعين، فلا يصح الإفطار بين التتابع لأنه يبطل التتابع، وبالتالي عليه أن يعيد من جديد، إلا إذا حال بينه وبين التتابع عيد، أو مرض، أو نحو ذلك مما هو معروف. فإن لم يستطع الصيام انتقل إلى الصنف الثالث من الكفارة، وهو:
3- الإطعام: فيطعم ستين مسكينا، على خلاف بين أهل العلم في كون الإطعام وجبة أو وجبتين، ويشترط في الكفارة أن تكون قبل المسيس بمعنى قبل المعاشرة بين الزوجين، لقوله تعالى:" من قبل أن يتماسا"(1).
فإن مسها قبل أن يكفر فقد أضاف إلى كبيرته كبيرة أخرى، وينبغي عليها أن تمتنع عنه ولو بالقوة(2).
شروط الظهار
يشترط في الظهار حتى تطبق أحكامه الأمور الآتية:
1- أن تكون الزوجية متحققة، فلا ظهار بين أجنبيين
2- أن يكون المظاهر بالغا، فلا يصح الظهار من الزوج غير البالغ
3- أن يكون الزوج المظاهر عاقلا، فلا يصح ظهار الزوج المجنون، لأنه فاقد لأهلية التصرفات.
4- أن يكون الزوج مسلما، وهذا الشرط عند الحنفية والمالكية.
5- أن يكون الزوج مختارا فإن كان مكرها فلا يقع ظهاره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"(3).
ــــــــــــــــ
(1) المجادلة، 2.
(2) .
(3) رواه ابن ماجه، حديث رقم: 2043، وصححه الألباني في سنن ابن ماجه، ج5/ص43.
6- أن تكون الصيغة تدل على الظهار، بأن تكون صريحة كأن يقول: أنت علي كظهر أمي، أو تكون الصيغة كنائية ولكنه قصد بها الظهار(1).
مسألة: إذا تكرر الظهار قبل أن يكفر؟
قال العلماء: إذا تكرر الظهار قبل أن يكفر فعليه كفارة واحدة، وأما إذا كان الظهار بعد التكفير بأن عاد إليه الزوج، فعليه الكفارة من جديد
مسألة: إذا كان له أكثر من امرأة وقال لهن بصيغة واحدة: انتن علي كظهر أمي، فليس عليه إلا كفارة واحدة.
وأما إن ظاهر منهن بكلمات متفرقة، بأن قال لكل واحدة: أنت علي كظهر أمي، فعليه كفارات متعددة(2).
من أحكام الظهار
بسم الله الرحمن الرحيم
الظهار في الشريعة الإسلامية
الظهار في اللغة: وجع الظهر وظَهَره يَظهَرُه ظَهْراً ضرب ظَهْره وظَهِرَ ظَهَراً اشتكى ظَهْره ورجل ظَهِيرٌ يشتكي ظَهْرَه.
وهو أيضا مأخوذ من العلو ومنه قوله تعالى: فما اسطاعوا أن يظهروه"(1).
ومنه أيضا قول الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي(2).
وأما الظهار في اصطلاح الفقهاء فهو: أن يشبه امرأته أو عضوا يعبر به عن بدنها(3).
ومن المعاصرين من عرفه بأنه: تشبيه الرجل زوجته بأمه أو بمن تحرم عليه على التأبيد قصدا إلى حرمانها من متعة الزوجية(4).
حكم الظهار
الظهار من كبائر الذنوب، وهو محرم بنص القرآن في سورة المجادلة وبالتحديد في قوله تعالى: الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ(5).
والآية تدل على التحريم من وجوه: " ما هن أمهاتهم" دلالة على الكذب، وكذلك سماه الله تعالى منكرا، وسماه زورا، في قوله تعالى:" وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا" وختم الآية بالمغفرة والرحمة، والمغفرة والرحمة يكونان على ذنوب.(6)
وقد كان الظهار معروفا في الجاهلية، وكانوا يستخدمونه لمعاقبة النساء، فلا تعرف المرأة نفسها بعد الظهار أهي متزوجة، أم بلا زوج؟
ولسماحة الإسلام وحسن تشريعاته جاء ليحسم هذا الأمر ويضع له حدا يقف عندها خلافا لفوضى الجاهلية.
ولا شك أن الظهار فيه إهانة للمرأة واحتقار لها، وهو يتنافى مع حسن العشرة التي أمر الله تعالى أن يعاشر بها النساء، كما في قوله تعالى:" وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الكهف، 97.
(2)
كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا " (1).
سبب نزول آيات الظهار
وسبب نزول آيات الظهار القصة المشهورة التي رواها الإمام ابن ماجة وهي أيضا عند غيره: عروة بن الزبير قال قالت عائشة تبارك الذي وسع سمعه كل شيء إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى علي بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تقول يا رسول الله أكل شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبرت سني وانقطع ولدي ظاهر مني اللهم إني أشكو إليك فما برحت حتى نزل جبرائيل بهؤلاء الآيات ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله ) (2).
وقد وردت القصة بألفاظ يقارب بعضها بعضا، غير أن القصة وردت برواية لها سبب، كما جاء في مسند الإمام أحمد من حديث خولة، كالآتي:
عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ قَالَتْ وَاللَّهِ فِيَّ وَفِي أَوْسِ بْنِ صَامِتٍ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَدْرَ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ قَالَتْ كُنْتُ عِنْدَهُ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ سَاءَ خُلُقُهُ وَضَجِرَ قَالَتْ فَدَخَلَ عَلَيَّ يَوْمًا فَرَاجَعْتُهُ بِشَيْءٍ فَغَضِبَ فَقَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي قَالَتْ ثُمَّ خَرَجَ فَجَلَسَ فِي نَادِي قَوْمِهِ سَاعَةً ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَإِذَا هُوَ يُرِيدُنِي عَلَى نَفْسِي قَالَتْ فَقُلْتُ كَلَّا وَالَّذِي نَفْسُ خُوَيْلَةَ بِيَدِهِ لَا تَخْلُصُ إِلَيَّ وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِينَا بِحُكْمِهِ قَالَتْ فَوَاثَبَنِي وَامْتَنَعْتُ مِنْهُ فَغَلَبْتُهُ بِمَا تَغْلِبُ بِهِ الْمَرْأَةُ الشَّيْخَ الضَّعِيفَ فَأَلْقَيْتُهُ عَنِّي قَالَتْ ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى بَعْضِ جَارَاتِي فَاسْتَعَرْتُ مِنْهَا ثِيَابَهَا ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَذَكَرْتُ لَهُ مَا لَقِيتُ مِنْهُ فَجَعَلْتُ أَشْكُو إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَلْقَى مِنْ سُوءِ خُلُقِهِ قَالَتْ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَا خُوَيْلَةُ ابْنُ عَمِّكِ شَيْخٌ كَبِيرٌ فَاتَّقِي اللَّهَ فِيهِ قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا بَرِحْتُ حَتَّى نَزَلَ فِيَّ الْقُرْآنُ فَتَغَشَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ يَتَغَشَّاهُ ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ لِي يَا خُوَيْلَةُ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكِ وَفِي صَاحِبِكِ ثُمَّ قَرَأَ عَلَيَّ { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ إِلَى قَوْلِهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ }(3).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)النساء، 19.
(2) رواه ابن ماجة، حديث رقم: 2063، وصححه الألباني في سنن ابن ماجة، ج5/ص 63.
(3) المجادلة، 1.
فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً قَالَتْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَهُ مَا يُعْتِقُ قَالَ فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَتْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ قَالَ فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ قَالَتْ قُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا ذَاكَ عِنْدَهُ قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّا سَنُعِينُهُ بِعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ قَالَتْ فَقُلْتُ وَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ سَأُعِينُهُ بِعَرَقٍ آخَرَ قَالَ قَدْ أَصَبْتِ وَأَحْسَنْتِ فَاذْهَبِي فَتَصَدَّقِي عَنْهُ ثُمَّ اسْتَوْصِي بِابْنِ عَمِّكِ خَيْرًا قَالَتْ فَفَعَلْتُ(1)ُ
كفارة الظهار
لقد وردت الكفارة واضحة في الآيات القرآنية، في سورة المجادلة، في قوله تعالى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (2).
وقد جاءت الكفارة أيضا في الحديث السابق، عندما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً قَالَتْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَهُ مَا يُعْتِقُ قَالَ فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَتْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ قَالَ فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ قَالَتْ قُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا ذَاكَ عِنْدَهُ(3).
ومن خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية يتضح وجوب الكفارة، وهي على الترتيب كالآتي:
1- إعتاق رقبة، والرقبة هنا جاءت مطلقة من غير تقييد في كونها مؤمنة أو غير مؤمنة، صغيرة أم كبيرة، ذكرا كان أو أنثى. فإن لم يجد كما هو الحال في هذا الزمان، انتقل إلى الصنف الثاني وهو:
ــــــــــــــ
(1) رواه الإمام أحمد في المسند، حديث رقم: 26056
(2)المجادلة، الآيات: 1- 4.
(2) الحديث السابق.
2- صيام شهرين متتابعين، فلا يصح الإفطار بين التتابع لأنه يبطل التتابع، وبالتالي عليه أن يعيد من جديد، إلا إذا حال بينه وبين التتابع عيد، أو مرض، أو نحو ذلك مما هو معروف. فإن لم يستطع الصيام انتقل إلى الصنف الثالث من الكفارة، وهو:
3- الإطعام: فيطعم ستين مسكينا، على خلاف بين أهل العلم في كون الإطعام وجبة أو وجبتين، ويشترط في الكفارة أن تكون قبل المسيس بمعنى قبل المعاشرة بين الزوجين، لقوله تعالى:" من قبل أن يتماسا"(1).
فإن مسها قبل أن يكفر فقد أضاف إلى كبيرته كبيرة أخرى، وينبغي عليها أن تمتنع عنه ولو بالقوة(2).
شروط الظهار
يشترط في الظهار حتى تطبق أحكامه الأمور الآتية:
1- أن تكون الزوجية متحققة، فلا ظهار بين أجنبيين
2- أن يكون المظاهر بالغا، فلا يصح الظهار من الزوج غير البالغ
3- أن يكون الزوج المظاهر عاقلا، فلا يصح ظهار الزوج المجنون، لأنه فاقد لأهلية التصرفات.
4- أن يكون الزوج مسلما، وهذا الشرط عند الحنفية والمالكية.
5- أن يكون الزوج مختارا فإن كان مكرها فلا يقع ظهاره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"(3).
ــــــــــــــــ
(3) رواه ابن ماجه، حديث رقم: 2043، وصححه الألباني في سنن ابن ماجه، ج5/ص43.
6- أن تكون الصيغة تدل على الظهار، بأن تكون صريحة كأن يقول: أنت علي كظهر أمي، أو تكون الصيغة كنائية ولكنه قصد بها الظهار(1).
مسألة: إذا تكرر الظهار قبل أن يكفر؟
قال العلماء: إذا تكرر الظهار قبل أن يكفر فعليه كفارة واحدة، وأما إذا كان الظهار بعد التكفير بأن عاد إليه الزوج، فعليه الكفارة من جديد
مسألة: إذا كان له أكثر من امرأة وقال لهن بصيغة واحدة: انتن علي كظهر أمي، فليس عليه إلا كفارة واحدة.
وأما إن ظاهر منهن بكلمات متفرقة، بأن قال لكل واحدة: أنت علي كظهر أمي، فعليه كفارات متعددة(2).
ـــــــــــ
[/color][/font][/size]
تعليق