إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

إرم سعد فداك أبي وأمي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إرم سعد فداك أبي وأمي

    إرم سعد فداك أبي وأمي

    لويس عطية الله

    بسم الله الرحمن الرحيم


    إرم سعد فداك أبي وأمي



    الحديث عن أبي عثمان حديث ذو شجون ..

    إذ كيف يمكنك البدء عن رجل عظيم كهذا الرجل بدون أن تتناوشك الأفكار وتتنازعك الخواطر حول أي الأفكار تبدأ بتقريرها، وأيها تستفيض في الحديث عنها وأيها تختصر الكلام فيه.. جدا.

    هذا الرجل صنع ما يشبه المعجزة، والذين يصنعون المعجزات عادة ما يكون الحديث عنهم ذو شجون.. جدا ..

    عندما التقيت الرجل أول مرة قبل ثلاث سنوات تقريبا طرحت عليه أسئلة محددة كلها تتعلق بما سبق من تاريخه وتاريخ مذكرة النصيحة والحركة الإصلاحية بشكل عام.. وأعترف أن صورته كانت مشوشة جدا في ذهني بسبب ذيول المعارك المتفرقة التي أعقبت انتكاسة 96، وعدم وضوح الصورة عند الكثيرين ومنهم أنا والتزييف الكبير الذي قام به إعلام آل سلول في حق الرجل وحق المتخالفين في تلك الفترة ..

    أجاب أبو عثمان على الأسئلة بشفافية عالية وبوضوح تام وبمنطق متماسك للغاية.. وأسهب في الحديث وأنا أستمع باهتمام بالغ، فلما فرغ من حديثه كدت أقول له أبسط يدك أبايعك !! رغم أن الرجل لا يدعو لبيعة ولا يدعو لملك ولا لحكم، بل يدعو للإصلاح ولكني أعبر عن الشعور بالاقتناع التام الذي شعرته بعدما أتم حديثه.

    أغلب السفهاء الذين يتحدثون في أبي عثمان لا يعرفونه ولا يقرأون له ولا يسمعون حديثه بقلوب أو عقول متفتحة، وإنما هم أحد رجلين :

    منافق امتلأ قلبه حبا للمنافقين فجعل من نفسه تابعا لهم يحترق من أجل أن يسعد المنافقون المستبدون ، ويطيعهم في شهواتهم وملذاتهم ويحقق لهم رغباتهم مقابل لعاعة من الدنيا لا تساوي شيئا فيبيع دينه بعرض من الدنيا هو أحقر من جناح بعوضة ..

    والثاني أحمق مكتوب على عقله أنه غير صالح للاستخدام البشري ، بل هو عقل يستخدم كما تستخدم الحيوانات عقولها فتقلد بعضها البعض بدون أن يكون لها القدرة على التفكير أو النظر أو على الأقل الفهم !

    ومن هؤلاء ( الجامية ) الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا .

    أما العقلاء فإنهم ينصفون أبا عثمان لو كانوا متجردين والتجرد عزيز وهو أندر من الزئبق الأحمر .. غير أن كثيرا من هؤلاء العقلاء وإن كانوا يعتقدون بصدق مقولات أبي عثمان فإن معظمهم يعيشون في وهم وخوف من المنافقين المستبدين بحيث أن أحدهم يحاول إذا تحدث عن أبي عثمان أن يضيف دائما و يقول .. ( رغم أني لا أتفق مع سعد الفقيه .. فيما يطرح لكن .. ) وهذا حال أمثلهم طريقة .. وآخر يقول ( رغم ملاحظاتي على سعد الفقيه .. ) .. وهؤلاء إذا قرأت لهم تَفَلتَ على كتاباتهم وقلت أف لكم وتف إما أنه يقول حقا فتؤيدونه أو يقول باطلا فتردونه أما أن تضعوا هذه ( الكليشة ) بمناسبة وبدون مناسبة وكأنّ أحدكم يريد أن ينأى بنفسه عن أبي عثمان ويصور نفسه على أنها حاكمة على أبي عثمان ومقيمة لمشروعه !! وهي طريقة الجبان الخائف الذي يريد أن يصك لنفسه طريقا للسلامة والعودة فيما إذا كبسه جنود السلطان !! فيقول أنظروا لقد قلت أني أختلف مع الرجل ولا أؤيد طريقته !!

    وآخرون وتعرفونهم من أصحاب الزئير المقدس ، صار همهم نقد أبي عثمان في كل مناسبة وما ذلك في نظري إلا بسبب الحسد الذي يكنونه للشيخ سعد على ما أنعم الله به عليه من نجاح وإنجازات ..

    على العموم أصحاب الزئير المقدس لا يساوون في ميزان الرجال شيئا ، فمهما قالوا وفعلوا فقد انحازوا إلى خندق المنافقين وصاروا مطية لهم ، وتحول الزئير إلى نباح حسب الطلب وكلما صنع أبو عثمان مجدا نبحوا فمثلهم كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ولله الأمر من قبل ومن بعد

    وإذا أغضبتهم كلمة ( النباح ) ووصف الكلب فليعلموا أن هذا وصف عام وشامل لكل من عرف آيات الله ثم انسلخ منها ووقف في صف المنافقين الموالين للكافرين والله غالب على أمره ولو كره المشركون .

    وليعلموا أن من يتولونهم على شفا جرف هار ، وأن أولياءهم من دون الله لا ينفعونهم وأن البيت الذي بنوه كمثل بيت العنكبوت وإن أوهى البيوت لبيت العنكبوت ..

    ولا أطيل بذكرهم مع ذكر أبي عثمان فليس الصحيح إذا مشى كالمقعد وأبو عثمان يمشي ملكا وهم مقعدون صار همهم إرضاء من لا يساوي عند المؤمنين بعرة . فلا يغضبون .. أيديهم أوكت وأفواههم نفخت .

    أقول إن أبا عثمان مفخرة لأبناء الحرمين .. وإذا المكارم في آفاقنا ذكرت فإنما بأبي عثمان يضرب فيها المثل ..

    وقد خالطت الرجل وعايشته عن قرب مدة ثلاث سنوات تقريبا ، وعرفت عنه وعن أحواله ما يجعلني أهلا للحديث عنه بعيدا عن تخرصات المتخرصين وتكهنات الجاهلين .. ورغم صدق الصحبة والمودة فإني لم أكتب عنه شيئا ذا بال من قبل، وقد جاء أوان الكتابة عنه فما فعله هذا الرجل يعد معجزة في عرف حركات التغيير الاجتماعي والتاريخي ..

    وهو قد جرد لسانه وقلمه جهادا لفضح المنافقين الجاثمين على صدور أهل بلاد الحرمين بدعم من أمريكا .. وكشف خداعهم وكذبهم وغشهم للأمة واستلابها وجعلها رهينة بأيدي هؤلاء الكفار مستباحة لا شخصية لها ولا كرامة ولا قيمة لها سوى في الخضوع والذلة ..

    ويجب أن تدرك أيها القارئ بتجرد أن أبا عثمان أحد أذكياء المسلمين ، وأحد أهم الشخصيات المؤثرة على مستقبل بلاد الحرمين ، وقد حباه الله من فضله العظيم ما لايجحده ولا ينكره إلا خاسيء ، والرجل مركز دراسات مستقل بذاته وهو أستاذ في قراءة التاريخ والحركة الاجتماعية ، وربما لا يخفى عليك أن الرجل من أوائل من تابع وقرأ تأثير حركة الشيخ أسامة العالمية قبل سنوات وكتب في تحليلها الكثير من المقالات والنشرات ، والتي أصبحت مرجعا لكل من يريد فهم وقراءة تنظيم القاعدة ، ومازال أستاذا يتتلمذ عليه أساطين المفكرين الغربيين عندما يريدون فهم أسامة بن لادن ورجال القاعدة ، وكثير منهم ربما سرق أفكار وكتابات أبي عثمان بدون أن ينسبها له مثل عميل السي آي ايه الذي ألف كتابا سماه ( through our enemy eyes ) و سرق بالنص كثيرا من أفكار أبي عثمان .

    ومازال كثير ممن يزعمون أنهم محللين استراتيجيين غربيين عيال على أبي عثمان ويتتلمذون عليه في مسائل تنظيم القاعدة والحركة الجهادية العالمية ، وكثير منهم يزور أبا عثمان في بيته ويسأله الأسئلة الكثيرة حول القاعدة وبن لادن ليعود إلى جماعته ويبشرهم بما يزعم أنها قراءاته الخاصة لتنظيم القاعدة !! ولو شئت لعددت لكم بالأسماء عددا من هؤلاء الذين تستضيفهم قناة الجزيرة لتسألهم عن آرائهم حول تنظيم القاعدة من الأمريكيين المشهورين والمعروفين .. وعندما أسمع كلامهم أبتسم وأقول هذا الكلام قاله أبو عثمان قبل سنوات !!

    وسبب هذا التميز الفكري الراقي للرجل أنه من أهل التحقيق ، فهو ينظر للأمور بمنهجية متطورة للغاية ، ولذا تجده من النوادر الذين يملكون أدوات التحقيق والترجيح وحسم المسائل وبسرعة !! ولذا كنت أقول له متعجبا إن أكثر ما يدهشني فيك أنك تستطيع أن تتخذ موقفا وتتبنى رأيا يكون في الغالب هو الصحيح بسرعة وأحيانا مع توفر معلومات قليلة حول القضية ، فكان يقول إن وضوح الموقف هو فرع عن وضوح المنهج ..

    ولذا عجز خصومه بسبب منهجيته الواضحة وتماسك طريقته في النظر والجدل عجزوا أن يمسكوا عليه التناقضات التي يسقط بها المتصدون للأمور الفكرية عادة ، ويكاد يستحيل أن تمسك عليه تناقضا رغم كثرة المسائل الشائكة التي يخوض فيها ولو تصدى أبو عثمان للعلم وتفرغ له لوجدته من العلماء المحققين .. وأعني بهم أولئك العلماء الذين لا يكتفون بتقرير المسائل بل يحسمون الخلاف من خلال الترجيح بين الأدلة ...

    وفوق هذا فهو رجل عصامي من الدرجة الأولى يمكنه من الصفر أن يصنع فرقا هائلا ، كما يفعل الان بعد انتكاسة 96 عندما نجح آل سلول في تشويه سمعة حركته ، فرجع بقوة بعد سنوات ليعيد الصفعة لآل سلول صفعات لم تتوقف حتى لحظة كتابة هذه المقالة ..

    ولقد استحيت من تشبيهه بعصام الذي قيلت فيه الأمثال .. لأنه وبصراحة شديدة تتواضع قدرات عصام ومواهبه عند مقارنتها بسعد الفقيه وقدراته ..

    ولديه موهبة من الله قل أن تجدها إلا في عظماء الناس ، وهي وضوح الهدف بدقة والقدرة على متابعته حتى يتحقق بفضل الله ويصل إليه ..

    ويكفي الأمة فخرا أن مثل هذا الرجل المتضلع والمتعمق بشئون السياسة والتاريخ والاجتماع سلفي لم يتلوث بفساد فكري أو مذهبي ، ويطوع الفكر والتقنية وأدوات السياسة لخدمة الدين بدون تنازل في إبداع لا تجد له نظيرا سوى عند المجاهدين ..

    ويكفيني فخرا أنني تتلمذت على يديه ونهلت من معارفه ما من الله به علي ولله الحمد والمنة ..

    ويكفيه فخرا أنه من القلائل الذين رفعوا رؤوسهم ضد ظلم آل سلول ورفض باطلهم في عزة وثبات وصبر قل له نظير ، حتى أنه أخبرني مرة أن والده رحمه الله أوصاه بدراسة الطب لأن الطبيب هو الشخص الوحيد الذي لن يحتاج لمنة أحد بل الناس كلهم ملكهم وعبدهم وشريفهم ووضيعهم محتاجون إليه ..

    وقد سألته مرة ممازحا ، هل وقفت يوما بأبواب هؤلاء الظلمة ؟ فقال لم أذهب إليهم ولله الحمد لنفسي البتة لكني ذهبت مرة لحاجة طبيب مصري كان زميلا لنا فاحتاج إلى الحصول على شيء منهم فدخلت احتسابا عند الله لنفع أخ مسلم وأما غير ذلك فلا ..

    أريد أن أقول عن أبي عثمان أكثر غير أني سأختصر رأيي في الرجل بأن أقول :

    ثلاثة تشرق الدنيا بطلعتهم *** شمس الضحى وأبو عثمان والقمر

    لأن الحديث عن أبي عثمان بصفة شخصية ليس بأهمية الحديث عن المعجزة التي حققها أبو عثمان بالصبر واليقين ..

    فماذا فعل أبو عثمان حتى أقول عنه ما سبق ؟

    فعل الكثير والكثير والنقطة المهمة أن أبا عثمان ساهم مساهمة فعالة في تحويل هذا الشعب المصاب بالجبن والسلبية والتردد إلى شعب شجاع وايجابي وصاحب عزيمة فالوضع التعيس الذي تراكمت فيه ثقافة أن الدولة تنافس الله في القوة حتى تحولت التشبيهات إلى أمثال شعبية تحكي هذا التعبير :
    الله في السماء
    وبن سعود في الأرض
    وامتلأ الناس رعبا نفسيا ليس له أصل في الحقيقة وصار الجميع يشك بالجميع ويعتقد أن الجدران لها آذان وبن سعود له مجسات في كل زاوية وله حضور في كل ذرات الهواء وصاحب هذا الرعب الأمني هيبة حقيقية مبنية على تراكمات دينية وثقافية مزعومة

    فابن سعود ولي الأمر الذي عليك طاعته وان ضرب ظهرك واخذ مالك .

    وبن سعود هو الذي وحد البلد وأطعمنا من جوع وآمننا من خوف وبذلك فله علينا رد الجميل بالمحافظة عليه حتى لا يذهب الأمن والرخاء

    وبن سعود هو الذي رزقنا الهوية والشخصية وارتبط اسمنا به وأصبح أساسا لتكوننا الحضاري والثقافي حتى ذابت شخصياتنا وتاريخنا كله وتجمعت في شخصية وتاريخ بن سعود .

    كان العقلاء يدركون أن هذه الصورة كاذبة ليس لها أصل وأنها صورة نمر من ورق وأن هذا بيت أوهى من بيت عنكبوت
    لكن الصورة الكاذبة كانت مترسخة في أذهان الناس لدرجة أحدثت إرهابا فكريا ردع العقلاء من أن يرفعوا أصواتهم بذكر الحقيقة وعاش الناس هذه الأكذوبة أمدا طويلا مثل ما عاش الجن في العذاب المهين لا يعلمون أن سليمان قد مات .

    فجاء الفقيه ووجد الرقية الشرعية لهذه المرض .. وقرأ على الأمة بسم الله أرقيك من كل شر يؤذيك ، فانقشع الباطل وظهر زيفه ..

    إن أبا عثمان كان يدرك إدراكا عميقا أن القضية كانت كذبة وتدليسا وتمثيلا ناجحا جدا ..

    وهو يدرك أن بلاد الحرمين لا تحتاج إلى إنشاء عمل تنظيمي كبير من جديد يواجه قوة متسلطة مثل قوة الشاه وخامس جيش في العالم وثالث أقوى مخابرات في العالم

    بلاد الحرمين لم تكن تحتاج إلا إلى شي واحد عمله الفقيه بكل إتقان .. إزالة الغطاء عن هذه الكذبة الكبيرة.. ونجح نجاحا منقطع النظير

    نعم فابن سلول لم يبق له من رصيد الشرعية شيء سوى الكذب وكان لا بد من فضح هذا الكذب ليس بمجرد إخبار الناس عن الحقيقة بل بتلطيش الكذاب والتهكم به ومحاكمته على كذبه وتدليسه وهذا ما فعله الفقيه، ولا يكتفي بفضح الكذب فقط بل يثبت أن هذا الكذاب لم يعد يحسن الكذب ..

    لقد أدرك الفقيه أن الإعلام هو شرعية النظام فأتاه من هذا المقتل ..

    النظام يملك إعلاما جبارا لتحقيق الكذبة الكبرى ...

    حسنا ..صنع الفقيه إعلاما جبارا كذلك.. يرجح بكفة كل إعلام النظام ..

    جاء النظام بقضه وقضيضه وقنواته الفضائية وجرائده وكتّابه وجيشه العظيم من الخونة والمنافقين في الشرق والغرب يطاول إعلام الفقيه البدائي المتواضع فسحقه إعلام الفقيه .. إعلام بسيط لكنه جبار لأنه ببساطة يعرض الحقيقة الناصعة ..
    جاء الفقيه بجبروت أقوى من كل جبروت إمبراطورية إعلام النفاق ..
    إنه جبروت الحقيقة
    جبروت الحق
    جبروت الصدق
    بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق
    إعلام النظام كله زبد .. فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض حتى لو كان ما ينفع الناس مجرد شاشة سوداء وفيها ناس يتحدثون بمظالهم لكنه هو الذي ينفع ويمكث في الأرض ويخرج الناس من بيوتهم للوقوف في وجه الظالمين ..

    لقد راهن الكثير على أن الفقيه ينفخ في رماد ويبيع الهواء ويكسو العفاريت برانس ، لكن الفقيه كان مدركا أنه يقاتل في المعركة الرابحة .

    معركة الحقيقة مقابل الدجل ..

    نعم

    لقد كشف أبو عثمان كذب الشرعية الدينية وكذب الاستقرار الاقتصادي وحطم أسطورة بلد الأمن والأمان حتى أقنع الناس ان النظام هو الذي يقود البلد للفوضى وليس معارضوه.

    والفروسية الحقة التي ينتشي بمثلها الفرسان أن أبا عثمان كان عنيدا جدا في قتاله ومجالدته للباطل فكان يوجه اللكمات والرفسات ( للوزير الخالد ) كما يسميه أخونا البرادعي ويفضحه في كل كذبة يتقيؤها ولا يكل ولا يمل من توجيه الضربات حتى انتصر عليه انتصارات مذلة سيسجلها التاريخ لأبي عثمان ..

    لكن أبا عثمان لم يكسب من خلال كونه متمكنا في العرض والجدل لإقناع الناس بقوة حجته، ولم يكن مقنعا لأنه متع الناس بقدرته على تلطيش من يدافعون عن الدولة ، لم يكن مقنعا وقادرا على صنع الأحداث بسبب هذا فحسب، ولو كانت المسالة مجرد جدل يطرحه الفقيه يكسر به حجة الدولة لربما لم يتجاوز الفقيه جعل قناته إذاعة ممتعة للاستماع .

    لكنه فعل أكثر من هذا فهو لم يكن من الذين يكثرون الحز ولا يقعون على المفصل بل على العكس كان يضع النصل على المفصل ويسمي الله ثم ينحر ..

    الفقيه أدرك أن قناته لن تحقق الكثير إن كانت رسالة من طرف واحد ،
    نعم لربما يعجب به الناس ولربما يقدرون علمه ومنطقه ، لكنه لا يصنع الحدث بمجرد إعجاب الناس بعلمه ومنطقه ..
    الفقيه أدرك أن هذا الإعلام لا يحدث تغييرا إلا إذا كان تفاعليا في مشاركة ايجابية من الناس يشعر فيها كل مشارك أنه يساهم في إزالة هذه الكذبة الكبيرة ، يساهم في نزع درن الدجل من صدور الأمة .

    ونجح أيما نجاح لأنه جعل الجميع يشعر أنه مسئول عما يجري وأن الجميع مشترك في الظلم إن سكت على الظلم ، وأن كل أهل بلاد الحرمين لهم حق في محاسبة هؤلاء المنافقين المستبدين المبدلين لشرع الله الموالين لأعداء الله المستبيحين الأموال والأعراض والذمم وكل شيء يحسبونه متاعا لهم .

    وفوق هذا استطاع أبو عثمان أن يحطم قيودا نفسية واجتماعية تغلغلت في بنية المجتمع بسبب تحالف الشر القائم بين السلطان وعلماء السوء .. واستطاع أن يحطم بعض الأساطير الصحوية البالية التي كرستها الصحوة عن جهل .

    فحطم أبو عثمان اسطورة تصنيف الناس وتقسيمهم إلى ( مطوع ) و ( غير مطوع ) وجعل القسمة مختلفة تماما ، فجعل الناس نوعين ظالم ومظلوم ، وطالب المظلوم بالقيام للمطالبة بحقه من الظالم .

    فلم تعد المعارك الجانبية التي كان النظام يشغل الناس بها تشغله كقضايا السلوك الشخصي والتي أنفقت الصحوة من عمرها زمنا طويلا وجهدا كبيرا فيها، بل وجّه الفقيه الناس إلى أن يزيلوا الغشاوة وينظروا مباشرة في المحرك الأساسي للشر والفساد والمرسخ له وجعله قضايا أصلية في المجتمع. وحرض الناس على مقاومة الباطل ورفض الظلم وانتهاك الحرمات الدينية والمالية للأمة وأن هذا هو المقياس للناس وأن الذي يقول كلمة حق في وجه سلطان جائر ويرفض الظالم خير عند الله من الذي يزعم التدين وهو يرسخ للظلم والفجور باسم طاعة ولاة الأمر.. زعموا ! .

    ولهذا خرج في الاعتصامات التي دعا إلى إليها عوام من شباب الأمة أيقظهم أبو عثمان وزرع الوعي في عقولهم وعرفهم بحقوقهم المستلبة من قبل المنافقين وذكرهم بأن هؤلاء المنافقين لا مزية لهم عليهم ولا فضل ولا شرعية أصلا لهم حتى يطيعونهم، بل هم أشبه بعصابات المافيا التي تتسلط على المستضعفين وتستأثر وتستبيح كل حقوقهم.

    واستنهض أبو عثمان الهمم واستثار الحمية واستثار حفيظة القبائل وذكرها بمفاخرها وأنها قبائل عز وشرف ومروءة ونجدة فكيف تسكت على استباحة آل سلول لهم ومعاملتهم بما لا ترضاه البهائم ..

    واستطاع أبو عثمان أن يحشد الناس وراءه لترفع أصواتها في وجه الظالمين فكانت المظاهرات التي خرج فيها الألوف، ولماذا خرجوا؟ لأن أبا عثمان كشف لهم الكذبة وعرفهم بغريمهم الحقيقي والمستبد الذي تسبب لهم في كل المآسي التي يعانون منها يوميا .

    إن أعظم معجزة حققها أبو عثمان من خلال صبره كل هذه السنين وثباته على مبادئه هي أنه استطاع بنجاح منقطع النظير أن يسحق كثيرا من المفاهيم التي عبدت الناس لآل سلول وعلماء السوء وجعلت أهل الحرمين أسوأ حالا من البهائم التي لا تملك من أمرها سوى أن تسمع وتطيع وتهتف للجازرين ..

    إن ما يفعله أبو عثمان جهاد لا يقل أهمية عن جهاد السيف ، فهو جهاد يدخل في باب "كلمة حق عند سلطان جائر"، وهؤلاء تجاوزوا الجور إلى الكفر والنفاق ومولاة أعداء الله بل وجعل بلاد الحرمين وجزيرة محمد صلى الله عليه وسلم رهينة بأيدي الكفار ..

    أبو عثمان جزاه الله خيرا عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم أطلق رياح التغيير في بلاد الحرمين والتي ستقتلع في طريقها كل شجرة زقوم زرعها المستعمر البريطاني والأمريكي وعاثت في جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم فسادا طوال سبعين عاما ..

    والإبداع كل الإبداع والرجولة كل الرجولة هي أن أبا عثمان حقق بفضل الله ما حقق وهو لوحده يجالد بلسانه وقلمه جيوشا من النفاق والعمالة وصبر على ذلك سنين طويلة ، ولم يتوان ولم يشعر بضيق أو بتبرم عندما كان يصارع في البدء للخروج من انتكاسات قديمة .

    وأذكر أني قلت له قبل مدة عندما بدأت الإذاعة بالعمل ، قلت له يا أبا عثمان في البداية سوف يلتحق بك وينضم لدعوتك العوام وبسطاء الناس ، ثم سيلحق بك أشراف الناس عندما يرون الثبات والصبر وأما الذين يظنون أنفسهم من النخبة فسيحسدونك فاصبر ولا تبتئس فإنك على الحق إن شاء الله .. فقال لي مفتخرا .. هذا من فضل الله .. ألا ترى قول المشركين لنوح عليه السلام {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ} ؟ ثم أردف بأنه لن يحزن إذا لم يستجب له أحد فهمه وكفايته أن يعذر من نفسه أنه رجل رأى ظلما فاشيا وطغيانا فرفع صوته بكلمة الحق وكشف زيف الباطل ثم لا يهم ما يجري بعدها .. فقلت صدقت .. والله يقول .. {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين.}

    أما اليوم فإن الألسنة تلهج بالدعاء لأبي عثمان بالتوفيق وأن يسدد الله خطاه في كل أرجاء المجتمع .

    وبعد أيها القارئ الكريم فلقد تحدثت اليوم عن أبي عثمان ولم أتحدث عن غيره ، وكلي شوق لذكر الذين تحيا القلوب بذكرهم أعني أبا عبدالله ورجاله من المجاهدين ..

    لكن مشروع أبي عثمان وصل حدا يستلزم أن أذكره وأشكره وأثني عليه بالخير ولا أزكي على الله أحدا ، خصوصا وأن الكثيرين ممن يظنون أنهم من ( النخبة ) ومن العقلاء والمفكرين ، يتحدثون إذا تحدثوا عن أبي عثمان على سبيل التقليل من شأنه ، أو على سبيل الحسد ، واعلم رحمك الله أنه لا يقلل من شأن أبي عثمان سوى مخذول أو حاسد فالتغيير النفسي والاجتماعي الحاسم الذي يقوم به أبو عثمان من أعظم مشاريع التغيير في أحوال المسلمين اليوم .. فمفتاح التغيير الاجتماعي والنفسي في بلاد الاسلام موجود في بلاد الحرمين .. والجهد الذي يقوم به أبو عثمان سترى إذا أحياك الله أن له تأثيرا جذريا على أحوال الأمة الإسلامية جمعاء ..


    وقد أعرضت عن ذكر كثير من الأسرار ومن أخبار أبي عثمان مما يثلج صدور المؤمنين وأنا أستعجل الزمان ليأتي الوقت الذي أستطيع أن أتحدث عن أبي عثمان بدون أي حرج .. وهو قريب ، قريب جدا بإذن الله .

  • #2
    لبيك يا رسول الله

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا
      هذه الأمة على موعد مع الدم .....الدكتور الفارس
      [bimg]http://www2.0zz0.com/2008/05/13/09/175504683.jpg[/bimg]
      الشهيد الحبيب لؤي السعدي

      تعليق


      • #4


        أيها العضو الصديق لا بأس أن تؤيد رأيك بالحجة و البرهان .....

        كما لا بأس أن تنقض أدلتي ، وتزييف مما تعتقد أنك مبطل له
        .....

        لكن هناك أمر لا أرضاه لك أبدا ما حييت ، ولا أعتقد أنه ينفعك
        ؟

        الشتم و السباب

        تعليق


        • #5

          تعليق

          يعمل...
          X