الدّرر الزكية
في ما حَوتْه خطابات الشيخ أسامة
من سياسة شرعية
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد له ربّ العالمين, ناصر عباده الموحّدين, والهادي إلى صراطه المستقيم, إن اقتدوا بهدي المبعوث رحمة على العاملين, محمد بن عبد الله قائد الغرّ المحجّلين , اللهم صلّ وسلّم وبارك عليه و وعلى آله وصحبه, ومن حمل لوائه ونصر الدّين,
أمّا بعد,
في الحقيقة لقد استوقفني خطاب الشيخ المظفّر أبي عبد الله أسامة بن لادن في شعبان 1428, ذلك الخطاب الذي عنونه بــ :"خطاب إلى الشعب الأمريكي", وكانت فرائصي ارتعدت, حين سمعت الشيخ حفظه الله, يتكلّم بهذا الأسلوب وخاصّة الموضوع الذي اختاره, لم أٌرد ان أخط تحليلي للمقال حينها فلقد أيقنت حينها :ان لسان الحال يقول للأمريكان :"ويل لكم من شرّ قد اقترب !!" وشاء الله أن لا أكتب حينها ..
إلا أنني بعد استماعي إلى الخطابين الأخيرين للشيخ اطماننت بكون من أرسلت إليه بيعتي هو حقا من أتشرّف بولايته على أموري!
كيف لا وأنا أنظر إلى مخنّثين عرب إن اجتمعوا كلّهم ولبسوا أغلى ما يملكون, وعنونوا اجتماعهم باجمل وأقوى عنوان يطرق سامعك... وزادوا عليه بورقة سمّوها البيان النهائي لاجتماع زعامات العرب !!..لم يكترث بهم أحقر أوروببي.. فضلا عن زعيمهم ..ولن يزيدوا على تغيير القناة لا مبالين بما يروه امامهم من بطون فاظت على طاولة ما يسمّى القمّة العربية !!,
غير أن وليّ أمري.. ما أن يزأر ..! إلا وزعامات من لا يعرف لنسبهم أصل!!, ولا لهم شرف.. ولا تاريخ يشهد بحسن صنيعهم... إلا وتراهم راكعين جاثين على ركبهم آمريين جندهم ومحلّليهم واختصاصييهم ,بتحليل كل كلمة ..بل كلّ حركة يقوم بها هذا الأسد, !!
لأنّهم علموه وخبروه ... هو : يفعل!!
فبناء على هذا ,راجعت بفكري وبدأت كتابة هذه السلسة الصغيرة التي أرجوا من الله ان ينزل فيها من التوفيق والبركة ما لا يعلمه إلا هو فهو الامل, وفيه الرجاء.. متوكلا عليه مؤمنا بقوله تعالى:" ربّكم أعلم بما في نفوسكم . إن تكونوا صالحين فإنّه كان للأوّابين غفورا " وقوله سبحانه :" إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا ممّا أخذ منكم ويغفر لكم. والله غفور رحيم", طالبا منه العون والإخلاص فهو ولي كل جميل.. وهو حسبنا ونعم الوكيل.
أبدأ إذن بتذكير القارئ , المسلم والكافر, أقول الكافر لعلمي اليقيني بمن يقرأ معنا المقالات ..فلا يتحرّجوا.. فنحن نعلم أنّهم في ما بيننا وأخصّ بالذّكر اتباع راند والسيت إنستيتيوت وأبناء عمّهم !!
إذن أذكّر الكل بثلاث خطابات مهمّة والتي ستكون موضوع سلسلتنا هذه :
*خطاب الحرب الأخير الذي ألقاه الأسامة القحطاني أبي عبد الله, و الموجة التي سببها في القارة القديمة أوربا من رعب وبداية بالمطالبة بحوار للأديان من جديد.
* ومن قبلها ..خطاب شعبان 1428 الموافق سبتمبر 2007: رسالة للشعب الأمريكي, وما بيّنه لهم من محاسن للإسلام
*و من قبلها ..خطاب 25 سفر لعام 1425 الموافق لــ 15 أبريل 2004 وهو الهدنة لأوربا وتحييد الخصوم.
إذن لعلّي أبدأ بهذا الخيط وهو خطاب الهدنة المقترحة لأوربا وهو ما سيكون أول مقال في هذه السلسلة إن شاء الله.
الهدنة المقترحة وتحييد الخصوم
خطاب 25 سفر لعام 1425
أبدأ بتعريف الهدنة أولا:
الهدنة في مصطلح الحروب هو مطلب يقوم به طرف محارب لغريمه إذا ما أحسّ الأول أنّه بصدد فقدانه للمبادرة.
ولنبسّط المفاهيم أكثر ففيه إفادة لما سيأتي..
قلت إذن حين فقدان المبادرة ,لا الضعف أو استشراف الهزيمة, لأن الكثير منّا يبتدر إلى ذهنه أنّ من يطلب الهدنة ..عادة ما يكون في موقف ضعف.. وفي الحقيقة نعم ولا !!
- نعم: لأن هذا ما نراه غالبا في الصراعات
- لا : بالنسبة للمنظور الإسلامي في السياسة الشرعية والقارئ للتاريخ يعلم قطعا أنّنا لا نهادن من منطلق ضعف بل من منطلق تقديم مصلحة أو درأ مفسدة.
ومن أروع الأمثلة التي سطّرها التاريخ ما قام به الذي لا ينطق عن الهوى, في صلح الحديبية, حيث عقد الهدنة مع قريش , مع انّه لو أراد , صلوات ربي وسلامه عليه, لصبّحهم بـعشرة آلف مسلم يطوفون بالكعبة ,ورؤوس الكفر مغلولة في أصصفاد الأسر.. ينظرون!
لكن أقتظت حكمة علام الغيوب أن يمضي أمر الصلح, وتٌفتح الجبهات يمنة ويسرة , ويمضي أمر الدعوة بسرعة أكثر من التي كانت عليها حينها ... وقد تمّ !
من هنا, نرجع بالتاريخ إلى سنة 2001 ..ونقف على جبال تورا بورا ..ناظرين بعين الحياد إلى جبال تطوف من بينها مروحيات أمريكية .. ومن أعلى منها .. فوق السحاب..رجال يوحّدون العلي القدير, وفوق أكتافهم قاذفات آر بي جي ورشّاشات ثقيلة يصطادون بها هذه المروحيات كما يصطاد الواحد منّا الخنافيس من تحت رجله!!
طبعا المروحيّات لها حدود تحليق, لا تستطيع إجتيازها, إلا أن هؤلاء الرّجال من فوقهم لا حدود لعزيمتهم !!
لذلك صعدوا فوق رؤوس الجبال للتّصدّي لهذه الآلات الحديثة, شاكين إلى الله قلّة النّصير.. فرزقهم ربّهم الرّفعة في الدّارين بان جعلهم فوق شمّ السحاب فعلا! يرشقون عدوّهم نار اللّظى!
وكان ما علمه العدوّ والصديق :خسائر فادحة للعدو, حتّى أنّ المجاهدون كانوا يفخّخون أجسام العلوج, وما ان يحمل الأرجاس قتلاهم في المروحية إلا وهي شعلة من النّيران في السّماء بعد أن داس أحد الإخوة زرّ التّحكّم عن بعد ورجع يترشّف كوب شايه!
أعقب هذا النّصر العسكري المؤزّر, اعتراف من القاصي والدّاني بالخسائر الفادحة للعدو وعويل الكلب رامسفيلد إلى خادمه مشرّف بأن يرسل إليه المدد, وما زاده خادمه إلا خبالا !
مضت الأشهر, ثمّ طلع بدر التّمام, أبي عبد الله نصره الله, وخطب للقارّة الأوربية ولكلّ المقاطعات الأمريكية لكن كلّ على حدة, ونصحهم بالإبتعاد عن بؤرة الصراع ولاإلتزام بعرض مريح وهي هدنة تعصم الدّماء وتنجيهم من رجس العذاب الأليم, والهزيمة المحتّمة على أراضي المسلمين, مذكّرا إيّاهم بأن شواطئهم على مرمى حجر من شواطئنا و ضاربا لهم مثل السّويد التي لم تلطّخ ايديها ( آن ذاك) بالإعتداء على المسلمين.. وبناءً على ذلك فإن قاعدة الجهاد العالمية لن تعتبرها هدفا لأنياب ليوثها المتربّصة في جنبات العالم والتي لا تريد إلا ضوء أخضر للوثوب.
هنا أستوقف المحلّلين الماليّين, الّذين أعلم يقينا أنّ لهم معرّفات معنا ويقرؤون مقالاتنا, ويعطون تقاريرهم إلى شركاتهم, وذلك في رصد وتقييم لمؤشّر الخطر الذي يٌؤثّر على قراراتهم ومدى نجاعت أو خطورت الإستثمار هنا أو هناك..
أقول لهم: دقّوا أجراس الإنذار عند شركاتكم, فالضوء الأخضر قد أعطي فعلا حينما ترشّف الشيخ أبي عبد الله الشّاي الأخضر, وهو حينها بجوار أبي حفص المصري رحمه الله وأبو الغيث فكّ الله أسره, وتلك الحركة رآها العالم بأسره....حتّى نحن!
لست هنا بصدد كشف سرّ, فالأمر قد تمّ ! فعلا والمرحلة قد اجتيزت... وراعي البقر المغرور يوهم الكونغرس ودافعي الضرائب أنّه يحرز نصرا, وفي حقيقة الأمر ما هو إلا يلقي بملايين من الدولارات في الرمال الخالية وعلى صخور الجبال ويصيح انتصرت!! انتصرت!! والنّتيجة تعلموناها وأعلمها :
كرزاي...
ومن ورائه النّاتو...
ومن ورائهم أمريكا.... لا يتحكّمون اليوم سوى في الطرقات, أقول الطّرقات لـ 30% من كامل أفغانستان...
وقاعدة الجهاد العالمية وطالبان ...زاد أمرها, وقويت شوكتها, وكبرت شعبيتها.
الآن ,أرجع ممسكا آخر هذا الخيط , وقد أنهيت حديثي للمحلّلين الماليين تاركا لهم الأمر واقعا بين أيديهم, وأتوجّه بخيطي هذا إلى إخوتي الإيمان وأقول لهم: أرأيتم ؟!!!
ألم يقل ربّكم :" ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين"
بدأ البلبلة تدخل في الصفوف حينما سمعتم هذا الخطاب من أميركم, وزاد عليكم المرجّفون بتحاليلهم الواهية تاركين فيكم الإنطباع أنّ القاعدة تعدّ أنفاسها !! اظروا الآن من حولكم يمنة ويسرة.. واحكموا بأنفسكم عن حال قاعدة الجهاد !
ولن أكتفي بهذا بل سأبيّن لكم أهمّ ما قد حصّلناه في هذه الهدنة :
أوّلا..بيّنّا للعالم أسره أنّ قائدنا قد أعذر للغرب منذ سنوات, وهذا من السّياسة الشرعية التي يتّهمنا بتركها أولي القربى, والله المستعان,
صحيح أنّ ألمانيا حينها قد قامت بتسريح أخونا المغربي المحكوم عليه ظلما أنّه مشترك في خليّة ألمانيا لعملية 11 سبتمبر المباركة, وصحيح انّنا رأينا ذلك أيظا في فرنسا من تخفيف للأحكام على الكثير من إخوتنا المسلمين المحكوم عليهم في قظايا الجهاد..!
لكن هذا لم يعجب راعي البقر الأمريكي فظغط عليهم وراجعت ألمانيا الحكم مع أنّه كان حينها القرار النّهائي الذي لا يقبل للنقض!!
ظغطت على السّويد أيظا وأشركتها في حملتها الصّليبية مباشرة بعد هذا الخطاب!!
طبعا ظغطت على كلّ العالم في ثورة جنونها والكل انصاع..
من كان يعدّ نفسه بطلا قوميا ظانّا أن الكلام القوي سينجيه هذه المرّة كمسيلمة ليبيا ومن كان يعتبر نفسه الصّديق الحميم والجار المرحاب ككندا .. الكل في خندق واحد, بل المبدأ هو :الأكثر ضعفا هو الأول والأيسر .. فتمّ إقحام الكنديّين في أقرب خطّ للمواجهة مع الليوث وكانوا أوّل من صاح طالبا الفرار..
ثاني نقطة ربحناها هي كشفٌنا للغرب أنّ هذا المزعوم زورا بصديقهم الحميم لا يرقب فيهم إلا ولا ذمّة.. وكثيرا ما نسمع عن قصص النيران الصّديقة !! أنا أعرف النّاره..هي نار! قهاهو يقحمكم في مرمى نيراننا ونيرانهم وهو يجوب السماء من طائراته ويقول امضوا فنحن هاهنا محلّقون !!
ثالث ما ربحناه بعد هذا الخطاب إظهار الأقزام للشعوب المسلمة وكيف أنّ زعاماتهم الواهية ما هي إلا دمى ميّتة يحرّكها زعيمهم الأمريكي بفاكس من الكونغرس.. وإن شئتم ارجعوا إلى الفاكس الذي أراه مسيلمة ليبيا إلى قنة الجزيرة حيث أعلمها بالقرار الذي سيتّخذه الزّعماء في قمّتهم يوم غد.. ذلك القرار الذي أتاهم من أمريكا وخرج بعدها فرعون مصر وفاه كالعادة مملوء بزبد الغضب ويلوّح بيده على جنون جاره! ألم تظحكوا من ذلك المنظر ؟ أن حقيقة ظحكت!
رابع ما حقّقناه هو بيان أنّ دعوتنا هذه ليست بدعوة متعطّشة للدماء بل هي لحقن الدّماء, ولخير كلى الفرقين ..إن رضوا بحسن الجيرة والإنضواء في قارّتهم, ناظرين في مشاكلهم الدّاخلية, تاركيننا وشأننا مع هذا الثّور الكرتوني .فالأمر إذن يجري بحسابات السياسة الشّريعةو نحن مطابين بأخذ الأسبابو ما النصر إلا من عند الله.
خامسا انشار الجبهات يمنة ويسرة في أرجاء المعمورة لا سيّما في بلاد الرّافدين, وتكوين قاعدة إسلامية متقدّمة لتجييش المسلمين, وتهيأت الموجة القادمة..ويا ليت إخوتي يقارنون بين هذه الخطوات وما قام به الأمير عزّالدين زنكي.
أكتفي بهذا القدر حتّى لا أطيل..
وأواصل تتمّة السلسلة إن شاء الله حتى نسبر معا, النفائس في السياسة الشّرعية لأبي عبد الله القحطاني حفظه الله,
والله أعلم,
وصلّى الله على نبيّه الكريم, وعلى آله وصحبه ومن أقتدى بهديهم إلى يوم الدّين,
سبحان ربّك ربّ العزّة عنّا يصفون,
وسلام على المرسلين,
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
_____________
كتبه الرّاجي فرج ربّه
إستراتيجي
7 من ربيع الثّاني 1429
في ما حَوتْه خطابات الشيخ أسامة
من سياسة شرعية
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد له ربّ العالمين, ناصر عباده الموحّدين, والهادي إلى صراطه المستقيم, إن اقتدوا بهدي المبعوث رحمة على العاملين, محمد بن عبد الله قائد الغرّ المحجّلين , اللهم صلّ وسلّم وبارك عليه و وعلى آله وصحبه, ومن حمل لوائه ونصر الدّين,
أمّا بعد,
في الحقيقة لقد استوقفني خطاب الشيخ المظفّر أبي عبد الله أسامة بن لادن في شعبان 1428, ذلك الخطاب الذي عنونه بــ :"خطاب إلى الشعب الأمريكي", وكانت فرائصي ارتعدت, حين سمعت الشيخ حفظه الله, يتكلّم بهذا الأسلوب وخاصّة الموضوع الذي اختاره, لم أٌرد ان أخط تحليلي للمقال حينها فلقد أيقنت حينها :ان لسان الحال يقول للأمريكان :"ويل لكم من شرّ قد اقترب !!" وشاء الله أن لا أكتب حينها ..
إلا أنني بعد استماعي إلى الخطابين الأخيرين للشيخ اطماننت بكون من أرسلت إليه بيعتي هو حقا من أتشرّف بولايته على أموري!
كيف لا وأنا أنظر إلى مخنّثين عرب إن اجتمعوا كلّهم ولبسوا أغلى ما يملكون, وعنونوا اجتماعهم باجمل وأقوى عنوان يطرق سامعك... وزادوا عليه بورقة سمّوها البيان النهائي لاجتماع زعامات العرب !!..لم يكترث بهم أحقر أوروببي.. فضلا عن زعيمهم ..ولن يزيدوا على تغيير القناة لا مبالين بما يروه امامهم من بطون فاظت على طاولة ما يسمّى القمّة العربية !!,
غير أن وليّ أمري.. ما أن يزأر ..! إلا وزعامات من لا يعرف لنسبهم أصل!!, ولا لهم شرف.. ولا تاريخ يشهد بحسن صنيعهم... إلا وتراهم راكعين جاثين على ركبهم آمريين جندهم ومحلّليهم واختصاصييهم ,بتحليل كل كلمة ..بل كلّ حركة يقوم بها هذا الأسد, !!
لأنّهم علموه وخبروه ... هو : يفعل!!
فبناء على هذا ,راجعت بفكري وبدأت كتابة هذه السلسة الصغيرة التي أرجوا من الله ان ينزل فيها من التوفيق والبركة ما لا يعلمه إلا هو فهو الامل, وفيه الرجاء.. متوكلا عليه مؤمنا بقوله تعالى:" ربّكم أعلم بما في نفوسكم . إن تكونوا صالحين فإنّه كان للأوّابين غفورا " وقوله سبحانه :" إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا ممّا أخذ منكم ويغفر لكم. والله غفور رحيم", طالبا منه العون والإخلاص فهو ولي كل جميل.. وهو حسبنا ونعم الوكيل.
أبدأ إذن بتذكير القارئ , المسلم والكافر, أقول الكافر لعلمي اليقيني بمن يقرأ معنا المقالات ..فلا يتحرّجوا.. فنحن نعلم أنّهم في ما بيننا وأخصّ بالذّكر اتباع راند والسيت إنستيتيوت وأبناء عمّهم !!
إذن أذكّر الكل بثلاث خطابات مهمّة والتي ستكون موضوع سلسلتنا هذه :
*خطاب الحرب الأخير الذي ألقاه الأسامة القحطاني أبي عبد الله, و الموجة التي سببها في القارة القديمة أوربا من رعب وبداية بالمطالبة بحوار للأديان من جديد.
* ومن قبلها ..خطاب شعبان 1428 الموافق سبتمبر 2007: رسالة للشعب الأمريكي, وما بيّنه لهم من محاسن للإسلام
*و من قبلها ..خطاب 25 سفر لعام 1425 الموافق لــ 15 أبريل 2004 وهو الهدنة لأوربا وتحييد الخصوم.
إذن لعلّي أبدأ بهذا الخيط وهو خطاب الهدنة المقترحة لأوربا وهو ما سيكون أول مقال في هذه السلسلة إن شاء الله.
الهدنة المقترحة وتحييد الخصوم
خطاب 25 سفر لعام 1425
أبدأ بتعريف الهدنة أولا:
الهدنة في مصطلح الحروب هو مطلب يقوم به طرف محارب لغريمه إذا ما أحسّ الأول أنّه بصدد فقدانه للمبادرة.
ولنبسّط المفاهيم أكثر ففيه إفادة لما سيأتي..
قلت إذن حين فقدان المبادرة ,لا الضعف أو استشراف الهزيمة, لأن الكثير منّا يبتدر إلى ذهنه أنّ من يطلب الهدنة ..عادة ما يكون في موقف ضعف.. وفي الحقيقة نعم ولا !!
- نعم: لأن هذا ما نراه غالبا في الصراعات
- لا : بالنسبة للمنظور الإسلامي في السياسة الشرعية والقارئ للتاريخ يعلم قطعا أنّنا لا نهادن من منطلق ضعف بل من منطلق تقديم مصلحة أو درأ مفسدة.
ومن أروع الأمثلة التي سطّرها التاريخ ما قام به الذي لا ينطق عن الهوى, في صلح الحديبية, حيث عقد الهدنة مع قريش , مع انّه لو أراد , صلوات ربي وسلامه عليه, لصبّحهم بـعشرة آلف مسلم يطوفون بالكعبة ,ورؤوس الكفر مغلولة في أصصفاد الأسر.. ينظرون!
لكن أقتظت حكمة علام الغيوب أن يمضي أمر الصلح, وتٌفتح الجبهات يمنة ويسرة , ويمضي أمر الدعوة بسرعة أكثر من التي كانت عليها حينها ... وقد تمّ !
من هنا, نرجع بالتاريخ إلى سنة 2001 ..ونقف على جبال تورا بورا ..ناظرين بعين الحياد إلى جبال تطوف من بينها مروحيات أمريكية .. ومن أعلى منها .. فوق السحاب..رجال يوحّدون العلي القدير, وفوق أكتافهم قاذفات آر بي جي ورشّاشات ثقيلة يصطادون بها هذه المروحيات كما يصطاد الواحد منّا الخنافيس من تحت رجله!!
طبعا المروحيّات لها حدود تحليق, لا تستطيع إجتيازها, إلا أن هؤلاء الرّجال من فوقهم لا حدود لعزيمتهم !!
لذلك صعدوا فوق رؤوس الجبال للتّصدّي لهذه الآلات الحديثة, شاكين إلى الله قلّة النّصير.. فرزقهم ربّهم الرّفعة في الدّارين بان جعلهم فوق شمّ السحاب فعلا! يرشقون عدوّهم نار اللّظى!
وكان ما علمه العدوّ والصديق :خسائر فادحة للعدو, حتّى أنّ المجاهدون كانوا يفخّخون أجسام العلوج, وما ان يحمل الأرجاس قتلاهم في المروحية إلا وهي شعلة من النّيران في السّماء بعد أن داس أحد الإخوة زرّ التّحكّم عن بعد ورجع يترشّف كوب شايه!
أعقب هذا النّصر العسكري المؤزّر, اعتراف من القاصي والدّاني بالخسائر الفادحة للعدو وعويل الكلب رامسفيلد إلى خادمه مشرّف بأن يرسل إليه المدد, وما زاده خادمه إلا خبالا !
مضت الأشهر, ثمّ طلع بدر التّمام, أبي عبد الله نصره الله, وخطب للقارّة الأوربية ولكلّ المقاطعات الأمريكية لكن كلّ على حدة, ونصحهم بالإبتعاد عن بؤرة الصراع ولاإلتزام بعرض مريح وهي هدنة تعصم الدّماء وتنجيهم من رجس العذاب الأليم, والهزيمة المحتّمة على أراضي المسلمين, مذكّرا إيّاهم بأن شواطئهم على مرمى حجر من شواطئنا و ضاربا لهم مثل السّويد التي لم تلطّخ ايديها ( آن ذاك) بالإعتداء على المسلمين.. وبناءً على ذلك فإن قاعدة الجهاد العالمية لن تعتبرها هدفا لأنياب ليوثها المتربّصة في جنبات العالم والتي لا تريد إلا ضوء أخضر للوثوب.
هنا أستوقف المحلّلين الماليّين, الّذين أعلم يقينا أنّ لهم معرّفات معنا ويقرؤون مقالاتنا, ويعطون تقاريرهم إلى شركاتهم, وذلك في رصد وتقييم لمؤشّر الخطر الذي يٌؤثّر على قراراتهم ومدى نجاعت أو خطورت الإستثمار هنا أو هناك..
أقول لهم: دقّوا أجراس الإنذار عند شركاتكم, فالضوء الأخضر قد أعطي فعلا حينما ترشّف الشيخ أبي عبد الله الشّاي الأخضر, وهو حينها بجوار أبي حفص المصري رحمه الله وأبو الغيث فكّ الله أسره, وتلك الحركة رآها العالم بأسره....حتّى نحن!
لست هنا بصدد كشف سرّ, فالأمر قد تمّ ! فعلا والمرحلة قد اجتيزت... وراعي البقر المغرور يوهم الكونغرس ودافعي الضرائب أنّه يحرز نصرا, وفي حقيقة الأمر ما هو إلا يلقي بملايين من الدولارات في الرمال الخالية وعلى صخور الجبال ويصيح انتصرت!! انتصرت!! والنّتيجة تعلموناها وأعلمها :
كرزاي...
ومن ورائه النّاتو...
ومن ورائهم أمريكا.... لا يتحكّمون اليوم سوى في الطرقات, أقول الطّرقات لـ 30% من كامل أفغانستان...
وقاعدة الجهاد العالمية وطالبان ...زاد أمرها, وقويت شوكتها, وكبرت شعبيتها.
الآن ,أرجع ممسكا آخر هذا الخيط , وقد أنهيت حديثي للمحلّلين الماليين تاركا لهم الأمر واقعا بين أيديهم, وأتوجّه بخيطي هذا إلى إخوتي الإيمان وأقول لهم: أرأيتم ؟!!!
ألم يقل ربّكم :" ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين"
بدأ البلبلة تدخل في الصفوف حينما سمعتم هذا الخطاب من أميركم, وزاد عليكم المرجّفون بتحاليلهم الواهية تاركين فيكم الإنطباع أنّ القاعدة تعدّ أنفاسها !! اظروا الآن من حولكم يمنة ويسرة.. واحكموا بأنفسكم عن حال قاعدة الجهاد !
ولن أكتفي بهذا بل سأبيّن لكم أهمّ ما قد حصّلناه في هذه الهدنة :
أوّلا..بيّنّا للعالم أسره أنّ قائدنا قد أعذر للغرب منذ سنوات, وهذا من السّياسة الشرعية التي يتّهمنا بتركها أولي القربى, والله المستعان,
صحيح أنّ ألمانيا حينها قد قامت بتسريح أخونا المغربي المحكوم عليه ظلما أنّه مشترك في خليّة ألمانيا لعملية 11 سبتمبر المباركة, وصحيح انّنا رأينا ذلك أيظا في فرنسا من تخفيف للأحكام على الكثير من إخوتنا المسلمين المحكوم عليهم في قظايا الجهاد..!
لكن هذا لم يعجب راعي البقر الأمريكي فظغط عليهم وراجعت ألمانيا الحكم مع أنّه كان حينها القرار النّهائي الذي لا يقبل للنقض!!
ظغطت على السّويد أيظا وأشركتها في حملتها الصّليبية مباشرة بعد هذا الخطاب!!
طبعا ظغطت على كلّ العالم في ثورة جنونها والكل انصاع..
من كان يعدّ نفسه بطلا قوميا ظانّا أن الكلام القوي سينجيه هذه المرّة كمسيلمة ليبيا ومن كان يعتبر نفسه الصّديق الحميم والجار المرحاب ككندا .. الكل في خندق واحد, بل المبدأ هو :الأكثر ضعفا هو الأول والأيسر .. فتمّ إقحام الكنديّين في أقرب خطّ للمواجهة مع الليوث وكانوا أوّل من صاح طالبا الفرار..
ثاني نقطة ربحناها هي كشفٌنا للغرب أنّ هذا المزعوم زورا بصديقهم الحميم لا يرقب فيهم إلا ولا ذمّة.. وكثيرا ما نسمع عن قصص النيران الصّديقة !! أنا أعرف النّاره..هي نار! قهاهو يقحمكم في مرمى نيراننا ونيرانهم وهو يجوب السماء من طائراته ويقول امضوا فنحن هاهنا محلّقون !!
ثالث ما ربحناه بعد هذا الخطاب إظهار الأقزام للشعوب المسلمة وكيف أنّ زعاماتهم الواهية ما هي إلا دمى ميّتة يحرّكها زعيمهم الأمريكي بفاكس من الكونغرس.. وإن شئتم ارجعوا إلى الفاكس الذي أراه مسيلمة ليبيا إلى قنة الجزيرة حيث أعلمها بالقرار الذي سيتّخذه الزّعماء في قمّتهم يوم غد.. ذلك القرار الذي أتاهم من أمريكا وخرج بعدها فرعون مصر وفاه كالعادة مملوء بزبد الغضب ويلوّح بيده على جنون جاره! ألم تظحكوا من ذلك المنظر ؟ أن حقيقة ظحكت!
رابع ما حقّقناه هو بيان أنّ دعوتنا هذه ليست بدعوة متعطّشة للدماء بل هي لحقن الدّماء, ولخير كلى الفرقين ..إن رضوا بحسن الجيرة والإنضواء في قارّتهم, ناظرين في مشاكلهم الدّاخلية, تاركيننا وشأننا مع هذا الثّور الكرتوني .فالأمر إذن يجري بحسابات السياسة الشّريعةو نحن مطابين بأخذ الأسبابو ما النصر إلا من عند الله.
خامسا انشار الجبهات يمنة ويسرة في أرجاء المعمورة لا سيّما في بلاد الرّافدين, وتكوين قاعدة إسلامية متقدّمة لتجييش المسلمين, وتهيأت الموجة القادمة..ويا ليت إخوتي يقارنون بين هذه الخطوات وما قام به الأمير عزّالدين زنكي.
أكتفي بهذا القدر حتّى لا أطيل..
وأواصل تتمّة السلسلة إن شاء الله حتى نسبر معا, النفائس في السياسة الشّرعية لأبي عبد الله القحطاني حفظه الله,
والله أعلم,
وصلّى الله على نبيّه الكريم, وعلى آله وصحبه ومن أقتدى بهديهم إلى يوم الدّين,
سبحان ربّك ربّ العزّة عنّا يصفون,
وسلام على المرسلين,
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
_____________
كتبه الرّاجي فرج ربّه
إستراتيجي
7 من ربيع الثّاني 1429
تعليق