إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الفرقة الناجية بين الأسباب الشرعية والأسباب الشركية في دفع البلية/ الشيخ أبو الحارث

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفرقة الناجية بين الأسباب الشرعية والأسباب الشركية في دفع البلية/ الشيخ أبو الحارث

    بسم الله الرحمن الرحيم




    الفرقة الناجية بين الأسباب الشرعية والأسباب الشركية في دفع البلية







    الشيخ أبو الحارث الأنصاري






    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، والرحمة والرضوان على الصحب والآل، ثم أما بعد:
    فما زال الغرق هو حال الأمة، غرق في العقل والمنطق الذي نصَّبه الناس حاكماً على الشرع الحنيف، وبه تتعالى الأصوات الداعية لتحكيم الواقعية والعصر فيما يشغل الناس، ومن ثَم يقوم أذكاهم ليصبغ الحلول العقلية النفسية بالصبغة الإسلامية من خلال تأصيل المسائل على قواعد صحيحة في ذاتها، صريحة في مدلولها، ولكنها لم توضع في محلها، لتمنع الأمة عن النهضة وما خُلقت من أجله، بدل العمل من بعد العلم.

    وتوالت على الأمة البلايا والرزايا تكبلها عن الانطلاق نحو سماء الرفعة، فرضي الأعداء بخلودها إلى الأرض، وألزموها بما تستغني بربها عنه، وضيقوا عليها، لتصبح لهم تابعة، وفي فلكهم سائرة، وأوهموها أن لا غنى لها عنهم، ومن ثم ألجئوها للتبعية والانقياد، فلما سلَّمت لهم عناقها أزلوها ثم أذلوها، ولما رضيت بالهوان هانت على عدوها، فصارت وصاروا كأخرس أشأم أعمى ضل في بيداء تحدها البحار من كل جانب، ينادي أصم في مفازة أخرى، حاصروها وضيقوا عليها، فلم تجد فكاكاً بكتاب ربها وسنة نبيها لقناعتها أو هكذا سولت لها نفسها بعد أعوام المرض الذي ألم بها، أن جحر الضب هو الخلاص، وحذو القذة بالقذة هو النجاة، ولم تدري أن دون كمها الأفق الشاسع، ودون سم الخياط عالم فسيح.

    وحين زاد الحصار والضيق على الأمة، خرج أكثر أبنائها عن طور العبادة ودخلوا جهلاً أو قصداً في الشرك برب الأرباب، فقاموا يطلبوا من غير الله جلب النفع أو دفع الضر أو تصريف الكرب أو صرف الهم، وغفلوا عن قوله تعالى: "وَلاَتَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَالاَ يَنفَعُكَ وَلاَيَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًامِّنَ الظَّالِمِينَ"[يونس 106]، ونسوا قول الله: "وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّ نيَدْعُومِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىيَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ"[الأحقاف 5].

    وقد وقع أكثر الأمة في هذا الضرب من الشرك غفر الله لهم، فصرفوا الطلب لغير الله، ووقعوا بذلك في شرك الطلب، حكاماً ومحكومين:

    فأما حكاماً فهو الطلب من غير الله تفريج ما ألم بالأمة من كربات، فعند كل نازلة تخرج الأبواق الحاكمة تدعو إلى عقد المؤتمرات العالمية بمشاركة دول الكفر والإلحاد، لبحث الأزمات ووضع سبل الخروج منها، وآلية تصريفها، والتوجه لمثل هذه المسميات الكافرة من هيئة أمم أو اتحاد عالمي أو لجنة رباعية هو من الشرك الأكبر المخرج من الملة.

    وهم بهذا يصرفون الدعاء لغير الله فيما لا يُصرف إلا لله وحده، فهو الواحد سبحانه القادر على دفع الضر وجلب النفع للعباد، وأما غيره فلا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً.
    ومن جهة أخرى تتوجه الدعوات والمطالبات للدول للاجتماع وتفعيل دورها والقيام بواجبها في سبيل رفع الحصار ومحاربة الفقر والجوع، وهذا إشراك بالله في أخص خصوصياته سبحانه جل في علاه، قال تعالى على لسان الخليل: "وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَاتَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى
    أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا" [مريم 48].

    قال سليمان آل الشيخ في تيسير العزيز الحميد: (اعلم أن العلماء أجمعوا على أن من صرف شيئاً من نوعي الدعاء - دعاء العبادة ودعاء المسألة- لغير الله فهو مشرك ولو قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله وصلى وصام؛ إذ شرط الإسلام مع التلفظ بالشهادتين أن لا يعبد إلا الله، فمن أتى بالشهادتين وعبد غير الله فما أتى بهما حقيقة وإن تلفظ بهما، كاليهود الذين يقولون: لا إله إلا الله وهم مشركون، ومجرّد التلفّظ بهما لا يكفي في الإسلام بدون العمل بمعناهما واعتقاده إجماعاً).
    وقال: (والآية نص في أن دعاء غير الله والاستغاثة به شرك أكبر.


    ولهذا قال: "وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ"[يونس:107]، لأنه المتفرد بالملك والقهر والعطاء والمنع، ولازم ذلك إفراده بتوحيد الإلهية لأنهما متلازمان، وإفراده بسؤال كشف الضر وجلب الخير، لأنه لا يكشف الضر إلا هو، ولا يجلب الخير إلا هو، "مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" [فاطر:4]،

    فتعيّن أن لا يدعَى لذلك إلا هو، وبطل دعاء مَن سواه ممن لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً فضلاً عن غيره، وهذا ضدّ ما عليه عبّاد القبور، فإنهم يعتقدون أن الأولياء والطواغيت الذين يسمونهم المجاذيب ينفعون ويضرون، ويمَسّون بالضر ويكشفونه، وأن لهم التصرف المطلق في الملك).

    وأما المحكومين فقد ظنوا أن الحل الأمثل بتلك الديمقراطية الزائفة التي سمحت لهم بالتعبير عن رأيهم، وحرية فكرهم، وإنما دفعت بخبثها الناس للإشراك بالله، فأباحت لهم القيام بالمظاهرات وعقد المؤتمرات، يطلبون ويطالبون من خلالها الزعامات والحكومات أن تتحمل المسئولية وتعمل على رفع الحصار، ودفع الأضرار، وإزالة البلايا والرزايا، وهذا هو الشرك الأكبر، الطلب من المخلوق ما لا يمكن إلا للخالق صرفه، والفاعل لهذا إن كان يقصده فقد خرج من الملة وبرئ من الإسلام، ومن جَهِله فحقه أن يعلمه، ويسأل عنه، فإنما شفاء العي السؤال، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أخرجه أبو داود.

    وللنظر لهذا المقام السامي والمكان العالي، وهو التوجه إلى الله بالطلب، وكيف كان عاقبة من يخالف هذا الحكم ويبحث عن الحلول عند غير الله كيف يوقع أضعاف ما كان، وكأن الابتلاء والبلاء يزداد بالطلب من غير الله، ولننظر لحال سيدنا يوسف على نبينا وعليه أفضل الصلاة والتسليم حين توجه لمن كان معه في السجن ليذكره عند ربه، بعد أن علم أن هذا السجين سيصبح ساقي الملك ونديمه، "وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ"، هو مجرد طلب أن يذكر له صاحباً في السجن بريئاً من تهمة وجريمة لم يرتكبها، فكان مقام التعليم الرباني لنبيه والاصطفاء لعبده، والتذكير لحبيبه: "فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ"، فكانت عاقبة الطلب، "فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ"، هي بضع سنين قد تصل لتسع، وقد جاء في بعض روايات التفسير أنها سبع.

    سبع سنين تأخر فيها الفرج لمجرد أن توجه سيدنا يوسف صلى الله عليه وسلم بالطلب من صاحبه، والتوجه بمثل هذه المطالب من باب إعانة الناس للناس صحيح، ولكن مقام الأنبياء أكبر من أن يخالطه أفعال سائر الناس.

    لذا فانا نقول بقول الواثق بربه، لا يجوز بحال ولا يحل خروج الناس في تظاهرات يطالبون فيها كائناً من كان من محافل دولية أو عربية للقيام فيما تظنه الشعوب من حقها، فالأمر بيد الله سبحانه إن شاء عذب وان شاء غفر، ومما يفيد في هذا الموضع أنه قد استشهد أحد المشايخ برواية جاء فيها أن عمر بن الخطاب وحمزة رضي الله عنهما قد خرجا في مكة كل واحد منهما على رأس صف، يكبران ويلبيان، فاعتبره الشيخ يدل على خروج التظاهرة، وقد رد عليه الشيخ ابن باز حينها بجواب مجمله في نقطتين:

    الأولى: أن الرواية لم تثبت بسند صحيح، وما لم يصح سنده لا يحتج به، أن الفعل الشرعي لا يجوز إلا بدليل والدليل ممتنع لضعف الرواية.

    والثانية: أن هذا مما ابتدعه الكفار فلا يجوز مشابهتهم في أفعالهم وتصرفاتهم.
    ولا نتقول على الشيخ لأنا نعتمد على الذاكرة.

    ونزيد أن هذا الفعل مما اخترعه الكفار وأجازوه من باب الديمقراطية، واعتبار الشعب هو الإله المشرع، فبخروجهم يُغيرون القوانين ويُلزمون حكوماتهم بالانصياع لمطالبهم، أما أهل الإسلام فيكفيهم كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم هادياً ومرشداً.

    و نورد هنا أسباب لدفع البلاء، هي أسباب شريعة قامت عليها الأدلة من الكتاب والسنة، وليحذر أحد الخلق أن يسمنا بغير الواقعية، وأن الكلمات من نوع المستورد الجاهز، فان من المعلوم أن المظاهرات لو خرجت وها هي تخرج لم تؤتِ ثمارها وما قامت من أجله، بل تنتهي بكل ما فيها وكل مطالبها عند لحظة الانفضاض، أليس بأولى التوجه بما أمرنا به سبحانه وتكفل به، لذلك فنقول أن أسباب دفع البلاء في الإسلام كثيرة منها:

    أولاً: الإيمان بالله:

    قال تعالى: "فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌآمَنَت ْفَنَفَعَهَا إِيمَانُهَاإِلاَّقَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْكَشَفْنَاعَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَالدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىحِينٍ"[يونس 98]،

    قال ابن كثير: قال قتادة: لم ينفع قرية كفرت ثم آمنت حين حضرها العذاب فتركت، إلا قوم يونس، لما فقدوا نبيهم، وظنوا أن العذاب قد دنا منهم، قذف الله في قلوبهم التوبة، ولبسوا المسوح، وفرقوا بين كل بهيمة وولدها، ثم عجوا إلى الله أربعين ليلة، فلما عرف الله منهم الصدق من قلوبهم، والتوبة والندامة على ما مضى منهم، كشف عنهم العذاب بعد أن تدلى عليهم.

    وهذا الأمر ليس خاصاً بقوم يونس بدليل قوله تعالى بعد الآية بآيات قليلة، "ثُم َّنُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْكَذَلِكَ حَقًّاعَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ"[يونس 103].

    وحتى لا نتوسع في تعريف الإيمان ولوازمه وما ينفيه، يجب أن يعلم العباد أن الإيمان في هذا الموضع يقوم على أمور:

    أولاً: أن البلاء ما نزل إلا بما كسبت أيدي الناس، ليس لله أن يظلم عباده فقد حرم الظلم على نفسه، وهو الرحيم سبحانه، ولكن بظلم العباد لأنفسهم استحقوا العذاب، قال تعالى: "وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوعَن كَثِيرٍ"[ الشورى 30]،
    "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ"[العنكبوت 41]،"وَلَوْلَا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ"[القصص 47].

    ثانياً: أن البلاء ليس أصلاً، ولكنه طارئ لعلة وحكمة ربما علمها الناس وربما جهلوها، كما في قوله تعالى الذي مر، "لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوالَعَلَّهُم ْيَرْجِعُونَ"[العنكبوت 41]، "وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ"[السجدة 21]، "وَمَانُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" [الشورى 48]، "وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَاحَوْلَكُم مِّنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" [الأحقاف 27].

    ثالثاً: أن الأمر بيد الله سبحانه، "قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ"[التوبة51]، يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، قال تعالى: "مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ"[الحديد22]، ليس لأحد من خلقه أن يتصرف في ملكه إلا بما شاء سبحانه، بيده الخلق والأمر، "أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ"[الأعراف54]، "لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ" [الروم 4]، "فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُل ِّشَيْءٍ"[ يس83]، "إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَاأَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ"[ النحل 40]، "إِذَا قَضَى أَمْرًافَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ"[آل عمران 47].

    رابعاً: لا يكشف العذاب والبأساء والضراء إلا الله سبحانه، "وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَوَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"[الأنعام17].

    خامساً: اعلم أن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وأن ما أخطأنا لم يكن ليصيبنا، أخرج الترمذي وأحمد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا غلام إني أعلمك كلمات... واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف" قال الترمذي: حسن صحيح.

    وعند البيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن عباس قال: (كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا غلام ألا أعلمك كلمات ... قد جف القلم بما هو كائن، فلو اجتمع الخلق على أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله في أم الكتاب لم يستطيعوا، ولو اجتمع الخلق أن يضروك بشيء لك يكتبه الله في أم الكتاب لم يستطيعوا...).

    سادساً: أن العذاب والبلاء جزئي وليس كلي، ولعلة وحكمة، قال تعالى: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَال ِوَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَاأَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْإِنَّالِلّهِ وَإِنَّـاإِلَيْهِ رَاجِعونَ"[البقرة 165،155].

    ثانياً: تقوى الله:

    قال تعالى: "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَىاللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ" [الطلاق 3،2]،
    "وَمَاأَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُم ْيَضَّرَّعُونَ * ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَواْ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءنَا الضَّرَّاء وَالسَّرَّاء فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُم ْلاَيَشْعُرُونَ * وَلَوْأَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوا ْلَفَتَحْنَاعَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْفَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِن َأَهْلُ الْقُرَىأَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ * أَوَأَمِن َأَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُواْمَكْرَاللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَاللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ"[ المائدة 94-99].

    ثالثاً: الدعاء:

    قال تعالى: "وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَب َمُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَعَلَيْهِ فَنَادَىفِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّاإِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ" [الأنبياء 88،87]،
    أخرج الترمذي وصححه والحاكم من حديث سعد بن أبي وقاص tعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (دعوة ذي النون, إذ دعا وهو في بطن الحوت "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" أنه لم يدع بها مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).

    وأخرج البخاري عن ابن عباس أنه قال: حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم حين أُلقي في النار وقالها محمد حين قيل له: "الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُم ْفَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْحَسْبُنَااللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْبِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُم ْسُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُوفَضْلٍ عَظِيمٍ"[آل عمران 174،173]،
    وقد مر دعاء قوم يونس حين رأوا العذاب وكيف رفعه الله عنهم.

    وقد توجه أحدهم للإمام ابن القيم بسؤال: ما تقول السادة العلماء أئمة الدين رضي الله عنهم أجمعين في رجل ابتلى ببلية وعلم أنها إن استمرت به أفسدت دنياه وآخرته وقد اجتهد في دفعها عن نفسه بكل طريق فما يزداد إلا توقدا وشدة فما الحيلة في دفعها وما الطريق إلى كشفها...أفتونا مأجورين.
    فأجاب الإمام على المسألة بكتاب كامل وهو المعروف باسم (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي)، وقد جاء فيه: (والدعاء من أنفع الأدوية وهو عدو البلاء يدافعه ويعالجه ويمنعه نزوله ويرفعه أو يخففه إذا نزل... وله مع البلاء ثلاث مقامات:

    - أحدها أم يكون أقوي من البلاء فيدفعه.

    - الثاني أن يكون أضعف من البلاء فيقوى عليه البلاء فيصاب به العبد ولكن قد يخففه وإن كان ضعيفا.

    - الثالث أن يتقاوما ويمنع كل واحد منهما صاحبه.

    وقد روي الحاكم في مستدركه [وحسنه الألباني في صحيح الجامع] من حديث عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا يغنى حذر من قدر والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل وإن البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيعتلجان – أي يصطرعان- إلى يوم القيامة"... وفيه أيضاً[ وحسنه الألباني في صحيح الجامع] من حديث ثوبان: "لا يرد القدر إلا الدعاء...").

    ثم ساق الإمام أسباب قبول الدعاء من إلحاح وعدم استعجال، ثم قال: (وإذا اجتمع مع الدعاء حضور القلب وجمعيته بكليته على المطلوب وصادف وقتاً من أوقات الإجابة الستة، وهي الثلث الأخير من الليل وعند الأذان وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبات وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة، وآخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم، وصادف خشوعاً في القلب وانكساراً بين يدي الرب، وذلالة وتضرعاً ورقة، واستقبل الداعي القبلة، وكان على طهارة، ورفع يديه إلى الله تعالى وبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم ثنى بالصلاة على محمد عبده، ثم قدم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار، ثم دخل على الله وألح عليه في المسألة، وتملقه ودعاه رغبة ورهبة وتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده، وقدم بين يدي دعائه صدقة، فان هذا الدعاء لا يكاد يرد أبداً، ولا سيما إن صادف الأدعية التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها مظنة الإجابة أو أنها متضمنة للاسم الأعظم...).

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



    http://ia341035.us.archive.org/1/items/ww.ps/2.doc
    http://ia341035.us.archive.org/1/items/ww.ps/3.doc
    http://ia341035.us.archive.org/1/items/ww.ps/4.doc
    http://ia341035.us.archive.org/1/items/ww.ps/5.doc
    http://ia341035.us.archive.org/1/items/ww.ps/6.doc
    http://www.zshare.net/download/73827649aba687/
    http://www.zshare.net/download/7382807036fc8b/
    http://www.zshare.net/download/73828497eeedc8/
    http://www.filefactory.com/file/109035/

    لا تنسونا من صالح دعائكم

    الجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية

  • #2
    بارك الله فيك أخي الكريم
    في ميزان حسناتك
    أيها العضو الصديق لا بأس أن تؤيد رأيك بالحجة و البرهان .....

    كما لا بأس أن تنقض أدلتي ، وتزييف مما تعتقد أنك مبطل له
    .....

    لكن هناك أمر لا أرضاه لك أبدا ما حييت ، ولا أعتقد أنه ينفعك
    ؟

    الشتم و السباب

    تعليق


    • #3
      جعلنا الله من الفرقه الناجية
      بارك الله فيكم
      ::.إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ.::


      تعليق


      • #4

        يعطيك العافية اخي وجزاك الله كل خير000وفي ميزان اعمالك يارب !

        تعليق

        يعمل...
        X