الإلحاد
* بقلم / د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى :( فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه، وَلَا يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ, وَلَا يُكَيِّفُونَ وَلَا يُمَثِّلُونَ صِفَاتِهِ بِصِفَاتِ خَلْقِهِ; لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا سَمِيَّ لَهُ, وَلَا كُفْءَ لَهُ, وَلَا نِدَّ لَهُ, وَلَا يُقَاسُ بِخَلْقِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى; فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ, وَأَصْدَقُ قِيلاً, وَأَحْسَنُ حَدِيثًا مِنْ خلقه )
( فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه ) : حاشا، وكلا، أن يعمد أحد من أهل السنة إلى وصفٍ وصف الرب به نفسه فينفيه عنه، لا نفياً مباشراً ولا بتأويل فاسد، فما وصف الله به نفسه يجب إثباته، واعتقاد أنه حق على حقيقته اللائقة بالله .
(ولا يحرفون الكلم عن مواضعه) : تحريف الكلم عن مواضعه كما تقدم، ينقسم إلى قسمين : لفظي، ومعنوي. والتعطيل: منه ما هو كلي، وما هو جزئي . فأهل السنة والجماعة سلموا من هذه الأمور كلها .
( ولا يلحدون في أسماء الله وآياته ) : الإلحاد في اللغة معناه الميل. ومنه سمي لحد القبر لحداً، لأنه يميل عن سمت الحفر . فحافر القبر لا يزال يحفر رأسياً، فإذا أراد أن يلحد القبر مال باتجاه القبلة . والإلحاد شرعاً : الميل عما يجب اعتقاده أو عمله .
والإلحاد ينقسم إلى قسمين :
1- الإلحاد في الأسماء : قال تعالى : ( وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ ) الأعراف : 180
وقد ذكر العلماء للإلحاد في أسماء الله وصفاته عدة أنواع
النوع الأول : أن يُسمى الرب سبحانه وتعالى بما لم يسم به نفسه: كتسمية الفلاسفة إياه (العلة الفاعلة) أو (العقل الفعال)، وتسمية النصارى إياه: (الأب)، وتسمية الماسونيين إياه : (مهندس الكون الأعظم) ، ونحو هذه الإطلاقات. وكذلك الصفات لو وصف الله بما لم يصف به نفسه، فإن هذا يعد إلحاداً، لأن أسماء الله وصفاته توقيفية .
النوع الثاني : تسمية الأصنام بأسمائه سبحانه، أو نسبة أفعاله إليها : كما فعل مشركو العرب؛ سموا بعض آلهتهم بأسماء الله مع نوع تحريف فقالوا: (اللات) أخذاً من الإله، و (العزى) من العزيز ، و (مناة) من المنان.
وكذلك لو أسندت بعض أفعال الله إلى هذه الآلهة المزعومة، فنسب إليها الضر، والنفع، والإحياء، والإماتة، فهذا إلحاد في صفاته أن أضيفت إلى غيره سبحانه.
النوع الثالث : تعطيلها بنفيها، أو نفي عما دلت عليه من المعاني اللائقة به سبحانه : فمن الإلحاد في أسمائه أن يقول : ليس بسميع، ولا بصير، ولا عليم. وهذا صنيع الجهمية .
ومن الإلحاد في صفاته أن يقول: سميع بلا سمع، بصير بلا بصر، عليم بلا علم . وهذا صنيع المعتزلة.
النوع الرابع : تمثيلها بصفات المخلوقين : لأنه حملها على غير مراده سبحانه، بأن شبه الإله الكامل، بالمخلوق الناقص .
النوع الخامس : وصفه سبحانه بالنقائص والعيوب : كما وقع من اليهود حينما وصفوه بالإعياء، والتعب، والفقر، والبخل، فقالوا: (إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء) آل عمران : 181، وقالوا : (يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ ) المائدة: 64
2- الإلحاد في الآيات : قال الله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ) فصلت : 40، في سياق الذم والتهديد لهم . وآيات الله نوعان :
آيات كونية : وهي مخلوقاته كالشمس، والقمر، والليل، والنهار .
وآيات شرعية : وهي كلماته التي أودعها كتابه القرآن العظيم .
ويكون الإلحاد في آياته الكونية: بنسبتها إلى غيره؛ كأن يدعي أحد بأن الخالق غير الله، أو بأن ينسب إليها التصرف في الكون؛ فيزعم مثلاً أن المطر يقع بنوء كذا، ونحو ذلك .
والإلحاد في آيات الله الشرعية: يكون بتعطيلها، وجحدها، وعدم الحكم بها .
والإلحاد بنوعيه، محرم قطعاً .لكنه أحياناً يكون كفراً، وأحيانا يكون فسقاً .
* / قسم العقيدة - كلية الشريعة وأصول الدين - جامعة القصيم
* بقلم / د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى :( فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه، وَلَا يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ, وَلَا يُكَيِّفُونَ وَلَا يُمَثِّلُونَ صِفَاتِهِ بِصِفَاتِ خَلْقِهِ; لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا سَمِيَّ لَهُ, وَلَا كُفْءَ لَهُ, وَلَا نِدَّ لَهُ, وَلَا يُقَاسُ بِخَلْقِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى; فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ, وَأَصْدَقُ قِيلاً, وَأَحْسَنُ حَدِيثًا مِنْ خلقه )
( فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه ) : حاشا، وكلا، أن يعمد أحد من أهل السنة إلى وصفٍ وصف الرب به نفسه فينفيه عنه، لا نفياً مباشراً ولا بتأويل فاسد، فما وصف الله به نفسه يجب إثباته، واعتقاد أنه حق على حقيقته اللائقة بالله .
(ولا يحرفون الكلم عن مواضعه) : تحريف الكلم عن مواضعه كما تقدم، ينقسم إلى قسمين : لفظي، ومعنوي. والتعطيل: منه ما هو كلي، وما هو جزئي . فأهل السنة والجماعة سلموا من هذه الأمور كلها .
( ولا يلحدون في أسماء الله وآياته ) : الإلحاد في اللغة معناه الميل. ومنه سمي لحد القبر لحداً، لأنه يميل عن سمت الحفر . فحافر القبر لا يزال يحفر رأسياً، فإذا أراد أن يلحد القبر مال باتجاه القبلة . والإلحاد شرعاً : الميل عما يجب اعتقاده أو عمله .
والإلحاد ينقسم إلى قسمين :
1- الإلحاد في الأسماء : قال تعالى : ( وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ ) الأعراف : 180
وقد ذكر العلماء للإلحاد في أسماء الله وصفاته عدة أنواع
النوع الأول : أن يُسمى الرب سبحانه وتعالى بما لم يسم به نفسه: كتسمية الفلاسفة إياه (العلة الفاعلة) أو (العقل الفعال)، وتسمية النصارى إياه: (الأب)، وتسمية الماسونيين إياه : (مهندس الكون الأعظم) ، ونحو هذه الإطلاقات. وكذلك الصفات لو وصف الله بما لم يصف به نفسه، فإن هذا يعد إلحاداً، لأن أسماء الله وصفاته توقيفية .
النوع الثاني : تسمية الأصنام بأسمائه سبحانه، أو نسبة أفعاله إليها : كما فعل مشركو العرب؛ سموا بعض آلهتهم بأسماء الله مع نوع تحريف فقالوا: (اللات) أخذاً من الإله، و (العزى) من العزيز ، و (مناة) من المنان.
وكذلك لو أسندت بعض أفعال الله إلى هذه الآلهة المزعومة، فنسب إليها الضر، والنفع، والإحياء، والإماتة، فهذا إلحاد في صفاته أن أضيفت إلى غيره سبحانه.
النوع الثالث : تعطيلها بنفيها، أو نفي عما دلت عليه من المعاني اللائقة به سبحانه : فمن الإلحاد في أسمائه أن يقول : ليس بسميع، ولا بصير، ولا عليم. وهذا صنيع الجهمية .
ومن الإلحاد في صفاته أن يقول: سميع بلا سمع، بصير بلا بصر، عليم بلا علم . وهذا صنيع المعتزلة.
النوع الرابع : تمثيلها بصفات المخلوقين : لأنه حملها على غير مراده سبحانه، بأن شبه الإله الكامل، بالمخلوق الناقص .
النوع الخامس : وصفه سبحانه بالنقائص والعيوب : كما وقع من اليهود حينما وصفوه بالإعياء، والتعب، والفقر، والبخل، فقالوا: (إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء) آل عمران : 181، وقالوا : (يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ ) المائدة: 64
2- الإلحاد في الآيات : قال الله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ) فصلت : 40، في سياق الذم والتهديد لهم . وآيات الله نوعان :
آيات كونية : وهي مخلوقاته كالشمس، والقمر، والليل، والنهار .
وآيات شرعية : وهي كلماته التي أودعها كتابه القرآن العظيم .
ويكون الإلحاد في آياته الكونية: بنسبتها إلى غيره؛ كأن يدعي أحد بأن الخالق غير الله، أو بأن ينسب إليها التصرف في الكون؛ فيزعم مثلاً أن المطر يقع بنوء كذا، ونحو ذلك .
والإلحاد في آيات الله الشرعية: يكون بتعطيلها، وجحدها، وعدم الحكم بها .
والإلحاد بنوعيه، محرم قطعاً .لكنه أحياناً يكون كفراً، وأحيانا يكون فسقاً .
* / قسم العقيدة - كلية الشريعة وأصول الدين - جامعة القصيم
تعليق