إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عندما يبكي الرجال

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عندما يبكي الرجال

    عندما يبكي الرجال

    [الكاتب: أبو مصعب الزرقاوي]


    بسم الله الرحمن الرحيم

    لبست ثيابي وامتشقت سلاحي عازماً على الخروج لتفقد أخوة العقيدة ورفقاء الجهاد والسلاح؛ وإذا بالأخ "عبد الرحمن الأنصاري" يخبرني بقدوم الأسد "أبي محمد اللبناني"، ويستأذن بالدخول عليّ.

    و "أبو محمد" هذا؛ أسد من أسود، التوحيد وليث من ليوث الحمى، لطالما ذاد عن الإسلام بسيفه، وخاض المعارك واقتحم الأهوال، ولم ينثن أبداُ، صاحب عزيمة وقّادة، وقلب كقلب الأسد، شارك في معارك "القائم" و "راوة" - مدينتان تقعان في العراق بالقرب من الحدود السورية - وغيرهما.

    وكان معه في مقدمة الصفوف؛ أبنه الذي لم يتجاوز الخامسة عشرة، رامياً في وسط المعمعة، تلفحه وابنه بوهج نارها، ثابت ثبات الرجال , راسخ رسوخ الجبال.

    لسان حاله: (نفسي لنفس محمد الفداء، وعرضي لعرض محمد الوجاء).

    صدق الله فصدقه - نحسبه كذلك - فاصطفى الله سبحانه فلذة كبده، عندما سقط صريعاً يتشحط بدمه رخيصاً في سبيل الله في معارك "راوة".

    وبكى "أبو محمد" ابنه بكاءً مراً , لا لفقده - والله - ولكن لعدم مرافقته إياه إلى الجنان، ولا زال محتسباً، صابراً يقارع الكفار الذين جاسوا خلال الديار، رافضاً تبعات الخزي والعار... ومازال.

    وليت شعري؛ يقف مثل "أبي محمد" بالأبواب؟!

    فأذنت له، ودخل مبتسماً - كعادته - لا يرفع طرفه حياءً، وعانقته، وأخذت بيده، وأجلسته إلى جانبي, وتحدثنا ساعة عن تطورات العمل ومستلزماته , وعن الإخوة واحتياجاتهم - أنصاراً ومهاجرين - فقد كان "أبو محمد" المسئول العسكري للإخوة، وساحات الجهاد كأفغانستان وغيرهما.

    وكنت الحظ عليه - على غير عادته - شحوباً في وجهه، وحزناً يعلو ذلك الوجه الوضاء، فسألته: (ما بالك "أبا محمد" ؟! هل ثمة شيء أحزنك ؟!).

    فنكس رأسه هنيهة مطرقاً , ثم رفعه، فإذا عيناه تذرفان!

    لا إله إلا الله! ما أغلى هذه الدموع , وما أرقها حين فاضت من قلبٍ مكلوم، إنها دموع... ولكنها ليست كدموع سالت لفراق صديق , أو للقاء عشيق , أو لزوال نعمة , أو لحلول نعمة.

    إنها دموع الوفاء... إنها دموع الصفاء والنقاء، ولو بُذلت للعيون لتجود بما جادت به عينا "أبي محمد"؛ لما استطاعت أن تسخو بمثلها , فليست النائحة الثكلى كالمستأجرة.

    إن كنت تنوح يا حمام البان للبين فأين شاهد الأحزان

    أجفانك للدموع أم أجفاني لا يقبل مدع بلا بيان


    إنها لحظات صدق عالية، وشفافية عالية، فاض بها قلبه، فسحّت عيناه حزناً وألماً وحسرةً على وقوع رفيق دربه , وأنيس قلبه , وصاحب سره، الجبل الأشم؛ "أبو عبدالله الراوي" في الأسر، فلطالما سارا سوياً على هذا الدرب , وكانا إخوة متحابين، لا يكادان يفترقان، براءة في الأخوة، وطفولة في المحبة، وعذوبة في المودة.

    عندما يترائيا لك أول ما يتبادر لذهنك قوله صلى الله عليه وسلم في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (رجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه).

    عينان لم تطعهما الكرى منذ ثلاث ولم أتلذذ بطعام منذ ذاك


    قالها "أبو محمد"، فحاولت أن أخفف عنه وأسليه بما فتح الله عليّ، فاستأذن للخروج، فقمت وعانقته مودعاً، ولكنه كان ليس كأي وداع... وداعٌ أخذ معه قلبي، وتركني حزيناً مهموماً، حُبست الدمعة في عيني، شاطرته الشعور وعشت معه اللحظات الأليمة، لأني طالما عشت هذه اللحظات، وأصبحت محطات في قطار حياتي.

    فمنذ 14 عاماً وأنا أودع الأحباب، وكم من حبيب جائني خبر قتله في ثغر من الثغور، وكم من شقيق وقع في أسيراً بين يدي كفور.

    لا يشعر بألم فقد الأحباب إلا من لامس شغاف قلبه برد الأخوة، ولا يعرف ذوق الأخوة إلا من عاش لهم.

    أخاك أخاك إن من لا أخا لهُ كساعٍ إلى الهيجاء بغير سلاح


    فما طابت الدنيا إلا بهم , وما زانت الليالي إلا بنورهم.

    فكم من أخ فارقني منذ سنين، ما زالت حسرته في قلبي.

    فُجعت بموت والدتي - رحمها الله – مؤخراً، وكانت من أحب الناس إلي، ولكن - علم الله - أن مصيبتي بـ "أبي عبيدة عبد الهادي دغلس"، كانت أشد وقعاً على نفسي من وفاة حنونتي.

    فكلما ذهب بعضهم؛ ذهب بعضي، كيف لا؟! وهم اليد والمعصم، كيف لا؟! وهم السمع والبصر، كيف لا؟! وهم... وهم...

    رأى أحد إخواني في منامه؛ أن أحدى يديّ شلّت"، ولم يخبرني بذلك إلا بعد مقتل "أبي البراء، فيصل المطيري" - رحمه الله - فعلم أن الرؤيا قد وقعت، فقصّها عليّ.

    أمسكت قلمي، وعزمت أن أخط مداده على ورقي، متجلداً صابراً، مذكراً أما محمد وإخوانه قائلاً:

    اصبر "أبا محمد"، فوالله والذي نفسي بيده؛ إني أرى بشائر النصر تلوح، وإني لأرى الظفر قادم كما يعقب الليل النهار، وما فقد الأحبة إلا دليل صدق الطريق، فأيما فئة مؤمنة قامت تقاتل لنصرة هذا الدين، فجادت بأبنائها، فإنما هي تزكية لهذه الفئة.

    وهل يقوم الدين، ويستوي عوده، ويطلع فجرة، وتشرق شمسه؛ إلا بدمائه أبنائه؟

    "أبا محمد"...

    إن الحرب بيننا وبينهم سجال، ينالون منا وننال منهم، فبالأمس مزقنا أجسادهم وتناثرت أشلائهم في موطن عديدة، وأصابهم في مقتل، وما زالوا يلعقون جراحهم.

    "أبا محمد"...

    إننا نقاتل لأجل الله، فهذه الآلام والجراحات هي اوسمة شرف نعتز بها ونفخر، فأي شيء أعظم من أننا جنود للتوحيد وحراس للعقيدة، فالله مولانا ولا ولا مولى لهم.

    "أبا محمد"...

    إن أعظم ما يشد أزرك، ويقوي عزمك، وتنتصر على حزنك وألمك؛ أن هؤلاء الأعداء قد بارزوا الله سبحانه بالعداوة، وعطّلوا شريعته، واستباحوا الديار، وهتكوا الأعراض، وانتهكوا الحرمات، مما يجعلك تتغيظ أشد الغيظ، ويتمعر وجهك غضباً لله ولرسوله، ويعبس وجهك مكفهراً لجريمتهم، وتمتشق سيفك صارخاً؛ "ملة الكفر لا نجونا إن نجوتم!".

    فالطريق طويل، والدرب شائك، ولا بد من تكاليف، فرضى الله عز وجل؛ مهره الدماء والنفوس، والغالي والنفيس، وكل ما تلاقيه من مصائب وبلاءات ومحن؛ إذا مُـزجت في ذات الله استحالت إلى شهدٍ حلو.

    فوالله يا "أبا محمد"...

    لا طاب العيش إلا بمقارعة هؤلاء الطواغيت.

    وإنني كلما أتذكر؛ أنني ماضٍ إلى ربي يوماً، وأنا أرجو أن يدخلني جنته بمنه وكرمه، وأن ذلك اليوم سيكون آخر فصل من فصول مراغمتي لأعداء الله، وأن الحرب بيني وبينهم قد وضعت أوزارها وحطت رحالها؛ أصابني هم وحزن - علم الله - فوالله إن لذة حربهم وبغضهم وعداوتهم - لأجل ربي - لا تعد لها لذة.

    فاصبر "أبا محمد"، فما عهدتك إلا صابراً، ولا يضيرك كيدهم، وليكن لسان حالنا:

    اللهم خُذ من دمائنا حتى ترضى... اللهم خُذ من دمائنا حتى ترضى... اللهم خُذ من دمائنا حتى ترضى... اللهم من بطون السباع وحواصل الطير.

    واسلم لأخيك.

    فجر الجمعة
    1/جمادى الأولى/1425 هـ


    أللهم أرحم شيخ المجاهدين (( أبي مصعب الزرقاوي ))
    أللهم أرحم شهداء الأمه العربيه والاسلاميه أجمعين لمن مات لتكون كلمه الله هي العليا ...




    --------------------------------------------------------------------------------
    اشتاقت الأرض لضم الأجساد ، وزادت غربة المؤمنين في البلاد ، وظهر الفساد وكأن مسيلمة وعهد الردة قد عاد

    ولكن يبقى للحق صولة والباطل سيباد ، لا كما نريد ولكن كما الله عز وجل أراد.

  • #2
    اللهم ارحم شيخنا ابو مصعب وجميع شهداء امتنا اللهم اسكنهم وايانا الفردوس الاعلى

    بارك الله فيك اخوى على الموضوع جزاك الله خير

    ::.إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ.::


    تعليق


    • #3
      بارك الله فيكي أخت (( جهاديه السرايا ))
      رزقك الله الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء ....
      اشتاقت الأرض لضم الأجساد ، وزادت غربة المؤمنين في البلاد ، وظهر الفساد وكأن مسيلمة وعهد الردة قد عاد

      ولكن يبقى للحق صولة والباطل سيباد ، لا كما نريد ولكن كما الله عز وجل أراد.

      تعليق


      • #4
        بارك الله فيك أخي
        في ميزان حسناتك
        والى الامام ان شاء الله
        أيها العضو الصديق لا بأس أن تؤيد رأيك بالحجة و البرهان .....

        كما لا بأس أن تنقض أدلتي ، وتزييف مما تعتقد أنك مبطل له
        .....

        لكن هناك أمر لا أرضاه لك أبدا ما حييت ، ولا أعتقد أنه ينفعك
        ؟

        الشتم و السباب

        تعليق


        • #5
          بارك الله فيك



          قلبي على غزة ولست أرى قلب أحد سواي

          تعليق


          • #6
            بارك الله فيك أخي الكريم
            على الموضوع الطيب
            وجزاك الله عنا وعن الإسلام خير الجزاء
            ندعو الله أن يجعل ما قدمت في ميزان حسناتك

            تعليق


            • #7
              بارك الله فيك

              تعليق


              • #8

                تعليق


                • #9
                  جزاك الله كل خير اخى
                  وجعل ما قدمت فى ميزان حسناتك
                  اثابك الرحمن الجنان
                  دمتى بحفظ الرحمن

                  تعليق


                  • #10
                    [frame="2 80"]بارك الله فيك اخي
                    وجعل هذا العمل في ميزان حسناتك[/frame]

                    تعليق

                    يعمل...
                    X