رسالة إلى معشوقة الملايين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على خير الاناب نبينا محمد وعلى اله وصحبه الكرام
إليك يا من تهافت في حبك الكثير ، وابتلى بغرامك جمع غفير ، صرعت ألبابهم ، وخطفت قلوبهم حتى أصبح ليس فيها شيء سوى الهيام بك ، والبحث عن وصلك ، والجري وراء ابتسامتك .
إليك يا معشوقة الملايين ابعث رسالتي هذه
غريب أمرك ، وأشد غرابة أمر من يعشق شمطاء ذهب جلُ عمرها ، وفوق ذلك لم يعرف عنها الوفاء . تغدر بمن أحبها وأفنى عمره بحثاً عن ابتسامتها ، فتقلب له ظهر المجن حين يظن أنه قد استطاع احتواءها .
نعم غريب بل عجيب أمر من يهواك وأنت التي أخبر عنك سيد البشر بأنك لا تساوي عند الله جناح بعوضة .
ما أتفه تلك العقول ، وما أحط ذلك الطموح الذي يسعى للوصول إلى ما لا يساوي جناح بعوضة .
أف لك . ألك كل هذا المكر ؟ ألك كل هذا السحر؟ ألك كل هذه الحيلة التي استطعت بها خداع ملايين البشر .
ما أخطرك! لقد أسكرت ألبابا من غير كأس . نعم فعلت هذا ولا مجال للإنكار، فالأدلة واضحة وهاك بعضاً منها :
ذلك الأب الذي يسبح في واد وأبناؤه في واد آخر . لا يعرف عنهم شيئا . يهيمون في الأرض لا رقيب عليهم ولا موجه لهم . يفتقدون القدوة الصالحة في البيت والترابط الأسري
، الذي يشد بعضه بعضا ، فيقعون في براثن الرذيلة ، ويسيرون في أزقة الانحراف ، يقودهم الشيطان إلى مصارع السوء والسبب هو أنكِ قد أسكرتِه فأصبح يسير في دروبك هائماً دون هدى ، وإلا لما ترك فلذات كبده * أغلى ما يملك لدى الأنسان* عرضه للضياع أو تريدين مثالاً آخر على مكرك ودهائك ؟
انظري الى حال ذلك التاجر الذي عششت الأرقام في تلافيف عقله وسويداء قلبه ، كلما جمع أاشتد به الطمع حتى نسي كل شيء عدا كم باع وكم كسب . إن وقف مصلياً خطط لصفقه ، وأخذ يعد ميزانيتها ونسبة الأرباح فيها ، وإن دخل بيته فليس له سؤال عن الأبناء وصلاتهم وماذا فعلوا في يومهم وإنما يعكف على الأوراق والسندات والمتابعة بالهاتف لآخر المستجدات في عالم المال .
وتلك الزوجة التي تسللت إلى قلبها عن طريق صرعات الموضة والمظاهر الكاذبة فأضاعت أطفالها وضيعت الأمانة المسؤولة عنها ، بل أخذت تسير في دروب أبعدتها عن دينها وآدابه .
نعم أف لك فأنت ملعونة على لسان سيد الخلق ، وأنت موصوفة باللهو واللعب في كتاب رب العالمين . فأي خير ينتظر من لهو ولعب ، وأي خير يأتي ممن حذرنا خالقها منها ؟ { فلا تغرنكم الحياة الدنيا}.
ما أغبى أولئك الذين يتنافسون عليها فيحملون فوق ظهورهم من حلالها وحرامها ما لا طاقة لهم به ، ثم يتركون ما جمعوا وراء ظهورهم وليت الأمر يقف عند هذا بل يحاسبون عليه في قبورهم ، أليس هذا قمة الغباء؟!
لقد أعرض عنك أولو الأحلام والنهى أصحاب العزائم القوية والبصيرة النافذة ، والقلوب المضيئة ، فهاهو سيد الخلق صلى الله عليه وسلم يقول (( مالي وللدنيا ما أنا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها )) .
أما أنت أيتها الدنيا فتقلباتك تكفي لكي يزهد فيك العقلاء ( من سره زمن ساءته أزمان ) .
فيكفيك حقارة أنك خدعت كل محبيك : قارون لم تشفع له كنوزه ، وفرعون لم يغن عنه جبروته ، وهامان لم ينجه مكره ودهاؤه وحيلته ، وتلك القرى التي كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً تبدل حالها إلى النقيض وما أكثر العبر { لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد }.
تعليق