عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : لما أراد الله عزوجل هلاك قوم نوح عقم أرحام النساء أربعين سنة فلم يلد فيهم مولود ، فلما فرغ نوح من اتخاذ السفينة أمره الله أن ينادي بالسريانية ، لا يبقى بهيمة ولا حيوان إلا حضر ، فأدخل من كل جنس من أجناس الحيوان زوجين في السفينة ، وكان الذين آمنوا به من جميع الدنيا ثمانين رجلا فقال الله عزوجل : " احمل فيها من كل زوجين اثنين و أهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل " وكان نجر السفينة في مسجد الكوفة ، فلما كان في اليوم الذي أراد الله هلاكهم كانت امرأة نوح تخبز في الموضع الذي يعرف بفار التنور في مسجد الكوفة ، وقد كان نوح اتخذ لكل ضرب من أجناس الحيوان موضعا في السفينة ، وجمع لهم فيها ما يحتاجون إليه من الغذاء ، فصاحت امرأته لما فار التنور فجاء نوح إلى التنور ، فوضع عليها طينا وختمه حتى أدخل جميع الحيوان السفينة ، ثم جاء إلى التنور ففض الخاتم ورفع الطين ، وانكسفت الشمس ، وجاء من السماء ماء منهمرصب بلاقطر ، وتفجرت الارض عيونا ، وهو قوله عزوجل : " ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر * وفجرنا الارض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر * وحملناه على ذات ألواح ودسر " قال الله عزوجل : " اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرسها " يقول : مجراها أي مسيرها ، ومرساها أي موقفها ، فدارت السفينة ونظر نوح إلى ابنه يقع ويقوم فقال له : " يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين " فقال ابنه كما حكى الله عزوجل : " سآوي إلى جبل يعصمني من الماء " فقال نوح : " لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم " ثم قال نوح : " رب ان ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين " فقال الله : " يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين " فقال نوح كما حكى الله تعالى : " رب إني أعوذبك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفرلي ترحمني أكن من الخاسرين " فكان كما حكى الله : " وحال بينهما الموج فكان من المغرقين " فقال أبوعبدالله عليه السلام : فدارت السفينة وضربتها الامواج حتى وافت مكة ، بالبيت وغرق جميع الدنيا إلا موضع البيت ، وإنما سمي البيت العتيق لانه اعتق من الغرق ، فبقي الماء ينصب من السماء أربعين صباحا ، ومن الارض العيون حتى ارتفعت السفينة فمسحت السماء ، قال : فرفع نوح يده ثم قال : ( يارهمان اتقن ) وتفسيرها رب أحسن ، فأمر الله الارض أن تبلع ماءها وهو قوله : " وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي " أي أمسكي " وغيض الماء وقضي الامروا ستوت على الجودي " فبلعت الارض ماءها فأراد ماء السماء أن يدخل في الارض فامتنعت الارض من قبولها وقالت : إنما أمرني الله عزوجل أن أبلع مائي ، فبقي ماء السماء على وجه الارض ، واستوت السفينة على جبل الجودي وهو بالموصل جبل عظيم ، وفبعث الله جبرئيل فساق الماء إلى البحار حول الدنيا ، وأنزل الله على نوح : " يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى امم ممن معك وامم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم " فنزل نوح بالموصل من السفينة مع الثمانين وبنوا مدينة الثمانين ، وكانت لنوح بنت ركبت معه السفينة فتناسل الناس منها ، وذلك قول النبي صلى الله عليه وآله : نوح أحد الابوين ، ثم قال الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وآله " تلك من أنباء الغيب نوحيا إليك ماكنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين " . (1)
--------
(1) البحار ج11 ص 312
--------
(1) البحار ج11 ص 312
تعليق