إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أصحاب حملات الحَجِّ وصاحب المِحْجَنِ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أصحاب حملات الحَجِّ وصاحب المِحْجَنِ

    عن ‏جَابِرٍ رضي الله عنه أنَّ ‏رَسُولِ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏قال في الحديث الذي بيَّن فيه ‏مَا عُرِضَ عَلَبه‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فِي صَلاةِ الْكُسُوفِ مِنْ أَمْرِ الْجَنَّةِ وَالنَّار، قالِ: «... مَا مِنْ شَيْءٍ تُوعَدُونَهُ إِلاَّ قَدْ رَأيْتُهُ فِي صَلاتِي هَذِهِ، لَقَدْ جِيءَ بِالنَّارِ وَذَلِكُمْ حِينَ رَأيْتُمُونِي تَأخَّرْتُ مَخَافَةَ أنْ يُصِيبَنِي مِنْ ‏‏لَفْحِهَا، ‏وَحَتَّى رَأيْتُ فِيهَا ‏‏صَاحِبَ الْمِحْجَنِ [1] ‏‏يَجُرُّ قُصْبَهُ [2] ‏‏فِي النَّار، كَانَ يَسْرِقُ الْحَاجَّ بِمِحْجَنِهِ، ‏‏فَإنْ ‏ ‏فُطِنَ لَهُ [3] ‏قَالَ إِنَّمَا تَعَلَّقَ بِمِحْجَنِي، وَإِنْ غُفِلَ عَنْهُ ذَهَبَ بِهِ» [رواه مسلم].

    وفي رواية عن ‏عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو بن العاص ‏‏رضي الله عنهما قال: قال رَسُولِ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «... ‏وَرَأيْتُ صَاحِبَ الْمِحْجَنِ ‏‏مُتَّكِئًا فِي النَّارِ عَلَى ‏‏مِحْجَنِهِ ‏كَانَ يَسْرِقُ الْحَاجَّ ‏‏بِمِحْجَنِهِ ‏‏فَإِذَا عَلِمُوا بِهِ قال لَسْتُ أنَا أسْرِقُكُمْ إِنَّمَا تَعَلَّقَ ‏بِمِحْجَنِي» [رواه أحمد] [4].

    وفي رواية ثالثة عن ‏عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو ‏رضي الله عنهما قَالَ: قال رَسُولِ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «... وَحَتَّى رَأيْتُ فِيهَا صَاحِبَ الْمِحْجَنِ ‏‏الَّذِي كَانَ يَسْرِقُ الْحَاجَّ‏ ‏بِمِحْجَنِهِ ‏‏مُتَّكِئًا عَلَى ‏‏مِحْجَنِهِ ‏‏فِي النَّارِ يَقُولُ أنَا سَارِقُ‏‏ الْمِحْجَنِ» [رواه النسائي] [5]

    فصاحب المِحْجَنِ هذا جمع بين إثمين عظيمين: إثم السَّرقة، وإثم التَّعدي على وَافِدِ الله ضَيْفِ الرَّحمن سبحانه وتعالى.

    نعم، فالحَاجُّ ومثله المُعْتَمِرُ وَفْدُ الله تعالى، كما عَنْوَن ابن خزيمة في صحيحه فقال: (باب فَضْلُ الحَجِّ إذْ الحَاجُّ مِنْ وَفْدِ الله عَزَّ وجَلَّ)، وعَنْوَن ابن حبان في صحيحه قال: (ذِكْرُ البيان بأن الحَاجَّ والعُمَّارَ وَفْدُ الله جَلَّ وعَلاَ)، وأورد الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه‏ قال: قال رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم‏: «وَفْدُ [6] الله عزَّ وجلَّ ثَلاثَةٌ: الْغَازِي، وَالْحَاجُّ، وَالْمُعْتَمِرُ» [رواه ابن حبان [7]، والنسائي [8] واللفظ له].

    وعن ‏ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏قال: «‏الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْحَاجُّ، وَالْمُعْتَمِرُ وَفْدُ اللَّهِ دَعَاهُمْ فَأجَابُوهُ وَسَألُوهُ فَأعْطَاهُمْ» [رواه ابن ماجه] [9].

    «وَفْدُ الله» أي: السائرون إلى الله القادمون عليه سبحانه وتعالى، أي: زُوَّارُ الله عَزَّ وجَلَّ، أي هم: ضيوف الرحمن، فهم بِسَفَرِهِمْ قَاصِدُونَ التَّقَرُّب إِلَى اللَّه تَعَالَى ونيل ثوابه ورضاه.
    قال ابن عباس رضي الله عنهما : "لو يَعَلَمُ المُقِيمُونَ مَا لِلْحَاجِّ عليهم مِنَ الحَقِّ لأتَوْهُمُ حين يَقْدُمُونَ حتى يُقَبِّلُوا رواحلهم لأنَّهم وَفْدُ الله تعالى من جميع الناس". [رواه البيهقي]
    وعن الحسين بن علي رضي الله عنهما أنه لقي قوما حُجَّاجًا، فقالوا: إنّا نريد مكة، فقال: إنّكم من وَفْدِ الله، فإذا قَدِمْتُمُ مَكَّةِ فَاجْمَعُوا حاجاتكم فَسَلُوهَا الله. [رواه ابن أبي شيبة]

    وتأمل جيدا وتفكَّر في هذا الحديث القدسي العظيم، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله عزَّ وجلَّ: إنَّ عَبْداً صَحَّحْتُ لَهُ جِسْمَهُ، وَوَسَّعْتُ عَلَيْهِ فِيِ المَعيشَةِ، تَمْضِي عَلَيْهِ خَمْسَةُ أعْوَامٍ لا يَفِدُ إليَّ لَمَحْرُومٌ» [رواه ابن حبان والبيهقي]. [10]

    «يَفِدُ إليَّ»، فالحجيج وَفْدُ الله تعالى، هُمْ له راغبون، وفي طلب ثوابه مسافرون، وإلى بيته الحرام سائرون، بيته الذي جعله مثابة للناس وأمنا وهدى ورحمة للعالمين، كما قال تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَـا الْبَيْتَ مَثَابَـةً لِلنَّاسِ وَأمْنًـا} [البقرة:125]، و{وَأمْنًـا} أي: مَأمَنًا يأمنون فيه على أرواحهم وأموالهم، فالأمن في اللغة تعني السلامة من الخوف، ومن جميل أشعار المسلمين:

    مَنْ يُتْحِفُ البيت العتيق وزمزماً *** والوَفْدُ وَفْدُ الله فيه يَنْزِلُ

    مُتَسَابِقِينَ إلى مَثَاَبِة رَحْمَةٍ *** مِنْ كُلِّ مَا حَدْبٍ إليه تَنْسِلُ

    هُيَّماً كأفْوَاجِ القِطَا [11] قَدْ سَاقَهَا *** ظَمَأٌ شَدِيدٌ والمطاف المنهل

    مِنْ كُلٍّ مَرْفُوعُ الأكُفِّ شراعة *** والقلب يخفق والمدامع تَهْمِلُ


    النبي صلى الله عليه وسلم يُبَيِّنُ أن سرقة الحَاج إثم وعار:

    عَنْ نَافِعٌ أنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ : «غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا، وَأسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ، وَعُصَيَّةُ عَصَتْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» [رواه البخاري].
    قال ابن حجر في فتح الباري: "إنَّ بَنِي غِفَار كَانُوا يَسْرِقُونَ الْحَاجّ فِي الْجَاهِلِيَّة فَدَعَا لَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْد أنْ أسْلَمُوا لِيَمْحِيَ عَنْهُمْ ذَلِكَ الْعَار". أ.هـ

    فرغم أنّ «الإسْلامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ» [12] من الذنوب والآثام مهما كبرت وعظمت، ويَجُبُّ: أي يُزِيِلَ عينه ويمحو أثره كأنّه لم يكن، إلاّ أنّ استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لقبيلة غِفَارٍ بعد إسلامها فيه إشارة واضحة على عِظَمِ الذنب وفداحة الإثم الذي آتوه، وهو سرقة الحَاجّ الذي آتى بيت الله الآمن، وبيان أن ذلك إثم وعار يلحق فاعله.
    وصَدّقَ الله العظيم إذ قال: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور: 15]. [13]

    اللِصٌّ النظيف [14] وأصحاب حملات الحَجِّ:

    انتبه وتأمل، إنّ صَاحِبَ الْمِحْجَنِ الذي ‏‏يَجُرُّ قُصْبَهُ (ذكرنا أن قُصْبَهُ تعني: أمعائه) ‏‏فِي النَّار لأنّه كَانَ يَسْرِقُ الْحَاجَّ بِمِحْجَنِهِ، ‏‏فَإنْ ‏فُطِنَ لَهُ ‏قَالَ: إِنَّمَا تَعَلَّقَ بِمِحْجَنِي، وَإِنْ غُفِلَ عَنْهُ ذَهَبَ بِهِ، هو في مصطلح وعُرْف القانون الآن يسمى باللص النظيف، فهو لم يقتل أو حتى يضرب ويَجْرَحَ أحد من النّاس أذية بدنية، وهو لم يتسور بيتا ويهتك حرمته، أو يكسر باب دُكَان أو أي بناء مصون لصاحبه، ولم يحمل السلاح ويُهدد ويُروع من قام بسرقتهم، ولكن مع هذا فقد احتمل بهتانا وإثما عظيما ذلك أنّه تعدى على وافد الرحمن وضيف الله تعالى، وهذه جريمة تفوق بشاعتها بشاعة جريمة السرقة، وعليه يجب أن يحذر ويحذر ويحذر أصحاب حملات الحَجِّ من أن يُحشروا مع صاحب المِحْجَنِ إذا تَعدَّوا على ضيوف الرحمن بالنصب والاحتيال، بأن يُمنُّوهُم ويُوعدوهم بخدمات ومميزات سيقدمونها لهم في الحَجِّ، وهي لا تعدوا أكاذيب لسرقتهم والاستيلاء بالتحايل والنصب على أموالهم.

    رَايَةُ المَلَك، وَرَايَةُ الشَّيْطَان:

    عن أبي هُرَيْرَةَ عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ خَارِجٍ يَخْرُجُ يَعْنِي مِنْ بَيْتِهِ إلاَّ بِيَدِهِ رَايَتَانِ، رَايَةٌ بِيَدِ مَلَكٍ، وَرَايَةٌ بِيَدِ شَيْطَانٍ، فَإنْ خَرَجَ لِمَا يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اتَّبَعَهُ الْمَلَكُ بِرَايَتِهِ فَلَمْ يَزَلْ تَحْتَ رَايَةِ الْمَلَكِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ، وَإنْ خَرَجَ لِمَا يُسْخِطُ اللَّهَ اتَّبَعَهُ الشَّيْطَانُ بِرَايَتِهِ فَلَمْ يَزَلْ تَحْتَ رَايَةِ الشَّيْطَانِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ» [رواه أحمد]. [15]
    فمن خَرَج حَاجًّا أو في خدمة الحَجِيج فهو ينعم بظل راية المَلَك فيالها من عِزَّة وكرامة، ويَالَهُ من أجر وثواب، ومن خرج في نهب الحَاجِّ بالنصب والاحتيال عليه فهو يشقى تحت ظل راية الشيطان فيالها من ذِلَّة ومهانة وياله من إثم وعقاب.

    فائدة هامة: احذر أن يدخل بطنك شيئا من الحرام:

    صاحب المحجن الذي كان يسرق الحَاجَّ رآه النبي صلى الله عليه وسلم «‏‏يَجُرُّ قُصْبَهُ ‏‏فِي النَّار» و قُصْبَهُ أي: أمعائه، فلماذا أمعائه دون سائر أعضاء جسده ومكونات جسمه هي التي يَجُرُها في النار؟

    لأنّ أمعاءه هذه كانت في الدنيا مُسْتَقَرَ المال الحرام الذي كان يسرقه من الحَاجِّ، ومنها نَبَتَ لحمه، وصَحَّ بدنه [16]، وقَوِيَت أعضاءه، واستمع إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه أنّه سَمِعَ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنْ الإنْسَانِ بَطْنُهُ فَمَنْ اسْتَطَاعَ أنْ لاَ يَأكُلَ إلاَّ طَيِّبًا فَلْيَفْعَلْ» [رواه البخاري].

    ‏يُبين الحديث أنّ أول ما يُنْتِنُ من الإنسان بعد موته بطنه، والنَّتَنِ هو التَّعفن يصحبه رائحة كريهة، والرسول صلى الله عليه وسلم يدعونا ويأمرنا أن لا نأكل ونُدخل بطوننا إلاّ الحلال، والحلال فقط، كي لا يكون مصيرنا كمصير صاحب المِحْجَنِ الذي ملأ بطنه من الحرام، وعموما بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أنّ النارَ مصيرُ من ربا لحمه من الحرام فعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ‏رضي الله عنه قَالَ: ‏قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا ‏ ‏كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ ‏ ‏إِنَهُ لا يَرْبو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ ‏ ‏سُحْتٍ ‏إلاَّ كَانَتْ النَّارُ أوْلَى بِهِ» [رواه الترمذي]. [17]

    والسُّحْت أي: الحرام، وسُمي المال الحرام سُحْتاُ لأنه يَسْحَتُ صاحبه، أي: يَمْحق منه البَركة، تقول العرب: فلان بطنه سُحْتٌ أي: أنّه يأكل ولا يشبع، فطعامه منزوع البركة لأنّه من مال حرام، فالمال الحرام لا بركة فيه، ومهما كثر فإنّ حائز المال الحرام لاَ ولَنْ يشبع ويرتاح في الدنيا، وفي الآخرة يكون ـ والعياذ بالله ـ زاده إلى النّار.

    فاللّهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وأغننا بفضلك عمن سواك .
    اشتاقت الأرض لضم الأجساد ، وزادت غربة المؤمنين في البلاد ، وظهر الفساد وكأن مسيلمة وعهد الردة قد عاد

    ولكن يبقى للحق صولة والباطل سيباد ، لا كما نريد ولكن كما الله عز وجل أراد.

  • #2
    أخلاقيات الحاج

    قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: " الركب كثير والحاج قليل".

    أخي الحاج: يا من فضلك الله واصطفاك على كثير من خلقه وأنعم عليك بنعمة الحج، كم من راكب للحج أنفق وتعب ولكن تسبب بأفعاله بما ينقص من أجره المأمول، لذا يا من يريد سلامة الوصول ولقاء الله بعمل مقبول عليك أن تكون حاجاً حقيقياً، وليس راكباً فعل أفعال الحجيج والله أعلم بما نال من أجر.

    اعلم يا رعاك الله أنّ الأجر المأمول من وراء الحج المقبول بينه سيد الخلق وخير بني آدم بقوله فيما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه»، وفي رواية له أيضًا: «من حج هذا البيت فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه» وعند مسلم نحوه.

    قوله في رواية البخاري: «من حج لله» أي: ابتغاء وجه الله، وطلبًا لرضاه. والمراد الإخلاص في العمل، بأن لا يكون قصده الأول والأوحد في الأساس تجارة، أو سياحة، أو شبه ذلك.

    فالنيات تجارة العلماء، وبالنية الصالحة ينال المسلم الأجر الوفير الجزيل بالعمل القليل. وكم من مصلين في صف واحد ترفع أحدهم صلاته درجات ودرجات والآخر تلقى في وجهه يوم القيامة صارخة، مع أنّهما أديا نفس الحركات ومع نفس الإمام بدئا سويا وختما سوياً ولكن الفرق الكبير بينهما بشيء وقر في القلوب فتمكن من قلب المؤمن فخلصت النية وصلح العمل وأينعت الثمرة. وكذا في الحج أخي الكريم وأختي المباركة، كم من قافلة من الحجيج يخرجون من بيوتهم في نفس التوقيت ويقطعون الفيافي والقفار وينفقون ويؤدون المناسك وينتهون سوياً ولكن رجل يرجع من حجه كيوم ولدته أمه ورجل لا يرفع له دعاء واحد إلى السماء بسبب نفقة حرام أو نفاق نبت في القلب أو رياء طرأ على العمل، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إنّ الله طيب لا يقبل إلاّ طيباً، وإنّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً} [المؤمنون:51] ثم ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومأكله حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنّى يستجاب لذلك».

    فاحذر أخي والتمس رحمة الله إنّ رحمة الله قريب من المحسنين.

    واعلم يارعاك الله أنّ النية الصالحة وحدها لا تصلح العمل الفاسد، فصلاح العمل وقبوله يتوقف على شرطين: إخلاص النية وإخلاص المتابعة بأن تعبد الله كما أمرك، أي أن تتعلم أحكام الحج كما فعلها نبيك المختار عليه أفضل الصلوات والتسليمات، وهو القائل صلى الله عليه وسلم فيما رواه البيهقي في ‏‏السنن الكبرى: «خذوا عني مناسككم».

    فعليك بالسؤال عن كل كبيرة وصغيرة من أحكام الحج قبل سفرك حتى تؤدي عبادتك سليمة غير فاسدة صحيحة غير باطلة.

    قالوا: و(الرفث): اسم للفحش من القول، وقيل: هو الجماع؛ وبه فسروا قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة:187] وقيل: (الرفث): التصريح بذكر الجماع؛ وقال بعض أهل اللغة: (الرفث) كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة؛ وكان عمر و ابن عباس رضي الله عنهما، يخصصانه بما خوطب به النساء. وإذا كان جمهور أهل العلم - كما قال ابن حجر - قد فسروا الرفث في الآية بأنّه الجماع، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنّ اللفظ في الحديث أعم من ذلك؛ وفي هذا يقول الحافظ ابن حجر في (الفتح): "والذي يظهر أنّ المراد به في الحديث ما هو أعم من ذلك، وإليه نحا القرطبي، وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم في الصيام: «فإذا كان صوم أحدكم فلا يرفث» [متفق عليه]". وعلى هذا، فالمقصود بـ (الرفث) في الحديث: الجماع، ومقدماته، وكل كلام فاحش.

    فاحذر أخي الحاج وابتعد بنفسك عن مواطن الفتن والنظر المحرم، فكما نعلم جميعاً موسم الحج موسم للأمة الإسلامية جمعاء، فيه الزحام وفيه الاختلاط الذي يصعب تفاديه وما هذا إلاّ اختبار لك على الصبر والتقوى، فاتق الله واحذر أن تقع العين على محرم أو يهمس الشيطان في أذنك بلمسة محرمة أو أن يقل صبرك فتأتي أهلك وتفسد حجك، فالصبر والتقوى مع النية الصالحة والعمل السليم مفتاح الفلاح والقبول إن شاء الله.

    وإيّاك والقول البذيء أو ردة الفعل الطائشة نتيجة الزحام ولكن ارحم الكبير وأشفق على الصغير وتحمل الضعيف من الرجال والنساء والولدان.

    وأمّا (الفسوق) فهو في الأصل الخروج؛ يقال: انفسقت الرطبة، إذا خرجت، فسمي الخارج عن الطاعة فاسقًا؛ والمقصود به هنا فعل المعصية؛ إذ هي خروج عن الطاعة. وقوله عليه الصلاة والسلام: «ولم يفسق» المراد به: العصيان، وترك أمر الله تعالى، والخروج عن طريق الحق. والمعنى: لم يخرج عن حد الاستقامة، بفعل معصية، أو جدال، أو مراء، أو ملاحاة رفيق أو صديق.

    فإيّاك إيّاك أن تخلط حجك بغيبة أو نميمة تظنها تسلية أو مضيعة وقت، وإيّاك أن تخلط حجك بسماع محرم لغناء أو مشاهدة ما حرم الله أو أن تخلط حجك بسيجارة، أو أذية لمسلم أو تضييق على مسلم بالنظر إلى محارمه وعوراته، أو التسبب في إيذاء المسلمين بالتسرع في المزاحمة والعنف في التعامل، فابتعد عن جنس كل فسق ينقص من أجرك حفظك الله.

    واتبع قول الله تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة:197].
    عن ابن مسعود قال: "الجدال في الحج أن تماري صاحبك حتى تغضبه". وبذلك قال أبو العالية وعطاء ومجاهد وسعيد ابن جبير وعكرمة وغيرهم. ومن أجل ذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»، فابتعد أخي الكريم أختي الكريمة عن كل مراء يجر إلى الخصام أو المغاضبة واعلم أنّ ذلك من أسباب نقصان الأجر ولتكن سهل المعشر لين الجانب لإخوانك.

    ومعنى (كيوم ولدته أمه) أي: بغير ذنب؛ قال ابن حجر: "وظاهر الحديث غفران الصغائر والكبائر والتبعات".

    فهنيئاً لك مقدماً أخي الحاج ولادة جديدة وطهارة ونقاء ومغفرة وصفاء، فلتكن بداية جديدة لصفحة سعيدة تظل بيضاء صافية مليئة بجواهر الفعال الصالحة إلى أن تلق الله بقلب سليم، ساعتها أبشر ببياض الوجه يوم تبيض وجوه الصالحين وأبشر بالنور يوم يبحث المنافق والكافر ويلتمسه فلا يجده، فأبشر بخير ومن الآن فالتوبة من كل ذنب سابق والإقلاع والعزم على عدم العودة يا مولود الإسلام الطاهر النقي.

    وأخيراً أهمس في أذن من استطاع الحج ولم ينو الحج يكفيك أثر عمر بن الخطاب التالي:
    "لقد هممت أن أبعث رجالا إلى الأمصار فينظرون إلى كل من عنده جدة ولن يحج فيضرب عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين".

    فيا ضيوف الرحمن ويا آمين البيت الحرام تقبل الله منّا ومنكم وغفر لنا ولكم وجعلنا من المقبولين الذين يرجعون من الحج كيوم ولدتهم أمهاتهم.

    وأسأله تعالى أن يردكم إلى أهلكم سالمين غانمين وأن يسهل عليكم سفركم ويرعاكم في حلكم وترحالكم.
    اشتاقت الأرض لضم الأجساد ، وزادت غربة المؤمنين في البلاد ، وظهر الفساد وكأن مسيلمة وعهد الردة قد عاد

    ولكن يبقى للحق صولة والباطل سيباد ، لا كما نريد ولكن كما الله عز وجل أراد.

    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك

      وجزاك الله عنا وعن المسلمين كل خير
      راياتنا سود ..... ولا نهاب اليهود ...... في سبيل الله نجود ..... بإرداة وصمود ...... جيشنا الجبار نقود ...... نسعى لإزالة إسرائيل من الوجود .... . نحن جند السرايا الأسود .......

      تعليق


      • #4
        بارك الله فيك

        وجزاك الله عنا وعن المسلمين كل خير
        راياتنا سود ..... ولا نهاب اليهود ...... في سبيل الله نجود ..... بإرداة وصمود ...... جيشنا الجبار نقود ...... نسعى لإزالة إسرائيل من الوجود .... . نحن جند السرايا الأسود .......

        تعليق


        • #5
          الله يجزيك كل خير اخوي علي الموضوع الطيب والقيم

          تقبل الله منك صالح الاعمال

          في حفظ الله ورعايته
          إن لله عباداً فطنا .. طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
          نظروا فيها فلما علموا .. أنها ليست لحييٍ وطنا
          جعلوها لجةً واتخذوا .. صالح الأعمال فيها سفنا

          تعليق


          • #6
            الله يجزيك كل خير اخوي علي الموضوع الطيب والقيم

            تقبل الله منك صالح الاعمال

            في حفظ الله ورعايته
            إن لله عباداً فطنا .. طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
            نظروا فيها فلما علموا .. أنها ليست لحييٍ وطنا
            جعلوها لجةً واتخذوا .. صالح الأعمال فيها سفنا

            تعليق


            • #7
              [frame="2 80"]بارك الله فيك اخي
              وجعل هذا العمل في ميزان حسناتك[/frame]

              تعليق


              • #8
                [frame="2 80"]بارك الله فيك أخي
                وجعل هذا العمل في ميزان حسناتك[/frame]

                تعليق


                • #9
                  بارك الله فيك أخي
                  في ميزان حسناتك
                  أيها العضو الصديق لا بأس أن تؤيد رأيك بالحجة و البرهان .....

                  كما لا بأس أن تنقض أدلتي ، وتزييف مما تعتقد أنك مبطل له
                  .....

                  لكن هناك أمر لا أرضاه لك أبدا ما حييت ، ولا أعتقد أنه ينفعك
                  ؟

                  الشتم و السباب

                  تعليق


                  • #10
                    بارك الله فيك أخي
                    في ميزان حسناتك
                    أيها العضو الصديق لا بأس أن تؤيد رأيك بالحجة و البرهان .....

                    كما لا بأس أن تنقض أدلتي ، وتزييف مما تعتقد أنك مبطل له
                    .....

                    لكن هناك أمر لا أرضاه لك أبدا ما حييت ، ولا أعتقد أنه ينفعك
                    ؟

                    الشتم و السباب

                    تعليق


                    • #11
                      بارك الله فيك أخي و جزاك الله عنا كل خير

                      تعليق


                      • #12
                        بارك الله فيك أخي و جزاك الله عنا كل خير

                        تعليق


                        • #13
                          بارك الله فيك ابو احمد

                          تعليق


                          • #14
                            بارك الله فيك

                            وجزاك الله عنا وعن المسلمين كل خير

                            تعليق

                            يعمل...
                            X