إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

خلق جميل.................

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خلق جميل.................

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    الستر ـ ياأخوتي الكرام ـ نوعان:

    ستر حسي ، وستر معنوي :

    أما الستر المعنوي
    ، فهو أن تجد المسلم قد اقترف الذنب أو ارتكب الفاحشة فلا تفضحه ، بل تنهاه عن معصيته ، وتلين له في نصيحة ملؤها الرفق والشفقة ، وتستر عليه فلا تبوح بخطيئته ، ولا تعريه من ستر الله عليه .
    لقد اعترف ماعز الأسلمي بلسانه بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم بالوقوع في فاحشة الزنا ، ومع هذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم يحاول معه أن يستر على نفسه ، وأن يتوب بينه وبين الله،فأخذ يقول له :
    (( ويحك ، ارجع فاستغفر وتب إليه )) رواه مسلم ، فيرجع ماعز غير بعيد ، ثم يعود فيقول للنبي صلى الله عليه وسلم : طهرني ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول له مثل ما قال ، حتى تكرر منه هذا الأمر ثلاث مرات ، فلما استيقن النبي صلى الله عليه وسلم من وقوعه في هذه الفاحشة ، وأنه يريد تطهير نفسه من درنها ، ويرجو أن يلقى الله وليس عليه وزرها ، أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة أن يقيموا عليه الحد ، فذهبوا به فرجموه ، فلما أذلقته الحجارة ، هرب من مكانه من شدتها ، فأدركه الصحابة بالحجارة حتى مات ، وفي رواية لأبي داود : لما علم النبي صلى الله عليه وسلم بهروبه ، قال لهم : (( هلا تركتموه ؛ لعله أن يتوب فيتوب الله عليه )) ، ثم قال عنه : (( إنه الآن في أنهار الجنة ينغمس فيها )) .

    فواعجبًا :
    ممن يتربصون لأي فاحشة تقع ، أو منكر يحصل ، لا ليخبروا الجهة المسؤولة عن ذلك فتنكره بالوسائل الشرعية ، بل ليطيروا بخبره بين الناس ، وينشرونه على الشبكات المعلوماتية وغيرها ، إنها شهوة نقل الخبر التي عمت وطمت من غير سلوكٍ لوسائل النقل الصحيحة من التثبت والتأكد والستر والأدب ،فأين هؤلاء من أسس النصح الشرعي ؟ وأين هم من قول الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) .

    وليخف هؤلاء من الفضيحة على أنفسهم إذا لم يتركوا تتبع عورات الناس ، فإن أبا بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ : نَادَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَسْمَعَ الْعَوَاتِقَ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ ، لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَةَ أَخِيهِ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ فِي بَيْتِهِ ) رواه أحمد وهو صحيح لغيره ، وإسناده حسن .

    وأما الستر الحسي

    فهو أن تحسن إلى عارٍ من الثياب فتكسوه عن أعين الناس ، فو الله إن هذا لمن هدي الحبيب ، ولقد جمعت قصة ماعز الأسلمي هذين السترين ، فقد جاء في روايةٍ لأبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم رغّب رجلاً يقال له هزّال بستر ماعز فقال له : (( لو سترته بثوبك لكان خيرًا لك )) رواه أبو داود .

    فتأمل يا رعاك الله كيف يحرص النبي صلى الله عليه وسلم أن يستر على المسلمين عوراتهم حسًا ومعنى ، أحياءً وأمواتًا

    الستر خلق جميل تجود به النفوس الكبيرة ، التي تنزه أرواحها من أن تملأ مجالسها بالكلام في أعراض الناس ، وترفع أقلامها أن تسطر أخطاءهم ، وتطهّر أسماعها أن تصغي لعوارهم ، ويا لروعة الستر الجميل ؛ فإن فيه اعترافًا بفضل الله الذي سترنا بأجمل الثياب بعد أن ولدنا عراة ، (يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ) .
    وتكرم علينا فلم يفضحنا أمام خلقه بذنوبنا وتقصيرنا وقد رآنا ونحن نرتكبها ، وهل هناك أعظم سترًا من أن يسترك الله في يوم تنكشف فيه السوءات ، وتبدو فيه الذنوب ، فقد قال النبي  : ( إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ ، فَيَقُولُ : أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ أَيْ رَبِّ ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ ، قَالَ : سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الْأَشْهَادُ : ( هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) رواه البخاري .
    فاسْقِ ـ أيها الحبيب ـ حديقة الستر على المسلمين بماء الإخلاص لتحصد جناها الطيب ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ في الدنيا والآخرة ) رواه مسلم .
    اللهم استرنا بسترك الجميل ، وعفوك الكريم ، يا رحيم يا حليم .


    اخوكم / ابو القسام

  • #2
    بارك الله فيك اخى الكريم

    تعليق

    يعمل...
    X