إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نسب الرسول صلى الله عليه وسلم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نسب الرسول صلى الله عليه وسلم



    عراقة أصله:

    يذكر علماء الوراثة أنّ الشخص يتأثر بنسبه سواء من ناحية الجسم والبنية أو من ناحية الذكاء والعقل أو من ناحية الفكر والعقيدة.
    يقول د. محمد بيصار: (ولا تكون الوراثة عاملاً هاماً في نقل الصفات الحسية فحسب وإنما كذلك عن طريقها تنتقل الصفات الأدبية كالأمزجة والميول والغرائز، والصفات العقلية كالذكاء والبلادة وحسن تقدير الأمور أو سوء أو شدة الانتباه أو ضعفه إلى غير ذلك من صفات يكون لها الأثر الأقوى في تكوين أخلاق المرء وتكييفها وطبعها بطابع معيّن خيراً كان ذلك الطابع أو شراً حسناً أو قبيحاً).
    ويؤيد هذا علم القيافة. الذي أقره الرسول صلى الله عليه وسلم فعن عائشة - رضي الله عنها-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها سروراً تبرق أسارير وجهه فقال: (ألم تسمعي ما قال المدلجي لزيد وأسامة ورأى أقدامهما فقال: إنّ بعض هذا الأقدام من بعض) ( ).
    يدل عليه قوله تعالى حاكياً عن نبي الله نوح عليه السلام: ((وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً)) [نوح:26-27].
    يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: (أي فاجراً في الأعمال كافر القلب وذلك لخبرته بهم ومكثه بين أظهرهم ألف سنة إلا خمسين عاماً)( ).
    ويدخل في هذا المفهوم قوله صلى الله عليه وسلم: (ما من مولود إلا يولد على الفطرة ( ) فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء( ). يقول أبو هريرة راوي الحديث: واقرأوا إن شئتم: ((فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ)) [الروم:30]) ( ).
    وبهذا يثبت أنّ الولد يتأثر بأبويه من ناحية الجسم والبنية، ومن ناحية العقل والذكاء، ومن ناحية الفكر والعقيدة، قليلاً أو كثيراً، سلباً أو إيجاباً، وذلك بإرادة الله وقدرته. إذا عرف هذا ننظر إلى نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدى تأثره به.
    يقول الأستاذ الدكتور/ أحمد غلوش: (هيأت عناية الله تعالى سلسلة ممتازة من الآباء والأجداد للنبي صلى الله عليه وسلم ليأخذ منها عن طريق الوراثة كثيراً من الخلق والطبائع)( ).
    وقد وردت في هذا المضمار نصوص كثيرة تدل على أنّ نسب النبي صلى الله عليه وسلم هو أفضل الناس نسباً.
    من ذلك ما أخرجه الإمام مسلم عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشاً من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم) ( ).
    وقد أشار النووي -رحمه الله- إلى أنّ بني هاشم أفضل العرب لا يدانيهم في الأفضلية إلاّ بنو المطلب مستدلاً بهذا الحديث( ).
    ويقول المباركفوري عند شرحه لهذا الحديث: قوله: (إن الله اصطفى) أي اختار. يقال استصفاه واصطفاه، إذا اختاره وأخذ صفوته والصفوة من كل شيء خالصه وخياره)( ).
    ومن ذلك أيضاً ما أخرجه الترمذي عن العباس بن عبد المطلب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنّ الله خلق الخلق فجعلني من خير فرقهم وخير الفريقين ثم خير القبائل فجعلني من خير القبيلة ثم خص البيوت فجعلني من خير بيوتهم فأنا خيرهم نفساً وخيرهم بيتاً) ( ).
    أي: أصلاً إذا جئت من طيب إلى طيب إلى صلب عبدالله بنكاح لا سفاح( ).
    ومما يدل على أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم كانت له مكانة عند قومه من جهة النسب شهادة أعدائه كما ورد في قصة أبي سفيان وهو مشرك ومن ألد أعداء صاحب الرسالة آنذاك -مع هرقل ملك الروم عندما وجه إليه أسئلة عديدة تتعلق بشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم من بينها: (كيف نسبه فيكم؟ قال -أي أبو سفيان-: هو فينا ذو نسب. ثم قال هرقل في آخر القصة: سألتك عن نسبه فذكرت أنّه فيكم ذو نسب فكذلك تبعث الرسل في أنساب قومها) ( ).
    يقول النووي: (أي في أفضل أنسابهم)( ). ومما يدل على ذلك أيضاً ما جاء على لسان مفوض مشركي قريش عتبة ابن أبي ربيعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال عند افتتاح كلامه مع الرسول: (يا ابن أخي إنّك منّا حيث قد علمت من السطة ( ) في العشيرة والمكانة في النسب وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم...) ( ).
    وهاتان القصتان تشهدان بما للرسول صلى الله عليه وسلم من المكانة في النسب عند قومه لإقرار أعدائه وأعداء رسالته حيث لم يستطيعوا أن يخفوا هذه الحقيقة مع أنهم كانوا يتهمونه بتهم باطلة، مرة بالسحر، ومرة بالجنون، ومرة بالشعر والكهانة. ومع هذا لم ينقل إلينا عن أحدهم تهمة واحدة يقدحون بها الرسول صلى الله عليه وسلم من جهة النسب، كما أن النصوص الأخرى التي أوردناها تدل على أن العرب أفضل الناس من ناحية النسب وأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم من أفضلها نسباً، وأن هذه سنة الله في اختيار رسله جميعاً كما جاء في قول هرقل السابق.
    يقول الحافظ ابن حجر عند شرحه لهذا الحديث: (الظاهر أن اخبار هرقل بذلك بالجزم كان على العلم المقرر في الكتب السالفة)( ).
    والحكمة في ذلك كما قال النووي -رحمه الله- أنه أبعد من انتحاله الباطل وأقرب إلى انقياد الناس له لأن الناس يأنفون من الانقياد إلى رجل وضيع من جهة وكذلك الوضيع لا تسول نفسه له قيادة الناس عن جهة أخرى( ).
    ولهذا كان نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم له تأثير على نفسه من ناحية وعلى قومه من ناحية أخرى، كما ذكر غير واحد من العلماء.
    يقول د. محمد قلعت في هذا المقام: (هذا النسب له أثره في رسول الله وكان له أثر فيمن يبلغهم رسول الله شريعة الله، أمّا أثره في رسول الله فقد شب -عليه الصلاة والسلام- مرفوع الرأس رغم يتمه لا يعرف الذل ولا الخنوع. جريئاً في إعلان رأيه، تملأ الثقة نفسه، أما أثره فيمن دعاهم رسول الله إلى الإيمان والانضواء تحت راية الإسلام فإن أكبر شخصية في العرب لا تجد غضاضة من الانضواء تحت راية الإسلام، وقبول محمد صلى الله عليه وسلم رسولاً وحاكماً لأنهم يعترفون بأن محمداً صلى الله عليه وسلم من أعرق بيوت قريش نسباً)( ).
    وهذه حقيقة ثابتة لا جدال فيها وإن كان هناك من يعارضه من قومه لكن ليس هذا من جهة نسبه ولا رفضاً لشخصيته وإنما كان رفضاً موجهاً لرسالته صلى الله عليه وسلم.
    وصدق الله إذ يقول: ((فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ)) [الأنعام:33].
    وممَا يؤيد ذلك ما جاء على لسان أبي جهل عدو الله وعدو رسوله إذ قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (قد نعلم يا محمد أنك تصل الرحم وتصدق الحديث ولا نكذبك ولكنّ نكذب الذي جئت به) ( ) فأنزل الله -عز وجل-: ((قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ)) [الأنعام:33].
    أي إن رفض قريش كان موجهاً للدعوة التي دعاهم إليها الرسول صلى الله عليه وسلم لا لشخصيته كما يفيد منطوق قول أبي جهل السابق. ولهذا ورد أنهم عرضوا عليه الجاه والسيادة والملك وجمع الأموال والمغريات الأخرى مقابل ترك هذه الدعوة كلية أو جزءاً منها كحل وسط ( ) ولكنهم لم ينجحوا فيها لأن موقف الرسول صلى الله عليه وسلم كان ثابتاً. وعرض هذه الأمور عليه يدل على سمو مكانة النبي صلى الله عليه وسلم من جهة النسب عند قومه قريش الذين كانوا يأنفون أن يخضعوا للوضيع مهما كان الأمر وخاصة إذا جاء بأمر يخالف عاداتهم وتقاليدهم مثل ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدين الحنيف والدعوة إلى التوحيد ونبذ الشرك والأوثان وما كان سائداً في مجتمع مكة من عادات وتقاليد جاهلية.
    [size=3]فتحي الشقاقي**الكلمة الصادقة ** والنظرة الثاقبة ** والرؤية الواضحة...
يعمل...
X