باريس - بعد أقل من شهر على تحذير أحد مستشاري بابا الفاتيكان مما سماه "أسلمة أوروبا"، يعقد في فرنسا هذه الأيام أكبر ملتقى مسيحي داخلي تحت رعاية الكنيسة الكاثوليكية من أجل فهم الإسلام ومحاولة التعرف عليه وعلى حضارته وتاريخه، وسط تساؤلات طرحها القساوسة تتعلق بالأسباب التي تؤدي إلى امتلاء المساجد بالمصلين وخلو الكنائس منهم في أوروبا بوجه عام.
وفي بادرة تعبر عن الاهتمام المتزايد من قبل الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية بظاهرة انتشار الإسلام ونمو عدد المعتنقين الجدد للديانة الخاتمة في فرنسا وأوروبا نظم "مركز العلاقة مع الإسلام" التابع للكنيسة دورة إعداد للأساقفة تمتد لمدة أسبوع، كان السؤال الكبير الحاضر فيها هو: "لماذا هذا الإقبال الكبير على الإسلام مقابل الفراغ وأزمة الرواد التي تعيشها الكنائس؟!".
ومن المفارقات أنه في الطريق المؤدي إلى مقر هذه الدورة الداخلية للأساقفة الفرنسيين يقع مسجد صغير اكتظ بالمصلين الذين ارتادوه أمس لأداء شعائر الجمعة فافترش غالبيتهم الأرصفة من أجل سماع الخطبة ثم الصلاة.
دورة الإعداد حول الإسلام والتي يشارك فيها حوالي 40 أسقفا من كافة أنحاء فرنسا، تمتد أعمالها حتى غد الأحد في مدينة "أورسي" في الضواحي الجنوبية للعاصمة الفرنسية باريس.
وتهتم الدورة -حسبما أعلن منظموها- بالتعرف "بشكل معمق على الإسلام وتاريخه وحضارته والأسس التي يبنى عليها"، وهو اهتمام يقول عنه الأسقف أمانويل تييري إنه يعكس سؤالا كبيرًا بدأ يطرح في الدوائر الكنسية منذ سنوات: "ما هو سر امتلاء المساجد في فرنسا على سبيل المثال مقابل هجر الناس للكنائس؟!". العلمانية.. السبب
وفي معرض تفسيره لقضية هجر الفرنسيين للكنائس، سبق أن صرح القس الفرنسي الشهير ميشال لولنج بأن "هذه الظاهرة ليست جديدة وترتبط بتاريخ الصراع بين الدولة والكنيسة والذي أفضى في مراحل معينة إلى سحب العديد من صلاحيات الكنيسة وتهميشها من الحياة العامة".
"كما يرتبط ذلك -بحسب القس لولنج- بطابع الحياة العلمانية للمجتمع الفرنسي والذي أصبح فيه الدين بشكل عام والمسيحية بشكل خاص مهمشين وغير ذوي نفوذ في المجتمع".
من جهتها تناولت جريدة لوموند الفرنسية في عددها ليوم 15-8-2007 الدورة التدريبية للقساوسة حيث وصفتها بأنها "الأكبر من نوعها". وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الكثير من القساوسة كان دافعهم إلى حضور هذه الدورة هو بالذات ما يشاهدونه في أحيائهم من "اكتظاظ للمساجد مقابل خلو الكنائس".
وفي تصريحاته للجريدة نفسها، قال القس كرستوف ريكو مدير "مكتب العلاقات مع الإسلام" في الكنيسة الكاثوليكية: إن عدد القساوسة الذين جاءوا لمتابعة الدورة غير مسبوق، وإن ذلك يعكس الاهتمام الواسع بملف الإسلام.
وأضاف القس: "أكبر التعليقات التي برزت من قبل القساوسة تركزت حول أسرار الإقبال الكبير على الإسلام والعزوف عن الذهاب إلى الكنيسة حتى أيام الأحد.
ويجمع المشاركون في الدورة على أن مساجد فرنسا تشهد إقبالا غير مسبوق لا من قبل المهاجرين الوافدين من بلدانهم الأصلية فحسب، بل من الفرنسيين من الجيلين الثاني والثالث الذين لا يحسن غالبيتهم اللغة العربية، بحسب القس جان فيليب الذي يلاحظ أن "اعتناق الإسلام أصبح ظاهرة لافتة للانتباه امتدت لقطاعات كبيرة من المجتمع الفرنسي".
وتقول تقديرات السلطات الفرنسية إن عدد المعتنقين الجدد للإسلام بفرنسا حتى الآن هو 50 ألف فرنسي من جملة 6 ملايين فرنسي مسلم يعيشون بفرنسا.
وحذر جورج جاينزفاين السكرتير الخاص لبابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر أواخر الشهر الماضي مما سماه "أسلمة أوروبا"، كما دعا لمقاومة القيم الإسلامية باعتبارها خطرًا على الهوية الأوروبية، وهو التصريح الذي أثار استنكار العديد من الشخصيات والمنظمات المسلمة العاملة بأوروبا.
ورأت هذه الشخصيات والمنظمات أن هذا التصريح يهدف لخلق مزيد من الأجواء العدائية تجاه المسلمين في أوروبا، مؤكدين أن الأوروبيين يقبلون على اعتناق الإسلام طواعية.
الأرصفة خير شاهد
وتعكس صلاة الجمعة في المساجد الباريسية دومًا الإقبال الكبير على الإسلام في أوروبا، حيث تفترش الأرصفة المحاذية للمساجد من أجل استيعاب المصلين.
ويقول الحاج مامدو إبراهيم أحد المسئولين عن مسجد "الفتح" في الدائرة الثامنة عشرة من باريس"نفترش كل يوم جمعة الأرصفة المجاورة بسبب الاكتظاظ الكبير داخل المسجد؛ وهو الأمر الذي أثار شكاوى الكثير من أصحاب المحلات المجاورة للمسجد".
ويؤكد التهامي إبريز رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا أنه في ظل ضيق المساجد القائمة بروادها من المصلين "تعددت مؤخرا الطلبات المتزايدة لبناء المساجد وآخرها مطلب بناء المسجد الكبير في مدينة مرسيليا الذي يواجه صعوبات وعراقيل من أجل إنجازه".
"لا شك أن هناك إقبالا كبيرا على الإسلام في القارة الأوروبية يكشف فتوة الإسلام وقدرته على الإقناع بالرغم من حملات التخويف و التشويه"، حسبما أضاف التهامي .
ويبلغ عدد المساجد في فرنسا حوالي 1500 مسجد معظمها عبارة عن أقبية؛ وهو ما دفع بالعديد من الجمعيات المسلمة إلى جعل ملف بناء المساجد أحد أكبر أولوياته.
ويقدر إجمالي عدد المسلمين في القارة الأوروبية بما يقارب 38 مليون مسلم في أوروبا، بنسبة 10% من سكانها
وفي بادرة تعبر عن الاهتمام المتزايد من قبل الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية بظاهرة انتشار الإسلام ونمو عدد المعتنقين الجدد للديانة الخاتمة في فرنسا وأوروبا نظم "مركز العلاقة مع الإسلام" التابع للكنيسة دورة إعداد للأساقفة تمتد لمدة أسبوع، كان السؤال الكبير الحاضر فيها هو: "لماذا هذا الإقبال الكبير على الإسلام مقابل الفراغ وأزمة الرواد التي تعيشها الكنائس؟!".
ومن المفارقات أنه في الطريق المؤدي إلى مقر هذه الدورة الداخلية للأساقفة الفرنسيين يقع مسجد صغير اكتظ بالمصلين الذين ارتادوه أمس لأداء شعائر الجمعة فافترش غالبيتهم الأرصفة من أجل سماع الخطبة ثم الصلاة.
دورة الإعداد حول الإسلام والتي يشارك فيها حوالي 40 أسقفا من كافة أنحاء فرنسا، تمتد أعمالها حتى غد الأحد في مدينة "أورسي" في الضواحي الجنوبية للعاصمة الفرنسية باريس.
وتهتم الدورة -حسبما أعلن منظموها- بالتعرف "بشكل معمق على الإسلام وتاريخه وحضارته والأسس التي يبنى عليها"، وهو اهتمام يقول عنه الأسقف أمانويل تييري إنه يعكس سؤالا كبيرًا بدأ يطرح في الدوائر الكنسية منذ سنوات: "ما هو سر امتلاء المساجد في فرنسا على سبيل المثال مقابل هجر الناس للكنائس؟!". العلمانية.. السبب
وفي معرض تفسيره لقضية هجر الفرنسيين للكنائس، سبق أن صرح القس الفرنسي الشهير ميشال لولنج بأن "هذه الظاهرة ليست جديدة وترتبط بتاريخ الصراع بين الدولة والكنيسة والذي أفضى في مراحل معينة إلى سحب العديد من صلاحيات الكنيسة وتهميشها من الحياة العامة".
"كما يرتبط ذلك -بحسب القس لولنج- بطابع الحياة العلمانية للمجتمع الفرنسي والذي أصبح فيه الدين بشكل عام والمسيحية بشكل خاص مهمشين وغير ذوي نفوذ في المجتمع".
من جهتها تناولت جريدة لوموند الفرنسية في عددها ليوم 15-8-2007 الدورة التدريبية للقساوسة حيث وصفتها بأنها "الأكبر من نوعها". وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الكثير من القساوسة كان دافعهم إلى حضور هذه الدورة هو بالذات ما يشاهدونه في أحيائهم من "اكتظاظ للمساجد مقابل خلو الكنائس".
وفي تصريحاته للجريدة نفسها، قال القس كرستوف ريكو مدير "مكتب العلاقات مع الإسلام" في الكنيسة الكاثوليكية: إن عدد القساوسة الذين جاءوا لمتابعة الدورة غير مسبوق، وإن ذلك يعكس الاهتمام الواسع بملف الإسلام.
وأضاف القس: "أكبر التعليقات التي برزت من قبل القساوسة تركزت حول أسرار الإقبال الكبير على الإسلام والعزوف عن الذهاب إلى الكنيسة حتى أيام الأحد.
ويجمع المشاركون في الدورة على أن مساجد فرنسا تشهد إقبالا غير مسبوق لا من قبل المهاجرين الوافدين من بلدانهم الأصلية فحسب، بل من الفرنسيين من الجيلين الثاني والثالث الذين لا يحسن غالبيتهم اللغة العربية، بحسب القس جان فيليب الذي يلاحظ أن "اعتناق الإسلام أصبح ظاهرة لافتة للانتباه امتدت لقطاعات كبيرة من المجتمع الفرنسي".
وتقول تقديرات السلطات الفرنسية إن عدد المعتنقين الجدد للإسلام بفرنسا حتى الآن هو 50 ألف فرنسي من جملة 6 ملايين فرنسي مسلم يعيشون بفرنسا.
وحذر جورج جاينزفاين السكرتير الخاص لبابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر أواخر الشهر الماضي مما سماه "أسلمة أوروبا"، كما دعا لمقاومة القيم الإسلامية باعتبارها خطرًا على الهوية الأوروبية، وهو التصريح الذي أثار استنكار العديد من الشخصيات والمنظمات المسلمة العاملة بأوروبا.
ورأت هذه الشخصيات والمنظمات أن هذا التصريح يهدف لخلق مزيد من الأجواء العدائية تجاه المسلمين في أوروبا، مؤكدين أن الأوروبيين يقبلون على اعتناق الإسلام طواعية.
الأرصفة خير شاهد
وتعكس صلاة الجمعة في المساجد الباريسية دومًا الإقبال الكبير على الإسلام في أوروبا، حيث تفترش الأرصفة المحاذية للمساجد من أجل استيعاب المصلين.
ويقول الحاج مامدو إبراهيم أحد المسئولين عن مسجد "الفتح" في الدائرة الثامنة عشرة من باريس"نفترش كل يوم جمعة الأرصفة المجاورة بسبب الاكتظاظ الكبير داخل المسجد؛ وهو الأمر الذي أثار شكاوى الكثير من أصحاب المحلات المجاورة للمسجد".
ويؤكد التهامي إبريز رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا أنه في ظل ضيق المساجد القائمة بروادها من المصلين "تعددت مؤخرا الطلبات المتزايدة لبناء المساجد وآخرها مطلب بناء المسجد الكبير في مدينة مرسيليا الذي يواجه صعوبات وعراقيل من أجل إنجازه".
"لا شك أن هناك إقبالا كبيرا على الإسلام في القارة الأوروبية يكشف فتوة الإسلام وقدرته على الإقناع بالرغم من حملات التخويف و التشويه"، حسبما أضاف التهامي .
ويبلغ عدد المساجد في فرنسا حوالي 1500 مسجد معظمها عبارة عن أقبية؛ وهو ما دفع بالعديد من الجمعيات المسلمة إلى جعل ملف بناء المساجد أحد أكبر أولوياته.
ويقدر إجمالي عدد المسلمين في القارة الأوروبية بما يقارب 38 مليون مسلم في أوروبا، بنسبة 10% من سكانها
تعليق