بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله لا يرجى إلا ضيره، و لا يخشى إلا ضيره، و لا إله لنا غيره، و الصلاة و السلام الأتمان الأكملان الأزكيان الأشرفان على خير البرية، و هادي البشرية، نبينا محمد و على آله و صحبه أزكى سلام و أوفى تحية، و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم القيامة.
أما بعد: فإن من أعظم الوصايا وصية رب البرايا، فاتقوا الله –رحمكم الله- فان تقوى الله أمان من البلايا، و حصن من الرزايا، بالتقوى أمن الديار، و حفظ الذمار، وهناء العيش و الاستقرار، و كثرة الخيرات، واستجلاب البركات، "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء..."[الأعراف/96]، و بها النجاة فوق الأرض و تحت الأرض و يوم العرض.
فهذه رسالة بسيطة توضح منهاج الفرقة الناجية التي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه و سلم- في الحديث الشريف لتنير الطريق للغافلين، و ليكونوا من المنصورين إن شاء الله. قال تعالى:"واعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا" [آل عمران/103]. و قال تعلى :"و لا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا، كل حزب بما لديهم فرحون" [الروم/31-32]. وهناك أيضا آيات كثيرة توضح لزوم جماعة المسلمين ليكونوا من الفرقة المنصورة. و قد أخبر الرسول –صلى الله عليه وسلم- في الأحاديث الصحيحة عن الفرقة الناجية، فعن العرباض بن سارية –رضي الله عنه- قال: قال رسول اله صلى الله عليه و سلم-: "أوصيكم بتقوى الله و السمع و الطاعة، و إن تأمر عليكم عبد حبشي، و إنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، و إياكم و محدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، و كل بدعة ضلالة [و كل ضلالة في النار]. (أخرجه أبو داود و الترمذي وقال حديث حسن صحيح، و الزيادة عند النسائي).
وها نحن الآن نعيش فعلا في اختلافات لا داعي لها، ولو أن الجميع رجعوا إلى الكتاب و السنة و تركوا التعصب المذهبي، و تركوا العناد و الجدال و وافقوا على الدليل لكان خيرا للإسلام و المسلمين و لتوحد المسلمون و أصبحوا على ملة واحدة و هي الجماعة، و قد قال نبينا –صلى الله عليه و سلم-: "ألا و إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين و سبعين ملة، و إن هذه الملة ستفترق على ثلاثة وسبعين: ثنتان و سبعون في النار، و واحدة في الجنة و هي الجماعة" [أخرجه احمد و أبو داود و غيرهم]. و في رواية ":كلهم في النار إلا ملة واحدة: ما أنا عليه و أصحابي"
وكذلك قد و ضح الرسول –عليه الصلاة و السلام- للمسلمين الطريق الهادي إلى سبيل الله، و حذرنا من سبل الشيطان، فعن ابن مسعود –رضي الله عنه- قال: خط لنا رسول الله –صلى الله عليه و سلم- خطا بيده ثم قال: "هذا سبيل الله مستقيما" و خط خطوطا عن يمينه و شماله، ثم قال: "هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه" ثم قرأ قوله تعالى "و أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه، و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم و صاكم به لعلكم تتقون". بالأنعام/153]. (أخرجه أحمد و النسائي).
أخي المسلم........... أختي المسلمة:
سؤال يطرح نفسه، يجب الإجابة عليه، ما منهاج الفرقة الناجية؟
1) الفرقة الناجية:
هي التي تلتزم منهاج الرسول –عليه الصلاة و السلام-، ومنهاج أصحابه من بعده، و هو القرآن الذي أنزله الله على رسوله –عليه الصلاة و السلام- و بينه لصحابته في أحاديثه الصحيحة، و أمر المسلمين بالتمسك بها، فعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله و سنتي، و لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض: [أخرجه أحمد و الطبراني و الحاكم، صحيح الجامع 2937].
2) الفرقة الناجية:
هي التي تعود إلى كلام الله و رسوله –صلى الله عليه و سلم- حين التنازع و الاختلاف عملا بقوله تعالى "... فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر، ذلك خير وأحسن تأويلا". [النساء/59]. و قال تعالى: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فينا شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما". [النساء/65].
3) الفرقة الناجية:
هي التي لا تقدم كلام أحد على كلام الله و كلام رسول - عليه الصلاة والسلام-، و قد قال ابن عباس –رضي الله عنهما: "أخشى أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول لكم قال رسول الله، و تقولون قال أبوبكر و عمر، فلا يجب على أي أحد أن يصر على كلامه و التعصب له ما دام وجد الدليل الصحيح فلربما الإمام الفلاني و الشيخ الفلاني يخطئ، لذلك يجب على كل مسلم أن لا يتعصب لكلام أي كان من البشر إلا كلام الله ورسوله –عليه الصلاة و السلام- الذي لا ينطق عن الهوى، أما غيره فهو يصيب و يخطئ.
4) الفرقة الناجية:
هي التي تعتبر التوحيد هو إفراد الله بالعبادة و الدعاء و الاستعانة و الاستغاثة وقت الشدة و الرخاء، والذبح و النذر، و التوكل و الحكم بما أنزل الله، وغير ذلك من أنواع العبادات. هو الأساس الذي نبني عليه الدولة الإسلامية الصحيحة، و لابد من إبعاد الشرك و مظاهره الموجودة في أكثر البلاد الإسلامية، و لا يمكن النصر لأي جماعة تهمل التوحيد.
5) الفرقة الناجية:
هي التي تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر، فهي تنكر الطرق المبتدعة و الأحزاب الهدامة التي فرقت الأمة و ابتعدت في الدين عن سنة رسول الله –صلى الله عليه و سلم- و أصحابه.
6) الفرقة الناجية:
هي التي تنكر القوانين الوضعية التي هي من وضع البشر و المخالفة لحكم الإسلام، و هي تدعو إلى الحكم بكتاب الله الذي أنزله لسعادة البشر في الدنيا و الآخرة، و هو أعلم سبحانه و تعالى بما يصلح لهم، و إن سبب شقاء العالم كافة و العالم الإسلامي خاصة، و هو تركه الحكم بكتاب الله و سنة رسول الله –صلى الله عليه و سلم- ، قال تعالى: "... و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكـفرون". [المائدة/44]. فلقد استخدموا كل المناهج و كل السبل، فلماذا لا يستخدمون الإسلام مرة؟ و سيرون بعد ذلك.
7) الفرقة الناجية:
هي التي تدعوا المسلمين جميعا إلى الجهاد في سبيل الله، و هو واجب على كل مسلم حسب طاقته و استطاعته، و يكون الجهاد بما يلي:
أ)- الجهاد باللسان و القلم بدعوة المسلمين و غيرهم بالتمسك بالإسلام الصحيح و بالتوحيد الخالي من الشرك الذي انتشر في البلاد الإسلامية.
ب)- الجهاد بالمال، و يكون بالأنفاق على نشر الإسلام، و دعم المجاهدين الذين يجاهدون في سبيل الله، و طبع الكتب الداعية إلى الإسلام على الوجه الصحيح، وبتوزيع المال على المؤلفة قلوبهم من ضعفاء المسلمين لتربيتهم على الإسلام.
ج)- الجهاد بالنفس، و يكون بالقتال و الاشتراك في المعارك لنصرة الإسلام و لتكون كلمة الله هي العليا، و كلمة الذين كفروا هي السفلى، عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم-: "جاهدوا بأموالكم و أنفسكم و ألسنتكم". (أخرجه أبو داود و أحمد).
8) الفرقة الناجية:
هي التي يعاديها الكثير من الناس، و يفترون عليها، و يتنابزون بالألقاب، و لهم في الأنبياء أسوة حسنة، فهم أهل الحديث الذين قال رسول الله –صلى الله عليه و سلم- فيهم: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله،" [أخرجه مسلم]. و قال أيضا: " طوبى للغرباء، أناس صالحون في أناس سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم". [أخرجه أحمد]. و قد قال أحد العلماء كل مبتدع يبغض أهل الحديث.
9) الفرقة الناجية:
هي التي لا تبدع في دين الله شيئا حتى و إن كان حسنا، فليس هناك بدعة حسنة أو ينة حسنة لم يعلمنا إياها رسول الله –صلى الله عليه و سلم-، قال عبدالله بن عباس –رضي الله عنهما- "كل بدعة ضلالة، و إن رآها الناس حسنة" [أخرجه اللالكائي]. و عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله –صلى الله عليه و سلم-: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد". [أخرجه مسلم].
10) الفرقة الناجية:
هي التي لا تشد الرحال إلا إلى الثلاثة التي أخبر عنها الرسول –عليه الصلاة و السلام- في الحديث الشريف : "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، و مسجدي هذا، و المسجد الأقصى". (أخرجه مسلم). فهناك كثير من الناس يشدون الرحال إلى القبور للتوسل بها و الطواف حولها و الدعاء عندها، فهذا شرك بالله، نسأل الله العافية، و قد قال الرسول –صلى الله عليه و سلم- في الحديث الصحيح :"... إذا سألت فاسأل الله، و إذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك، لم ينفعوك بشيء، إلا قد كتبها الله عليك، جفت الأقلام و رفعت الصحف" [أخرجه أحمد و الترمذي].
و كل هذا بسب المشايخ و العلماء المضلين الذين يتاجرون بالدين من أجل المال، و قد ورد في الأثر يهدم الإسلام بثلاث: زلة عالم، أئمة مضلين، و منافق يجادل بالقرآن.
11)الفرقة الناجية:
هي التي تحترم الأئمة المجتهدين، و لا تتعصب لواحد، و تأخذ من الكتاب و السنة الصحيحة و لا تتبع الأهواء، و تأخذ من أقوال جميع الأئمة إذا وافق كلامهم قول النبي –صلى الله عليه و سلم-، و في هذه الرسالة نذكر كلامهم بأن نترك كل قول يخالف الحديث الصحيح و الدليل.
أقوال الأئمة في إتباع السنة و ترك أقوالهم المخالفة لها
أخي المسلم، أختي المسلمة ،،،
حتى نكون على بينة من أمور ديننا، أحببنا أن نضيف في هذه الرسالة أقوال الأئمة الأربعة –رحمهم الله تعالى، و أدخلهم فسيح جناته-، فهم الذين يأمروننا بعدم التعصب لهم، و عدم الأخذ بقولهم إذا كان يخالف الدليل، فهم أئمة مجتهدون، فإن أصابوا فلهم أجران، و إن اخطئوا فلهم أجر، و نحن إذا تعصبنا لقول لمجرد انه قولهم فإننا نأثم ما لم نرجع إلى الكتاب و على السنة الصحيحة و إذا كان هناك اختلاف بينهم فلابد من الرجوع إلى الحديث الصحيح، فهم لم يحصلوا على جميع الأحاديث الصحيحة لبعدهم عن بعض و لمشقة الطريق عليهم، -رضي الله عنهم و أرضاهم-.
1) الإمام أبي حنيفة –رحمه الله تعالى-
قال: "لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه" و في رواية" حرام على من لا يعرف دليلي أن يفتي بكلامي" و زاد في رواية "فإننا بشر نقول اليوم و نرجع عنه غدا" و قال أيضا "إذا قلت قولا يخالف كتاب الله و خبر الرسول –صلى الله عليه و سلم- فاتركوا قولي".
2) الأمام مالك –رحمه الله تعالى-
قال: "أنما أنا بشر أخطئ و أصيب، فانتظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب و السنة فخذوه، و كل ما لم يوافق الكتاب و السنة فاتركوه، و قال أيضا "ليس بعد النبي –صلى الله عليه و سلم- إلا و يؤخذ من قوله و يترك، إلا النبي –صلى الله عليه و سلم-" [رواه ابن عبد البر، و ابن حزم].
3) الإمام الشافعي –رحمه الله تعالى-
قال: "إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله –صلى الله عليه و سلم-، فقولوا بسنة رسول الله –صلى الله عليه و سلم- و دعوا ما قلت" [أخرجه الهروي و النووي]. و قال أيضا "كل ما قلت، فكان عن النبي –صلى الله عليه و سلم- خلاف قولي مما صح، فحديث النبي أولى، فلا تقلدوني"[أخرجه أبي حاتم و أبو نعيم و ابن عساكر]. وهناك أقوال كثيرة للإمام الشافعي –رحمه الله تعالى- توضح بأنه بشر يصيب و يخطئ.
4) الإمام أحمد بن حنبل –رحمه الله تعالى-
قال: "لا تقلدوني و لا تقلدوا مالكا و لا شافعيا و لا الأوزاعي ولا الثوري و خذوا من حيث اخذوا". و قال أيضا "من رد حديث النبي –صلى الله عليه و سلم- فهو على شفا هلكة". [أخرجه ابن الجوزي و ابن القيم].
أخي المسلم، أختي المسلمة...
تلك أقوال الأئمة –رضي الله عنهم- التي يأمروننا فيها بالتمسك بالحديث و النهي عن تقليدهم دون بصيرة و أن نأخذ مما أخذوا.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن قال فيهم "إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا و أطعنا و أولئك هم المفلحون(51) و من يطع اله ورسوله و يخشى الله و يتقه فأولئك هم الفائزون(52)". [النور/51، 52].
نسأل الله أن نكون من الفائزين و من الفرقة الناجية التي أخبر عنها و عن منهاجها نبينا –صلى الله عليه و سلم-، و أن يجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه. ألا هل بلغت اللهم فاشهد. سبحانك اللهم و بحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك.
وصل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم.
الحمد لله لا يرجى إلا ضيره، و لا يخشى إلا ضيره، و لا إله لنا غيره، و الصلاة و السلام الأتمان الأكملان الأزكيان الأشرفان على خير البرية، و هادي البشرية، نبينا محمد و على آله و صحبه أزكى سلام و أوفى تحية، و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم القيامة.
أما بعد: فإن من أعظم الوصايا وصية رب البرايا، فاتقوا الله –رحمكم الله- فان تقوى الله أمان من البلايا، و حصن من الرزايا، بالتقوى أمن الديار، و حفظ الذمار، وهناء العيش و الاستقرار، و كثرة الخيرات، واستجلاب البركات، "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء..."[الأعراف/96]، و بها النجاة فوق الأرض و تحت الأرض و يوم العرض.
فهذه رسالة بسيطة توضح منهاج الفرقة الناجية التي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه و سلم- في الحديث الشريف لتنير الطريق للغافلين، و ليكونوا من المنصورين إن شاء الله. قال تعالى:"واعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا" [آل عمران/103]. و قال تعلى :"و لا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا، كل حزب بما لديهم فرحون" [الروم/31-32]. وهناك أيضا آيات كثيرة توضح لزوم جماعة المسلمين ليكونوا من الفرقة المنصورة. و قد أخبر الرسول –صلى الله عليه وسلم- في الأحاديث الصحيحة عن الفرقة الناجية، فعن العرباض بن سارية –رضي الله عنه- قال: قال رسول اله صلى الله عليه و سلم-: "أوصيكم بتقوى الله و السمع و الطاعة، و إن تأمر عليكم عبد حبشي، و إنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، و إياكم و محدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، و كل بدعة ضلالة [و كل ضلالة في النار]. (أخرجه أبو داود و الترمذي وقال حديث حسن صحيح، و الزيادة عند النسائي).
وها نحن الآن نعيش فعلا في اختلافات لا داعي لها، ولو أن الجميع رجعوا إلى الكتاب و السنة و تركوا التعصب المذهبي، و تركوا العناد و الجدال و وافقوا على الدليل لكان خيرا للإسلام و المسلمين و لتوحد المسلمون و أصبحوا على ملة واحدة و هي الجماعة، و قد قال نبينا –صلى الله عليه و سلم-: "ألا و إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين و سبعين ملة، و إن هذه الملة ستفترق على ثلاثة وسبعين: ثنتان و سبعون في النار، و واحدة في الجنة و هي الجماعة" [أخرجه احمد و أبو داود و غيرهم]. و في رواية ":كلهم في النار إلا ملة واحدة: ما أنا عليه و أصحابي"
وكذلك قد و ضح الرسول –عليه الصلاة و السلام- للمسلمين الطريق الهادي إلى سبيل الله، و حذرنا من سبل الشيطان، فعن ابن مسعود –رضي الله عنه- قال: خط لنا رسول الله –صلى الله عليه و سلم- خطا بيده ثم قال: "هذا سبيل الله مستقيما" و خط خطوطا عن يمينه و شماله، ثم قال: "هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه" ثم قرأ قوله تعالى "و أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه، و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم و صاكم به لعلكم تتقون". بالأنعام/153]. (أخرجه أحمد و النسائي).
أخي المسلم........... أختي المسلمة:
سؤال يطرح نفسه، يجب الإجابة عليه، ما منهاج الفرقة الناجية؟
1) الفرقة الناجية:
هي التي تلتزم منهاج الرسول –عليه الصلاة و السلام-، ومنهاج أصحابه من بعده، و هو القرآن الذي أنزله الله على رسوله –عليه الصلاة و السلام- و بينه لصحابته في أحاديثه الصحيحة، و أمر المسلمين بالتمسك بها، فعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله و سنتي، و لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض: [أخرجه أحمد و الطبراني و الحاكم، صحيح الجامع 2937].
2) الفرقة الناجية:
هي التي تعود إلى كلام الله و رسوله –صلى الله عليه و سلم- حين التنازع و الاختلاف عملا بقوله تعالى "... فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر، ذلك خير وأحسن تأويلا". [النساء/59]. و قال تعالى: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فينا شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما". [النساء/65].
3) الفرقة الناجية:
هي التي لا تقدم كلام أحد على كلام الله و كلام رسول - عليه الصلاة والسلام-، و قد قال ابن عباس –رضي الله عنهما: "أخشى أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول لكم قال رسول الله، و تقولون قال أبوبكر و عمر، فلا يجب على أي أحد أن يصر على كلامه و التعصب له ما دام وجد الدليل الصحيح فلربما الإمام الفلاني و الشيخ الفلاني يخطئ، لذلك يجب على كل مسلم أن لا يتعصب لكلام أي كان من البشر إلا كلام الله ورسوله –عليه الصلاة و السلام- الذي لا ينطق عن الهوى، أما غيره فهو يصيب و يخطئ.
4) الفرقة الناجية:
هي التي تعتبر التوحيد هو إفراد الله بالعبادة و الدعاء و الاستعانة و الاستغاثة وقت الشدة و الرخاء، والذبح و النذر، و التوكل و الحكم بما أنزل الله، وغير ذلك من أنواع العبادات. هو الأساس الذي نبني عليه الدولة الإسلامية الصحيحة، و لابد من إبعاد الشرك و مظاهره الموجودة في أكثر البلاد الإسلامية، و لا يمكن النصر لأي جماعة تهمل التوحيد.
5) الفرقة الناجية:
هي التي تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر، فهي تنكر الطرق المبتدعة و الأحزاب الهدامة التي فرقت الأمة و ابتعدت في الدين عن سنة رسول الله –صلى الله عليه و سلم- و أصحابه.
6) الفرقة الناجية:
هي التي تنكر القوانين الوضعية التي هي من وضع البشر و المخالفة لحكم الإسلام، و هي تدعو إلى الحكم بكتاب الله الذي أنزله لسعادة البشر في الدنيا و الآخرة، و هو أعلم سبحانه و تعالى بما يصلح لهم، و إن سبب شقاء العالم كافة و العالم الإسلامي خاصة، و هو تركه الحكم بكتاب الله و سنة رسول الله –صلى الله عليه و سلم- ، قال تعالى: "... و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكـفرون". [المائدة/44]. فلقد استخدموا كل المناهج و كل السبل، فلماذا لا يستخدمون الإسلام مرة؟ و سيرون بعد ذلك.
7) الفرقة الناجية:
هي التي تدعوا المسلمين جميعا إلى الجهاد في سبيل الله، و هو واجب على كل مسلم حسب طاقته و استطاعته، و يكون الجهاد بما يلي:
أ)- الجهاد باللسان و القلم بدعوة المسلمين و غيرهم بالتمسك بالإسلام الصحيح و بالتوحيد الخالي من الشرك الذي انتشر في البلاد الإسلامية.
ب)- الجهاد بالمال، و يكون بالأنفاق على نشر الإسلام، و دعم المجاهدين الذين يجاهدون في سبيل الله، و طبع الكتب الداعية إلى الإسلام على الوجه الصحيح، وبتوزيع المال على المؤلفة قلوبهم من ضعفاء المسلمين لتربيتهم على الإسلام.
ج)- الجهاد بالنفس، و يكون بالقتال و الاشتراك في المعارك لنصرة الإسلام و لتكون كلمة الله هي العليا، و كلمة الذين كفروا هي السفلى، عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم-: "جاهدوا بأموالكم و أنفسكم و ألسنتكم". (أخرجه أبو داود و أحمد).
8) الفرقة الناجية:
هي التي يعاديها الكثير من الناس، و يفترون عليها، و يتنابزون بالألقاب، و لهم في الأنبياء أسوة حسنة، فهم أهل الحديث الذين قال رسول الله –صلى الله عليه و سلم- فيهم: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله،" [أخرجه مسلم]. و قال أيضا: " طوبى للغرباء، أناس صالحون في أناس سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم". [أخرجه أحمد]. و قد قال أحد العلماء كل مبتدع يبغض أهل الحديث.
9) الفرقة الناجية:
هي التي لا تبدع في دين الله شيئا حتى و إن كان حسنا، فليس هناك بدعة حسنة أو ينة حسنة لم يعلمنا إياها رسول الله –صلى الله عليه و سلم-، قال عبدالله بن عباس –رضي الله عنهما- "كل بدعة ضلالة، و إن رآها الناس حسنة" [أخرجه اللالكائي]. و عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله –صلى الله عليه و سلم-: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد". [أخرجه مسلم].
10) الفرقة الناجية:
هي التي لا تشد الرحال إلا إلى الثلاثة التي أخبر عنها الرسول –عليه الصلاة و السلام- في الحديث الشريف : "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، و مسجدي هذا، و المسجد الأقصى". (أخرجه مسلم). فهناك كثير من الناس يشدون الرحال إلى القبور للتوسل بها و الطواف حولها و الدعاء عندها، فهذا شرك بالله، نسأل الله العافية، و قد قال الرسول –صلى الله عليه و سلم- في الحديث الصحيح :"... إذا سألت فاسأل الله، و إذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك، لم ينفعوك بشيء، إلا قد كتبها الله عليك، جفت الأقلام و رفعت الصحف" [أخرجه أحمد و الترمذي].
و كل هذا بسب المشايخ و العلماء المضلين الذين يتاجرون بالدين من أجل المال، و قد ورد في الأثر يهدم الإسلام بثلاث: زلة عالم، أئمة مضلين، و منافق يجادل بالقرآن.
11)الفرقة الناجية:
هي التي تحترم الأئمة المجتهدين، و لا تتعصب لواحد، و تأخذ من الكتاب و السنة الصحيحة و لا تتبع الأهواء، و تأخذ من أقوال جميع الأئمة إذا وافق كلامهم قول النبي –صلى الله عليه و سلم-، و في هذه الرسالة نذكر كلامهم بأن نترك كل قول يخالف الحديث الصحيح و الدليل.
أقوال الأئمة في إتباع السنة و ترك أقوالهم المخالفة لها
أخي المسلم، أختي المسلمة ،،،
حتى نكون على بينة من أمور ديننا، أحببنا أن نضيف في هذه الرسالة أقوال الأئمة الأربعة –رحمهم الله تعالى، و أدخلهم فسيح جناته-، فهم الذين يأمروننا بعدم التعصب لهم، و عدم الأخذ بقولهم إذا كان يخالف الدليل، فهم أئمة مجتهدون، فإن أصابوا فلهم أجران، و إن اخطئوا فلهم أجر، و نحن إذا تعصبنا لقول لمجرد انه قولهم فإننا نأثم ما لم نرجع إلى الكتاب و على السنة الصحيحة و إذا كان هناك اختلاف بينهم فلابد من الرجوع إلى الحديث الصحيح، فهم لم يحصلوا على جميع الأحاديث الصحيحة لبعدهم عن بعض و لمشقة الطريق عليهم، -رضي الله عنهم و أرضاهم-.
1) الإمام أبي حنيفة –رحمه الله تعالى-
قال: "لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه" و في رواية" حرام على من لا يعرف دليلي أن يفتي بكلامي" و زاد في رواية "فإننا بشر نقول اليوم و نرجع عنه غدا" و قال أيضا "إذا قلت قولا يخالف كتاب الله و خبر الرسول –صلى الله عليه و سلم- فاتركوا قولي".
2) الأمام مالك –رحمه الله تعالى-
قال: "أنما أنا بشر أخطئ و أصيب، فانتظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب و السنة فخذوه، و كل ما لم يوافق الكتاب و السنة فاتركوه، و قال أيضا "ليس بعد النبي –صلى الله عليه و سلم- إلا و يؤخذ من قوله و يترك، إلا النبي –صلى الله عليه و سلم-" [رواه ابن عبد البر، و ابن حزم].
3) الإمام الشافعي –رحمه الله تعالى-
قال: "إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله –صلى الله عليه و سلم-، فقولوا بسنة رسول الله –صلى الله عليه و سلم- و دعوا ما قلت" [أخرجه الهروي و النووي]. و قال أيضا "كل ما قلت، فكان عن النبي –صلى الله عليه و سلم- خلاف قولي مما صح، فحديث النبي أولى، فلا تقلدوني"[أخرجه أبي حاتم و أبو نعيم و ابن عساكر]. وهناك أقوال كثيرة للإمام الشافعي –رحمه الله تعالى- توضح بأنه بشر يصيب و يخطئ.
4) الإمام أحمد بن حنبل –رحمه الله تعالى-
قال: "لا تقلدوني و لا تقلدوا مالكا و لا شافعيا و لا الأوزاعي ولا الثوري و خذوا من حيث اخذوا". و قال أيضا "من رد حديث النبي –صلى الله عليه و سلم- فهو على شفا هلكة". [أخرجه ابن الجوزي و ابن القيم].
أخي المسلم، أختي المسلمة...
تلك أقوال الأئمة –رضي الله عنهم- التي يأمروننا فيها بالتمسك بالحديث و النهي عن تقليدهم دون بصيرة و أن نأخذ مما أخذوا.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن قال فيهم "إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا و أطعنا و أولئك هم المفلحون(51) و من يطع اله ورسوله و يخشى الله و يتقه فأولئك هم الفائزون(52)". [النور/51، 52].
نسأل الله أن نكون من الفائزين و من الفرقة الناجية التي أخبر عنها و عن منهاجها نبينا –صلى الله عليه و سلم-، و أن يجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه. ألا هل بلغت اللهم فاشهد. سبحانك اللهم و بحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك.
وصل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم.
تعليق