شعبان هو الشهر الثامن من السنة القمرية
كانت تسمية هذا الشهر كباقي الشهور في عصر ما قبل الإسلام وسمي هذا الشهر بشعبان لتشعب القبائل العربية وافتراقها للحرب بعد قعودها عنها في شهر رجب حيث كانت محرمة عليهم.
حـال رسـول اللـه - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فـي شـعبان
إن شـهر شـعبان مـن الأشـهر المصطفـاة ، فشـهر شـعبان ترفـع فيـه الأعمـال .
وإذا تأملنـا أحوالنـا وجدنـا العجـب العجـاب ، والبـون الشـاسع بيـن الواقـع والصـواب ، فللنـاس ألـوان وأشـكال فـي اسـتقبال الأشـهر المصطفـاة .
فمنهـم مـن يسـتقبلها بالاحتفـالات ، والمظاهـر ، والأغانـي ، والأنـوار ، والبـدع ، ... .
وهـل سـألنا أنفسـنا عـن واقعنـا هـذا ، أهـو صـواب أم ميـل عـن هـدي النبـي صلى الله عليه وعلى آله
وسلم ؟ !
علمنـا أن شـهر شـعبان ترفـع فيـه الأعمـال ،
فمـا هـدي النبـي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فـي هـذا الشـهر المصطفـى لرفـع أعمـال العبـاد .
وما الواقـع الـذي أختـاره لنفسـي حـال رفـع عملـي لملـك الملـوك ؟ !
هـل أختـار أن أكـون علـى معصيـة ؟
أم علـى طاعـة زائفـة في صـورة بدعـة ؟
أم علـى طاعـة خالصـة ؟ !
الحـال الأمثـل الـذي يكـون عليـه العبـاد ، هو حـال رسـول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ...
فمـا هـو حـال رسـول اللـه صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شـعبان ؟
ـ عـن أسـامة بـن زيـد - رضي الله عنهما - قـال :
قلـتُ يـا رسـول اللـه ! لَـمْ أَرَكَ تصـوم مـن شـهر مـن الشـهور ما تصـوم من شـعبان ؟ .
قـال صلـى الله عليه وعلى آله وسـلم :
" ذاك شـهر تغفـل النـاس فيـه عنـه ، بيـن رجـب ورمضـان ، وهـو شـهر ترفـع فيـه الأعمـال إلـى رب العالميـن ، وأحـب أن يُرفـع عملـي وأنـا صائـم " . ( رواه النسائي . حسنه الشيخ الألباني - رحمه الله - في صحيح الترغيب والترهيب /
ج : 1 / حديث رقم : 1022 / ص : 595 ) .
وقـد بيـن صلى الله عليه وعلى آله وسلم فـي هـذا الحديـث ؛ الحكمـة مـن إكثـار الصـوم فيـه ، وهـي :
أ ـ غفلـة النـاس عنـه .
ب ـ رفـع الأعمـال فيـه إلـى اللـه .
ـ عـن عائشـة - رضي الله عنهـا - قالـت :
" كـان رسـولُ اللهِ – صلى الله عليه وعلى آله وسلم –
يصـومُ حتـى نقـولَ لا يفطـرُويفطـر حتـى نقـولَ لا يصـوم ،
وما رأيـتُ رسـولَ اللـهِ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم – اسـتكمل صيـامَ شـهرٍ قـطّ إلا شـهرَ رمضـانَ ، ومـا رأيتُـهُ فـي شـهرٍ أكثـرَ صيامـًا منـه فـي شـعبان " .
( رواه البخاري ومسلم وأبو داود . صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 /
حديث رقم : 1024 / ص : 595 ) .
وفي البخاري (1970) في رواية: «كان يصوم شعبان كله».
ورواه النسـائي والترمـذي وغيرهمـا : قالـت ـ أي : عائشـة ـ :
" ما رأيـتُ النبـيَّ فـي شـهر أكثـر صيامـًا منـه فـي شـعبان ، كـان يصومـه
إلا قليـلاً ، بـل كـان يصومُـه كُلَّـه ( 1 ) " .
( صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 / حديث رقم : 1024 / ص : 595 ) .
( 1 ) كُلّـه : أي أكثـره . ( حاشية صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 / ص : 596 ) .
ـ عـن أم سـلمة - رضي الله عنها - قالـت :
" ما رأيـتُ رسـولَ اللـه - صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يصـوم شـهرين
متتابعيـن إلا شـعبان ورمضـان " .
( رواه الترمذي . وصححه الشيخ الألباني – رحمه الله - في صحيح الترغيب والترهيب /
ج : 1 / حديث رقم : 1025 / ص : 596 ) .
هـذا هو حـال رسـول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وهديـه في شعبان ،
كـان يحـب أن يرفـع عملـه وهـو صائـم ، وذلـك لمـا فـي الصيـام مـن تأثيـر عجيـب فـي حفـظ الجـوارح الظاهـرة ، والقـوى الباطنـة .
فالصـوم يحفـظ علـى القلـب والجـوارح صحتهـا ، ويعيـد إليهـا مـا اسـتلبته منهـا أيـدي الشـهوات ، فالصـوم مـن أكبـر العـونِ علـى التقـوى .
********************************
قـال تعالـى :
" يَا أَيُّهَـا الذِيـنَ آمَنُـوا كُتِـبَ عَلَيْكُـمُ الصِّيَـامُ كَمَـا كُتِـبَ عَلَـى الذِيـنَ مِـن قَبْلِكُـمْ لَعَلَّكُـمْ تَتَّقُـونَ " .
( البقرة : 183 ) .
الصـوم جُنَّـة :
فعـن معـاذ بـن جبـل – رضي الله عنه – أن النبـي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قـال لـه :
" ألا أدلـك علـى أبـواب الخيـر ؟ " قلـتُ : بلـى يا رسـول اللـه !
قـال صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" الصـومُ جُنَّـةٌ ( 1 ) ، والصدقـةُ تُطْفِـئُ الخطيئـةَ كمـا يطفـئُ المـاءُ النـارَ " .
( رواه الترمذي . وصححه الشيخ الألباني - رحمه الله - في صحيح الترغيب والترهيب /
ج : 1 / كتاب الصوم / حديث رقم : 983 / ص : 578 . صحيح لغيره ) .
( 1 ) جُنَّـة :
سـتر ـ مـن النـار ـ . أي يقـي صاحبـه ما يؤذيـه من الشـهوات التـي هـي سـبب لدخـول النـار .
فالصـوم ترويـض للنفـس ، وتعويـد لهـا علـى الانقيـاد للـه سـبحانه وتعالـى .
الصيـام لا مثـلَ لـه :
فعـن أبـي أمامـة – رضي الله عنه – قـال : قلـتُ يـا رسـول اللـه ! دلنـي علـى عمـلٍ أدخـلُ بـه الجنـة .
قـال صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" عليـك بالصـوم ؛ فإنـه لا مثـلَ لـه " .
" وكـان أبـو أمامـة لا يُـرى فـي بيتـه الدخـان نهـارًا إلا إذا نـزل بهـم ضيـف " .
( رواه ابن حبان في صحيحه . وصححه الشيخ الألباني – رحمه الله - في صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 / كتاب الصوم / حديث رقم : 986 / ص : 580 ) .
الصيـام مـن مظاهـر حسـن الخاتمـة ، وسـبب لدخـول الجنـة :
ـ فعـن حذيفـة – رضي الله عنه – قـال : أسـندتُّ النبـيَّ – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – إلـى صـدري فقـال صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" مـن قـال ( لا إلـه إلا اللـه ) ؛ خُتـم لـه بهـا ؛ دخـل الجنـة ، ومـن صـام يومـًا ابتغـاء وجـه اللـه ؛ خُتـم لـه بـه ؛ دخـل الجنـة ، ومـن تصـدق بصدقـة ابتغـاء وجـه اللـه ؛ خُتـم لـه بهـا ؛ دخـل الجنـة " .
( رواه أحمد . وصححه الشيخ الألباني - رحمه الله - في صحيح الترغيب والترهيب /
ج : 1 / كتاب الصوم / حديث رقم : 985 / ص : 579 ) .
ـ عـن أبـي سـعيد - رضي الله عنه - قـال : قـال رسـول اللـه صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" ما مـن عبـد يصـوم يومـًا فـي سـبيل اللـه تعالـى ، إلا باعـد اللـه بذلـك اليـوم وجهـه عـن النـار سـبعين خريفـًا " .
( رواه البخاري ومسلم والترمذي . وصححه الشيخ الألباني – رحمه الله – في صحيح
الترغيب والترهيب ( القديم ) / ص : 485 ) .
الصيـام ثوابـه جزيـل :
عـن أبـي هريـرة - رضي الله عنه - قـال : قـال رسـول اللـه صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" قـال اللـه عـز وجـل :
كـل عمـلِ ابـن آدمَ لـه ( 1 ) ، إلا الصـوم ؛ فإنـه لـي ، وأنا أجـزي بم، والصيـام جُنّـة ( 2 ) ، فـإذا كـان يـوم صـوم أحدِكـم، فـلا يرفُـثْ ، ولا يَصْخَـبْ ، فـإنْ سـابَّه أحـد أو قاتلـه فليقـل : إني صائـم ، إنـي صائـم ، والـذي نفـسُ محمـدٍ بيـده لَخُلُـوف فـمِ الصائـم أطيـب عنـد الله مـن ريح المسك ، للصائـم فرحتـان يفرحهمـا ؛ إذا أفطـر فـرح بفطـره ، وإذا لقـيَ ربَّـه فَـرِحَ بصومـه ( 3 ) " .
( رواه البخاري واللفظ له . ومسلم . صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 /
كتاب الصوم / حديث رقم : 978 / ص : 574 ) .
( 1 ) لـه : أي لـه أجـر محـدود ، ( إلا الصـوم ) فأجـره بـدون حسـاب .
ويشـهد لهـذا المعنـى روايـة مسـلم : " ... كـل عمـل ابـن آدم يضاعـف ؛ الحسـنة بعشـر أمثالهـا إلى سـبعمائة ضعـف ، قـال الله
تعالـى : إلا الصـوم ؛ فإنـه لـي وأنـا أجـزي بـه ... " .
( 2 ) جُنَّـة : سـتر ـ مـن النـار ـ . أي يقـي صاحبـه ما يؤذيـه مـن الشـهوات .
( 3 ) فـرِحَ بصومـه : أي فـرح بجزائـه وثوابـه .
***************************
الصيـام والقـرآن يشـفعان للعبـد يـوم القيامـة :
عـن عبـد اللـه بـن عمـرو- رضي الله عنهما - ؛ أن رسـول اللـه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قـال :
" الصيـام والقـرآن يشـفعان للعبـد يـوم القيامـة ، يقـول الصيـام : أي ربِّ منعتـه الطعـام والشـهوة ، فشـفعني فيـه ، ويقـول
القـرآن : منعتُـه النـوم بالليـل ، فشـفعني فيـه ، قـال : فيشـفعان " .
( رواه أحمد والطبراني . وقال الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب حسن صحيح /
حديث رقم : 984 / ص : 579 ) .
************************************************** ****
دعـوة للنجـاة
هيـا إلـى توبـة نصـوح ، ثـم نُتْبِعهـا بصـومٍ مثمـرٍ للتقـوى المؤديـة لكـل خيـر .
فهـي دعـوة للنجـاة وتبديـل السـيئات حسـنات ، والفـوز والفـلاح .
قـال تعالـى :
" إِلا مَـن تَـابَ وَآمَـنَ وَعَمِـلَ عَمَـلاً صَالِحـًا فَأُولَئِـكَ يُبَـدِّلُ اللـهُ سَـيِّئَاتِِهِمْ حَسَـنَاتٍ وَكَـانَ اللـهُ غَفُـورًا رَّحِيمـًا " . ( الفرقان : 70 ) .
وقـال تعالـى :
" فَأَمَّـا مَـن تَـابَ وَآمَـنَ وَعَمِـلَ صَالِحـًا فَعَسَـى أَن يَكُـونَ مِـنَ المُفْلِحِيـنَ " . ( القصص : 67 ) .
وقـال تعالـى :
" إِلا مَـن تَـابَ وَآمَـنَ وَعَمِـلَ صَالِحـًا فَأُولَئِـكَ يَدْخُلُـونَ الجَنَّـةَ وَلا يُظْلَمُـونَ شَـيْئًا " . ( مريم : 60 ) .
ألا مـن مُشَـمِّر للجنـة !!!
هيـا نعيـش شـعبان كمـا كـان يعيشـه الرسـول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -
ونهـيء أنفسـنا ونطهرهـا مـن دنـس الذنـوب والمعاصـي تمهيـدًا لاسـتقبال رمضـان والفـوز بـه ،
عسـى أن تكـون حسـن خاتمـة .
قـال صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" إذا أراد اللـه بعبـدٍ خيـرًا اسـتعمله ".
قيـل : كيـف يسـتعمله ؟ .
قـال صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" يوفقـه لعمـل صالـح قبـل أن يمـوت ثـم يقبـض عليـه " .
( رواه أحمد والترمذي عن أنس . وصححه الشيخ الألباني - رحمه الله - في
صحيح الجامع الهجائي / تحت رقم : 305 ) .
ما ورد فـي ليلـة النصـف مـن شـعبان
ـ عـن معـاذ بـن جبـل - رضي الله عنه – عـن النبـي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قـال :
" يطَّلـع اللـهُ إلـى جميـع خلقِـهِ ليلَـةَ النصـفِ مـن شـعبانَ ، فيغفـرُ لجميـعِ خلقـه إلا لمشـركٍ أو مُشـاحن " .
( رواه الطبراني ، وابن حبان . وقال الشيخ الألباني - رحمه الله - في صحيح الترغيب والترهيب /
ج : 1 / كتاب الصوم / حديث رقم : 1026 / ص : 597 ، حسن صحيح ) .
وليـس معنـى هـذا أن نخـص هذه الليلـة بعبـادة معينـة
( صيام ، قيام ، ... ) ، ولكـن نفعـل كمـا فعـل رسـول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وهو صيـام أغلـب شـهر شـعبان بمـا فيـه هـذه الليلـة دون تخصيـص .
تحذيـر مـن " البـدع " التـي اعتادهـا بعـض النـاس فـي هـذه الليلـة :
( مجلة التوحيد / شعبان : 1413 ) .
1 ـ الاجتمـاع لهـا والاحتفـال بهـا إحيـاءً لذكـرى تحويـل القبلـة .
وليـس لذلـك أصـل في الشـرع ، ويكفـي فـي ذلـك قولـه تعالـى :
" ... اليَـوْمَ أَكْمَلْـتُ لَكُـمْ دِينَكُـمْ ... " . ( المائدة : 3 ) .
ولـو كـان يُشْـرَع الاحتفـال بهـا لأرشـد إليـه النبـي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ،
أو فعلـه بنفسـه ، ولـو وقـع شـيء منـه لنقلـه الصحابـة ولـم يكتمـوه .2
2 ـ تخصيصهـا بالصـلاة ، وقـد قـال الحافـظ العراقـي :
" حديـث صـلاة النصـف من شـعبان ،
موضـوع علـى رسـول اللـه ، وكـذب عليـه " .
ا . هـ
ـ وقـال النـووي في كتـاب المجمـوع : " الصـلاة المعروفـة بصـلاة الرغائـب
وهي اثنتـا عشـرة ركعـة بين المغـرب والعشـاء ليلـة أول جمعـة من رجـب ، وصـلاة ليلـة النصـف مـن شـعبان مائـة ركعـة ، هاتـان الصـلاتان بدعتـان منكرتـان ،
فـلا يُغْتَـرُّ بذكرهمـا فـي كتـاب " قـوت القلـوب " ، و " إحيـاء علـوم الديـن " ،
ولا بالحديـث المذكـور فيهمـا ، فإن كـل ذلـك باطـل " . ا .هـ
ـ وكـذا نَبَّـه علـى ضعـف هـذه الأحاديـث " ابـن الجـوزي " و " القرطبـي " و " ابـن القيـم "
و " الفيـروز أبـادي " .
3 ـ تخصيـص يومهـا بالصيـام ، وليلتهـا بالقيـام
وليـس على ذلـك دليـل يجـوز الاحتجـاج به .
ويجـب التنبيـه علـى ضعـف الحديـث الـوارد فـي ذلـك وهـو : عـن علـي رضي الله عنه ..... :
" إذا كانـت ليلـة النصـف مـن شـعبان ، فقومـوا ليلهـا ، وصومـوا نهارهـا " .
( حديث ضعيف / رواه ابن ماجه ) . قـال محشـيه : وفـي الزوائـد إسـناده ضعيـف ، لضعـف ابـن أبـي بسـرة ، وقـال فيـه أحمـد وابـن معيـن :
" يضـع الحديـث " . ا . هـ
( السنن والمبتدعات للشقيري / ص : 128 ) .
4 ـ الوَقِيـد وإيقـاد النـار ليلـة النصـف مـن شـعبان :
لـم يصـح فيـه شـيء عـن رسـول اللـه صلى الله عليه وعلي آله وسلم .
5 ـ ما اعتـاده النـاس مـن قـراءة دعـاء مخصـوص بعـد الغـروب
ويوزعـون في ذلـك كُتيبـًا ، وكـذا قـراءة سـورة " يـس " ولا يثبـت فـي ذلـك شـيء عـن رسـول اللـه صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
و أيضا التنيه على صلاة الرغائب و هي :
أن يصلى في تلك الليلة صلوات ذات عدد معلوم، يكرر كل عام، فهذه المرتبة أشد ابتداعاً من المرتبة الثانية وأبعد عن السنة.
وقد رويت صلاة هذه الليلة، أعني ليلة النصف من شعبان على أنحاء مختلفة كلها باطلة وموضوعة.
* صلاة البراءة : وهي تخصيص قيام ليلة النصف من شعبان وهي مائة ركعة .
* صلاة ست ركعات : بنية دفع البلاء وطول العمر والاستغناء عن الناس .
* قراءة سورة { يس } والدعاء في هذه الليلة بدعاء مخصوص بقولهم (( اللهم يا ذا المن ، ولا يمن عليه ، يا ذا الجلال والإكرام .. ))
* اعتقادهم ان ليلة النصف من شعبان هي ليلة القدر .. قال الشقيري : وهو باطل باتفاق المحققين من المحدثين . أهـ ( السنن والمبدعات 146 ) وذلك لقوله تعالى { شهر رمضان وذلك لقوله تعالى { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن } وقال تعالى { إنا أنزلناه في ليلة القدر } وليلة القدر في رمضان وليس في شعبان .
* تاريخ حدوث هذه البدعة
قال المقدسي : (( وأول ما حدثت عندنا سنة 448هـ قدم علينا في بيت المقدس رجل من نابلس يُعرف بابن أبي الحميراء وكان حسن التلاوة ، فقام يصلي في المسجد الأقصى ليلة النصف من شعبان ، فأحرم خلفه رجل ثم انضاف ثالث ورابع فما ختمها إلا هو في جماعة كثيرة .. )) الباعث على انكار البدع والحوادث 124-125
قال النجم الغيطي : إنه قد أنكر ذلك أكثر العلماء من أهل الحجاز منهم عطاء وابن أبي مُليكة وفقهاء المدينة وأصحاب مالك وقالوا : ذلك كله بدعة . أهـ ( السنن والمبتدعات للشقيري 145 )
الأمر الخامس: أنه اشتهر عند كثير من الناس أن ليلة النصف من شعبان يقدر فيها ما يكون في العام.
وهذا باطل، فإن الليلة التي يقدر فيها ما يكون في العام هي ليلة القدر
الأمر السادس: أن بعض الناس يصنعون أطعمة في يوم النصف يوزعونها على الفقراء ويسمونها عشيات الوالدين.
والحاصل أن هذه الأمور لم يأت فيها خبرٌ ولا أثرٌ غير الضعاف والموضوعات :
قال الحافظ ابن دحية : (( قال أهل التعديل والتجريح : ليس في حديث النصف من شعبان حديثٌ يصح ، فتحفّظوا عباد الله من مُفترٍ يروي لكم حديثًا يسوقه في معرض الخير ، فاستعمال الخير ينبغي أن يكون مشروعًا من الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإذا صح ّ أنه كذب خرج من المشروعية ، وكان مستعمله من خدم الشيطان لاستعماله حديثًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُنزل الله به من سلطان )) أهـ ( الباعث على انكار البدع والحوادث لأبي شامة المقدسي 127)
* حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان ؟؟
سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله عن ليلة النصف من شعبان ؟ وهل لها صلاة خاصة ؟
فأجاب : ليلة النصف من شعبان ليس فيها حديث صحيح .. كل الأحاديث الواردة فيها موضوعة وضعيفة لا أصل لها وهي ليلة ليس لها خصوصية ، لا قراءة ولا صلاة خاصة ولا جماعة .. وما قاله بعض العلماء أن لها خصوصية فهو قول ضعيف فلا يجوز أن تخص بشيء .. هذا هو الصواب وبالله التوفيق
سلسلة العلامتين ابن باز والألباني
شـبهات والـرد عليهـا
حكـم التطـوع بعـد النصـف مـن شـعبان :
عـن أبـي هريـرة - رضي الله عنه - قـال :
قـال رسـول اللـه صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " إذا بقـي نصـفٌ مـن شـعبان فـلا تصومـوا " .
( صحيح سنن الترمذي / ج : 1 / حديث رقم : 590 / ص : 225 ) .
اختلـف العلمـاء فـي صيـام التطـوع بعـد انتصـاف شـعبان ، فذهـب الجمهـور إلـى جـوازه .
قـال الترمـذي :
ومعنـى هـذا الحديـث عنـد بعـض أهـل العلـم :
أن يكـون الرجـل مفطـرًا ، فـإذا بقـي شـيء مـن شـعبان أخـذ فـي الصـوم لحـال شــهر رمضـان .
( صحيح سنن الترمذي / ص : 225 / تعليقًا على الحديث ) .
فـلا حـرج فـي الصيـام بعـد انتصـاف شـعبان لمـن بـدأ الصيـام فـي النصـف الأول مـن شـعبان .
ويؤيـد هـذا الأحاديـث الصحيحـة :
كحديـث عائشـة :
ـ عـن عائشـة - رضي الله عنهـا - قالـت :
" كـان رسـولُ اللهِ – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يصـومُ حتـى نقـولَ لا يفطـرُ ، ويفطـر حتـى نقـولَ لا يصـوم ، وما رأيـتُ رسـولَ اللـهِ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم – اسـتكمل صيـامَ شـهرٍ قـطّ إلا شـهرَ رمضـانَ ، وما رأيتُـهُ فـي شـهرٍ أكثـرَ صيامـًا منـه فـي شـعبان " .
( رواه البخاري ومسلم وأبو داود . صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 /
حديث رقم : 1024 / ص : 595 ) .
وكحديـث أبـي هريـرة :
ـ عـن أبـي هريـرة - رضي الله عنه - عـن النبـي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قـال :
" لا يتقدَّمَـنَّ أحدُكـم رمضـان بصـومِ يـومٍ أو يوميـن إلا أن يكـونَ رجـلٌ كـان يصوم صَوْمَـه فليصـم ذلـك اليـوم " .
( متفق عليه . رياض الصالحين / ص : 447 ) .
( البخاري / حديث رقم : 1914 . مسلم / حديث رقم : 1082 ) .
ففيـه النهـي عن صـوم يـوم أو يوميـن فقـط فـي آخـر شـعبان ، إلا أن يكـون صومـًا اعتـاده فـلا بـأس .
وكحديـث أم سـلمة :
ـ عـن أم سـلمة - رضي الله عنها - قالـت :
" ما رأيـتُ رسـولَ اللـه - صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يصـوم شـهرين متتابعيـن إلا شـعبان ورمضـان " .
( رواه الترمذي . وصححه الشيخ الألباني – رحمه الله - في صحيح الترغيب والترهيب /
ج : 1 / حديث رقم : 1025 / ص : 596 ) .
النهـي عـن صيـام يـوم الشـك :
ـ عـن أبـي هريـرة - رضي الله عنه - عـن النبـي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قـال :
" لا يتقدَّمَـنَّ أحدُكـم رمضـان بصـومِ يـومٍ أو يوميـن إلا أن يكـونَ رجـلٌ كان يصـوم
صَوْمَـه فليصـم ذلـك اليـوم ".
( متفق عليه . رياض الصالحين / ص : 447 ) .
( البخاري / حديث رقم : 1914 . مسلم / حديث رقم : 1082 ) .
ـ عن صلـة بن زُفَـر قـال :
كنـا عنـد عمـار بـن ياسـر [ فـي اليـوم الـذي يُشَـك فيـه ] ( 1 ) فأتـى بشـاة مَصلِيـة فقـال : كلـوا ، فتنحـى بعـض القـوم ، فقـال : إنـي صائـم .
فقـال عمـار : من صـام اليـوم الـذي شُـكَّ فيـه ، فقـد عصـى أبـا القاسـم .
( صحيح سنن الترمذي / ج : 1 / حديث رقم : 553 / ص : 210 . ابن ماجه ) .
( 1 ) ما بيـن الحاصرتين [ ] زيادة مـن هامـش المخطوطـة : 94 / 1 ، ووافقـت روايـة " صحيح ابن ماجه " : 1 / 275 .
* يـوم الشـك :
هو يوم 30 شـعبان ( فقد يكـون متممـًا لشـعبان أو أول رمضـان ) .
* فتـوى :
إذا صـادف يـوم الشـك عـادة ( صيـام إثنيـن وخميـس أو صـوم يـوم وفطـر يـوم ) ، فـلا حـرج فـي صيامـه .
الخلاصـة :
للجمـع بيـن هـذه الروايـات : فالحكـم هـو :
النهـي عـن تقـدم رمضـان بصـوم بعـد نصـف شـعبان إلا لمـن وصلـه بمـا قبلـه ـ
أي وصـل النصـف الثانـي مـن شـعبان بالنصـف الأول منـه ـ
أو وافـق عـادة له بأن كـان عادتـه صـوم الإثنيـن والخميـس فوافقـه .
( ترجمة : باب النهي عن تقدم رمضان .... / الرياض / ص : 412 ) .
منقول من أكثر من مكان
كانت تسمية هذا الشهر كباقي الشهور في عصر ما قبل الإسلام وسمي هذا الشهر بشعبان لتشعب القبائل العربية وافتراقها للحرب بعد قعودها عنها في شهر رجب حيث كانت محرمة عليهم.
حـال رسـول اللـه - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فـي شـعبان
إن شـهر شـعبان مـن الأشـهر المصطفـاة ، فشـهر شـعبان ترفـع فيـه الأعمـال .
وإذا تأملنـا أحوالنـا وجدنـا العجـب العجـاب ، والبـون الشـاسع بيـن الواقـع والصـواب ، فللنـاس ألـوان وأشـكال فـي اسـتقبال الأشـهر المصطفـاة .
فمنهـم مـن يسـتقبلها بالاحتفـالات ، والمظاهـر ، والأغانـي ، والأنـوار ، والبـدع ، ... .
وهـل سـألنا أنفسـنا عـن واقعنـا هـذا ، أهـو صـواب أم ميـل عـن هـدي النبـي صلى الله عليه وعلى آله
وسلم ؟ !
علمنـا أن شـهر شـعبان ترفـع فيـه الأعمـال ،
فمـا هـدي النبـي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فـي هـذا الشـهر المصطفـى لرفـع أعمـال العبـاد .
وما الواقـع الـذي أختـاره لنفسـي حـال رفـع عملـي لملـك الملـوك ؟ !
هـل أختـار أن أكـون علـى معصيـة ؟
أم علـى طاعـة زائفـة في صـورة بدعـة ؟
أم علـى طاعـة خالصـة ؟ !
الحـال الأمثـل الـذي يكـون عليـه العبـاد ، هو حـال رسـول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ...
فمـا هـو حـال رسـول اللـه صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شـعبان ؟
ـ عـن أسـامة بـن زيـد - رضي الله عنهما - قـال :
قلـتُ يـا رسـول اللـه ! لَـمْ أَرَكَ تصـوم مـن شـهر مـن الشـهور ما تصـوم من شـعبان ؟ .
قـال صلـى الله عليه وعلى آله وسـلم :
" ذاك شـهر تغفـل النـاس فيـه عنـه ، بيـن رجـب ورمضـان ، وهـو شـهر ترفـع فيـه الأعمـال إلـى رب العالميـن ، وأحـب أن يُرفـع عملـي وأنـا صائـم " . ( رواه النسائي . حسنه الشيخ الألباني - رحمه الله - في صحيح الترغيب والترهيب /
ج : 1 / حديث رقم : 1022 / ص : 595 ) .
وقـد بيـن صلى الله عليه وعلى آله وسلم فـي هـذا الحديـث ؛ الحكمـة مـن إكثـار الصـوم فيـه ، وهـي :
أ ـ غفلـة النـاس عنـه .
ب ـ رفـع الأعمـال فيـه إلـى اللـه .
ـ عـن عائشـة - رضي الله عنهـا - قالـت :
" كـان رسـولُ اللهِ – صلى الله عليه وعلى آله وسلم –
يصـومُ حتـى نقـولَ لا يفطـرُويفطـر حتـى نقـولَ لا يصـوم ،
وما رأيـتُ رسـولَ اللـهِ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم – اسـتكمل صيـامَ شـهرٍ قـطّ إلا شـهرَ رمضـانَ ، ومـا رأيتُـهُ فـي شـهرٍ أكثـرَ صيامـًا منـه فـي شـعبان " .
( رواه البخاري ومسلم وأبو داود . صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 /
حديث رقم : 1024 / ص : 595 ) .
وفي البخاري (1970) في رواية: «كان يصوم شعبان كله».
ورواه النسـائي والترمـذي وغيرهمـا : قالـت ـ أي : عائشـة ـ :
" ما رأيـتُ النبـيَّ فـي شـهر أكثـر صيامـًا منـه فـي شـعبان ، كـان يصومـه
إلا قليـلاً ، بـل كـان يصومُـه كُلَّـه ( 1 ) " .
( صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 / حديث رقم : 1024 / ص : 595 ) .
( 1 ) كُلّـه : أي أكثـره . ( حاشية صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 / ص : 596 ) .
ـ عـن أم سـلمة - رضي الله عنها - قالـت :
" ما رأيـتُ رسـولَ اللـه - صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يصـوم شـهرين
متتابعيـن إلا شـعبان ورمضـان " .
( رواه الترمذي . وصححه الشيخ الألباني – رحمه الله - في صحيح الترغيب والترهيب /
ج : 1 / حديث رقم : 1025 / ص : 596 ) .
هـذا هو حـال رسـول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وهديـه في شعبان ،
كـان يحـب أن يرفـع عملـه وهـو صائـم ، وذلـك لمـا فـي الصيـام مـن تأثيـر عجيـب فـي حفـظ الجـوارح الظاهـرة ، والقـوى الباطنـة .
فالصـوم يحفـظ علـى القلـب والجـوارح صحتهـا ، ويعيـد إليهـا مـا اسـتلبته منهـا أيـدي الشـهوات ، فالصـوم مـن أكبـر العـونِ علـى التقـوى .
********************************
قـال تعالـى :
" يَا أَيُّهَـا الذِيـنَ آمَنُـوا كُتِـبَ عَلَيْكُـمُ الصِّيَـامُ كَمَـا كُتِـبَ عَلَـى الذِيـنَ مِـن قَبْلِكُـمْ لَعَلَّكُـمْ تَتَّقُـونَ " .
( البقرة : 183 ) .
الصـوم جُنَّـة :
فعـن معـاذ بـن جبـل – رضي الله عنه – أن النبـي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قـال لـه :
" ألا أدلـك علـى أبـواب الخيـر ؟ " قلـتُ : بلـى يا رسـول اللـه !
قـال صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" الصـومُ جُنَّـةٌ ( 1 ) ، والصدقـةُ تُطْفِـئُ الخطيئـةَ كمـا يطفـئُ المـاءُ النـارَ " .
( رواه الترمذي . وصححه الشيخ الألباني - رحمه الله - في صحيح الترغيب والترهيب /
ج : 1 / كتاب الصوم / حديث رقم : 983 / ص : 578 . صحيح لغيره ) .
( 1 ) جُنَّـة :
سـتر ـ مـن النـار ـ . أي يقـي صاحبـه ما يؤذيـه من الشـهوات التـي هـي سـبب لدخـول النـار .
فالصـوم ترويـض للنفـس ، وتعويـد لهـا علـى الانقيـاد للـه سـبحانه وتعالـى .
الصيـام لا مثـلَ لـه :
فعـن أبـي أمامـة – رضي الله عنه – قـال : قلـتُ يـا رسـول اللـه ! دلنـي علـى عمـلٍ أدخـلُ بـه الجنـة .
قـال صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" عليـك بالصـوم ؛ فإنـه لا مثـلَ لـه " .
" وكـان أبـو أمامـة لا يُـرى فـي بيتـه الدخـان نهـارًا إلا إذا نـزل بهـم ضيـف " .
( رواه ابن حبان في صحيحه . وصححه الشيخ الألباني – رحمه الله - في صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 / كتاب الصوم / حديث رقم : 986 / ص : 580 ) .
الصيـام مـن مظاهـر حسـن الخاتمـة ، وسـبب لدخـول الجنـة :
ـ فعـن حذيفـة – رضي الله عنه – قـال : أسـندتُّ النبـيَّ – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – إلـى صـدري فقـال صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" مـن قـال ( لا إلـه إلا اللـه ) ؛ خُتـم لـه بهـا ؛ دخـل الجنـة ، ومـن صـام يومـًا ابتغـاء وجـه اللـه ؛ خُتـم لـه بـه ؛ دخـل الجنـة ، ومـن تصـدق بصدقـة ابتغـاء وجـه اللـه ؛ خُتـم لـه بهـا ؛ دخـل الجنـة " .
( رواه أحمد . وصححه الشيخ الألباني - رحمه الله - في صحيح الترغيب والترهيب /
ج : 1 / كتاب الصوم / حديث رقم : 985 / ص : 579 ) .
ـ عـن أبـي سـعيد - رضي الله عنه - قـال : قـال رسـول اللـه صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" ما مـن عبـد يصـوم يومـًا فـي سـبيل اللـه تعالـى ، إلا باعـد اللـه بذلـك اليـوم وجهـه عـن النـار سـبعين خريفـًا " .
( رواه البخاري ومسلم والترمذي . وصححه الشيخ الألباني – رحمه الله – في صحيح
الترغيب والترهيب ( القديم ) / ص : 485 ) .
الصيـام ثوابـه جزيـل :
عـن أبـي هريـرة - رضي الله عنه - قـال : قـال رسـول اللـه صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" قـال اللـه عـز وجـل :
كـل عمـلِ ابـن آدمَ لـه ( 1 ) ، إلا الصـوم ؛ فإنـه لـي ، وأنا أجـزي بم، والصيـام جُنّـة ( 2 ) ، فـإذا كـان يـوم صـوم أحدِكـم، فـلا يرفُـثْ ، ولا يَصْخَـبْ ، فـإنْ سـابَّه أحـد أو قاتلـه فليقـل : إني صائـم ، إنـي صائـم ، والـذي نفـسُ محمـدٍ بيـده لَخُلُـوف فـمِ الصائـم أطيـب عنـد الله مـن ريح المسك ، للصائـم فرحتـان يفرحهمـا ؛ إذا أفطـر فـرح بفطـره ، وإذا لقـيَ ربَّـه فَـرِحَ بصومـه ( 3 ) " .
( رواه البخاري واللفظ له . ومسلم . صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 /
كتاب الصوم / حديث رقم : 978 / ص : 574 ) .
( 1 ) لـه : أي لـه أجـر محـدود ، ( إلا الصـوم ) فأجـره بـدون حسـاب .
ويشـهد لهـذا المعنـى روايـة مسـلم : " ... كـل عمـل ابـن آدم يضاعـف ؛ الحسـنة بعشـر أمثالهـا إلى سـبعمائة ضعـف ، قـال الله
تعالـى : إلا الصـوم ؛ فإنـه لـي وأنـا أجـزي بـه ... " .
( 2 ) جُنَّـة : سـتر ـ مـن النـار ـ . أي يقـي صاحبـه ما يؤذيـه مـن الشـهوات .
( 3 ) فـرِحَ بصومـه : أي فـرح بجزائـه وثوابـه .
***************************
الصيـام والقـرآن يشـفعان للعبـد يـوم القيامـة :
عـن عبـد اللـه بـن عمـرو- رضي الله عنهما - ؛ أن رسـول اللـه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قـال :
" الصيـام والقـرآن يشـفعان للعبـد يـوم القيامـة ، يقـول الصيـام : أي ربِّ منعتـه الطعـام والشـهوة ، فشـفعني فيـه ، ويقـول
القـرآن : منعتُـه النـوم بالليـل ، فشـفعني فيـه ، قـال : فيشـفعان " .
( رواه أحمد والطبراني . وقال الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب حسن صحيح /
حديث رقم : 984 / ص : 579 ) .
************************************************** ****
دعـوة للنجـاة
هيـا إلـى توبـة نصـوح ، ثـم نُتْبِعهـا بصـومٍ مثمـرٍ للتقـوى المؤديـة لكـل خيـر .
فهـي دعـوة للنجـاة وتبديـل السـيئات حسـنات ، والفـوز والفـلاح .
قـال تعالـى :
" إِلا مَـن تَـابَ وَآمَـنَ وَعَمِـلَ عَمَـلاً صَالِحـًا فَأُولَئِـكَ يُبَـدِّلُ اللـهُ سَـيِّئَاتِِهِمْ حَسَـنَاتٍ وَكَـانَ اللـهُ غَفُـورًا رَّحِيمـًا " . ( الفرقان : 70 ) .
وقـال تعالـى :
" فَأَمَّـا مَـن تَـابَ وَآمَـنَ وَعَمِـلَ صَالِحـًا فَعَسَـى أَن يَكُـونَ مِـنَ المُفْلِحِيـنَ " . ( القصص : 67 ) .
وقـال تعالـى :
" إِلا مَـن تَـابَ وَآمَـنَ وَعَمِـلَ صَالِحـًا فَأُولَئِـكَ يَدْخُلُـونَ الجَنَّـةَ وَلا يُظْلَمُـونَ شَـيْئًا " . ( مريم : 60 ) .
ألا مـن مُشَـمِّر للجنـة !!!
هيـا نعيـش شـعبان كمـا كـان يعيشـه الرسـول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -
ونهـيء أنفسـنا ونطهرهـا مـن دنـس الذنـوب والمعاصـي تمهيـدًا لاسـتقبال رمضـان والفـوز بـه ،
عسـى أن تكـون حسـن خاتمـة .
قـال صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" إذا أراد اللـه بعبـدٍ خيـرًا اسـتعمله ".
قيـل : كيـف يسـتعمله ؟ .
قـال صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" يوفقـه لعمـل صالـح قبـل أن يمـوت ثـم يقبـض عليـه " .
( رواه أحمد والترمذي عن أنس . وصححه الشيخ الألباني - رحمه الله - في
صحيح الجامع الهجائي / تحت رقم : 305 ) .
ما ورد فـي ليلـة النصـف مـن شـعبان
ـ عـن معـاذ بـن جبـل - رضي الله عنه – عـن النبـي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قـال :
" يطَّلـع اللـهُ إلـى جميـع خلقِـهِ ليلَـةَ النصـفِ مـن شـعبانَ ، فيغفـرُ لجميـعِ خلقـه إلا لمشـركٍ أو مُشـاحن " .
( رواه الطبراني ، وابن حبان . وقال الشيخ الألباني - رحمه الله - في صحيح الترغيب والترهيب /
ج : 1 / كتاب الصوم / حديث رقم : 1026 / ص : 597 ، حسن صحيح ) .
وليـس معنـى هـذا أن نخـص هذه الليلـة بعبـادة معينـة
( صيام ، قيام ، ... ) ، ولكـن نفعـل كمـا فعـل رسـول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وهو صيـام أغلـب شـهر شـعبان بمـا فيـه هـذه الليلـة دون تخصيـص .
تحذيـر مـن " البـدع " التـي اعتادهـا بعـض النـاس فـي هـذه الليلـة :
( مجلة التوحيد / شعبان : 1413 ) .
1 ـ الاجتمـاع لهـا والاحتفـال بهـا إحيـاءً لذكـرى تحويـل القبلـة .
وليـس لذلـك أصـل في الشـرع ، ويكفـي فـي ذلـك قولـه تعالـى :
" ... اليَـوْمَ أَكْمَلْـتُ لَكُـمْ دِينَكُـمْ ... " . ( المائدة : 3 ) .
ولـو كـان يُشْـرَع الاحتفـال بهـا لأرشـد إليـه النبـي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ،
أو فعلـه بنفسـه ، ولـو وقـع شـيء منـه لنقلـه الصحابـة ولـم يكتمـوه .2
2 ـ تخصيصهـا بالصـلاة ، وقـد قـال الحافـظ العراقـي :
" حديـث صـلاة النصـف من شـعبان ،
موضـوع علـى رسـول اللـه ، وكـذب عليـه " .
ا . هـ
ـ وقـال النـووي في كتـاب المجمـوع : " الصـلاة المعروفـة بصـلاة الرغائـب
وهي اثنتـا عشـرة ركعـة بين المغـرب والعشـاء ليلـة أول جمعـة من رجـب ، وصـلاة ليلـة النصـف مـن شـعبان مائـة ركعـة ، هاتـان الصـلاتان بدعتـان منكرتـان ،
فـلا يُغْتَـرُّ بذكرهمـا فـي كتـاب " قـوت القلـوب " ، و " إحيـاء علـوم الديـن " ،
ولا بالحديـث المذكـور فيهمـا ، فإن كـل ذلـك باطـل " . ا .هـ
ـ وكـذا نَبَّـه علـى ضعـف هـذه الأحاديـث " ابـن الجـوزي " و " القرطبـي " و " ابـن القيـم "
و " الفيـروز أبـادي " .
3 ـ تخصيـص يومهـا بالصيـام ، وليلتهـا بالقيـام
وليـس على ذلـك دليـل يجـوز الاحتجـاج به .
ويجـب التنبيـه علـى ضعـف الحديـث الـوارد فـي ذلـك وهـو : عـن علـي رضي الله عنه ..... :
" إذا كانـت ليلـة النصـف مـن شـعبان ، فقومـوا ليلهـا ، وصومـوا نهارهـا " .
( حديث ضعيف / رواه ابن ماجه ) . قـال محشـيه : وفـي الزوائـد إسـناده ضعيـف ، لضعـف ابـن أبـي بسـرة ، وقـال فيـه أحمـد وابـن معيـن :
" يضـع الحديـث " . ا . هـ
( السنن والمبتدعات للشقيري / ص : 128 ) .
4 ـ الوَقِيـد وإيقـاد النـار ليلـة النصـف مـن شـعبان :
لـم يصـح فيـه شـيء عـن رسـول اللـه صلى الله عليه وعلي آله وسلم .
5 ـ ما اعتـاده النـاس مـن قـراءة دعـاء مخصـوص بعـد الغـروب
ويوزعـون في ذلـك كُتيبـًا ، وكـذا قـراءة سـورة " يـس " ولا يثبـت فـي ذلـك شـيء عـن رسـول اللـه صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
و أيضا التنيه على صلاة الرغائب و هي :
أن يصلى في تلك الليلة صلوات ذات عدد معلوم، يكرر كل عام، فهذه المرتبة أشد ابتداعاً من المرتبة الثانية وأبعد عن السنة.
وقد رويت صلاة هذه الليلة، أعني ليلة النصف من شعبان على أنحاء مختلفة كلها باطلة وموضوعة.
* صلاة البراءة : وهي تخصيص قيام ليلة النصف من شعبان وهي مائة ركعة .
* صلاة ست ركعات : بنية دفع البلاء وطول العمر والاستغناء عن الناس .
* قراءة سورة { يس } والدعاء في هذه الليلة بدعاء مخصوص بقولهم (( اللهم يا ذا المن ، ولا يمن عليه ، يا ذا الجلال والإكرام .. ))
* اعتقادهم ان ليلة النصف من شعبان هي ليلة القدر .. قال الشقيري : وهو باطل باتفاق المحققين من المحدثين . أهـ ( السنن والمبدعات 146 ) وذلك لقوله تعالى { شهر رمضان وذلك لقوله تعالى { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن } وقال تعالى { إنا أنزلناه في ليلة القدر } وليلة القدر في رمضان وليس في شعبان .
* تاريخ حدوث هذه البدعة
قال المقدسي : (( وأول ما حدثت عندنا سنة 448هـ قدم علينا في بيت المقدس رجل من نابلس يُعرف بابن أبي الحميراء وكان حسن التلاوة ، فقام يصلي في المسجد الأقصى ليلة النصف من شعبان ، فأحرم خلفه رجل ثم انضاف ثالث ورابع فما ختمها إلا هو في جماعة كثيرة .. )) الباعث على انكار البدع والحوادث 124-125
قال النجم الغيطي : إنه قد أنكر ذلك أكثر العلماء من أهل الحجاز منهم عطاء وابن أبي مُليكة وفقهاء المدينة وأصحاب مالك وقالوا : ذلك كله بدعة . أهـ ( السنن والمبتدعات للشقيري 145 )
الأمر الخامس: أنه اشتهر عند كثير من الناس أن ليلة النصف من شعبان يقدر فيها ما يكون في العام.
وهذا باطل، فإن الليلة التي يقدر فيها ما يكون في العام هي ليلة القدر
الأمر السادس: أن بعض الناس يصنعون أطعمة في يوم النصف يوزعونها على الفقراء ويسمونها عشيات الوالدين.
والحاصل أن هذه الأمور لم يأت فيها خبرٌ ولا أثرٌ غير الضعاف والموضوعات :
قال الحافظ ابن دحية : (( قال أهل التعديل والتجريح : ليس في حديث النصف من شعبان حديثٌ يصح ، فتحفّظوا عباد الله من مُفترٍ يروي لكم حديثًا يسوقه في معرض الخير ، فاستعمال الخير ينبغي أن يكون مشروعًا من الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإذا صح ّ أنه كذب خرج من المشروعية ، وكان مستعمله من خدم الشيطان لاستعماله حديثًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُنزل الله به من سلطان )) أهـ ( الباعث على انكار البدع والحوادث لأبي شامة المقدسي 127)
* حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان ؟؟
سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله عن ليلة النصف من شعبان ؟ وهل لها صلاة خاصة ؟
فأجاب : ليلة النصف من شعبان ليس فيها حديث صحيح .. كل الأحاديث الواردة فيها موضوعة وضعيفة لا أصل لها وهي ليلة ليس لها خصوصية ، لا قراءة ولا صلاة خاصة ولا جماعة .. وما قاله بعض العلماء أن لها خصوصية فهو قول ضعيف فلا يجوز أن تخص بشيء .. هذا هو الصواب وبالله التوفيق
سلسلة العلامتين ابن باز والألباني
شـبهات والـرد عليهـا
حكـم التطـوع بعـد النصـف مـن شـعبان :
عـن أبـي هريـرة - رضي الله عنه - قـال :
قـال رسـول اللـه صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " إذا بقـي نصـفٌ مـن شـعبان فـلا تصومـوا " .
( صحيح سنن الترمذي / ج : 1 / حديث رقم : 590 / ص : 225 ) .
اختلـف العلمـاء فـي صيـام التطـوع بعـد انتصـاف شـعبان ، فذهـب الجمهـور إلـى جـوازه .
قـال الترمـذي :
ومعنـى هـذا الحديـث عنـد بعـض أهـل العلـم :
أن يكـون الرجـل مفطـرًا ، فـإذا بقـي شـيء مـن شـعبان أخـذ فـي الصـوم لحـال شــهر رمضـان .
( صحيح سنن الترمذي / ص : 225 / تعليقًا على الحديث ) .
فـلا حـرج فـي الصيـام بعـد انتصـاف شـعبان لمـن بـدأ الصيـام فـي النصـف الأول مـن شـعبان .
ويؤيـد هـذا الأحاديـث الصحيحـة :
كحديـث عائشـة :
ـ عـن عائشـة - رضي الله عنهـا - قالـت :
" كـان رسـولُ اللهِ – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يصـومُ حتـى نقـولَ لا يفطـرُ ، ويفطـر حتـى نقـولَ لا يصـوم ، وما رأيـتُ رسـولَ اللـهِ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم – اسـتكمل صيـامَ شـهرٍ قـطّ إلا شـهرَ رمضـانَ ، وما رأيتُـهُ فـي شـهرٍ أكثـرَ صيامـًا منـه فـي شـعبان " .
( رواه البخاري ومسلم وأبو داود . صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 /
حديث رقم : 1024 / ص : 595 ) .
وكحديـث أبـي هريـرة :
ـ عـن أبـي هريـرة - رضي الله عنه - عـن النبـي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قـال :
" لا يتقدَّمَـنَّ أحدُكـم رمضـان بصـومِ يـومٍ أو يوميـن إلا أن يكـونَ رجـلٌ كـان يصوم صَوْمَـه فليصـم ذلـك اليـوم " .
( متفق عليه . رياض الصالحين / ص : 447 ) .
( البخاري / حديث رقم : 1914 . مسلم / حديث رقم : 1082 ) .
ففيـه النهـي عن صـوم يـوم أو يوميـن فقـط فـي آخـر شـعبان ، إلا أن يكـون صومـًا اعتـاده فـلا بـأس .
وكحديـث أم سـلمة :
ـ عـن أم سـلمة - رضي الله عنها - قالـت :
" ما رأيـتُ رسـولَ اللـه - صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يصـوم شـهرين متتابعيـن إلا شـعبان ورمضـان " .
( رواه الترمذي . وصححه الشيخ الألباني – رحمه الله - في صحيح الترغيب والترهيب /
ج : 1 / حديث رقم : 1025 / ص : 596 ) .
النهـي عـن صيـام يـوم الشـك :
ـ عـن أبـي هريـرة - رضي الله عنه - عـن النبـي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قـال :
" لا يتقدَّمَـنَّ أحدُكـم رمضـان بصـومِ يـومٍ أو يوميـن إلا أن يكـونَ رجـلٌ كان يصـوم
صَوْمَـه فليصـم ذلـك اليـوم ".
( متفق عليه . رياض الصالحين / ص : 447 ) .
( البخاري / حديث رقم : 1914 . مسلم / حديث رقم : 1082 ) .
ـ عن صلـة بن زُفَـر قـال :
كنـا عنـد عمـار بـن ياسـر [ فـي اليـوم الـذي يُشَـك فيـه ] ( 1 ) فأتـى بشـاة مَصلِيـة فقـال : كلـوا ، فتنحـى بعـض القـوم ، فقـال : إنـي صائـم .
فقـال عمـار : من صـام اليـوم الـذي شُـكَّ فيـه ، فقـد عصـى أبـا القاسـم .
( صحيح سنن الترمذي / ج : 1 / حديث رقم : 553 / ص : 210 . ابن ماجه ) .
( 1 ) ما بيـن الحاصرتين [ ] زيادة مـن هامـش المخطوطـة : 94 / 1 ، ووافقـت روايـة " صحيح ابن ماجه " : 1 / 275 .
* يـوم الشـك :
هو يوم 30 شـعبان ( فقد يكـون متممـًا لشـعبان أو أول رمضـان ) .
* فتـوى :
إذا صـادف يـوم الشـك عـادة ( صيـام إثنيـن وخميـس أو صـوم يـوم وفطـر يـوم ) ، فـلا حـرج فـي صيامـه .
الخلاصـة :
للجمـع بيـن هـذه الروايـات : فالحكـم هـو :
النهـي عـن تقـدم رمضـان بصـوم بعـد نصـف شـعبان إلا لمـن وصلـه بمـا قبلـه ـ
أي وصـل النصـف الثانـي مـن شـعبان بالنصـف الأول منـه ـ
أو وافـق عـادة له بأن كـان عادتـه صـوم الإثنيـن والخميـس فوافقـه .
( ترجمة : باب النهي عن تقدم رمضان .... / الرياض / ص : 412 ) .
منقول من أكثر من مكان