إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

آداب الباطن في تلاوة القرآن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • آداب الباطن في تلاوة القرآن

    [overline][frame="1 80"]تلاوة القرآن مهذبة للنفس من جوانب شتى، فهي تعرف الإنسان على المطلوب منه وتثير عنده كل المعاني المرادة من تزكية النفس، وتلاوة القرآن تنور القلب وتذكره فهي تكمل عمل الصلاة والزكاة والصوم والحج في التحقق بمقام العبودية لله عز وجل، وإنما يفعل القرآن فعله إذا رافقت تلاوته آداب الباطن في التأمل والخشوع والتدبر.
    وإذا كانت هذه المعني محل غفلة فإننا سننقل كلام الإمام الغزالي فيها:

    أعمال الباطن في التلاوة تسعة: تعظيم الكلام والمتكلم، ثم حضور القلب، ثم التدبر، ثم التفهم، ثم التخلي عن موانع الفهم، ثم التخصيص، ثم التأثر، ثم الترقي، ثم التبري.

    فالأول فهم عظمة الكلام وعلوه، وفضل الله تعالى ولطفه بخلقه في نزوله عن عرش جلاله لإفهام خلقه، وتعظيم الكلام تعظيم للمتكلم: فينبغي على القارئ عند بداية تلاوة القرآن أن يستحضر عظمة المتكلم ويعلم أن ما يقرؤه ليس من كلام البشر، وأن تلاوة كلام الله عز وجل غاية الخطر فإنه تعالى قال: لا يمسه إلا المطهرون" الواقعة79، وكما أم ظاهر المصحف وورقه محروس عن ظاهر بشر اللامس إلا إذا كان متطهرا، فباطن معناه أيضا بحكم عزه وجلاله محجوب عن باطن القلب إلا إذا كان متطهرا عن كل رجس ومستنيرا بنور التعظيم والتوقير. وكما لا يصلح لمس جلد المصحف كل يد فلا يصلح لتلاوة حروفه كل لسان، ولا لنيل معانيه كل قلب.
    فتعظيم الكلام تعظيم المتكلم، ولن تحضره عظمة المتكلم ما لم يتفكر في صفاته وجلاله وأفعاله، فإذا حضر بباله العرش والكرسي والسماوات والأرض وما بينهما من الجن والإنس والدواب والأشجار، وعلم أن الخالق لجميعها والقادر عليها والرازق لها واحد، وأن الكل في قبضة قدرته مترددون بين فضله ورحمته وبين نقمته وسطوته، إن أنعم فبفضله، وإن عاقب فبعدله، وأنه الذي يقول: هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي، وهؤلاء إلى النار ولا أبالي، وهذا غاية العظمة والتعالي. فبالتفكر في أمثال هذا يحضر تعظيم المتكلم ثم تعظيم الكلام.

    يتبع [/frame][/overline]

    ان ينصركم الله فلا غالب لكم

  • #2
    بارك الله فيك
    وجزاك الله كل خير
    وجعلة الله في ميزان حسناتك
    موضوع بسيط ولكنة في غاية الاهمية

    تعليق


    • #3
      مشكور اخى ريحانة السرايا على مرورك الطيب

      [frame="1 80"]2- حضور القلب وترك حديث النفس:

      قيل في تفسير قوله تعالى: "يا يحيى خذ الكتاب بقوة" أي بجد واجتهاد، وأخذه بالجد أن يكون متجردا له عند قراءته، منصرف الهمة إليه من غيره، وقيل لبعضهم: إذا قرأت القرآن تحدث نفسك بشيء؟ فقال: أو شيء أحب إلي من القرآن حتى أحدث به نفسي. وكان بعض السلف إذا قرأ آية لم يكن قلبه فيها أعادها ثانية، وهذه الصفة تتولد عما قبلها من التعظيم، فإن المعظم للكلام الذي يتلوه يستبشر به ويستأنس ولا يغفل عنه. ففي القرآن ما يستأنس به القلب إن كان التالي أهلا له فكيف يطلب الأنس بالفكر في غيره وهو متنزه ومتفرج والذي يتفرج في المتنزهات لا يتفكر في غيرها.


      يتبع [/frame]

      ان ينصركم الله فلا غالب لكم

      تعليق


      • #4
        جازاك الله كل الخير
        [foq][all1=FF0000][a7la1=FFFF00]أسد السرايا وأسد فلسطين[/a7la1][/all1][/foq]

        تعليق


        • #5
          جزاك الله كل خير اخي

          تعليق


          • #6




            تعليق


            • #7
              مشكور اخى وبارك الله فيك

              تعليق


              • #8
                المشاركة الأصلية بواسطة ابو جابر مشاهدة المشاركة
                مشكور اخى ريحانة السرايا على مرورك الطيب

                [frame="1 80"]2- حضور القلب وترك حديث النفس:

                قيل في تفسير قوله تعالى: "يا يحيى خذ الكتاب بقوة" أي بجد واجتهاد، وأخذه بالجد أن يكون متجردا له عند قراءته، منصرف الهمة إليه من غيره، وقيل لبعضهم: إذا قرأت القرآن تحدث نفسك بشيء؟ فقال: أو شيء أحب إلي من القرآن حتى أحدث به نفسي. وكان بعض السلف إذا قرأ آية لم يكن قلبه فيها أعادها ثانية، وهذه الصفة تتولد عما قبلها من التعظيم، فإن المعظم للكلام الذي يتلوه يستبشر به ويستأنس ولا يغفل عنه. ففي القرآن ما يستأنس به القلب إن كان التالي أهلا له فكيف يطلب الأنس بالفكر في غيره وهو متنزه ومتفرج والذي يتفرج في المتنزهات لا يتفكر في غيرها.


                يتبع [/frame]
                اخي الكريم انا ريحانة الاقصى وليست ريحانة السرايا
                يللا مقبولة محنا اخوات بالاسم

                تعليق


                • #9
                  3) التدبر:

                  وهو وراء حضور القلب فإنه قد لا يتفكر في غير القرآن ولكنه يقتصر على سماع القرآن من نفسه وهو لا يتدبره. والمقصود من القراءة التدبر. ولذلك سن الترتيل فيه، لأن في الترتيل في الظاهر يتمكن من التدبر بالباطن. قال علي بن ابي طالب رضي الله عنه: لا خير في عبادة لا فقه فيها ولا في قراءة لا تدبر فيها. وإذا لم يتمكن من التدبر إلا بترديد فليردد إلا أن يكون خلف إمام. فإنه لو بقي في تدبر آية واشتغل الإمام بآية أخرى كان مسيئا كمثل من يشتغل بالتعجب من كلمة واحدة ممن يناجيه عن فهم بقية كلامه. وكذلك إن كان في تسبيح الركوع وهو متفكر في آية قرأها إمامه فهذا وسواس، فقد روي عن عامر بن عبد قيس أنه قال: الوسواس يعتريني في الصلاة، فقيل: في أمر الدنيا؟ فقال: لأن تختلف في الأسنة أحب إلي من ذلك، ولكن ينشغل قلبي بموقفي بين يدي ربي عز وجل. واني كيف أنصرف. فعد ذلك وسواسا وهو كذلك فإنه يشغله عن فهم ما هو فيه والشيطان لا يقدر على مثله إلا بأن يشغله بمهم ديني ولكن يمنعه به عن الأفضل.

                  وعن ابي ذر قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بآية يردده" إن تعذبهم فإنهم عبادك وان تغفر لهم فانك أنت العزيز الحكيم" المائدة 118 . و قال بعض العارفين لي في كل جمعة ختمة وفي كل شهر ختمة و في كل سنة ختمة ولي ختمة مند ثلاثين سنة ما فرغت منها بعد وذلك بحسب درجات تدبره و كان هدا يقول ايضا أقمت نفسي مقام الأجراء فأنا أعمل مياومة و مجامعة ومشاهرة ومسانهة.
                  (4) التفهم

                  وهو أن يستوضح من كل آية ما يليق بها، إذ القرآن يشتمل على صفات الله عز وجل، وذكر أفعاله، وذكر أحوال الأنبياء عليهم السلام، وذكر أحوال المكذبين لهم وأنهم كيف أهلكوا، وذكر أوامره وزواجره، وذكر الجنة والنار.

                  أما صفات الله عز وجل كقوله تعالى: "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" الشورى 11. وكقوله تعالى: "الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر" الحشر23. فليتأل هذه الأسماء والصفات لينكشف له أسرارها فتحتها معاني مدفونة لا تنكشف إلا للموفقين.
                  قال ابن مسعود: "من أراد علم الأولين والآخرين فليثوّر القرآن، وأعظم علوم القرآن تحت أسماء الله عز وجل وصفاته.

                  وأما أفعاله تعالى فكذكره خلق السموات والأرض. فليفهم التالي منها صفات الله عز وجل: إذ الفعل يدل على الفاعل فتدل عظمته على عظمته. فينبغي أن يشهد في الفعل الفاعل، فمن عرف الحق رآه في كل شيء، إذ كل شيء فهو منه وإليه وبه وله، ومن لا يراه في كل ما يراه فكأنه ما عرفه، ومن عرفه عرف أن كل شيء ما خلا الله باطل وأن كل شيء هالك إلا وجهه.
                  و أما أحوال الأنبياء عليهم السلام: فإذا كيف كذّبوا وضربوا و قتل بعضهم فليفهم منه صفة الاستغناء لله عن الرسل والمرسل إليهم، وإذا سمع نصرتهم فليفهم قدرة الله وإرادته لنصرة الحق.
                  وأما أحوال المكذبين فليكن فهمه منه استشعار الخوف من سطوته وليكن حظه منه الاعتبار في نفسه.

                  وكذلك إذا سمع وصف الجنة والنار وسائر ما في القرآن فلا يمكن استقصاء ما يفهم منه لأن ذلك لا نهاية له، وإنما لكل عبد بقدر رزقه "قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا" الكهف 109. ولذلك قال علي رضي الله عنه: لو شئت لأوقرت سبعين بعيرا من تفسير فاتحة الكتاب.

                  ومن لم يكن له فهم ما في القرآن ولو في أدنى الدرجات دخل في قوله: "ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم" والطابع هي الموانع التي سنذكرها في موانع الفهم
                  5) التخلي عن موانع الفهم

                  أكثر الناس منعوا من فهم معاني القرآن لأسباب وحجب أسدلها الشيطان على قلوبهم فعميت عليهم عجائب اسرار القرآن. وحجب الفهم أربعة:

                  1) أن يكون الهم منصرفا إلى تحقيق الحروف بإخراجها، فهذا يكون تأمله مقصورا على مخارج الحروف، فأنى تنكشف له المعاني؟

                  2) أن يكون مقلدا لمذهب سمعه بالتقليد وجمد عليه، ثبت في نفسه التعصب له بمجرد الإتباع للمسموع من غير وصوله إليه ببصيرة ومشاهدة. فإن لمع برق على بعد وبدا له معنى من المعاني التي تباين مسموعه حمل عليه شيطان التقليد حملة وقال: كيف يخطر هذا ببالك وهو خلاف معتقد آبائك، وهذا ينطبق على أتباع الفرق الضالة.

                  3) أن يكون مصرا على ذنب أو متصفا بكبر، أو مبتلى في الجملة بهوى في الدنيا مطاع. فإن ذلك سبب ظلمة القلب وصدئه، وهو كالخبث على المرآة فيمنع جلية الحق من أن يتجلى فيه. وهو أعظم حجاب للقلب وبه حجب الكثيرون. وقد قال عز وجل: "وما يتذكر إلا من ينيب" غافر13. "إنما يتذكر أولو الألباب" الزمر9.

                  4) أن يكون قد قرأ تفسيرا ظاهرا واعتقد أنه لا معنى لكلمات القرآن إلا ما تناوله النقل عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما. وان ذلك تفسير بالرأي وأن من فسر بالراي فقد تبوأ مقعده من النار. فالله عز وجل قد يفتح على القلوب من الفهوم الكثير مما لا ينقض ظاهرا ولا يتناقض مع اقوال المفسرين المعتبرين. قال علي رضي الله عنه: إلا أن يؤتي الله عبدا فهما في القرآن. ولو كان المعنى هو الظاهر المنقول لما اختلف الناس فيه (ولكن لا بد أن تظبط الفهوم بضوابط اللغة والمحكم)
                  التخصيص

                  وهو أن يقدر أنه المقصود بكل خطاب في القرآن فإن سمع أمرا أو نهيا قدر أنه المأمور و المنهي، وإن سمع قصص الأولين علم أن السمر غير مقصود، وإنما المقصود ليعتبر به، وليأخذ من تضاعيفه ما يحتاج إليه، فما من قصة في القرآن إلا وسياقها لفائدة في حق النبي صلى الله عليه وسلم وأمته. لذلك قال تعالى: "ما نثبت به فؤادك" هود 120

                  فليقدر العبد أن هذا القرآن ما أنزل على رسوا الله خاصة بل هو شفاء وهدى ونور ورحمة للعالمين. لذلك أمر الله تعالى الكافة بشكر نعمة الكتاب فقال:
                  "واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به" البقرة231
                  "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم" النحل44
                  "هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين" آل عمران 138
                  "واتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم" الزمر55.

                  وإذا قصد بالخطاب جميع الناس فقد قصد الآحاد فهذا القارئ الواحد مقصود فماله ولسائر الناس فليقدر أنه المقصود، قال تعالى: "وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ" قال محمد بن كعب القرظي: "من بلغه القرآن فكأنما كلّمه الله". قال بعض العلماء: "هذا القرآن رسائل أتتنا من قبل ربنا عز وجل بعهوده، نتدبرها في الصلوات، ونقف عليها في الخلوات، وننفذها في الطاعات والسنن والمتبعات. وقال قتادة: "لم يجالس أحد هذا القرآن إلا قام بزيادة أو نقصان قال تعالى: "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا" الاسراء82.

                  (7) التأثر

                  وهو أن يتأثر قلبه بآثار مختلفة بحسب اختلاف الآيات فيكون له بحسب كل فهم حال ووجد يتصف به قلبه من الحزن والخوف والرجاء وغيره. فتأثر العبد بالتلاوة أن يصير بصفة الآية المتلوة، فعند الوعيد وتقييد المغفرة بالشروط يتضاءل من خيفته، وعند التوسع ووعد المغفرة يستبشر كأنه يطير من الفرح. وعند ذكر الله وصفاته وأسمائه يستشعر عظمة الله عز وجل، وعند ذكر الكفار ما يستحيل على الله كذكرهم لله جل وعلا ولدا وصاحبة يغض صوته وينكر في باطنه حياء قبح مقالتهم.
                  ولقد كان بعض الخائفين من خر مغشيا عليه عند سماع آيات الوعيد لأن مشاهدة تلك الحالة استغرقت قلبه بالكلية. فمثل هذه الأحوال يخرجه عن أن يكون حاكيا في كلامه.
                  فإذا قال "إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم" الانعام19 ولم يكن خائفا كان حاكيا. وإذا قال "عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير" ولم يكن حاله الإنابة والتوكل كان حاكيا.

                  ومن لم يكن بهذه الصفات ولم يتردد قلبه بين هذه الحالات كان حظه من التلاوة حركة اللسان وكان داخلا في معنى قوله تعالى: "وهم في غفلة معرضون" الأنبياء 1 "ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني" البقرة78. "وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون" يوسف 105.

                  قال بعض القراء: قرأت القرآن على شيخ لي ثم رجعت لأقرأ ثانية فانتهرني وقال: جعلت القرآن علي عملا اذهب فاقرأ على الله عز وجل. فانظر بماذا يأمرك وبماذا ينهاك. وبهذا كان شغل أهل القرآن، وذلك أن تلاوة القرآن حق تلاوته هو أن يشترك فيه اللسان والعقل والقلب. فحظ اللسان تصحيح الحروف بالترتيل، وحظ العقل تفسير المعاني، وحظ القلب الاتعاظ والتأثر. فاللسان يرتل والعقل يترجم والقلب يتعظ.
                  (8) الترقي

                  وهو أن يترقى إلى أن يسمع الكلام من المتكلم فدرجات القراءة ثلاث:

                  أدناها كأنه يقرؤه على الله عز وجل واقفا بين يديه وهو ناظر غليه ومستمع منه، فيكون حاله عند هذا التقدير السؤال والتملق والتضرع والابتهال.

                  الثانية أن يشهد بقلبه كأن الله يراه ويخاطبه بألطافه ويناجيه بإنعامه وإحسانه فمقامه الحياء والتعظيم والإصغاء والفهم.

                  الثالثة: أن يرى في الكلام المتكلم، وفي الكلمات الصفات، فلا ينظر إلى نفسه ولا إلى قراءته ولا إلى تعلق الإنعام به من حيث إنه منعم عليه بل يكون مقصور الهم على المتكلم، موقوف الفكر عليه، كأنه مستغرق بمشاهدة المتكلم عن غيره. وهذه درجة المقربين، وما قبله أصحاب اليمين، وما خرج عن هذا فهو درجات الغافلين.

                  قال عثمان وحذيفة رضي الله عنهما: لو طهرت القلوب لم تشبع من قراءة القرآن. وبمشاهدة الله عمن سواه يكون العبد ممتثلا إلى قوله تعالى: "ففروا إلى الله" الذاريات50.
                  9) التبرّي

                  وهو أن يتبرأ العيد من حوله وقوته والالتفات إلى نفسه بعين الرضا والتزكية. فإذا تلا آيات الوعد والمدح للصالحين فلا يشهد الموقنين والصديقين فيها ويتشوف إلى أن يلحقه الله عز وجل بهم، وإذا تلا آيات المقت والغضب وذم العصاة شهد على نفسه هناك وقدّر أنه المخاطب خوفا وإشفاقا، ولذلك كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: اللهم إني أستغفرك لظلمي وكفري، فقيل له: هذا الظلم فما بال الكفر؟ فتلا قوله عز وجل: "إن الإنسان لظلوم كفار" إبراهيم 34. وقيل ليوسف بن أسباط؟ إذا قرأت القرآن بماذا تدعو؟ فقال: بماذا أدعو أستغفر الله من تقصيري سبعين مرة.
                  فإن رأى نفسه بصورة التقصير في القراءة كانت رؤيته سبب قربه، فإن شهد البعد في القرب لطف به في الخوف حتى يسوقه الخوف إلى درجة أخرى في القرب وراءها.
                  ومن شهد القرب في البعد مكر به بالأمن الذي يفضي به إلى درجة أخرى في البعد أسفل مما هو فيه، ومهما كان مشاهدا نفسه بعين الرضا صار محجوبا بنفسه، فإذا جاوز حد الالتفات إلى نفسه ولم يشاهد إلا الله تعالى في قراءته كشف له سر الملكوت.

                  نفعنا الله وإياكم بالذكر الحكيم
                  وصلى الله على سيدنا محمد
                  وعلى اله وصحبه و سلم تسليما

                  ان ينصركم الله فلا غالب لكم

                  تعليق

                  يعمل...
                  X