بسم الله الرحمن الرحيم
( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا )
أبشروا أهلَ الشهيدِ فابنكم مازال حيا
واشكروا لله فضلاً فهو في الفردوس يحيا
واسعَدوا بابنٍ تقيٍ راضياً نفساً أبيا
كلما نادى المنادي تاركاً بيتَ الثُّريا
ما تهاوى من جوادٍ بل علا فوق الثريا
قبرُهُ قد فاح عطراً ليس سِرّاً أو خَفِيّا َ
هنِّؤوهُ باركوه عن زواجٍ بالحُرَيَّا
لا تقولوا قد توفَّى فَهْوَ في عِزٍّ رَضِيَّا
أحمد الله ربي خالق العباد وفارض الإعداد والجهاد من أمر الناس بنصر الدين بالسيف والسنان لكي ينالوا في الأرض التمكين وقهر الطغاة المتجبرين وهو القادر على أن ينصر جنده في كل وقت وحين والصلاة والسلام على نبينا محمد صاحب الخلق العظيم الذي جاهد في الله حق الجهاد وقاتل الكفار لنصرة هذا الدين القائل في الحديث الشريف " لوددت أن أغزوا في سبيل الله فأقتل ثم أغزوا فأقتل ثم أغزوا فأقتل " و على آله وصحبه الكرام من عرفوا بالكر والإقدام ...
أما بعد ....
هي الذكرى .. تطل علينا بعد مرور عامها الأول .. لتجدد فينا روح العزيمة و الجهاد .. هي الذكرى .. تمر علينا حاملة معها ثورات الشعوب على حكامهم الظالمين .. هي الذكرى .. جاءت لتذكرنا بأيام طالما اشتقنا لمثلها في هذه الأيام .. هي الذكرى .. تذكرنا بأولئك الذين حملوا أرواحهم على أكفهم .. و أقسموا بالله أن يعيدوا للأمة كرامتها التي ضيعت و عزتها التي أهينت .. هي الذكرى .. ذكرى الشهداء .. ذكرى من مرغوا أنف وحدة جولاني في التراب .. ذكرى أولئك الأطهار الذين سطروا بدمائهم أروع معاني التضحية و الفداء .. إنها ذكرى عملية استدراج الأغبياء في خانيونس الإباء .. إنها ذكرى الشهداء .. شهداء الإسلام العظيم .. جنود سرايا القدس الميامين .. جنود الجهاد الإسلامي المظفرين .. إنهم و بكل فخر من تربوا في بيوت الله تعالى .. في مدرسة النبي المصطفى صلى الله عليه و آله و سلم .. إنهم من تربوا على يد ذلك الأسد .. و ما كل الأسود سواء .. تربوا على يد الشهيد القائد زياد أبو طير ( أبو طارق ) ..
إنهم
الشهيد المجاهد : سليمان عرفات
و الشهيد المجاهد : جهاد الدغمة
و الشهيد المجاهد : بسام الدغمة
فبعد أن طمست أنوار الجهاد وأظلمت أيامه وانطفأ شعاعه وأهمل أعداده وأغمدت سيوفه وأعتم إشراقه وحورب من الصديق والعدو وتثاقل عنه المنافقون وأعرض عنه من كانوا به يغنون .. خرج الرجال من الركام ومن الظلام ومن الإذلال ليعلنوها مجدداً :
يا قُدس إن طَالت بِنا غربةٌ *** فَسيفنا يا قُدس لَن يُغمدا
كان يوم الجمعة السادس و العشرين من شهر آذار ( مارس ) للعام 2010 .. و كما كل يوم جمعة .. يذهب الناس لأداء صلاة الجمعة .. و لكن ..... يوم الجمعة هذا لم يكن يوما عاديا عند جنود السرايا .. فكانت العيون ترصد و الأسود في عرينها تنتظر الصيد .. سمعنا الخبر ولم نصدق ما يحدث .. لم نكن نعلم أن هناك رجال ترجلوا عندما نام الناس .. تقدم الفرسان نحو الحدود الشرقية لخانيونس الإباء فجهزوا أنفسهم ونصبوا كمينهم بعتادهم البسيط فقاموا باستدراج الجنود في الكمين وتم إطلاق النار على الجنود فأوقعوهم بين قتيل وجريح .. انتشر الخبر .. مقتل جنديين في عملية بطولية شرق خانيونس .. تفاجأ الجميع بالعملية و نجاحها .. و الجميع يسأل : من هذا الأسد الذي أقض مضاجعهم ؟؟ .. لتخرج بعدها سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي لتعلن المسؤولية الكاملة عن العملية و تطلق عليها اسم " استدراج الأغبياء " .. و تعلن عن أسماء منفذيها و هم الشهيد المجاهد : سليمان عرفات , و الشهيد المجاهد : جهاد الدغمة . و الشهيد المجاهد : بسام الدغمة ..
سليمان عرفات : رجل من رجال الإسلام , عندما تتحدث معه تستذكر رجال بكينا عليهم , وافتخرنا بعزهم , تتذكر خالد سيف الله وحمزة أسد الله وأسامة حب رسول الله .. إنه من زمان عز فيه الرجال , وتخلف عن الجهاد الشجعان , سليمان صاحب خلق رفيع وهمة عالية ونفس أبية يرفض الذل والخنوع و المهانة يبحث عن الموت في مضانه , بصماته في حلقات القران وساحات النزال وخير شاهد على ذلك معركة عبسان , فلله دره من مجاهد صدق الله فصدقه الله , نحسبه من المجاهدين المخلصين ولا نزكي على الله أحدا .
جهاد الدغمة : اختار طريق الجهاد والاستشهاد لأنه عرف أن هذا الطريق هو طريق العزة والكرامة لهذه الأمة , رغم صغر سنه إلا أنه أبى أن يجلس في بيته متعذرا , لكنه يحمل هم أمة هانت على الكثير , فدافع عن الإسلام رغم قلة الإمكانات فتقدم نحو ساحات القتال مع رفاق دربه في عبسان , فكان الموعد مع الشهادة .. شهادة الأبطال الذين سطروا العز في عبسان .
بسام الدغمة : عرف أن الإقدام لا يؤخر في العمر شيئا فاستل سيفه وامتشق سلاحه وتقدم وهو يحمل إيمان راسخ وعقيدة ثابتة متوجها نحو مواطن الرباط والإقدام , يتربص للعدو في كل لحظات حياته التي نذرها في سبيل الله فكان يتقدم الصفوف بين كر وفر لكي يوقع الفريسة في الشباك , فكان الموعد مع رفاقه في استدراجهم للجنود , فشاء الله أن يقتل في سبيل الله مقداما في ساحات الوغى ولسان حاله يقول :
خذوا مني فؤادي وامنحوني سلاحي أمتطي صهو المنون
فإني لم أعش لأذوق ذلا ولا لأذوب في حضن حنون
ولكن كي أذود على حمايا
- فلتفخر شرقية العز برجالها ، بأبطالها ، بشهدائها ، فو الله لقد رفعتم عز الأمة ومجدها التليد , وأعدتم لنا أمجاد خالد وحمزة ومصعب والمثنى أمجاد الإسلام العظيم فنم قرير العين أيها الأسد المقدام " أبا طارق " لقد رحلت وما رحل فكرك ونهجك , نهج الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة أجمعين ومن بعدهم الشقاقي الأمين ، فعاهد الله من بعدك الرجالُ أن يواصلوا المسير ولو كان الطريق مليئا بالأشواك ومعبأ بالدماء والأشلاء .. فسلام لروحك في الخالدين ..
و من ناحية أخرى .. و بعد نجاح العملية .. و الفرحة الكبرى التي عمت الشارع .. و حالة الهستيريا و التخبط التي سادت الاحتلال .. أدركت بعض الذئاب الضالة و الضباع التائهة قيمة الصيد .. فحاولت ببعض مكرها و كيدها أن تسرق الفريسة من بين فكي الأسد .. و لكن هيهات هيهات أن تنجح تلك الذئاب في سرقة تلك الفريسة .. فكذبت تلك الذئاب كذبتها .. و على لسان الناطق باسمها الذي أخذ يتخبط في روايته .. فتارة يقول رصاص قناص و تارة إطلاق نار من سلاح متوسط و تارة مجموعة محاصرة و تدخلوا لإنقاذها و قتلوا الجنديين .. و لكن " يأبى الله إلا أن يتم نوره " .. ليتم بعدها الإعلان عن استشهاد اثنين من منفذي العملية و ليؤكد من جديد أن دماء الشهداء ستبقى دوما و حتى قيام الساعة أصدق من كل الكلمات مهما بلغت فصاحة تلك الكلمات و مهما علت مكانة أصحاب تلك الكلمات فإن دماء الشهداء أعلى و أصدق من هؤلاء الذين و إن ادعوا الإسلام منهج حياتهم و الذين يبدو أنهم لم يقرؤوا قول الله تعالى : " كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " أو أنهم تناسوا هذه الآية " لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا و يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب و لهم عذاب أليم " ...
و في الختام .. السلام ثم السلام ثم السلام على أولئك الشهداء الذين أعادوا فينا روح الجهاد و قهروا بدمائهم سوط الجلاد .. السلام على تلك الدماء التي سالت على أرض خانيونس الإباء .. السلام عليك يا سليمان .. السلام عليك يا جهاد .. السلام عليك يا بسام .. و السلام كل السلام عليكم أيها الشهداء فلن نقول لكم وداعا .. بل إلى لقاء قريب بإذن الله تعالى هناك في الفردوس الأعلى مع النبي المصطفى و آله و صحبه الكرام ..
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بقلم : صدق الدم ، عـزالـدين الفارس
السبت
الموافق 26/3/2011 م
21/ ربيع الثاني / 1432هـ
تعليق