كان ميلاده ثورة، وحياته ثورة، وفكره ثورة، وتراثه ثورة، وتحولاته أحدثت الثورة، منذ ثلاثين عاما وأكثر نفض الغبار، وشق الطريق، وأعلنها ثورة، تزاوج ما بين الوطني والإسلامي، خلع العباءة الناصرية فكانت ثورة، وامتشق البندقية ذات الهوية الإسلامية، متزودا بطلقات الهوى الوطني الفلسطيني، كانت أولى خطواته صوب الثورة الإسلامية، معلنا ومخططا ومؤسسا ومفكرا وراعيا لميلاد الثورة الإسلامية المعاصرة في فلسطين، إنه الشهيد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الدكتور فتحي الشقاقي، أول الطلقات في تاريخ الحركة الإسلامية الثورية الجماهيرية المعاصرة، وأول ثورة على اتفاقيات السلام والاستسلام الموقعة مع الكيان الصهيوني، وأول اللافظين والرافضين لكل مشاريع الذل والهوان العربية والفلسطينية في مشاريع التطبيع المشبوهة، وأول الثوار الذين زاوجوا ما بين الوطني والإسلامي، والعربي والقومي.
ثار على كل المفاهيم القديمة، وانتفض على كل القوانين الحاكمة للعلاقة ما بين الغرب المستكبر والشرق المظلوم، واحتج وحاجج الوطنين المتدثرين بالثورة دون بعدها وعمقها الإسلامي، واستنكر على الإسلاميين ابتعادهم عن الهم الوطني وعن البندقية والنظرية والمنهجية الثورية، واعتصم بكتاب الله وسنة نبيه، واستحضر كل المفردات الإسلامية الداعية والداعمة للثورة وللتغيير وللتحرر من تبعية الاستعمار ومشاريعه وهيمنته، وقال قتل هذا الاستكبار يكمن في قطع رأس الصهيونية في فلسطين، وهذا لن يحدث إلا بالثورة والثورة فقط.
كان الشقاقي رحمه الله، يعلم وقع الثورة وقدرتها ومكنوناتها، وما يحدث اليوم في العالم العربي من انتفاضة وثورة، كان حاضرا عند الفلسطيني الثائر فتحي الشقاقي، الذي كتب في "المجاهد"عام 89 " إن النظام العربي يبرهن وللمرة تلو المرة على عدائه المتأصل للانتفاضة- الثورة ورعبه الدائم منها وتشوقه لأن تخمد نارها قبل أن تمتد فتحرق أركانه وتقوض كيانه باعتباره الوجه الآخر للكيان الصهيوني". وكتب في ذات الأسبوع مقالا بعنوان " متى تشرق شمس شعوبنا كما أشرقت في فلسطين"، وكان مما قاله في هذا المقال " لا بد أن يتراجع النظام العربي ليفسح المجال للشعوب كي تفكر وتقرر وتخوض معركتها بوسائلها التي تراها مناسبة"، نم يا سيدي قرير العين مطمئنا فاليوم العام 2011 تنتفض الشعوب وتستحضر كلماتك، وتتحقق تطلعاتك وأمنياتك، فمن تونس إلى مصر إلي اليمن إلي الأردن إلى الجزائر إلي الصومال إلي لبنان إلي السودان إلي فلسطين، تتساقط أوراق التوت تباعا، وتورق زهرات الشعوب وردا وثورة ودما زكيا طاهرا من جديد في كل الشوارع والميادين، لا يا سيدي لم يطول الانتظار وأنت القائل في العام 1990" هل كتب على الشعوب أن تطوي أعمارها عقدا وراء عقدا وهي تعيش حالة انتظار؟، هل كتب على الشعوب أن تظل تلوك الهواء فيما الزعماء يطحنونه؟!"، كلا والله، الشعوب اليوم هي صاحبة الفعل وصاحبة المبادرة، وهؤلاء المستكبرين يبحثون عن رد الفعل فلا يجدونه، نعم باتت الشعوب بعد عقود تعي حقيقة اللعبة جيدا، وتدرك المأساة الناتجة عن التدحرج من هزيمة لهزيمة، من وسط الهزائم وفي زمن التراجع، ثارت واستنهضت وحضرت لتقول لن نقبل بأقل من انتصار كامل وشامل.
اليوم تصنع الشعوب العربية النظام العالمي الجديد، اليوم يكتمل الحلم، يموت النظام العربي القديم، ليولد نظام عربي جماهيري شعبي جديد، كان لا يريده البعض أن يولد، لكنه ولد، يا سيدي، حرا ثائرا عنيدا ، منقلبا على كل العادات القديمة البالية، رافضا لكل المواثيق الطاغية الظالمة، ما عادت الحدود والسدود والموانع والعوائق قائمة لا مكان لها اليوم، وما بعد اليوم يولد في تونس ويشب في مصر لكنه لا لن يشيخ ولا يهرم، اليوم يقول الحر لا فتسمعه كل الشعوب، واليه تهرول وعنه تذود، لا تخاف القمع ولا تخشاه وقد كان زادها وزوادها منذ عقود، هي تحياه وتعيشه لحظة بلحظة في المنام وعند القعود.
فر الغرب يا سيدي، وانقلب على عقبيه، وأنت القائل في العام 92، " الغرب لا يريد لشعوبنا أن تختار والديمقراطية آلة غربية لا ينبغي أن تنتج غير ما يريده الغرب، والنخب الحاكمة ضد إرادة الأمة تتهاوى كالأواني الخشبية التي نخرها السوس"، حدث والله، ورفض ذلك الغرب حتى مجرد استقبال أو استضافة أحدهم حينما فر هاربا، والآخر وقف الغرب منه موقف المتفرج المتربص، أزعجنا هذا الغرب وأفزعهم من "غول" الديمقراطية الزائف، واستباحنا، بمعزوفة الإصلاح والتغيير، والنزاهة والشفافية، حتى وصل العظم فينا وتدخل في المناهج المدرسية، والأناشيد الوطنية، والدروس والآيات القرآنية، وصمت عن ظلم وقمع وقهر استمر لعقدين أو ثلاثة أو أكثر، ليصحو الصبح ويسمع بأن الشعوب قتلت الاستعباد والظلومية، وتهاوت معها كل تماثيل الغرب الديمقراطية زورا وبهتانا وخداعا.
نعم "إن للأمة العربية والإسلامية ثابتا هاما وكبيرا في تاريخ وحضارة البشرية، ولا يمكن إلغاء هذا الثابت أو شطبه تحت أي ظرف من الظروف، قد يعتريه الضعف والتمزق... لكنه لن يموت وستبقى مفردات القوى التي تشكل هذا الثابت قائمة ولو مبعثرة حتى تحين الفرصة لإعادة نظمها وصياغتها من جديد". لم تموت الأمة ولن تموت، وهي اليوم تصنع تاريخا، وتعلم الغرب درسا في الحضارة والثبات والقدرة على التغيير ، لا تحتاج هذه الأمة وهذه الشعوب لنماذج مستوردة من الغرب، هي حية وفاعلة وقادرة على تصدير كل المفردات وكل النماذج.
هذا الشقاقي القائل في مجلة السنارة البيروتية في ابريل 94،"لن يستطيع الأمريكان الدفاع عن أنظمة نخرها السوس وباتت كالجثث"، وهو القائل عن مصر وما أدراك ما مصر وما وقعها عند الشقاقي، " منذ سنين وأنا أبحث في المكان فأجدك عند مفارق كل الجهات وأبحر في الزمان فأراك عند كل مرحلة تختزن القهر والجراح واللهب، وأرى النيل يمر من بدايات الجنوب يمتد ويمتد إلى نهايات الشمال يختزن الطمي والخصب والسر الدفين يفيض السر مع دورة العام يلقي فوق الضفة والضفة الأخرى قمحا وحبا ولهيبا لا يقاوم، أرى آخر هولاكو يمر من تحت قدميك يوثق النيل يمنع الفيضان أن يمتد وآخر التتار يبتهجون.. يظنون أن السر لم يعد يتسلل مع روعة الفجر يمتشق دم الفلاحين حبا وغضبا يظنون أنك تبيعين خلودك على الزمان تبيعين دم الجنود المسلمين الذين جاءوك يوما وقذفوا في رحمك الغصب بذرة الثورة والمجد للأبد فاستحلت بهم درة للكون وبوابة للعالم لا تشيخ ولا تنحني، يمر الغزاة من فوق رمالك فيغطي التراب رؤوسهم يحاولون أن يدوسوا جبينك المنتصب فلا يجدون غير أصابع قدميك يخدشونها في بأس"......" سيدتي أبحر أبحر وأعود أصيح: أما آن لسنين الصمت أن تنتهي ولهذا البرق الساكن في عينيك أن يترجل وأن تعرف كل الدنيا أن سكوتك صمت البحر". المختار الإسلامي، أبريل 1981.
ثار على كل المفاهيم القديمة، وانتفض على كل القوانين الحاكمة للعلاقة ما بين الغرب المستكبر والشرق المظلوم، واحتج وحاجج الوطنين المتدثرين بالثورة دون بعدها وعمقها الإسلامي، واستنكر على الإسلاميين ابتعادهم عن الهم الوطني وعن البندقية والنظرية والمنهجية الثورية، واعتصم بكتاب الله وسنة نبيه، واستحضر كل المفردات الإسلامية الداعية والداعمة للثورة وللتغيير وللتحرر من تبعية الاستعمار ومشاريعه وهيمنته، وقال قتل هذا الاستكبار يكمن في قطع رأس الصهيونية في فلسطين، وهذا لن يحدث إلا بالثورة والثورة فقط.
كان الشقاقي رحمه الله، يعلم وقع الثورة وقدرتها ومكنوناتها، وما يحدث اليوم في العالم العربي من انتفاضة وثورة، كان حاضرا عند الفلسطيني الثائر فتحي الشقاقي، الذي كتب في "المجاهد"عام 89 " إن النظام العربي يبرهن وللمرة تلو المرة على عدائه المتأصل للانتفاضة- الثورة ورعبه الدائم منها وتشوقه لأن تخمد نارها قبل أن تمتد فتحرق أركانه وتقوض كيانه باعتباره الوجه الآخر للكيان الصهيوني". وكتب في ذات الأسبوع مقالا بعنوان " متى تشرق شمس شعوبنا كما أشرقت في فلسطين"، وكان مما قاله في هذا المقال " لا بد أن يتراجع النظام العربي ليفسح المجال للشعوب كي تفكر وتقرر وتخوض معركتها بوسائلها التي تراها مناسبة"، نم يا سيدي قرير العين مطمئنا فاليوم العام 2011 تنتفض الشعوب وتستحضر كلماتك، وتتحقق تطلعاتك وأمنياتك، فمن تونس إلى مصر إلي اليمن إلي الأردن إلى الجزائر إلي الصومال إلي لبنان إلي السودان إلي فلسطين، تتساقط أوراق التوت تباعا، وتورق زهرات الشعوب وردا وثورة ودما زكيا طاهرا من جديد في كل الشوارع والميادين، لا يا سيدي لم يطول الانتظار وأنت القائل في العام 1990" هل كتب على الشعوب أن تطوي أعمارها عقدا وراء عقدا وهي تعيش حالة انتظار؟، هل كتب على الشعوب أن تظل تلوك الهواء فيما الزعماء يطحنونه؟!"، كلا والله، الشعوب اليوم هي صاحبة الفعل وصاحبة المبادرة، وهؤلاء المستكبرين يبحثون عن رد الفعل فلا يجدونه، نعم باتت الشعوب بعد عقود تعي حقيقة اللعبة جيدا، وتدرك المأساة الناتجة عن التدحرج من هزيمة لهزيمة، من وسط الهزائم وفي زمن التراجع، ثارت واستنهضت وحضرت لتقول لن نقبل بأقل من انتصار كامل وشامل.
اليوم تصنع الشعوب العربية النظام العالمي الجديد، اليوم يكتمل الحلم، يموت النظام العربي القديم، ليولد نظام عربي جماهيري شعبي جديد، كان لا يريده البعض أن يولد، لكنه ولد، يا سيدي، حرا ثائرا عنيدا ، منقلبا على كل العادات القديمة البالية، رافضا لكل المواثيق الطاغية الظالمة، ما عادت الحدود والسدود والموانع والعوائق قائمة لا مكان لها اليوم، وما بعد اليوم يولد في تونس ويشب في مصر لكنه لا لن يشيخ ولا يهرم، اليوم يقول الحر لا فتسمعه كل الشعوب، واليه تهرول وعنه تذود، لا تخاف القمع ولا تخشاه وقد كان زادها وزوادها منذ عقود، هي تحياه وتعيشه لحظة بلحظة في المنام وعند القعود.
فر الغرب يا سيدي، وانقلب على عقبيه، وأنت القائل في العام 92، " الغرب لا يريد لشعوبنا أن تختار والديمقراطية آلة غربية لا ينبغي أن تنتج غير ما يريده الغرب، والنخب الحاكمة ضد إرادة الأمة تتهاوى كالأواني الخشبية التي نخرها السوس"، حدث والله، ورفض ذلك الغرب حتى مجرد استقبال أو استضافة أحدهم حينما فر هاربا، والآخر وقف الغرب منه موقف المتفرج المتربص، أزعجنا هذا الغرب وأفزعهم من "غول" الديمقراطية الزائف، واستباحنا، بمعزوفة الإصلاح والتغيير، والنزاهة والشفافية، حتى وصل العظم فينا وتدخل في المناهج المدرسية، والأناشيد الوطنية، والدروس والآيات القرآنية، وصمت عن ظلم وقمع وقهر استمر لعقدين أو ثلاثة أو أكثر، ليصحو الصبح ويسمع بأن الشعوب قتلت الاستعباد والظلومية، وتهاوت معها كل تماثيل الغرب الديمقراطية زورا وبهتانا وخداعا.
نعم "إن للأمة العربية والإسلامية ثابتا هاما وكبيرا في تاريخ وحضارة البشرية، ولا يمكن إلغاء هذا الثابت أو شطبه تحت أي ظرف من الظروف، قد يعتريه الضعف والتمزق... لكنه لن يموت وستبقى مفردات القوى التي تشكل هذا الثابت قائمة ولو مبعثرة حتى تحين الفرصة لإعادة نظمها وصياغتها من جديد". لم تموت الأمة ولن تموت، وهي اليوم تصنع تاريخا، وتعلم الغرب درسا في الحضارة والثبات والقدرة على التغيير ، لا تحتاج هذه الأمة وهذه الشعوب لنماذج مستوردة من الغرب، هي حية وفاعلة وقادرة على تصدير كل المفردات وكل النماذج.
هذا الشقاقي القائل في مجلة السنارة البيروتية في ابريل 94،"لن يستطيع الأمريكان الدفاع عن أنظمة نخرها السوس وباتت كالجثث"، وهو القائل عن مصر وما أدراك ما مصر وما وقعها عند الشقاقي، " منذ سنين وأنا أبحث في المكان فأجدك عند مفارق كل الجهات وأبحر في الزمان فأراك عند كل مرحلة تختزن القهر والجراح واللهب، وأرى النيل يمر من بدايات الجنوب يمتد ويمتد إلى نهايات الشمال يختزن الطمي والخصب والسر الدفين يفيض السر مع دورة العام يلقي فوق الضفة والضفة الأخرى قمحا وحبا ولهيبا لا يقاوم، أرى آخر هولاكو يمر من تحت قدميك يوثق النيل يمنع الفيضان أن يمتد وآخر التتار يبتهجون.. يظنون أن السر لم يعد يتسلل مع روعة الفجر يمتشق دم الفلاحين حبا وغضبا يظنون أنك تبيعين خلودك على الزمان تبيعين دم الجنود المسلمين الذين جاءوك يوما وقذفوا في رحمك الغصب بذرة الثورة والمجد للأبد فاستحلت بهم درة للكون وبوابة للعالم لا تشيخ ولا تنحني، يمر الغزاة من فوق رمالك فيغطي التراب رؤوسهم يحاولون أن يدوسوا جبينك المنتصب فلا يجدون غير أصابع قدميك يخدشونها في بأس"......" سيدتي أبحر أبحر وأعود أصيح: أما آن لسنين الصمت أن تنتهي ولهذا البرق الساكن في عينيك أن يترجل وأن تعرف كل الدنيا أن سكوتك صمت البحر". المختار الإسلامي، أبريل 1981.
تعليق