لم تمت بل غيبت بين ركام الزمن, واليوم تعود إلينا, تحمل في الرحم جرحا وألم, وتكتب من نزيف القلم, ذكريات لا تنسى ومسيرة لا تتوقف ونهر من العطاء لا ينضب.
هي السحابة التي صاحبتنا منذ زمن ولم تفارقنا, حتى في المنام كانت تزورنا وترسم لنا الحلم الجميل وتسهر معنا في ليال التهجد والابتهال, حتى يتنفس الصبح من تشققات الجرح ومع البرق ومضات وبالرعد تحيات, حتى أمطرت من ثناياها عظيم البشريات.
وجوه كثيرة وأسماء كبيرة مرت من هنا وعبرت هذا الضفاف, كانت بالأمس معنا واليوم ليست بيننا, كالأقمار التي غابت دون وداع وأقيم لها في القلوب مأتما وأوجاع, والأسود التي صالت وجالت على صهوة الحق في ميدان الإنتماء للاسلام والجهاد وفلسطين, قد انتخبتها الزنازين, فكان المصاب عظيما والأثر جسيما, خسرناهم بينما فرح أبناء القردة باصطيادهم.
في ظل هذا الوجع نحمل وصية الراحلين إلى الحياة الأجمل, ونرفع راية العشاق الذين التحقوا بمدرسة يوسف بن يعقوب "عليهم السلام", ونقف على محطة المشتاقين لهم, نذرف الدمعات على طول المسافات ما بين الألم والأمل.
لنبقى نحن من ينتظر ولن نبدل بإذن الله تبديلا, بوجه واحد لا يقبل غيره, وصورة متوهجة من عبق التاريخ ترسم امتداد الراية التي لا تنكس والفكرة التي لا تدنس, حتى نلتقي في السجن أحرار أو في الموت شهداء أو تحت ظل وردة حمراء.
أمام هذا الفتح المبين للبوابة التي أغلقت أبوابها طويلا حسدا من البعض وظلما, لا نملك إلا أن نحلق بجناحي الفرح والأمل في هذا الأفق المتسع الذي احتضن كل القلوب الوالهة عشقا والأرواح المولعة شوقا ونهتف من أعماقنا "ما أجمل العشق الذي جعل المعذب يبتسم"
وإلى الفاتحين لهذا الصرح نبارك لهم هذا الجهد العظيم, لتكتمل الرؤيا ونمضي سويا نخط من جديد رحلة الإيمان والوعي والثورة, أما رسالتنا إلى الأحباب الذين انتظروا على الباب حتى بلغ اليأس فيهم ما بلغ, نذكرهم بالمقولة الرائعة " لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة".
فانهضوا من بين ركام المرحلة وانفضوا عن أجسادكم غبار الذل والهوان, لننطلق كالنسر الذي بدأ الحياة إلى الصعود لا يثنيه موت أو قيود, حتى إذا جاء نصر الله والفتح نراكم على بوابة الأقصى ونعانق قبة الصخرة وهي تتهيأ للفرح العظيم.
أخوكم المشتاق لكم/أبو مالك الشمال
18صفر 1432هـ - 22يناير2011مـ
تعليق