ملاحظة ما هو بالخط الأزرق هو المتن الأصلي للمقالة، والخط الأسود هو الشرح
شرح المقالة/ المخرج من الأزمة الفلسطينية يكمن في "ثورة جماهيرية"
هل الأزمة الفلسطينية ممثلة في انتصار "الفرقان"، أم في الانقسام الفلسطيني الأثيم؟!، أليست القضية الفلسطينية تعاني أشد درجات الأزمة منذ الانقلاب الذي قامت به حركة حماس وما ترتب عليه من تضييع وتمييع للقضية الفلسطينية، وغياب موضوعات مهمة ومفصلية مثل: (القدس، اللاجئين) وحلت محلها موضوعات مثل: (الشرعية، شاليط، المعابر، الأنفاق)!!، إذن لما تحدثت عن أزمة المقصود بها (الانقسام).
ها أنا أعود من جديد بعد طول انقطاع وغياب خارج عن إرادتي ولظروف قاهرة خاصة بي، لكني عدت مثقلا بالهموم والأتعاب، ونفسية محطمة، ليست هذه الأتعاب والهموم من جراء الحرب الصهيونية بقدر ما هي من الممارسات التي كانت تمارس من قبل "المنتصرين" قبل وأثناء وبعد (الانتصار)!!
لا يستطيع أحد منكم ـ صادق وصريح مع نفسه ـ أن يخفي الممارسات غير المسئولة التي كانت تقوم بها بعض العناصر المحسوبة على حماس أثناء الحرب من ملاحقة لبعض المجاهدين والتضييق عليهم، ناهيك عن المضايقات لعامة الناس... إلخ.
لما تحدثت عن الانتصار والمنتصرين، لم أكن ساخرا من الانتصار كانتصار ـ مع تحفظي على استخدام لفظ الانتصار ـ، بقدر ما كان تعليقي واستخفافي حينما ظهر الناطق باسم وزارة الدفاع في حكومة حماس (أبو عبيدة)، وألقى بيانه وحصاده الجهادي في مؤتمر صحفي عقب الحرب، ولم يأت على ذكر أيا من فصائل المقاومة الأخرى، وكأن حماس وحدها هي التي كانت تقاتل في الميدان، وبقية الأذرع العسكرية في بيوتهم يغطون في النوم. لهذه النقطة انتبهوا أيها العاطفيون والمهووسون بنصر الفرقان، لا تكونوا كالببغاوات ترددون ولا تفهموا مضمون ما ترددوه.
وآمل من الجميع أن يقرأه بعقله لا بعاطفته، وآمل أن يتم تجاهل كل المداخلات الصبيانية. لذلك يا أخوة لا تعيروها أي اهتمام، ولا تحولوا الصفحة إلى صراع مع (المنتصرين) في حرب الفرقان!!
ما نبهت إليه وقع فيه الأغلب من الأعضاء ـ إلا ما رحم ربي ـ، وكأني قلت لهم اقرءوا بعاطفة وبشكل انتقائي وهاجموا!!!
ما من فرد من أفراد المجتمع الفلسطيني (كبارا وصغارا.. ذكورا وإناثا.. أطفالا وشبابا وشيبة) إلا واكتوى بنار الانقسام "الأثيم" الذي أحدثته حماس، ويعيش المجتمع الفلسطيني حالة من الانقسام والتشطير والتشظي بين (ضفة وغزة).
فالممارسات اليومية ـ التي زادت شراسة وعنفا بعد الانتصار في حرب الفرقان ـ التي يشهدها المجتمع الفلسطيني على كافة الأصعدة وفي كافة مناحي الحياة (الدينية، السياسية، الاقتصادية، التعليمية، الصحية، الإعلامية، الأخلاقية والقيمية) تعزز الانقسام "الأثيم" وتزيد وتعمّق الشرخ. ولا يجني ثمرات وويلات هذا الانقسام "الأثيم" إلا الجماهير الفلسطينية "المغلوبة على أمرها"، والتي كانت بمثابة "شياه وأنعام" تذبح بالجملة في الحرب من خلال الطائرات والزوارق والدبابات الصهيونية. حتى ضاقت هذه الجماهير ذرعا من نمط الحياة وأسلوب العيش الذي تحياه، وانقطعت بها كافة السبل ـ إلا من الله تعالى ـ.
لا أعتقد أن أحدا من أصحاب العقول المستنيرة والفهم العميق يستطيع أن ينكر الممارسات التي أتت عليها حماس منذ انقلابها حتى يومنا هذا والتي طالت كل شيء في المجتمع بحيث لم يسلم منها كبير أو صغير. لمّا تحدثت في المقالة لم يكن حديثي خاصا بحماس فقط، بل طال الحديث الضفة أيضا. لكن حينما أفصّل في الحديث عن حماس أكثر لأنني أولى بانتقادهم من غيري، وما أجنيه جراء تصرفاتهم غير المسئولة ينعكس على الحركة الإسلامية عموما، إن كنتم تعتبرون فتح علمانية وغير إسلامية بالتالي كل التصرفات التي تأتيها لست بحاجة إلى انتقادها إن كان من يأتيها ليس متسترا بستار الإسلام وليس فصيلا إسلاميا، إنما المصيبة عندما تكون هناك تصرفات إجرامية يرتكبها من يتسمون بالإسلاميين.
خذ على سبيل المثال/ ما قامت به عناصر حماس عقب مقتل (صيام)، في البداية حتى لا يفهم أحد من الصغار كلامي خطئا، هناك قناعة أؤمن بها تماما، بأنه لا شماتة في الموت على الإطلاق، ولكن وقت مقتل صيام كان هناك بعض المنفلتين من فتح الذين أبدوا شماتتهم، هؤلاء لا نعترض على معاقبتهم، لكن أن يكون العقاب بالقتل، فهذا ما لا يسمح به، وهذا ليس من الدين في شيء. وخير دليل على ذلك الثلاثة الذين قتلوا في تل السلطان في أواخر الأسبوع الماضين إلى جانب من تم تصفيتهم في شرق خانيونس، وكذا في شمال القطاع.
الآن المجتمع الفلسطيني خرج من الحرب الصهيونية منهك ومثخن من الجراح والآلام والأتعاب التي تعرض لها طوال الـ (22) يوما، مدة الحرب. ما إن انتهت الحرب حتى عادت أسطوانة المناكفات السياسية والطعن والسب والقذف والشتم. هل تريدون من الحرب الصهيونية أن تستمر حتى نرتاح من المناكفات السياسية.
إن ما يقوم به طرفي النزاع اليوم من ردح عبر الفضائيات بسبب الأموال الخاصة بإعمار غزة، هي أعمال مشينة لم تحترم دماء الشهداء والجرحى التي روت دماء غزة، ولم تحترم (النصر) الذي تفتخرون به. هل المنتصر يجلس يردح على الفضائيات ويبحث عن أموال، المفترض من المنتصر أن يعمل على توحيد وترسيخ الجبهة الداخلية.
إن لم تعمل هذه المجازر والمذابح وهذه الشلالات من الدماء والجثث على توحيد الصف الفلسطيني، فما الذي يوحدهم؟! هل تريدون حربا أكبر من لك، وانتصارا أعظم من ذلك حتى يتم توحيد الوطن.
إن حماس لم تعد معنية بالحوار والوحدة بقدر ما عاد يعنيها الآن مراقبا على معبر رفح، لقد اختزلت حماس القضية في معبر رفح، والأموال القادمة من العرب.
لما تحدثت عن ممارسات حماس السلبية لم أكن أتحدث عن النصر، كنت أتحدث عن مسيرة السنة والنصف من التجبر والظلم الحمساوي والذي لم يسلم منه أحد إلا كل من هو حمساوي.
كذلك فقدت الجماهير الفلسطينية الثقة في محاولات رأب الصدع (المحلية والعربية والإسلامية)، ودعوة طرفي النزاع للجلوس على مائدة الحوار وحل القضايا الشائكة والعالقة بينهما. وكلاهما (فتح وحماس) يكيل ويوزع الاتهامات لنقيضه بأنه هو السبب في إفشال الحوار وتضييع الفرصة.
أضف إلى ذلك، أن الأطراف الوسيطة في حل النزاع ليست نزيهة بالشكل المأمول منها، إذ أنها إلى هذه اللحظة لم تشر بأصابع الاتهام إلى من يحاول إفشال الحوار. وإن كانت الجماهير الفلسطينية ليست "غبية" إلى هذا الحد الذي يجعلها لم تعرف أو تحدد من الذي يعرقل جهود الحوار؟! لكن بتوجيه أصابع الاتهام من الجهات الوسيطة إلى الطرف المعرقل للحوار تكون أدعى وأقوى لكشف عوراته وسوءاته، وفضح ممارساته في المجتمع التي ضاق بها الناس ذرعا.
والمتأمل في حال الحركات والفصائل الفلسطينية ـ التي هي خارج دائرة الأزمة ـ يجد أن مواقفها وأفعالها لم ترتق إلى مستوى الحدث، وإنما اكتفت بدور "الوسيط ـ العاجز"، والإدلاء بتصريحات الإدانة والشجب والاستنكار، ودعوات الآمال والترجي، دون أن تكون هناك خطوات احتجاج واعتراضات شعبية هي تقودها وتحركها تعبيرا عن حالات الرفض والاستياء الجماهيري لحالة الانقسام.
ألم تبذل محاولات عديدة من جهات محلية وإقليمية ودولية لمحاولات رأب الصدع وتوحيد الصف الفلسطيني، وكلها منيت بالفشل الذريع؟!!
إلا أن جميع الأطراف التي تناولت مسألة الحوار لم تكن نزيهة على الإطلاق لأنها كانت تنحاز لطرف ضد الآخر، ولم تكن جريئة لتقول من هو السبب الرئيس في إفشال الحوار.
عتبي يزداد على الفصائل الفلسطينية، التي تقوم بدور الوسيط الهزيل ولم تتخذ موقفا جادا وحقيقيا تجاه هذا الانقسام الذي يضر بالقضية الفلسطينية، أما أن تقف الفصائل وتتفرج، أو تدلي بتصريح هنا أو هناك، فهذا استخفاف بعقول الجماهير وأنصارها.
علما أن جميع قادة وعناصر ومؤسسات الفصائل نالهم من "الحب الحمساوي" جانبا، حيث الاعتقال والإساءات المادية والمعنوية لهم، والقائمة تطول للإشارة إلى نماذج الإساءة التي تعرضوا لها.
لا أحد يستطيع أن ينكر ما تعرضت له قيادات في الفصائل الفلسطينية من تعديات من قبل عناصر حماس، خذ على سبيل المثال: (رباح من الجبهة الشعبية، العوض من حزب الشعب، عناصر كثر من الجهاد الإسلامي).
وبالوقوف عند "حركة الجهاد الإسلامي" لطالما تغنت وتشدقت أنها حركة طليعية وأنها دوما تقف بجانب الجماهير وتدافع عن حقوقهم، وأن شعارها بأن "الجماهير هم أداة التغيير". وأنها هي مفجرة ثورة المساجد 1987م.
لما تحدثت عن الجهاد الإسلامي تحدثت من خلال إيماني بأسلوب النقد البناء، وأملي في أن يتصحح مسار الحركة، وتعود للمنهج الصحيح والقويم الذي تربينا عليه والفكر الذي تشربناه، وهو أن تكون الحركة دوما في صف الجماهير المظلومة والمغلوب على أمرها لا في صف أي من أطراف النزاع والذي كان واضحا جليا في فترة الحرب وقبل الحرب، الأمر الذي يفقد الحركة مصداقيتها في الشارع الفلسطيني والعربي والإسلامي.
وما من موقف وقفت فيه الحركة بجانب حماس وتأيدها إلا وكان الرد الحمساوي، وحفظ الجميل في اليوم التالي أو في الأيام القريبة القليلة على خطابات شلح، خذ على سبيل المثال:
في اليوم الثاني من الحرب الصهيونية على غزة، انتصر شلح لحماس وكان يدافع عنهان مقابل هجوم شنيع على رام الله، والانتصار للمقاومة التي هي نهجنا. لم يمر على الخطاب إلا (3) أيام، وفي اليوم الثاني من استشهاد زياد أبو طير تم التعدي من قبل عناصر حماس على مرابط من الجهاد في عبسا الكبيرة.
مثال آخر/ في لقاء متلفز لشلح على الجزيرة قبل العدوان على تل الهوى، وانتصاره وتأييده لحماس، قامت عناصر حماس بالانسحاب من منطقة تل الهوى دون أن تعلم بقية الفصائل الأخرى ولم يبق في الساحة إلا عناصر من السرايا والألوية!!
مثال ثالث/ في لقاء شلح الأخير على المنار والذي كان يتحدث فيه بلسان حماس، في اليوم الثاني تم إرسال بلاغات لعناصر من حركة الجهاد الإسلامي في خانيونس لمقابلة المباحث!!
هل هذا هو رد وحفظ الجميل لحركة الجهاد الإسلامي جراء وقوفه وتأييده لحماس، هل هذا أسلوب حماس في حفظ الجميل والمعروف؟!!!!
هذه "الثورة الجماهيرية" المفترض أن يقودها فصائل وقوى ومؤسسات المجتمع المدني، يجب أن يكون هدفها الأكبر والأوحد هو: الضغط على طرفي النزاع للجلوس على مائدة الحوار، وإعادة اللحمة إلى الصف الفلسطيني، وأن تقول هذه الثورة "كفى" لممارسات حماس السلبية والوحشية الممارسة بحق الجماهير في غزة، فهي لم تدع شيئا بغزة إلا وقد أخذ نصيبه من التعنت والتجبر والظلم الحمساوي، ناهيك عن التصرفات المماثلة لها في الضفة.
الفقرة السابقة توضح الهدف الرئيس من الثورة الجماهيرية التي أدعو لها، ليس فيما أدعو له انتقاص من الانتصار ولا النيل منه، وليأتني أيا منكم بكلمة تشير إلى التقليل من قيمة النصر الفرقاني.
أليس المفترض في حماس المنتصرة أن تتجه وتضغط باتجاه الوحدة للوطن!!!
ومن يتحدث عن حديثي عن حماس دون الضفة فهو واهم، فليقرأ السطر الأخير من الفقرة وسيفهم ما أرمي له. ولست مضطر أن اكرر ما تقوم به الضفة بحق المجاهدين، إذ أن حماس ورام الله تساوت في أفعالها تجاه المجاهدين والمؤسسات، وبالتالي لم أكن مضطرا لأكرر ما كتبته عن حماس لأعيده عن رام الله.
كلنا يقين أن هذه "الثورة" لن تكون الطريق أمامها مفروشة بالورود، بل ستعترضها العقبات والمضايقات والاعتقالات والتشهير والإساءة والتوظيف السلبي والخاطئ للنصوص الدينية باعتبار هؤلاء الثوار خارجين عن الصف الوطني وعن الشرعية والإجماع الديني الذي تحظى به "المنتصرة حماس"!!، لكن إذا توافرت العزيمة والإرادة القويتان عند الجماهير للخروج من حالة الانقسام "الأثيم"، كل شيء سيهون، وستجد المدد والعون الجماهيري الذي لا حد له، لأنها (الجماهير) هي بحاجة إلى من يحركها ويوجهها فقط.
وهذه الفقرة من الأهمية بمكان، وما قمتم به من التهجم على كاتب المقالة هو إدراك مني لما ستواجهه الثورة ويعترض طريقها.
أننا لا ندعو إلى عنف أو إراقة دماء، إنما ندعو إلى ثورة جماهيرية وفعاليات شعبية "سلمية"، رسالتها موجهة إلى طرفي النزاع (كفى.. كفى).
كفى ظلما.. كفى انقساما وتشرذما.. كفى تشتتا وتمزقا.. كفى لتبادل الاتهامات عبر وسائل الإعلام.. كفى عن تزويد الجماهير بشحنات من الحقد والكراهية عبر أبواق الفتنة.. كفى عن توظيف الدين لتحقيق مصالح حزبية ضيقة.. كفى لكل ممارسة لا تتماشى مع ديننا وأخلاقنا وأعرافنا الفلسطينية.وأعتقد أنه بهذه الفقرة فيها توضيح لأسلوب الثورة المرجوة.. أن تكون سلمية وليس فيها إراقة للدماء.
آمل ان تكون الغشاوة ارتفعت عن عيون من أساء الفهم..
هل الأزمة الفلسطينية ممثلة في انتصار "الفرقان"، أم في الانقسام الفلسطيني الأثيم؟!، أليست القضية الفلسطينية تعاني أشد درجات الأزمة منذ الانقلاب الذي قامت به حركة حماس وما ترتب عليه من تضييع وتمييع للقضية الفلسطينية، وغياب موضوعات مهمة ومفصلية مثل: (القدس، اللاجئين) وحلت محلها موضوعات مثل: (الشرعية، شاليط، المعابر، الأنفاق)!!، إذن لما تحدثت عن أزمة المقصود بها (الانقسام).
ها أنا أعود من جديد بعد طول انقطاع وغياب خارج عن إرادتي ولظروف قاهرة خاصة بي، لكني عدت مثقلا بالهموم والأتعاب، ونفسية محطمة، ليست هذه الأتعاب والهموم من جراء الحرب الصهيونية بقدر ما هي من الممارسات التي كانت تمارس من قبل "المنتصرين" قبل وأثناء وبعد (الانتصار)!!
لا يستطيع أحد منكم ـ صادق وصريح مع نفسه ـ أن يخفي الممارسات غير المسئولة التي كانت تقوم بها بعض العناصر المحسوبة على حماس أثناء الحرب من ملاحقة لبعض المجاهدين والتضييق عليهم، ناهيك عن المضايقات لعامة الناس... إلخ.
لما تحدثت عن الانتصار والمنتصرين، لم أكن ساخرا من الانتصار كانتصار ـ مع تحفظي على استخدام لفظ الانتصار ـ، بقدر ما كان تعليقي واستخفافي حينما ظهر الناطق باسم وزارة الدفاع في حكومة حماس (أبو عبيدة)، وألقى بيانه وحصاده الجهادي في مؤتمر صحفي عقب الحرب، ولم يأت على ذكر أيا من فصائل المقاومة الأخرى، وكأن حماس وحدها هي التي كانت تقاتل في الميدان، وبقية الأذرع العسكرية في بيوتهم يغطون في النوم. لهذه النقطة انتبهوا أيها العاطفيون والمهووسون بنصر الفرقان، لا تكونوا كالببغاوات ترددون ولا تفهموا مضمون ما ترددوه.
وآمل من الجميع أن يقرأه بعقله لا بعاطفته، وآمل أن يتم تجاهل كل المداخلات الصبيانية. لذلك يا أخوة لا تعيروها أي اهتمام، ولا تحولوا الصفحة إلى صراع مع (المنتصرين) في حرب الفرقان!!
ما نبهت إليه وقع فيه الأغلب من الأعضاء ـ إلا ما رحم ربي ـ، وكأني قلت لهم اقرءوا بعاطفة وبشكل انتقائي وهاجموا!!!
ما من فرد من أفراد المجتمع الفلسطيني (كبارا وصغارا.. ذكورا وإناثا.. أطفالا وشبابا وشيبة) إلا واكتوى بنار الانقسام "الأثيم" الذي أحدثته حماس، ويعيش المجتمع الفلسطيني حالة من الانقسام والتشطير والتشظي بين (ضفة وغزة).
فالممارسات اليومية ـ التي زادت شراسة وعنفا بعد الانتصار في حرب الفرقان ـ التي يشهدها المجتمع الفلسطيني على كافة الأصعدة وفي كافة مناحي الحياة (الدينية، السياسية، الاقتصادية، التعليمية، الصحية، الإعلامية، الأخلاقية والقيمية) تعزز الانقسام "الأثيم" وتزيد وتعمّق الشرخ. ولا يجني ثمرات وويلات هذا الانقسام "الأثيم" إلا الجماهير الفلسطينية "المغلوبة على أمرها"، والتي كانت بمثابة "شياه وأنعام" تذبح بالجملة في الحرب من خلال الطائرات والزوارق والدبابات الصهيونية. حتى ضاقت هذه الجماهير ذرعا من نمط الحياة وأسلوب العيش الذي تحياه، وانقطعت بها كافة السبل ـ إلا من الله تعالى ـ.
لا أعتقد أن أحدا من أصحاب العقول المستنيرة والفهم العميق يستطيع أن ينكر الممارسات التي أتت عليها حماس منذ انقلابها حتى يومنا هذا والتي طالت كل شيء في المجتمع بحيث لم يسلم منها كبير أو صغير. لمّا تحدثت في المقالة لم يكن حديثي خاصا بحماس فقط، بل طال الحديث الضفة أيضا. لكن حينما أفصّل في الحديث عن حماس أكثر لأنني أولى بانتقادهم من غيري، وما أجنيه جراء تصرفاتهم غير المسئولة ينعكس على الحركة الإسلامية عموما، إن كنتم تعتبرون فتح علمانية وغير إسلامية بالتالي كل التصرفات التي تأتيها لست بحاجة إلى انتقادها إن كان من يأتيها ليس متسترا بستار الإسلام وليس فصيلا إسلاميا، إنما المصيبة عندما تكون هناك تصرفات إجرامية يرتكبها من يتسمون بالإسلاميين.
خذ على سبيل المثال/ ما قامت به عناصر حماس عقب مقتل (صيام)، في البداية حتى لا يفهم أحد من الصغار كلامي خطئا، هناك قناعة أؤمن بها تماما، بأنه لا شماتة في الموت على الإطلاق، ولكن وقت مقتل صيام كان هناك بعض المنفلتين من فتح الذين أبدوا شماتتهم، هؤلاء لا نعترض على معاقبتهم، لكن أن يكون العقاب بالقتل، فهذا ما لا يسمح به، وهذا ليس من الدين في شيء. وخير دليل على ذلك الثلاثة الذين قتلوا في تل السلطان في أواخر الأسبوع الماضين إلى جانب من تم تصفيتهم في شرق خانيونس، وكذا في شمال القطاع.
الآن المجتمع الفلسطيني خرج من الحرب الصهيونية منهك ومثخن من الجراح والآلام والأتعاب التي تعرض لها طوال الـ (22) يوما، مدة الحرب. ما إن انتهت الحرب حتى عادت أسطوانة المناكفات السياسية والطعن والسب والقذف والشتم. هل تريدون من الحرب الصهيونية أن تستمر حتى نرتاح من المناكفات السياسية.
إن ما يقوم به طرفي النزاع اليوم من ردح عبر الفضائيات بسبب الأموال الخاصة بإعمار غزة، هي أعمال مشينة لم تحترم دماء الشهداء والجرحى التي روت دماء غزة، ولم تحترم (النصر) الذي تفتخرون به. هل المنتصر يجلس يردح على الفضائيات ويبحث عن أموال، المفترض من المنتصر أن يعمل على توحيد وترسيخ الجبهة الداخلية.
إن لم تعمل هذه المجازر والمذابح وهذه الشلالات من الدماء والجثث على توحيد الصف الفلسطيني، فما الذي يوحدهم؟! هل تريدون حربا أكبر من لك، وانتصارا أعظم من ذلك حتى يتم توحيد الوطن.
إن حماس لم تعد معنية بالحوار والوحدة بقدر ما عاد يعنيها الآن مراقبا على معبر رفح، لقد اختزلت حماس القضية في معبر رفح، والأموال القادمة من العرب.
لما تحدثت عن ممارسات حماس السلبية لم أكن أتحدث عن النصر، كنت أتحدث عن مسيرة السنة والنصف من التجبر والظلم الحمساوي والذي لم يسلم منه أحد إلا كل من هو حمساوي.
كذلك فقدت الجماهير الفلسطينية الثقة في محاولات رأب الصدع (المحلية والعربية والإسلامية)، ودعوة طرفي النزاع للجلوس على مائدة الحوار وحل القضايا الشائكة والعالقة بينهما. وكلاهما (فتح وحماس) يكيل ويوزع الاتهامات لنقيضه بأنه هو السبب في إفشال الحوار وتضييع الفرصة.
أضف إلى ذلك، أن الأطراف الوسيطة في حل النزاع ليست نزيهة بالشكل المأمول منها، إذ أنها إلى هذه اللحظة لم تشر بأصابع الاتهام إلى من يحاول إفشال الحوار. وإن كانت الجماهير الفلسطينية ليست "غبية" إلى هذا الحد الذي يجعلها لم تعرف أو تحدد من الذي يعرقل جهود الحوار؟! لكن بتوجيه أصابع الاتهام من الجهات الوسيطة إلى الطرف المعرقل للحوار تكون أدعى وأقوى لكشف عوراته وسوءاته، وفضح ممارساته في المجتمع التي ضاق بها الناس ذرعا.
والمتأمل في حال الحركات والفصائل الفلسطينية ـ التي هي خارج دائرة الأزمة ـ يجد أن مواقفها وأفعالها لم ترتق إلى مستوى الحدث، وإنما اكتفت بدور "الوسيط ـ العاجز"، والإدلاء بتصريحات الإدانة والشجب والاستنكار، ودعوات الآمال والترجي، دون أن تكون هناك خطوات احتجاج واعتراضات شعبية هي تقودها وتحركها تعبيرا عن حالات الرفض والاستياء الجماهيري لحالة الانقسام.
ألم تبذل محاولات عديدة من جهات محلية وإقليمية ودولية لمحاولات رأب الصدع وتوحيد الصف الفلسطيني، وكلها منيت بالفشل الذريع؟!!
إلا أن جميع الأطراف التي تناولت مسألة الحوار لم تكن نزيهة على الإطلاق لأنها كانت تنحاز لطرف ضد الآخر، ولم تكن جريئة لتقول من هو السبب الرئيس في إفشال الحوار.
عتبي يزداد على الفصائل الفلسطينية، التي تقوم بدور الوسيط الهزيل ولم تتخذ موقفا جادا وحقيقيا تجاه هذا الانقسام الذي يضر بالقضية الفلسطينية، أما أن تقف الفصائل وتتفرج، أو تدلي بتصريح هنا أو هناك، فهذا استخفاف بعقول الجماهير وأنصارها.
علما أن جميع قادة وعناصر ومؤسسات الفصائل نالهم من "الحب الحمساوي" جانبا، حيث الاعتقال والإساءات المادية والمعنوية لهم، والقائمة تطول للإشارة إلى نماذج الإساءة التي تعرضوا لها.
لا أحد يستطيع أن ينكر ما تعرضت له قيادات في الفصائل الفلسطينية من تعديات من قبل عناصر حماس، خذ على سبيل المثال: (رباح من الجبهة الشعبية، العوض من حزب الشعب، عناصر كثر من الجهاد الإسلامي).
وبالوقوف عند "حركة الجهاد الإسلامي" لطالما تغنت وتشدقت أنها حركة طليعية وأنها دوما تقف بجانب الجماهير وتدافع عن حقوقهم، وأن شعارها بأن "الجماهير هم أداة التغيير". وأنها هي مفجرة ثورة المساجد 1987م.
لما تحدثت عن الجهاد الإسلامي تحدثت من خلال إيماني بأسلوب النقد البناء، وأملي في أن يتصحح مسار الحركة، وتعود للمنهج الصحيح والقويم الذي تربينا عليه والفكر الذي تشربناه، وهو أن تكون الحركة دوما في صف الجماهير المظلومة والمغلوب على أمرها لا في صف أي من أطراف النزاع والذي كان واضحا جليا في فترة الحرب وقبل الحرب، الأمر الذي يفقد الحركة مصداقيتها في الشارع الفلسطيني والعربي والإسلامي.
وما من موقف وقفت فيه الحركة بجانب حماس وتأيدها إلا وكان الرد الحمساوي، وحفظ الجميل في اليوم التالي أو في الأيام القريبة القليلة على خطابات شلح، خذ على سبيل المثال:
في اليوم الثاني من الحرب الصهيونية على غزة، انتصر شلح لحماس وكان يدافع عنهان مقابل هجوم شنيع على رام الله، والانتصار للمقاومة التي هي نهجنا. لم يمر على الخطاب إلا (3) أيام، وفي اليوم الثاني من استشهاد زياد أبو طير تم التعدي من قبل عناصر حماس على مرابط من الجهاد في عبسا الكبيرة.
مثال آخر/ في لقاء متلفز لشلح على الجزيرة قبل العدوان على تل الهوى، وانتصاره وتأييده لحماس، قامت عناصر حماس بالانسحاب من منطقة تل الهوى دون أن تعلم بقية الفصائل الأخرى ولم يبق في الساحة إلا عناصر من السرايا والألوية!!
مثال ثالث/ في لقاء شلح الأخير على المنار والذي كان يتحدث فيه بلسان حماس، في اليوم الثاني تم إرسال بلاغات لعناصر من حركة الجهاد الإسلامي في خانيونس لمقابلة المباحث!!
هل هذا هو رد وحفظ الجميل لحركة الجهاد الإسلامي جراء وقوفه وتأييده لحماس، هل هذا أسلوب حماس في حفظ الجميل والمعروف؟!!!!
هذه "الثورة الجماهيرية" المفترض أن يقودها فصائل وقوى ومؤسسات المجتمع المدني، يجب أن يكون هدفها الأكبر والأوحد هو: الضغط على طرفي النزاع للجلوس على مائدة الحوار، وإعادة اللحمة إلى الصف الفلسطيني، وأن تقول هذه الثورة "كفى" لممارسات حماس السلبية والوحشية الممارسة بحق الجماهير في غزة، فهي لم تدع شيئا بغزة إلا وقد أخذ نصيبه من التعنت والتجبر والظلم الحمساوي، ناهيك عن التصرفات المماثلة لها في الضفة.
الفقرة السابقة توضح الهدف الرئيس من الثورة الجماهيرية التي أدعو لها، ليس فيما أدعو له انتقاص من الانتصار ولا النيل منه، وليأتني أيا منكم بكلمة تشير إلى التقليل من قيمة النصر الفرقاني.
أليس المفترض في حماس المنتصرة أن تتجه وتضغط باتجاه الوحدة للوطن!!!
ومن يتحدث عن حديثي عن حماس دون الضفة فهو واهم، فليقرأ السطر الأخير من الفقرة وسيفهم ما أرمي له. ولست مضطر أن اكرر ما تقوم به الضفة بحق المجاهدين، إذ أن حماس ورام الله تساوت في أفعالها تجاه المجاهدين والمؤسسات، وبالتالي لم أكن مضطرا لأكرر ما كتبته عن حماس لأعيده عن رام الله.
كلنا يقين أن هذه "الثورة" لن تكون الطريق أمامها مفروشة بالورود، بل ستعترضها العقبات والمضايقات والاعتقالات والتشهير والإساءة والتوظيف السلبي والخاطئ للنصوص الدينية باعتبار هؤلاء الثوار خارجين عن الصف الوطني وعن الشرعية والإجماع الديني الذي تحظى به "المنتصرة حماس"!!، لكن إذا توافرت العزيمة والإرادة القويتان عند الجماهير للخروج من حالة الانقسام "الأثيم"، كل شيء سيهون، وستجد المدد والعون الجماهيري الذي لا حد له، لأنها (الجماهير) هي بحاجة إلى من يحركها ويوجهها فقط.
وهذه الفقرة من الأهمية بمكان، وما قمتم به من التهجم على كاتب المقالة هو إدراك مني لما ستواجهه الثورة ويعترض طريقها.
أننا لا ندعو إلى عنف أو إراقة دماء، إنما ندعو إلى ثورة جماهيرية وفعاليات شعبية "سلمية"، رسالتها موجهة إلى طرفي النزاع (كفى.. كفى).
كفى ظلما.. كفى انقساما وتشرذما.. كفى تشتتا وتمزقا.. كفى لتبادل الاتهامات عبر وسائل الإعلام.. كفى عن تزويد الجماهير بشحنات من الحقد والكراهية عبر أبواق الفتنة.. كفى عن توظيف الدين لتحقيق مصالح حزبية ضيقة.. كفى لكل ممارسة لا تتماشى مع ديننا وأخلاقنا وأعرافنا الفلسطينية.وأعتقد أنه بهذه الفقرة فيها توضيح لأسلوب الثورة المرجوة.. أن تكون سلمية وليس فيها إراقة للدماء.
آمل ان تكون الغشاوة ارتفعت عن عيون من أساء الفهم..
تعليق